مقدمة
في خطوة متوقعة، صدر في 5 فبراير 2024 قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي قراراً بتعيين أحمد عوض بن مبارك رئيسا لمجلس الوزراء، وقضى باستمرار أعضاء الحكومة في أداء مهامهم. يتناول هذا التحليل التحديات المتعددة الأوجه التي تواجه هذه الحكومة، وما يمكن أن تحققه في سبيل التغلب على هذه التحديات، ويلقي الضوء على ما لديها من فرص.
تحديات كبيرة ومعقدة
التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة كثيرة وكبيرة ومعقدة، وهي كذلك متنوعة ومتشابكة وتربطها ببعضها علاقات تكافلية ويتوالد بعضها من بعض. وإلى حد كبير ترتبط إقالة الحكومة السابقة بفشلها في التعامل مع هذه التحديات، ومن خلال العمل على تجاوزها يمكن للحكومة الجديدة بناء الثقة والحصول على شرعية الاستمرار.
التحديات السياسية
تقدم الحالة السياسية في اليمن وديناميكيتها طيفاً واسعاً من التحديات أمام الحكومة الجديدة، وتنطوي على تعقيدات عميقة تتجاوز النظرة الثنائية للصراع بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي. هذه التحديات تنبثق من استمرار الصراع وتتعلق بالتنافسات والمصالح المتضاربة لتشكيلة واسعة من الفاعلين المحليين والإقليميين، وأهمها:
- ازدواج مؤسسة القرار (الحكومة مقابل المجلس الرئاسي)، والانقسامات العميقة والتباين داخل المؤسستين، حيث تتعمق التناقضات والخلافات بين الأطراف المكونة لهما والتي يشوب العلاقة بينها عدم الثقة والتطلعات السياسية المتباينة.
- سيولة المشهد السياسي في مناطق سيطرتها وانقساماته المركبة (سياسية وطائفية ومناطقية وقبلية)، حيث الجماعات المسلحة مستمرة في لعب دور في سياق المنازعة على السلطة، وتتدخل في علاقة المواطنين بالسلطة، وتمارس أنشطة اقتصاد الحرب. وفي هذا المشهد أيضاً تستمر القبائل في لعب أدوار سياسية متنامية، وشكلت مع الجماعات المسلحة جبهة ضغط سياسية استثمرتها مختلف القوى ما انتهى بتكريس الانقسامات السياسية.
- النفوذ والتنافس بين القوى الإقليمية، وبالذات السعودية والإمارات، وتدخلاتها الذي أدى إلى وجهات نظر سياسية مختلفة وتضخيم الخلافات الداخلية، وإلى هذا التنافس وتشابك المصالح الإقليمية وتعارضها يعود تجزؤ المشهد السياسي، وبسببه تأسست أيضاً حالة من التبعية المركبة التي يصعب تجاوزها. تعقيد هذه المشكلة يظهر في اعتماد الحكومة على دعم هاتين القوتين.
- وفي سياق متصل، سيكون على الحكومة التعاطي مع جهود وعملية السلام، والإشكال أن هذه العملية اليوم تدار من قبل السعودية والحوثيين مع استبعاد الحكومة والأطراف اليمنية الأخرى، وبطريقة توحي بعدم اخذ مصالح هؤلاء في الاعتبار. استمرار هذا النهج، وهذا مرجح، يضع الكثير من الضغوط على علاقات الحكومة، فتبنيها موقفاً مقاوماً للنهج السعودي سيؤثر على فرص التعاون مع الرياض وعلى فرص حصولها على الدعم السياسي والمالي من الأخيرة الأولى، وهو دعم ضروري وحاسم بالنسبة لها، وهنا تظهر حالة من التبعية المستعصية المغلفة بالابتزاز. أما إذا ما تماهت مع الرياض ووافقت على كل ما تريده فهي تخاطر بإثارة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي سبق وعبر عن حنقه ومعارضته لأي اتفاقات سعودية حوثية لا تولي المسألة الجنوبية اهتمام خاص أو تؤجل بحثها إلى المفاوضات متعددة الأطراف.
- وتواجه الحكومة مأزق الشرعية الضعيفة، وهو ضعف مركب ناتج أولاً عن غياب شرعية الفعالية والأداء الضعيف الذي ورثته أجهزة الدولة، وناتج ثانياً عن الافتقار إلى إجماع محلي، وساهم فيه أيضاً الضعف أمام الجماعة الحوثية التي أجبرت الحكومة السابقة على وقف صادرات النفط، الأمر الذي أظهرهم أصحاب اليد الطولى والقول الأخير في تقرير الأمور في البلاد، يضاف إلى ذلك ما أكتسبه هؤلاء من شرعية شعبية بسبب دخولهم الحرب ضد إسرائيل.
