مشاركون في ندوة جماعات العنف المسلحة ومستقبل الدولة اليمنية : حصر السلاح بيد الدولة وتفكيك الجماعات المسلحة هي أولى خطوات بناء الدولة
عقدت اليوم في عدن ندوة سياسية تناولت جماعات العنف المسلحة ومستقبل الدولة اليمنية بعد الحوار الوطني.
وقال عبد السلام محمد- رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث " تأتي أهمية الندوة كخطوة اولى في الرقابة على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي اختتم فعالياته في 25 يناير الجاري والذي قدم رؤى للتعامل مع أعمال العنف والجماعات المسلحة".
واضاف " هذه الندوة تأتي في إطار توسع جماعات العنف المسلحة على الأرض وارتفاع وتيرة المعارك التي تخوضها ضد تيارات سياسية واجتماعية وفكرية أخرى"مشيرا غلى أن أن جماعات العنف بقدر ما استغلت الربيع الثوري الذي أضعف النظام السابق وبدأت في تقوية شوكتها ، فإنها أحدثت قلقا كبيرا لدى غالبية اليمنيين الذين كانوا يتطلعون لدولة مدنية".
وقال رئيس مركز أبعاد " الندوة حاولت التطرق للواقع الحقيقي لهذه الجماعات وأعطت توصيفا قانونيا لجرائم القتل والاغتيالات والتهجير واستهداف المدنيين والمؤسسات المدنية والعسكرية التي ترتكبها هذه الجماعات، كما أنها تطرقت لدور الإستقطابات الاقليمية والدولية في تغذية جماعات العنف المسلحة ومعالجات رؤى الحوار الوطني لتفكيك هذه الجماعات ودمجها في العمل السياسي".
وتطرقت ورقة عمل قدمها أستاذ علم الإجتماع السياسي بجامعة عدن سمير عبد الرحمن الشميري إلى تهديدات جماعات العنف للسلم الإجتماعي والنتائج الكارثية التي تتهدد الأمن والاستقرار الوطني وإضعاف هيبة الدولة وإعاقة مساعي بناء دولة القانون المنشودة والمترتبات الإقتصادية والآثار النفسية التي تمس حياة الفرد والمجتمع .
ووصف الشميري أعمال جماعات العنف بأنه إرهاب ، وقال " تلك الأعمال تستهدف حياة وأمن 25 مليون يمني وتشكل صنف من صنوف الإرهاب وتلحق خسائر في الأرواح وتترك بصماتها السلبية على الصعيد النفسي والإجتماعي".
وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي بعدن " أعمال العنف تهدف الى عرقلة مسار التحول الديمقراطي وعملية بناء الدولة المنشودة، وتسعى الى إضعاف هيبة الدولة ومؤسسات القوة وتهتك مفهوم دولة النظام والمواطنة، وتقزم الدستور والتشريعات، وتنقل المجتمع الى حلبة الفوضى، وتصبغ الحياة بالخوف وتفرغ الديمقراطية والمواطنة والحرية من مضامينها وبما تقوم به من استهداف جدران النسيج الاجتماعي والنفخ في روح العصبيات، وإرباك عمل هيئات المجتمع المدني وتوسيع دائرة الثأر السياسي وإعاقة المشاركة في الحياة السياسية" .
وأضاف" أعمال العنف الذي تقوم به بعض الجماعات تأتي متساوقة مع الفساد والوهن العميق في عمل هيئات ومؤسسات الدولة ومايعانيه المجتمع اليمني من ارتفاع في نسب الفقر والامية والبطالة في أوساط الشباب وارتفاع معدل الوفيات.
ولفت شميري إلى مخاطر الجماعات المسلحة واستهدافها للأمان الاجتماعي وعرقلة التنشئة الاجتماعية وارتباطها بانتشار المخدرات وضعف دور الاسرة التربوي ورسالة المدرسة والمسجد ووسائل الاعلام .
وقال "إن الجماعات المسلحة وجماعات العنف جعلت الناس يسيرون دون بصيرة ولم تتح للإنسان امكانية ان يتوازن من خلال انشطتها التي استبدلت العادات بدلا من النظام والقانون وشيوع ظاهرة حمل السلاح وثقافة التعصب وتراجع التسامح الديني والإجتماعي ".
وأضاف" نلاحظ إنتشار اليأس والإحباط والإضطرابات النفسية وازدياد معدلات الغربة وانعدام الشعور بالأمان الانساني في الشارع وهذه الاثار فاقمت من الانحرافات النفسية وقادت الى انفصام في الشخصية والهوس وجملة من الامراض في المجتمع" .
