2013.. عام مربك واليمن أمام سيناريوهين التحول الديمقراطي أو الفشل والفوضى

تقرير حالة | 22 ديسمبر 2013 00:00
 2013.. عام مربك واليمن أمام سيناريوهين التحول الديمقراطي أو الفشل والفوضى

أكد تقرير حالة 2013 الصادر عن مركز أبعاد للدراسات والبحوث أن العام القادم 2014 عام مفصلي وحاسم في اليمن، ويضعها أمام سيناريوهين فقط ، هما إنجاح الانتقال السلمي للسلطة ، وتحقيق التغيير، والبدء بمرحلة التحول الديمقراطي أو الذهاب للفشل والعودة لمربع الصفر وانزلاق اليمن للفوضى.وقال التقرير أن اليمن عاشت هذا العام أوضاعا سياسية وأمنية واقتصادية ذات ارتباط وثيق بالمشهد السياسي والأمني والاقتصادي المتدهور منذ ما قبل ثورة 2011م التي أطاحت بنظام الرئيس علي عبد الله صالح .

ووصف عام 2013 بأنه عام مربك للمتابعين لأوضاع اليمن بسبب نوعية الأحداث التي خلطت الأوراق والتعتيم الذي رافق المشهد من قبل الدولة والفاعلين في المشهد العام.

وأكد تقرير أبعاد أن المبادرة الخليجية هدفت " لوضع مخرج سياسي لليمن بعد ثورة 2011م من خلال انتقال سلمي وآمن يعمل على استقرار سياسي يؤدي إلى ايقاف التدهور الأمني والاقتصادي خلال المرحلة الانتقالية التي لا زالت اليمن تمر بها حاليا".

تغيير جزئي:

حول أهم الانجازات للمبادرة الخليجية ، قال تقرير أبعاد " كثير من نتائج المبادرة الخليجية سياسيا وأمنيا واقتصاديا، تحققت بشكل جزئي أهمها انتخاب رئيس توافقي لإدارة المرحلة الانتقالية، وتشكيل حكومة وفاق وطني من الأحزاب السياسية في الحكم والمعارضة، وعقد مؤتمر للحوار الوطني لضم مختلف التيارات السياسية وغير السياسية الفاعلة والمؤثرة في البلاد للوصول إلى حلول توافقية حول القضايا الكبرى أهمها قضية صعدة والقضية الجنوبية ونظام الحكم والدستور إلى جانب القضايا المتعلقة بمطالب شباب ثورة 2011م مثل العدالة الانتقالية ومدنية الدولة".

وأضاف" كان من أهم ما حققه الرئيس هادي وحكومة الوفاق وان كان بشكل جزئي، توحيد الجيش وإعادة هيكلته، وهذا أدى إلى نجاح الجيش بالتعاون مع القبائل في استرجاع أبين من تنظيم القاعدة، وإيقاف المواجهات وإزالة المتارس واقالة قيادات عسكرية وأمنية من مناصبها متهمة بانتهاكات حقوقية ضد المتظاهرين السلميين، وحركة تغييرات لشخصيات سياسية وعسكرية لإعادة بعض التوازن إلى جهاز الدولة المدني والعسكري، وايقاف جزئي للتدهور الأمني والاقتصادي ، وأدى ذلك إلى ثبات سعر العملة المحلية ، وعودة خدمات الدولة الأساسية وان كان بشكل بطيء، وعودة نوافذ التعاون الدولي مع المانحين ".

وأكد التقرير ان اعلان الرئيس لسقطرى محافظة وذهابه لتنويع التحالفات الدولية الاقتصادية والسياسية والعسكرية، خطوة جيدة في مسار استعادة سيادة البلد وصياغة السياسة الخارجية من خلال المصالح وليس من خلال التبعية.

ملامح الفشل:

وفي الاتجاه الآخر تطرق التقرير لملامح القصور والفشل الذي شاب الوضع السياسي والأمني والاقتصادي خلال فترة حكم الرئيس هادي وحكومة الوفاق الوطني، ووصف الأداء بأنه متردي خاصة ما يتعلق بقضايا الشباب وثورة 2011م وقال " لم تتمكن الحكومة والرئيس من إيجاد حلول عاجلة ومرضية لعلاج الجرحى وتعويض أسر الشهداء واطلاق سراح المعتقلين ومعرفة مكان المختفين قسريا وإعادة المفصولين من المنضمين للثورة وفتح تحقيق كامل عن أحداث القتل ضد المتظاهرين السلميين وتحديد المتهمين الجنائيين والسياسيين وراء تلك الحوادث وتقديمهم للعدالة بالتوازي مع الشروع في تحقيق المصالحة والعدالة الانتقالية ".

