عاصفة الحزم في عامها الرابع.. هل يريد الخليج الانتصار على إيران أم لديه أطماع في اليمن ؟

تقييم حالة | 14 أبريل 2018 00:00
عاصفة الحزم في عامها الرابع.. هل يريد الخليج الانتصار على إيران أم لديه أطماع في اليمن ؟

PDF هل يريد الخليج الانتصار على إيران أم لديه أطماع في اليمن ؟

 

مقدمة

في 26 مارس/آذار 2015 بدأ تحالف عربي تقوده السعودية حملة عسكرية في اليمن لمواجهة الحوثيين الذين سيطروا على مؤسسات الدولة اليمنية من خلال انقلاب عسكري في 21 سبتمبر/أيلول 2014 ، ما أجبر الرئيس عبدربه منصور هادي مغادرة صنعاء إلى عدن، ثمَّ إلى السعودية. وأطلق على الحملة العسكرية اسم "عاصفة الحزم"، وفقاً لطلب من الرئيس هادي لاستعادة شرعيته ، وبعد أقل من 30 يوماً تغير مسمى العمليات العسكرية إلى "إعادة الأمل" ومعها بدأت السعودية وإيران حرب الانتقام والاستنزاف خارج حدودهما.

قبل العمليات العسكرية كانت جماعة الحوثي المدعومة من إيران قد سيطرت على البلاد بشكل شبه كامل، فيما يدير تنظيم القاعدة مقاطعات أخرى في جنوب اليمن، وبعد ثلاث سنوات ورغم تحرير الشرعية المدعومة من التحالف العربي لمساحة تصل إلى اكثر من 80% من الأراضي اليمنية، إلا أن الحوثيين يسيطرون على مراكز التجمع البشري في محافظات الشمال، بما في ذلك العاصمة "صنعاء" ومحافظة الحديدة التي تحوي أكبر ميناء يمني (غرب البلاد) وهذه مناطق يقطنها أكثر من نصف سكان اليمن.

تحاول هذه الورقة قراءة سيناريوهات الحرب في اليمن بعد ثلاث سنوات من انطلاق العمليات العسكرية، وسياق التحالفات وتموضع نطاق السيطرة والقوة وتأثيرها على التوازنات المحلية والإقليمية وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية والإنسانية لليمنيين. 

الوضع الميداني

،،

تحاول قوات جنوبية مدعومة من الإمارات التحرك لتحرير مناطق الساحل باتجاه الحديدة فيما تتحرك قوات الشرعية والمقاومة الشعبية بدعم سعودي  في محاور (صعدة، الجوف، نهم، أرحب) في محاولة لإعادة التوازنات على الأرض

،،

بعد ثلاث سنوات من العمليات العسكرية لم تتغير الخارطة العسكرية بشكل ملموس منذ يناير/كانون الثاني 2017 عندما حررت القوات الحكومية ميناء المخا من أيدي الحوثيين، وأعقب ذلك جمود في العمليات العسكرية رغم تعدد المسميات.

يسيطر الحوثيون على معظم المحافظات الشمالية بما في ذلك العاصمة اليمنية صنعاء وتشمل سيطرتهم على محافظتي عمران وصعدة (عدا مديريتين في صعدة تدور فيها معارك)، والمحويت وحجة (عدا أجزاء من مديريتي ميدي وحرض التابعتين لمحافظة حجة)، وذمار والبيضاء (عدا مديريتين بمحافظة البيضاء)، ومديريات في تعز إلى جانب مديرية من محافظة لحج، ومحافظة الحديدة (عدا مديرية الخوخة وجزء من حيس)،إلى جانب كامل محافظتي (إب وريمة). وهذه المناطق هي الأكثر كثافة سكانية في البلاد.

أما الحكومة الشرعية فتسيطر -اسميا- على معظم المحافظات الجنوبية لكن السيطرة على الواقع للقوات الموالية لدولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. وهي: عدن (العاصمة المؤقتة) وتتنازع مع قوة "الحزام الأمني" التابع للإمارات وما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي، والأمر نفسه في الضالع ولحج وشبوة وحضرموت والمهرة وأبين وسقطرى  وهذه المناطق أقل كثافة سكانية لكنها ذات ثروات نفطية وغير نفطية.

تحاول قوات جنوبية مدعومة من الإمارات التحرك لتحرير مناطق الساحل باتجاه الحديدة ( مع محاولات اقناع الحراك التهامي والسلفيين الذين يقودان المعركة على الأرض لقبول قوات طارق صالح التي جمعتها أبو ظبي ودربتها بعد مقتل الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح في 4 ديسمبر 2017 على يد الحوثيين). فيما تتحرك قوات الشرعية والمقاومة الشعبية بدعم سعودي  في محاور (صعدة، الجوف، نهم، أرحب) في محاولة لإعادة التوازنات على الأرض.

قد تغير هذه التحركات كثيراً من السيناريوهات إذا ما كان هناك دعمٌ وجدية من التحالف العربي، فيما ستبقى في دائرة الاستنزاف إذا ما كان هناك توجهٌ فقط للتحالف في تحقيق مصالح استراتيجية خاصة به ليس من بينها استعادة الدولة اليمنية كما هو معلن أثناء دخوله حرب اليمن. 

 

الحالة الإنسانية

رصدت دراسة  لمركز أبعاد للدراسات والبحوث[1] أن القتلى المدنيين فقط على يد التحالف (الحوثي - صالح) بين 21 أيلول/ سبتمبر 2014 وحتى نهاية 2017م يصل إلى حوالي 14350 شخصاً ، وقد يكون عدد الضحايا مضاعف في حال احتساب أخطاء طيران التحالف العربي، إلى جانب القتلى المدنيين والعسكريين من كل الأطراف . 

تقول الأمم المتحدة إن الكارثة في اليمن بالكامل من صنع الإنسان، وحسب تقرير لمفوضية حقوق الإنسان التابعة للهيئة فقد رصدت في الفترة المحصورة من آذار/مارس 2015، إلى 30 آب/أغسطس 2017 ، توثيق مقتل ما لا يقل عن 5,144 شخصاً من المدنيين وجرح أكثر من 8,749 شخصاً. وشكَّل الأطفال 1,184 شخصاً من أصل الذين قُتلوا و1,592 من أصل أولئك المصابين بجروح. وحسب التقرير فإن الغارات الجوية التي نفذها التحالف السبب الرئيسي لإصابات الأطفال، وكذلك إجمالي الإصابات التي تعرَّض لها المدنيون. وتتهم تلك التقارير التحالف العربي بالتسبب في مقتل حوالي 3,233 شخصاً من المدنيين[2].

ومن أصل 1,702 حالة تجنيد للأطفال استخدموا في الأعمال القتالية، كانت اللجان الشعبية التابعة للحوثيين ووحدات الجيش الموالية للرئيس السابق عبد الله صالح (الحوثيون/قوات صالح) مسؤولة عما نسبته 67%. ورصد مراقبو الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في كثير من الأحيان أطفالاً لا تزيد أعمارهم عن عشر سنوات مسلحين وبملابس عسكرية، وهم يحرسون نقاط تفتيش. كما تبيَّن أيضاً أن الحوثيين/قوات صالح مسؤولون عن ازدياد الاعتقالات العشوائية أو غير القانونية[3].

ويقدِّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن حوالي ثلاثة ملايين شخص أجبروا على الفرار من منازلهم منذ بدء النزاع، في حين يواجه أكثر من سبعة ملايين شخص خطر الجوع، ويحتاج نحو 19 مليون شخص من أصل 27.4 مليون شخص يشكلون سكان البلاد إلى المساعدات الإنسانية[4]. ومنذ نيسان/أبريل 2017 أصيب أكثر من مليون شخص بمرض الكوليرا ومات أكثر من 2000 شخص، الذي ارتبط تفشيه بغياب الحصول على المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي المناسبة. كما انتشر وباء الدفتيريا "الخناق" بحلول عام 2018م، وأصيب نحو 1.500 شخص ومات العشرات نتيجة الوباء الجديد[5].

