الحرب المفتوحة في جنوب اليمن

تقييم حالة | 10 أغسطس 2019 00:00
 الحرب المفتوحة في جنوب اليمن

English

PDF

مقدمة

    تضمنت وثيقة لمخرجات الحوار الوطني 2013 رؤية جديدة لليمن بحيث تكون هناك دولة مكونة من عِدة أقاليم، احتوت الوثيقة جميع المظالم لعقدين سابقين، وكانت القضية الجنوبية تمرَّ بأفضل مراحل الإجماع الشعبي على ضرورة معالجتها، وعلى أساس ذلك تم وضعها كمحور رئيس في مؤتمر الحوار الذي استمر تسعة أشهر والذي جاء كنتيجة للمبادرة الخليجية المنظمة للعملية الانتقالية بعد رحيل الرئيس السابق علي عبد الله صالح عن السلطة.

كانت اليمن دولتان قبل عام 1990، عندما قرر النظامين إعادة الوحدة التاريخية للبلاد، ضمن وحدة اندماجية، كان البلدان بحاجة إلى إنجاز هذه الخطة العالقة منذ تحرير جنوب اليمن من الاحتلال البريطاني، وتخلص شمال اليمن من الحكم الإمامي الكهنوتي. لكن سرعان ما انفجرت حرب 1994 التي أوقفت إعادة تشطير البلاد من جديد. واُتهم نظام حكم "علي عبدالله صالح" بالظلم وإقصاء أبناء المحافظات الجنوبية من الوظائف العسكرية والأمنية. كانت المظالم تضم كل أبناء اليمن. وبعد "ثورة 2011" تحالف علي عبدالله صالح مع خصومه القدامى في شمال اليمن "جماعة الحوثي المسلحة" التي انقلبت على السلطة والدولة في 2014م.

في 2015م تدخل تحالف عربي بقيادة السعودية لمواجهة الحوثيين ودعماً للحكومة المعترف بها دولياً (الحكومة الشرعية) كانت الإمارات ضمن هذا التحالف، جرى تحرير معظم المناطق الجنوبية من الحوثيين وأنشأت أبوظبي ميليشيات محلية تصل إلى 90 ألف مقاتل. إضافة إلى هيئات متعددة. وبدلاً من دعم الحكومة الشرعية تحوّل نفوذ الإمارات في المحافظات الجنوبية إلى صِدام.

في 2017م أعلن اثنان من المسؤولين الذين أقالهم عبدربه منصور هادي (الرئيس الانتقالي) تأسيس ما سُمي ب"المجلس الانتقالي الجنوبي" (STC) بدعم من الإمارات ويمثل الواجهة السياسية الجديدة المنافسة للحكومة الشرعية. 

تبحث هذه الورقة أوضاع جنوب اليمن، وخاصة في عدن، بعد المواجهات التي شهدتها بين القوات الحكومية والقوات المناوئة لها فيما يبدو استعداداً لحرب داخلية طويلة. كما تقرأ تأثير سحب الإمارات لمعظم قواتها على الأوضاع في الجنوب.


الأطراف الفاعلة في جنوب اليمن

بعد 2011م ظهرت عدد من المفاعيل السياسية المحلية في اليمن، من بينها الداعمون للانفصال، والمطالبون ببقاء الوحدة، وبعد 2014 ظهر المشروع الذي يشير إلى "أقاليم" أو الدولة الاتحادية. بعد تدخل التحالف العربي في اليمن (2015) قامت السعودية والإمارات بعمليات تسليح وتجنيد واسعة في المحافظات الجنوبية من أجل مواجهة الحوثيين الذي كانوا يسيطرون على معظم مدينة عدن (عاصمة البلاد المؤقتة). قاتل الجميع ضد الحوثيين وجرى إخراجهم، ووصلت القوات إلى الحدود "الشطرية" مع الشمال وتوقفت هناك دون تحرك. عدا تحرك بسيط في الساحل الغربي.

 الأول: الحراك الجنوبي: 

يعتبر أبرز وأقدم المطالبين بعودة دولة ما قبل 1990م -ولا يزال- لكنه يرفض التدخلات الإماراتية والسعودية في الجنوب، وسبق أن اعتبر حسن باعوم (زعيم الحراك) الوجود الإماراتي في جنوب اليمن احتلالاً[1]. وتخرج مظاهرات مستمرة في عدن وباقي المحافظات تشير إلى توجهه بالنضال السلمي حتى نيّل الاستقلال.

الثاني: المجلس الانتقالي الجنوبي:

مدعوم من دولة الإمارات، أًعلن عنه في مايو/أيار 2017) ويضم قيادات سابقة في حكومة هادي تم عزلها، وينضوي تحته ميليشيات شبه عسكرية أسستها الإمارات وتصل عددها إلى 90 ألفاً، أبرزها الحزام الأمني في عدن. ويقوم هذا المجلس بدور موازي للسلطة/الحكومة الشرعية في اليمن. ولا تعترف الحكومة الشرعية ب"المجلس الانتقالي" وتقول إنه "يستهدف مصالح البلاد ومستقبلها ونسيجها الاجتماعي".

ويملك المجلس برلماناً خاصاً تم تعيين أعضاءه ويسمى ب"الجمعية العمومية". يرأس هذا المجلس عيدروس الزُبيدي (Aidarus al-Zoubaidi)[2]، الذي ينتمي لمحافظة الضالع، وخلال فترة وجوده في منصب حاكم عدن (2015-2017)، واجه "الزُبيدي" اتهامات بالفساد وسوء إدارة الخدمات، وظلت أوضاع المدينة سيئة للغاية وعانت من اغتيالات مستمرة[3].

أقام المجلس الانتقالي الجنوبي، مجالس محلية في المحافظات الثمان ومكاتب مراسلة، وعقدت الجمعية الوطنية التابعة للمجلس عدة اجتماعات، كما عقدت المجالس المحلية اجتماعات مماثلة.  وقام الزُبيدي بجولة في المحافظات الجنوبية وظهر قادة بارزون متعلقون بالتحشيد العسكري والأمني مثل "أبو اليمامة" الذي يقود مجموعات مسلحة عديدة ضمن الحزام الأمني، وكثيراً ما توعد قادة هذا المجلس بمهاجمة الجنود وطرد العائلات الشمالية وتمت حملات من التهجير القسري بين 2016-2018، وطالبوا مراراً بإسقاط الحكومة وأعلنوا عن كون المجلس سلطة موازية لسلطة الحكومة في جميع المحافظات[4]. وفي أغسطس/آب 2018 قُتل جندي يمني أثناء حفل تخرج في عدن بسبب رفعه للعلم الوطني اليمني، برصاص المقاتلين التابعين للقيادي العسكري منير اليافعي (أبواليمامة)[5]، وأمر "هادي" باعتقال أبو اليمامة وقيادي أخر في الحزام الأمني لكن لم يتم تنفيذ القرار، أو أن الرئيس اليمني لا يملك سلطة لتنفيذه.