وبرغم إشارة التقرير إلى حالة الحرب المفتوحة بين الرئيس هادي والداعمين للتغيير من جهة والنظام السابق وجماعات العنف المتجهة لإسقاط الدولة من جهة أخرى، إلا أنه اعتبر أن ملامح القصور تجلت أيضا في " عدم اشراك الشباب في صناعة القرار السياسي خلال المرحلة الانتقالية، وأن التغييرات التي شهدتها بعض المرافق الحكومية لا ترقى إلى مستوى اطلاق مسمى التغيير على ما حدث لها، كما لم يحصل أي تغيير في بعض أهم مؤسسات الحكومة مثل الخارجية الذي انعكس على أدائها ، فكان هناك استمرار لتدفق اللاجئين الأفارقة، وزيادة في التدخل الخارجي في اليمن بالتوازي مع زيادة نشوء جماعات محلية وارتباطها بمطامع اقليمية ودولية، وتحول اليمن إلى ساحة صراع مخابراتي وتنافس دولي".

وأشار التقرير إلى " ارتفاع معدل حوادث الاغتيالات لشخصيات عسكرية ومدنية، وزيادة حوادث اختطاف الأجانب كرهائن لتمويل نشاطات لشخصيات أو جماعات محلية، وزيادة واستمرار تدفق شحنات الأسلحة من الساحل، وعدم إظهار أي بوادر لتفكيك الجماعات المسلحة، وعدم القيام باي اجراءات لمنع تحالف قيادات النظام السابق مع جماعات العنف في إحداث مشاكل أمنية وقطع خطوط الطاقة والنفط واستهداف المعسكرات وتوزيع السلاح والتمدد باتجاه المدن الرئيسية".

وجاء في التقرير " بقدر ما كان هناك تخلي للجوار الخليجي عن مسئوليتهم الاقتصادية لإنجاح المبادرة، إلا أن هناك فشل في اقناعهم القيام بدور ايجابي من خلال ايقاف تمويل ودعم جماعات وجهات تستخدمه لعرقلة الحوار، وايقاف اجراءات قانونية أدت إلى طرد آلاف العمال اليمنيين خلال مرحلة صعبة تمر بها اليمن".

وانتقد التقرير ما سماه غياب الشفافية وانتشار الفساد القادم من بوابة المحاصصة في الحكومة، والفساد في اختيار أعضاء مؤتمر الحوار الوطني بحجة المستقلين.

وقال تقرير الحالة 2013 الصادر عن مركز أبعاد " سيؤدى الفشل في تحقيق مطالب الشعب اليمني وبالذات الشباب ، إلى اعطاء مبررات لجهات اقليمية وجماعات محلية لزيادة الاستقطاب في أوساط اليمنيين لتحقيق التوسع والسيطرة، كما أن بقاء الوضع الحالي بدون تغييرات ملموسة سيجعل اليمن معرضة لردات الاهتزازات الخارجية ".

رؤية للمستقبل:

وحول المعالجات وضع تقرير أبعاد رؤية للمستقبل، وأكد " إن نجاح التحول السياسي والديمقراطي، ليس مرهونا بنتائج مؤتمر الحوار الوطني فحسب، بل بعوامل محلية واقليمية ودولية ، بعض تلك العوامل تستفيد من استمرار حالة التوافق داخل مؤتمر الحوار الوطني وبعضها سيظل بوابة للمزايدات المحلية والدولية لتحقيق مصالح غير وطنية".

وأضاف التقرير " من اهم مؤشرات نجاح المرحلة القادمة قبول الجماعات غير الحزبية المتواجدة داخل وخارج الحوار الوطني بالاندماج السياسي وتأسيس أحزاب لها والتخلي عن السلاح اذا كانت جهة مسلحة، ووصول مكونات الحوار الوطني الى رؤية توافقية في القضايا الكبرى بدون التصادم مع هوية ونسيج المجتمع اليمني، وتفعيل العدالة الانتقالية وجبر الضرر واطلاق المعتقلين والمخفيين قسرا وعلاج الجرحى وتعويض اسر الشهداء ، وإتاحة الفرص للشباب للمشاركة في صناعة القرار السياسي، وتحقيق تقدم يلمسه المواطن في حل مشاكل اقتصادية وأمنية طارئة، وتفعيل موارد دخل جديدة تضعف من الاعتماد على الخارج بالتوازي مع اضعاف أي تدخل خارجي يهدد أمن واستقلال وسيادة اليمن، ومراجعة السياسة الخارجية واجراء تغييرات تضمن سياسة تحافظ على المصلحة بدون الاخلال بمباديء الجمهورية اليمنية وسيادتها، ووضع الدول الراعية للمبادرة الخليجية أمام مسئولياتها الانسانية والاخلاقية لإنجاح المبادرة من خلال الدعم السياسي والاقتصادي للنظام الجديد، وايقاف تدفق الأموال لجهات معرقلة للحوار، ومراجعة الاجراءات القانونية التي ادت الى طرد العمالة اليمنية أو التمييز المنتهك لحقوق المواطن اليمني في الخارج، واشراك الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في اتخاذ اجراءات عقابية ضد الدول التي تنتهك سيادة اليمن وتدعم جماعات تعرقل التحول الديمقراطي او تدعم مشاريع تجزيئ اليمن، وتفكيك جماعات العنف المسلحة من خلال التعامل بوسائل تتناسب مع كل جماعة على حدة وبوسائل ليست امنية فقط بل تنموية وسياسية أيضا، والتعاون مع المؤسسات الدولية في وضع حلول تخفف من مشاكل تدفق السلاح واللاجئين إلى اليمن من خلال خطة مدعومة لوجستيا تمكن الدولة من السيطرة على الساحل والمنافذ البرية والبحرية، وتعزيز الحقوق والحريات، وتقديم نهج اعلامي جديد يتميز بالشفافية لاطلاع الشعب عن كثير من الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية ، وتفعيل آليات متطورة لمساعدة الشرطة والقضاء في مكافحة الجريمة وتحقيق العدالة، وتأسيس دستور وقوانين نافذة تعزز الديمقراطية وتشجع التنوع السياسي والفكري وتحقق العدالة الاجتماعية وتضمن مدنية الدولة، والذهاب لاستفتاء وانتخابات ديمقراطية تراعي مرحلة الانتقال السياسي وما تحتاجه من شراكات لإنجاحها".