  

تفكك التحالفات

بدأت الحرب وفق تحالفات عسكرية محلية ودولية بين أطراف صراع محليين، قبل أن تتحول بمرور الوقت إلى حالة تتوسط بين كونها صراعاً إقليمياً ومحلياً، إذ أنَّ الحرب أنتجت ميلشيات محلية تحركها أطراف خارجية، وهذا الأمر حصل في مناطق سيطرة الحكومة بعد أن كان حكراً على مناطق سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران.

 

أولاً: الحوثيون/صالح

تحالفت جماعة الحوثي المدعومة من إيران مع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الذي سهل لهم اجتياح صنعاء عبر شبكة من الولاءات العسكرية والقبلية أسسها خلال فترة حكمه (33عاماً) وظلت موالية له حتى بعد إزاحته عن السلطة عقب ثورة شعبية عام 2011.

وتنوع التحالف في أكثر من صورة عقب بدء العمليات العسكرية، وظل تحالف الحوثيين - صالح، ممثَّلاً في ما سُمي المجلس السياسي الأعلى الذي أعلن عنه في يوليو/تموز2016، وانبثق عنه حكومة من الطرفين، حتى انهياره في أوائل كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٧.

،،

تحالفت جماعة الحوثي المدعومة من إيران مع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الذي سهل لهم اجتياح صنعاء عبر شبكة من الولاءات العسكرية والقبلية، وظل تحالف الحوثيين - صالح، ممثَّلاً في ما سُمي المجلس السياسي الأعلى الذي أعلن عنه في يوليو/تموز2016، وانبثق عنه حكومة من الطرفين، حتى انهياره في أوائل كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٧

،،

ومارس هذا المجلس -المستمر حتى دخول السنة الرابعة من الحرب- مهام رئاسة الجمهورية بإصدار القرارات والتعيينات، فيما يمثل أدواراً ومسؤوليات تأتي حصراً ضمن سلطة الحكومة الشرعية؛ أما الآن فقد انفرد الحوثيون في السيطرة على جميع مؤسسات الدولة داخل الأراضي التي يسيطرون عليها، وكلما طالت مدة سيطرتهم زادوا رسوخاً؛ فقد قتلوا الرئيس السابق علي عبدالله صالح في 4 ديسمبر/كانون الأول 2017، بعد سلسلة من تبادل الاتهامات بينه وبين زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، بدأت في آب/أغسطس2017 في خطابين متنافسين قبل الاحتفال بالذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس المؤتمر الشعبي العام، وهو اليوم الذي انكشفت فيه قوة صالح وظهر الحوثي أكثر سيطرة فتم الاحتفال وفق شروط، وخرج صالح يخطب من ورقة مكتوبة مسبقاً تحت حماية قوة خاصة تابعة للحوثيين. لكن كانت هناك رسالة أكثر دموية وجهها الحوثيون إلى صالح في ٢٦ آب/أغسطس ٢٠١٧، عندما قتلوا خالد أحمد زيد الرضي، القائد العسكري المقرب من "صالح" ورئيس العلاقات الخارجية في المؤتمر الشعبي العام، في أول اشتباك مسلح بين حلفاء الانقلاب وسط العاصمة صنعاء[6].

وفي ١٢ أيلول/سبتمبر ٢٠١٧، دار حديث مباشر بين عبد الملك الحوثي وعلي عبد الله صالح في محاولة للتخفيف من حدة التوتر؛ لكن سرعان ما انفجرت الخلافات مجدداً مع نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وفي الأول من "ديسمبر/كانون الأول" أعلن صالح تبديل ولائه من الحوثيين إلى التحالف العربي داعياً إلى فتح صفحة جديدة مع السعودية[7]، ورحب التحالف العربي بذلك ووصف إعلان صالح بـ"الانتفاضة المباركة"[8] كما رحبت الحكومة الشرعية بذلك، وأعلن هادي في بيان له "فتح صفحة جديدة"[9] لكن الحوثيين استخدموا هذا الإعلان للقضاء على حليفهم السابق وخصمهم الجديد صالح، وشنوا حملة اعتقالات واسعة ضد قيادات المؤتمر الشعبي العام إلى جانب تصفية قادة عسكريين وحزبيين موالين لـ"صالح" وحُسمت الأمور لـصالح الحوثيين خلال خمسة أيام من المعارك العنيفة في الأحياء الجنوبية من صنعاء، وأعلنوا قتلهم لحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح في 4 ديسمبر/كانون الأول 2017م[10].

تمكن الحوثيون خلال 3 سنوات من الحرب من تحييد قبائل طوق صنعاء (السبع) إما بالتهديد والوعيد، أو بإنشاء زعامات قبلية جديدة لإشغال زعماء القبائل الموالين لـ"صالح"، ودعمت تلك الزعامات الجديدة بالأسلحة والرجال والنفوذ لوقف أي تحرك مع صالح، كما تمكن الحوثيون من ابتلاع قوة "صالح" التي كانت موالية له مثل "الحرس الجمهوري" بزيادة عدد المنتسبين لها من الحوثيين، واستمالة القادة الموالين له من أجل خدمة جماعتهم، وهو ما حدث بالفعل عندما طلب "صالح" من تلك القوات والقبائل التحرك ضد الحوثيين، فقد ظلت مقيدة بدون حراك إلا من تحرك بطيئ في صنعاء وبعض المحافظات مثل عمران والمحويت وحجة، لكن سرعان ما تمكن الحوثيون من إخماد ذلك التحرك في صنعاء ثمَّ في المحافظات الأخرى خلال أقل من أسبوع، بالرغم من أن طيران التحالف العربي قام بعدة ضربات استهدفت الحوثيين وسط صنعاء خلال الاشتباكات مع قوات "صالح"[11].

مثّل مقتل "صالح" صدمة للمجتمع المحلي والاقليمي والدولي ، خاصة فهناك أطراف في التحالف العربي بالذات الإمارات العربية المتحدة كانت تعول على "صالح" في إضعاف الحوثيين بإعلان فك ارتباطه بهم ومواجهتهم من داخل صنعاء، لكن ذلك لم يحدث، حيث أدى مقتل صالح إلى تشديد الحوثيين من قبضتهم على صنعاء وجزءٍ كبير من المناطق المرتفعة[12].

وفي الأيام والأسابيع التي أعقبت مقتل الرئيس السابق ، سحق الحوثيون أنصاره الذين وقفوا ضدهم واستمالوا البعض ممن تبقى منهم، وقُتل إلى جانب صالح الأمين العام لحزب المؤتمر عارف الزوكا، وتمكن "طارق صالح" وهو نجل شقيق "صالح" من الفرار أثناء الاشتباكات ووصل إلى جنوب اليمن بعد تكهنات حول مقتله[13].

وقد أتاح انتهاء تحالف (الحوثيين – صالح) فرصة جديدة أمام التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، والقوات الموالية لحكومة اليمن لمواجهة خصم واحد في معارك استعادة الشرعية؛ وقال خبراء الأمم المتحدة المهتمين باليمن " من غير المحتمل أن تستمر هذه الفرصة السانحة فترة طويلة، أو أن تكون كافية بحد ذاتها لإنهاء الحرب[14]" لكن يبدو أن الإمارات العربية المتحدة كطرف قوي في التحالف العربي مصرة على البحث عن حلول من بين ركام عائلة صالح، ورغم الصدمة إلا أن أبوظبي على ما يبدو فرضت على الرياض إعادة النظر في وضع نجل صالح  العميد أحمد علي عبد الله صالح، والذي كان قائداً للحرس الجمهوري، والبدء في تأسيس معسكرٍ لقائد القوات الخاصة في نظام صالح وابن شقيقه العميد طارق محمد عبدالله صالح، واستقطاب ما تبقى من قوات موالية كقوة جديدة من أجل مواجهة الحوثيين الذين شعروا مبكراً بالدور المستقبلي لعائلة صالح مع التحالف العربي بعد مقتله، فقاموا باختطاف العديد من أقاربه كوسيلة ضغط إذا ما حاول أحدهم إحياء شبكة "صالح" القبلية والعسكرية والتي أصبحت ضعيفة في الواقع.

