عاصفة الحزم..حرب الاخضاع
مقدمة
حين فشل الانتقال السياسي في اليمن وسيطرة الميلشيات المسلحة على مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية وتحول البلد لساحة صراع ونفوذ لدول تهدد الجوار الخليجي، فإن وضع اليمن أصبح خطرا على السلم الداخلي والجوار الإقليمي والدولي، وهو ما جعل عملية عاصفة الحسم العسكرية تدخلا ضروريا في وجهة نظر بعض الشركاء السياسيين في الداخل بالذات الذين اكتووا بهيمنة جماعات السلاح، ومن وجهة نظر دول الخليج وحلفائهم المتضررين من تمدد إيران عسكريا في المنطقة.
ماهي عملية (عاصفة الجزم)؟
جاءت تسميتها من كلمة (الحزم) التي كان يتخذ منها مؤسس المملكة العربية السعودية عبد العزيز آل سعود شعارا له في حكمه ، وهي عملية عسكرية في اليمن قامت بها قوات تحالف عربي دولي بقيادة السعودية مع بدء الساعات الأولى من يوم 26 مارس 2015م، وتشكلت هذه القوة من دول الخليج باستثناء عمان إلى جانب دول أخرى مثل باكستان والمغرب والسودان ومصر والأردن، وحظيت بتأييد ودعم لوجستي أمريكي وبريطاني وفرنسي وتركي، وتشارك فيها أكثر من 180 طائرة وقطع بحرية وجيوش برية.
لهذه العملية أهداف متعددة أهمها تأمين الأمن القومي لدول الخليج حيث جاءت عقب سيطرة ميلشيات الحوثيين الموالية لإيران على الدولة اليمنية وإسقاط العاصمة في 21 سبتمبر 2014م ومحاصرة الرئيس عبد ربه منصور هادي، ومن ثم توجه هذه الميلشيات وبدعم لوجستي من الرئيس السابق علي عبد الله صالح وميداني من المعسكرات التابعة له إلى عدن التي فر إليها الرئيس وسيطرتهم على قاعدة العند ومطار عدن في 25 مارس الجاري.
أسبابها:
بعد ثورة 2011م وبناء على المبادرة الخليجية التي وقعها الرئيس السابق في 23 نوفمبر من نفس العام تم الوصول إلى اتفاق حول آليات انتقال سياسي سلمي للسلطة بقيادة رئيس انتقالي هو عبد ربه منصور هادي بعد انتخابات توافقية.
المبادرة الخليجية نصت على خطوات عملية للانتقال تبدأ بمؤتمر للحوار الوطني الذي ستكون مخرجاته نواة لتشكيلة نظام حكم فدرالي ودستور جديد، وفي ذات الوقت يتم هيكلة المؤسسة العسكرية ويجرى الاستفتاء ومن ثم الذهاب للانتخابات.
شاركت جميع الأطراف بما فيهم الحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني الذي رعته الأمم المتحدة بإشراف جمال بن عمر مندوب الأمين العام، وما إن اختتم المؤتمر في 25 يناير 2014م وبعد توقيع كل المشاركين على مخرجاته إيذانا ببدء صياغة الدستور، حتى حرك الحوثيون كل قواتهم من صعدة باتجاه العاصمة صنعاء، وبتسهيلات ودعم من قوات ما كان يعرف بالحرس الجمهوري التابعة لصالح وبإشرافه سقطت كل المحافظات والمعسكرات بما فيها العاصمة صنعاء وصولا إلى تعز ، ودخلوا في حروب مع القبائل في مأرب والجوف والبيضاء شرقا.
وكان مجلس الأمن قبل ذلك أصدر عدة قرارات أهمها القرار الذي ينص على عقوبات ضد من يعرقل عملية الانتقال السياسي في اليمن.
ورغم تلك القرارات سقطت العاصمة ومعسكرات البلد في يد الميلشيات وحوصر الرئيس هادي ولم تفعل، وبالتالي فشلت الأمم المتحدة ومجلس الأمن في تحقيق وحماية الانتقال السياسي، وبدت اليمن ذاهبة لانهيار يهدد الأمن الإقليمي والدولية.
السند القانوني:
بينما كانت قوات الحوثيين وصالح على مشارف عدن التي فر إليها الرئيس هادي بعد حصار دام أسابيع، تقدم بطلب عاجل للأمم المتحدة والجامعة العربية بتدخل عسكري لإنقاذ اليمن من سيطرة الميلشيات المسلح ومنع الحرب الأهلية.
وبناء على اتفاقية الدفاع العربي المشترك ومواثيق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن تشكل التحالف العربي وبدأ من خلال عمليات جوية ضرب القواعد الجوية ومنصات الصواريخ وآليات ومعسكرات تابعة للحوثيين ولحلفائهم من قوات صالح المساندة.
مراحل الحملة:
قد تكتفي القوى المشاركة بمرحلة واحدة وقد تكون هاك ضرورة لمرحلتين أو ثلاث حسب نسب النجاح وحسب حجم بنك الأهداف على الأرض.
