القبيلة والنفط في حرب اليمن.. معركة مأرب الأخيرة

تقييم حالة | 10 أكتوبر 2020 00:00
 القبيلة والنفط في حرب اليمن.. معركة مأرب الأخيرة

ENGLISH 

PDF


مقدمة

      منذ مطلع عام 2020 صعد الحوثيون من حربهم ضد القوات الحكومية اليمنية، لتحقيق سيطرة على مناطق النفط والغاز شرق وشمال البلاد، وتأمين العاصمة صنعاء ومعقلهم الرئيس محافظة صعدة من تهديد مستمر للجيش اليمني باقتحام المحافظتين.

تمكن الحوثيون من تأمين "صنعاء" بإجبار القوات الحكومية على التراجع في عدة مناطق، وكان أهم تقدم عسكري للحوثيين في مديرية "نهم" بصنعاء أواخر يناير/كانون الثاني2020، بعد أربع سنوات من تحرير القوات الحكومة اليمنية لها، ونهم هي سلسلة جبلية تقع على بعد 40 كم شرق العاصمة صنعاء.

تمكن الحوثيون إثر ذلك من النفاذ إلى الطريق الرئيس نحو محافظتي الجوف ومأرب. ما مكنهم بالفعل من تأمين "صنعاء" والتوغل في "الجوف" -الغنية بالنفط شمالاً والمجاورة لمحافظة صعدة والحدودية مع المملكة العربية السعودية- والسيطرة على مركز المحافظة "مدينة الحزم" في مارس/آذار2020.

وفي يونيو/حزيران 2020 حقق الحوثيون تقدماً استراتيجيا في محافظة البيضاء (وسط البلاد) والتي تحد محافظة مأرب الاستراتيجية الغنية بالنفط والغاز من جهة جنوب غرب، ومحاصرة محافظة مأرب في شبكة قِتال من عِدة محاور "الأول من الجوف، والثاني من جهة الجنوب غرب في المديريات الحدودية مع البيضاء، والثالث جنوباً في صرواح وغرباً في نهم".

وكان من المتوقع خلال مشاهدة خارطة تقدم الحوثيين، أن الجماعة ستتجه تالياً نحو منشئات النفط والغاز في منطقة صافر ومدينة مأرب، لتبدأ الجماعة حملتها العسكرية في يوليو/تموز2020 للسيطرة على آخر معاقل الحكومة اليمنية فعلا، والتي أدت عوامل متداخلة إلى تراجع مستمر في سيطرتها على الأرض، فتقدم الحوثي المستمر في الشمال يقابله تمرد مسلح للمجلس الانتقالي الساعي لإنفصال الجنوب والمدعوم من الإمارات، رغم توقيع اتفاق برعاية سعودية يضمن إشراك المجلس الانتقالي في الحكومة اليمنية مقابل تخليه عن السيطرة العسكرية والأمنية ودمج القوات في وزارتي الدفاع والداخلية.

هذا الضعف للسلطات الحكومية انعكس سلبا على قدرات "الجيش الوطني والمقاومة" التابع لها على الأرض، فحضرت القبيلة التي تبحث عن توازنات لتحقيق مصالحها أكثر من بحثها عن انتصار أو انتقام.

تختلف القبيلة اليمنية من منطقة إلى أخرى بحسب تواجد الدولة، فهي تكون رديف وداعم للدولة حين تكون سلطات الدولة قوية وتحمي مصالحها، بينما تسعى لأن تكون بديلا للدولة في حماية مصالحها عندما تشعر بضعف سلطات الدولة وتخليها عن حماية مصالح القبيلة.

أما في مثلث الشرق النفطي بين البيضاء وشبوة ومأرب والجوف، فقد ظهرت القبيلة بمعايير مزدوجة ، فقد وقفت إلى جانب سلطات الدولة الضعيفة والهشة العاجزة عن حماية مصالحها، وأحيانا يحصل لها اختراقات لصالح خصوم مصالحها من ميلشيات الحوثي، فما هي العوامل التي حكمت هذا الخيارات الصعبة؟

في محافظة شبوة اختفى تأثير القبيلة كثيرا عندما أصبح حضور الدولة طاغي وبشكل متوازن بين الدفاع عن المحافظة أمنيا وعسكريا وبين تنميتها اقتصاديا.

في محافظات "مأرب، الجوف، البيضاء" ما تزال القبيلة تملك زمام المبادرة في المعارك ضد جماعة الحوثي المسلحة لعدة اعتبارات "تاريخية، ومجتمعية، وعقائدية وأيضاً نابع من مصلحتها في البقاء". وهو ما ساهم في عرقلة سيطرة الحوثيين سيطرة كاملة على المحافظات الشرقية، بعكس ما اكتسبته الجماعة من دعم قبلي مكنهم من السيطرة على أغلب محافظات الشمال.

يناقش تقدير الموقف هذا "طبيعة المعركة في محافظات الشرق النفطي المنضوية تحت "إقليم سبأ" وهو أحد الأقاليم الستة التي اتفق عليها اليمنيون في "مؤتمر الحوار الوطني" (2013-2014) مع اتفاقهم على شكل الدولة "الاتحادي" لكن لم يتم الاستفتاء على الدستور الجديد بسبب اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء (سبتمبر/أيلول2014) اضطر على إثره الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وحكومته على مغادرة البلاد، وتتطرق الدراسة إلى محافظة شبوة التي تدور فيها أحداث متكررة تتعلق بسباق السيطرة على مشروع الغاز الاستراتيجي،.

يركز تقدير الموقف على الأبعاد الثلاثة للمعركة:

 أ) البُعد القبلي حيث تعتبر القبيلة المحدد الرئيس في "إقليم سبأ" وشبوة حرباً وسلماً.

