هدنة حرب اليمن بين متغيرات جديدة تفرضها وواقع يهددها

تقدير موقف | 28 سبتمبر 2022 00:00
 هدنة حرب اليمن بين متغيرات جديدة تفرضها وواقع يهددها

ENGLISH

PDF

مدخل:

     في الثاني من ابريل/نيسان 2022 أعلنت الأمم المتحدة التوصل إلى هدنة بين أطراف الصراع في اليمن (الحكومة المعترف بها دولياً، وجماعة الحوثي) لمدة شهرين قابلة للتجديد، تم تجديدها مرتين آخرتين، الثالثة كانت الأكثر صعوبة وقبل يومين فقط من انتهائها تم إعلان تمديد الهدنة حتى الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2022. تعتبر هذه أطول فترة تتوقف فيها المعارك في البلاد منذ 2015، ما زاد من تفاؤل المراقبين الدوليين بأن تكون نهاية الحرب قريبة. 

كانت صيغة الهدنة قصيرة لكن جزء منها غير واضح: وقف شامل لإطلاق النار، والتشاور لفتح طرقات مدينة تعز، فتح ميناء الحديدة، ومطار صنعاء الدولي نحو وجهات محددة. وخاض الطرفان مشاورات في العاصمة الأردنية عمّان، توقفت بعد هجوم الحوثيين على مدينة تعز نهاية أغسطس/آب بتعليق الوفد الحكومي للمشاورات، وهو الهجوم الذي أدى إلى إدانة محلية ودولية أغضبت الحوثيين. 

تناقش هذه الورقة مستقبل الهدنة في البلاد، والانتهاكات التي حدثت خلال الهدنة والطرف المسؤول عنها، وتركز على المتغيرات خلال الهدنة والتي تؤثر على استمرارها ونقضها من قِبل الأطراف. كما توضح اشتراطات الحوثيين والمتغيرات الإقليمية والدولية. 


ما الذي حققته بنود الهدنة؟

كانت الهدنة بالنسبة للحكومة اليمنية طريق إجباري بسبب الضغوط القادمة من السعودية والإمارات والتي أدت في محصلتها لمرحلة انتقالية جديدة في معسكر التحالف/الحكومة بإعلان مجلس القيادة الرئاسي في السابع من ابريل/نيسان، فيما بدت للحوثيين فرصة لتحسين موقفهم وشروطهم وأخذ استراحة مع الضغط الدولي الذي حدث لهم في خضم التفاوض الإيراني بشأن عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي. 

فشلت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في دفع الهدنة إلى حالة من الاستدامة، أو أن توسع مدتها لتكون أكثر من شهرين مع كل تمديد، وكان التمديد الثالث للهدنة الذي ينتهي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2022 صعباً للغاية مع رفض الحوثيين العودة إليها. ونشير إلى عديد من التطورات خلال نفس الفترة. 

أولاً: وقف إطلاق النار

 تبادلت الأطراف الاتهامات بخرق الهدنة العسكرية إما بتبادل إطلاق النار على بعض المواقع في الجبهات أو بالتحشيد العسكري أو بإطلاق القذائف والصواريخ على المدن أو بشن هجمات. وينص اتفاق الهدنة على "وقف العمليات الهجومية" وتجميد المواقع العسكرية على الأرض كما كان عليه الأمر صبيحة اليوم الثاني من ابريل/نيسان. 

ونشرت وسائل إعلام الحوثيين والحكومة بشكل يومي عن خروقات الهدنة من الطرفين. لكن كان ملاحظاً أنه منذ الأيام الأولى للهدنة في ابريل/نيسان كان الحوثيون يقومون بالتجنيد العسكري في القرى والمديريات في مناطق سيطرتهم، ونقل معسكرات التدريب؛ كان توقف الطيران الحربي للتحالف فرصة ملائمة للحوثيين لإعادة تموضع المقاتلين والمعسكرات. 

وتبيّن الاحصائيات المستقلة[1] حول انتهاك الهدنة بين "الثاني من ابريل/نيسان والتاسع من سبتمبر/أيلول2022" أن الحوثيين ارتكبوا أكثر من 94% من انتهاكات وقف الهدنة، و96% من حالات الوفاة: ارتكب الحوثيون 2382 انتهاكا من أصل 2527 انتهاكا، وتسببوا ب431 حالة وفاة من أصل 450 حالة وفاة.

جماعة الحوثي المسلحة مسؤولة عن 100% من الاشتباك المسلح بين الطرفين (333) هجوم مسلح، وسجل قيامهم ب1796 انتهاك عبر القصف الصاروخي والمدفعي من أصل 1846، وانتهكوا الهدنة بالطائرات المسيرة 228 مرة من أصل 323 انتهاكا بالطائرات للتحالف والحكومة، وتسبب الحوثيون ب25 حادثة ألغام (100%).

عادة ما تكشف انتهاكات وقف إطلاق النار حالة من قياس ردة الفعل وحجم الانتباه الذي يبديه الخصوم، ويبدو أن الحوثيين أكثر تركيزاً على العودة إلى معارك مدينة مأرب. لكن التوغل كما يبدو يسعون إليه باتجاه مدينة تعز-كما تميزه الاشتباكات المسلحة، وهي مدينة صلبة يحاصرها الحوثيون من جميع الاتجاهات عدا منفذ وحيد من الناحية الجنوبية تحت تهديد الجماعة. 

