ملخص الدراسة
تتناول الدراسة واقع محافظة حضرموت بالتركيز على أهميتها الاستراتيجية والجيوسياسية، كونها أكبر محافظات اليمن من حيث المساحة، وهي أكثر محافظة إنتاجاً للنفط ورفداً لموارد الدولة.
وباتت في السنوات الأخيرة تتصدر المشهد السياسي اليمني بالنظر لأهميتها وما تشهده من تطورات متصلة بالمشاريع السياسية المتنافسة فيها حيناً والمتصارعة عليها أحياناً أخرى، وخلال الفترة الماضية ظلت حضرموت حاضرة في مختلف المراحل والتحولات التي عاشتها اليمن، وبالتالي فقد انعكست عليها تداعيات الصراعات السياسية التي هي إحدى سمات المشهد في اليمن.
وتناقش الدراسة أبرز المكونات التي تتبنى "قضية حضرموت"، وتناضل من أجل رفع التهميش عنها، والارتقاء بواقعها تبعاً لامتيازاتها الجغرافية والاقتصادية، وتطالب أن يكون لحضرموت حضور يوازي أهميتها الاستراتيجي ومساحتها الجغرافية ودورها السياسي ومواردها الاقتصادية، وثمة من ينظر إليها كوحدة سياسية وجغرافية مكتملة، بمعنى أن بإمكانها أن تصبح دولة في المستقبل، وفق بعض الرؤى والتصورات التي تبلورت في السنوات الأخيرة.
كما تسلط الدراسة الضوء على أبرز المشاريع المتصارعة في حضرموت، مع استحضار عوامل الصراع الداخلي وروافده الإقليمية، ودور العوامل الخارجية في تأجيج الصراع أو التخفيف من حدته والتقليل من آثاره وتداعياته.
مقدمة
أسفرت المشاورات التي ضمت قيادات وشخصيات سياسية واجتماعية حضرمية عن تشكيل "مجلس حضرموت الوطني"، كحامل سياسي لتطلعات المجتمع الحضرمي، كما قال بيان الإعلان.
واستمرت المشاورات التي جاءت بدعم ومباركة سعودية قرابة ثلاثين يوماً، احتضنتها الرياض وشارك فيها شخصيات حضرمية من مختلف التيارات السياسية والمناطق والقبائل، وضمت رموز اجتماعية ورجال أعمال وشخصيات حضرمية مقيمة في دول المهجر، وهو ما يجعل للمكون الجديد مساحة تمثيل واسعة.
وقد أخذت محافظة حضرموت في الآونة الأخيرة تحتل موقع الصدارة في المشهد السياسي لعدة عوامل استراتيجية واقتصادية وجغرافية، فهي تعد أغنى محافظة يمنية بالنفط كما أنها أكبر المحافظات من حيث المساحة، فضلاً عن موقعها المطل على البحر العربي جنوباً، ومحاذاة الحدود السعودية شمالاً، وباتت تشهد صراعاً محموماً بين عدة مشاريع سياسية تتركز حول مستقبل حضرموت.
وظهر عدد من المكونات الحضرمية خلال السنوات العشر الأخيرة، وهي مكونات تُعلي من مكانة حضرموت وتؤكد استقلالها باعتبارها وحدة سياسية واقتصادية وجغرافية مستقلة، ومن أبرز المكونات التي ظهرت في هذا الصعيد، "العصبة الحضرمية"، و"الهبة الحضرمية"، و"مؤتمر حضرموت الجامع"، و"حلف قبائل حضرموت"، وأخيراً "مجلس حضرموت الوطني"، بالإضافة إلى وجود فروع للأحزاب السياسية الرئيسية والحراك الجنوبي والمكونات السياسية الأخرى التي تأسست مؤخراً، ومنها المجلس الانتقالي الذي يتبنى المطالبة بانفصال جنوب اليمن.
وفي هذا السياق تحاول الدراسة أن تسلط الضوء على محافظة حضرموت موقعاً وأهمية وحضوراً، مع استعراض أهم المكونات السياسية والاجتماعية الفاعلة، ومشاريعها السياسية ورؤاها الخاصة بحضرموت في واقعها الراهن وتصوراتها بشأن المستقبل.
الموقع والأهمية
تقع محافظة حضرموت في جنوب شرق الجمهورية اليمنية، يحدها من الجنوب بحر العرب، ومن الشرق محافظة المهرة، ومن الشمال السعودية ومن الغرب محافظات شبوة ومأرب والجوف.
تمثل مساحة حضرموت 36 % من مساحة اليمن البالغة 555 ألف كم2، وتضم 28 مديرية، موزعة بين منطقتي الساحل والوادي، وفيما تعد المكلا- عاصمة المحافظة، أهم مدن الساحل، فإن تريم وسيئون تعتبران من أهم مدن وادي حضرموت.
أثناء الاستعمار البريطاني لجنوب اليمن، كانت محافظة حضرموت إحدى المستعمرات البريطانية التي ألحقت بمستعمرة عدن، وذلك بعدما نجحت بريطانيا في إبرام اتفاقيات حماية مع زعماء المناطق المختلفة في جنوب اليمن. وبعد الاستقلال ورحيل الانجليز في العام 1967 صارت حضرموت إحدى محافظات الدولة الجديدة.