 ب) موازين القوى، ويحدد أطراف القِتال وقدرة كل طرف وحجم التقدم أو التراجع العسكري وتأثيره.

ج) البُعد السياسي، حجم المكاسب أو الخسائر السياسية للطرفين من السيطرة على محافظات الإقليم الثلاث، ورؤى الأمم المتحدة للسلام وفقاً للنتائج المترتبة على هذه المعركة.

 

 أولاً: البُعد القَبلي

قبل الخوض في تفاصيل البُعد القبلي في الحرب الحالية، والإجابة على تساؤل: كيف تعاملت الأطراف معها للحصول على مكاسب عسكرية؟ يجب معرفة أهمية القبيلة في اليمن خاصة في المناطق الشمالية والشرقية.

فالقبيلة واحدة من أبرز العوامل المؤثرة في سياسة الدولة اليمنية باختلاف العصور والأزمان، وعامل حاسم في تغيير نظام الحكم في البلاد عبر التاريخ، ولاعب محوري في سياسة السلطة باعتبارها أكبر جماعة ضغط في البلاد وأقدم جماعة ضغط عبر تاريخ الدول اليمنية.

تاريخياً، كانت الشبكات القبلية تعوِّض عن غياب الإمكانات والمقدرات لدى الدولة، إذ كانت القبيلة تؤمّن الحماية وتلبّي الحاجات: فقد كانت تضمن أمن الأراضي التابعة للقبيلة، وتحمي آبار المياه، وتسوّي النزاعات بين أفرادها أو مع القبائل الأخرى. وكانت القبيلة تشكّل، من نواحٍ عدّة، الملاذ الأول للدعم المادّي والمؤازرة الاجتماعية في وقت الأزمات[1]. ضمن عملية ضبط اجتماعي وسياسي وقانوني يسمى (العُرف) له وسائل وإجراءات تطبيق معروفة.

 وإن كان النظام السائد في جنوب اليمن -قبل الوحدة اليمنية 1990- حدَّ بدرجة كبيرة من الضغط القبلي على السلطة السياسية، وكانت سياسة الحزب الحاكم فعالة في وقف تدخل القبيلة بشؤون السلطة إلا أن القبيلة ظلت مؤثراً إذ استمر النظام القبلي كنمط سائد في التنظيم الاجتماعي، ظهر ذلك بوضوح عندما نشبت الصراعات داخل السلطة حيث برزت أجنحتها في صورة فرز قبلي ومناطقي.

ولدت الجمهورية (في الشمال) بدعم القبائل، وفي الجنوب طرد الاحتلال البريطاني بفضل القبائل نفسها؛ وكانت حجر عثرة أمام محاولة انفصال جنوب اليمن في حرب صيف 1994م. واستمر تأثير القبيلة على السلطة، وقوانينها، وحتى في تعيينات الحكومات وقادة الجيش والأمن. وأبقت القبائل لنفسها قوانينها ونُظمها الاجتماعية الخاصة التي تعتبر تنفيذيه "وحكم أولي" كـ"حكم" محكمة ابتدائية. وتجربة القبائل ثرية ومتشابكة ارتبطت بـ"نشوء الدول اليمنية" ومرونتها في التعامل مع السلطات المتعاقبة، وقوة الانتماء لها من قِبل أفرادها إذ أن النظام القبلي ديمقراطي بطبيعته ولا يجوز -وفقا لما هو معمول به- أن يفرض أحد نفسه شيخا على االقبيلة إلا بعد إجماع القبيلة عليه وهو ما يشبه نظام الحكم المحلي.

توجد في اليمن أكثر من 400 قبيلة، لكن باحثين يرجعون أصولها إلى خمسة مراجع قبلية هي: حاشد، بكيل، حمير، كندة، مذحج". وأكثر من 80% من سكان اليمن ينتمون إلى هذه البطون الخمسة.

مثلا في إقليم (سبأ) سكان المحافظات الثلاث ينتمون إلى بطنين من الخمسة المراجع القبلية هما "مذحج وبكيل". وتنتمي قبائل البيضاء ومأرب إلى "قبيلة مذحج"، بينما تنتمي قبائل الجوف إلى "قبيلة دهم" التي تعد فرعاً من "قبيلة بكيل".

  • قبائل البيضاء: من أبرز قبائل في البيضاء (قبيلة قيفة وهي أكبر قبيلة في المحافظة، ويمتد نفوذها في خمس مديريات: مديريات ولد ربيع والقريشية ورداع). ثم تأتي (قبيلة ال عمر) في مديرية "ذي ناعم". و(قبيلة الملاجم) في "مديرية الملاجم". و(قبيلة ال عواض) بمديريتي "ردمان ونعمان"، و"قبائل مديرية ناطع"، و(قبيلة ال حميقان) بمديرية الزاهر، وقبيلة (ال عزان) بمديرية "الصومعة"، و(ال الرصاص)، و(ال عوذلة) بمديرية "مكيراس"، (وقبيلة دبان) بمديريتي "المحافظة والبيضاء" ، و(ال هياش) و(ال الطاهر)، و(بني وهب)، و(القيسيين)، و(ال عبدالله)بمديرية "الطفة"، و(ال سواد) بمديرية السوادية، و(قبائل صباح) بمديرية "صباح،" و(قبائل العرش) بمديرية "العرش"، و(قبائل الرياشية) بمديرية "الرياشية"، و(قبيلة ريام) بمديرية "رداع" والأخيرة فقد تدعي انتسابها لما يعرف بالسلالة الهاشمية[2]، وعددا من القبائل الصغيرة في المحافظة.