من جهته الباحث عبد الله ناجي في ورقته حول واقع جماعات العنف المسلح في اليمن قال " علقت القوى السياسية أمالا كبيرة على النهج السلمي لحل قضايا الوطن بطريقة سلمية ديمقراطية بعيداً عن العنف والعنف المضاد الذي تمارسه السلطة، لكن هذه الآمال للأسف ذهبت في مهب الريح بسبب قيادات شمولية مشبعة بالاستبداد".
وأضاف" النضال السلمي الذي تنتجه الديمقراطية الناشئة لم نجن ثماره إلا في حدود ضيقة للغاية، والتجربة الوحيدة الإيجابية في ذلك هي ما سلكه الحراك السلمي في الجنوب، وثورة الشباب في الشمال، علماً بان السلطة المستبدة واجهت هاتان الثورتان السلميتان بعنف شديد سقط على إثرهما عدد كبير من الشهداء وآلاف من الجرحى".
وحول الفرق بين النضال المسلح والنضال السياسي السلمي قال " النضال المسلح هو العنف الذي تقوم به جماعة سياسية من خلال العمل العسكري لمواجهة السلطة، فيما النضال السلمي هو سلوك وسائل سلمية وتفعيل جماعات الضغط لإجبار السلطة على تلبية تحقيق مطالب الجماهير"، مؤكدا أن النظام السابق ساهم في تنمية العنف المسلح.
وقال " النظام السابق سعى جاهداً لتحويل مشاكل المجتمع إلى أوراق سياسية هدامة تساعده في إشغال المجتمع بقضايا ثانوية لكي يتمكن من البقاء أطول فترة ممكنة في الحكم".
وتطرق الباحث عبد الله ناجي إلى أمثلة لإدارة النظام السابق البلد من خلال الأزمات وقال " من خلال تشجيع ظاهرة الثأر، والفساد والفقر، وتغييب العدالة والمواطنة المتساوية ، وهو ما أنتج في الأخير بيئة سياسية محفزه لتوجه عدد كبير من فئة الشباب إلى جماعات العنف المسلح الذي نعاني منه اليوم وأصبح من التحديات الكبيرة التي تواجه مجتمعنا في الوقت الراهن وأيضاً في المستقبل" .
وأضاف" بما أن بلادنا قادمة على مرحلة التحول الديمقراطي وبناء الدولة الاتحادية، فإن القوى المعادية للتغيير في جهاز الدولة ستقوم بمواجهة هذا المشروع التغييري بكل ما تملك من قوة لأنها ترى في بناء الدولة المدنية نهايتها المحتومة".
وأكد أن النضال السلمي يتحقق داخل المجتمع عندما توجد الديمقراطية المحققة للتداول السلمي للسلطة وتحقيق العدالة للمجتمع، مشيرا إلى جملة من أخطاء النظام السابق الذي " سعى لبناء مؤسسه عسكرية وأمنيه يكون انتمائهم في الغالب للأفراد وليس للوطن"، وقال " من عوامل ظهور العنف فشل المشروع الوحدوي الذي دمرته حرب صيف 94م أيضا، وتبني النظام السابق للجماعات المتطرفة ، والتدخلات الخارجية .
واختتم ناجي ورقته بتوصيات لحل اشكالية العنف بالقول " نعتقد إن ترجمة مخرجات الحوار على أرض الواقع كفيل بحل كل الإشكاليات .
في ورقته " توصيف واقع جماعات العنف في التشريع الوطني والدولي"، قال المحامي والقانوني صالح أحمد ذيبان" لقد ظهر جلياً لمتتبعي ومراقبي حالة حقوق الإنسان في اليمن أن الحكومات السابقة وضعت نصب أعينها هدفاً سعت بكل الوسائل الممكنة إلى تحقيقه وهو منهجية سياسة الإفلات من العقاب والمساءلة والملاحقة الجنائية لمرتكبي الانتهاكات".
وقال " الجرائم السياسية لليمن المعاصر ليس بحال أفضل من صنوف الجرائم الدولية الأخرى,إذ شهد اليمن نتيجة الصراعات السياسية التي عصفت به ممارسة بعض القوى السياسية أفعال جنائية تجاه خصومها تراوحت بين نشر الفوضى المتعمدة بغطاء ودعم رسمي, وتسليم مناطق من التراب الوطني لجماعات خارجه عن القانون لممارسة الأعمال الإرهابية, والاغتيالات السياسية والإخفاء القسري والإعدام خارج نطاق القانون والمحاكمات السياسية الغير ضامنة لحقوق المعارضين, واعتقال المعارضين خارج سيادة القانون, ودعم الفساد المالي لأغراض سياسية والتصفيات الجسدية لخصوم النظام ومناوئيه. وبالوقوف أمام تلك الممارسات التي حدثت ولازالت في وقتنا الراهن تحدث وهي ممارسات وأفعال وسياسات مجرمة وفقاً للقوانين الوطنية والقانون الدولي".
