عامان على انطلاق عاصفة الحزم في اليمن.. الثابت والمتحول

تقدير موقف | 25 مارس 2017 00:00
 عامان على انطلاق عاصفة الحزم في اليمن.. الثابت والمتحول

مقدمة

في فبراير/شباط2011م، خرّج اليمنيون إلى الشوارع والساحات سلميا لإسقاط دكتاتور البلاد علي عبدالله صالح بعد (33 عاماً) من السيطرة على السلطة في بلد يعد الأكثر فقراً في الشرق الأوسط، وشارك فيها مختلف أطياف الشعب بتعقيداته القبلية والسياسية بمن فيهم المتمردون الحوثيون الذين حاربهم علي عبدالله صالح 6حروب (2004-2009).

 قَمع "صالح" الثوار وقتل وجرح الآلاف في ميادين الثورة السلمية، ولكن بدأ الكيان البنيوي لنظامه في التفكك بعد مجزرة جمعة الكرامة في 18 مارس 2011م والتي على اثرها اعلن القائد العسكري في نظام صالح الجنرال علي محسن صالح الأحمر( نائب الرئيس هادي حاليا)  الانضمام للمطالبين برحيل صالح بعد 3 أيام فقط من ذلك الحدث الدموي.

تفكك الجيش اليمني ضعيف البنية والذي تعمد صالح على ارهاقه بالصراعات الداخلية طوال العقدين الماضيين لضمان توريث آمن للسلطة، وبقيت إلى جانبه منظومة الولاء العائلي في الجيش والتي تعد جزء مما كان يعرف باسم الحرس الجمهوري المتسلح بأسلحة حديثة تحت قيادة نجله.

 ونتيجةً للضغط الاقليمي في ارتفاع وتيرة ضغط الشارع تخلى علي عبدالله صالح عن السلطة إلى نائبه عبدربه منصور هادي (الرئيس الحالي للبلاد) بموجب مبادرة تقدمت بها دول مجلس التعاون الخليجي في (نوفمبر/تشرين الثاني2011).

انتخب اليمنيون هادي في فبراير/شباط2012 كرئيس للبلاد لإنجاز مرحلة انتقالية حُددت سلفاً بموجب المبادرة. وبموجب صلاحياته والمبادرة أقَال هادي المقربين من "صالح" من السلطة العسكرية وبعثهم كسفراء وملحقين في سفارات الخارج عام (2012م).

وفي مارس/آذار2013م بدأت جلسات الحوار الوطني التي ضمت كل ألوان الطيف السياسي اليمني بمن فيهم الحوثيون وحصل حزب علي عبدالله صالح على نصف المقاعد كما حصل على نصف الحقائب في الحكومة الانتقالية.

وبينما كانت جلسات الحوار الوطني -التي تمت برعاية أممية وخليجية وتأييد (18 دولة من أصدقاء اليمن) تبني مستقبل الدولة اليمنية عبر كل التيارات، كان الحوثيون يتوسعون شمالاً باتجاه المناطق المحاذية للمملكة العربية السعودية ثم اتجهوا جنوباً باتجاه العاصمة صنعاء (2012-2014م) مستخدمين شبكة نفعية- شخصية كان صالح قد صنعها خلال (33عاماً) أشبه بجهاز مواز لجهاز الدولة وخارج سيطرتها ومرتبط بصالح شخصيا. ومثلت محافظة عمران حجر عثرة أمام تحالف أعداء الأمس أصدقاء اليوم لفترة من الوقت ونتيجة لعوامل سياسية داخلية وخارجية جرى الغَدر بآخر قلاع الدولة واجتاحها الحوثيون في يوليو/تموز 2014م وقتلوا قائد اللواء (310) العميد حميد القشيبي.

كان لسقوط عمران الأثر الأكبر لإسقاط العاصمة صنعاء بيد الحوثيين، وفي يوليو/تموز 2014م استغل الحوثيون قيام الحكومة اليمنية برفع الدعم عن المشتقات النفطية ونصبوا خيامهم على مداخل العاصمة، ثم بدأوا بالتعاون مع وحدات في الحرس الجمهوري التابعة لصالح باجتياح الشمال الغربي للعاصمة في سبتمبر/أيلول نفس العام.

 حاولت قوات موالية للرئيس هادي- ينقصها التسليح- تحت قيادة الجنرال الأحمر محاربة الميلشيات ومنع سيطرتهم على العاصمة لكنها عجزت؛ وتم اسقاط العاصمة في 21 سبتمبر/أيلول والسيطرة على مقاليد السلطة في البلاد، وأعلنت إيران أن "العاصمة العربية الرابعة" تحت سيطرتها. وتم توقيع "اتفاق السلم والشراكة" وهو اتفاق بين كل القوى السياسية تحت تهديد السلاح وبرعاية أممية وأعلنوا بعدها بأشهر عن حكومة سُميت "تكنوقراط".