على عكس محافظات أخرى شمال اليمن فإن معظم هذه القبائل تنتمي إلى "المذهب الشافعي" -المذهب ذاته منتشر في محافظات وسط وجنوب اليمن- لذلك كانت في حالة حروب ومعارك مستمرة مع نظام الحكم "الإمامي" التي قامت على "المذهب الزيدي" في صنعاء -حكمت فترات متفرقة طوال قرون مضت، وكان لهذه القبائل دورٌ بارز في ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962م التي أنهت الحكم الإمامي وقيام الجمهورية في اليمن.

  • قبائل مأرب: تضم محافظة مأرب عدداً من القبائل التي برزت منذ فترات قديمة في التاريخ ولعل أهم تلك القبائل التي تتوزع على أربعة عشر مديرية بالمحافظة هي: (قبيلة مراد) والتي تقطن مديريات "ماهلية – رحبه – الجوبة – وحريب" ثم تأتي قبيلة عبيدة والتي تقطن بمنطقة "وادي عبيدة والمجمع مركز محافظة مأرب"، ثم "قبيلة جهم"، ثم قبيلة "ال جدعان، و(قبيلة بني عبد) بمديرية "العبدية"، وهناك أسر من (الاشراف) يدعون انتسابهم للسلالة الهاشمية ، إلى جانب عدد من القبائل الصغيرة الأخرى بمديرية "حريب".
  • قبائل الجوف: تعود إلى قبيلة دهم والتي تنحدر من أصول القبيلة الأم قبيلة بكيل وتتوزع تلك القبائل على عدد اثنى عشر مديرية في المحافظة الغنية بالنفط: وأكبر تلك القبائل هي قبيلة (ذو حسين)، ثم قبيلة (ذو محمد)، ثم قبائل (بني نوف)، ثم قبائل (همدان) ثم (المعاطرة)، ثم (ال سليمان)، ثم (ال مسعود)، ثم (العمالسة)، ثم (ال سالم)، ثم (ال ذوي)، و(ال الشداودة)، و(المحابيب)، و(ال مسلم). وهذه القبائل تنتمي في الأصل إلى القبيلتين الرئيسيتين "ذو حسين" بثمانية أفرع، و"ذو محمد" بخمسة أفرع والفرع السادس "المعطري"[3]. إلى جانب أسرة (الأشراف) التي تدعي أيضا انتسابها للسلالة الهاشمية[4].

 وإذا ما تتبعنا الخصائص والمكونات القبلية في المحافظات الثلاث فإنها تحمل كثيراً من الخصائص والمكونات البنائية القبلية القديمة إذ تجمع بين خصائص الحياة البدوية والزراعية التي تعتمد على حياة الاستقرار والإقامة الثابتة، ولا زال هذا المجتمع يخضع في حياته وأنماطه السلوكية وعلاقاته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الفردية والجمعية لكثير من الحياة القبلية التقليدية، فمهما كان الفرد بعيداً عن أراضي منطقته سواء كان في مدينة أو حتى خارج البلاد، لا يزال متمسكاً بانتمائه العائلي والقرابي والقبلي مهما طالت مدة بقاءه خارج مناطق القبيلة، بغض النظر عن أسلوب الحياة التي يعيشها أو درجة تعلمه. فلّم يُحدث التغيير المدني في تلك القبائل الكثيرعلى بنيّة القبيلة أو في صناعة قرارها، أو حتى في انفكاك أبنائها عن داعِ الخطر المحدق بها، بعكس بعض القبائل في المناطق الوسطى للبلاد.

  • الأهمية الاستراتيجية: تأتي أهمية المحافظات الثلاث كموقع استراتيجي مهم في مناطق النفط والغاز: محافظة البيضاء حدودية مع ثمان محافظات (شبوة، مأرب، صنعاء، ذمار، أبين، الضالع، لحج، إب)، تتميز بتضاريس وعرة للغاية ومراكز سكانية متباعدة.

مأرب هي محافظة حدودية مع محافظات "شبوة، وحضرموت الجوف، صنعاء"، وتمثل أهميتها الحالية بكونها مورد للحكومة الشرعية، وهي المحافظة التي توجد فيها معسكرات تدريب الجيش الوطني -وموطن تأسيسه- والمقاومة الشعبية التي تناهض الحوثيين. تمكنت المدينة من الإزدهار خلال الحرب -رغم تهديد وقصف الحوثيين- وارتفع عدد سكانها من بضع عشرات الآلاف قبل 2015م إلى أكثر من مليوني نسمة بعدهالحرب إذا تمثل "منطقة آمنة للاستقرار".

محافظة الجوف، الحدودية مع المملكة العربية السعودية ومأرب وعمران وصنعاء، تعتبر محافظة واعدة في مجال الثروة النفطية، وبحسب دراسة جيولوجية بعنوان ” الكنز المخفي في اليمن ”  أعدتها شركات مسح عالمية متخصصة في الاستكشافات النفطية[5]، تعد الجوف أكبر حوض نفط يوجد على الحدود السعودية اليمنية. في مؤتمر الحوار الوطني أشترط الحوثيون ضم "صعدة" معقل الجماعة إلى إقليم يتضمن محافظة الجوف، لكن جرى رفض ذلك الاقتراح وجاءت صعدة ضمن إقليم آزال الذي يضم إلى جانبها "عمران وصنعاء وذمار".

إلى جانب النفط، ما يرفع حظوظ إقليم سبأ (البيضاء – مأرب – الجوف) مستقبلاً هو الثروة المعدنية والغاز على أراضيه[6]، فإضافة إلى النفط والغاز الذي يستخرج من محافظة مأرب منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، سبق أن اكتشفت الحكومة اليمنية اكتشافا ضخما للغاز في محافظة الجوف، إضافةً إلى احتضان عاصمة الإقليم مأرب للمحطة الكهربائية الغازية، التي تغذي معظم المحافظات اليمنية بالطاقة.