وهو أمر تبينه انتهاكات الحوثيين في ثلاث محافظات على النحو التالي: 459 انتهاك في محافظة مأرب تسببت ب185 حالة وفاة. بين الانتهاكات 355 هجوم صاروخي ومدفعي، 73 اشتباك مسلح، و22 طائرات دون طيار، وتسع حوادث ألغام.

في مدينة تعز 406 انتهاكا تسبب في 121 حالة وفاة. بين الانتهاكات 252 هجوم صاروخي ومدفعي، و102 اشتباك مسلح، و47 بطائرات دون طيار وخمسة ألغام. وارتكب الحوثيون 357 انتهاكا في محافظة الحديدة تسببت ب 26 حالة وفاة. بين الانتهاكات: 208 هجوم صاروخي ومدفعي، و94 اشتباك مسلح، و53 هجوم بطائرات دون طيار، وحادثتي ألغام.

ثانياً: ميناء الحديدة ومطار صنعاء 

بالنسبة لدخول سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، نص اتفاق الهدنة على السماح لسفن المشتقات بالوصول إلى الميناء خلال الهدنة. قال الحوثيون إنهم فهموا التصريحات على أنها تلغي الحصول على تصاريح الحكومة والتحالف لأي سفينة مشتقات قبل دخولها الميناء، وأن السفن ستتوجه مباشرة بعد حصولها على موافقة آلية الأمم المتحدة للفحص إلى ميناء الحديدة. وخلال الهدنة استمر الحوثيون في التنديد باحتجاز السفن وانتظارها التصاريح من الحكومة. على الرغم من وضوح هذا النص بأنه السماح بدخول سفن المشتقات النفطية وليس إلغاء التصاريح. 

في سبتمبر/أيلول2022 أعلنت الحكومة السماح لسفن المشتقات النفطية بالعبور إلى ميناء الحديدة دون الحصول على تصاريح، ويبدو أنه بدون تفتيش آلية الأمم المتحدة، بعد أن افتعل الحوثيون أزمة وقود في مناطق سيطرتهم واتهموا التحالف باحتجاز الناقلات. في وقت إعلان الحوثيين أزمة وقود كانت خزانات الوقود التي تم إصلاحها في ميناء الحديدة مليئة بالكامل، والسفن التي كانت في طريقها ستبقى في الغاطس حتى تفريغ الخزانات. كان هذا التنازل الجديد من الحكومة اليمنية تأكيد على ضعف ووهن أصابها أكثر من كونه حاجة ماسة للسكان في مناطق الحوثيين، وكان ذلك واحد من شروط الحوثيين كامتياز لإعادة التفاوض مع الأمم المتحدة بشأن تمديد الهدنة. 

بالنسبة لمطار صنعاء الدولي، كان الاتفاق على منح المطار وجهتين رئيسيتين نحو عمّان العاصمة الأردنية، والقاهرة العاصمة المصرية، وافقت الحكومة اليمنية على السماح بجوازات السفر الصادرة من الحوثيين للسفر إلى الوجهتين؛ وقَبلت الحكومة الأردنية تحت ضغط من الأمم المتحدة الجوازات القادمة من الحوثيين. وافقت القاهرة تحت ضغط من الأمين العام للأمم المتحدة على السماح بالرحلات من مطار صنعاء لكن بعد رحلة واحدة تراجعت الحكومة المصرية على المنح، اشترط المصريون آلية تفتيش خاصة بهم من خلال لجنة من جانبهم في مطار صنعاء[2]. وفي سبتمبر/أيلول قال الحوثيون إنهم حققوا نجاحاً في التفاهم مع المصريين بشأن عودة الرحلات الجوية إلى القاهرة. 

ونفذت الحكومة اليمنية والتحالف هذا الشق من اتفاق الهدنة، بالمقابل لم ينفذ الحوثيون الطلب الوحيد للحكومة وهو فتح طرقات مدينة تعز.

ثالثاً، فتح طرقات مدينة تعز 

كان الشق الأخر المرتبط بالاتفاق على فتح الطرقات الرئيسة في مدينة تعز، تقدم المبعوث الاممي بمبادرة فرفضها الحوثيون رغم تدخل سلطنة عمان وضغوط دولية أخرى. قام المبعوث بتعديلها فرفضت مجدداً. وصلت المشاورات بين الحوثيين والحكومة اليمنية في عمّان إلى طريق مسدود. 

تتعرض مدينة تعز لحصار منهجي من الحوثيين منذ 2016، أدى ذلك إلى خنق المدينة وتعريضها لقصف وقنص شبه يومي، منعت المواد الغذائية والمساعدات من الوصول إلى المدينة بما فيها الأمم المتحدة. تملك المدينة منفذاً واحداً وعراً من جهة الجنوب وهو طريق سيء للغاية تتعرض الناقلات والمسافرين لأخطار كبيرة. طوال الحرب استخدم الحوثيون حصار المدينة كأداة لانتزاع تنازل من الحكومة ومن الأمم المتحدة. 

فشلت الأمم المتحدة في ملف مدينة تعز ووقف حصار الحوثيين، يأتي الفشل منذ البداية بوضع صيغة مبهمة حول فتح الطرقات إذ تقول " عقد اجتماع بين الأطراف للاتفاق على فتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات لتحسين حرية حركة الأفراد داخل اليمن". ومن غير المعقول أن لا يحقق تقدم في هذا الملف الوحيد الذي طلبته الحكومة اليمنية بمقابل طلب الحوثيين تسيير رحلات من مطار صنعاء، ودخول سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة. 