تقع محافظة حضرموت على شريط ساحلي ممتد على شاطئ بحر العرب، يبلغ طوله 620 كم، وتوجد فيها عدة موانئ، أبرزها ميناء المكلا، وميناء الشحر (الضبة)، ويعد هذا الأخير أحد خطوط النقل اليمنية الثلاثة الرئيسية لنقل النفط الخام من مناطق الإنتاج إلى المنافذ البحرية، إلى جانب ميناء بلحاف على البحر العربي، وميناء رأس عيسى على البحر الأحمر غربي اليمن، وقد أنشئ ميناء الشحر (الضبة) في العام 1993، ومنه يتم تحميل وشحن السفن بالنفط الخام من المسيلة وشرق شبوة وحواريم وغيرها من الحقول القريبة، وفي أكتوبر/تشرين أول الماضي (2022)، تعرض الميناء لهجوم ، وقالت الحكومة اليمنية حينها إنها اعترضت طائرات مسيرة مسلحة تابعة للحوثيين، أُطلقت على ميناء الضبة النفطي عندما كانت ناقلة النفط اليونانية "نيسوس" تستعد للرسوّ لتحميل مليوني برميل من النفط الخام من الميناء[1].
وتوجد في حضرموت عدة حقول نفطية تعتبر أكبر رافد لخزينة الدولة، حيث تصدر حقول النفط في حضرموت أكثر من 80% من النفط اليمني[2]. وأهم هذه الحقول حقل المسيلة الذي بدأ إنتاجه في العام 1993، ويحتل المركز الأول على مستوى اليمن.
ونجد هنا أن عوامل وأسباب كثيرة جعلت حضرموت تتبوأ مكانة مهمة في الخارطة السياسية والاقتصادية اليمنية، وكذلك لدى الدول المجاورة وكثير من الأطراف الإقليمية والدولية، خاصة في السنوات الأخيرة حيث زادت حدة الاستقطابات الداخلية والخارجية، بسبب الصراعات السياسية والنزاع المسلح وضعف مؤسسات الدولة في اليمن التي تعيش حرباً شاملة منذ الانقلاب الحوثي في سبتمبر/أيلول 2014.
وكما تدرك القوى اليمنية أهمية حضرموت، فإن الفاعلين الخارجيين- سيما في السعودية والخليج – يضعون في اعتبارهم أهمية حضرموت، ويتعاملون معها بطريقة خاصة، مستفيدين من وجود كتلة سكانية حضرمية كبيرة هاجرت قديماً واستقر كثيرون منهم في السعودية والخليج العربي، وباتوا جزءاً من التركيبة السكانية للدول التي انتقلوا إليها.
الصراع السياسي ينعكس على حضرموت
كغيرها من المحافظات اليمنية – وجدت حضرموت نفسها في خضم الصراع السياسي الذي طبع المشهد اليمني – خاصة في العقد الأخير، وإن ظلت سمة الطابع السلمي الحضرمي هي المسيطرة والغالبة في الأحداث والتطورات التي شهدتها المحافظة، فقد انخرط جزء من أبناء حضرموت ضمن فعاليات الاحتجاج التي انطلقت في مناطق الجنوب بداية العام 2007، وعُرفت بـ"الحراك الجنوبي"، كما شاركت حضرموت في الثورة الشعبية ضد نظام الرئيس السابق علي صالح في العام 2011، وبعدها شارك الحضارم في "مؤتمر الحوار الوطني الشامل" خلال الفترة (مارس/أذار 2013: يناير/كانون ثان 2014)، وأثناء الحوار ظهرت أصوات حضرمية تتبنى "قضية حضرموت" من خلال المطالبة بإنشاء إقليم حضرموت، أو "الإقليم الشرقي" الذي يضم إلى جانب محافظة حضرموت المحافظات الثلاث المجاورة: شبوة والمهرة وسوقطرى.
أواخر العام 2013 كانت حضرموت على موعد مع انطلاق "الهبة الحضرمية"، التي جاءت في البداية كردة فعل من قبائل حضرموت على بعض الممارسات والإجراءات الحكومية، ثم تطورت لاحقاً لتصبح لافتة تضم كثيراً من فعاليات حضرموت السياسية والاجتماعية وشخصياتها وقياداتها ومسؤولين في الحكومة والسلطة المحلية.
وخلال الفترة نفسها تعرضت حضرموت لعدة هجمات شنها مسلحو تنظيم القاعدة، مستهدفين السياح الأجانب تارة، والمنشئات الاقتصادية ومسؤولي الحكومة ومنتسبي المؤسسة الأمنية والعسكرية تارة أخرى، حتى وصل الأمر إلى سيطرة تنظيم القاعدة في العام 2015، على مناطق عدة في حضرموت بما في ذلك العاصمة المكلا وقيادة المنطقة العسكرية الثانية ومؤسسات الدولة والميناء والبنوك والمنشئات الرسمية، بعد انسحاب وحدات عسكرية بصورة مفاجئة سهّلت سيطرة القاعدة، واستمرت سيطرة القاعدة نحو عام، بعدها تم طرد القاعدة من قبل القوات الحكومية بدعم من التحالف العربي الذي تقوده السعودية، في أبريل/نيسان 2016.[3]
وقد شكلت حضرموت خلال فترة الحرب مناطق آمنة للنزوح من المحافظات التي تعرضت للهجوم الحوثي وصارت ساحة للحرب، فيما بقيت حضرموت بمنأى عن الهجوم الحوثي، وبالتالي حافظت على مستوى أفضل من حيث البنية التحتية واستتباب الأمن، مقارنة بالمحافظات الأخرى التي تردت الأوضاع فيها خلال سنوات الحرب بشكل كبير.