المرحلة الأولى: ضربات جوية نوعية تؤدي إلى اغلاق وسيطرة على المجال الجوي وتستهدف القدرات العسكرية الجوية والصاروخية ومخازن السلاح ومعسكرات التدريب والامداد.
المرحلة الثانية: ضربات جوية مع اسناد بحري في حال وجود إمداد أو تدخل خارجي وأيضا لإغلاق المنافذ البحرية والسيطرة عليها.
المرحلة الثالثة: ضربات جوية بإسناد بحري وتدخل بري لترتيب الميدان وتبدا هذه المرحلة في حال كانت التقديرات العسكرية تقلل من نتائج الضربات الجوية على القدرات العسكرية للحوثيين وصالح، وفي حال استمروا مسيطرين عسكريا على الدولة ورفضوا المشاركة السياسية ووصول دعم عسكري خارجي لهم.
أهداف الحملة:
الهدف المعلن: استعادة شرعية الدولة اليمنية من الميلشيات ودعم الرئيس الشرعي الانتقالي وانجاح الانتقال السياسي وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
الأهداف المخفية:
1- حماية الأمن القومي الخليجي من تمدد النفوذ الإيراني.
2- استعادة السعودية لنفوذها ودورها في المنطقة.
3- استعادة دور للمنطقة وبدء تشكيل نواة لتحالف عسكري عربي تركي باكستاني في المنطقة.
4- محاولة لخلق حلف جديد يمكن أن يكون له دور في تخفيف وطأة الدور الطائفي الإيراني في المنطقة في ظل صمت دولي.
5- ارسال رسائل قوية لأوربا وامريكا على دورهم المتعاطف مع إيران في المنطقة، وموقفهم المتخاذل من القضيتين السورية والعراقية.
6- استباق خطوات توقيع الغرب مع إيران لاتفاقية البرنامج النووي كمقدمة لرفع العقوبات عنها في وقت لازالت إيران تلعب دورا في الصراعات القائمة في المنطقة ولازالت تتواجد عسكريا خارج حدودها.
الإيجابيات والسلبيات:
1- من ايجابيات الحملة انهاء أو إضعاف التمرد الحوثي وفرض السلام لكن من السلبيات أن اليمنيين بطبيعتهم متحسسون من التدخلات الخارجية وإن كان هناك رضا شعبي واضح للعمليات الجوية على المدى القصير ضد قوات الحوثي وحليفه صالح التي استقوت بايران .
2- من إيجابيات الحملة الحفاظ على السلم الاجتماعي ومنع ذهاب البلد إلى حرب أهلية، لكن من السلبيات في ظل انعدام أي ترتيبات على الأرض لا تنجح الحملة في تحقيق أهدافها وستعيد الحركة الحوثية بناء قدراتها او تتشكل ميلشيات جديدة على أنقاض هم لتملأ الفراغ.
3- من إيجابيات الحملة قد يكون تأمين الانتقال السياسي، لكن ذلك مرهونا بالوقت الكافي لإنهاء الأزمة واشعار المواطنين بالرضا، والسلبية هنا إذا ما طال وقت الحرب سينعكس سلبا على الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية وظهور تيارات وجماعات سياسية واجتماعية مسلحة ومعه يسيطر اقتصاد الحروب.
4- قد يكون التدخل النوعي الخارجي جيدا لفرض واستعادة الدولة لكن إذا ما حصل تدخلا بريا قد يفتح شهية إيران في خلط الأوراق واستغلال أي حالة تذمر بين اليمنيين من تواجد عسكري مباشر لقوات خارجية على الأرض لفتح صراعات جديدة.
سيناريوهات الحسم:
1- عملية جوية فقط لإضعاف القدرات العسكرية للحركة الحوثية وقوات صالح المساندة لها ومن ثم إرغامها على ترك العنف والمشاركة في العمل السياسي واستكمال جلسات الحوار.
2- عملية جوية مع إسناد عسكري بحري لقوات من الجيش الموالي لهادي والقبائل لتفكيك البنية العسكرية للحركة الحوثية وإنهائها كحركة مسلحة وترك المجال مفتوحا امام قياداتها لنبذ العنف وممارسة العمل السياسي.
3- عملية جوية وبحرية وتدخل لقوات عسكرية برية للتحالف لتفكيك الحركة الحوثية نهائيا والسيطرة على البلاد ثم مساندة ميدانية ولوجستية للرئيس هادي والدولة في مهمة استكمال الانتقال.
4- سيناريو الفشل وهو التوقف كنتيجة لضغط دولي تتعرض لها الحملة دون اكمال لمهمتها على الأرض ودون تحقيق الهدف الرئيسي لها في تفكيك القوة العسكرية للحوثي وصالح، وهو ما يتم استغلاله من قبل الحوثيين في تحقيق نصر اعلامي يعينهم على التمدد مستقبلا حتى لو كانوا متضررين.