
2018 بين اقتصاد الحرب ومطاردة الموتPDF
مقدمة:
انقلب الحوثيون على السلطة في سبتمبر/أيلول2014، وسيطروا على معظم البلاد قبل تدخل التحالف العربي بدعوة من الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي في مارس/أذار2015، بهدف استعادة الدولة. تقود السعودية والإمارات التحالف العربي، وخلال أربع سنوات طغت المصالح الخاصة للإمارات بشكل أكبر والسعودية بدرجة أقل على الهدف الرئيس وهو ما أدى إلى إطالة الحرب وتسببت بالمزيد من المشكلات التي تجعل من إنهاء الحرب أمراً صعباً، مع تزايد سقوط الضحايا المدنيين.
،، لم تعد الحرب في اليمن حربا سياسية عسكرية بين الرئيس الشرعي المعترف به دوليا وبين ميلشيات الحوثي، فقد أضحت بعد أربع سنوات حربا اقتصادية وتنافسا ماليا وعبئا إنسانيا ،، |
ولم تعد الحرب في اليمن حربا سياسية عسكرية بين الرئيس الشرعي المعترف به دوليا وبين ميلشيات الحوثي، فقد أضحت بعد أربع سنوات حربا اقتصادية وتنافسا ماليا وعبئا إنسانيا.
ففيما كان هدف التحالف العربي الذي أعلن عنه في 25 مارس 2015 استعادة الدولة اليمنية وإسقاط الانقلاب، أصبح اليمنيون يبحثون عن رواتب واغاثة ومكانا للنزوح، وكما تعبث الميلشيات التابعة للتحالف بالمناطق المحررة تقوم "ميليشيات الحوثي" بتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى إقطاعية/ إقطاعيات، خاصة بالجماعة وقياداتها.
لم يعد من نشاط اقتصادي في اليمن، سوى اقتصاد الحرب ولم يعد هناك مشروع دولة بل مشاريع صغيرة تتحارب، كما أن موقع اليمن الاستراتيجي تحول إلى محنة في هذا التوقيت الصعب ما قد ينذر بتدخلات اقليمية ودولية تعقد المشهد أكثر مع طول فترة الحرب.
الاقتصاد والأزمة الإنسانية
أثَّرت الحرب في اقتصاد البلاد وضاعفت مأساة المواطنين الإنسانية، وأصبح ملايين اليمنيين تحت خط الفقر بل أصبح الكثير منهم على خط الجوع، وتسببت سياسات الحوثيين في البداية إلى هذه المأساة حيث سحبت جماعة الحوثي احتياطي البنك المركزي من العملات الصعبة (4.8مليار دولار). وأدى ذلك إلى نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن في 2016، لكن ذلك لم يكن كافياً لإيجاد حلول تضمن تسليم رواتب الموظفين، حيث رفض الحوثيون تسليم الإيرادات للبنك في عدن وبالمقابل قامت الحكومة برفض تسليم رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الحوثيين.
أولا: الوضع الاقتصادي:
ظلت البلاد بدون موازنة، وعلى الرغم من إصدار موازنة من حكومة "أحمد عبيد بن دغر" إلا أنها كانت ضئيلة وكانت فقط في مناطق سيطرة الحكومة. فيما قامت الحكومة الحالية التي يقودها معين عبدالملك بالإعلان عن موازنة جديدة بإجمالي تقديرات الموارد العامة بلغت تريليونان و159 مليار و271 مليون ريال يمني (قرابة 4 مليار دولار أمريكي)، وإجمالي النفقات بلغت ثلاثة تريليون و111 ملياراً و153 مليون ريال يمني (قرابة 5 مليار و656 مليون دولار أمريكي). (الدولار= 560ريال يمني)- وبلغ العجز المالي نحو 30%، تسعى الحكومة لتمويله من مصادر غير تضخمية عبر استخدام أدوات الدين المحلي وحشد التمويلات الخارجية، إضافة إلى وضع آليات للإنفاق[1].
