الانتحار المسير.. سلاح الحوثيين الاستراتيجي

ملفات | 30 يناير 2019 00:00
 الانتحار المسير.. سلاح الحوثيين الاستراتيجي

English

PDF

 

مقدمة

سلطت حادثة مقتل رئيس الاستخبارات العسكرية اليمنية الضوء من جديد على تكنولوجيا العمليات الانتحارية المتطورة التي تقوم بها جماعة الحوثيين ضد قوات الشرعية والتحالف العربي من خلال طائرات صغيرة وزوارق مسيرة.

في العاشر من يناير/كانون الثاني 2019، تمكنت طائرة صغيرة مسيرة من الوصول إلى أهم القيادات العسكرية حينما انفجرت فوق منصة العروض في قاعدة العند الجوية بمحافظة لحج جنوبي البلاد وقتلت 6 جنود وضابطين.

تكنلوجيا الموت الجديدة التي أصبحت بيد الحوثيين تدفع بمحاولات البحث عن الاجابة على سؤال: من يدعم هذه الجماعة البدائية بكل هذه التكنلوجيا الخطيرة ؟ وهل سيفتح ذلك الباب أمام حروب مدمرة تعتمد على سلاح التكنولوجيا ولا تعتمد على السلاح المكلف؟

انقلب الحوثيون على السلطة في سبتمبر/أيلول2014 كميليشيا مسلحة متمردة خاضت ستة حروب ضد الحكومة منذ 2004 وحتى 2010. استحوذت على أسلحة الجيش وأسست أجهزة موازية للدولة رغم سيطرتهم -أيضاً- على الأجهزة الرئيسية وتغيير المسؤولين وفرض مراقبين للجماعة في كل مؤسسة حكومية.

في مارس/آذار2015 أعلن ما يعرف بالتحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية بدء انطلاق عملية عسكرية لاستعادة الشرعية التي يقودها الرئيس عبدربه منصور هادي ضد انقلاب ميلشيات موالية لإيران .

بعد قرابة أربع سنوات من الحرب ولإعتبارات سياسية وإقليمية جيو- سياسيَّة، يحدث انسداد في حسم المعركة مع الحوثيين الذي عملوا طوال فترة الحروب على التأقلم، وتطوير أسلحتهم .

هذه الدراسة التي تعتبر أول دراسة بحثية عن سلاح الحوثيين المسير إلى جانب دراسة سابقة تمهيدية صدرت مطلع 2018 ملخصاً حول هذه التكنولوجيا الخطيرة التيتمتلكها أول جماعة مسلحة خارج نطاق الدولة في اليمن، خاصة وأن الحوثيين عقب هجوم "العند" قالوا أنهم يسعون لبناء مخزون كبير من تلك الطائرات كاستراتيجية لهم في الحرب. 

 

أولا:  الطيران المسير

شهدت أجواء اليمن أول نوع من الطائرات المسيرة مع الحملة الأمريكية التي بدأت عام 2002 لمهاجمة تنظيم القاعدة في اليمن. وبعد تدخل التحالف العربي لمواجهة الحوثيين تم استخدام الطائرات بدون طيار للاستطلاع في أرجاء البلاد، وحتى عام 2018 دخلت طائرات صينية دون طيار مسلحة تملكها الإمارات لتنجح في استهداف واحد من قادة الحوثيين "صالح الصماد" رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى والذي أٌعتبر مقتله ضربة للجماعة.

قبل مقتل "الصماد" بأكثر من عام زار معرضاً لطائرات بدون طيار قالت جماعة الحوثيين إنها قامت بصناعتها محلياً. وفي فبراير/شباط 2017 كشف الحوثيون عن امتلاكهم لطائرات بدون طيار، تم تصنيعها محليا؛ لتنفيذ مهام قتالية واستطلاعية وأعمال المسح والتقييم والإنذار المبكر، وتضم الطائرات المصنعة طرازا يطلق عليه «الهدهد» و«الهدهد 1»، و«الرقيب» و«راصد» و«قاصف 1»، ومن أبرز مهامها القيام بأعمال تقنية وقتالية منها دور تصحيح المدفعية ورصد وتحديد أماكن تجمع القوات المستهدفة وإرسال الإحداثيات لما يسمونها " الوحدة الصاروخية والقوة المدفعية وقوة الإسناد والتقييم"[1].