 قبل إسقاط صنعاء رفض الحوثيون مخرجات الحوار الوطني بالرغم من أن ممثلي الجماعة وقعوا على مسودة الدستور، وفي يناير/كانون الثاني 2015م اختطف الحوثيون أمين عام الحوار الوطني أحمد عوض بن مبارك (سفير اليمن الحالي في واشنطن) بينما كان ينقل مسودة الدستور إلى اجتماع يرأسه عبدربه منصور هادي من أجل إقرارها تمهيداً للاستفتاء ووضعوا الرئيس اليمني والحكومة الجديدة قيد الإقامة الجبرية، وتمددوا في بقية المدن والمحافظات اليمنية فارضين سيطرتهم على الدولة، وزادوا بتعيين لجنة ثورية في فبراير/شباط 2015م وحل مجلسي النواب والشورى، وتمكن الرئيس اليمني من مغادرة منزله المحاصر في صنعاء إلى عدن وطارده الانقلابيون إلى المحافظة الواقعة جنوبي اليمن، وقصفوا قصر المعاشيق الرئاسي في عدن حيث يتواجد الرئيس هادي، وتمددوا تحت لافتة حماية الوحدة ومكافحة الارهاب إلى عدن بقواتهم وتمكن هادي من مغادرة المدينة -أيضاً- باتجاه المملكة العربية السعودية، وأعلن التحالف العربي ليل 26 مارس/آذار 2015م، بقيادة المملكة العربية السعودية، عن انطلاق عمليات عاصفة الحزم في اليمن بطلب من الرئيس هادي، وخلال الساعة الأولى تم تحييد سلاح الجو اليمني والسيطرة على الأجواء اليمنية. وفي الشهر التالي أعلن التحالف عن تغيير المسمى إلى "إعادة الأمل"، والتي أرفقت الأعمال العسكرية ضد الانقلابيين ببرامج الإغاثة الإنسانية في البلاد.

تحاول هذه الورقة بعد مرور عامين على انطلاق العمليات العسكرية للتحالف العربي باليمن معرفة الثوابت والتحولات.

 

انجازات عاصفة الحزم

بناءً على المقدمة السابقة فإن عملية عاصفة الحزم تعد حرب ضرورة لا حرب اختيار. تمكنت السلطات الشرعية اليمنية والتحالف العربي منذ انطلاق العمليات العسكرية من تحقيق عدة مكاسب:

تحرير مساحة واسعة من الأراضي بما فيها معظم الأراضي في المحافظات الجنوبية والشرقية وتأمين بعض المناطق الغربية الهامة مثل مضيق باب المندب ومينائي المخا وميدي. تمكنت من بناء جيش وطني بقوام 200 ألف مقاتل، تلقى تدريباً عسكرياً في المناطق المحررة، وفي قواعد عسكرية داخل وخارج البلاد أهمها القاعدة العسكرية في "ارتيريا" وقاعدة على الحدود السعودية اليمنية. فيما تلقى القادة العسكريون والفنيون تدريبات مكثفة على يد قادة في التحالف العربي. ولعل هذا المنظور هو السبب الرئيس في إطالة العمليات العسكرية، فقد شمل تحضير قوات عسكرية، وقوات خاصة بمكافحة الإرهاب، إضافة إلى قوات أمنية. تمكنت حكومة الرئيس هادي، للمرة الأولى منذ تحرير عدن (أغسطس/آب2015) من بدء هجوم باتجاه قوات الانقلاب بدلاً من الدفاع، وفق أربعة مسارات: المسار الأول: باتجاه محافظة صنعاء والتقدم إلى حدود مديرية أرحب( المطلة على مطار صنعاء الدولي)  بعد انجاز تحرير مساحة واسعة من مديرية نهم المجاورة. المسار الثاني باتجاه ميناء الحديدة الاستراتيجي بعد تحرير ميناء المخا غربي تعز ضمن عملية "الرمح الذهبي"، والتي شكلت اختراقاً مهماً حيث أن التوجه لتحرير ميناء الحديدة الاستراتيجي سبب حالة من الارتباك لقوات الحوثيين ومثل تأميناً لمضيق باب المندب من تهديدات الانقلابيين الموالين لإيران.  المسار الثالث باتجاه محافظة صعدة معقل جماعة الحوثي المسلحة وهو مسار خطير إذ كشف حالة الضعف في قلب مناطق الميلشيات. المسار الرابع السيطرة على ميناء ميدي وتأمين الحدود اليمنية السعودية واستنزاف قوات صالح والحوثيين. عودة كلا من الرئيس اليمني إلى العاصمة عدن إلى جانب الحكومة التي يرأسها أحمد عبيد بن دغر الذي اختير بعد إقالة خالد بحاح من منصبيه كرئيس للحكومة ونائب للرئيس في (ابريل/نيسان2016) وهو ما أدى إلى تغير واضح في المواقف الدولية، حيث تشير عودة "هادي" و "حكومة بن دغر" نهاية "نوفمبر/تشرين الثاني الماضي) التزام قوي بعودة الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار إلى الداخل.

 

العلاقة بين التحالف العربي وحكومة الشرعية

شهدت العلاقات اليمنية-الخليجية تطوراً ملحوظاً بعد العمليات العسكرية في البلاد، فعلاوة على أوجه التعاون العسكري لمواجهة الخطر الإيراني وانقلاب السلطة، فإن هناك توجه لخطط استثمارية بالشراكة مع الدول الأفريقية المُطلة على البحر الأحمر.