أزمة المالية العامة
تعاني المالية العامة من أزمة حادة، ففي مقابل ارتفاع متواصل في التزاماتها تراجعت إيراداتها من الجمارك والضرائب والصادرات، خصوصاً صادرات النفط والغاز التي كانت إيراداتهما تمثل نحو ثلاثة أرباع الإيرادات الحكومية، وهذا تسبب بانخفاض الإنفاق العام إلى أدنى مستوى، وبالفشل في تأمين النفقات التشغيلية للمؤسسات الحكومية والعجز عن تقديم الخدمات الأساسية مقدمتها الكهرباء وعن صرف مرتبات موظفي القطاع العام بصورة منتظمة، وكل ذلك أوقع الجهاز الإداري في نوع من الشلل. وتسبب كذلك في تفاقم الأوضاع الاقتصادية، فما برح هذا العجز يفرض ضغوطاً تضخمية، فالحكومة تجد نفسها أمام مفاضلة صعبة، إما تمويل العجز من خلال طباعة النقود والمخاطرة بزيادة التضخم والتسبب بأضرار إضافية للاقتصاد ولمستوى معيشة السكان، أو التوقف عن هذه السياسة وعدم الوفاء بالتزاماتها ومواجهة نتائج سياسية واجتماعية خطيرة تهدد مستقبلها. وأزمة كهذه تجعلها أكثر اعتماداً على المساعدات الخارجية وبالتالي أكثر ارتهاناً للخارج.
تحديات الحوكمة الداخلية
على نحو غير مسبوق يستشري الفساد والمحسوبية في أجهزة الدولة التي يفتقر العمل فيها إلى الشفافية والمسائلة، ومع أن هذه المعضلة ليست جديدة إلا أنها أصبحت أكثر تفاقماً. علاوة على ذلك هناك فشل حكومي في تقديم الخدمات الأساسية. وسيكون على الحكومة الجديدة التغلب على هذه المعضلة الإدارية والأخلاقية، واتخاذ إجراءات سريعة وفعالة باتجاه حوكمة العمل والأنشطة الحكومية وتعزيز الشفافية والمساءلة فيها وتخليصها من الفساد. وأكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي أن تعزيز ثقة المواطنين والمجتمع الإقليمي والدولي بالمؤسسات العامة يجب أن تكون على رأس مهام الحكومة.
التحديات الاقتصادية
تبرز الأزمة الاقتصادية المتجذرة باعتبارها المعضلة الرئيسية التي تواجه الحكومة وترتبط بها أغلب التحديات الأخرى، فمؤشرات [1] الاقتصاد الكلي تقول إن البلاد تقف على حافة انهيار اقتصادي، فهناك حالة انكماش وتباطؤ اقتصادي حاد، وشهد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال الفترة 2014 - 2020 انكماشا تراكمياً بنحو 50%، وتراجع معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي من 7.7% عام 2010 إلى 0.5% في أبريل 2021. وارتفع التضخم من 8% عام 2014 إلى 30.6% عام 2021، وبلغ معدل البطالة 13.90 % عام 2021. وانهارت العملة الوطنية، إذ تراجعت قيمة الريال اليمني إلى مستوى غير مسبوق، وانعكس التضخم وتراجع قيمة العملة في ارتفاع حاد للأسعار. وبلغت نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي حوالي 81.7% عام 2020، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الإنفاق العام إلى أدنى مستوى، وتجدر الإشارة الى أن الإنفاق الاستثماري متوقف تقريباً منذ أكثر من عشر سنوات، وهو ما انتهى بدوره بأضرار إضافية للنشاط الاقتصادي. وتفاقمت هذه الأزمة مؤخراً بانخفاض حاد في إيرادات الدولة منذ توقف صادرات النفط نهاية عام 2022.