الثالث: جنوبيو الخارج: 

وهم القيادات الموجودة خارج البلاد التي فرت بعد حرب 1994م، ومن ضمن القيادات على سالم البيض، وعلي ناصر محمد، وقيادات أخرى تتوزع مناطق إقامتها بين القاهرة وأبوظبي، ولندن. وبعد 2015 مع ظهور القيادات الشابة المطالبة بالانفصال، تلاشى تأثير الكهول لكنهم يحضون بقبول دولي.

 رابعاً: الموافقون على رؤية الأقاليم:

هذا التيَّار يضم الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وهو جنوبي، ورئيس الحكومة السابق أحمد عبيد بن دغر (جنوبي)، وقادة جنوبيون ينتمون لحزب الإصلاح الذي كان ذو نفوذ واسع قبل الحرب في الجنوب وتعرض لهجمات وتصفية منذ بدء الحرب على يد حلفاءه الانفصاليين، إلى جانب بقية الأحزاب الأخرى، عدا الحزب الاشتراكي اليمني الذي يقف في المنتصف بين المجلس الانتقالي والحكومة ويبدو أكثر قرباً من "الانتقالي الجنوبي"؛ وتنامى هذا التيَّار بفعل الأخطاء التي ارتكبها الحزام الأمني في عدن و"الميليشيات شبه العسكرية" التي تشبهه في باقي المحافظات اليمنية الجنوبية. لكنهم لا يمتلكون القوة الكافية لردع المجلس الانتقالي والميليشيات شبه العسكرية التابعة للإمارات، وتحظى الرؤية وتيار الرئيس هادي على دعم ضعيف من المملكة العربية السعودية لكن هذا الدعم لا يظهر بشكل كبير بقدر ما يكون صمتاً نادراً ما يتحول إلى فعل ضد الميليشيات الموالية للإمارات .

 

القوات والتنظيمات المسلحة

مثلّت الحالة الانتقالية والحرب ضد جماعة الحوثي المسلحة فرصة جيدة لظهور قوى مسلحة تحظى بدعم خارجي، وقدرات تسليحية كبيرة قادرة على التحشيد والقِتال، لكن هذه القوات المسلحة العسكرية وشبه العسكرية "الميليشياوية"-بتوصيف أدق- أصبحت تملك سلاحاً كبيراً، وأصبح العناصر فيها أكثر خبرة وتدريباً. ما تُمثل مشكلة كبيرة للمحافظات الجنوبية التي تم تحريرها من الحوثيين.

1) الحزام الأمني وملحقاته:

الحزام الأمني تابع للإمارات حيث يتلقى التمويل والتدريب من القيادة الإماراتية، ولا يعرف على وجه التجديد عدد قواته لكن تقديرات تشير إلى وجود أكثر من 30 ألف مقاتل في عدن وحدها.

توجد قوات تابعة للإمارات مناظرة للحزام الأمني بنفس التسمية في "الضالع ولحج وأبين" وبمسميات أخرى مثل النخبة في "شبوة وحضرموت".

توجد عدة شخصيات مرتبطة بالحزام الأمني على النحو الآتي:

وضاح عمر عبدالعزيز(Waddah Omar Abdulaziz): قائد الحزام الأمني وهو شخصية نادراً ما تظهر لكن المعلومات تشير إلى كونه نجل أكاديمي يعمل في الإمارات، وكان قد درس الحقوق ثمَّ عَمل في جهاز الأمن القومي في عهد "الرئيس السابق علي عبدالله صالح" وبرز كقائد للحزام الأمني ومسيراً له.

منير محمد علي اليافعي ( Muneer Mohammed Ali Yafei ) المعروف بـ(أبو اليمامة): يعتبر الشخصية الثانية في الحزام الأمني وظل الأكثر حضوراً من الشخصيات المحلية حتى مقتله بقصف حوثي باليستي مطلع أغسطس/آب2019، ولم يصدر تعيين شخصية أخرى في مكانه، وكان مسؤولاً عن تأمين المناطق المحيطة بالقاعدة الإماراتية في "البريقة"، ويعتبر الأكثر قرباً من قياداتها.

هاني بن بريك(Hani Binbrek): هو وزير الدولة السابق، وكان سلفيا متشددا، ويعتبر الرجل الثاني في "المجلس الانتقالي الجنوبي" باعتباره نائب رئيس المجلس الانتقالي، وأحد القادة الأكثر قرباً من القيادات في أبوظبي، وأحد المؤسسين ل"الحزام الأمني" وهو متهم بأنه مسؤول عن تجنيد أعضاء من تنظيم القاعدة ضمن قوات "الحزام"[6].

كما تملك الإمارات قوات أخرى موالية مثل فصيل يسمي نفسه المقاومة الجنوبية، يقودها " عبد الناصر راجح البعوة (أبو همام)" ومعسكر 20 الذي يقوده "إمام النوبي" وهو سلفي متطرف متهم بعمليات اغتيال ناشطين حقوقيين اتهمهم بـ"الإلحاد"[7].

2) قوات "ألوية الحماية الرئاسية":

تأسست في عام2012 بقرار من الرئيس عبدربه منصور هادي. حالياً يملك 8 ألوية عسكرية، عدد الجنود في كل لواء (1200-1500)، وخلال الفترة بين (2018-2019) بعد اشتباكات عدن تم تجنيد الآلاف معظمهم من محافظة أبين مسقط رأس الرئيس ، ويقود ألوية الحماية الرئاسية نجله منصورهادي، وتنتشر في عدة معسكرات إلى جانب قوة الشرطة العسكرية.

ومن القيادات العميد سند عبدالله الرهوة اللواء الأول حماية رئاسية (كريتر)، العميد إبراهيم حيدان السباري، اللواء الثالث حماية رئاسية (خور مكسر)، العميد مهران قباطي، اللواء الرابع حماية رئاسية -دار سعد- اللواء ناصر النوبة، قائد قوات الشرطة العسكرية.