مشروع حضرموت ومكوناته
برزت في السنوات الأخيرة عدة مكونات تتبنى المطالبة بحقوق حضرموت، بعضها يتبنى المطالب الحقوقية والخدمية، وبعضها يتضمن المطالب السياسية والمتعلقة بمستقبل حضرموت، ونستعرض فيما يلي أهم المكونات التي ظهرت في العقد الأخير، وأبرز أفكارها ورؤاها عن واقع حضرموت ومستقبلها.
العصبة الحضرمية
في العام 2003 تأسست "المنظمة الوطنية لتحرير حضرموت" حتوم، على يد "عبدالله سعيد باحاج"، وتدعو إلى "تقرير المصير لسكان حضرموت، واستعادة دولتهم المستقلة"[4]، وفيما بعد تشكلت عدة حركات ومكونات تتبنى قضية حضرموت، منها: "جبهة إنقاذ حضرموت"، و"التجمع الوطني الحضرمي"، و"تكتل صحوة شباب حضرموت"، و"التكتل الشبابي الجامعي"، إضافة إلى "ائتلاف شباب حضرموت الأحرار"، و"تجمع حضارم لأجل الجنوب"، ومنها تشكلت "عصبة القوى الحضرمية" في مايو/أيار 2012[5]. وتنطلق العصبة من فكرة مفادها أن حضرموت دولةٌ مستقلةٌ تعرضت للاحتلال مرتين، المرة الأولى في العام 1967 من قبل اليمن الجنوبي، والثانية في العام 1990 من قبل دولة اليمن التي ضمت دولتي شمال اليمن وجنوبه، وقد صارتا دولة واحدة هي "الجمهورية اليمنية"[6].
وقامت العصبة الحضرمية بدور فاعل خلال عامي 2012 و 2013 بالتعريف بالقضية ومطالب حضرموت ومكوناتها، خاصة أثناء انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، وقدّمت العصبة حينها رؤية سياسية شاملة حول ما أسمته "حقوق الشعب الحضرمي المشروعة بموجب القوانين الدولية وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره واستعادة دولته المستقلة"[7].
وترى العصبة الحضرمية في رؤيتها أن "لحضرموت الحق الكامل في العودة لوضعها وكيانها الطبيعي السابق والمستقل من دون تبعية للشمال أو الجنوب، من خلال التشريعات والدساتير التي تحفظ وتكفل لها تثبيت وتنفيذ تحقيق إرادتها في تقرير مصيرها، والمترتبة على أية تسوية سياسية قادمة، وأن هذا الحق ثابت وأصيل حتى وإن لم تتم له أي تسوية في المنظور القريب. فهو حق ليس محصوراً على زمن مُعيّن ولا على فئة أو مجموعة بذاتها لا تمثل مجموع الشعب الحضرمي"[8] .
قبائل حضرموت والهبة الشعبية
في ديسمبر/كانون أول 2013 أعلن تحالف قبائل حضرموت، انطلاق "الهبة الشعبية" عقب مقتل الشيخ سعد بن حبريش، زعيم قبيلة الحموم إحدى قبائل حضرموت، برصاص جنود يتبعون الجيش، بالقرب من حاجز أمني، وتبنت قيادة الهبة عدة مطالب منها تسليم قتلة بن حبريش، وانسحاب قوات الأمن والجيش من النقاط الأمنية وتسليمها لقبائل حضرموت، كما طالب المحتجون بتحسين أوضاع الخدمات في حضرموت، وتمكين أبنائها من إدارة مناطقهم وإسناد مهام حفظ الأمن وحماية الشركات الأجنبية لأبناء المحافظة نفسها.
ومع أن الهبة ارتبطت بحادثة معينة إلا أنها توسعت فيما بعد ولاقت التأييد والمساندة من قوى ومكونات وشخصيات حضرمية من مختلف القوى السياسية، وظل حلف قبائل حضرموت يتصدر المشهد سياسياً واجتماعياً وإعلامياً بالبيانات والمواقف التي كان يعلنها بين فترة وأخرى.
ومنذ انطلاق الهبة التي تعرف بالهبة الأولى، تصاعدت المطالب الحقوقية والسياسية لأبناء حضرموت، وصار حلف قبائل حضرموت، ومؤتمر حضرموت الجامع الذي تشكل في أبريل/نيسان 2017، على رأس القوى والمكونات الحضرمية التي تتبنى مطالب حضرموت، وتحظى هذه المكونات والمطالب بتأييد شعبي واسع، كما أن السلطة المحلية في المديريات والمحافظة تبدو منسجمة مع هذه المكونات، خاصة وأن بعض قيادات المكونات مشاركون في السلطات المحلية، كما هو حال الشيخ/ عمرو بن حبريش رئيس حلف قبائل حضرموت، رئيس مؤتمر حضرموت الجامع، ويشغل منصب وكيل أول لمحافظة حضرموت.