مهمة رئيسية أمام الحكومة هي وقف تدهور الاقتصاد المترنح وإعادته إلى حالة التوازن، ومهمة كهذه تتطلب استجابة متعددة الأوجه وتبني مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات تشمل إعادة هيكلة البنك المركزي واستعادة وظائفه وقدرته على الرقابة والتحكم بالسيولة المالية في السوق، وإجراء إصلاحات السياسات والنظم المالية القائمة، واعتماد سياسات شفافة وفعّالة لمكافحة الفساد وتعزيز مبادئ الفعالية والكفاءة، كشرط ضروري لاستقرار العملة والحد من التضخم، ولاستعادة ثقة ودعم المانحين الدوليين والشركاء الإقليميين. ويبقى الدعم المالي الخارجي، سواء كان عبر المنح أو المساعدات المشروطة والقروض طويلة الأجل الخيار الأمثل والأسرع لوقف التدهور واستعادة التوازن وإنعاش الاقتصاد، أما على المدى المتوسط فيمكن الحكومة استكشاف خيارات لتنشيط الاقتصاد مثل إدراء إصلاحات ضريبية وتشريعية تهدف إلى تحفيز الاستثمار والتجارة، وتقديم حوافز للمستثمرين المحليين والأجانب.
- التحديات الأمنية
هذه التحديات كثيرة ومتعددة الأوجه، وتشمل استمرارية النزاع المسلح وتواتر الأزمات الأمنية والنزاعات المسلحة والتمردات العنيفة. وبالإضافة إلى انتشار الجماعات المسلحة غير النظامية، بما في ذلك التنظيمات الإرهابية، هناك الانقسامات الداخلية في الجيش والأجهزة الأمنية، وشح الموارد المتاحة لها. واقع كهذا لا يحد فقط من قدرة الحكومة على فرض سلطتها وتوفير الخدمات الأساسية، ولكنه يضر بفرص حصولها على الثقة السياسية والشعبية ويضعف شرعيتها، ويؤثر كذلك على الوضع الإنساني بشكل مباشر من خلال تعقيد جهود الإغاثة وإمدادات الغذاء والمساعدات الطبية. ويمتد تأثير هذا الوضع الأمني ليشكّل عبئاً على علاقات اليمن بالعالم. ستقتضي مواجهة التحديات الأمنية إجراء إصلاحات شاملة في القطاع الأمني، والاستثمار في بناء القدرات الأمنية، وقد تحتاج إلى إعادة تقييم انتشار ونفوذ قوات الأمن، والاستعانة بالقوات المسلحة. إن والتنسيق المستمر مع الشركاء الإقليميين والدوليين، وتوسيع نطاق التعاون معهم في التدريب وبناء المؤسسات الأمنية ومكافحة التطرف وتأمين الحدود مسألة في غاية الأهمية أيضاً.
الوضع الإنساني الحرج
يعيش اليمن أزمة إنسانية [2] تصنفها الأمم المتحدة الأكبر على مستوى العالم، فقد زادت مساحة الفقر الذي يعاني منه اليوم ما بين 71% و 78% من السكان، وتعد أزمة الغذاء في اليمن الأولى من بين أسوأ عشر أزمات عالمية، إذ وصل معدل الجوع إلى مستوى لم يسبق له مثيل، فهناك 15.9 مليون شخص ينامون جوعى، ونحو 19 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي، و20.7مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية في 2022، و14 مليون شخص بحاجة ملحة إلى المساعدات، ومازالت أزمة الغذاء في طريقها للتفاقم. وبطبيعة الحال تبقى الفئات الضعيفة والأكثر هشاشة هي الأكثر تأثراً، والنساء والأطفال هم الأكثر عرضة لسوء التغذية، ويعاني3.5 مليون امرأة وطفل دون الخامسة من سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى العلاج من سوء التغذية المعتدل أو الحاد. إن التصدي لهذه الأزمة ليس مجرد مسألة تتعلق بواجبات الحكومة وطريقة لتعزيز أو اكتساب شرعيتها بل أيضاً ضرورة أخلاقية.
الخيارات والفرص
والسؤال الآن: إلى أي حد يمكن لحكومة ابن مبارك أن تنجح في التغلب على هذه التحديات؟ أبدى ابن مبارك حماساً ونشاطاً لافتاً بمجرد استلامه مهامه، وبدا مدركاً للتحديات التي تقف أمام حكومته وعليه التعامل معها. وأكد إنه يعطي الأولوية لتحريك ملف مكافحة الفساد وتفعيل مؤسسات الدولة، وتعزيز المساءلة والشفافية وإصلاح قطاع الإيرادات العامة. وبدأ نوعاً من سياسة التقشف كما في وزارة الخارجية. لكن، من غير المرجح أن يكون بمقدوره التغلب على هذه التحديات، فهي تحديات عميقة أو هيكلية وليست من الصنف الطارئ، ولا حلول فورية لها، وتتطلب استراتيجية شاملة وطويلة الأمد. وهي من جهة أخرى نتاج وضع سياسي يتجاوز قدرة أي حكومة على التأثير فيه، والتغلب عليها ومواجهة أغلبها متوقف على معالجة مسببات النزاع. أما من جهة أخرى، فأكثر ما تحتاجه الحكومة اليوم حتى تمضي قدماً وتحقق نجاحاً في هذا الصدد هو المال ودعم القوى السياسية المكونة للشرعية والحلفاء الإقليميين، وهما أمران لا مؤشر حتى الآن على أنها قادرة على تأمينهما.