  • العقيدة القِتالية: تقُاتل القبائل -وتتقاتل في ما بينها- لأسباب متعلقة بالثأر، والسمعة، والهيمنة والأرض والثروة. لكنها تتفق ضد العدو الخارجي لها إذا ما استهدف "الدين، العرِض، وأراضي القبيلة". ويعتبر المذهب الشافعي المذهب الوحيد في محافظتي البيضاء ومأرب، فيما يتداخل المذهب الزيدي بالشافعي[7] في محافظة الجوف، ومثل المذهب الديني عبر فترات التاريخ المختلفة منطلقاً للقبائل والتجمعات البشرية لتوحيد الراية. وظهر واضحاً في محافظة البيضاء حيث احتشدت القبائل وتجمعت بداعي الحفاظ على المذهب من تدخل "الزيود"-الحوثيون أتباع المذهب الزيدي- ويظهر واضحاً في دعوات القِتال ضد الحوثيين وفي "أشعارهم، وزواملهم[8]".

إن ذلك لا ينفي وجود عقيدة وطنية في قِتال الحوثيين خلال السنوات الماضية، إذا تعتقد القبائل إن استهداف مؤسسات الدولة من قِبل الحوثيين كان غرضه "استهداف" أوسع للقبيلة التي تعتبر نفسها من الدولة ذاتها. كما لا ينفي ذلك دور الأحزاب السياسية في دفع رؤساء القبائل وأبنائها لمواجهة الحوثيين بأبعاد سياسة لانقلابهم على "السلطة الدستورية" و"شوروية الحكم" المتمثل بالانتخابات.

  • الحُكم الإمامي: قاتلت القبائل اليمنية ضد "حكم الأئمة" في شمال البلاد، وهناك علاقة عداء قديمة بين الطرفين منذ أكثر من ألف عام من الصراع على السلطة. لكن قبائل (البيضاء، ومأرب، والجوف) كانت أكثر القبائل ثورية ضد حُكم الأئمة -من منطلقات مذهبية وإنسانية- ودارت معارك بينها وبين جيوش الأئمة خاصة في العقود الأخيرة قبل انتهاء الحكم الإمامي إذ أنها كانت ترفض الانقياد للحكم الإمامي وترفض "الظلم والجور" الذي كانت تتعرض له. يسود اعتقاد في اليمن أن الحوثيين يسعون لإعادة الحكم الإمامي إلى اليمن، والعودة للسيطرة على القبائل فيها. لذلك فإن القبائل تقاتل الحوثيين منعاً لعودة تلك الحقِبة[9].

وخلال الحرب حصلل خلل واضح في العديد من المحددات التي تدفع القبيلة مجتمعة للقِتال وفق مصالحها، فانقسمت بين طرفين أو البقاء على الحياد. فأحد المحددات المتعلق بفزعة القبيلة لقِتال الأطراف الخارجية اختل، إذ أن جماعة الحوثي "طرف داخلي" متعاون مع طرف خارجي هي (إيران) ، استطاعت تجنيد القبائل ضد سلطات الدولة الشرعية تحت مبرر أنها "عميلة مع الخارج"، وكذلك استعانت القبائل بالدعم الحكومي/ والتسليح الخارجي ( الإمارات والسعودية) لمواجهة الحوثيين المدعومين من إيران .

كما أن النظام السابق، عبث بهيكل وقيم القبائل اليمنية حيث اعتمد أشخاص تابعين له علي رأس تلك القبائل –بغض النظر عن مدى أهليتها- وتلك القيادات كان أول المتخاذلين في حربها مع ميلشيات الحوثي وتنازلت عن قيم ومبادئ القبيلة في الحروب.

 

تعامل الحوثيين مع القبيلة

تمكن الحوثيون جزئياً من إضعاف القبائل اليمنية في المناطق الشمالية الخاضعة لسيطرتهم، بعدة طرق أدت في نهايتها إلى حيادها وليس الانقلاب مع الحوثيين ككتلة على الحكومة الشرعية. وعلى عكس تلك القبائل لم يتمكن الحوثيون من تحقيق اختراق كبير في القبائل الموجودة في البيضاء ومأرب والجوف. وبرزت كواحدة من العقبات الكبيرة أمام الحوثيين.

 في محافظة الجوف -التي كانت أولى مطامع الحوثيين- شهدت أول معركة فيها في العام 2011م، واستمرالصراع فيها بين قبائل الجوف حتى عام 2015، الذي كان عام انطلاق الحوثي للسيطرة على اغلب محافظات اليمن. وخاض الشيخ الحسن أبكر ومعه الشيخ صالح الروسا والشيخ أمين العكيمي وعدداً من قبائل دهم جولات متعددة من الصراع أنهكت الحوثيين.

في مطلع مارس/أذار2020 تمكن الحوثيون من تحقيق تقدم كبير في محافظة الجوف، بعد أن تمكنوا من الوصول إلى مركز المحافظة "مدينة الحزم" بعد السيطرة على مديرية الغيل (فيها تجمع لبعض العائلات الهاشمية بعض منهم موالِي للحوثيين والبعض الآخر يقاتل مع الحكومة الشرعية).

 فتحت السيطرة الحوثية على "الحزم" الطريق نحو محافظة مأرب المجاورة أخر معاقل الحكومة الشرعية شرق البلاد حيث يطل الحوثيون على مأرب من ثلاث جهات (جنوب شرق باتجاه قانية بمحافظة البيضاء، وجنوباً من جهة صرواح وشمالاً من جهة الجوف) وبدأت المعركة مع منتصف يوليو/تموز 2020.