ونظرا لطول فترة الحرب ظهرت حالات تناقض بين التحالف والشرعية، لكن أخطرها كان دعم طرف من التحالف في فبراير/شباط الماضي فصيل ينتمي للمقاومة الجنوبية في تمرده على محاولات الحكومة اليمنية استعادة سيطرتها على الأوضاع لاخضاع مطار عدن الدولي تحت إشرافها، ورغم أن مهاجمة مروحية يعتقد أنها للتحالف العربي لقوات الحماية الرئاسية كادت ان تؤدي إلى شرخ بين الشرعية والتحالف لكن تم تجاوزها بسرعة بعد تدخل قائدة التحالف المملكة العربية السعودية واعادة المسار لوضعه الطبيعي.

كما ان بقاء جماعات شاركت في المقاومة ضد الحوثيين وتمارس تصرفات هي من مهام الدولة خارج إطار مؤسسة الحكومة الشرعية والأجهزة المدنية والعسكرية مشكلة كبيرة للشرعية والتحالف إذ أن مثل تلك الجماعات قد تربك أمنيا خطوات الحسم العسكري.

لقد سلطت اختلالات واضحة في المشهد المقاوم الضوء على مدى قدرة الشرعية والتحالف في التنسيق أكثر في المناطق المستعادة، ويعد بقاء مجموعات مسلحة خارج سلطة الدولة خطرا قد يؤدي إلى الانحراف عن الهدف الرئيسي وسيكون له تأثيراته في مرحلة ما بعد استعادة الدولة في اليمن، ومن شأن الإغفال عن إيجاد الحلول لهذه الاختلالات أن يفاقم مسألة التوترات حتى وأن كانت في طور الجمود حالياً.

تقدمت الأمم المتحدة بمبادرة للحل والسلام في البلاد، وبالرغم من صيغة قُدمت في يوليو/تموز الماضي مع نهاية المشاورات بالكويت وموافقة الحكومة اليمنية إلا أن مبادرة جديدة رفضتها الحكومة كما أن الحوثيين قبلوا بها كأرضية للنقاش رافضين الحديث عن أي خطة أمنية للانسحاب مفضلين الحديث عن الشِق السياسي، وظهرت تناقضات بين دول التحالف فهناك من يرى أن الأمر يتعلق بمدى قبول الرئيس هادي وحكومته ورأي آخر يرى بأن العاصفة حققت أهدافها ويجب البدء بحل سياسي، ورأي ثالث يرى باعطاء دور مستقبلي لنجل صالح مقابل الانقلاب على الحوثيين من الداخل.

ولأن الهدف الرئيسي من العاصفة هو تأمين الأمن القومي للخليج باستعادة الدولة اليمنية وتنفيذ القرارات الدولية بالذات القرار 2216، فإن استمرار تعنت جماعة الحوثي وصالح وعدم قبولهم بنزع السلاح سيجعل من القبول باي حل سياسي ضررا على انجازات عاصفة الحزم وقد يؤدي إلى حالة انعدام ثقة بين التحالف والحكومة اليمنية وفقدان ما تم بنائه عسكريا على الأرض.

ويبدو أن المملكة العربية السعودية بصفتها التي تقود التحالف العربي تقوم بدور كبير في استمرار تماسك التحالف والشرعية كونها هي من تشرف على تحقيق الاهداف الاستراتيجية لعاصفة الحزم وهي في محل ثقة من قبل كل الأطراف المشاركين بالذات الشرعية اليمنية التي تتكيء بشكل كبير على دورها في إضعاف أطراف الانقلاب المدعومة من إيران.

 

تأثير ملف مكافحة الإرهاب 

حققت الحكومة اليمنية بدعم من التحالف تقدماً واسعاً في مناطق سيطرت عليها تنظيمات متطرفة أهمها مناطق سيطرة تنظيم قاعدة جزيرة العرب التي تمددت بفعل استراتيجية صالح والحوثيين منذ 2011م لاضعاف الدولة المركزية.

ورغم تحرير الحكومة لمناطق واسعة من يد القاعدة في 2012م إلا أن هذا التنظيم عاد إلى مناطق سيطرته بعد تمدد الحوثيين وصالح عسكريا إلى المحافظات الجنوبية دون أن يخوض الانقلابيون والقاعدة أي معركة مواجهة إلى جانب ترك مناطق وجود القاعدة مفتوحة ومهيأة لها.
تمكنت الشرعية بدعم التحالف من تحرير حضرموت وأبين ومعظم مناطق شبوة وانتقل التنظيم بعدها للعمل والاختباء في المناطق النائية البعيدة مع استمرار الحملات الأمنية المستمرة لمواجهتهم والبحث عن قياداتهم.