وفيما يخص الدعم السياسي، يعترف ابن مبارك أن دعم المجلس الرئاسي والقوي اليمنية مسألة حاسمة بالنسبة لحكومته، ومع أن رئيس المجلس قد أكد التزامه وأعضاء المجلس بدعم الحكومة وتمكينها من ممارسة كامل صلاحياتها، إلا أن ما من شيء موثوق، إذ ستظل تقلبات مزاج الشركاء في المجلس الانتقالي الجنوبي مشكلة محددة في هذا السياق. وتعيين رئيس حكومة جديد لا يعكس توافقاً داخل المجلس بالضرورة ولا تبدلاً في مواقف مكوناته أو مؤشراً على تجاوز خلافاتها، وليس أكثر من تغيير شخص بآخر في تسوية اقتضتها الخلافات داخل المجلس الرئاسي نفسه، فقد كان هناك مطالبات وضغوط لتغيير رئيس الحكومة السابق، وهذا ما يتأكد من خلال عدم تغيير أعضاء الحكومة التي مازالت هذه تعمل بطاقمها السابق، وسبق ولمح رئيس مجلس القيادة إلى هذه المسألة مع بداية الحكومة ممارسة عملها بتأكيده على مسألة وحدة الصف، وحماية التوافق الوطني.
لا يختلف الحال كثيراً بشأن تأمين الأموال الكافية والضرورية، فمن جهة يصعب توقع النجاح في إصلاح قطاع الإيرادات على نحو سريع وبما يلبي احتياجاتها العاجلة. ولا يمكنها القيام بشيء مهم تجاه الضغوط الاقتصادية التي يمارسها الحوثيون من خلال تبني سياسات وإجراءات مالية وبنكية مختلفة، ومنع تصدير النفط ودخول الغاز المنتج في مناطق الحكومة إلى مناطقهم، والضغط على المستوردين لاستخدام موانئهم بدلاً من الموانئ في مناطق الحكومة. أما الحصول على التمويل من السعودية فالتجربة أثبتت أنها غير كافية، وأن الرياض غير متحمسة أو مستعدة لتقديم الكثير، فقد انتظرت مثلاً حوالي 11 شهراً بعد توقف تصدير النفط لتمد يسد المساعدة للحكومة، ولن تكون سعيدة بضخ المزيد من المساعدات.
ومقابل التحديات الكبيرة والمعقدة لا تمتلك الحكومة الجديدة فرصاً كثيرة، لكنها لا تعدم بعض الفرص التي قد تضعها في موقف أفضل مما هي عليه الآن وفي وضع أكثر راحة من الحكومة السابقة، غير أن هذه الفرص مازالت برسم الاحتمال، وتتعلق بالتغيير المتوقع في الديناميكيات الإقليمية والدولية الخاصة بالتعامل مع الملف اليمني نتيجة تصعيد الحوثيين في البحر الأحمر، إذ من المتوقع أن يدفع هذا التطور القوى الدولية والإقليمية إلى إعادة النظر في مواقفها ورؤيتها للصراع في اليمن وتجاه أطرافه، وبدلاً من الموقف المتفائل والمتساهل أو حسن النية الذي بدا خلال السنوات الماضية وكأنه يتعامل بأريحية مع الحوثيين ومستعداً للقبول بهم قوة رئيسية في البلاد والتعامل معهم على هذا الأساس، وهو استعداد يحمل معه اعترافاً ضمنياً مسبقاً بفرض سيطرتهم على كامل البلاد، سيصبح المجتمع الدولي والإقليمي أكثر توجساً منهم وأكثر تقديراً أو إدراكاً للخطر الذي يمثلونه، خصوصاً حال اكملوا سيطرتهم على البلاد. تحول كهذا يصب في مصلحة الحكومة أو السلطة الشرعية التي تتمتع باعتراف دولي وبعلاقات معقلنة مع العالم والإقليم، فهذه لن تكسب تعاطفاً أكبر فقط ولكن باعتبارها القوة الرئيسية في مواجهة الحوثيين ستكون الخيار الأفضل والجهة المستحقة للدعم في سياق البحث عن موازن لقوة الحوثيين، وسيؤول ذلك إلى جعل موقفها أقوى.