كما أن سيطرة الحوثيين على الجوف أكسبهم حدوداً جديدة مع المملكة العربية السعودية، إذ ترتبط الجوف بحدود مع "نجران" السعودية (تبعد مدينة الحزم 150 كم عن الحدود السعودية)[10].

لكن تشتت قوات الحوثي بين جبهات متعددة جعل هذه الورقة التي حصل عليها مهزوزة، والمؤشرات تشير إلى احتمالية استعادة قوات جيش الحكومة المدعوم بالمقاومة القبلية عاصمة محافظة الجوف بعد سبعة اشهرمن سيطرة الجوثيين.

في محافظة مأرب أوقفت القبائل تقدم الحوثي نحو محافظات شبوة وحضرموت وانشأت مطارح[11] قبلية أشهرها مطارح "نخلا والسحيل" عام 2014 مع سيطرة الحوثيين على صنعاء. وقاتلت قبائل مأرب الحوثيين واستطاعت أن تحرر معظم أراضيها بدعم من التحالف العربي الذي تقوده السعودية في أكتوبر/تشرين الأول2015 عدا بعض أجزاء مديرية "صرواح" الحدودية مع صنعاء.  ومع كل هجوم جديد للحوثيين تجتمع القبائل مجدداً لمواجهة الحوثيين.

 في محافظة البيضاء وقفت "قبيلة قيفة" [12] ضد الحوثيين منذ 2014، والتي تقودها عائلة "آل الذهب" التي تمكن "صالح" من إحداث اختراق فيها بتقسيمها بين الأخوة، لكن ظل معظم أفرادها متوحدين ضد الحوثيين. عمل الحوثيون على استقطاب اسرة ال الذهب من اجل كسر شوكة القبيلة، فدعمت الجماعة المسلحة الشيخ احمد سيف الذهب وتم تكليفه بترأس مجلس التلاحم القبلي في محافظة البيضاء، ثم اختاره الحوثيون ليكون ممثلا في البرلمان عن الدائرة 131 في انتخابات خاصة بالجماعة -غير معترف بها. ونظرا لان اغلب قبيلة قيفة التفت حول أولاد الشيخ أحمد ناصر الذهب وليس احفاده، فقد كان الشيخ عبدالرؤوف الذهب[13] وهو أصغر أولاد الشيخ احمد ناصر الذهب المرجعية القبلية في منطقة قيفة بعد مقتل اشقائه طارق ونبيل وقائد في غارات للطيران الأمريكي في فترات متقاربة قبل أن يقتل هو الآخر.

كما تمكنت جماعة الحوثي من استقطاب أحمد عبد الولي الذهب ووضعه قائدا للواء 26 مدرع التابع لهم والذي كان الرئيس هادي قد عين من نفس الأسرة "ماجد الذهب" قائدا له في 2014 قبل سقوط اللواء بيد الحوثيين.

أما بالنسبة لقبيلتي "آل الحميقاني" و"آل عمر" فقد فشل الحوثيون في تفكيكها وما زالت تقاتل الجماعة المسلحة حتى اليوم.

ومن الواضح أن طرفي الحرب الشرعية وجماعة الحوثي لا ترغبان في تعدي الواقع القبلي أو الاصطدام به في إطار التنافس على السيطرة.

منتصف (2020) أعلنت قبائل "آل عواض"[14] التحرك ضد الحوثيين، التي استمر زعيمها "الشيخ ياسر العواضي" وهو زعيم قبلي وسياسي وقيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، في صف الحوثيين حتى مقتل "صالح"، ثم انتقل من صنعاء للعيش في مناطق قبيلته، ومطلع العام الحالي حاول "العواضي" قيادة انتفاضة ضد الحوثيين في قبيلته، لكن الحوثيين كانوا قد تمكنوا بالفعل من احداث شرخ كبير في العائلة أدت إلى دعم عدد من أبناء عمومة "العواضي" لجماعة الحوثي ضده، ولم تدم انتفاضته أياماً قبل اخمادها من قِبل الحوثيين في يونيو/حزيران 2020، على الرغم من الدعم الذي تلقاه "العواضي" من الجيش الوطني والتحالف العربي. يشكك بعض كبار وجهاء "آل عواض" أن الرجل لم يكن ينوي إحداث مواجهة للحوثيين بقدر ما يريد تسجيل موقف، لذلك رغم وجود "النكف" القبلي الذي أطلقه ولقاء المشايخ في قبيلته إلا أنه لم يَقم بدوره في التحشيد والتسليح، على الرغم من استمرار الحوثيين في التدفق نحو المديرية خلال أسابيع من التفاوض[15].

لقد انعكست هزيمة "الشيخ العواضي" على المعركة في إقليم سبأ بشكل عام، حيث شجع الانهيار السريع والحصول على مخازن ضخمة للسلاح الحوثيين للتمدد في البيضاء وباتجاه مأرب.

 

إدارة الحوثيين للمعركة مع القبائل

لم تكن جماعة الحوثي المسلحة قادرة على اجتياح العاصمة صنعاء في سبتمبر/ايلول2014، لولا مساعدة كبيرة من الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الذي تحالف معهم. واستخدم "صالح" شبكة علاقته التي نسجها طوال فترة حكمه (33 عاماً) لتسهيل مرور الحوثيين من معاقلهم في محافظة صعدة حتى محافظة صنعاء. وتعتبر القبائل جزء كبير من هذه الشبكة، إذ أوقف "صالح" تحركاتها لمواجهة الحوثيين في مناطقها في محافظتي عمران وصنعاء.