لكن الاستقرار الاقتصادي لا يرتبط بالموازنة بقدر ارتباطه بالحرب والسلام. وأبرز مايحصل للاقتصاد اليمني الذي ينهار ويصعد بديلا أو موازيا له من اقتصاد الحرب هو ما يحدث الآن من تغيرات عليه خلال الأربع السنوات من جحيم الحرب:
1- اقتصاد الحوثيين: تسيطر جماعة الحوثيين المسلحة على معظم المحافظات الشمالية الغربية، وأسست الجماعة خلال الحرب مراكز اقتصاد جديدة، تظهر وضوحاً في العاصمة صنعاء، فقد وضعوا أيديهم على البنوك وشركات الاتصالات واحتكروا تجارة النفط والغاز والغذاء وعملوا نقاط جمارك داخل المدن.
2- الاقتصاد الوطني:
3- صراع المصالح:
،، محاولة الإمارات وضع يدها على الموانئ اليمنية في الجنوب بالذات مينائي عدن والمكلا وإغلاق ميناء الحديدة أدى إلى انتعاش مينائي جبل علي الاماراتي والملك عبد الله السعودي ،، |
في نفس الوقت انتعشت الموانئ السعودية جراء الحرب في اليمن، في المقابل تضررت الموانئ اليمنية بشكل كبير خلال سنوات الحرب بفعل إجراءات التحالف العربي عبر آلية الأمم المتحدة للتفتيش، حيث تستمر السفن أسابيع وربما أشهر في البحر بانتظار دورها للتفتيش ما يؤدي إلى تلف بعض البضائع ودفع رجال الأعمال اليمنيين المستوردين إلى الوصول إلى ميناء "الملك عبدالله" على البحر الأحمر -على سبيل المثال لا الحصر- ونقل البضائع براً فقد أدى ذلك إلى انتعاش الميناء الناشئ فبدلاً 1.3 مليون حاوية قياسية في العام 2015، استقبل الميناء بنهاية 2018 إلى 2,301,595 حاوية قياسية، فيما يقارب من الضعف. وارتفعت السفن التي وصلت خلال الثلاث السنوات من 637 سفينة عام 2015 إلى 911 سفينة. وكان عام 2015 في المرتبة 104 عالمياً وعام 2018 في المرتبة 69 عالمياً وفقاً لتقرير اقتصادي عالمي يقيس بيانات النقل البحري وقدرات الموانئ ومستقبل تطور السفن والطرق الملاحية حول العالم[8] ، [9].
ثانيا: الوضع الإنساني
انهارت البلاد في جحيم المجاعة والأوبئة، واليمن -التي بالفعل أفقر بلدان الوطن العربي قبل الحرب- تعيش وضعاً مأساوياً ما تشير إليه أرقام الأمم المتحدة، ف83% من اليمنيين بحاجة للمساعدات الإنسانية.
يفتقر 17.8 مليون شخص إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، و 19.7 مليون شخص لا يحصلون على الرعاية الصحية الكافية.
تسبب سوء الصرف الصحي والأمراض المنقولة عن طريق المياه، بما في ذلك الكوليرا، في إصابة مئات الآلاف من الأشخاص بالمرض 2018. الملايين من اليمنيين يعانون من الجوع والمرض والضعف يتزايد عاما بعد أخر بفعل الحرب، مما يدفع عددا متزايدًا من الناس إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية[10].
لكن وصول المساعدات يمر بصعوبات كبيرة للغاية، فحسب الأرقام فإن 6.5 مليون شخص يعيشون حاليًا في 83 بلدة يمنية يصعب الوصول إليها حيث يواجه العاملون في المجال الإنساني قيود وصول متوسطة أو عالية[11]. من بين هؤلاء، يقدر المجلس النرويجي للاجئين أن 63 في المائة من السكان الذين يعيشون في هذه المناطق، أي 4.1 مليون شخص، في حاجة ماسة للمساعدة. من بين المناطق التي يصعب الوصول إليها والبالغ عددها 83 مقاطعة، يواجه 23 مقاطعة قيودًا شديدة و 60 يواجهون قيودًا متوسطة. في 46 من أصل 83 منطقة يصعب الوصول إليها، يتأثر وصول المساعدات في الأساس بالحرب، في الغالب معظمها في البيضاء والحديدة وصعدة وحجة. وتمثل هذه المناطق 51 في المائة من السكان الذين يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها[12].