أدى انتهاء تحالف الحوثي/صالح إلى فقدان الحوثيين للغطاء السياسي[15] الذي كانوا يتحركون تحته، لكن هذا الغطاء تم تداركه من قِبل الجماعة من خلال إعادة إحياء حزب مؤتمر موالي لها، وذلك ما حدث بالفعل، فبحلول يناير/كانون الثاني2018 تم تعيين صادق أمين أبو راس بديلاً عن "صالح"،[16] كما أعاد الحوثيون جلسات "البرلمان" الشكلية -رغم أن عدد النواب لا يتجاوز 44 شخصاً معظمهم كانوا موالين لـ"صالح" ما يتنافى مع النصاب الذي يشير إلى 151 نائباً[17]- وقال صالح الصماد وهو رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى إن شرعية وجود المجلس مستمدة من "البرلمان[18]"

في المقابل فشل التحالف العربي الذي تقوده السعودية والحكومة الشرعية في عقد مؤتمر لإعلان قيادة جديدة للحزب الحاكم سابقاً بالرغم من انقسام المؤتمر عام 2015م بين جناح الرئيس السابق صالح والرئيس الحالي هادي، وكان يفترض أن يقود الرئيس هادي الحزب.

ومن هنا يمكن القول إن أطرافاً في التحالف العربي دعمت حالة التفكك والصراع الذي يمر بها هذا الحزب، حيث استوعبت أبو ظبي القيادات العسكرية والسياسية التي ستدعم التحالف العربي ضد الحوثيين مع رفضها التام لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، في حين دعمت الرياض قيادات أخرى داعمة للتحالف العربي ضد الحوثيين، وهي داعمة من الأساس لشرعية الرئيس هادي، فيما يرى بعض المحللين أن ذلك تبادل للأدوار بين الإمارات والسعودية للتحكم أكثر في الحزب الذي يحاولون إحياءه لإدارة اليمن مستقبلاً.

أما دولياً فبدى واضحاً وجود حالة غضب من مقتل صالح ليس عند البريطانيين والأمريكان فحسب، بل حتى الموقف الروسي تغير تجاه جماعة الحوثيين، حيث قامت روسيا بسحب بقية بعثتها الدبلوماسية التي كانت موجودة في صنعاء[19]، إذ شعرت موسكو بالصدمة نتيجة مقتل "صالح" الذي كانت تعول على علاقتها به في أي حل مستقبلي قد يزيد من نفوذها أو يحافظ على مصالحها على الأقل في اليمن، لكن الروس بحلول فبراير/شباط 2018 تواصلوا مباشرة مع نجل صالح "أحمد علي" المتواجد في أبوظبي والمشمول -نظرياً- بالعقوبات الأممية[20]، ويبدو أنها محاولة لموسكو لمعرفة قدرته في إعادة إحياء شبكة "صالح" ومعرفة الدور الإماراتي السعودي عن قرب في دعمه ودعم ابن عمه "طارق صالح" رغم عدم اعترافهم بالحكومة الشرعية.

وحسب تقرير لخبراء الأمم المتحدة فإنهم يعتقدون بأنه ليس لدى أحمد علي عبد الله صالح أو خالد علي عبد الله صالح أو أي فرد آخر من عائلة "صالح" القدرة على إعادة تشكيل شبكة (صالح)، ويجد جنود الحرس الجمهوري والحرس الخاص أنفسهم الآن أمام خيارين، إما التحالف مع القوات الحكومية الشرعية والائتلاف الذي تقوده المملكة العربية السعودية -التي يقاتلونها منذ أكثر من ثلاث سنوات- أو الانضمام إلى الحوثيين الذين أعدموا علي عبدالله صالح وقادة عسكريين كباراً، وأي محاولة للدخول في مقاومة شاملة للحوثيين ستكون معقدة بسبب الطريقة التي وزعت بها مجموعات صغيرة من جنود الحرس الجمهوري على مختلف جبهات القتال؛ وتوزيع القوات بهذا الشكل منع صالح من التمكن من حشد أعداد كبيرة من الجنود المخلصين في وقت قصير عندما كان في حاجة إليهم في 3 كانون الأول/ديسمبر2017 [21].

 

 ثانياً: الحكومة الشرعية

يقاتل التحالف العربي الذي تقوده السعودية لاستعادة الشرعية التي انقلب عليها تحالف (صالح - الحوثي) في 21 أيلول/سبتمبر 2014م  إلى جانب الحكومة المعترف بها دولياً، وتدخل التحالف بناءً على طلب من الرئيس عبدربه منصور هادي الذي أعطى غطاء قانونياً لعاصفة الحزم ضد الحوثيين المدعومين من إيران، إذ تخشى دول الخليج العربي من سيطرة إيران على اليمن -خاصرة الجزيرة العربية- ومنها يسهل لإيران استهداف الأمن القومي للخليج. لكن الأمور تحولت دارماتيكياً باتجاه الأسوأ، حيث تقوم دولة الإمارات وهي القوة الثانية في التحالف العربي والقائد الفعلي لعمليات التحالف جنوب اليمن بتقويض سلطات الحكومة الشرعية وتهميشها في المناطق المحررة وقد أدى ذلك إلى: 

 

أ‌.       بناء ميلشيات خارج الدولة:

قامت الإمارات العربية المتحدة ببناء تشكيلات شبه عسكرية "ميليشياوية" معظمها من "السلفيين" يبلغ عددهم (30 ألف فرد) منذ مطلع عام 2016 وماتزال مستمرة في التدريب والتجهيز[22]، وأطلقت على هذه القوة تسمية "الحزام الأمني" في (عدن ولحج وأبين) والنخبة في (حضرموت وشبوة والمهرة وسقطرى) وتعمل هذه التشكيلات شبه العسكرية خارج هيئة الأركان اليمنية، وهي المصدر الرئيس في تقويض سلطات الحكومة الشرعية[23]. كما أنها الأكثر تدريباً ومجهزة بأسلحة حديثة للغاية. وتم اختيار أفرادها بناء على القبيلة وقربها من الإمارات. كما أنها مناطقية، ليس فقط جنوباً، بل أعمق من ذلك، فقوات النخبة الشبوانية على سبيل المثال تم تشكيلها من أفراد ينتمون لقبائل محددة من نفس محافظة شبوة، وعلاوة على أن ذلك سيجلب نفوراً ورفضاً للقبائل الأخرى للقوة العسكرية بحكم الخلافات القبلية، إلا أن ذلك يؤسس المحافظات على أساس دول منفصلة، وليس على أساس جيش وطني لكل البلاد[24].

تعتقد الامارات من خلال هذه الميلشيات السيطرة على المحافظات الجنوبية، وبدأت في استخدامها استخداما انتقاميا مثل حرق مقرات الأحزاب والصحف وملاحقة الناشطين واختطاف واغتيال قادة المقاومة والأحزاب ممن رفض الخضوع لسلطات يصفونها "غير شرعية".

،،

أتاح انتهاء تحالف (الحوثيين – صالح) فرصة جديدة أمام التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، والقوات الموالية لحكومة اليمن لمواجهة خصم واحد في معارك استعادة الشرعية؛ وقال خبراء الأمم المتحدة المهتمين باليمن " من غير المحتمل أن تستمر هذه الفرصة السانحة فترة طويلة، أو أن تكون كافية بحد ذاتها لإنهاء الحرب"، لكن يبدو أن الإمارات العربية المتحدة كطرف قوي في التحالف العربي مصرة على البحث عن حلول من بين ركام عائلة صالح.

،،

ب‌.   فشل أمني:

تواجه الحكومة الشرعية صعوبة في فرض سلطتها في المحافظات المحررة، وهي "عدن وحضرموت والمهرة ولحج وشبوة وأبين، وأيضاً محافظة الضالع -عدا مديريات دمت وجُبَن والحُشا وأجزاء من مريس ماتزال بيد الحوثيين-"، فتعدد ولاءات القوات الأمنية والعسكرية التي تدين معظمها بالولاء للإمارات أفقد الحكومة اليمنية القدرة على بسط النفوذ، وبالتالي زيادة الخروقات الأمنية، وتوسعت ظاهرة الاغتيالات السياسية بشكل مخيف منذ تكفلت الامارات والحزام الأمني التابع لها أمن تلك المحافظات.