هدد رفض الحوثيين المستمر فتح الطرقات عن مدينة تعز استمرار الهدنة وهدفها "بناء الثقة وخلق بيئة مواتية لاستئناف المفاوضات من أجل التوصل إلى تسوية سلمية للصراع". لكن حالة التفكك في معسكر الحكومة/التحالف بعد الهدنة ساهم بشكل كبير في إبقاء الهدنة على حالها كحاجة للحكومة وليس رغبة من الحوثيين. 

هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها مناقشة رفع الحصار المفروض على مدينة تعز، هي المرة الثانية التي يقوم الحوثيون برفض رفع الحصار المفروض على المدينة منذ اتفاق ستوكهولم 2018م والذي أوقف هجوم القوات الحكومة على الحوثيين في مدينة الحديدة الساحلية. في نهاية المطاف ساهم فشل الأمم المتحدة في تقديم صيغة واضحة لبنود الاتفاق إلى تفسيرها من قِبل الحوثيين بما يخدم أهدافهم والذي وصل في النهاية إلى عدم تنفيذ أي بنود من الاتفاق. 

خلال الاجتماعات في عمّان، برر الحوثيون رفضهم لفتح الطرقات الرئيسية أن من الممكن أن يقود الجيش الوطني من داخل المدينة هجوماً للسيطرة على صنعاء! هذا السيناريو غير ممكن وكاد يكون من المستحيل لعدة أسباب: التباب الرئيسية المشرفة على الطريق الرئيس مع الحوبان يسيطر عليها الحوثيون وطوال الأعوام الماضية استخدمت لقصف المدينة وقنص المدنيين. القوة الموجودة في تعز قوة بسيطة للغاية ومعظمها لتأمين المدينة وحمايتها، ويتطلب الهجوم إلى خارجها قوة بشرية وآليات ضخمة تحتاج الحكومة والمقاومة إلى أشهر من أجل تحشيدها ولا تساهم أي طريق أخرى لا يشرف عليها الحوثيون في الوصول إليها؛ كما أن الحكومة والتحالف في الوضع الحالي سيخضعون للضغط الدولي -كالعادة- لتمنع حدوث أي تحرك عسكري من أي مدينة يمنية وليس تعز وحدها. 

قدمت الحكومة اليمنية والتحالف العربي كل ما طلبه الحوثيون بموجب الهدنة، أمام الحوثيين فرصة بسيطة وسهلة وغير مكلفة لإظهار نيتهم في "السلام" بفتح الطرق الرئيسية المباشرة حيث يأمن الناس ويعرفون المرور بها. وبدلاً من ذلك قدم الحوثيون مبادرة لفتح طرق فرعية جديدة بدلاً من الخط الرئيسي الذي يربط منطقة الحوبان بوسط المدينة، رفضها السكان كما رفضتها الحكومة. وقالوا بالفعل إنهم فتحوا الطرق من جانب واحد؛ وهي طرق وعرّة تخيف السكان أكثر من تطمينهم وبعيدة كل البعد عن المشاهدة المباشرة لمراقبتها من قِبل السكان والمراقبين. ولا حاجة لفتح طرق فرعية جديدة ما دام أن هناك طرق رئيسية موجودة وتعمل بشكل جيد. 

ومن الغريب أن يقول الحوثيون أنهم سيفتحون من طرف واحد، فكل الطرقات ستفتح من جانب واحد لأن الحوثيين هم من يغلقون الطرقات والمعابر، فليس هناك طرقات مغلقة إلا من جهة الحوثيين، ولا يوجد طريق تغلقه القوات الحكومية، كل الطرقات الرئيسية يغلقها الحوثيون. في واحدة من الطرقات التي أعلن الحوثيون شقها للوصول إلى المدينة قاموا بمحاولة شن هجمات عبرها إلى وسط المدينة. 

بالنظر إلى أن معظم اليمنيين يرون حصار الحوثيين على تعز يعتبر سياسة متعمدة ومنهجية لإذلال وتجويع خصوم الجماعة، فإن ردة الفعل الشعبية على الحكومة والأمم المتحدة كان غاضباً للغاية. كان بإمكان رفع الحصار عن مدينة تعز أن يزيد من شعبية مجلس القيادة الرئاسي والمهمة التفاوضية التي جاء من أجلها؛ كما كان بإمكان الأمم المتحدة أن تكون أكثر ردعاً وحزماً ضد الحوثيين. تتسبب السمعة السيئة للحكومة والأمم المتحدة لدى أنصار الحكومة في التشكيك بأي خطوات أخرى يقومون بها. خاصة أن سكان المدينة يرون أن التحالف خذلهم عدة مرات برفض تحرير المدينة من الحوثيين. 

 

متغيرات خلال الهدنة

تقدم الهدنة التي استمرت ستة أشهر متتالية، نظرة مبسطة لموضع كل طرف من أطراف الحرب بعد ثمان سنوات، ونياتهم في المستقبل. وخلال هذه الفترة ظهرت عدة عوامل ومتغيرات في الهدنة قد تحدد مستقبلها، وبالتالي تحديد مستقبل الأزمة في اليمن.

 

أ‌.  المتغيرات الداخلية

-  توسيع الهدنة: كان من المقرر أن تكون هناك محفزات جديدة مع كل مرحلة من مراحل توسيع الهدنة: في المرحلة الأولى يتم تنفيذ فتح المطار والميناء وفتح طرقات تعز. ثم يتم مناقشة دفع رواتب الموظفين الحكوميين وفق اتفاق ستوكهولم 2018م، وزيادة عدد الوجهات من مطار صنعاء، وتوحيد البنك المركزي لاستقرار العملة. 