خلال الفترة بين يناير/كانون الثاني 2018 ومنتصف 2019 ضاعفت هذه الألوية من قوتها العسكرية وضاعفت في التجنيّد أيضا[8] وهو الأمر ذاته المتعلق بالقوات الموالية للإمارات. 

3) المنطقة العسكرية الرابعة: قوة تنتشر في 24 موقع عسكري مُهم، ويفترض أن تكون تابعة لهيئة الأركان اليمنية، لكن أكثر من نصف القوة العسكرية أسماءها ضمن قوة الحزام الأمني، ويعتقد أن القيادة موالية للرئيس عبدربه منصور هادي، وتنتشر في عدن ضمن عدة ألوية عسكرية (اللواء 39 مدرع-معسكر بدر)، اللواء 31 مدرع في بير أحمد، وقاعدة التواهي البحرية، اللواء 120 دفاع جوي، إضافة إلى القيادة المركزية. وبقية الألوية العسكرية منتشرة في (أبين، تعز، لحج، الضالع) وهي المسؤولة عن أكبر قاعدة عسكرية في اليمن "قاعدة العند"[9].

 4)المقاومة الجنوبية: تعتبر قوات متعددة الولاءات لكن معظم هؤلاء قاتلوا لإخراج الحوثيين من المحافظات الجنوبية ولم يضمنوا ضمن قوات الجيش أو الأمن. وهي عامل مرجح قوي في العملين السياسي والعسكري في عدن وماحولها من مراكز المحافظات. ومعظم هؤلاء القيادات يرفضون "المجلس الانتقالي الجنوبي".

 5)قوات الأمن ومكافحة الإرهاب: هي قوات تساند قوات الحزام الأمني في عدن، وتتمثل في قوات الأمن العام التي يقودها شلال علي شايع(Shalal Ali (Shaya، إلى جانب قوة مكافحة الإرهاب التي يقودها يسران المقطري(Yousran al – Maqtari). وتنتشر قوات الأمن في معظم عدن، ويبلغ عدد قواتها قرابة 5000 جندي إلى جانب ألف ونيف من قوات مكافحة الإرهاب، وتُتهم قوات (يسران المقطري) بانتهاكات حقوقية تم ممارستها في عدن تشمل (القتل العمد، الاعتقال، والتعذيب، والاغتيالات)[10].

 

عدن على فوهة بركان الانفجار

تصاعدت التوترات في مدينة عدن، عاصمة اليمن المؤقتة بين القوات الحكومية وتلك الموالية للإمارات، واستمر الوضع في التصاعد منذ 2017م مع تأسيس "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي يحاول اكتساب شرعية على أرض الواقع، بإظهار الحكومة الشرعية كعامل متغير ضعيف يسبب حالة عدم الاستقرار.

وكان هذا التصعيد لعدة اسباب :

  • انسحاب الإمارات الجزئي- أو ما تصفه بإعادة انتشار القوات في اليمن- وبالفعل انسحبت القوات الإماراتية من "الساحل الغربي" للبلاد ومن منطقة "صرواح" في مأرب (شرق)، وجبهات أخرى ضد الحوثيين. لكنها في نفس الوقت ضاعفت من دعمها لميليشياتها المسلحة في المحافظات الجنوبية. ودفعت بقرابة 400 عنصر إلى جزيرة سقطرى ضمن قوة شكلتها ودربتها في عدن باسم الحزام الأمني. وأثار ذلك السكان.
  • ارتفاع الأصوات المناهضة للإمارات من داخل الحكومة الشرعية، والمطالبة بإعادة قراءة التحالف العربي وتصحيح مساره، حيث صرح وزير الداخلية أحمد الميسري(Ahmed al-Maisari)، ووزير النقل صالح الجبواني،(Saleh (al-Gabwani ومستشار الرئيس عبدالعزيز جباري(Abdulaziz Jabbari)[11] ضد دور الإمارات في البلاد. وما سيدفع الدولة الخليجية لتثبيت وجودها بالقوة مع تصاعد سوء السمعة محلياً ودولياً.
  • رفضت الأمم المتحدة مراراً إشراك "المجلس الانتقالي الجنوبي" ضمن مشاورات سلام متوقعة، ويريد أن يحصل على حصة في جانب الحكومة ضمن المشاورات ولا تعترف الحكومة الشرعية بوجوده ككيان، لذلك يعتقد بضرورة إثباتها بالقوة وكأمر واقع كما فعل الحوثيون في صنعاء.
  • في 30 تموز/ يوليو 2019، وصل إلى طهران وفد عسكري إماراتي رفيع برئاسة قائد قوات خفر السواحل، العميد علي محمد مصلح الأحبابي، في زيارة التقى خلالها قائد قوات حرس الحدود الإيراني، العميد قاسم رضائي، ووقع معه مذكرة تفاهم لتعزيز أمن الحدود بين البلدين، تضمنت تنظيم دخول الصيادين إلى الحدود المائية. وجرى الحديث إيرانياً عن تغيّر موقف أبوظبي من اليمن ما يجعل السعودية وحيدة في حرب ضد الحوثيين المدعومين من إيران. ويعتقد أن تفاهمات بشأن المحافظات اليمنية الجنوبية -حيث يوجد نفوذ الإمارات- كانت حاضرة من أجل تأمين المنطقة من الهجمات.  

ومع تزايد انفجار الوضع في مدينة عدن فإن ذلك سينعكس بالتأكيد على باقي المحافظات الجنوبية، مثل "شبوة" و"حضرموت" وأبين. لكن المحور الرئيس حيث إدارة المناطق الجنوبية تتمثل في "عدن". ويمكن توزيع الانتشار والشخصيات المؤثرة في القيادة للطرفين في المديريات قبل أحداث أغسطس 2019 على النحو الآتي:

  • خور مكسر: يتواجد فيها مطار عدن الدولي، وشهدت في فبراير/شباط2017 اشتباكات بين قوات الحماية الرئاسية التابعة للرئيس وإدارة حمايته المدعومة من الإمارات بعد أن رفض مدير حمايته في ذلك الوقت " المقدم صالح العميري" قراراً من الرئيس هادي بإقالته، فبعث الرئيس بحملة عسكرية لإجباره لكن طائرات حربية إماراتية تدخلت لوقف القوات الحكومية، وتم حلّ الأزمة بتدخل سعودي[12]، وتم حل الأزمة على أن تعين قوات التحالف شخصية أخرى غير "الخضر كردة" الذي كان "هادي" قد قام بتعيينه. يدير حماية المطار حالياً "محمد حسين الخيلي" والذي تم تعيينه من قِبل التحالف في مارس/آذار2018 قائدا لقوات للطوارئ والدعم الأمني في عدن[13]. وقبل تعيينه في حماية المطار كان الخليلي قائداً لقوات الحزام الأمني في "المعلا" و"التواهي" و"خور مكسر".