وفي ديسمبر 2021 انطلقت الهبة الثانية، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والتدهور المعيشي جراء انهيار سعر العملة المحلية اليمنية أمام العملات الأجنبية، وعرف هذا التصعيد بـ"الهبة الثانية"، وكان قد بدأ الحراك الشعبي من مؤتمر "حرو" بوادي حضرموت، وصولاً إلى "اعتصام العيون" في الهضبة الحضرمية التابعة إدارياً لساحل حضرموت، وتواصل التصعيد حتى توافق المحتجون على مباشرة خطوات تصعيدية جديدة شملت: منع تصدير النفط، وإنشاء النقاط الشعبية على مداخل ومخارج حضرموت، وإيقاف تصدير الثروة السمكية والحيوانية والزراعية حتى استيفاء حاجة السوق المحلي[9]. ونفذ المحتجون هذه الخطوات ثم تراجعوا عنها فيما بعد.
مجلس حضرموت الوطني
في 20 يونيو/حزيران الجاري (2023)، تم الإعلان عن تشكيل مجلس حضرموت الوطني، بعد سلسلة مشاورات احتضنتها الرياض ورعتها المملكة العربية السعودية، وشارك فيها قيادات ورموز سياسية واجتماعية حضرمية واستمرت نحو شهر كامل، الأمر الذي يجعل مساحة تمثيل المجلس أوسع من كل التيارات التي تشكلت في السنوات الماضية، ووُصف المجلس في بيان إشهاره بـ"الحامل السياسي لتطلعات المجتمع الحضرمي"، كما أن الجلسة الختامية للمشاورات التي أعلن فيها تشكيل المجلس الجديد حضرها السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر ومحافظ حضرموت مبخوت بن ماضي، شهدت إصدار "الوثيقة السياسية والحقوقية الحضرمية"، التي تضمنت نتائج المشاورات الشاملة، كما اشتملت على "بنود رئيسة تلبي تطلعات أبناء حضرموت وحقهم في إدارة شؤونهم السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية، بهدف تخفيف المعاناة الانسانية وتنمية حضرموت لتكون نموذج وبداية استعادة السلام والاستقرار في الوطن"[10].
وأكدت الوثيقة على "وحدة حضرموت وحق ابنائها في ادارة شؤونهم الاقتصادية والسياسية والامنية، مع الإقرار بالتعددية السياسية والاجتماعية في حضرموت والمحافظات الجنوبية، والتأكيد على الالتزام بالأهداف المشتركة مع تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية". كما أكدت الوثيقة "حق الشعب في حضرموت عبر مكوناته المختلفة بالمشاركة العادلة في صناعة القرار السيادي والتمثيل في الغرف البرلمانية والهيئات الحكومية والاستشارية والتفاوضية بما يضمن حماية المصالح الحيوية لأبناء حضرموت بشكل مستقل، والتعهد بتحييد المؤسسات الخدمية والأمنية والعسكرية عن أي اختلافات بينية، وصياغة اعلان مبادئ على نطاق واسع يضمن تماسك الجبهة الداخلية وردع أي تهديدات تستهدف حضرموت والمناطق المحررة ودول الجوار والأمن والسلم الدوليين"[11]، وتدعم الوثيقة السياسية والحقوقية الحضرمية "أي اجراءات تدريجية تسعى لمعالجة المظالم وإيجاد آليات متوافق عليها للانتقال للتسوية السياسية النهائية"[12].
ويضم المجلس عدداً من المكونات الحضرمية، وفي مقدمتها: مؤتمر حضرموت الجامع، ومرجعية حضرموت الوادي، وحلف حضرموت الساحل والهضبة، والعصبة الحضرمية، والهبة الحضرمية (مخيم العيون)، وميثاق الشرف الحضرمي، كما ضم عشرات الشخصيات والقيادات الحضرمية السياسية من الوزراء والنواب والوكلاء والأكاديميين والعسكريين والأمنيين ورجال المال والأعمال.
ومع صعوبة تقييم المجلس الذي أعلن عنه ومعرفة دوره وحجمه وتأثيره- على الأقل في الوقت الراهن حيث لا يزال في طور التشكل والنشأة وفي مرحلة التأسيس، إلا أنه يمكن القول أن المجلس يملك العديد من نقاط القوة وأهمها أنه حظي بتوافق أكبر قدر من المكونات والتكتلات والشخصيات المشاركة في مشاورات الرياض، كما أنه يأتي بدعم سعودي واضح، فقيادة المملكة كانت قد وجهت الدعوة للشخصيات الحضرمية البارزة للمشاركة في هذه المشاورات، وجاءت نتائج المشاورات متوافقة مع رغبة المملكة في توفير أجواء آمنة في حضرموت ومحيطها الجغرافي، والعمل على تجنيبها الانزلاق في مربع الصراعات التي تعصف بكثير من المحافظات اليمنية، لما تمثله حضرموت من أهمية استراتيجية وسياسية واقتصادية للداخل اليمني والمحيط الإقليمي وفي المقدمة السعودية وبقية دول الخليج العربي.