في كل النقاشات اللاحقة أراد الحوثيون تنفيذ شروطهم أن تدفع الحكومة الرواتب فيما يجنون الإيرادات التي تصل إلى ثلاثة مليارات دولار سنوياً. وفتح كامل لمطار صنعاء ورفع أي مراقبة على ميناء الحديدة. ومع ذلك لا يريدون فتح طرقات تعز! 

يقدم المبعوث مقترح الهدنة الموسَّع للأطراف[3]: 1) اتفاق على آلية شفافة وفعّالة لصرف منتظم لرواتب موظفي الخدمة المدنية ومعاشات المتقاعدين المدنيين و2) فتح طرق إضافية في تعز ومحافظات أخرى و3) المزيد من الوجهات من وإلى مطار صنعاء الدولي و4) انتظام تدفق الوقود إلى جميع موانئ الحديدة. وهي مطالب الحوثيين، كانت الحكومة اليمنية قد أوقفت التفاوض بشأن الملفات الأخرى عدا وقف إطلاق النار قبل فتح طرق تعز الرئيسية.

ويبدو أن الحكومة اليمنية والتحالف تذهب نحو الموافقة على اشتراطات الحوثيين بما فيها فتح ميناء الحديدة ودفع رواتب الموظفين. فيما تكمن الإشكالية في مطار صنعاء الدولي أن الأمر يتعلق بالمطارات الأخرى وليس بنيّة الحكومة، وتوجد لجنة من مكتب المبعوث الأممي لتسييرها[4]

-  وفد مفاوضات عمّان: قام الحوثيون بتشكيل وفد واحد لمناقشة وقف إطلاق النار وفتح طرقات تعز واتفاقيات تعزيز الهدنة. بالمقابل قام الوفد الحكومي بتشكيل لكل جزء من الهدنة فريق مشاورات خاص به. ينبئ ذلك بمدى جدية الحكومة في المفاوضات وإنهاء الحرب على العكس مما يقوم به الحوثيون.

في أغسطس/آب 2022 أجرى رئيس لجنة التَّنسيق العسكرية، ومستشار "غروندبرغ" العسكري، زيارة استغرقت أسبوعين إلى عدن وصنعاء وتعز، أجرى فيها مناقشات بنَّاءة مع ممثلي لجنة التَّنسيق العسكرية وغيرهم. كانت زيارة تعز حيوية بما في ذلك زيارة المبعوث إلى المدينة وهي خطوات ظل المبعوث السابق مارتن غريفيث متردداً في زيارتها خوفاً من إغضاب الحوثيين. 

-  العروض العسكرية: بينما كانت الأمم المتحدة تضغط من أجل توسعة الهدنة وتمديدها، استغل الحوثيون الهدنة لإعادة تجميع صفوفهم وتعزيز قبضتهم على السلطة، عسكريًا وسياسيًا. 

سياسياً، قام الحوثيون بالزج بمئات المسؤولين وشيوخ القبائل الموالين لهم في السجون، في إطار الخلافات القائمة داخل الجماعة بشأن الوظيفة العامة والفساد المتفشي والتصفيات الداخلية لتثبيت دعائم الجماعة. وهو أمرٌ لم يكن ممكناً في حالة المعارك المستمرة خلال العامين الماضيين. إضافة إلى محاولة السيطرة على القضاء وإزاحة القضاة غير الموالين بآخرين من الجماعة نفسها لاستخدامه بشكل كبير في مواجهة المعارضين في الداخل، وبيع أملاك خصومهم كأداة ابتزاز لإسكاتهم أو إعادتهم إلى صنعاء. 

عسكرياً، عدا التجنيد المنتشر في معظم مناطق سيطرتهم وانتقال القوات المجندين من مكان لآخر بما فيها خطوط القِتال الأمامية في مأرب وتعز والجوف؛ أقام الحوثيون أكثر من سبعة عروض عسكرية كبيرة، لكل فروع القوات "برية-بحرية-جوية"، كان أكثرها تأثيراً العرض العسكري في محافظة الحديدة قرب مضيف باب المندب حيث استعرض الحوثيون الأسلحة والصواريخ الباليستية والبحرية والطائرات دون طيار. يأتي ذلك فيما تزايد خطاب الحوثيين المتعلق بمضيق باب المندب والسيطرة عليه. حتى أن العرض في مدينة الحديدة أدى إلى إدانة من الأمم المتحدة الذي اعتبرته تصعيداً. 

يقدم الحوثيون دولتهم الجديدة باعتبارها أقرب إلى الجمهورية الإيرانية، أكد الحوثيون دمج اللجان الشعبية في الجيش والأمن. كما أن قائد الجماعة عبدالملك الحوثي يشرف على كل السلطات باعتباره رأس الدولة في نظام يشبه "ولاية الفقيه" في إيران. 