الموالون للرئيس هادي، في المديرية يوجد قائد المقاومة الشعبية/الجنوبية في خورمكسر "العقيد سليمان ناصر الزامكي" ((Suleiman Nasser al- Zamki الذي عاد من الخارج بعد اشتباكات المطار، والزامكي كان له دور بارز في قِتال الحوثيين وتحرير المطار، وذكر أسمه مراراً في معارك تحرير المدينة الساحلية وهو الآن في منصب مستشار لوزير الداخلية اليمني[14].

كما توجد قوة اللواء 39 مدرع الذي يتخذ من معسكر بدر مقراً لقيادته في المديرية. ويقود اللواء العميد الركن عبدالله الصبيحي (Abdullah Subaihi)، وهو من أبرز الموالين للرئيس عبدربه منصور هادي وقائد بارز في معركة تحرير عدن من الحوثيين.

  • الشيخ عثمان: تخضع لسيطرة كاملة من قِبل الإمارات العربية المتحدة، ويقود وجودها هناك قائد الحزام الأمني "وضاح عمر عبدالعزيز" الذي ذكر اسمه في تقرير لفريق التحقيق المتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بصفته أحد الذين يمارسون انتهاكات فظيعة في حق سكان المدينة.
  • دار سعد: يفترض أنها تحت سيطرة كاملة من القوات الحكومية حيث دفعت بكتيبة عسكرية من قوات النخبة يقودها العميد أمجد خالد الزبير (Amjad Khalid Zubair) للتمركز في المنطقة إلى جانب اللواء الرابع حماية رئاسية الذي يقوده العميد مهران قباطي(Mehran Qubati). لكنها قد تتعرض لهجمات من الجهتين الشمالية والجنوبية الحدودية مع "لحج" حيث درب "المجلس الانتقالي الجنوبي" عدة ألوية عسكرية في "لحج" و"الضالع" العام الماضي. كما أنها ستكون محصورة في بإمدادات لـ"الحزام الأمني" من "البريقة" و"خور مكسر".
  • المنصورة: يتقاسم الإماراتيون والقوات الحكومية النفوذ في المنطقة إلى جانب مجموعات تابعة للحراك الجنوبي بينهم داعمون للرئيس هادي وآخرون لدولة الإمارات، ويوجد معسكر "في مصنع الغزل والنسيج" ومعسكرات أخرى للتجنيد وتعرضت هذه المعسكرات لهجمات إرهابية أبرزها التفجير الانتحاري الذي استهدف معسكر للتجنيد في أغسطس/آب2016 وقُتل 71 مجنداً[15].
  •  المعلا والتواهي: يتواجد في هاتين المنطقتين ميليشيا مسلحة من محافظة الضالع والتي قدمت مع تعيين "عيدروس الزُبيدي" كمحافظ لعدن في ديسمبر/كانون الأول 2015م، وتحكم قبضتها على المنطقتين حيث يوجد ميناء عدن الاستراتيجي، ورغم تغيير "الزُبيدي" وعزله من منصب محافظ عدن إلا أن هذه الميليشيات ما زالت تسيطر على المنطقتين بدعم من قوة تابعة للحزام الأمني. وقوة "الأمن العام" التي يقودها "شلال علي شايع"( Shalal Ali Shaya).
  • كريتر (صيرة): تتقاسم الإمارات والقوات الحكومية النفوذ في المنطقة، حيث تُعسكر قوات الحزام الأمني (الإمارات)، واللواء الأول حماية رئاسية (حكومية). ومسلحون من الحراك الجنوبي (لا ينتمون لأي من الطرفين) على الرغم من رفضهم لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" لكنهم يشيرون إلى أنهم لن يقاتلوا في صفوف الحكومة الشرعية.
  • معاشيق: مقر حكم الرئيس عبدربه منصور هادي ويوجد فيه القصر الرئاسي وهي المنطقة التي تعرَّضت لحصار في يناير/كانون الثاني2018. والقوات الموجودة تابعة للرئيس هادي.
  • البريقة: مقر الحكم الإماراتي وفيه قاعدة عسكرية ضخمة حيث يتواجد مئات الجنود الإماراتيين -وربما الأجانب- ومن الناحية الأمنية توجد قوة للحزام الأمني كانت تحت قيادة "أبو اليمامة".

وتوجد هناك قوة رئيسية مهيمنة، وهي القوات الإماراتية وقاعدتها العسكرية في مديرية "البريقة"، وهي شبه جزيرة تقع على بعد 15 كم غرب المدينة، التي تشكل هي نفسها جزيرة تقريباً في خليج عدن، حيث تتواجد قوة إماراتية صغيرة يتم استبدالها بشكل دوري في عدن. ومهمة هذه القوة القيام بعمليات خاصة بناء على طلب من قيادتها. معظم هذه القوة من الجنود الإماراتيين الذين يقدرون ب(1500 جندي). لكن تقارير تشير إلى المئات ممن يعتقد أنهم مرتزقة تم تجنيدهم ضمن قوة الحرس الرئاسي الإماراتي يقاتلون إلى جانبهم ويقع عليهم العمليات الكبيرة إضافة إلى إدارة السجون.

تُتهم القوات الإماراتية/و/ الموالية لها ببناء سجون سرية في عدن، إحدى تلك السجون في طابق أرضي بمقر القوات الإماراتية، تمارس فيها كل أدوات التعذيب ووسائله التي يمكن اعتبارها "جرائم حرب".

 

استعدادات الحرب

بعد أحداث يناير/كانون الثاني2018 كان الطرفان يحشدان استعداداً لحرب جديدة،  في عدن والمحافظات المجاورة، وخلال هذه المُدة فشلت القوات الإماراتية وحلفاءها في الحصول على موطئ قدم لتصدير النفط من حضرموت وشبوة، ما جعلها تلجأ لتفجير الأنابيب أو لمنع التصدير[16].

وفي ذات الوقت كانت الاستعدادات للمجلس الانتقالي والحزام الأمني تستمر تحت نظر ورؤية القوات الحكومية، ويشير تقرير أمني داخلي لحكومة عبدربه منصور هادي بين يناير ويونيو 2019[17] إلى بعض هذه التحركات على النحو الآتي:

الاستعدادات العسكرية:

أ) قام "المجلس الانتقالي الجنوبي" بإعادة إحياء "الجيش الجنوبي" وأعادوا المجندين والضباط المُسرحين من الخدمة بعد عام 1994م وتم تسليم بطائق عسكرية جديدة لهم إلى جانب رواتب دائمة.