 

ج‌-   فشل إداري:

فشلت الحكومة اليمنية في إدارة المحافظات المحررة. فمنذ إقالة "خالد بحاح" -الموالي للإمارات- في ابريل/نيسان2016 من منصبيه كنائب للرئيس، ورئيس للوزراء وتعيين علي محسن صالح الأحمر  نائباً للرئيس وأحمد عبيد بن دغر رئيساً للحكومة؛ بدأت الحكومة تعاني من مشاكل إدارية عديدة مع تزايد الخلافات بين الرئيس عبدربه منصور هادي وأبوظبي وصل حد تدخل قوة إماراتية في فبراير/شباط 2017 لضرب قوة يمنية موالية للرئيس فيما عُرف بأحداث المطار، وحسب معلومات لم تنفها الرئاسة اليمنية فقد وصف "هادي" خلال لقاء "ولي عهد أبوظبي الحاكم الفعلي للإمارات الشيخ محمد بن زايد" دور أبوظبي في بلاده بأنها تتصرف كسلطة "احتلال"[25]؛ وفي مايو/أيار2017 دعمت أبوظبي تشكيل ما سُمي (بالمجلس الانتقالي الجنوبي) كسلطة موازية بديلة عن الحكومة في المحافظات المحررة جنوبي البلاد. كما أن الحكومة اليمنية فشلت في انتظام تسليم رواتب الموظفين، إلى جانب فشل ذريع في جانب الخدمات.

 

د‌-     فشل اقتصادي:

فشلت الحكومة المعترف بها دولياً في إنعاش الاقتصاد اليمني، وتشغيل الموانئ الخاضعة لسيطرتها. وتسببت عملية نقل البنك المركزي اليمني من سلطة الحوثيين في صنعاء إلى سلطة الحكومة الشرعية بمحافظة عدن، في سبتمبر/أيلول2016، بتوقف الرواتب- وليس معنى ذلك أن وجوده في صنعاء سيكون أفضل حالاً- فالحكومة اليمنية لم تتحرك من أجل وقف انهيار قيمة العملة، فمع دخول عام 2018 كانت العملة في أسوأ مرحلة لها، وخسرت قيمتها ضِعفاً خلال ثلاث سنوات من الحرب من (250 ريال للدولار الواحد إلى أكثر من 500 ريال للدولار). وأعلنت الحكومة السعودية عن وديعة بمقدار 2 مليار دولار، لكنها وبالرغم من أنها قد توقف انهيار الريال اليمني لفترة مؤقتة، إلا أن المشكلة الرئيسية هي في وقف تصدير النفط والغاز، ويعود السبب في ذلك إلى أن التحالف يمنع الحكومة من التصدير دون معرفة الأسباب وناشد "بن دغر" التحالف عقب الوديعة المالية السعودية السماح لحكومته بالتصدير[26]، كما أن الحكومة اليمنية فشلت في إدارة الموانئ والمطارات الخاضعة لسيطرتها، حيث تفرض قوات موالية للإمارات "الحزام الأمني والنخبة" السيطرة عليها تماماً. وسبق أن منعت تلك القوات الرئيس اليمني وقادة عسكريين من العودة إلى عدن، واتهم البنك المركزي اليمني وإدارة موانئ عدن في أوقات متفرقة "خلية للتحالف"/الإمارات بمنع طائرة أموال مطبوعة في روسيا من الهبوط في مطار عدن[27]، إلى جانب منع سُفن كبيرة من الرسو في ميناء عدن بالرغم من قدرة الميناء على تحملها، وفي النهاية اضطرت عدد من السفن للمغادرة بعد أشهر من البقاء وسط البحر[28].

 

هـ- انقلاب عدن:

،،

ما يحدث الآن هو أن مجموعة الانفصاليين المدعومين من الإمارات في جنوب اليمن بقدر ما يستهدفون انهيار منظومة الشرعية في المحافظات الجنوبية (ويبدو أنهم إلى حدٍ ما قد نجحوا في ذلك) فهم يتحركون الآن لبناء دولة داخل الدولة ضمن حالة الفوضى في اليمن

،،

 تورطت الإمارات العربية المتحدة في العمل ضد حليفها الشرعية برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي، فإلى جانب إفشال أداء الحكومة الشرعية على الأرض، ومنعها من الاستقرار في العاصمة المؤقتة عدن، وخلق كيانات موازية للجيش، فقد أظهرت الرئيس هادي بمظهر الضعيف الذي يفتقر لشعبية في الجنوب كما في الشمال.

دعمت ابو ظبي - بدون اعتراض الرياض – انقلاباً جديداً ، حيث تمكن المجلس الانتقالي الجنوبي (STC) في (28/30) يناير/كانون الثاني2018 من السيطرة على عدن خلال يومين بدعم من الميليشيات الموالية للإمارات، وبمدرعات وأسلحة وطيران إماراتي مساند، -حسب ما أشارت وسائل الإعلام- وحاصرت قصر الرئاسة حيث تُقيم الحكومة اليمنية في "معاشيق" ورسمت أعلام الانفصال (علم اليمن الجنوبي قبل الوحدة الاندماجية عام 1990) على بواباته.

 كما أن عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي، وقوة "الحزام الأمني" منعا أي محافظ جديد لعدن منذ إقالة "الزُبيدي" في ابريل/نيسان 2017 من الوصول إلى مبنى المحافظة أو تسليم المنزل المخصص لحاكم عدن الجديد[29].

 تفرض الإمارات سيطرة كاملة على سقطرى الجزيرة الاستراتيجية في بحر العرب، وتديرها بشكل كامل من قِبل مسؤولين تابعين لها، حيث بدأت الامارات بناء قواعد عسكرية فيها وفي جزر استراتيجية أخرى مثل جزيرة (ميون) المتحكمة في باب المندب.

ما يحدث الآن هو أن مجموعة الانفصاليين المدعومين من الإمارات في جنوب اليمن بقدر ما يستهدفون انهيار منظومة الشرعية في المحافظات الجنوبية (ويبدو أنهم إلى حدٍ ما قد نجحوا في ذلك) فهم يتحركون الآن لبناء دولة داخل الدولة ضمن حالة الفوضى في اليمن[30]، وهذا يعني دويلات جنوبية بناء على الهوية الفرعية التي غذتها الإمارات بالتشكيلات شبه العسكرية خارج الدولة، وشراء الولاءات القبلية والعسكرية. فحضرموت وشبوة والمهرة ولحج وسقطرى والضالع جميعها تملك قوات بالآلاف، إما بمسمى "الحزام الأمني" أو "النخبة" وتملك قيادة منفصلة وتعتقد جميعها أن لها هوية مختلفة ثقافية وجغرافية واجتماعية لا ترتبط بما يدعو المجلس الانتقالي إليه ضمن "دولة الجنوب"[31].

 

و‌-    محاربة الإرهاب:

من الصعب الحديث عن دور إماراتي سريع وحاسم لمكافحة الإرهاب بالرغم من أنَّ القوات المحلية التي دربتها كانت بمبرر مكافحة "تنظيم القاعدة" و"تنظيم الدولة" (داعش) ومواجهة الحوثيين، وبالفعل كان ذلك في ابريل/نيسان 2016 حيث تمكنت قوات خاصة إماراتية إلى جانب "النخبة الحضرمية" من تحرير مدينة المكلا (مركز محافظة حضرموت) من تنظيم القاعدة، كما تحركت قوات في (أغسطس/آب2017) لتحرير مركز مديرية "عزان" في شبوة من تنظيم القاعدة.

في فبراير/شباط2018 أعلنت قوة النخبة الحضرمية التابعة للإمارات عن عملية عسكرية جديدة أطلقت عليها (الفيصل) في مديريات وادي حضرموت، وتحاول هذه القوة بسط نفوذها في كامل المحافظة، والسيطرة على مواقع المنطقة العسكرية الأولى التابعة للجيش اليمني.