عقب تدخل التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن دعماً لحكومة البلاد الشرعية في مارس/آذار 2015 أولى الحوثيون اهتماماً كبيراً بالقبائل اليمنية، وعلى رأسها قبائل طوق صنعاء إذ كانت قادرة على تغيير المعادلة في صنعاء لولا عدة أسباب بينها:

-        ارتباط تحالفهم بالرئيس السابق"علي عبدالله صالح" الذي كان مرتبط بتحالف مع "الحوثيين" حتى مقتله نهاية 2017.

-        فشل إيجاد نموذج جيد للحكومة الشرعية في المناطق التي تم تحريرها من الحوثيين يمكنها من خلاله استيعاب القبيلة.

-        دخول القبائل في مواثيق مع الحوثيين تضمن عدم اعتدائهم على الجماعة مقابل عدم تدخل الحوثيين في شؤون تلك القبائل.

وعلى الرغم من ذلك فإن الحوثيين استعادوا إرث الأئمة الذين حكموا اليمن قبل 1962م، في التعامل مع القبائل على النحو الآتي:

  • انشاء زعامات قبلية موازية: إشعال الخلافات وصناعة زعامات قبلية موازية لقادة القبائل الحاليين. يقوم هذا النهج على أساس تصعيد شيوخ قبائل من "الدرجة الرابعة" -شيوخ عُزل- بشعبية محدودة وولاء للجماعة كبير، وتصعيدهم في كيانات موازية للقبائل. في عام 2016 أسس الحوثيون "مجلس التلاحم القبلي" ونصبت أحد شيوخ صعدة (ضيف الله رسام) رئيساً لهذا المجلس. ومعظم أعضاء هذا المجلس هم من شيوخ القبائل الذين نصبتهم الجماعة المسلحة.

 وفي كل محافظة خاضعة لسيطرتهم فرع للمجلس يقوده شيوخ الحوثيين في تلك المحافظات ويحشدون المقاتلين باسم القبيلة.

في عام 2018 أعلن الحوثيون تأسيس "الهيئة العامة لشؤون القبائل"، كممثل آخر للقبائل -إلى جانب مجلس التلاحم القبلي- وناطق باسم قادة القبائل ونَصبت الشيخ حنين قطينة وهو شيخ واحد من مناطق صنعاء، رئيساً لها. وعلى الرغم من ضعف تأثير "الهيئة" و"مجلس التلاحم القبلي" إلا أن تعامل الحوثيين معه كممثل للقبائل وقيامه بدور دفع أبنائها إلى جبهات القِتال ضد القوات الحكومية، وإعطائهم صلاحيات الحُكم بين المتخاصمين، واستخدم لقمع قادة القبائل الفعليين وتهميشهم لصالح قيادة جديدة.

  • وثيقة الشرف القبلية: شرع الحوثيون منذ 2015 حتى 2019 في دفع أبناء القبائل للتوقيع على وثيقة أطلق عليها "وثيقة الشرف القبلية" ، ويعتبرونها "دستوراً للقبائل اليمنية": تُجرم قادة القبائل الذين يرفضون حشد أبناء القبيلة للقتال، والانخراط مع الجماعة المسلحة ضد الحكومة اليمنية. وتلزم القبائل بالقِتال دعماً للحوثيين. كما تطالب بـ "تجريم الخونة والعملاء، وتجريدهم من الحقوق المالية والوظيفية". واستخدمت تلك الوثيقة في ابتزاز رجال القبائل وقادتها حيث يستمر الحوثيون بدعوة أبناء القبائل بـ"تنفيذ عزل اجتماعي لزعماء القبائل المعارضين، والانقلاب عليهم"[16]، [17]. ويعتبرها الحوثيون "تحصين للجبهة الداخلية" بمنع حدوث أي تحركات للقبائل ضد الجماعة المسلحة مهما كانت الأسباب لتحرك أي قبيلة[18]. وأعلن الحوثيون البدء بتنفيذها في عام 2019،[19] ومع تصعيّد الحوثيين في محافظات البيضاء ومأرب والجوف مطلع 2020م، أعلنت الجماعة أنها ستستخدم الرافضين للقِتال في صفوفهم -من أبناء القبائل- "دروعاً بشرية"[20].
  • توقيع اتفاقات مع القبائل: وقع الحوثيون اتفاقات مع عدد من القبائل معظمها في شمال البلاد، تتضمن هذه الاتفاقات عدم قِتال الحوثيين مع السماح للقبيلة بإدارة نفسها وعدم استخدامها أراضيها في جغرافيا الانتشار الحوثية. لكن الحوثيين نقضوا تلك الاتفاقات: توضح حرب الحوثيين على منطقة "حجور" بمحافظة حجة شمالي البلاد في 2019 واحدة من تلك الحوادث التي نقض فيها الحوثيون الاتفاق. طلب الحوثيون الدخول إلى حجور والسيطرة على الجبال في مناطقهم، وعندما رفض قادة القبائل وذكروا الجماعة بالاتفاق، شق مسلحو الحوثي طريقهم بالقوة نحو تلك الجبال وتمركزوا فيها فاندلعت اشتباكات بين الطرفين انتهت بمقتل العشرات وسيطرة الحوثيين على تلك المناطق.
  • المال وعدم الثقة: يعتمد قِتال القبائل على موقف شيوخ القبيلة، الذين يركزون على مكاسب القبيلة من الوقوف مع أي طرف. لذلك خلال المعارك يخصص الحوثيون مبالغ مالية للشيوخ الموالين لهم، على سبيل المثال يدفع الحوثيون خمسة ملايين ريال يمني يومياً من عائدات جمارك منفذ "عفار" في محافظة البيضاء[21] لأحد مشايخ قبيلة مراد في مأرب لقِتال أبناء قبيلته وقوات الجيش.
  • دعم الصراعات القبلية: شجع الحوثي الصراعات القبلية بالذات تلك التي تسهل له مهمة النفاذ للسيطرة على القبيلة، أو تحقيق نصر استراتيجي في معركة ما، فمثلا حاول الحوثي الوصول إلى مناطق مهمة في مأرب من خلال تشجيع الحرب بين قبيلتي آل غنام وآل جناح، إلا أن نفوذ محافظ مأرب سلطان العرادة كان أقوى في إيقاف الاقتتال الداخلي بين القبيلتين.