واستعرض الباحث القانوني أنواع الجرائم في القانون الدولي، ومفهوم الجرائم ضد الإنسانية، ومفهوم الجرائم الإرهابية، ومفهوم الجرائم المنظمة، ومفهوم جرائم الحرب، ومفهوم الجرائم السياسية، والفرق بين الجرائم السياسية والجرائم الإرهابية، والفرق بين الجرائم المنظمة والجرائم الإرهابية، ونماذج للجرائم الإرهابية والجرائم ضد الإنسانية و لجرائم الحرب من الواقع الوطني.
وتطرق ذيبان أبرز الجرائم الإرهابية التي حدثت في اليمن منذ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990م وحتى نهاية عام 2013م أهمها تلك التي حدثت قبل أسابيع مثل " جرائم الاعتداء على المعسكرات ومقتل الشيخ سعد بن حبريش مقدم قبائل الحموم، ومجزرة مستشفى مجمع الدفاع (العُرضي) ومجزرة الضالع ".
وحول أهم جرائم الحرب على المستوى الوطني في 2013م، ذكر الباحث قضية تهجير ابناء دماج ، وقال" إجبار ألاف من سكان منطقة دماج على الهجرة القسرية لموطنهم لأسباب تتعلق بعقيدتهم الدينية, وظهر قصور الأداء الحكومي وغياب التدخل الحاسم من قبل الدولة ،معتبرا لتهجير القسري، بانه جريمة تتمتع بخاصية يمكن من خلالها تصنيفها كجريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية .
وقال" جاء التفسير الدولي للإجلاء, أنه يعني نقل الشخص رغمًا عنه داخل أو خارج الحدود الوطنية، ويشكل بذلك ممارسة قسرية غير قانونية للأشخاص المحميين، ويمثل انتهاكًا خطيراً وخرقاً فاضحاً لاتفاقية جنيف الرابعة، والمادة 147 منها تعتبره جريمة حرب "يحظر النقل الجبري أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى محتلة أو غير محتلة أياً كانت دواعيه".
وأضاف " عدّ قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الإبعاد جريمة حرب، وعرف الإبعاد القسري بأنه: تهجير قسري للأشخاص المعنيين عن طريق الطرد، أو غيره من أفعال الإكراه".
في ورقة الاستقطاب الاقليمي والصراعات الدولية ودورها في تغذية جماعات العنف، تطرق أستاذ القانون الدولي.نبيل سعيد احمد الصانع للتدخلات الإيرانية والسعودية والأطماع الدولية في اليمن، مستعرضا تاثير المستجدات والأحداث في سوريا ومصر على الوضع اليمني العام وقال " الاحداث جميعها منذ افغانستان وحتى ما يدور اليوم في سوريا والعراق ومصر كلها عوامل تدفع الى بروز مناخات ملائمة لنشوء جماعات العنف والتي يمكن اختراقها في كثير من الاحيان وتوجيهها اتجاهات خطيرة في معظمها يستهدف حالات الامن والاستقرار خاصة عندما تضيق في نظر هذه الجماعات وسائل التغيير الديمقراطية ويشعرون باليأس والإحباط من جدواها ومصداقيتها" .
عضو الحوار الوطني ورئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان أكد في ورقته حول " رؤية مؤتمر الحوار الوطني الشامل في التعامل مع جماعات العنف وكيفية إدماجها في العمل السياسي" على أن مؤتمر الحوار الوطني الشامل في مختلف فرقه كان الإنسان (المواطن ) هو المحور الرئيسي ".
وأضاف" اتفقوا على ضرورة احترام حقوق الإنسان وكرامته ، وحرياته التي لا تضر ولا تمس حريات الآخرين وعلى حماية السلم الاجتماعي وحق الجميع في المشاركة في صنع القرارات التي تتعلق بحياتهم وحياة مستقبلهم ومستقبل الأجيال القادمة ، وأن الديمقراطية هي وسيلة الحكم والتداول السلمي فيه، وحق الناس في التعبير عن آرائهم وأفكارهم وأحلامهم وطموحاتهم المشروعة ".
وأضاف نعمان " اتفق المشاركون في مؤتمر الحوار الوطني على نبذ العنف والتطرف وعلى رفض انتشار السلاح وحمله وأكدوا على أن حمل السلاح يجب ان يختص حيازته وحمله لرجال الأمن والجيش فقط ورفض المليشيات المسلحة التي تتشكل خارج القانون، وتجريم تشكيل التنظيمات المسلحة .