معظم الأسلحة التي استعرضها الحوثيون تبدو إيرانية أو تحمل تكنلوجيا الأسلحة الإيرانية من حيث مواصفاتها وقدراتها: 

أزمة معسكر الحكومة: كما أشرنا جاء تشكيل المجلس الرئاسي اليمني بعد أيام قليلة من إعلان الهدنة، الذي يأتي كنتيجة لمشاورات الرياض التي استمرت أياماً بين معظم القادة السياسيين الموالين للحكومة والتحالف العربي الذي تقوده السعودية. تكون المجلس من رئيس للمجلس وسبعة أعضاء، في وقت لاحق دبت الخلافات بين المجلس لأسباب متعددة. وحتى مطلع سبتمبر/أيلول 2022 كان الرئيس رشاد العليمي في الرياض للقاء المسؤولين السعوديين دون جدوى، مع اختفاء الآمال بشأن المنحة المالية السعودية-الإماراتية الثلاثة مليارات دولار. غادر معظم أعضاء المجلس الرئاسي مدينة عدن إلى محافظاتهم أو خارج البلاد بسبب سلوك المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات. كان لسقوط الجيش والأمن في محافظة شبوة وتسليم المحافظة للقوات شبه العسكرية الموالية للإمارات "قوات دفاع شبوة" و"العمالقة" نقطة فاصلة في معرفة المستقبل القادم لسلوك المجلس. فشلت اللجان التابعة للمجلس الرئاسي في ردم الفجوة بين الحلفاء الجدد وتوحيد القوات، كان ذلك واحداً من تعزيز سلطة الحوثيين التي تبدو ظاهرياً متوحدة وقادرة على الحشد والتعبئة ضد خصم محدد مقابل أطراف مفككة. 

 

ب‌.   المتغيرات الخارجية 

المفاوضات السعودية: خلال الهدنة واصلت السعودية إجراء مفاوضاتها: الأولى مع الحوثيين برعاية المخابرات العُمانية، والثانية مع إيران في بغداد والتي تضم عدة ملفات اليمن على رأسها. في الأولى تمضي المشاورات ببطء وحذر شديدين وتحت إشراف وإطلاع من المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين. وعلى الرغم من بطئها إلا أنها تبدو تحقق توافقاً إذ تركزت انتهاكات الحوثيين للهدنة على الداخل اليمني وأوقفت الضربات العابرة للحدود باتجاه السعودية والإمارات، وهو أمرٌ مهم بالنسبة للدولتين وللعالم الذي يحاول الحفاظ على تدفق النفط وعدم ارتفاع سعره.

ومع هذا التقدم في المفاوضات لازال التحالف يرسل رسائل طمأنة من آنه لن يقبل أي     تحرك لقوات الحوثي اتجاه المناطق التي تحت سيطرة الحكومة بالذات في مدينة مأرب، بينما يعتقد الحوثيون أن التفاهمات مع السعودية ستحيد سلاح طيران التحالف في معاركهم القادمة.  

أما في المفاوضات مع إيران يبدو أن المملكة والنظام الإيراني يحاول قطع شوط أكبر خاصة مع التعثر المستمر في مفاوضات العودة إلى خطة العمل المشتركة أو الاتفاق النووي الإيراني. 

-  التهديد الإيراني: ما يثير حفيظة إيران في المنطقة، هي فرقة المهام-59 التابعة للأسطول الخامس الأمريكي التي بدأت عملها نهاية العام الماضي وتتخذ من الأردن مقراً لها، والتي تجوب المياه الدولية من الخليج العربي وحتى خليج العقبة. إضافة إلى فرقة العمل المشتركة (CTF 153) التي تركز على البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن وبدأت عملها في ابريل/نيسان 2022. وفي الأول من سبتمبر/أيلول 2022 حدث أمران مهمان: الأول، بث التلفزيون الرسمي الإيراني لقطات قال إنها جاءت من على ظهر مدمرة “جمران” التابعة للبحرية الإيرانية، صوراً تقول فيه إنها احتجزت فيه قاربين مسيرين أمريكيين، أكدت الولايات المتحدة الحادثة، وقالت إنه جرى الإفراج عن القاربين في وقت لاحق؛ مثل ذلك أول عمل إيراني جنوب البحر الأحمر ضد فرقة العمل -59. 

الثاني، قام الحوثيون بتنفيذ عرض عسكري كبير في مديرية الدريهمي جنوب مدينة الحديدة قرب مضيق باب المندب، استعرض خلالها الحوثيون أسلحة بحرية جديدة: “مندب 2″ و”مندب 1” صواريخ ذكية بحرية، وصاروخ فالق-1 باليستية بحرية، وصواريخ نوع ”روبيج21 وروبيج22” الروسية. وهذه الصواريخ هي صواريخ إيرانية وصلت إلى الحوثيين حسب ما يفيد الخبراء: فصاروخ فالق-1 هو صاروخ إيراني من نوع فجر CL-4الإيراني. وصواريخ مندب هي صواريخ مطورة عن صواريخ نور الإيرانية. كان الحوثيون قد هددوا بإنهاء الهدنة بسبب تحركات الفرقة (CTF 153) في البحر الأحمر[5].

خلال الهدنة في اليمن بعثت إيران برسالتين واضحتين من اليمن، في وضع دولي بحاجة لتأمين المياه الدولية لوصول النفط والغاز إلى أوروبا مع اقتراب الشتاء. وعادة ما استخدمت إيران استهداف الملاحة في البحر الأحمر عندما يتعقد وضع مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني، عندما انسحب دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام2018 شن الحوثي سلسلة هجمات في البحر الأحمر، تسببت القوارب دون ربان المسيرة المحملة بالقنابل والألغام في إتلاف السفن، كما شن الحوثيون هجمات عنيفة على أرامكو شركة صناعة النفط السعودية في سبتمبر/أيلول2019. 

وعندما تعقدت عودة إدارة بايدن للاتفاق النووي وبدأ تفاوض أبوظبي بشأن الدفاعات الجوية الإسرائيلية وتشكيل "ناتو جديد في المنطقة" مطلع العام قصف الحوثيون منشآت النفط الإماراتية في أبوظبي وتم احتجاز سفينة إماراتية في ميناء الحديدة؛ واستهدفوا موانئ ومنشآت نفط سعودية أخرى؛ كما أطلق الحوثيون صاروخ بحري[6]، وهددوا باستهداف الملاحة في البحر الأحمر[7] في مارس/آذار 2022 قبل أيام من الاتفاق على الهدنة. 