حاول الانقلابيون (صالح والحوثي) أن يكسبوا معركتهم مع الشرعية والتحالف من خلال إيهام المجتمع الدولي أنهم الأكثر قدرة على تحقيق مكاسب في الحرب على الارهاب، ونفذ مجهولون عمليات ارهابية (تفجيرات واغتيالات) لدفع المجتمع الدولي للضغط على التحالف العربي للتحالف معهم في الحرب على الارهاب في تلك المحافظات لخلخلة التحالف وعرقلته في تحقيق هدفه الاستراتيجي استعادة اليمن من سيطرة إيران.

كما ان الانقلابيين حاولوا إظهار حربهم ضد الشرعية بوجه طائفي مذهبي مناطقي في محاولة لتعزيز الحاضنة الشعبية للتطرف، وهو ما استفاد منه تنظيم القاعدة في التمدد، وشكل عبئا على الشرعية والتحالف فظهرت أصوات حتى من داخل الشرعية والتحالف بضرورة اعادة رسم أولويات الحرب والتخلص من القاعدة أولا وليس بالتزامن.

يكافح التحالف والحكومة اليمنية من أجل فرض الأمن والاستقرار في المناطق الواقعة تحت سيطرة الدولة اليمنية، لكن تواجههم مشكلة الهجمات الإرهابية وان كانت تناقصت تدريجياً منذ تحرير العاصمة المؤقتة عدن، إلا أنها تظل خطرا مع استمرارها في المحافظات الأخرى ضد دوريات عسكرية أو معسكرات للجيش الوطني في تلك المناطق، ومن أجل الوصول إلى حالة الاستقرار في تلك المناطق يحتاج التحالف والحكومة اليمنية إلى اشراك كل التيارات السياسية والمجتمعية في إدارة الدولة وبناء ما دمرته الحرب ومكافحة الإرهاب.

كما أن من المشكلات التي كاد تحالف دعم الشرعية ان يتضرر منها هي حملات الاعتقال التي طالت شخصيات داعمة للشرعية من ناشطين وأئمة مساجد في عدن وحضرموت، وقيام نافذين في أجهزة الدولة الرسمية بحملات فرز مناطقي بحجة مكافحة الارهاب وتثبيت الأمن.

إذاً فالثابت-هنا- أنه طالما وضع التحالف العربي هدفه حماية الأمن الإقليمي من تزايد النفوذ الايراني وفوضاها، وضرورة استعادة الدولة في اليمن وتحقيق الاستقرار فيها، فإن التحالف العربي سيجد الدافع اللازم لاستمرار عملياته حتى تحقيق هذا الهدف، وسيجد الحاضن الشعبي الكبير داخل اليمن كقوة يتكيء عليها.

أما المتحول فيتمثل في مدى غرق التحالف العربي أو أحد أطرافه في تفاصيل لا علاقة لها بالهدف الاستراتيجي مثل الاعتماد على قوى مناطقية أو مذهبية في محاربة الارهاب، أو الانجرار لخلافات مع تيارات سياسية حليفة في مقاومة الانقلاب، أو تحقيق مكاسب اقتصادية وعسكرية دون موازنة ذلك بالهدف الاستراتيجي الكبير.

 

الثابت والمتحول في تحالف الانقلابيين

تحالف الحوثيون وعلي عبدالله صالح في "زواج مؤقت" ومع طول الحرب انتهى شهر العسل بين الطرفين لتبدأ معها مرحلة من السخط وعدم الرضا والتهديد والوعيد بين الطرفين.

 اعتقد علي عبدالله صالح أنه سيأتي الوقت الذي يكون فيه اليد اليمنى للتحالف للتخلص من خصومه السياسيين وأن باستطاعته الانقضاض على جماعة الحوثي متى ما احتاج لذلك؛ لكن ذلك لم يحدث.

عندما اجتاح الحوثيون صنعاء أعلنوا عن اللجنة الثورية العليا، فأدارت المحافظات الواقعة تحت سيطرة الطرفين ووضعت اللجنة- في استيراد للنموذج الإيراني- مسؤولاً أو مندوباً للجنة الثورية أو للجماعة في كل مؤسسة من المؤسسات الحكومية المدنية والعسكرية حتى أقسام الشرطة ومجالس البلديات ومشرفي الحارات.

ظهر صالح أن ليس له أي علاقة بكل ما يقوم به الحوثيين من خلال اللجنة الثورية، ولكنه كان ينسق معهم بشكل أوسع، وبعد فشله في اقناع التحالف بانه الوحيد الذي يمتلك القدرة على اعادة الوضع كما هو عليه مقابل عودته للسلطة، سعى في تشكيل مجلس سياسي أعلى في يوليو/تموز 2016م مناصفة بين طرفي تحالف الانقلاب، ليكون سلطة بديلة تسير البلاد بعيداً عن اللجنة الثورية، ثم تم الإعلان عن حكومة للطرفين في نوفمبر/تشرين الثاني (مناصفة أيضاً)، لكن مسؤولي اللجان الثورية رفضوا تسليم سلطة البلاد- بشكل غير معلن- واستمر المعنيون من قبل هذه اللجان في مناصبهم التي تملك صلاحيات كاملة ورفضوا قرارات وزراء محسوبين على طرف صالح، مع سيطرة كاملة للحوثيين على مصادر الإيرادات رافضين الخضوع لوزير المالية المعين في هذه الحكومة، وهو سيناريو واضح أنه سيتكرر لو أن التحالف انجر لكذبة قدرة صالح في التحكم من الداخل، فالظاهر أن إيران وضعت يدها حتى على مكامن قوة صالح عبر اللجنة الثورية.

