خبراء في ندوة منتدى أبعاد الاستراتيجي يحذرون من تنافس إقليمي يتجه لإعادة تشكيل وعسكرة البحر الأحمر ويوصون برؤية سياسية واقتصادية وأمنية موحدة للدول المشاطئة (فيديو)
أجمع الخبراء والباحثين في ندوة " أمن البحر الأحمر والصراع في القرن الأفريقي واليمن" التي أقامها منتدى أبعاد الاستراتيجي للحالة اليمنية، على وجود تحالفات إقليمية ودولية جديدة لإعادة تشكيل أمن البحر الأحمر، وأكدوا على توجه لعسكرة البحر الأحمر.
وقال ستيج جارلي هانسن، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة النرويج، إن سياسة الولايات المتحدة الأمنية في القرن الأفريقي وشبه الجزيرة العربية تتجه لإعادة التركيز على الصين كمنافس اقتصادي، وعلى ما يسمى بالحرب على الإرهاب، مشيرا إلى أن الصين ليست لاعبًا عسكريا في المنطقة يمكن الوثوق به، لكنه توقع أن تصبح واشنطن لاعباً أضعف في القرن الأفريقي وشبه الجزيرة العربية مستقبلا مما كانت عليه، مضيفا" نرى بالفعل تراجعًا للولايات المتحدة الأمريكية وانسحاب من المنطقة وهذا يخلق بعض الفراغ، ولا تستطيع الصين ملء هذا الفراغ، على الرغم من أن الصين تبدو كبيرة مثل الولايات المتحدة، إلا أنها تعيد التركيز على مصالحها فقط".
وتسائل البرفسور النرويجي عن الدور البريطاني المستقبلي في المنطقة بعد خروجها من الإتحاد الأوربي، متوقعا تراجع دورها في اليمن، الذي وصفه بأه "دور غريب إلى حد ما ".
أما عن عن روسيا فقال هانسن " لا تتمتع روسيا أبدًا بنفوذ قوي في أي من دول منطقة القرن الأفريقي واليمن. لذا ، لا تزال روسيا فاعلا ضعيفا".
وأكد على أن دور اللاعبين الدوليين في القرن الإفريقي واليمن سيتقلص بسبب عدم اهتمامهم أو عدم تحمل مسؤولية ثقيلة، معتبرا أن ذلك أدى إلى تحولًا في الديناميكيات الإقليمية، الى جانب تأثير الأوضاع في الشرق الأوسط على القرن الأفريقي.
وقال ستيج جارلي هانسن في ندوة منتدى أبعاد الاستراتيجي " في الشرق الأوسط ثلاثة تحالفات تلعب أدوارا مهمة : التحالف التركي القطري ، والتحالف السعودي الإماراتي، والتحالف الإيراني السوري"، مشيرا إلى وجود بعض الفروقات بين السياسة السعودية والإماراتية خاصة ما يتعلق بالتعامل مع الأخوان المسلمين والانفصاليين ، مضيفا" موقف الإمارات معادٍ وسلبي للإخوان المسلمين، بينما الموققف السعودي أكثر براجماتية ، كما أن للإمارات علاقات مع الانفصاليين في أرض الصومال واليمن".
حول الدور التركي القطري في القرن الإفريقي واليمن ، قال هانسن " لتركيا دور مختلف حول البحر الأحمر من خلال قوتها الناعمة، ولا يزال لتركيا القدرة على لعب دور الوسيط "، فيما تلعب قطر دورًا ناعمًا في الصومال.
وتوقع الخبير النرويجي زيادة التوتر السوداني الأثيوبي، وقال " تتجه أثيوبيا إلى حرب أهلية بسبب قضية التيقراي وغيرها من المشاكل الداخلية".
وأكد على وجود تحالف بسيط بين السعودية ومصر في منطقة البحر الأحمر، وقال " التحول الأكبر هو تراجع بعض القوى العظمى في المنطقة مما سيفتح فراغًا قد تغطيه بعض القوى الإقليمية، والمنطقة تعيش تغيرات وعلينا أن نفهم الجهات الفاعلة".
أما السفير السوداني السابق والخبير في الأمن الإقليمي والشؤون الدولية خالد موسى دفع الله، فقد أكد على توجه دولي لعسكرة البحر الأحمر، وقال " من الحقائق المعروفة أن البحر الأحمر يستضيف حوالي 13 قاعدة عسكرية مختلفة. وهذا يعني أن الديناميكيات تحولت من التكامل الاقتصادي إلى المنافسة العسكرية والسياسية".