المخاوف الدولية: يبدو أن المخاوف الدولية بشأن الأزمة الأوكرانية والحاجة إلى الطاقة من الخليج يؤثر على الأزمة في اليمن؛ يخشى المجتمع الدولي من الحوثيين باعتباره جماعة متمردة قادرة على استهداف منشآت النفط في السعودية والإمارات، واستهداف السفن أو احتجازها في المياه الدولية، ما سيرفع التضخم في الغرب لمستويات قياسية. يستغل الحوثيون والإيرانيون هذه المخاوف لخدمة أغراضهم، لذلك في ظل حرص الغرب على استمرار الهدنة في اليمن فإنه يضغط على الطرف الحكومي على تقديم التنازلات وتنفيذ اشتراطات الحوثيين من باب درء المخاطر مبرراً ذلك أنه لا يمتلك أي ضغوط على الحوثيين؛ في الوقت ذاته يمنح تنازلات أخرى بعدم انتقاد سلوك الإماراتيين في المحافظات الجنوبية والتي شهدتها أحداث أغسطس/آب 2022 في محافظة شبوة والتحركات في الشرق، على الرغم من تأثير ذلك على تنشيط تنظيم القاعدة الذي يعيد ترتيب صفوفه في ظل تفكك الحكومة اليمنية. 

-  دور سلبي للأمم المتحدة: استمر الدور السلبي للأمم المتحدة، وخلال سنوات الحرب وافق الحوثيون على تنازلات بوساطات أممية -خلال فترة المبعوثين الثلاثة- لكن لم ينفذوا أياً من هذه التنازلات. في الواقع رفض الحوثيون خلال هذه الهدنة أي مخاوف تحدث عنها مسؤولو الأمم المتحدة، لقد رفض الحوثيون مقابلة المبعوث الأممي بعد انتقاده هجوم الجماعة على مدينة تعز[8]، وانتقاده لهجوم دموي على "حي الموشكي" أدى إلى مقتل أطفال[9]؛ لقد رفضوا أي مبادرات للمبعوث بشأن فتح طرقات تعز رغم امتعاض الحكومة المعترف بها دولياً من تلك المبادرات وموافقتها على مضض[10]. يعود ذلك بشكل أساسي أن أي مبادرة لم تسفر عن عواقب لعدم التنفيذ بما في ذلك الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيين. فلم يكن هنا رادع يدفع الحوثيين لتغيير الحوثيين من سلوكهم تجاه المبادرات.  

أدى تفوق الحوثيين على الأمم المتحدة مرارًا وتكرارًا في المفاوضات إلى صعوبة الانخراط بشكل هادف في عملية سلام على مستوى البلاد[11]. تحرص الأمم المتحدة على توسيع اتفاق وقف إطلاق النار لمصلحة اليمنيين لكن يبدو أن هذه الإجراءات لا تعني المواطنين في مناطق سيطرة الحكومة. على الرغم من أن المبعوث هانس غروندبرغ صريح في الحاجة إلى دفع الحوثيين للإيفاء بالتزاماتهم[12] إلا أنه لا يعرف كيف يفعل ذلك. وزار غروندبرغ طهران والتقى بالمسؤولين الإيرانيين في محاولة لدفع الحوثيين لإعادة التفاوض مع الأمم المتحدة والحكومة اليمنية لكن لا يبدو أنها ستحقق أي انجاز جديد. 

-  الولايات المتحدة: أدرك البيت الأبيض الحاجة إلى حل دائم للحرب في اليمن، وأدى ضغط بايدن على السعودية إلى تمكين الحوثيين وحلفاءهم الإيرانيين في المنطقة. واتفق بايدن[13] والحوثيين[14] على أن السلام ضروري في اليمن بالتزامن مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. ومع ذلك يرى المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيموثي ليندركينغ العقبات العديدة التي تواجه عملية السلام وكذلك عدم تعاون الحوثيين، لافتاً إلى أن هناك خط مفتوح مع الحوثيين بشأن اتفاق السلام[15]. في ظل عدم التوصل لاتفاق نووي مع إيران تبدو واشنطن متحمسة لتجميد الحرب في اليمن لفترة أطول إذا لم يكن إنهائها، خاصة مع الأزمة الأوكرانية والحاجة للنفط في دول الخليج العربي. ومخاوف من استخدام إيران للحوثيين لتعطيل الملاحة. لكن ما يوقف الحوثيين عن استهداف الملاحة ومنشآت النفط الخليجية هي المفاوضات السعودية مع إيران. 

يشير لقاء الحوثيين بإيران إلى أن خرق الهدنة محتمل بشكل كبير إذا لم تنفذ الحكومة المعترف بها دولياً والتحالف الشروط لتنفيذها "فتح كامل لمطار صنعاء وميناء الحديدة دون رقابة، ودفع رواتب الموظفين، ووقف عمليات التحالف العربي في اليمن"[16]. كان الحوثيون قد أعلنوا رغبتهم بعدم تجديد الهدنة عقب زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمملكة العربية السعودية في يوليو/تموز2022م[17].