استنفذ الحوثيون احتياطيات البنك المركزي المقدرة بأربعة مليار دولار، كما سحبوا أكثر من 300 مليار ريال كمجهود حربي من البنك المركزي بصنعاء، ثم نهبوا 300 مليار ريال (الدولار=300 ريال) من أموال التأمينات الاجتماعية، دون توضيحات رسمية. ورفض الحوثيون منذ عام 2014 تسليم أي إقرار بالذمة المالية لهيئة مكافحة الفساد بصنعاء رغم ممارسة عملها وتم تهديد الموظفين في الهيئة بالقتل.

أحرق تحالف الانقلاب كل الأوراق التي يملكونها وظهرت خسائرهم جلية في الميدان على وقع تقدم واضح لقوت الجيش الوطني والمقاومة المدعومة من التحالف العربي في محيط العاصمة صنعاء وعلى بعد كيلومترات من آخر منفذ يسيطرون عليه وهو ميناء الحديدة.

رفض الحوثيون وصالح الخارطة الأممية للحل السياسي في اليمن أثناء مشاورات الكويت ثم أعلنوا على عجل عن المجلس السياسي الأعلى الذي يرأسه صالح الصماد أحد قيادات جماعة الحوثي، للتأكيد على أن تحالفهم (الانقلابي) متماسك، لكن سرعان ما دبت الخلافات بين الطرفين حتى على مستوى الوحدات الصغيرة في الجهاز الإداري للدولة، ثم أعلنوا عن ورقتهم الأخيرة بتشكيل حكومة، التي استمر تشكيلها وقتاً طويلاً (قرابة اربعة أشهر) وأخرجت ب42 حقيبة وزارية في أكبر حكومة عرفها اليمن فيما يؤكد عظم الخلافات بين الطرفين، فيما يشير ضخامة عدد الحقائب إلى محاولة كل طرف إرضاء أنصاره. وبالرغم من ذلك لم تستطع حتى ممارسة أي مهام حقيقية في صنعاء فخزينة البنك المسيطرين عليه فارغة خاصة بعد نقل الرئيس اليمني مقر البنك المركزي إلى عدن في سبتمبر/أيلول 2016م، إضافة إلى فساد كبير أدى إلى ثراء قيادات الانقلاب بالذات المحسوبة على الحركة الحوثية. 

كان الانقلابيون من خلال تشكيل (مجلس سياسي) أو (حكومة الانقاذ) يهدفون للحصول على تأييد إقليمي أو دولي، لكن ذلك لم يحدث مع مرور 8 أشهر على إعلان المجلس و 5 أشهر على تشكيلهم ما سموها حكومة الانقاذ، بما في ذلك الحليف الاستراتيجي للجماعة الجمهورية الإيرانية، بل إن تجاهلاً كبيراً لتشكيلها من قبل المجتمع الغربي. وهدف الحوثيون من خلال الدفع بالورقتين من أجل منافسة الحكومة الشرعية في ملعبها الخاص المتعلق بالساحة الخارجية لكن ظلت هذه الأوراق خارج إطار دائرة التأثير الحقيقي مع نشاط دبلوماسي لافت للحكومة الشرعية منذ إعلان حكومة الحوثيين.

فالثابت هنا أن طرفي الانقلاب مستمران في التحالف تحت وطأة الخوف من انقلاب أحدهما على الآخر والذي يعني الهزيمة العسكرية للجميع في ظل استمرار الحرب، لكن الطرفين يملكان الاستعداد للتخلي عن الأخر بشكل سريع إن وجدت الصفقة الملائمة.

ومن المعلوم أن اتفاق "ظهران الجنوب" مارس/آذار 2016م بين السعودية والحوثيين بعيدا عن صالح للتهدئة على الحدود ووصل حد انتزاع الحوثيين للألغام التي زرعوها، كاد أن يفكك التحالف الانقلابي، وأثر عليه بشكل كبير، حتى إعلان فشل مشاورات الكويت في أغسطس/آب نفس العام التي اعادت جزء من الثقة بحذر بين طرفي الانقلاب.

أما المتحول فإن دائرة الشراكة بين الحوثيين وصالح بدأت تضيق وتخنق أنصار "صالح" في المؤسسات الحكومية والتي وصلت إلى صراخ علني في وسائل الاعلام من قبل التابعين لصالح باستقواء الحوثيين والسيطرة على الثروة والسلطة في البلاد. وهذا التحول إذا ما حدث قد يؤدي إلى سرعة انفجار الوضع بين الطرفين.