لكن ذلك ليس نهاية المطاف، فلم تقاتل القوات الإماراتية ولا اليمنية الموالية لها تنظيم القاعدة بشكل حقيقي، حيث انسحب عناصر التنظيم إلى ملاجئ في الجبال والقرى النائية، وقد ساهمت أخطاء الإمارات بشكل وثيق في إيجاد هذه الملاجئ، حيث أن التجنيد ضمن "النخبة" في شبوة وحضرموت كان ضمن ولاءات قبلية ضيقة، وارتكبت تلك الميليشيات التابعة للإمارات انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، كما أن الإمارات اعتقلت الكثير من المواطنين بدعوى انتمائهم للإرهاب، وتعرضوا لتعذيب بشع في سجون سرية، وبعضهم معتقلون منذ عامين. واستخرج المحققون الإماراتيون تحت التعذيب معلومات خاطئة من هؤلاء المعتقلين الذين هم في الأصل لا يرتبطون بأي من التنظيميات المصنفة إرهابياً، بل إلى جماعات سياسية يعارضون التوجه الإماراتي في المحافظات الجنوبية[32].

مثلت عمليات قصف طائرة أمريكية بدون طيار، والحملات العسكرية البرية، والإنزال الجوي المشترك بين أبوظبي وواشنطن في حصول أخطاء فادحة أدت أدى إلى مقتل عشرات المدنيين كما حدث في البيضاء مطلع 2017[33]، وهو ما يعني تجنيد المزيد من الأبرياء الناقمين ضد هذه الأخطاء في صفوف الجماعات الارهابية.

في نفس الوقت تدعم الإمارات ميليشيا مسلحة معها آلاف المقاتلين يقودها عادل فارع الذبحاني "أبو العباس" في تعز (وسط البلاد) المرتبط -حسب قائمة خليجية أمريكية للإرهاب في اليمن- بتنظيمي القاعدة و(داعش). في نفس الوقت تعرقل الإمارات تحرير محافظة تعز من الحوثيين، ومن شأن تحرير تعز والمرتفعات الجبلية الجنوبية أن يُسهل تحرير محافظة الحديدة ذات الميناء الاستراتيجي، وهو ما جعل بعض المراقبين للوضع في اليمن تقييم عمليات التحالف العربي على أنها عمليات استنزاف وليس تحرير.

 

ز‌-    دعم عائلة صالح:

علقت السعودية والإمارات آمالهما منذ البداية على دعم عائلة "صالح" للانقسام على الحوثيين الذين سيجعلهم يظهرون أكثر ضعفاً. لكن مقتل "صالح" بتلك السهولة جعل من ذلك الأمل الذي استمر قرابة ثلاث سنوات جحيماً للتحالف. والآن تدعم الإمارات عودة "طارق صالح" نجل شقيق الرئيس الراحل، وتأسيس قوة موزاية للقوات الحكومية ولا تأتمر بأمرها من أجل مواجهة الحوثيين، ومحاولة الاستناد على عودة عائلة علي عبدالله صالح يقوم على نفس الافتراض الخاطئ الذي دفع الدولتين للاستمرار في دفع صالح للانقسام عن الحوثيين كحل للحرب. بالإضافة إلى ذلك، فإن أحمد (نجل صالح الأكبر الموجود في أبوظبي) أو "طارق صالح" أو أيٍّ من أفراد العائلة لا يحملون نفس تأثير "صالح" على القبائل اليمنية، والعديد من شيوخ القبائل الذين دعموا "صالح" سوف يترددون في دعم أحمد وعائلته بعد هزيمة والده[34].

إن الدعم في ذاته لعائلة صالح بإنشاء قوة موازية جديدة للجيش اليمني إلى جانب بقية التشكيلات الأخرى هو استهداف للشرعية اليمنية التي لم يعترف بها بَعد أياً من عائلة الرئيس اليمني الراحل.

 

ثالثاً: التحالف والهدف الرئيس للعمليات العسكرية

تدخل التحالف العربي في اليمن لهدف واحد وهو "استعادة الشرعية اليمنية للسلطة" بموجب طلب من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي -الرئيس اليمني المنتخب من الشعب في "فبراير/شباط2012" بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وجرى تصديق ذلك في قرار مجلس الأمن (2216) بكون "هادي" هو الرئيس الشرعي لليمن.

،،

على الميدان يبدو التحالف العربي منقسم فعلياً حول الهدف الرئيس الذي قامت من أجله الحرب، فالإمارات منشغلة ببناء القواعد العسكرية "الدائمة" قرب مضيق باب المندب، وفي تحويل جنوب اليمن إلى مصدر رئيس للطاقة وللقوة الإقليميَّة والتأثير الدولي

،،

ويبدو بعد ثلاث سنوات من الحرب، أن التحالف العربي أصبح أكثر تمزقاً، ففي يونيو/حزيران 2017 تم إعفاء دولة قطر من مهمتها التي شاركت في التحالف من خلال حماية الحدود السعودية وتزويد الحكومة الشرعية بالخدمات، كواحدة من تبعات الخلافات الخليجية الخليجية، والذي تزامن مع إعلان الإمارات والسعودية والبحرين ومصر واليمن قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وإغلاق المعبر الحدودي الوحيد إلى قطر عبر السعودية إلى جانب فرض حظر جوي، وعلى إثر ذلك بدأت وسائل الإعلام القطرية والممولة من الدوحة الحديث عن انتهاكات التحالف العربي في اليمن، وسمحت للحوثيين بالظهور على الشاشات والصحف والمواقع ومراكز الدراسات التابعة للدوحة، وهو ما لم يكن يحدث من قَبل إلا في حالات نادرة.

على الميدان يبدو التحالف العربي منقسم فعلياً حول الهدف الرئيس الذي قامت من أجله الحرب، فالإمارات منشغلة ببناء القواعد العسكرية "الدائمة" قرب مضيق باب المندب، وفي تحويل جنوب اليمن إلى مصدر رئيس للطاقة وللقوة الإقليميَّة والتأثير الدولي[35].

وأظهرت الأحداث الأخيرة في عدن (28/30 يناير/كانون الثاني) أن الإمارات والسعودية تقفان على طرفي النقيض أحياناً في هذه الحرب المعقدة ومتعددة الطبقات، ففي الوقت الذي يدعم فيه السعوديون سلطة الرئيس هادي كواجهة أخلاقية وقانونية على تدخلهم في اليمن، يدعو مسؤول أمني إماراتي كبير علناً ​​إلى الإطاحة به[36].

بدخول العام الثالث للعمليات العسكرية في اليمن لا يبدو أن أبوظبي مهتمة بشأن الحوثيين؛ خاصةً أن قتالهم كان -منذ الوهلة الأولى- ذريعة لترسيخ وجود عسكري في جنوب اليمن.

 تتمثل المصلحة الوحيدة للإمارات العربية المتحدة في السيطرة على 2000 كيلومتر من الساحل اليمني، وهي الدعامة المركزية في مخطط أبوظبي لتصبح قوة عظمى في مجال الطاقة، وتسعى نحو هذا الهدف دون هوادة، عوضاً عن التفاوض على الاستخدام المشترك للموانئ والاستثمارات في البنية التحتية للطاقة بالبلاد.

السعودية من جهتها دفعت بقوة عسكرية خاصة تابعة لها - لا علاقة لها بالتحالف العربي- إلى المهرة بعد أن استفادت من حالة قلق الدولة المجاورة لليمن شرقاً " عمان" وقبائل المهرة المتحالفة معها من دخول قوات إماراتية إلى المحافظة، والخوف من اشتباك مسلح مباشر بين عمان والإمارات، (البلدين الذين تجمعهما عداوة تأريخية)، وتقول المعلومات الأولية أن هناك حملة تجنيس سعودية بين ابناء المهرة تشبه حملة تجنيس الامارات لسكان جزيرة سقطرى، وحملة تجنيس العمانيين لابناء المهرة سابقا.

تسعى الرياض في إنشاء ميناء نفطي في المهرة على ساحل البحر العربي، وهو الحلم الذي ظل يراود السعودية للتنفس جنوباً على المحيط الهندي دون قلق تهديدات إيران حول مضيق هرمز، فبعد خمس سنوات من تحويل محافظة (خرخير) -تابعة لمنطقة نجران جنوبي السعودية- إلى مخزن للنفط الخام واجلاء جميع سكانها، يمكن مد أنبوب نفطي وإنشاء ميناء في المهرة بتكاليف أقل، وفي وقت قياسي مقارنة بميناء المكلا الذي كان ضمن استراتيجية السعودية القديمة، كما ومن خلال التواجد على البحر العربي يمكن للرياض منع حالة تهريب السلاح إلى حدودها عبر اليمن.لكن سلبية هذا المشروع النفطي هو استمرارية التهديد الايراني خاصة وانه يمر على مقربة من حدود حليفها عمان بعكس لو كان الميناء في المكلا بحيث يمر الانبوب من وسط القبائل اليمنية الموالية للسعودية.