 

 لتعزيز الهدنة وديمومة التوافق

يظل وقف إطلاق النار في اليمن، الطريق الوحيد الإجباري للطرفين في الوقت الحالي. لكن نجاحها في التوصل إلى تسوية سياسية تنهي الحرب مرتبط بعدة أمور: 

-   التجديد المستمر:

 كلما طالت مدة التفاوض والتجديد فإن موقف الطرفين يظل أكثر حدة؛ لذلك يفترض عدم تكرار تجديد الهدنة دون تنفيذ بنودها بشكل دقيق وجازم. يتطلب ذلك أن ينفذ الحوثيون التزاماتهم بسرعة ودون إبطاء. دون تحقيق ذلك ستصل الهدنة إلى طريق مسدود ولن تتمكن الحكومة المعترف بها دولياً من السيطرة على نقمة الناس ضدها وضد الحوثين وضد التحالف. 

-  الأمم المتحدة:

 لا يبدو أن الأمم المتحدة تستفيد من تجاربها، حيث تمكن الحوثيين من التفوق عليها مراراً وتكراراً ونشير في ذلك إلى أمرين رئيسيين: أ) يجب أن تكون لغة أي اتفاق دقيقة وواضحة. لا يبدو أن غروندبرغ استفاد من تجربة "اتفاق ستوكهولم" حيث استغل الحوثيون عدم دقة الاتفاق لصالحهم بشأن الانسحاب من مدينة الحديدة وتسليم إيرادات الميناء لحساب خاص في البنك المركزي. تكرر الأمر بشأن فتح طرقات تعز في اتفاق الهدنة الأخير، وتستمر كلمات المبعوث في عدم الإشارة إلى فتح الطرق الرئيسية المعروفة والمتعارف عليها لدى السكان. لذلك يفترض بأي حديث عن تمديد أو توسعة لاتفاق الهدنة أن يكون واضحاً ودقة في لغته وأكثر تفصيلاً ومحدداً بدقة حتى لا يتمكن الحوثيون -أو أي طرف آخر- من التهرب؛ وب) وجود عواقب بشأن خرق الهدنة، تضمن تنفيذها بشكل كامل وتتجنب سقوط ضحايا مدنيين أو إجبار مرتكب الهدنة على دفع التعويضات الباهظة لأسر الضحايا. ارتكب الحوثيون أكثر من 94% من الانتهاكات ومعظم الضحايا المدنيين ضمنها. فعدم وجود عواقب شجع الحوثيين على ارتكاب المزيد من الانتهاكات. 

-  الحكومة المعترف بها دوليا: 

لا بديل عن التئام مجلس القيادة الرئاسي والأطراف المكونة له، ولا يتم ذلك إلا باستعادة ثقة الجيش والأمن بقيادته وتوحيد القوات وقبل ذلك كله إقرار الآلية المنظمة لعمل المجلس الرئاسي. وجود قوة جاهزة لردع الحوثيين وحماية المناطق التابعة للحكومة ضرورية لإجبار الحوثيين على تنفيذ التزاماتهم، بدون ذلك لا يوجد ما يجبر الحوثيين على تنفيذها؛ ويجبر الحكومة والتحالف على تقديم التنازلات لأنها بحاجة للهدنة بسبب تشتت القوات والجهود.

كما أن هذا التفكك يشجع التنظيمات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة على التحرك لاستهداف الحكومة وقواتها ومسؤوليها لتبقى المناطق الحكومية دون استقرار أمني. وتقديم الحوثيين كبديل لمواجهتها. 

إن عدم تمكين السعودية للقوات في محافظات التماس مع الحوثيين من الحصول على أسلحة نوعية لإحداث نوع من التوازن يمنع الحوثي من التفكير في اجتياحها، وعدم الضغط علي مكونات المجلس الرئاسي كسلطة توافقية وتشاركية، وتوحيد القوات؛ يثير علامات تعجب من ثقتها بنتائج تفاوضها مع الحوثيين والإيرانيين، ومستقبل سياستها تجاه اليمن، خاصة في ظل ذهاب حليفتها الإمارات إلى تأسيس وجود دائم في البلاد والسعي لاستبدال مؤسستي الجيش والأمن بالمليشيات التي دربتها وتمولها. وخطر ذلك على الأمن القومي على اليمن والسعودية في المقام الأول وباقي دول مجلس التعاون الخليجي. كما أن عدم تسليم المنحة المالية للبنك المركزي اليمني في عدن وتعزيز موقف الحكومة التي يفترض أن الرياض وأبوظبي تدعمانها، يثير تساؤلات إن كانت ستُدفع بعد خضوع الحكومة لاشتراطات الحوثيين بشأن توحيد البنك وصرف رواتب الموظفين لتعتبر انجازاً للحوثيين لا للحكومة وحلفائها!

-  المجتمع الدولي:

 يفترض التعامل مع الأزمة اليمنية خارج إطارات العداء مع إيران وإرضاء دول الخليج العربي. ويجب عدم تشجيع الميليشيات والكيانات ما دون الوطنية بسبب أطماع أو مصالح تخصها ومن ذلك: أ) توقف شركات النفط والغاز التي تنشط في المحافظات الجنوبية تحت حماية ميليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي، وأن يكون أي تنقيب أو عقود بعد انتهاء الوضع الحالي للبلاد والوصول لمرحلة توافق واستقرار سياسي وأمني؛ تسبب هذه العقود في تحول الحرب في البلاد إلى حروب صغيرة بميليشيات متعددة الولاءات للخارج وتخرجها من الحالة الوطنية؛ وب) التوقف عن منح جماعة الحوثي الامتيازات والاعتراف الدبلوماسي بسبب المخاوف من هجماتهم على منشآت النفط في الخليج العربي والملاحة البحرية؛ يعزز ذلك من سلوكهم المنهجي العنيف الرافض لتقديم أي تنازلات. 