 ب) التركيز على التأهيل والتدريب خارج البلاد إما في "ميناء عصب" بارتيريا أو في أبوظبي ومعظم هذا التدريب يأتي لما توصف بقوات "العاصفة" في جبل حديد بعدن. وطلب "المجلس الانتقالي" من الجنود استخراج جوازات سفر من أجل المغادرة للتدريب. يعود معظم المتدربين بعد أشهر إلى عدن.

 ج) بدء التجنيد: التقى "عيدروس الزُبيدي" بعدد من القادة الموالين لـ"الانتقالي الجنوبي" نهاية ابريل/نيسان2019 لفتح معسكرات تدريب في "يافع" و"الضالع" و"لحج" بتمويل من دولة الإمارات.

 ج) وجه "عيدروس الزُبيدي" القائد "إمام النوبي" بتجنيد خمس كتائب جديدة نهاية ابريل/نيسان 2019م.

  • يركز "المجلس الانتقالي الجنوبي" على العاصمة المؤقتة عدن باعتبار السيطرة عليها سيطرة على سلطة القرار في بقيّة المحافظات. ويتم إحضار المجندين من أرياف الضالع ولحج للتدرب في عدن ضمن قوات "الحزم الأمني". الأمر ذاته متعلق ب"الحماية الرئاسية" حيث تُجند من أرياف المحافظات على رأسها أبين -مسقط رأس هادي- وتدربهم في محافظة عدن.
  • الدور الإماراتي: في مايو/أيار 2019 التقى "عيدروس الزُبيدي" وقادة من المجلس الانتقالي والحزام الأمني بالقيادة الإماراتية في منزل "منير اليافعي (أبو اليمامة)" حضر الاجتماع بعض قيادة "المقاومة الجنوبية" الموالين لتحركات "الانتقالي الجنوبي". تبع الاجتماع لقاء "عيدروس الزُبيدي" بقادة المقاومة الجنوبية وأعلن عن بدء التعبئة القتالية وإنشاء المحاور القِتالية لاجتياح وادي حضرموت والسيطرة على عدن[18]. ورعت الإمارات دورات قِتالية في معسكرات الحزام الأمني في عدن من بينها دورة استمرت شهرين (مارس/أذار وحتى ابريل/نيسان2019) في معسكر رأس عباس في البريقة. كما عُقدت دروة تدريبية للضباط من مناطق "يافع" و"الضالع" على يد ضباط إماراتيون، وتأسيس كتيبة خاصة بقيادة رمزي القصعاني المعروف ب"أبو الخطاب" وكان مرافقاً ل"عيدروس الزُبيدي".
  • انتشرت دوريات ومدرعات "المجلس الانتقالي الجنوبي" في عدن منذ مايو/أيار 2019، وعززت من وجود العناصر في عدة معسكرات من بينها إرسال "إمام النوبي" قوة من 300 مقاتل للطوارئ في معسكر "20" بمديرية كريتر.

 خُطَّة الانقلاب: في نهاية مايو/أيار2019 اجتمع "عيدروس الزُبيدي" مع قيادات في المجلس الانتقالي الجنوبي، وتم إقرار إرسال كتائب عسكرية للسيطرة على سيئون مركز مديرية "وادي حضرموت" في نفس الوقت يتم محاصرة المعسكرات الحكومية في عدن، وتكثيف حصار معسكر بدر، والمعسكرات في خور مكسر، و"دار سعد" و قطع الطريق المؤدي إلى "معاشيق"، ومحاصرة منازل القادة الأمنيين والعسكريين الموالين للحكومة الشرعية، يتبعه إعلان "حكومة مصغرة"، و"إعلان مجلس عسكري"، ومن بين الأسماء المطروحة للمجلس: اللواء محمد ناصر (ابين) وسالم بن عوض العولقي (شبوة)، بقية الأسماء تم الإشارة للاسم الأول: شخص يدعى العميد قاسم (يافع)، ود.طه (حضرموت). يضيف التقرير أنه لم يتم التوافق على كل الأسماء.

 

معسكرات التدريب:

يشير التقرير إلى معسكرات تدريب مستحدثة تم إنشائها في الضالع وشبوة ولحج:

  أ) الضالع: تم استدعاء جميع من أدى الخدمة العسكرية قبل (الوحدة) ومنحهم بطاقات ودورات تدريبية في معسكرات خاصة وإرسالهم إلى بيوتهم حتى يتم استدعائهم. وتم تأسيس لواء عسكري لهؤلاء تحت مسمى (لواء بركان) في معسكر للحزام الأمني في منطقة "حكولة" ويقوده العميد: سالم الخيلي. تم عَقد اجتماع لهيئة عسكرية تابعة للمجلس الانتقالي في ابريل/نيسان2019 في الضالع للتشاور من أجل تكوين قوة رئيسية لـ"حرس الحدود" مع "اليمن"!

تم افتتاح مراكز تدريب جديدة في الضالع منذ مطلع 2019م في المناطق (العوابل، الودي، القزعة، النجود، الرباط).

ب) شبوة: في مارس/آذار2019 بدأت تحركات ما تعرف ب"النخبة الشبوانية" بقيادة محمد البوحر في مدينة عتق ب"25" مدرعة إمارتية و8 سيارات اسعاف، و8 أطقم، باتجاه معسكر "الشهداء". في نفس الوقت كانت معسكرات التدريب في شبوة تتزايد، واستحدثت معسكرات تدريب في: معسكر تدريب غريب مدينة عتق يقوده "أنس الصبيحي". ومعسكر تدريب في "الجبل الأبيض" ومعسكر تدريب في مديرية "عسيلان".

أنشأت النخبة الشبوانية لواء عسكري في "بيحان" في محاولة للسيطرة على خطوط النفط والغاز التي تمر من المحافظة. كما تم تجنيد خمس كتائب عسكرية من "بيحان، عتق، جردان، عرما".