         ،،

التحالف العربي لا يبحث عن انتصار سهل وسريع في اليمن، وإنما يريد أن يحقق مصالح استراتيجية على رأسها منع نشوء دولة يمنية قوية منافسة إقليمياً في المنطقة

         ،،

تواجه السعودية أزمة جديدة مع اليمن في ظل حرب تقودها لدعم الشرعية اليمنية، لكن قوانين العمل الجديدة ستؤدي إلى إخراج قرابة 1.2 مليون عامل يمني يعملون في مهن عديدة قررت السلطات "سعودتها" وجعل العمل فيها حكراً على اليمنيين؛ إلى جانب رسوم العمالة والتي تتضاعف كل عام، حيث فرضت السلطات السعودية على المقيمين على أراضيها 100 ريال سعودي شهرياً على كل شخص مقيم على أراضيها ، وسيضطر هؤلاء إلى العودة إلى اليمن بما أن فرص الأعمال ستقل إلى جانب أنَّ فرص بقاءهم وعائلاتهم في ظل التكاليف العالية ستبقى محدودة جداً، فالمبلغ سيتضاعف خلال السنوات الأربع القادمة لتصل إلى 400 ريال سعودي عام 2022. وهناك يمنيون مولودون في السعودية منذ عقود يواجهون خطر التشرد، وبالفعل فعشرات الآلاف عادوا إلى اليمن وسط جحيم الحرب، لتقدم الرياض خدمة جليلة للحوثيين لاستخدام هذه المشكلة في الحرب الدعائية داخلياً وخارجياً.

لقد فشلت الحكومة اليمنية في إثبات قوة علاقتها بالرياض بالفشل في هذا الملف المعقد الذي يبدو أنه تحول إلى وسيلة ضغط جديدة لتحقيق السعوديين مصالح مستقبلية في اليمن، لكن الكثير من شباب العائلات المطرودة قد يهربون من جحيم البطالة إلى كنف الجماعات المسلحة وهو ما يجعل ايران تستثمر مثل هذا الملف ويحقق رغبتها في جعل اليمن بلد فوضى ومهدد دائم لأمن الخليج.

 

أطماع الحرب في اليمن :

بقراءة واقعية لدراماتيكية الحرب في اليمن فإن التحالف العربي لا يبحث عن انتصار سهل وسريع في اليمن، وإنما يريد أن يحقق مصالح استراتيجية على رأسها منع نشوء دولة يمنية قوية منافسة إقليمياً في المنطقة، ويبدو أن الخوف من ذلك دفع بدول الخليج العربي لتبني سياسات تكتيكية لتحقيق تلك المصالح الاستراتيجية دون قراءة واقعية للأخطار والتبعات والأحداث المفاجئة التي ترافق الخطة التي ربما لم تعتمد مع بداية عاصفة الحزم، وهو ما يجعل إيران أكثر استفادة من المتغيرات.

 

أولاً السياسات التي تسعى بعض دول الخليج لتنفيذها:

1-    تفكيك الكتل الصلبة في اليمن:

تم تفكيك البنى التقليدية والمجتمعية والقوى العسكرية والمنظومات الأيدلوجية والأحزاب السياسية، وظهرت ذاتياً بدائل مذهبية ومناطقية وتكوينات ميليشاوية، ولكن هناك مخاوف وحالة قلق من حزب الإصلاح الذي ظهر كقوة سياسية متماسكة خاصة بعد تفكك المؤتمر الشعبي العام ومقتل مؤسسه الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وهذه المخاوف قد تدفع التحالف العربي إلى أن يطيل المعركة في محاولة لاستنزاف الجيش الوطني والمقاومة الشعبية التي يعتقد أنها تتكئ على حزب الإصلاح الذي يشارك أفراده ميدانيا في الحرب إلى جانب الشرعية.

 

2-    تجزئة اليمن :

هناك اعتقاد سائد لدى بعض أطراف التحالف العربي أن دعم تجزئة اليمن يسهل التحكم به مستقبلاً من خلال أدوات يتم إنشاؤها حالياً، من بينها ميلشيات مسلحة ونظام إعلامي مناطقي، وجماعات حزبية وسياسية تهتم بخلافات تاريخية، والتجزئة لن تكون إعادة دولتي شمال وجنوب اليمن، بل تقسيم اليمن إلى دويلات وسلاطين يسهل التلاعب بتكويناته الفاعلة حتى اعادة تشكيل حليف جديد قوي على الأرض تابعا وليس شريكا.

 

3-    خلق فوضى:

هناك بعض أطراف مجلس التعاون الخليجي بالذات عمان وقطر ترى في أن إطالة الحرب في اليمن استراتيجية مثالية لاستنزاف الإمارات والسعودية، وأن هذه الحرب قد تجعل من اليمن بؤرة فوضى لتفكيك تحالفات الدول المشاركة في حصار الدوحة الذي يعتبرانه عقاباً لحلفاء إيران في الخليج.

 

ثانيا: المصالح الاستراتيجية التي تسعى لها دول الخليج:

1-    تسعى الإمارات للسيطرة على الموانئ في الجنوب على ساحل خليج عدن والبحر العربي والغرب على ساحل البحر الأحمر وتبحث عن سيطرة كاملة على مضيق باب المندب وجزيرة سقطرى، ويبدو أن الإماراتيين يدركون أهمية عدن والمخا بالنسبة للبريطانيين، وأهمية الحديدة وسقطرى بالنسبة للأمريكيين، ولذلك فلا تمانع أبو ظبي من التفاهم مع لندن وواشنطن على النفوذ.

2-    تسعى السعودية في تأمين حدودها الجنوبية بدرجة أساسية، لكن لديها طموح في الحصول على متنفس على بحر العرب والمحيط الهندي لتصدير منتجاتها النفطية إلى الصين وآسيا شرقاً دون قلق من تهديدات إيران بالسيطرة على مضيق هرمز في الخليج العربي، كما أن السعودية تدرك أهمية المناطق النفطية في اليمن، بالذات حضرموت وشبوة ومأرب بالنسبة للأمريكيين والفرنسيين، ولذلك لا تمانع الرياض في دعم استراتيجية واشنطن الطويلة لمكافحة الإرهاب في تلك المحافظات والمحافظات المحيطة بها ولو إلى مستوى نشر قوات دولية على الأرض هناك، كما أن هناك قلق من أي اكتشافات نفطية مستقبلية في صحراء الجوف المجاورة للسعودية خاصة وأنها قد تنقل صراعات دول إلى الحدود مع السعودية.

3-    ترى عمان أن الحرب في اليمن فرصة لتعزيز تحالفات إقليمية ودولية جديدة ضد الإمارات (الخصم التاريخي لها)، كما أن بقاء الحوثيين كقوة على الأرض مهددة للسعودية هو ضمان وجود حليف في الخطوط الأولى من الدفاع عنها وأنه من خلالها يمكن ضمان إشغال الرياض وابوظبي والتفرغ لاعادة رسم خارطة النفوذ داخل اليمن بالذات في محافظة المهرة المجاورة.

4-    بعد إعلان حصار قطر من قبل أربع دول عربية هي السعودية والإمارات والبحرين ومصر رسخت الدوحة من تحالفاتها مع طهران وهذا التغير انعكس على الميدان في شكل دعم غير مباشر للانقلابيين بالذات الحوثيين عبرت بعض القيادات الاعلامية القطرية عنه، وهو مؤشر واضح أن قطر لا ترغب في رؤية الحوثيين مهزومين في اليمن، بحثاً عن الانتقام وخوفاً من تفرغ هذه الدول لإكمال مهمة الانقلاب الذي تعتقد أن الحصار جزء من سيناريوهاته. 

 

المهددات للأمن الإقليمي من حرب اليمن:

1-    دعم تقسيم اليمن سينشئ كيانات غير وطنية وربما سينشئ كياناً مذهبياً في صعدة على الحدود الشمالية مع السعودية تحت حكم الحوثي وبدعم إيران، وكيانا مناطقيا في الجنوب بالقرب من الحدود العمانية بدعم الامارات.