وقال الخبير السوداني ضمن ندوة منتدى أبعاد الاستراتيجي " المنافسة بين دول الخليج انتقلت إلى البحر الأحمر لتحقيق مصلحة جيوسياسية والحقيقة أننا نشهد إعادة تشكيل للبحر الأحمر، والمشهد الجيوسياسي، وهذا يعني الكثير من حيث التحول الاستراتيجي في المنطقة".
وحول أهمية أهمية البحر الأحمر أضاف " البحر الأحمر جزءًا لا يتجزأ من ثلاثة أنواع مترابطة من أنظمة الأمن في المنطقة، واحد في الشرق الأوسط ، والثاني في المحيط الهادئ والثالث في البحر الأبيض المتوسط، وكل هذه العناصر الأمنية الثلاثة المختلفة المرتبطة والمتصلة بالبحر الأحمر ستمنح البحر الأحمر دورًا استراتيجيًا أكثر أهمية في ربط جميع هذه المناطق".
وقال دفع الله " يعد البحر الأحمر ممرًا لحوالي سبعمائة مليار دولار أمريكي من التجارة الدولية كل عام، والمشكلة تكمن في المنافسة الإستراتيجية، والتغيير الديموغرافي، فالمنطقة هي الأسرع نموًا في إفريقيا من حيث عدد السكان هي شرق إفريقيا و يتوقع أن ينمو عدد السكان في القرن الأفريقي بنسبة 44٪ في الخمسة عشر عامًا القادمة، وسيضيف هذا إلى تعقيد البناء السياسي والنسيج الاجتماعي للبحر الأحمر".
وعن الانسحاب الأمريكي من المنطقة قال" من الواضح أن هناك تركيز على بقعة أخرى في العالم، خاصة لاحتواء الصين ".
وحول استراتيجية الولايات المتحدة الجديدة تحدث السفير السوداني السابق خالد موسى دفع الله ضمن ندوة منتدى أبعاد الإستراتيجي عن أربع نقاط: " أولا، وقف وتقييد امتداد التنافس الذي لا يمكن لمشاكل الشرق الأوسط أن تحجبه وتؤثر سلبًا على الاستقرار والبنية السياسية للبحر الأحمر، وثانيًا، يرغب الأمريكيون في أن يكونوا أكثر انخراطًا في السياسة لتعيين مبعوث خاص يقدم تقاريره مباشرة إلى الكونجرس والرئيس.، وثالثًا ، يحاولون تعديل نماذجهم الإنسانية ونهجهم في المنطقة من المساعدة الإنسانية إلى التنمية، ولذلك سيكون التركيز على مساعدة الحكومات الجيدة في القرن الأفريقي، لأن هذه الدول قد تكون ضعيفة بعض الشيء وتحتاج إلى سياسات أكثر توجهاً نحو الحكم الرشيد، ورابعًا، تحتاج أمريكا إلى سياسات موحدة للكونغرس بشأن أفريقيا بشكل عام والبحر الأحمر بشكل خاص".
وأكد أن أمن البحر الأحمر هو أنجع وسيلة للتعاون، وقال " تبحر المنطقة عبر ديناميكيات إقليمية معقدة للغاية ومعقدة للغاية في البحر الأحمر واليمن أيضًا. إنه نوع مترابط من المشاكل معًا. الفراغ الأمني هو المشكلة الأساسية في البحر الأحمر".
أما عن الاتحاد الأوروبي فقال " البحر الأحمر مهم لهم ويقترح الاتحاد الأوروبي على جميع الدول الواقعة على ضفتي البحر الأحمر التوقيع على اتفاقية لتعزيز التعاون في مجالات الأمن السياسي والاقتصادي "، ويتفق الدبلوماسي السوداني مع الدكتور ستيج جارلي هانسن على أن الصين ليس لديها شهية لأي تدخل عسكري ، مستدركا بالقول " لكن امتداد تجارتها الاستراتيجية عبر طريق الحرير مهم للغاية ، وتريد تنفيذ هذه الخطة ، ولذلك تحتاج الصين إلى الاستقرار وتنمية النمو الاقتصادي، وهذا يحتاج إلى ربط القارات المختلفة عبر طريق الحرير، و الصينيون يحتاجون أيضًا إلى القرن الأفريقي والبحر الأحمر كممر دولي مهم للغاية لكي تكون التجارة الدولية مستقرة ولتعزيز اهتمامهم بالتجارة الدولية أيضًا".