عقب مقتل "الصماد"، أعلن الحوثيون عن طائرات مسيرة من نوع (صماد2، صماد3، قاصف-2M). وكما فعل الحوثيون بالإعلان عن "دائرة خاصة" للتصنيع العسكري وتطوير الصواريخ الباليستية، أعلنوا عن دائرة لما يعرف بـ"سلاح الجو المسير" وهي الدائرة التي تُنسب لها العمليات التي تنفذها جماعة الحوثيين من خلال هذا النوع من الطائرات المسيرة.

ووفقاً لعمل تلك الطائرات يمكن تقسيمها إلى طائرات استطلاع وطائرات انتحارية.

 

أ‌.       طائرات الاستطلاع

هناك ثلاث طائرات يستند إليها الحوثيون في مهمة الاستطلاع "الهدهد" و"الهدهد1" و"رقيب" و"راصد".

  • الهدهد، طولها 150 سم، وطول الجناح 190 سم، يمكنها أن تبقى حتى 90 دقيقة في الجو، ضمن 30 كيلو متر.
  • رقيب، طول البدن 100سم، طول الجناح 140 سم، تبقى 90 دقيقة، المدى 15 كيلو متر.
  • راصد، طول البدن 100 سم، طول الجناح 220 سم، تحلق 120 دقيقة، المدى 35 كيلو متر.

 

 مهام طائرات الاستطلاع:

  • ترافق هذه الطائرات، عناصر الحوثيين من أجل تصوير مناطق القوات المتواجدة قبل شن هجمات برية على المواقع العسكرية.
  • تصحيح مسار المدفعية، وتقديم إحداثيات مواقع القوات العسكرية.
  • طائرات "رقيب" يمكنها التصوير الحراري الجوي.
  • يمكن لطائرات من نوع "راصد" تقديم مسح جغرافي.

تبدو هذه الطائرات قريبة للغاية من نماذج طائرات بدون طيار الإيرانيَّة التي استخدمتها خلال الحرب مع العراق في ثمانينات القرن الماضي في "مهاباد" مثل "تلاش1" و"مهاجر1"[2].

 

ب‌.   الطائرات الانتحارية

هذه الطائرات لديها مهمة واحدة وهي الانطلاق حسب إحداثيات محددة للوصول والانفجار إما عن بُعد أو عبر توقيت من الإحداثيات.

أطلق الحوثيون في البداية طائرات نوع "قاصف-1"، ولاحقاً بعد مقتل "الصماد" أطلق الحوثيون طائرات نوع "صماد2" وصماد3. وفيما توجد معلومات ضئيلة عن طائرة قاصف-1 التي سبق وتم اعتراضها من القوات الإماراتية في جنوب البلاد بعد تقديمها لمراكز أبحاث. فإن النوعين الأخرين من الطائرات لم يتم الكشف عن معلومات حولها عدا أن المدى أكثر من 1000كم، ويمكنها البقاء 24 ساعة في الأجواء[3].

كانت عملية العند الجوية أولى العمليات التي نفذتها الطائرة المسيرة نوع "قاصف K2". ولا توجد معلومات كثيرة حولها وتشبه جيل "قاصف-1" من الطائرات.

يمكن دراسة طائرة قاصف-1 لمعرفة كيفية عمل الطائرات الانتحارية الحوثية. فالطائرة يصل مداها إلى 150 كم، وطول البدن (250سم)، وطول الجناح (300سم) ويصل تحليقها إلى 120 دقيقة، يمكنها أن تحمل رأس حربي يزن (30 كيلو جرام).

حسب مصادر مركز أبعاد للدراسات في الجيش اليمني فإن الحوثيين يستخدمون متفجرات من نوع (TNT، C3، C4) في هذه الطائرات الانتحارية، وتم إسقاط هذا النوع من الطائرات في محافظة صعدة قبل انفجارها. يقول الحوثيون إنهم يزودونها بنظام ذكي لرصد الهدف وتحديده ثم ضربه كما يتم تجهيزها بعدة أنواع من الرؤوس الحربية حسب المهمة.

 

مهام الطائرات الانتحارية

تشبه هذه الطائرات مهمة "الطائرات اليابانية" في الحرب العالمية الثانية، ما كانت تدعى بعمليات "كاميكازي"[4] حيث يقوم الطيار بالقفز بطائرته على البوارج البحرية الأمريكيَّة وسط المحيط، منتحراً، وكبدت تلك العمليات المفاجئة الجيش الأمريكي أكثر من 4 آلاف جندي إضافة إلى خسائر مادية كبيرة. الفارق أنها الآن أصبحت طائرات من دون طيارين وإن كانت القدرة التدميرية أقل.