2-    السيطرة على مناطق الثروة، بالذات المناطق النفطية والموانئ سيخلق مناطق مغلقة في المرتفعات بين تعز وصعدة مروراً بإب وذمار وصنعاء وحجة والمحويت وعمران، وهذه المحافظات يعيش فيها ربما أكثر من ثلثي سكان الجمهورية اليمنية، وبالتالي ستكون هذه المناطق مناطق حروب وصراعات  وفوضى قد تتولد منها جماعات مقاتلة تنقل الفوضى إلى خارج الحدود كما فعل الحوثيون، خاصة وأن أبو ظبي والرياض أصبحتا فعلياً في مرمى صواريخ أي جماعة تحكم مناطق شمال الشمال ذات المرتفعات الشاهقة.

3-    عدم استعادة شرعية الدولة في اليمن وتمزيق البلد ينعكس سلباً على التحالف العربي بقيادة السعودية، وسيتم توصيف التدخل قانونياً في المستقبل بأنه احتلال انتهى بتقسيم اليمن .

4-    تخسر السعودية آخر حلفائها الميدانيين على الأرض في حال قبلت بتفكيك الكتل الصلبة وتمزيق الجغرافيا .

5-    سيكون الوضع في اليمن مهدداً بشكل دائم لأمن الخليج، وسيتحول ملايين الفقراء من اليمنيين إلى مقاتلين مع عصابات وكيانات عابرة للحدود خاصة تلك المدعومة من إيران.

6-    تنشأ عقيدة وطنية يحملها الأجيال في المستقبل تتصادم مع المحيط الخليجي الذي سينظر له داعماً لتفكيك اليمن سواء المتحالف مع إيران أوالمحارب لها، في حال فشل التحالف العربي بقيادة السعودية استعادة الدولة في اليمن.

  

سيناريوهات  الحرب في اليمن:

يتسابق الرئيس هادي والسعودية والامارات في تجنيد أكبر قدر من السلفيين لبناء ألوية مقاتلة خاصة بهم لضمان حلفاء لهم على الأرض أكثر ولاء ، فالرئيس هادي سلم قيادة ألوية للحراسة الرئاسية لسلفيين مثل اللواء الثالث في عدن تحت قيادة مهران القباطي واللواء الخامس في تعز تحت قيادة عدنان رزيق، كما ان الامارات جندت الحزام الأمني تحت قيادة هاني بن بريك  وتقاتل في الساحل بألوية تحت قيادة سلفيين منهم حمدي شكري وغيرهم.

تتخوف السعودية من استفادة آخرين من السلفيين كما تتخوف من ارتدات تجنيدهم خاصة على سمعتها الدولية التي تحاول تحسينها، لكن ضربات الحوثيين لقواتها على الحدود دفعها لدعم مقاتلين سلفيين للقتال على حدودها والتوغل باتجاه صعدة، كما انها تدرب لوائين مقاتلين من السلفيين لدفعه باتجاه حدودها الجنوبية في جيزان والتوغل مع الجيش الوطني باتجاه ميدي وحرض .

هذا التنافس على عسكرة السلفية في اليمن إلى جانب الجماعات القبلية المنضوية تحت المقاومة الشعبية والقوات المناطقية في الجنوب سيكون لها عواقب مستقبلية خاصة في حال لم يستعيد التحالف العربي للدولة اليمنية، لأن ذلك من شانه أن يخلق صراعا مسلحا أيدلوجيا ومناطقيا وقبليا وستتحول تلك القوات بالذات التي لا تخضع للشرعية اليمنية إلى ميلشيات جهادية خطرة يمكن للجماعات الارهابية المسلحة الاستقطاب من أعضائها.
أما على مستوى الخلاف بين أطراف التحالف العربي فيقل الخطر رغم أن السعودية والإمارات لديهما كثير من التناقضات، ومن تلك التناقضات قبول الرياض التفاهم مع حزب يمني مؤثر، وهو حزب الإصلاح، على خلاف موقف أبو ظبي من اعتباره امتداداً للأخوان المسلمين، ويشكل خطراً عليها رغم  اللقاء الذي جمع قياداته مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد برعاية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في ديسمبر/كانون الأول2017 عقب مقتل "صالح".

 

،،

هذا التنافس على عسكرة السلفية في اليمن إلى جانب الجماعات القبلية المنضوية تحت المقاومة الشعبية والقوات المناطقية في الجنوب سيكون لها عواقب مستقبلية خاصة في حال لم يستعيد التحالف العربي للدولة اليمنية

،،

وعلى الرغم من التوترات، فإنه من غير المرجح انفصال المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في طريقين مختلفين على المدى القريب، إذ تتشاطر الدولتان الاعتقاد بأن الحوثيين وإيران يشكلان تهديداً وجودياً للمنطقة، كما أن صراعهما مع قطر قد يخفف من الفجوة بينهما، لكن يبدو أن أبو ظبي قد تتفوق على الرياض في تحقيق مصالح استراتيجية في اليمن كون أي فوضى او تمزق لهذا البلد المعقد لا يهددها مباشرة لانعدام وجود حدود مشتركة.

 

ما يجعل اليمن فعليا أمام ثلاثة سيناريوهات للحرب:

السيناريو الأول: ( سيناريو استعادة الدولة)

تنفيذ خطة عاصفة الحزم في استعادة الدولة اليمنية والشرعية وإسقاط الانقلاب من خلال اخضاع الحوثيين للقرارات الدولية ، أو من خلال استكمال تحرير العاصمة صنعاء والمحافظات الأخرى الخاضعة للانقلاب، وهو سيناريو تدعمه الشرعية اليمنية وهناك توجه سعودي لتحقيقه ، فدعم الجيش الوطني والمقاومة القبلية في الوصول إلى جبال أرحب المطلة على صنعاء بالتوازي مع عملية استعادة ميناء الحديدة سيدفع بالتحالف إلى اعلان الانتصار وإنهاء الحرب في اليمن وتسليم دفة القيادة للشرعية اليمنية والجيش الوطني. 

قد يكون هذا السيناريو غير متوقع بالنظر إلى تلاعب بعض أطراف التحالف العربي بالمناطق المحررة ومنع استعادة الرئيس هادي وحكومة أحمد بن عبيد بن دغر للعاصمة المؤقتة عدن وإدارة الدولة منها ومنع عقد جلسات البرلمان فيها ، لكن المخاوف السعودية من ضغط الخارج مع بقاء الحوثي قوة مهددة لها في الجوار وبعد فشل خيارات الإمارات في تفعيل ورقة عائلة صالح وقوات الحرس الجمهورية ، قد يدفعها إما بقبول اتفاق سياسي لاخضاع الحوثي لها أو دعم تحركات الشرعية باتجاه صنعاء والحديدة، والأمر يعتمد بدرجة أساسية على استراتيجية السعودية وأهدافها من التدخل. 

هذا السيناريو يظل صعبا لكنه آمن ويدعم الأمن القومي للخليج.

 

السيناريو الثاني: ( سيناريو مشاريع التقسيم)

دعم تقسيم اليمن من خلال إدخال البلد في دوامة جديدة من الحوارات السياسية التي يستغلها الحوثيون في الشمال والحراك الانفصالي في الجنوب لإعادة ترتيب أوراقهم على الأرض واستعادة قوتهم المنهكة وتدريب مجندين جدد والحصول على سلاح نوعي، وبالتالي سيتمكن الحوثيون في الشمال والمجلس الانتقالي في الجنوب من ترسيخ أقدامهم أكثر من أي وقت مضى. ومن هنا تبدأ الحروب الأهلية الصغيرة ذات النفس المناطقي والمذهبي المهددة للنسيج المجتمعي لليمنيين، والذي دائماً ما تجيد إيران الركوب على مثل هذه المعارك الاستنزافية لتحقق حلم السيطرة، خاصة وان هناك معلومات تشير إلى وجود أكثر من ثلاثة ألف مقاتل تدربوا على أيدي خبراء إيرانيين منخرطين في الوية المجلس الانتقالي، حيث كان رئيسه الحالي عيدروس الزبيدي قد أشرف على تدريبهم في معسكرات ما قبل العاصفة ببيروت واريتريا.