وفي مقابل الإجماع الحضرمي والدعم السعودي للمجلس فإنه سيواجه صعوبات وتحديات كثيرة إذا ما انتقل للعمل في الميدان، خاصة مع المجلس الانتقالي الذي يعتبر نفسه الممثل الحصري لأبناء المحافظات الجنوبية- بما فيها محافظة حضرموت، أي أن الانتقالي قد يرى في هذا المكون الجديد تهديداً له، سيما وأن مجلس حضرموت يقف على النقيض من التوجهات الانفصالية التي يتبناها الانتقالي، كما أن ظهوره بهذه القوة منذ لحظة إعلانه بدون شك سيسحب البساط من تحت أقدام الانتقالي، وسيفقده الكثير من نقاط القوة التي اكتسبها خلال السنوات الماضية، خاصة في محافظة حضرموت.
الانتقالي في حضرموت
كان المجلس الانتقالي الذي تأسس في مايو 2017 بدعم إماراتي، قد استوعب في صفوفه عدداً من الشخصيات الحضرمية، وقد حاول من خلال عناصره التأثير في الحراك الحضرمي المتصاعد، بهدف احتوائه وتوظيفه والدفع به لتبني المطالبة بانفصال جنوب اليمن عن شماله، وهو خطاب المجلس الانتقالي، وفيما نجح في التأثير على كثير من أبناء حضرموت، إلا أنه أخفق في اختراق الكتل الحضرمية الكبرى وعلى رأسها حلف حضرموت، ومؤتمر حضرموت الجامع، ما جعله يدفع بعناصره لإعلان مكونات جديدة منشقة عن تلك المكونات، ومن ذلك تشكيل (كُتلة حلف وجامع حضرموت من أجل حضرموت والجنوب)، وهو كيان انشقت قياداته عن "مؤتمر حضرموت الجامع" و"حلف حضرموت"، بدعم من المجلس الانتقالي[13]، ويقف على رأس هذه الكتلة المقدم سالم بن سميدع والشيخ حسن الجابري، وتولى هذا الأخير قيادة التصعيد في الهبة الثانية المعروفة لجنة حرو.
ومن خلال هذه الكتلة باشر الانتقالي تصعيد خطابه تجاه حضرموت، خاصة في موضوعه الأثير، المتمثل في مهاجمة المنطقة العسكرية الأولى والمطالبة بإخراجها من وادي حضرموت باعتبارها "تابعة لقوات الاحتلال اليمني"، كما تقول بيانات الانتقالي، الذي توعد أكثر من مرة بتحرير وادي حضرموت من تلك الوحدات التي ينتمي منتسبوها لعدة محافظات يمنية.
تواصلت جهود الانتقالي عبر ممثليه في حضرموت وعبر قياداته الرئيسية في عدن- من أجل توسيع رقعة حضوره في المشهد السياسي الحضرمي، خاصة في الشهور الأولى من العام الجاري (2023)، وفي إطار الإعداد للقاء الذي نظمه الانتقالي بداية مايو الماضي، وبدا حريصاً على استيعاب مكونات حضرموت في هذا اللقاء الذي استمر فترة طويلة في الإعداد والترتيب لانعقاده، غير أن الرفض الحضرمي كان وضحاً، سيما من خلال بيانات المكونات والكتل الكبرى، وفي مقدمتها حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع والعصبة الحضرمية والهبة الحضرمية والكتلة النيابية.
وقالت قيادة الهبة الحضرمية إنها تتابع "إصرار وتعنّت المجلس الانتقالي الجنوبي لجر حضرموت لتبعية الجنوب، رغم إدراكهم العميق بأن حضرموت وشعبها قد حددوا خياراتهم في رفض التبعية والتمسك باستقلال قرارها السياسي وسيادتها على أرضها وثرواتها وإدارة شؤونها المدنية والعسكرية والأمنية بصورة مستقلة، وإن حضرموت ندّ للجنوب والشمال"[14].
لقاء سيئون واجتماعات الرياض
ما إن انتهى اللقاء الموسع الذي أقامه المجلس الانتقالي في عدن، حتى أعلنت قيادة المجلس أنها سوف تعقد اجتماع الجمعية الوطنية (برلمان مُعيّن للمجلس الانتقالي)، في مدينة المكلا عاصمة حضرموت، في محاولة لتخفيف حدة الأثر الناجم عن بيانات الرفض الحضرمية للقاء الانتقالي في عدن، وبالفعل عقدت الجمعية اجتماعها في المكلا، وسط احتشاد واسع لجماهير الانتقالي، لكن مع موجود منغصات أفسدت عليه فرحته.
ومع أنه سبق للانتقالي إقامة فعاليات ولقاءات في حضرموت، إلا أن هذا اللقاء كان له بعض الاعتبارات، منها أنه جاء بعد أيام قليلة على لقاء عدن الذي قوبل برفض أغلب مكونات حضرموت، كما أن هذا اللقاء جاء بعد انتصار نوعي حققه الانتقالي من خلال احتوائه المحافظ السابق/ فرج البحسني – عضو مجلس القيادة الرئاسي الذي تم تعيينه نائباً لرئيس المجلس الانتقالي، الأمر الذي رأى فيه مراقبون تحولاً جديداً في موقف البحسني الذي ظل خلال الفترة الماضية يفضل إمساك العصا من الوسط بالذات حين كان محافظا لحضرموت.