إرهاصات التغيير:

وفيما أكد تقرير أبعاد على أن مصير اليمن مربوط بمدى تحقيق أهداف المبادرة الخليجية، قال أن المشهد اليمني بعد 2011م ساده حالة من شبه الاستقرار بعد انتخاب الرئيس عبد ربه منصور هادي مطلع 2012، وتشكيل حكومة وفاق، نصفها من الحزب الحاكم، ونصفها من المعارضة السياسية.

التقرير أشار أيضا إلى التركة الثقيلة التي ورثها هادي من النظام السابق أهمها جماعات العنف المسلحة مثل تنظيم القاعدة والحراك الجنوبي المسلح والحوثيين وتيار قال أن له سمات قبلية عسكرية فقدت مصالح كان يقدمها النظام السابق لها مقابل خدمات معينة.

ومن خلال عقد مقارنة استعرض تقرير حالة 2013 بعض محطات الفشل أثناء حكم صالح والتي أدت في مجملها إلى ظهور حركات تمرد كالحوثيين في شمال البلاد عام 2004، والحراك الانفصالي في جنوب اليمن عام 2007، وقال" بين المشهدين كان هناك مشهد ثالث يتفاعل مع الضعف المستمر والتدهور التدريجي للدولة، ففي 2009م تحولت اليمن إلى مصدر قلق اقليمي ودولي بعد اعلان تنظيم القاعدة في السعودية بالاندماج مع فرع اليمن لتشكيل تنظيم اقليمي تحت مسمى ( تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية)".

وجاء في التقرير" مع مثل تلك التطورات كان المشهد الاقتصادي وقتها جعل من الخبراء يحذرون من أن اليمن على وشك التحول إلى دولة فاشلة، ورافقه مشهد سياسي سيئ، بدأ في التدهور كثيرا عقب انتخابات 2006 الرئاسية التي أظهر فيها الرئيس السابق اصرارا على الانفراد بالسلطة ، ودخلت اليمن في مأزق سياسي بعد قطيعة تامة بين أحزاب اللقاء المشترك المعارض والمؤتمر الشعبي الحاكم وقتها ، ووصلت إلى أوجها مع توجه النظام السابق المضي منفردا في اجراء انتخابات برلمانية بدون تعديل سجل القيد وبدون وضع ضمانات لنزاهة العملية عامي 2009 و2010 ، حتى خرج الشباب إلى الساحات عام 2011م في إطار ثورات الربيع العربي السلمي التي أسقطت أنظمة في تونس ومصر وليبيا واليمن، والتي زاد من قوتها سقوط ضحايا في تظاهراتهم السلمية".

لفت التقرير إلى غياب الأداء السياسي في 2011م، مع مرافقته وضعا اقتصاديا متدهورا ، حيث أدى إلى غياب تام للخدمات الأساسية لليمنيين، حتى وصل بالمنظمات الدولية للتحذير من حالة جوع يمر بها اليمن إلى جانب غياب الكهرباء والبنزين مع ارتفاع أسعار السلع الضرورية ، ووصول الدولة إلى حالة عجز عن تسليم مرتبات الموظفين وإدارة مؤسسات الدولة.

واختتم التقرير بالإشارة إلى أن الأعوام الماضية لم تكن أفضل حالا من العام الحالي، ما جعل الذهاب للتغيير أشبه بعملية جراحية مؤلمة يجب أن تتمخض عنها بناء دولة ظلت غائبة طوال حكم النظام السابق .

نشر :