تقوم مهمة الطائرات بالوصول إلى ارتفاع 20 مترا فوق الهدف ثمَّ تقوم بالانفجار. أو تسقط بسرعة قوية للغاية على الهدف.

في 20 يناير/كانون الثاني2019 أعلن التحالف العربي أن إيران زودت الحوثيين بطائرات من نوع شاهد 129[5]. وهذا النوع من الطائرات يملك قدرات كبيرة للغاية فبإمكانها إضافة إلى الاستطلاع حمل ثمانية من الصواريخ الموجهة، ومدى هذه الطائرة يصل إلى 2000كم والعودة إلى حظيرتها. مع مجال بقاء في الجو 30 ساعة وتنفيذ مهام المراقبة والرصد وتدمير الأهداف في آن واحد[6]. وجيل الطائرات من هذا النوع كشفت عنه طهران في 2012، ويعتبر العمود الفقري للإنتاج الإيراني لطائرات بدون طيار خلال العقد القادم[7]. وسبق أن استخدمتها إيران في سوريا[8].

ومن المهام التي استخدم الحوثيون الطائرات الإنتحارية فيها:

  • استهداف أنظمة الدفاع "باتريوت" التي تنشرها المملكة العربية السعودية على الحدود لتسهيل الطريق أمام الصواريخ الباليستية التي يطلقونها على المملكة.
  • استهداف المطارات: ويظهر ذلك واضحاً في استهداف الحوثيين لمطار "أبها" في "ابريل/نيسان2018"، بطائرتين "قاصف-1". وأعلن الحوثيون في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2018 استهداف مطاري أبوظبي ودبي بطائرات من نوع "صماد3" لكن الإمارات نفت ذلك.
  • استهداف منشآت النفط: أعلن الحوثيون في يوليو/تموز2018 استهداف شركة أرامكو في الرياض بطائرة نوع "صماد2".  
  • القوات الحكومية: يستهدف الحوثيون تقدم القوات الحكومية بالذات في الساحل الغربي وفي نهم بالقرب من العاصمة صنعاء.
  • استهداف القيادات العسكرية: كما حدث في استهداف القيادات العسكرية في قاعدة "العند" العسكرية.

 

صفات الطائرات المسيرة:

بين ألف وألفي دولار يمكن الحصول على طائرة درونز قاتلة، فتكلفة هذا النوع من السلاح الذكي منخفضة جدا ويمكن الحصول على مواد تصنيعها من الانترنت، وفيما يلي بعض المواصفات :  

  • الطائرات صغيرة الحجم، يصعب رصدها عبر الرادار.
  • تملك كاميرات تصوير دقيقة، فوتغرافية أو كاميرا لتصوير الخرائط.
  • حصل مركز "أبعاد للدراسات" على صور لطائراتين تم إسقاطهما في مأرب والجوف شرقي وشمالي البلاد، وصور أخرى لهيكل الطائرة التي هاجمت قيادات الجييش في العند وتبين أن تلك الطائرات المسيرة تعمل بمحركات (DLE111) وتتبع شركة (DLE) الصينية التي تملك موزعين في أكثر من دولة بينها إيران[9]، وربما تتبع هذه المحركات أجهزة التحكم عن بعد .
  • من خلال تتبع نوعية المروحة فإنها تشبه مروحة ذات ماركة مسجلة باسم " XOAR" لشركة ألمانية تدعى Beechwood[10] وقيمتها 250$[11] وتملك موزعين في اليمن ودول أخرى إضافة إلى إمكانية شرائها عبر الانترنت[12].
  • يصنع الحوثيون جسد الطائرة الخارجي من (الفيبرجلاس) خفيف الوزن، وإمكانية تصنيع هذه المادة متوفرة على الإنترنت بسهولة.
  • قيمة المحرك يصل إلى 600$ فقط[13] ويمكن شراؤه عبر الانترنت وبالتالي فإن التصنيع يبدو بتكاليف قليلة.

 

كيف تصل الطائرات دون طيار للحوثيين؟!