كما أن الحوثيين استفادوا من الصراعات القبلية في تحقيق سياسة ( الثور الأبيض قبل الأسود)، حيث يذهبون للقبيلة الأولى بحجة دعمها للثأر من القبيلة الأخرى مقابل فقط فتح الطريق، وبعد أن يقضون على القبيلة الثانية يجندون أبنائها للثار من القبيلة الأولى، وهكذا تمكنت الجماعة من فتح الطريق والحصول على مقاتلين ومنع استفادة الحكومة من القبيلة واستبعاد الهزيمة وتحقيق انتصارات سهلة تسهل مهمة الانتقال إلى مناطق وقبائل أخرى.

 

ثانياً: عمليات الحوثيين للوصول إلى مدينة مأرب

تحضر مدينة مأرب كنقطة مضيئة ولو نسبياً في حالة حرب لا أفق لنهايتها. ففي حين كانت هذه المحافظة مستهدفة بالصواريخ والهجمات المسلحة للحوثيين إلا أنها استقبلت مئات الآلاف من النازحين الهاربين من جحيم ميلشيات الحوثي، ولم يكن للمحافظ سلطان العرادة ان ينجح في تحويل مأرب إلى منطقة آمنة، لولا دعم القبيلة والمجتمع والأحزاب السياسية في مأرب له. 

جذب استقرار مدينة مأرب النسبي اليمنيين حتى المتطلعين للاستثمار.و يعتقد أن عدد سكان المحافظة ازداد بمعدل يزيد عن خمس مرات عن ما كان عليه قبل الحرب، فهناك أكثر من مليونين ونصف المليون في مارب معظمهم من النازحين الذين فروا بسبب القِتال في مناطق أخرى من البلاد أو فرواً من بطش الحوثيين في مناطق سيطرة الجماعة.[22]

أصبح سلطان العرادة، وهو زعيم قبلي ذو شخصية (كاريزمية) وسياسي ماهر، محافظا للمحافظة في عام 2012، عندما كانت الاضطرابات السياسية تعصف بالبلاد[23].  وبعد بضع سنوات قليلة هاجم الحوثيون، الذين استولوا على العاصمة صنعاء، مدينة مأرب وحاصروا المدينة حتى تمكن المقاتلون المحليون بدعم طيران التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية من صدهم وإجبارهم على التراجع وإعلان تحرير المحافظة من الجماعة المسلحة في أكتوبر/تشرين الأول2015، وبقيّ للحوثيين وجود في مديرية صرواح التي تربط "مأرب" بمحافظة صنعاء.  

بدأ الحوثيون عملية عسكرية جديدة[24] في منتصف يوليو/تموز 2020 الماضي للوصول إلى مدينة مأرب، من ثلاث محاور رئيسية:

  • المديريات الحدودية مع البيضاء: ساهم تمكن الحوثيين من إخماد قبائل "آل عواض"، والتقدم في مديرية قانية بمحافظة البيضاء والوصول إلى مديريات محافظات مأرب المجاورة (ماهلية، رحبة، العبدية) جنوب غرب المحافظة، في تحقيق طموح طال أمده للحوثيين باستعادة السيطرة على تلك المديريات ومحاولة التقدم نحو مديرية الجوبة الاستراتيجية. تقوم قبيلة "بني عبد" وتقع في مديرية العبدية بين محافظتي مارب والبيضاء بمواجهات واسعة ضد الحوثيين، وهي الداعم الأبرز لوحدات الجيش في منطقة قانية منذ 2017م ويقود تلك القوات، العميد سيف الدين عبدالرب الشدادي نجل قائد المنطقة العسكرية الثالثة الأسبق اللواء الركن عبدالرب الشدادي، وتبقى القبيلة هي العائق الأكبر أمام سيطرة الحوثي على كثير من المناطق في محافظة البيضاء ومأرب. في 10 سبتمبر/أيلول2020 أعلن الجيش اليمني ضمنياً أنه أصبح يقاتل الحوثيين على حدود مديرية "الجوبة" مع إرساله قوة عسكرية من "محور بيحان" الى جبهة الماهلية/رحبة، والقِتال في منطقة "نجد المجمعة" على الحدود مع "الجوية" الاستراتيجية. وتمثل قبائل "مراد" القوية حجر عثرة للحوثيين في ماهلية ورحبة. لكن الحوثيين تمكنوا من الحصول على موطئ قدم في مناطق قبائل مراد بعد أن عقدوا اتفاقاً مع عدد من شيوخها، وهذا الاختراق للقبيلة في مناطق الشرق هو الأخطر بعد الاختراق الذي حصل للقبيلة في الجوف وأدى إلى سيطرة الحوثيين على عاصمتها الحزم قبل ذلك في مارس/آذار 2020.

وتمثل المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية تهديداً للسلطة المحلية والقوات الحكومية إذ ما تمكن الحوثيون من الوصول الى الخط الرابط بين مأرب وشبوة الذي يبعد حوالي 30 كيلو متر من خط المواجهات بعد تقدم الحوثيين نحو الجبال المطلة على "العبدية" المحاذية لمديرية حريب جنوب مأرب.