 

الثابت والمتحول عسكرياً

تحولت خارطة الحرب خلال العامين الماضيين لصالح الشرعية والتحالف العربي، وشكل العام الثاني لعاصفة الحزم تقدما كبيرا لقوات الشرعية بدعم من التحالف، حيث تمكنت من تأمين باب المندب من هيمنة الحوثيين المدعومين من إيران. وساهم في تأمينه حماية ميناء المخا الاستراتيجي، والتحرك في عمليات متوازية شرقاً وشمالاً، الأول باتجاه مدينة تعز الخاضعة لحصار الحوثيين منذ عامين والثاني باتجاه ميناء الحديدة الاستراتيجي الذي يُدر مليارات الدولارات إلى الحوثيين طوال سيطرتهم عليه.

في خارطة الحرب فقد تقدمت الحكومة اليمنية لتحرر المحافظات الجنوبية وجزءً من المحافظات الشمالية باتجاه وسط البلاد، وانحسر الحوثيون في أجزاء مفككة في المحافظات الشمالية التي فُتحت فيها جبهات مثلت استنزاف للجماعة وحليفها "صالح" عسكرياً في أكثر من جبهة حرب مصغرة؛ في وقت يفقد الحوثيون وحليفهم المزيد من الأراضي. ويمكن الإشارة إلى الخارطة العسكرية على النحو الآتي:

تحررت الحكومة اليمنية من حالة الدفاع المستمر خوفاً من سقوط المحافظات الجنوبية بيد الحوثيين إلى حالة الهجوم والتي تمكنت فعلياً من بدء عمليات عسكرية داخل منطقة نهم ويظهر أن المعارك تتجه حالياً نحو منطقة محلي ووادي حريب القراميش لاستكمال تأمين المناطق الخلفية للجيش، بعد قطع طرق الإمداد بينها وبين صنعاء، واستكمال تحرير المرتفعات الصغيرة المحيطة بجبال يام من ثلاثة اتجاهات قبل الشروع في معارك تحرير أرحب المطلة على مطار صنعاء الدولي. ومن شأن ذلك أن يضغط على الحوثيين، ويفتت حالة الدعم التي يتلقونها من صعدة وعمران.

 وفي الساحل الغربي للبلاد تظهر عمليات "الرمح الذهبي" تقدماً ملحوظاً باتجاه بلدة الخوخة التابعة لمحافظة الحديدة، كما يبدو أن الوقت قد حان لتحرير معسكر خالد بن الوليد الذي يمتد من المخا إلى مدخل محافظة تعز المحاصرة.

       أما في معقل الحوثيين بـ"صعدة" فإن القوات الحكومية على بعد 50 كم من مدينة صعدة بعد حرب من عدة جبهات انطلقت من الحدود السعودية نحو عدة بلدات في المحافظة ابرزها (البقع وباقم وكتاف).

في محافظة الجوف تبقى أطراف المحافظة الحدودية مع السعودية في مواجهات مستمرة مع بعض تمركزات الحوثيين في عدة مواقع في "خب والشعف"؛ وفي مأرب تبقت أطراف منطقة "صرواح" وفي حال تعديها يمكن للقوات الحكومية والتحالف الوصول إلى جنوب العاصمة صنعاء.

وفي شبوة تستمر القوات الحكومية في مواجهة الحوثيين في أطراف بلدتي بيحان وعزان آخر معاقل الحوثيين في المحافظة الغنية بالنفط. وتقاتل المقاومة الشعبية في محافظة البيضاء وسط البلاد الحوثيين بدعم محلي من زعماء العشائر الرافضين لتواجد الميليشيات ومع تحقق تقدمات ضمن معارك كر وفر مع الحوثيين في "الزاهر" و "رداع" و"الصومعة" وبلدات أخرى.

في "تعز" فإن العمليات العسكرية التي تدور في الغرب باتجاه المخا، وتصارع تعز نصف جبهات القتال ضد المسلحين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق في 11 جبهة هي: "(شرق المدينة) و (غرب المدينة) وفي الوازعية، وموزع، والصلو، وذوباب، والأحكوم، والتربة، حيفان، وجبل حبشي، والمسراخ". وتحولت المحافظة إلى محرقة للحوثيين. في الجبهات الحدودية تظهر محافظة حجة تحتفظ بكم أكبر من الحرب في منطقتي حرض وميدي اللتان تمكنت القوات الحكومية من تحرير أجزاء واسعة منها، من بينها ميناء ميدي الاستراتيجي الذي يستخدمه الحوثيون بشكل دائم في عمليات تهريب السلاح القادم من إيران.

بمتابعة سير التقدم العسكري للقوات الحكومية فإن هناك ملاحظتين مهمتين:

الأولى، أن التحركات الحكومية منذ يونيو/حزيران العام الماضي تتحرك بثبات نحو تحرير البلدات والقرى من الحوثيين دون تراجع بعكس المعارك السابقة التي كانت (كرٌ وفرٌ) ومن الصعب وجود موقع استراتيجي واحد خضع لسيطرة الحكومة ثم أعاد الحوثيون السيطرة عليه، رغم محاولاتهم الحثيثة، وهذا يشير إلى درجة التدريب الذي تمتعت بها قوات الجيش الوطني خلال فترة عام ونيف من التدريب والتجنيد داخل وخارج اليمن. الثانية: أن التقدم العسكري الثابت جاء نتيجة وجود الحكومة اليمنية والرئيس في العاصمة المؤقتة عدن وهو ما يعطي معنويات أوسع للجنود والقوات في إدارة المعركة من الداخل. وهذا الأمر جاء بعد تعيين الجنرال علي محسن الأحمر نائباً للرئيس وأحمد عبيد بن دغر رئيساً للوزراء.