ظلت جماعة الحوثي في حالة حروب دائمة منذ 2004 وحتى اليوم، وتعتمد على تجنيد الأطفال أو غير المتعلمين، فعقيدة الجماعة الحربية والقتالية وطبيعة استهداف الأشخاص للانضمام إلى الجماعة، يؤكد مراراً أن الجماعة بعيدة عن استخدام تقنيات الطائرات دون طيار. لذلك فحليف الجماعة إيران الجهة الوحيدة القادرة على تزويد الحوثيين بهذا النوع من التكنلوجيا.

وهناك طريقتان لوصول هذا النوع من الطائرات المسيرة للحوثيين:

  • الطريقة الأولى : تهريب الطائرات إلى الحوثيين: أعلنت قوات الأمن في مأرب (شرق اليمن) مراراً عن القبض على طائرات دون طيار كانت في طريقها إلى الحوثيين.

يؤكد ذلك تقرير لمركز مراقبة أبحاث التسلح أثناء النزاعات صدر في مارس/آذار2017. وبعد دراسة طائرات حوثية تم السيطرة عليها من نوع "قاصف-1"، يلفت التقرير إلى أن الأرقام التسلسلية فيها وتصميماتها تشير إلى أنها ليست سوى شكل آخر من خط إنتاج للطائرات الإيرانية من دون طيار المعروفة باسم "أبابيل". واعتمد المركز في تحليله على 7 طائرات بدون طيار, 6منها تم القبض عليها في أكتوبر/تشرين الأول 2016 عن طريق تهريب إيراني معروف يمر عبر عمان، بينما عثر على طائرة أخرى بعد هجوم شنه الحوثيون قرب عدن باليمن في فبراير/شباط2017. كما تشير الأرقام التسلسلية إلى طائرة أخرى أسقطتها القوات العراقية، أثناء المعارك مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، إذ أن الطائرة التي يستخدمها الحشد الشعبي سقطت في أيدي تنظيم (داعش) وتمكنوا من إعادة بث تحكمها لمصلحتهم قبل أن تسقطها أسلحة الحكومة العراقية.

  • الطريقة الثانية: إعادة التركيب في اليمن حيث يحصل الحوثيون على تكنلوجيا الطائرات بدون طيار من إيران، وتقوم الجماعة عبر خبراء تم تدريبهم خلال فترة الحرب في إيران ولبنان- لدى جماعة حزب الله- لإعادة تركيبها والتحكم بها. سبق أن نشر مركز أبعاد للدراسات دراسة  تؤكد أن الحوثيين بعثوا بجرحى من أجل العلاج عبر سلطنة عمان ليعودوا خبراء في تكنلوجيا السلاح الإيراني، الذي تزودهم به إيران[14].

تعتمد إيران في عمليات تهريب الأسلحة بما فيها أجزاء الصواريخ البالستية وطائرات دون طيار، على مجموعتين هما "الوحدة 400 والوحدة 190" التابعتين لفيلق "قدس" والأخيرة هي التي تقع على عاتقها تهريب الأسلحة والتكنولوجيا الحديثة للحروب خارج حدود إيران، ومنذ الثمانينات استطاعت هذه الوحدة التي سخرت كل إمكانيات الدولة (الطائرات والبواخر والاستخبارات والسياسة) لخدمتها لتكوِّن شبكات كبيرة لتهريب الأسلحة تضم جنرالات وقادة أمنيين وبحريين وعسكريين على خطوط الطول ودوائر العرض في الخريطة (الجيوسياسية) للشرق الأوسط.

على شبكة الإنترنت يوجد موقع Vsquds المتخصص في علميات "فيلق قدس" ومنها تهريب الأسلحة إلى اليمن ويشير الموقع إلى "واحد 190 - واحد انتقال أسلحة" (أو وحدة نقل الأسلحة - بالعربية) إلى أنَّ هذه الوحدة واحدة من الوحدات الخاصة داخل الفيلق، المتخصصة في عمليات تهريب الأسلحة إلى ميليشياتها ومناطق الصراع الملتهبة ومنها اليمن[15].