هناك مشكلة أخرى متعلقة بالمساعدات الإنسانية، تتمثل في عدم وصولها إلى المستهدفين، حيث يقوم الحوثيون بتحويل تلك المساعدات إلى ثلاثة طرق: الأولى، بيعها في السوق السوداء، والثانية، تسليمها لحلفاء الجماعة وعائلات مقاتليهم، الثالثة، يقوم الحوثيون بنقلها إلى جبهات القتال لإطعام مقاتليهم[13].
التنقل من محافظة إلى أخرى أصبح أكثر صعوبة مع تدمير الجسور وغياب الاهتمام بالطرقات، ويلجأ السكان للمرور عبر خطوط فرعية عبر القرى للوصول إلى المُدن قد تأخذ ساعات طويلة، فبدلاً من السفر قبل الحرب من صنعاء إلى تعز يأخذ 5 ساعات أصبح يأخذ قرابة 16 ساعة.
ما يزال مطار صنعاء مغلقاً أمام الطيران التجاري، ويسمح فقط لطائرات الأمم المتحدة بالهبوط على أراضيه، حيث يحظر التحالف الوصول إليه منذ أغسطس/آب 2016م، ويعاني اليمنيون من تكاليف السفر الباهظة والاضطهاد في المطارات الموجودة في عدن وسيئون.
الخسائر في صفوف المدنيين:
من المؤكد أن توسيع رقعة القِتال في البلاد بمرور الوقت خلال الحرب أدى إلى زيادة في عدد الضحايا المدنيين، كما أن ذلك أعاق وصول الإغاثة إلى المناطق المحاصرة أو التي تخضع لإدارة الحوثيين. كما أن زيادة ضربات الحوثيين بطائرات دون طيار وصواريخ باليستية على الأراضي السعودية قد أدى إلى زيادة في حملة القصف الجوية للتحالف.
يرفض التحالف العربي الذي يتخذ من الرياض مقراً لعملياته الجوية ومن قاعدة عسكرية قُرب الحدود مكان للتوجيه تقديم قواعد الاشتباكات وعرض البيانات لوسائل الإعلام حول الغارات المشكوك فيها من قِبل المنظَّمات الحقوقية الدولية، وتسبب بذلك بفقدان مصداقية لجنة شكلها التحالف لبحث الغارات الخاطئة.
ورصد مركز أبعاد للدراسات والبحوث مقتل 14100 مدنيا خلال سنوات الحرب الأربع. وتشير تقديرات "أبعاد" إلى مقتل أكثر من تسعين ألفا من المدنيين والعسكريين ومسلحي الميلشيات خلال الأربع السنوات الماضية.
في 2018 رصد مركز أبعاد للدراسات (2029) حالة قتل لمدنيين على النحو التالي:
أما حالات الإصابة فقد أصيب(904) بحالات القصف، (650) منهم بقصف الحوثيين، و(195) بقصف التحالف العربي، و(56) بهجمات إرهابية. و(3) أشخاص بقصف طائرات دون طيار.
أما حالات الإصابة بالقنص والرصاص الحي فتم تسجيل (781) حالة إصابة خلال العام، منها ((575برصاص الحوثيين، و (76) برصاص ميليشيات خارج الشرعية، و(56) برصاص القوات الحكومية، و(38) برصاص مسحين قبليين، 22 برصاص مسلحين مجهولين، و(14) برصاص تنظيم القاعدة.
وتم تسجيل (330) حالة قتل و (268) حالة إصابة بالألغام الأرضية التي زرعها الحوثيون.