 

لماذا تأخر الحسم؟!

يظهر بأن القوات الحكومية تمكنت من إعادة توازنها كقوة عسكرية نظامية مجدداً، معتمدةً على تجنيد قوات جديدة ضمن مبادئ الهوية الوطنية الواحدة التي لا ترى في الانتماءات الجغرافية والولاء الشخصي قيمة أمام الولاء الوطني المتنامي.

ويمكن الإشارة لعدة مبررات لسبب تأخر الحسم العسكري المرتبطة بالحالة السياسية والتغيرات الإقليمية الطارئة على المشهد اليمني:

احتاج إعادة تأسيس النظام السياسي في اليمن إلى جهود كبيرة ومساحة زمنية أكبر وفقا لتركيبته القبلية والسياسية والمناطقية المعقدة في البلاد بما يشمله من مجالس إدارات السلطة التنفيذية في المحافظات. تأسيس جيش يمني مُدرب وفق عقيدة وطنية كاملة بعدد كافي لفرض الأمن والاستقرار ومواجهة الإرهاب فالقوات التي تم تدريبها تصل إلى أكثر من 200 ألف جندي، بينهم أفراد الجيش و (رجال الأمن، وقوات العمليات الخاصة، ومكافحة الإرهاب، وحتى رجال الإطفاء، والقوات البحرية، وحرس الحدود). وهذه القوة تحتاج وقتاُ كافياً لبلورة تدريباتها وإعادة تأهيل القوات السابقة التي كانت في الجيش. السياسة الدولية في الحالة اليمنية كانت غير واضحة يشمل ذلك الموقف الأمريكي والروسي والاتحاد الأوروبي، الذين كانوا يحظرون حتى وقت قريب عمليات تحرير محافظات الحديدة وصنعاء وصعدة من الحوثيين. ويبدو أن موقف واشنطن بدأ يتغير باتجاه تحرير محافظة الحديدة. مراوغة الحوثيين خلال المشاورات التي كانت تجري اتباعاً وحتى إعلان الحوثيين عن مجلس سياسي وحكومة تخصهم مع علي عبدالله صالح، وتغير الموقف الاقليمي إلى قناعة بضرورة زيادة الضغط العسكري. صعوبة جغرافيا وتضاريس الطريق الى صنعاء ظلت عائقا أساسيا لعمليات التقدم، كما أن هناك استنزاف مالي وبشري للشرعية والتحالف إلى جانب الأخطاء التي أدت إلى مقتل مدنيين شكلت ضغطا كبيرا. ظل إرساء الأمن في المناطق المحررة كابوسا مؤثرا على أداء القوات الحكومية في تحرير المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة الانقلابيين خاصة مع محاولة جماعات متطرفة للظهور أنها بديلا للحوثيين وتحاول استغلال انشغال الدولة للسيطرة. تأثر ملف التقدم العسكري بأداء المبعوث الأممي إلى اليمن حيث كان هناك توجه من أطراف دولية لاعطاء الانقلابيين فرص متعددة والقيام من قبل بعض الاطراف الدولية بمحاولات تشتيت انتباه التحالف والشرعية لتداعيات الانقلاب مثل القضايا الانسانية وملف مكافحة الارهاب.

 

*الثابت والمتحول دولياً

يشهد الموقف الدولي تحولاً بطيئاً تجاه اليمن، وفق أربعة مسارات:

* الثابت في مجلس الأمن الدولي استمرار بقاء اليمن تحت الفصل السابع، مع وضع أي حل سياسي للبلاد وفقاً للمرجعيات الثلاث (القرار الأممي "2216") ومخرجات الحوار الوطني، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، لكن المتحول أن أصواتاً في مجلس الأمن بدأت منذ انتهاء العام الأول تشعر بخيبة أمل من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية والأمنية في البلاد مع تمدد تنظيم القاعدة وإحكام السيطرة على المزيد من الأرضي في البلاد.

* تدفع الجهود الدولية باتجاه عملية سلام شاملة في اليمن بشقيها الأمني والسياسي. وشهدت أربع جولات من المشاورات بين الحكومة الشرعية من جهة والحوثيين وحزب علي عبدالله صالح من جهة أخرى لكنها توقفت منذ انتهاء مشاورات الكويت في أغسطس/آب دون التوصل لاتفاق وكان من المقرر استئنافها بعد شهر واحد لكن ذلك لم يحدث حتى اليوم. ورفض الحوثيون المبادرة التي قُدمت مع نهاية مشاورات الكويت، ووقعت عليها الحكومة اليمنية. وقدم وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري مبادرة غامضة، واتضحت ملامحها في نسخة مُعدلة للأمم المتحدة والتي اعتبرها علي عبدالله صالح والحوثيين أرضية للمشاورات فيما رفضتها الحكومة اليمنية. وبدأ تصعيد عسكري جديد أدى إلى تحرير ميناء المخا الاستراتيجي والتوغل في صعدة معقل المسلحين الحوثيين.