 

ثانيا : قوارب وزوارق بحرية بدون ربان

ظهرت هذه القوارب للمرة الأولى في استهداف الفرقاطة السعودية في 29يناير/ كانون الثاني 2017م حين هاجم الحوثيون فرقاطة "المدينة" السعودية الموجودة في البحر الأحمر بثلاثة زوارق قِيل في البداية أنها قوارب انتحارية على متنها حوثيين لكن الحقيقة أن هذه القوارب انتحارية مسيرة عن بُعد، وتم ملئها بالمتفجرات لتصطدم بالفرقاطة السعودية وقُتل اثنين من جنودها وجرح ثلاثة أخرين حين اصطدم قارب بمؤخرة السفينة فيما تم التصدي للقاربين الآخرين. كما استهدف الحوثيون بهذا النوع من القوارب سفينة شحن إماراتية في ميناء المخا.

هذا الأمر لا يعني فقط استهداف سُفن وبوارج التحالف في المياه اليمنية بل يمتد أيضاً إلى المصالح الاقتصادية داخل الأراضي السعودية، ففي إبريل/نيسان2017 استهدف الحوثيون رصيف ميناء أرامكو النفطي في جيزان بقارب متفجر مُسير عن بُعد، لكن البحرية السعودية قالت إنها تصدت له[16].

في يوليو/ تموز 2018 قالت السعودية إن الحوثيين استهدفوا ناقلة نفط سعودية أثناء مرورها عبر البحر الأحمر[17]. فيما قال الحوثيون إنهم استهدفوا بارجة "الدمام" العسكرية[18]. وهي الحادثة التي دفعت السعودية لوقف مرور شحنات النفط عبر مضيق باب المندب لأكثر من شهر.

تم ضرب ناقلة النفط "أرسان" في مؤخرتها فوق خط المياه، حيث أظهر تحليل الصور حدوث حفرة بعرض مترين إلى ثلاثة أمتار ووقوع ضرر ضئيل ناتج عن الحريق في الهيكل الخارجي. وكان السبب الأكثر احتمالاً هو إطلاق صاروخ كبير غير موجه من زورق هجومي سريع كان خلف الناقلة. بعد ذلك، تم مرافقة ناقلة النفط التي تمكنت من التقدم باستعمال طاقتها الخاصة بسرعة مخفضة نحو ميناء جازان السعودي، مصحوبة بالفرقاطة السعودية "إتش إم إس الدمام"، التي (بخلاف ما ورد في بعض التقارير) لم تتضرر من الهجوم[19].

 

السفينة الأم  Saviz الإيرانيَّة

هي سفينة شحن راسية على أرخبيل دهلك على البحر الأحمر. ويعتقد أنها تابعة للجيش الإيراني، وتقوم بعمليات مساندة لوجستية للجماعة لتقديم البيانات والمعلومات للجماعة المسلحة في الأراضي اليمنية أو لصناعة قوارب "بدون ربان" بحيث يمكن إدارتها من السفينة، أو عبر حوثيين على الأراضي اليمنية.

قد لا يكون هناك دلائل كثيرة على كل ما تفعله "سافيز"، لكن السفينة تلعب بالتأكيد دورًا تكتيكيًا في الحرب باليمن.

وحسب بحوث ومتابعة عن السفينة توصل مركز "أبعاد للدراسات" في تحليله إلى التالي:

  • في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 ، قدم السعوديون توثيقًا لنشاط مشبوه من قبل سافيز ، بما في ذلك صورة سافيز مع ثلاثة قوارب سريعة مثل تلك التي استخدمها الحوثيون ، على سطح السفينة الخاص بها إلى الأمام من جسر السفينة. وتظهر الوثيقة نفسها سفينة تجارية إيرانية أخرى لم تذكر اسمها مع أفراد طاقم يبدو أنهم عسكريون[20].
  • تتبع محللوا مركز "أبعاد للدراسات" وجود السفينة في المنطقة عبر مواقع مراقبة السفن وتوصلوا في يناير/كانون الثاني 2019 أن السفينة لم تتحرك من مكانها منذ 2016م [21].

 

 

  • من خلال المعلومات المتاحة: فسفينة "سافيز" عملت في الماضي ضمن شبكة تهريب الأسلحة الإيرنية. كانت السفينة، التي شُيدت في عام 1999، تعمل باسم إيران لورستان[22]، لكنها وقعت ضمن عقوبات الولايات المتحدة والأمم المتحدة في 2007-2008 كأصل لجهات معروفة لتهريب الأسلحة في إيران، بما في ذلك شركة الشحن: راباران أوميد داريا لإدارة السفن ومالكها أوجيا انوس خوروشان[23].
  • تم وضع "سافيز" ضمن قائمة العقوبات في (2012) لكن وفي عام 2016 ولإحداث تقدم في الاتفاق النووي الإيراني تم رفع العقوبات عنها من قِبل إدارة ترامب[24]. واتهمت بالقيام بعمليات سرية لصالح إيران في المنطقة[25].
  • يمكن لسفينة مثل سافيز أن تحمل عناصر القيادة والسيطرة التابعة للقوات المسلحة الإيرانية والتحكم عن بعد واللوجستيات، في وقت يمكنها أن تتحكم في أنشطة السفن الأصغر حجماً[26].
  • من المتوقع أن تعيدها إدارة ترامب إلى قائمة العقوبات مجدداً[27].