وفي حال نجح الحوثيون والانفصاليون في تقسيم البلد فإن البلد سيفتح ابوابه أمام كل مشاريع التقسيم المحلية والدولية وستنشأ دويلات متعددة ومتصارعة .

هذا السيناريو متوقع وتدعمه الامارات العربية المتحدة وبعض الأطراف الدولية ، لكن يهدد وحدة اليمن وأمن واستقرار الخليج على المدى البعيد.

 

السيناريو الثالث: ( سيناريو الفوضى)

استمرار الحرب لعام آخر معناه تفكك تحالفات الشرعية والانقلاب ونشوء تحالفات جديدة بمصالح غير وطنية تتحكم فيها الصراعات الاقليمية والدولية وهو ما يحول الحرب في اليمن إلى فوضى طويلة الأمد لاستنزاف اليمنيين، وهذا السيناريو تدعمه إيران وحلفائها الإقليميين الذين يعتقدون أن حرب الحوثيين في اليمن هو الثقب الأسود لامتصاص طاقة السعودية والإمارات، وأن الفوضى هو السيناريو الأنسب لجعل اليمن مهدد دائم للخليج النفطي، وسيجعل من ايران فرصة للتواجد على حدود الخصم الكبير السعودية.

هذا السيناريو هو الأقرب للواقع ، وإذا تحقق سيضع اليمن والخليج على شفا الهاوية على المدى القريب.

 

 


 

هوامش
 

[1] توحش الارهاب في اليمن ( 2) الحركة الحوثية – بذور الفناء – مركز ابعاد للدراسات والبحوث – فبراير2018

[2] Yemen: An “entirely man-made catastrophe” – UN human rights report urges international investigation - (5 September 2017) http://www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=22025&LangID=E

[3] المصدر السابق

[4] تصاعد حدَّة القتال في اليمن يتسبَّب بمعاناة شديدة للمدنيين  http://www.ohchr.org/AR/NewsEvents/Pages/YemenReport2017.aspx

[5] Yemen Humanitarian Update Covering 19 - 25 February 2018 [] - 25 Feb 2018- https://reliefweb.int/report/yemen/yemen-humanitarian-update-covering-19-25-february-2018-enar

[6] صالح يطالب بتسليم قتلة خالد الرضي للعدالة 31.08.2017 -سبوتنيك- https://arabic.sputniknews.com/arab_world/201708311025926626

[7] Yemen's Saleh says ready for 'new page' with Saudi-led coalition - 2 Dec 2017- reuters - https://uk.reuters.com/article/uk-yemen-security/yemens-saleh-says-ready-for-new-page-with-saudi-led-coalition-idUKKBN1DW08K

[8] اليمن: التحالف العربي يرحب بدعوة عبد الله صالح "لفتح صفحة جديدة"- france24- http://www.france24.com/ar/20171202

[9] حكومة اليمن تدعو لفتح صفحة جديدة مع الأطراف السياسية - الخليج اونلاين http://alkhaleejonline.net/articles/1512242217829999100

[10] الحوثيون يعلنون مقتل صالح ..وقيادي في حزبه: أعدموه (فيديو) | القدس العربي| http://www.alquds.co.uk/?p=838412

[11] (تحقيق) قبائل صنعاء "فقاسة الرجال" كيف اختفت قبل مقتل "صالح"؟! 16/12/2017 يمن مونيتور http://www.yemenmonitor.com/Details/ArtMID/908/ArticleID/22017

[12] Yemen's future looks grim after Saleh's killing- By Peter Salisbury- 4 December 2017 -  http://www.bbc.co.uk/news/world-middle-east-42228221

[13] ظهر في 11 يناير/كانون الثاني2018 في شبوة لتقديم العزاء لنجل عارف الزوكا اليمن... أول ظهور لطارق صالح منذ اغتيال عمه (صور) - Sputnik Arabic https://arabic.sputniknews.com/arab_world/201801111029106853

[14] LETTER DATED 26 JANUARY 2018 FROM THE PANEL OF EXPERTS ON YEMEN MANDATED BY SECURITY COUNCIL RESOLUTION 2342 (2017) ADDRESSED TO THE PRESIDENT OF THE SECURITY COUNCIL  https://documents-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/N18/005/13/pdf/N1800513.pdf?OpenElement

[15] Iranian-Backed Houthis Just Caused a Self-Inflicted Wound by Killing Yemen’s Former President - DECEMBER 4, 2017 - http://www.atlanticcouncil.org/blogs/new-atlanticist/iranian-backed-houthis-just-caused-a-self-inflicted-wound-by-killing-yemen-s-former-president

[16] صادق أبو راس.. خليفة صالح بزعامة المؤتمر الشعبي - الجزيرة.نت http://www.aljazeera.net/encyclopedia/icons/2018/1/8/صادق-أبو-راس-خليفة-صالح-بزعامة-المؤتمر-الشعبي

[17] حديث صحافي حوثي تحدث لـ"ابعاد" شريطة عدم الكشف عن هويته، متحدثاً عن الجلسة الأولى للبرلمان في صنعاء بداية فبراير/شباط 2018.

[18] تحدث خلال لقاءه بنائب المبعوث الأممي إلى اليمن معين شريم في يناير/كانون الثاني 2018م. يمكن الاطلاع على "الصماد يقول إنهم "الشرعية" وليس الرئيس اليمني" http://www.yemenmonitor.com/Details/ArtMID/908/ArticleID/22418

[19] روسيا تعلق عمل بعثتها الدبلوماسية في صنعاء لتؤدي مهامها من الرياض 12.12.2017 -ر وسيا اليوم_ https://arabic.rt.com/middle_east/915143

[20] سر اللقاء الذي جمع نجل صالح بمسؤول روسي بارز (صور) - Sputnik Arabic – 26/1/2018 https://arabic.sputniknews.com/arab_world/201801261029519889

[21] رسالة فريق الخبراء المعني باليمن إلى مجلس الأمن في 28 يناير/كانون الثاني 2018 مصدر سابق،

[22] Can the UAE and its Security Forces Avoid a Wrong Turn in Yemen?  Page15 – FEB2018 https://ctc.usma.edu/app/uploads/2018/02/CTC-Sentinel_Vol11Iss2.pdf

[23] تقرير مجلس الأمن مصدر سابق.

[24] توحش الإرهاب.. تنظيم القاعدة/ملف مركز أبعاد للدراسات/

[25] EXCLUSIVE: Yemen president says UAE acting like occupiers – MEE- 3 May 2017- http://www.middleeasteye.net/news/exclusive-yemeni-president-says-emiratis-acting-occupiers-1965874493

[26] كلمة هامة لرئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر-المشهد اليمني- 21/1/2018 http://www.almashhad-alyemeni.com/topics/18/01/21/102257.html

[27] اليمن يتهم خلية للتحالف بإعاقة توريد أموال مطبوعة بالخارج - عربي21 /13/8/2017 https://arb.im/1027440

[28] موانئ خليج عدن: (13) سفينة تنتظر تصريح التحالف بعضها من أكتوبر (16/1/2018)...اليمن نت https://theyemen.net/موانئ-خليج-عدن-13-سفينة-تنتظر-تصريح-التح/

[29] منع القائم باعمال المفلحي من دخول مبنى محافظة عدن | المشهد اليمني /2/11/2017 http://www.almashhad-alyemeni.com/topics/17/11/02/96681.html

[31] Can the UAE and its Security Forces Avoid a Wrong Turn in Yemen?  Page15

[32] In Yemen’s secret prisons, UAE tortures and US interrogates -AP-- Jun. 22, 2017 https://apnews.com/4925f7f0fa654853bd6f2f57174179fe?utm-campaign=SocialFlow&utm-source=Twitter&utm-medium=AP

[33] للمزيد حول التفاصيل يمكن العودة إلى توحش الإرهاب.. تنظيم القاعدة /ملف مركز أبعاد/

[35] Abu Dhabi’s quest for an eighth emirate in Yemen -MEE - 18 February 2018 http://www.middleeasteye.net/columns/abu-dhabi-s-quest-eighth-emirate-yemen-1145345160

[36] Yemen president says UAE acting like occupiers

نشر :