 

أحداث 7 أغسطس/آب 2019

بناء على خارطة الانتشار والاستعداد -آنف الذكر- اندلعت اشتباكات بين قوات "الحماية الرئاسية" و"الحزام الأمني" في "خور مكسر" و"كريتر" أدت إلى مقتل ضابط وإصابة عشرة أخرين يوم 7 أغسطس/آب2019 توسعت في اليوم التالي لتشمل معظم مديريات عدن. وهذه ليست المرة الأولى التي تحدث فيها الاشتباكات في عدن عاصمة البلاد المؤقتة بل سبقتها احتكاكات بين القوتين، واُعتبرت هذه المرة الثاني لمحاولة الانقلاب ضد الحكومة الشرعية- محاولة الانقلاب الأولى كانت في يناير/كانون الثاني2018 وتدخلت المملكة العربية السعودية التي أدت إلى عودة الوضع إلى ما قبل الاشتباكات- وفي كِلتا المحاولتين كانت القوات الموالية للإمارات هي التي تتحرك في محاولة الاستيلاء على مقر الحكومة اليمنية في قصر الرئاسة بـ"معاشيق".

ويمكن الإشارة في هذه الاشتباكات إلى عدة أمور:

  • أن إثبات القوة العسكرية يقع على عاتق "المجلس الانتقالي الجنوبي"، لخلق رأي محلي ودولي بكونه قوة موازية للحكومة الشرعية. فيما أمام الحكومة خيار متعلق بإفشال هذا الإثبات لكن سياسة الضغط هذه خطرة لأمرين اثنين: الأول، أنها قد توصل إلى حرب كبيرة تستمر لأشهر ما يؤدي إلى تدمير "عدن". الثاني، تأجيل الحرب مرة أخرى لإنتاج حلول وسط بوساطة سعودية- دولية تُقدم ل"المجلس الانتقالي" شروطه السياسية التي تضمن بقاءه كعامل مؤثر في صناعة قرار الحكومة الشرعية وتوازن قوى تراه أبوظبي ضد الأطراف والكيانات الرافضة لنفوذها جنوب اليمن.
  • احتكاك بين القوات الحكومية في "شبوة" و"أبين" و"سقطرى" بين (مايو/أيار ويونيو/حزيران2019) حيث حاولت "النخبة الشبوانية" فرض هيمنتها على مدينة عتق (مركز محافظة شبوة) لكنها لم تتمكن مع وجود قوات مشتركة تابعة للحكومة (من الجيش والأمن) ورغم حدوث اشتباكات ومحاولة استثارة للقوات الحكومية إلا أن "النخبة الشبوانية" لم تتمكن من السيطرة.

وفي أبين كادت الأوضاع أن تنفجر بين قوات الحزام الأمني وقوات الأمن في أعقاب رفض مدير شرطة المحافظة العميد الخضر النوب، تسليم منصبه ل علي الذئب المكنى ب أبو مشعل الكازمي[19].

وفي سقطرى اشتبكت قوات الأمن مع "الحزام الأمني" بعد أن رفضت السلطة المحلية السماح بإنزال معدات عسكرية إماراتية من ميناء الجزيرة[20].

  • عُقدت جلسة البرلمان اليمني للمرة الأولى في "وادي حضرموت" تحت حماية قوات سعودية في (ابريل/نيسان2019) وهي الشرعية الدستورية الثانية إلى جانب "شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي". وينشط البرلمان في محاولة عَقد لقاءاته مجدداً في عدن، أو "المكلا" ما يجعل المجلس الانتقالي الجنوبي غير قادر على تقديم نفسه كقوة أمر واقع، رغم تهديداته بمنع حدوثها.
  • استبقت الاشتباكات حملة تحريض ضد "الحكومة الشرعية" من قِبل قيادات الانتقالي الجنوبي. واتهمت بالمشاركة بقتل "أبو اليمامة" خلال عرض عسكري، حيث قُتل بصاروخ باليستي وتبنى الحوثيون العملية. ويبدو أن أبوظبي و"المجلس الانتقالي الجنوبي" رِغبا في استغلالها كفرصة لإثبات الوجود في عدن.
  • شنت "الحزام الأمني" حملة ضد المواطنين الذين ينحدرون من محافظات شمالية من عدن، بتهمة "الجاسوسية" لصالح جماعة الحوثي، وتم طرد المئات وسرقة أموالهم وتجاراتهم وضربهم، ونقلهم في شاحنات إلى المحافظات الشمالية المجاورة. وهو ما أثار سخط اليمنيين[21].
  • كان الوصول إلى اشتباكات في عدن أمراً حتمياً مع النشاط المستمر للتجنيد والتحشيد   منذ مطلع 2018. وعدم إيجاد "حل دائم" أثناء الاشتباكات في يناير/كانون الثاني2018م.

 بلغت ذروة الاحتكاك بين الطرفين (الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي) بإعلان "هاني بن بريك" الدعوة للنفير العام واجتياح مقر معاشيق[22].

تنبئ التطورات الأخيرة (7-10 أغسطس/آب2019) أن الأمور تنجرف نحو تصعيد قد يدخل جنوب اليمن في حرب أهلية ومناطقية لسنوات :

  • هناك إصرار إماراتي على سيطرة القوات الموالية لها على عدن بما فيه القصر الرئاسي، يقابله محاولة سعودية لعمل توازنات تتيح للانتقالي السيطرة على مناطق في عدن مع احتفاظ الحكومة الشرعية بمعسكراتها والقصر الرئاسي، ويبدو أن السعودية تحاول احتواء الخلاف الاماراتي السعودي في اليمن الذي تعاظم مع انسحاب جزئي للإمارات من مواجهة الحوثيين من تحقيق رغباتها في عدن.
  •  سبق هذه الخلافات قيام الرياض بإرسال تعزيزات عسكرية كبيرة خلال يوليو/تموز وأغسطس/آب إلى عدن لتغطية الفراغ الذي خلفته الإمارات وكحماية لـ "قصر معاشيق" الذي يمثل رمزية للحكومة وشرعية الرئيس الذي تحت مظلة شرعيته يتحرك التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
  • تباين القدرات العسكرية حيث تظهر القوات الحكومية استعداداً أكبر لما حدث في يناير/كانون الثاني2018م، وظهر ذلك واضحاً في "عتق" عند محاولة "النخبة" السيطرة على المدينة وتلقت ضربات قوية. يوم السابع من أغسطس/آب حاول "الحزام الأمني" استهداف اللواء الأول حماية رئاسية في معاشيق وتلقى ضربة قوية وعنيفة غير ما كان متوقعاً[23]، لكن في المقابل تتلقى القوات المناوئة لها دعما لوجستيا كبيرا من القوات الاماراتية التي ظهرت بشكل اكثر ديناميكية من القوات السعودية.  