وفيما كانت جمعية الانتقالي تستعد لعقد اجتماعها، تداعت المكونات الحضرمية لعقد لقاء تشاوري في مدينة سيئون، أكد على ندية حضرموت في أي تسوية سياسية قادمة، وعدم تبعيتها لأي طرف، ورفض المشاركون في اللقاء جرّ حضرموت للصراعات والتجاذبات السياسية، وقدم ذلك دليلاً آخر على استقلال حضرموت وعدم تبعيتها لأي مشروع خارجي، بما في ذلك مشروع الانتقالي الذي يدرك أن انفصال الجنوب بدون حضرموت سيكون محصوراً في مساحة جغرافية محدودة تقتصر على عدن وعدد من المناطق المجاورة.
وشدد البيان الصادر عن لقاء سيئون على "أن حضرموت إقليم مستقل في أي تسوية قادمة، أو أنها ستذهب باتجاه دولة مستقلة عن الشمال والجنوب"، و"إن قضية حضرموت قضية أساسية بين جملة من القضايا اليمنية كقضية تهامة وقضية صعدة وغيرها من القضايا، والحضارم يسعون لحلها على طاولة مستديرة للحوار اليمني اليمني، وفي حال لم يتفق الشركاء فحضرموت ستذهب لدولة مستقلة"[15].
ولم يقتصر موقف المجتمعين في سيئون على رفض مشروع الانتقالي فقط، بل إنهم رأوا في "دخول الانتقالي محافظة حضرموت، بمعية أرتال من العربات المدرعة (الإماراتية)، استفزازًا لأبناء حضرموت، ورسالة تقول إن الانتقالي على استعداد لاستخدام القوة متى ما استدعى الأمر، وعلى أبناء حضرموت أن يقبلوا بذلك"[16]، ورأى بعض الحضارم في هذا السلوك "مسعى من الانتقالي وداعميهم في أبوظبي، لتفجير الوضع في منطقة رخوة وحساسة جدًا للمملكة العربية السعودية لإشعال الحرب الأهلية، بعد أن فشلوا بإشعالها بطريقة أخرى، فأرادوا إشعالها الآن بهذا الشكل الاستفزازي انطلاقًا في حضرموت"[17].
وبعد انتهاء لقاء سيئون، تلقت قيادات وشخصيات حضرمية دعوات عاجلة للتوجه إلى الرياض لمناقشة أوضاع حضرموت السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وغيرها من القضايا والتحديات، ما يعني أن السعودية تقف مع المكونات السياسية والاجتماعية والرموز والقيادات الحضرمية في تبني مطالب حضرموت والدفاع عنها، بعيداً عن الخطاب الانفصالي الذي يسعى لإثارة الصراعات وتوسيع رقعة الحروب، وأضاف هذا الأمر تعقيداً جديداً للمجلس الانتقالي الذي تصور أن احتواء البحسني كفيل بترجيح الكفة لصالحه في حضرموت، لما له من ثقل عسكري باعتباره قائد "قوات النخبة"، وسياسي كونه ممثل حضرموت في مجلس القيادة الرئاسي.
وتبلورت اللقاءات والمشاورات التي احتضنتها الرياض عن تشكيل مجلس حضرموت الوطني، وسبقت الإشارة إليه.
مشاريع متصارعة
كشفت التطورات الأخيرة في حضرموت عن صراع محموم بين عدة مشاريع سياسية أبرزها المشروع الحضرمي الذي يرى أن لحضرموت خصوصية تجعلها في موقع مستقل، باعتبارها نداً للعاصمتين صنعاء وعدن، ويلخص هذا المشروع رؤيته في أن حضرموت وحدة سياسية مكتملة ليست مرتبطة بأي مشروع يأتي من خارجها أو يفرض عليها، وأن حضرموت ستكون إقليماً مستقلاً في حال توافق اليمنيون على رؤية الأقاليم، أو أنها ستكون دولة مستقلة في حال وقع الانفصال بين الجنوب والشمال، وتشكلت عدة مكونات وتكتلات حضرمية في هذا الصعيد، كان آخرها "مجلس حضرموت الوطني" الذي ضم عدة مكونات وشخصيات حضرمية، وتم الإعلان عنه في الرياض أواخر يونيو 2023.
أما المشروع الثاني الباحث عن نفوذ في حضرموت فهو مشروع الانفصال الذي يقوده في الوقت الراهن المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، وعلى الرغم من جهوده المتواصلة في محاولات الاحتواء والاستقطاب إلا أنه أخفق في تحقيق هدفه، وتجلى ذلك في الرفض الذي مُني به إبان عقده لقاء عدن، ورفضته مكونات حضرموت، وعلى رأسها المكونات الكبرى (الهبة والحلف والمؤتمر الجامع).