أما الفرصة الثانية فتتمثل في إمكانية تقدم مباحثات السلام بين السعودية والحوثيين، تقدم كهذا سيفتح الباب أمام حلحلة قضايا مهمة وبالذات في الشأن الاقتصادي، إذ سيسمح باستئناف تصدير النفط، وهذه قضية مهمة في سياق تأمين الموارد الضرورية. صحيح أن المباحثات اليوم معلقة أو تبدو كذلك، إلا أن ما يصدر عن طرفيها يؤكد على حرصهما على المضي إلى الأمام. لكن من غير المرجح تحقيق أي تقدم قبل أن توقف التصعيد في البحر الأحمر.
وعلى أساس كل ما سبق، فالتغلب على هذه التحديات ليس هو القضية الآن وإنما التخفيف من حدتها والالتفاف عليها بالقدر الذي يسمح لعجلة الحكومة بالدوران. وسيتعمد تحقيق هذه لأي أنجاز في هذا الاتجاه على توافر الحد الأدنى من الدعم المحلي والإقليمي والدولي، وهذا يعتمد بدوره على قدرتها على التنقل عبر شبكة العلاقات السياسية المعقدة ومجموعات المصالح المتنوعة، وعلى الحركة والنشاط والإقناع، وهذا يشترط درجة عالية من الحكمة الإرادة السياسية والديناميكية والقدرة على المبادرة فضلا عن الخبرة والذكاء السياسي. وبكلمات أخرى يتوقف الكثير على دبلوماسية نشطة ومحترفة، لكن هناك مشكلة في الحكومات اليمنية وهي أنها تتشكل عادة من غير الكفاءات ويتم اختيار أعضائها وفقاً لاعتبارات المحاصصة والعلاقات الشخصية وما إلى ذلك، هذا الحاصل في حكومات الشرعية طوال سنوات الحرب، فكلها تقريباً افتقرت إلى وجود شخصيات من الصنف الذي يتمتع بخبرة عميقة في إدارة الدولة والشأن العام ومعرفة مختبرة بالعمل الدبلوماسي والعلاقات الدولية وتفاعلاتها. وقد يتمتع رئيس الحكومة بخبرة في الشأن السياسي راكمها منذ اقتحامه العمل السياسي قبل أكثر من عقد، وأثناء عمله كوزير للخارجية. وقد يتمتع بعلاقات سياسية جيدة ودعماً خارجيا، تقول بعض التقارير إنه مقرب من السعودية، علق السفير الأمريكي لدى اليمن "ستيفن فاجن"، ورحب بتعيين ابن مبارك بلغة تتجاوز مقتضيات الكياسة الدبلوماسية إلى الإيحاء بوجود علاقة جيدة معه وبإعجاب بشخصيته، فقد " إن واشنطن تقدر الشراكة الوثيقة لرئيس الحكومة الجديد مع الولايات المتحدة خلال فترة عمله سفيرا في واشنطن ووزيرا للخارجية."إلا أن الأمر مختلف بشأن خبرته في إدارة الشأن العام وفي المسائل الاقتصادية والمالية والأمنية.
[1] انظر: البنك الدولي. https://is.gd/1sb4Xx؛ البنك الدولي: اليمن، الآفاق الاقتصادية، أبريل 2022.
https://is.gd/B4kzc8 ؛ البنك الدولي. الجمهورية اليمنية. https://is.gd/WK0Z0l ؛ وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، وضع اليمن في التقارير والمؤشرات الدولية. https://is.gd/iP9dfV ؛ Trading Economics، اليمن - المؤشرات الاقتصادية. https://is.gd/7C0pu4؛ International Monetary Fund, Republic of Yemen. https://is.gd/Uc0s26
[2] Global Network Against Food Crises. Global Report on Food Crises 2020. https://is.gd/EaLKYp
برنامج الأغذية العالمي، حالة الطوارئ في اليمن. https://is.gd/HwOzo7
البنك الدولي. البنك الدولي في اليمن. https://is.gd/ADH5HI
برنامج الأغدية العالمي. اليمن. https://is.gd/slF1rI
مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية. خطة الاستجابة الإنسانية اليمن: دورة التخطيط للبرامج الإنسانية 2023. https://is.gd/l28xLT