ويتفق الخبير السوداني مع المتحدثين على دور دول الخليج في القرن الأفريقي، وقال " دول الخليج مدفوعة بمصالحها الخاصة، ليست قوى محايدة، إنهم يشعلون نوعًا من المنافسة السلبية في المنطقة ويضيفون مزيدًا من الأبعاد لعسكرة البحر الأحمر".
وأضاف" لدى دول الخليج قواعد عسكرية في إريتريا، ودون مراجعة لسياستهم سيستمر هذاالدور السلبي ، وهناك منظور دولي مختلف حيث تتجه الدول الأفريقية نحو التحول الديمقراطي كما هو الحال في إثيوبيا والسودان، على عكس دول الخليج، الذين ليس لديهم أي نوع من الاهتمام بأي مشاركة سياسية ".
وأشار دفع الله إلى أن السعوديين يرغبون في تكوين تحالف خاص بهم في البحر الأحمر، من خلال استضافتهم في يناير 2020، اجتماعا مهما للغاية.
وقال " الأفارقة أكثر قلقًا بشأن التكامل الاقتصادي الإقليمي وغير مهتمين بعسكرة البحر الأحمر، ولا توجد رؤية شاملة موحدة حول البحر الأحمر ككيان سياسي واقتصادي وأمني معا"، مضيفا" بدون نهج شامل بين اللاعبين الدوليين والإقليميين ، لن يكون لدينا أي نوع من الاستقرار في القرن الأفريقي والبحر الأحمر".
وأكد دفع الله أن إيران تحاول إعادة تموضعها في اليمن والبحر الأحمر لاحتواء وتقييد أي نوع من التهديد من دول الخليج وأي تحالف جديد تقوده الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن حرب اليمن بسبب الفراغ الأمني وانعدام النظام الإقليمي ، وقال " بدون اتباع نهج جماعي شامل ، لن يكون هناك استقرار في المنطقة"
من جهته أكد الدكتور يحي عامر الأكاديمي الصومالي ، أن البحر الأحمر يجب أن يُنظر إليه من ثلاثة أبعاد: استراتيجية النقل ، والاستراتيجية العسكرية ، والاستراتيجية الاقتصادية، مضيفا " البحر الأحمر مهمًا جدًا لأنه يربط المحيط الهندي وأفريقيا وأوروبا، ودول الخليج تريد نقل النفط إلى العالم من خلاله ، ويستثمرون في إثيوبيا وجيبوتي والسودان ومناطق أخرى في المنطقة، ومن الواضح أن العلاقة بين دول الخليج والقرن الأفريقي تنمو، لذلك هناك حاجة للأمن في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي ".
وقال في ندوة منتدى ابعاد الاستراتيجي " هناك لاعبون دوليون يحاولون إيجاد مشكلة بين الصومال واليمن، لكن اليمن والصومال دولتين بشعب واحد على مر التأريخ "، مضيفا " لدول الخليج سياستها المتناقضة، فمثلا تدعم قطر الحكومة الصومالية وتدعم الإمارات المعارضة".
أما الباحث اليمني نبيل البكيري باحث وكاتب يمني فقد ركز على أهمية البحر الأحمر والنظام الأمني في المنطقة، متطرقا إلى خطر تهديد جماعة الحوثي لأمن البحر الأحمر
وأشار إلى وجود تهديد إيراني خطير لأمن المنطقة خاصة بعد اندلاع الصراع في اليمن، وقال " الوجود الإيراني في المنطقة يهدد النظام الأمني في البحر الأحمر والقرن الأفريقي. لكن هذا لا يعني أن التهديد الإسرائيلي قد انتهى".
وأضاف البكيري في منتدى ابعاد الاستراتيجي " فشلت كل المقاربات العسكرية والأمنية ولم تستطع حماية المنطقة لأن القوة الإقليمية لم تعالج جذور المشكلة"، مؤكدا أن تصنيف المتمردين الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل الولايات المتحدة، جاء لحماية الأمن والاستقرار في البحر الأحمر.
هذا وقد أدارت الندوة الخبيرة في الشؤون اليمنية بمركز أورسام التركي عايدة باري .