والتذكر دائماً أن ما يحدث خلال هذه المُدة هو تأسيس لحالة من عدم الاستقرار الدائمة في اليمن وتهديد لا يتوقف للملاحة ولمنشآت النفط؛ وللأمن الإقليمي ولا يرتبط بسلوك مؤقت تضغط عليه الحالة الأوروبية وصراعات المنطقة فقط.

 

خاتمة:

يبدو أن استمرار الهدنة خيار إجباري بالنسبة للأطراف المحلية والدولية، ورغم إن الحوثيين لا يرون أن هناك حوافز مناسبة لاستمرارها، إلا أن العودة إلى الحرب تهدد مفاوضاتهم مع السعودية، وتنعكس سلبا على المفاوضات السعودية الإيرانية أيضا، في وقت تحتاج طهران لتفاهمات الرياض لتمرير الاتفاق النووي مع المجتمع الدولي.

في المقابل يبدو أن الحكومة اليمنية والتحالف غير قابل لأي اشتراطات للحوثيين جديدة في وقت لم ينفذ الحوثي لأي بند من البنود الأممية التي وضعت لتحقيق الهدنة الأولى والثانية وقبل ذلك اتفاق السويد.

وبالتالي من الصعب قبول هدنة بشروط الحوثيين، وأي تحرك عسكري لفرض ما يعتقدون أنه شروط المنتصر سيضع الهدنة برمتها أمام الفشل، في وقت تصطدم الحرب في اليمن برفض دولي وإقليمي لأسباب أبرزها الحاجة الأمريكية والأوربية والإقليمية لاستمرار الهدنة.

فإلى جانب حاجة الإيرانيين لاستمرار الحوار مع السعودية ، تستضيف قطر مونديال كأس العالم في نوفمبر/تشرين الثاني ويريد مجلس التعاون الخليجي أن تكون في بيئة إقليمية هادئة، فيما تدخل الولايات المتحدة الانتخابات النصفية وتريد إدارة بايدن أن تحقق تقدماً في واحد من ملفات الحملة الانتخابية والترويج لإنهاء الحرب في اليمن بعد أن فشلت في جعل السعودية أكثر عزلة، كما يحتاج الأوربيون لتأمين تدفقات النفط والغاز من المنطقة دون عراقيل مع تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي هددت مصادر الطاقة في توقيت حساس والشتاء يطرق الأبواب.

أما إذا فشلت الهدنة وعادت الحرب فإن العودة إلى وقف إطلاق النار والوصول إلى اتفاق سلام سيكون أكثر صعوبة، وتداعيات ذلك لن تكون يمنية فحسب، بل تأثيرها سيكون إقليمياً ودولياً.

 

مراجع:

[1] مرصد الهدنة في اليمن التابع لمشروع بيانات الأحداث والنزاع المسلح

https://acleddata.com/middle-east/yemen/yemen-truce-monitor/

[2] مصدر حكومي مطلع على المفاوضات تحدث لمركز أبعاد في 20/9/2022

[3] إحاطة إلى مجلس الأمن للأمم المتحدة من المبعوث الخاص إلى اليمن 31/ أغسطس/آب2022

https://is.gd/Bh1cuv

[4] مسؤول حكومي مطلع على المشاورات لوحدة الرصد في مركز أبعاد 15/9/2022م.

[5] حذر من رد جماعته .. قيادي حوثي: التحرك الأميركي في البحر الأحمر يعطي قراءة سوداويّة للهدنة

https://almawqeapost.net/news/71834

[6] US official says Yemen rebels fire missile into busy Red Sea

https://is.gd/gAbwCZ

[7] الحوثيون يهددون بالاستيلاء على السفن التجارية في البحر الأحمر

https://www.yemenmonitor.com/Details/ArtMID/908/ArticleID/69669

[8] THE SPECIAL ENVOY FOR YEMEN, HANS GRUNDBERG, STRONGLY CONDEMNS THE ATTACK ON TAIZ

https://osesgy.unmissions.org/special-envoy-yemen-hans-grundberg-strongly-condemns-attack-taiz

[9] إحاطة إلى مجلس الأمن للأمم المتحدة من المبعوث الخاص إلى اليمن 31/ أغسطس/آب2022

https://is.gd/Bh1cuv

[10] فريق حكومة اليمن ينتقد تراجع غروندبرغ عن مقترحه

https://is.gd/GHClpK

[11] The Houthis Are Gaming Yemen’s Cease-Fire

https://www.worldpoliticsreview.com/yemen-war-cease-fire-houthis/

[12] إحاطة إلى مجلس الأمن للأمم المتحدة من المبعوث الخاص إلى اليمن

https://is.gd/ux3qya

[13] Remarks by President Biden Before the 77th Session of the United Nations General Assembly

https://is.gd/b4f4qH

[14] المشاط: حان وقت السلام وهذه شروط بناء الثقة

https://adengad.net/public/posts/639269

[15] مقابلة المبعوث الأمريكي تميوثي ليندركينغ مع تلفزيون الحدث 22/9/2022 https://youtu.be/jbbem5VdcqA  

[16] آتش‌بس کنونی مرحله‌ای برای ورود به رفع محاصره کامل و گفت‌وگوهای سیاسی در یمن باشد

https://irna.ir/xjKwtc

[17] Yemen Shiite Houthi Rebels Say They Will Not Extend Truce

https://is.gd/r4BzTc

نشر :