 

خاتمة

عودة الاشتباكات والحرب الداخلية في عدن هي نتيجة "طبيعية" لتجاهل الحكومة الشرعية والتحالف الذي تقوده السعودية في إيجاد حلول دائمة وشاملة للاشتباكات التي اندلعت في يناير/كانون الثاني 2018م وقَبل ذلك هي نتيجة متوقعة لحالة التذبذب لدى الحكومة وعدم فرض سياسة وأٌطر محددة لوجود التحالف في اليمن، ومتابعته ووقف التجاوزات أولا بأول.

توضح الخارطة السياسية والمفاعيل المحلية والدولية في عدن، مدى التفكك في معسكر الحكومة الشرعية التي تبدو هشة وغير قادرة على الدفاع عن مراكز قوتها في ظِل دعم أكبر تقدمه أبوظبي لحلفائها، وفي حال استمرت الحرب التي بدأت في أغسطس/آب 2019 للوصول نحو انتصار كامل للقوات الحكومية أو "المجلس الانتقالي الجنوبي" فقد يؤدي ذلك إلى تدمير أجزاء واسعة من المدينة ما سيدفع السعودية للضغط لعودة الأمور إلى سابق عهدها قبل بدء الاشتباكات.

في نفس الوقت لا يعتبر "المجلس الانتقالي" قويا بما فيه الكفاية للأسباب التالية:

 أ) القوة العسكرية التابعة له تعتمد على دعم الإمارات وتمويلها: حيث إذا ما أوقفت أبوظبي الدعم وحركت القوات بعيداً، فسيكون "المجلس الانتقالي" بدون عصا، وقد يلجأ للبحث عن داعم وممول أخر وستعود إيران للواجهة جنوباً.

 ب) عدم تماسك قيادته: في اشتباكات سابقة تخلى قادة في "المجلس" عن الوقوف إلى جانب "عيدروس الزُبيدي" و"هاني بن بريك" وأي هزة عسكرية تتاثر القيادة.

  ج) الشعبية الداخلية: ساهمت السجون السرية والاتهامات بالاغتيالات، وحملات التمييز العنصري التي يقوم بها "المجلس الانتقالي" والميليشيات شبه العسكرية التابعة للإمارات، في زيادة سخط السكان في المحافظات الجنوبية وبوجود مؤسسات دولة قادرة على فرض نفوذها ستذوب تلك التنظيمات.

يحاول "المجلس الانتقالي" فرض سلطة أمر واقع جديدة في عدن والمحافظات الجنوبية تشبه إلى حد ما طريقة الحوثيين في الوصول إلى السلطة ، لكن هدف الانتقالي من فرض القوة العسكرية هو إحداث توازن مع الحكومة الشرعية والدخول إلى طاولت المفاوضات كطرف مستقل وثالث إلى جانب الحكومة والحوثيين.

 

السيناريوهات المتوقعة

ومع التطورات المتلاحقة التي تشير إلى هيمنة عسكرية يحققها المجلس الانتقالي في جولة الحرب الأخيرة بين 8- 10 أغسطس 2019 بدعم إماراتي وتغاضي سعودي تبقى سيناريوهات الحرب مفتوحة في الجنوب خلال السنوات القادمة، لكن هناك سيناريوهات متوقع حدوثها قريبا، وسيكون لكل سيناريو من السيناريوهات انعكاسات على الأرض.

السيناريو الأول: حصول تهدئة سعودية تشبه تلك التي حدثت في يناير/كانون الثاني2018 وإعادة الوضع العسكري إلى ماهو عليه.

هذا السيناريو أصبح صعب تحقيقه - بعد سقوط قتلى وجرحى في القتال الدائر بين قوات الحكومة الشرعية وقوات المجلس الانتقالي وإصرار الامارات على السيطرة الكاملة ، إلا أنه في حال تحقق سيبقى السلطة في عدن والجنوب مزدوجة ما يعني تجدد حالة الحرب بين كل فترة وأخرى.

السيناريو الثاني : توافق إماراتي سعودي جديد للعمل مع المجلس الانتقالي كشريك رئيسي في الجنوب والتخلي عن شرعية الرئيس هادي هناك تمهيدا لتحقيق الانفصال.

وهذا السيناريو له مخاطر كثيرة على التحالف العربي بقيادة السعودية قبل ان يكون خطرا على حكومة آخر رئيس شرعي معترف به دوليا والذي اعطى التحالف مشروعية للتدخل العسكري، فتحقيق الانفصال معناه رفع ذلك الغطاء القانوني ما يعني أن يصبح التحالف في اليمن كقوة احتلال أو المغادرة وإعلان فشل تحقيق أهدافه في دعم استعادة الدولة اليمنية.

أما مخاطره على اليمن فهو بمثابة اعلان تمزق وتفتت البلد ونشوء كانتونات تحت مسميات متعددة دويلات وسلطنات وإمارات متناحرة مع استغلال إيراني كبير للنفاذ وملء الفراغ في الجنوب وفرض سيطرتها بشكل اقوى في الشمال، إلى جانب استغلال الحركات الارهابية مثل ( القاعدة وداعش) للواقع الجديد في اعلان إمارات لها واستقطاب مجندين جدد.

السيناريو الثالث: سيناريو مستبعد ايضا ويتمثل في أن ما يحصل هو توريط الإمارات والانتقالي في عملية تمرد في محاولة لاضعافهم جنوبا عبر تحرك سعودي يمني لتضمين الأحداث الأخيرة تحت بند العقوبات التي فرضها قرار 2216 لمجلس الأمن وفرضت من قبل على قادة في الحركة الحوثية ونظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

وإلى جانب انه سيناريو مستبعد فهو ضعيف بالنظر إلى حاجة السعودية للامارات في ملفات كثيرة في المنطقة غيراليمن، لأن التواجد الاماراتي في الجنوب اصبح استراتيجيا وتم تعزيزه بعد اعلان انسحابها الصوري ، واخراجها أو تضمينها وتضمين القوات المدعومة من قبلها ضمن العقوبات الدولية سيؤدي إلى الصدام العلني مع السعودية.