بذل الانتقالي الكثير من الجهود لأجل احتواء حضرموت- أو جزء منها من خلال الانتقال إلى المكلا بقوة عسكرية نوعية وقيادات سياسية ونشطاء وحملة إعلامية مصاحبة، وختمها بالإعلان أن اسم حضرموت سيكون أحد الأسماء المقترحة لدولة الجنوب المزمع إقامتها بعد الانفصال، وهذا الطرح ليس جديداً، فقد طرحه الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال قبل أكثر من عشر سنوات، في محاولة لاحتواء التصعيد الحضرمي الذي قادته "العصبة الحضرمية" حينها. وقد قوبل هذا الإعلان بتجاهل حضرمي، بل إن بعض السياسيين والنشطاء الحضارم قابلوا الأمر بالسخرية والتقليل من شأنه وافتقاده عنصر المفاجأة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن صراع المشاريع في حضرموت وعليها، ليس مجرد حالة داخلية خاصة بالمتصارعين أنفسهم، ولكن ثمة صراع آخر على مستوى إقليمي ودولي، سيما وأن المجلس الانتقالي تدعمه وتحركه المصالح والأجندات الخاصة بدولة الإمارات باعتباره أحد وكلائها المحليين، وبالتالي فإن تحركاته صوب حضرموت تأتي بدرجة رئيسية لصالح أجندات أبوظبي وتنفيذاً لتوجيهاتها، وفي المقابل لا تخفي مكونات اجتماعية ورموز قبلية وقيادات حضرمية ارتباطها بالسعودية وحرصها على عدم التصادم معها، في ظل حالة من الوئام والتفاهم بين المملكة والحضارم امتدت عشرات السنين، وغير وارد بالنسبة للرياض أن تتنازل عن دورها وحضورها في المحافظة ذات المساحة الجغرافية الواسعة والموقع الاستراتيجي الممتد بين الصحراء على حدود السعودية وموانئ البحر العربي، ما يعني أن ثمة مصالح وعلاقات سعودية – حضرمية ستبقى حاضرة وفاعلة بقوة في الوقت الراهن وفي المستقبل.
مستقبل حضرموت
وفي سياق الحديث عن وضع حضرموت حالياً، وما يمكن أن يؤول إليه وضعها المستقبل القريب يمكن النظر إلى جملة من العوامل والمؤثرات في المشهد الحضرمي، وفي مقدمتها حالة الحرب والمفاوضات الساعية لوقفها وإحلال السلام، ذلك أن مصير حضرموت سيكون مرتبطاً بدرجة رئيسية بما ستؤول إليه اتفاقات وقف الحرب، مع وجود خصوصية لحضرموت باتت محل توافق داخلي وخارجي.
ومن العوامل أيضا حضور الدور السعودي وتأثيره، خاصة في المرحلة الراهنة، ويرتبط هذا الدور بجملة من الأسباب بعضها له صلة بالجغرافيا الممتدة- والمحاذية للمملكة، وبعضها الآخر اقتصادي بالنظر إلى أن حضرموت ذات موارد كبيرة، ونظراً لموقعها الاستراتيجي بين المملكة شمالاً والبحر العربي جنوباً، بمعنى أنها توفر منفذاً بحرياً يمكن استغلاله لصالح المملكة.
بالإضافة إلى ذلك فالسعودية وعلى مدى عقود طويلة ظلت مكاناً جاذباً لهجرة الحضارم، خاصة إبان مرحلة الحكم الاشتراكي (قبل الوحدة اليمنية) الذي دفعت إجراءاته القمعية المتشددة كثيراً من أبناء حضرموت لمغادرة البلاد والتوجه إلى السعودية وغيرها من الدول. وفي الوقت الراهن فإن جزءاً كبيراً من الحضارم الموجودين في السعودية باتوا يسهمون في صناعة المشهد الحضرمي، وقد أثبتت الأحداث الأخيرة أنه لا يمكن تجاوزهم. وهؤلاء بطبيعة الحال لهم توافقات مع الجانب السعودي على تجنيب حضرموت أي صراع سياسي قادم، مع أهمية أن توضع خصوصيتها بعين الاعتبار في أي حلول سياسية مرتقبة.
وتشكل العوامل السابق ذكرها دوافع رئيسية ومهمة قد تفضي إلى التوافق على وضع خاص لحضرموت بعد الحرب، بحيث يجنبها الصراع الذي تسعى بعض القوى جرها إليه، مع حرص المملكة على أمن واستقرار حضرموت، الأمر الذي تجلى في جهود الرياض خلال الفترة الماضية، وتجلى في استيعاب مختلف القيادات والشخصيات الحضرمية ذات الثقل الشعبي والاجتماعي.
وفيما تشكل القوى والتشكيلات العسكرية المدعومة إماراتياً في حضرموت مقومات داعمة للمجلس الانتقالي ومشروعه الانفصالي، فإن المكونات الأخرى المناوئة للانتقالي ومشروعه لا تزال تمتلك العديد من المقومات، غير أنها تفتقر لوجود قوة مسلحة قادرة على التأمين والانتشار والسيطرة على المناطق وحماية المنشئات والخدمات حال حدوث أي تطور سياسي أو أمني، والانتقالي يراهن كثيراً على قوته العسكرية سواء الموجودة في حضرموت أو التي يمكن نقلها من خارج حضرموت. خاصة في ظل الحملة المتواصلة التي يشنها الانتقالي ضد قيادة المنطقة العسكرية الأولى والسلطات المحلية والمكونات الحضرمية المناوئة لمشروعه، ويتركز معظمها في منطقة وادي حضرموت.