 

 

 

مخاطر تكنولوجيا السلاح المسير مع الحوثيين:

بعد هذه الدراسة التحليلية عن السلاح المسير الذي تمتلكه الحركة الحوثية يمكننا التوصل للتالي:

  • أصبح السلاح المسير للحوثيين سواء طائرات استطلاعية أو انتحارية إلى جانب الزوارق الانتحارية التي تهدد ممرات الملاحة الدولية، سلاحا استراتيجيا للحركة قد يتم تطويره ليكون أكثر تهديدا على الأمن الاقليمي والدولي.
  • السلاح المسير للحوثيين وضع موانئ ومطارات دول الخليج تحت التهديد بشكل جدي، وقد تتم مهاجمة منابع وشركات النفط ومصانع حيوية وشركات انتاج الطاقة وتكرير البترول وتحلية المياه مما سينعكس سلبا على الوضع الأمني والإقتصادي لدول الخليج بالذات السعودية والإمارات اللتان تقودان تحالفا عسكريا ضد الحوثيين.
  • امتلاك جماعة مسلحة يمنية خارج إطار الدولة مثل جماعة الحوثيين لهذه التكنولوجيا قد يبعث المخاوف من وصول تقنية السلاح المسير إلى جماعات مسلحة أخرى مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية ( داعش)
  • وصول مثل هذا السلاح التكنولوجي إلى يد الحوثيين يهدد مسارات السلام في اليمن ويفرض واقعا عسكريا على الحكم بالقوة، وقد تستخدم هذه التكنولوجيا في التصفيات والاغتيالات السياسية مستقبلا ، إذا أشرك الحوثيون في الحكم بدون هزيمة عسكرية ومع احتفاظهم على التنظيم الميلشاوي المسلح.
  • بقاء هذه التكنولوجيا في يد الحوثيين ستكرر قصة امتلاك حزب الله ودعمه بها للحوثيين، وستسعى جماعة الحوثي إلى تشكيل تنظيمات طائفية أخرى في المنطقة ودعمها بالسلاح المسير لتحقيق توازن سريع في القوة مع الأنظمة التي تستهدفها، ويتوقع أن خبراء في تنظيمات شيعية في السعودية والكويت قد أصبحوا يمتلكون القدرة على التعامل مع تكنولوجيا السلاح المسير. 
  • أصبح السلاح المسير للميلشيات الموالية لطهران قوة بيد إيران اليوم وستستخدمها للضغط في أي مفاوضات مستقبلية .

 

سيناريوهات مفتوحة :

  • ·       من المتوقع تشديد العقوبات على إيران وصولا إلى الحظر الكامل بشأن امتلاك تكنولوجيا السلاح المسير، وإعادة الحظر على سفينة سافيز القابعة في البحر الأحمر والتي يعتقد أنها تقدم خدمات لوجستية بهذه التكنولوجيا إلى الحوثيين .
  • ·       تحتاج الشركات المنتجة للمحركات التي تعمل بأجهزة تحكم عن بعد لحملة تعريفية بضرورة وضع أنظمة رقابية صارمة على منتجاتها تشبه الأنظمة الرقابية على السلاح المتطور ومن المتوقع أن تقوم بذلك المملكة العربية السعودية بالتعاون مع الولايات المتحدة المريكية.
  • ·       سيشهد سوق السلاح تطورا نوعيا لأنظمة الدفاع المتطورة التي تصطاد الطائرات والزوارق المسيرة قبل تفجرها وعلى بعد كبير من الأهداف العسكرية المحتمل استهدافها، كما ستشهد أسواق السلاح  حراكا اقتصاديا لارتفاع الطلب على هذا النوع من الأنظمة.
  • ·       ربما تولد شركات منتجة للسلاح المسير في البلدان الفقيرة ومع جماعات ونتنظيمات متعددة الأهداف ما يجعل سلاح المستقبل هي تكنولوجيا السلاح المسير وما سيجعل حروب المستقبل حروب لا تعتمد على أسلجة مكلفة بل تعتمد على خبرات وتكنولوجيا رقمية.