 

خلاصة:

ولأن كل السيناريوهات صعبة ولها مخاطر على اليمن وحلفائه بالذات السعودية، فالمتاح هنا يبدو أن الرياض حسمت امرها في دعم مفاوضات بين الحوثيين المسيطرين على صنعاء وبعض المحافظات الشمالية وبين المجلس الانتقالي المسيطر على عدن والشرعية بقيادة الرئيس هادي لإنهاء الحرب والقبول بواقع القوات الموازية للدولة والاعتراف بسلطتها، مقابل بقاء القوات السعودية في حضرموت والمهرة وبقاء القوات الإماراتية في عدن وسقطرى، لتحقيق أهداف استراتيجية خاصة بالبلدين [24]، لكن سيسبق ذلك الضغط أكثر على الشرعية للقبول بالواقع ما يعني تكرار سيناريو صنعاء وعدن في شبوة وحضرموت للتحكم في المال القادم من النفط، ولا يستبعد أن تستهدف محافظتي مأرب والجوف بعد ذلك تحت مسمى مكافحة الارهاب. وأيا كان السيناريو المتوقع حدوثه بعد أحداث عدن إلا أن الحرب المناطقية في الجنوب فتحت على مصراعيها وستستمر طويلا.

 

هوامش:


[2] التحق الزُبيدي بالقوات الخاصة حتى حرب صيف 1994م. شارك بالقتال ضمن ما كان يُعرف بجيش جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية في جبهة دوفس/أبين، غادر اليمن قسراً إلى جيبوتي بعد سيطرة القوات على مدينة عدن في السابع من يوليو عام 1994م، وعاد إلى عدن خلسة في 1996م وأسس حركة أسماها حركة حتم تطالب بالانفصال، اختصاراً ل (حق تقرير المصير)، بدأت الحركة نشاطها بشكل سري من خلال اعمال اغتيال استهدفت رموزاً للنظام اليمني في الفترة 1997-1998م. في عام 1997م أدين في محاكمة وحكم عليه بالاعدام. اختفت الحركة بعد عام 2002م. http://www.aljazeera.net/NR/EXERES/B3EA2055-D16A-43F5-8BDB-F6870D1693C3.htm

[3] وثائق تكشف فساد الزبيدي.. كيف أجر منتجعا سياحيا بعدن لنجل شقيقته بمبلغ زهيد ولمدة 33 عاما؟ https://almawqeapost.net/news/31794
حقائق عن عملية فساد عيدروس الزبيدي التي استمرت قرابة عامين
https://hunaaden.net/news43870.html

[4] Break all the Borders: Separatism and the Reshaping of the Middle East

By: Ariel I. Ahram Print publication date: 2019// Published : Oxford

[5] قُتل أبو اليمامة بقصف حوثي على عرض عسكري مطلع أغسطس/آب2019م.

[6] AP Investigation: US allies, al-Qaida battle rebels in Yemen https://apnews.com/f38788a561d74ca78c77cb43612d50da

[7] قتلة أمجد مازالوا طلقاء تحت حماية أبو ظبي.. ووعود الزبيدي وبن بريك كانت خادعة ولطمس جرائم إمام النوبي https://theyemen.net/%D9%82%D8%AA%D9%84%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D8%AC%D8%AF-%D9%85%D8%A7%D8%B2%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7-%D8%B7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%A1-%D8%AA%D8%AD%D8%AA-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D8%A8%D9%88-%D8%B8/
منظمة حقوقية بريطانية تتحدث عن جرائم قتل وتعذيب وهدم مساجد قام بها "النوبي" في معسكره بكريتر(تقرير) https://shabwaah-press.info/news/58160

[8] حسب اثنين من القادة العسكريين المُطلعين على انتشار وقوة القوات.

[9] تعتبر القاعدة أكبر قواعد اليمن العسكرية وتقع في محافظة لحج، واستخدمت منذ تحريرها من الحوثيين كقاعدة تدريب المجندين الجُدد ضمن قوات الجيش اليمني.

[10] قائد مكافحة الإرهاب بعدن يعترف بقتل شاهد جريمة طفل المعلا https://yeniyemen.com/4320199/
مستقبل وطن | جرائم الاغتيالات في عدن ومن يقف ورائها؟ https://www.youtube.com/watch?v=exH7Vd5Nljw

[11] وزير الداخلية”الميسري” يتهم الإمارات بمنع الرئيس هادي من العودة الى اليمن وافتعال معارك يناير في عدن http://www.salmashhad.com/news/32278
انسحاب الإمارات من اليمن خوفاً من الانتقام https://meemmagazine.net/2019/07/06/%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AD%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86-%D8%AE%D9%88%D9%81%D8%A7%D9%8B-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86/

[12] صراع الأجنحة والتشكيلات العسكرية في عدن.. ما الذي جرى (تقرير يكشف المستور) http://www.aljanoobalyoum.com/?p=2579

[13] تعيين محمد حسين الخيلي قائدا لقوات الطوارئ والدعم الأمني بعدن

http://www.almashhadalaraby.com/news/24004

[14] مستشار وزير الداخلية "الزامكي" يهنئ الشعب الجنوبي والقيادة السياسية بحلول عيد الأضحى المبارك

http://alwattan.net/news/25179

 

[15] Suicide Attack Kills Scores of Military Recruits in Aden, Yemen https://www.nytimes.com/2016/08/30/world/middleeast/yemen-suicide-attack-aden.html

[16] تصدر اليمن خلال الربع الثاني من عام 2019م 38 ألف برميل حسب نشرات اقتصادية متعددة وباعت خلال مطلع العام 400 ألف برميل ل"الصين" و"النمسا".

[17] حصل عليه "أبعاد" من مسؤولين رفيعي المستوى في حكومة هادي على علاقة بالأمر.

[18] ظهرت تصريحاته إلى العلن في الاجتماع عبر وسائل الإعلام الزبيدي يعلن إنشاء محاور قتالية والتعبئة العامة في المحافظات الجنوبية https://www.newsyemen.net/news41638.html

[19] الإمارات تنقل الصراع مع “الشرعية” إلى أبين جنوبي اليمن.. مواجهات محتملة واستعدادات حكومية https://theyemen.net/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%85%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%aa%d9%86%d9%82%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%b1%d8%a7%d8%b9-%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b1%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%a3/

[21] Press briefing note on Yemen/ Spokesperson for the UN High Commissioner for Human Rights: Ravina Shamdasani

https://www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=24871&LangID=E

[22] بن بريك يهدد الحكومة الشرعية ويطالب بإخراجها من عدن https://arabi21.com/story/1199389

[23] قائد عسكري في عدن تحدث لـ"أبعاد" يوم الخميس 8 أغسطس/آب2019

[24] هل يريد الخليج الانتصار على إيران أم لديه مصالح في اليمن؟ مركز ابعاد للدراسات مارس 2018

عربي: https://abaadstudies.org//news-59778.html

انجليزي: https://abaadstudies.org/news-59759.html

نشر :