أما حالات الاختطاف والإخفاء والتعذيب في اليمن خلال عام 2018 على النحو التالي: اختطف الحوثيون (1970) حيث عرف مكان اختطافهم، ويوجد (402) مخفيين لدى الحوثيين ولا يعرف مكانهم. كما تم تسجيل (267) حالة تعذيب في سجون الجماعة. أما الحكومة الشرعية فقد تم تسجيل (175) حالة اعتقال و (24) حالة إخفاء في مكان مجهول، و(3) أشخاص قالوا إنهم تعرضوا للتعذيب في سجون حكومية. أما التشكيلات خارجها فقد تم تسجيل (80) حالة اختطاف، و(15) حالة إخفاء، و(4) حالات تعذيب. وتم تسجيل اختطاف (12) شخصاً في جهات مجهولة، وتحدث (5) أشخاص عن تعرضهم للتعذيب على يد جهات سعودية.
كلفة الحرب في اليمن بالأرقام
مجموع القتلى من المدنيين فقط بين عامي 2014- 2018
العام |
2014 |
2015 |
2016
|
2017 |
2018 |
المجموع |
القتلى من المدنيين فقط
|
1200[16] |
5295[17] |
2466[18] |
3110 [19] |
2029[20] |
14100 |
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للاطلاع على تقرير 2018 السياسي والعسكري والأمني
[1] مجلس الوزراء يقر الموازنة المالية 2019 ( وكالة الأنباء اليمنية- سبأ)
[2] التكلفة الاقتصادية لحرب اليمن وأثرها على أطراف الصراع -الجزيرة للدراسات-http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2018/08/180828103009408.html
[3] 35 بليون دولار خسائر الاقتصاد اليمني -الحياة- http://www.alhayat.com/article/4592809
[4] Yemen’s private sector teaming up to support humanitarian and recovery efforts http://blogs.worldbank.org/arabvoices/yemen-s-private-sector-teaming-support-humanitarian-and-recovery-efforts
[5] الجزيرة للدراسات مصدر سابق
[6] صحيفة الاتحاد الإماراتية 16 مارس 2018 www.alittihad.ae
[7] ميناء جبل علي مكانة عالمية https://al-ain.com/article/jebel-ali-global-uae-economy
[8] اقتصادي / ميناء الملك عبدالله ضمن أكبر 100 ميناء حاويات في العالم https://www.spa.gov.sa/1613712
[9] اقتصادي / ارتفاع الطاقة الإنتاجية لميناء الملك عبدالله 36% في عام 2018 https://www.spa.gov.sa/1876216
[10] Yemen: 2019 Humanitarian Needs Overview https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/2019_Yemen_HNO_FINAL.pdf
[11] Yemen: Humanitarian Access Severity Overview (January 2019) https://reliefweb.int/report/yemen/yemen-humanitarian-access-severity-overview-january-2019
[12] المصدر السابق
[13] AP Investigation: Food aid stolen as Yemen starves - AP News https://www.apnews.com/bcf4e7595b554029bcd372cb129c49ab
[14] قوات "الحزام الأمني" تمنع الشماليين من دخول عدن - العربي الجديد https://www.alaraby.co.uk/flashnews/5bab22a5-fbd4-4edb-a548-47e5bff7db30
[15] اخبار اليمن | صدمة كبيرة لليمنيين.. : وثيقة رسمية صادرة عن شرطة عدن ... https://yemen-now.com/news5001290.html
[16] تقديرات مركز أبعاد بحوالي 7 ألف قتيل من المدنيين والعسكريين والمسلحين
عام الحصاد المر – تقرير مركز أبعاد للدراسات 2014
[17] تقديرات مكتب الأمم المتحدة لحقوق الانسان، فيما تقديرات مركز أبعاد للقتلى من المدنيين والعسكريين والمسلحين في 2015 وصل إلى 8300
انزلاق اليمن للهاوية – تقرير مركز ابعاد للدراسات 2015
http://www.abaadstudies.org/news-59653.html
كلفة الانقلاب – الانتقام المؤجل : تقرير من إصدار أبعاد للدراسات 2017[19]
بالعربي :
http://www.abaadstudies.org/news-59750.html
انجليزي:
[20] احصائية مركز ابعاد 2018 المرفقة بهذه الدراسة