 

المراجع:

[1]  الحوثيون يكشفون عن تصنيعهم 4 طائرات بدون طيار/ 27فبراير2017 /الخليج الجديد http://thenewkhalij.org/node/60578

[2] هواگردهای بدون سرنشین/ از تلاش1 تا چمران2 http://defapress.ir/fa/news/23667

نگاهی به نقش ناشناخته "تلاش" و "مهاجر" در کربلای 5 و والفجر 8
https://www.mashreghnews.ir/news/69193

[3] حديث وسائل إعلام الحركة الحوثية

[6] تصريح مسؤول في الحرس الثوري للتلفزيون الإيراني blob:https://www.aparat.com/f37e70aa-752d-4da8-b555-40980f0cec40

[7] شاهد ۱۲۹، ستون فقرات نیروی پهپادی ایران http://www.bbc.com/persian/iran-40405835

[8] https://www.militaryfactory.com/aircraft/detail.asp?aircraft_id=1330 HESA Shahed 129 (Eye-Witness) Medium-Altitude, Long-Endurance (MALE) Reconnaissance / Light Attack Drone

[9] يمكن الاطلاع على الموقع الرسمي للمحرك http://www.dlengine.com/en/about-us

[10] موقع الشركة https://www.xoarintl.com/

[11] موقع يبيع هذا النوع من المروحيات https://produto.mercadolivre.com.br/MLB-910276074-helice-24x12-xoar-freehobby-_JM

[12] يمكن الطلاع على الموزعين هنا https://www.xoarintl.com/where-to-buy/

[13] DLE 111 TWIN TWO-STROKE PETROL ENGINE DLE-111 https://www.tjdmodels.com/dle-111-twin-twostroke-petrol-engine-dle111-p-7898.html

[14] إرهاب السلاح الإيراني.. قوة تهدد أمن الخليج http://www.abaadstudies.org/news-59755.html

[15] المصدر السابق

[16] سلاح الحوثيين البحري.. مفاجئات جديدة وأهداف أكبر http://www.yemenmonitor.com/Details/ArtMID/908/ArticleID/17781

[17] ميليشيات الحوثي تستهدف ناقلة نفط سعودية بالبحر الأحمر https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1167423

[18] حرب البوارج وناقلات النفط.. تصعيد جديد بين الحوثيين والسعودية! https://arabic.rt.com/rtonline/video/959451

[19] Curbing Houthi Attacks on Civilian Ships in the Bab al-Mandab

Michael Knights and Farzin Nadimi https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/curbing-houthi-attacks-on-civilian-ships-in-the-bab-al-mandab

[22] الأسماء القديمة للسفينة سافيز http://www.shipspotting.com/gallery/photo.php?lid=1245227

[23] Red Sea attack: Iranian cargo ship, delisted from sanctions by Obama, is in Yemen war https://libertyunyielding.com/2018/08/01/red-sea-attack-iranian-cargo-ship-delisted-from-sanctions-by-obama-is-in-yemen-war/

[24] JCPOA-related Designation Removals, JCPOA Designation Updates, Foreign Sanctions Evaders Removals, NS-ISA List Removals; 13599 List Changes https://www.iranwatch.org/library/governments/united-states/executive-branch/department-treasury/jcpoa-related-designation-removals-jcpoa-designation-updates-foreign-sanctions

[25] IRANIAN COVERT OPERATIONS SHIP SAVIZ http://blogs.plymouth.ac.uk/dcss/2018/08/06/iranian-covert-operations-ship-saviz/

[26] جي إي داير ، ضابط استخبارات بحري أمريكي متقاعد Red Sea attack: Iranian cargo ship, delisted from sanctions by Obama, is in Yemen war https://libertyunyielding.com/2018/08/01/red-sea-attack-iranian-cargo-ship-delisted-from-sanctions-by-obama-is-in-yemen-war/

[27] Trump to Sanction Iranian Ship Identified in Facilitating Terror Strikes https://freebeacon.com/national-security/trump-sanction-iranian-ship-identified-facilitating-terror-strikes/

نشر :