وفي هذا الصدد يأتي دعم السعودية لقوات جديدة تحمل اسم "قوات درع الوطن"، وتقودها شخصيات سلفية وعسكرية موالية للسعودية والحكومة الشرعية ومجلس القيادة الرئاسي الذي أصدر رئيسه رشاد العليمي في يناير الماضي (2023) قراراً قضى بتشكيل هذه القوات، لتكون "احتياطي القائد الأعلى للقوات المسلحة"،[18] وصارت بموجب ذلك القرار إحدى التشكيلات الرسمية للقوات المسلحة اليمنية. والمتوقع أن تشكل هذه القوة دعماً عسكرياً للسلطة المحلية في حضرموت لأنها إحدى مناطق انتشارها، كما أنها ستكون داعماً لـ "مجلس حضرموت الوطني" الذي بات الحامل السياسي لمطالب حضرموت وفقاً لإعلان تشكيله.
خاتمة
مع تصاعد الوضع في اليمن عامة وفي حضرموت خاصة، تتصاعد خطوات التسابق والاستقطاب بين مشاريع رئيسية باتت تتنازع السيطرة على جنوب اليمن، ففي الوقت الذي أحكم الانتقالي سيطرته على عدن ولحج وأبين والضالع، لا زالت حضرموت- ومناطق أخرى خارج سيطرته وتحت سيطرة مشاريع مناهضة لمشروع الانفصال الذي يتبناه.
منذ سنوات سبقت تأسيس الانتقالي نفسه برزت مكونات حضرمية تتبنى مطالب حضرموت وقضيتها، بالنظر إليها كوحدة سياسية مكتملة، عانت في الماضي ويلات الإقصاء والتهميش، وباتت المطالبة باستقلالها على رأس أولويات هذه المكونات الحضرمية، فيما يسعى الانتقالي لاحتواء هذه المكونات والمطالب لكن دون أن يحقق مراده باستثناء احتواء جزء من الشارع الحضرمي.
وهنا يتكشف الأمر عن صراع محموم بين مشروعي "حضرموت" و"الانفصال"، ومعه تتجلى إرادة حضرمية تبلورت عبر مشوار طويل، ومضمون رسالتها: حضرموت ندّ، ولن تكون تابعة لأي مشروع يفرض من خارجها، كما تقول بيانات المكونات والقيادات الحضرمية، واستطاعت هذه المكونات – بالإستفادة من خصوصية حضرموت- من اكتساب قاعدة جماهيرية في الداخل والحصول على تأييد ودعم خارجيين، على رأسه يأتي الدعم السعودي، وهو ما ظهر مؤخراً في دعم إنشاء مكون جديد "شبه جامع" لمكونات حضرموت، يتبنى قضيتها ويحمل مطالبها حتى حين.
المراجع
[1] Mohammed Al-Ghobary, Yemeni government forces intercept Houthi drones attacking southern oil terminal, 21 oct. 2022. https://cutt.us/CJcIV
[2] محمد عبدالملك، حضرموت توقف تصدير النفط، الجزيرة نت، 26 سبتمبر 2019، على الرابط: https://cutt.us/GVf9c
[3] تنظيم القاعدة في اليمن.. قدراته العسكرية ومناطق نفوذه، مركز أبعاد للدراسات والبحوث، 17 أغسطس 2017، على الرابط: https://abaadstudies.org/print.php?id=59672 .
[4] العصبة الحضرمية، موسوعة عريق، على الرابط: https://2u.pw/hQveqD3 .
[5] ناصر المشجري، (حوار مع) رئيس جبهة انقاذ حضرموت: ليس لنا علاقة بالشمال والجنوب، مأرب برس، 19 يناير 2013، على الرابط: https://marebpress.net/articles.php?id=18886 .
[6] راضي صبيح، (حوار مع) قيادي بالعصبة الحضرمية: إقليم حضرموت نقطة لانطلاق تقرير المصير، لحج برس، 13 يوليو 2014، على الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-28975.htm .
[7] عصبة حضرمية تدعو إلى الانفصال عن الشمال والجنوب، صحيفة الخليج الإماراتية، 24 نوفمبر 2012، على الرابط: https://2u.pw/sHhf7W5 .
[8] المرجع نفسه.
[9] أمين بارفيد، حقيقة الحراك الدائر في حضرموت، المصدر أونلاين، 9 يناير 2022، على الرابط: https://almasdaronline.com/articles/244151 .
[10] الوثيقة السياسية والحقوقية الصادرة عن المشاورات الحضرمية- الرياض، 20 يونيو 2023، صوت حضرموت، على الرابط: https://www.hdrvoice.com/23885/ .
[11] المرجع نفسه.
[12] المرجع نفسه.
[13] حقيقة الحراك الدائر في حضرموت، مرجع سابق.
[14] بيان الهبة الحضرمية، صوت حضرموت، 30 أبريل 2023، على الرابط: https://www.hdrvoice.com/23287/ .
[15] حضرموت ومشروع الانتقالي الانفصالي، القدس العربي، 30 مايو 2023، على الرابط: https://2u.pw/wEBSlGl .
[16] المرجع نفسه.
[17] المرجع نفسه.
[18] قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي بإنشاء قوات درع الوطن، وكالة الأنباء الرسمية سبأ، 29 يناير 2023، على الرابط: https://www.sabanew.net/story/ar/94441 .