* استمرت إيران على ثباتها في تسليح جماعة الحوثي وتهريب السلاح وتكنلوجيا التصنيع إلى الحوثيين في اليمن، والتي اتخذت مسارات بحرية، مع استخدام الطريق البري في الحدود مع سلطنة عمان. فيما حاولت روسيا الظهور بصفتها كراعية لحقوق الإنسان وأبدت خشيتها أكثر من مرة، وتحاول إيران وروسيا بدرجة متفاوتة للغاية -مع الصعب جمعهما في سلة واحدة- الحصول على تأثير في ملفات إقليمية أخرى متعلقة بصراع الوكالة في سوريا والعراق وشبه جزيرة القرم.

* لقد كان لتغير الموقف الأمريكي في اليمن، على الأقل من ناحية التصريحات الرسمية، خلال إدارة دونالد ترامب أثر في الموقف الدولي لصالح الشرعية والتحالف العربي. فقد حاولت روسيا والولايات المتحدة الأمريكية (عهد أوباما) ودول أخرى من الاتحاد الأوروبي تقديم مشروع قرار لوقف عمليات التحالف في اليمن، لكن انتخاب ترامب عرقل تقديمه وصولاً إلى رفض واشنطن الانخراط أكثر في دعم المشروع الايراني.

وقد سَمح تذبذب المواقف الدولية تجاه الأزمة اليمنية إضافة إلى اللقاءات الرسمية وشبه الرسمية مع وفود للحوثيين التي تزور عواصم دول غربية وعربية إلى تشجيع الحوثيين للاستمرار في حالة رفض تسليم أسلحتهم وزيادة عنجهيتهم، ومن شأن ذلك أن يطيل من الحرب.

 

السيناريوهات المتوقعة

-السيناريو الأول: الحسم العسكري (سيناريو القوة)

ربما إلى حد ما قد يكون هذا السيناريوا ضعيفا لأن هذا يحتاج الى وقت أطول للحرب في ظل ضغط دولي واضح ضد الدخول الى العاصمة صنعاء عسكريا، كما يشكل الوضع الانساني ضغطا كبيرا على التحالف والشرعية، لكن يمكن ان يكون سيناريو القوة والمفاجاة الذي سيضع حدا للحرب في اليمن في حال تم التخطيط بشكل أفضل لعمليات عسكرية سريعة.

-السيناريو الثاني: الحسم العسكري الجزئي مع الحل السياسي (سيناريو المتاح)

سيناريو متوقع ومرجح لكن يحتاج لتحققه أولا السيطرة على ميناء الحديدة واستكمال السيطرة على الساحل الغربي واستعادة مدينة صعدة والدخول إلى منطقة أرحب المطلة على مطار صنعاء الدولي والسيطرة الجزئية على العاصمة صنعاء، وضمان حصول تفكك بين طرفي الانقلاب لقبول الطرف المؤمن بحل سياسي للمشاركة في إطار اتفاق سياسي يشكل المشهد الأخير لفصول الحرب في اليمن.

-السيناريو الثالث: الحل السياسي (سيناريو التنازل)

وفي حال حدث هذا الحل وفقاً لمبادرة إسماعيل ولد الشيخ الأخيرة -غير المعدلة- فإن إيران تضغط من أجل حصول الحوثيين على الثلث المعطل في حكومة جديدة لا يشمل معها تسليم الحوثيين لسلاحهم الثقيل والمتوسط ولا حل تنظيمهم العسكري، وهذا مستبعد إلا في حالة حصول تفكك بين التحالف العربي أو في إطار الشرعية أو حالة تنازل من الشرعية والتحالف.

-السيناريو الرابع: تدخلات إقليمية ودولية لخلط الأوراق (السيناريو الكارثة)

هذا السيناريو يفترض حصول تدخلات اقليمية ودولية تحت مبررات متعددة منها مكافحة الإرهاب، أو حماية الممرات المائية الدولية وهو سيناريو كارثي خاصة في ظل معلومات تحذر من محاولة إيرانية لتدريب تنظيم عسكري جديد لا علاقة له بالحوثيين في الظاهر – يتكيء على تنظيم سياسي تحت لافتة تيار السلام - ويحاول استغلال الوضع الاقتصادي والانساني للسيطرة على المناطق التي ينهزم فيها الحوثيون او في المحافظات المحررة، وأول تلك المحافظات المستهدفة العاصمة المؤقتة عدن، ومحافظة تعز التي تشهد تحركا لجماعات متطرفة تعطي مبررا للتيار الايراني الجديد التجنيد بواجهة مختلفة، ما يؤدي إلى فوضى أكثر ويشجع دولاً للتدخل في اليمن.


قراءة PDF

عامان على انطلاق عاصفة الحزم في اليمن.. الثابت والمتحول

نشر :