  • مديرية صرواح: تدور الاشتباكات في ثلاثة مناطق رئيسية "مناطق الكسارة ومفرق هيلان والمخدرة" ويحاول الحوثيون الوصول إلى معسكر "ماس" الاستراتيجي حيث تُدير القوات الحكومية المعركة. بالجوار تدور معارك في مديرية مدغل، ومديرية رغوان، وهي صحراوية مترامية الأطراف وتسكن المديريتين قبائل شديدة مثل "الجدعان وآل شداد وآل زبع". وإذا ما تمكن الحوثيون من السيطرة على إحدى المديرتين فستكون قواتهم على بُعد كيلومترات معدودة من مدينة مأرب ، ومؤخرا تمكنت القوات الحكومية بدعم المقاومة القبلية من احداث اختراق مهم في هذه الجبهة من خلال السيطرة على مواقع استراتيجية في جبهة المخدرة قللت من فرص الحوثيين في أي تقدم اتجاه مأرب.  
  • شرق مأرب والجوف: في مديرية "مجزر" تدور الاشتباكات منذ سنوات بين الحوثيين والقوات الحكومية، لكن التطور الأبرز كان في محافظة الجوف شمال وشرق مأرب حيث أشعلت القوات الحكومية جبهة قِتال طويلة تمتد من "مديرية خب والشعف" شرق الحزم، حتى "مجزر" في مأرب. في جبهات "العلم والنضود وشرق اللبنات والجدافر في الصحراء" بين محافظة مأرب والجوف والتي نتجت عن تقدم واسع لقوات الجيش الوطني وتكبدت خلالها جماعة الحوثي الكثير من الخسائر. إضافة إلى جبهة جديدة في منطقة "حويشيان" حيث تمكن الجيش من السيطرة على جبل المنطقة الاستراتيجي إلى جانب منطقة "النضود" وهي منطقة مهمة قد تدفع القوات الحكومية سريعاً للوصول إلى منطقة "الحزم" مركز المحافظة التي خسرتها الحكومة في مارس/آذار 2020، ما سيمكن قوات الجيش من قطع خطوط إمداد الحوثيين نحو معسكر اللبنات الاستراتيجي.

إن استعادة الحكومة اليمنية السيطرة على مديرية "الحزم" يجعل مدينة مأرب تتنفس إذ ترفع الحصار الذي فرضه الحوثيون عليها من شمال وشرق المحافظة، لكن المكاسب الحكومية في تلك المنطقة ستظل مهددة إذا استمر الحوثيون بالسيطرة على "مفرق الجوف".

لم يكن الحوثيون ليتمكنوا من الحصول على موطئ قدم في (مأرب والجوف والبيضاء) لولا عديد من الاعتبارات المتعلقة بالقبيلة وارتباطها بالحرب وأطراف الصراع بينها:

-   حددت بعض القبائل موقفها من حرب الحوثيين، بناءاً على حجم عدد أبنائها في المناصب القيادية داخل الحكومة الشرعية. كما أن بعض القبائل رفضت صدّ الحوثيين نتيجة علاقة شيوخها السيئة مع قيادات في الجيش الوطني أو السلطات المحلية. 

-   بعض أبناء القبائل وشيوخهم –خاصة في العزل والقرى- تخاذلوا عن قِتال الحوثيين وتركوه يمرّ عبر مناطقهم لاعتقادهم أن المملكة العربية السعودية والتحالف خذّل الحكومة الشرعية واتفق مع الحوثيين ففضل سلامة أبناءه وأراضيه من الحرب باعتبار أن "المعركة محسومة للحوثيين"[25].

-   بعض القبائل تراجعت عن قِتال الحوثيين، بسبب تواصل القيادات السعودية ببعض أبناء القبائل ومنحهم المال والسيارات والسلاح، ولم تتعامل مع المشايخ الاعتباريين لتلك القبائل[26]. كما أن قبائل أخرى سمحت للحوثيين بالمرور على أراضيها نكاية بالقبيلة المجاورة أو لوجود خلافات ثأر بين القبيلتين.

-  بعض القبائل حددت موقفها من الشرعية نكاية بالمحافظ الذي عينته الشرعية لضعفه أو فساده، كما حدث في محافظة البيضاء[27]. وقد تكون حنكة شخصية المحافظ وسلوكه واحداً من المعايير المؤثرة في قِتال القبائل للحوثيين، وكما التفت قبائل في مأرب مع محافظها سلطان العرادة ومنعت تقدم الحوثيين، كان للخلاف القبلي بين بعض القبائل في الجوف مع محافظها أمين العكيمي، قد أدى إلى عودة الحوثيين للسيطرة على عاصمة المحافظة، بينما تدور هناك شكاوى وسط قبائل البيضاء من محافظها وانعكس ذلك على الأعمال القتالية على الأرض.

-  علاقة شيخ القبيلة والوجهات الاجتماعية في القبيلة بنظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، حيث سمح بعضهم للحوثيين بالمرور نكاية "بالحكومة الشرعية التي أفرزتها ثورة 11 فبراير/شباط2011". وفي الوقت ذاته علاقة القبيلة بحزب التجمع اليمني للإصلاح والسعودية دفع شيوخها إلى قِتال الحوثيين.  

-  معظم التكتل السكاني من قبائل الجوف هي لازالت تحت سيطرة الحوثي منذ عام ٢٠١٤. ولذلك معظم أبنائها لم يقاتلوا ضد الحوثي في الحزم لأن منازلهم تحت سيطرة الحوثيين الذين لا يتورعون في تفجيرها ونهبها أو تجريف الأراضي الزراعية فيها.


كيف يدير الحوثيون معركتهم في مناطق القبائل بمأرب؟!

يستمر الحوثيون بالمضي قُدماً بالحرب في مناطق القبائل بمأرب، بالطريقة ذاتها التي استخدموها مع القبائل في المناطق الأخرى لكن هذه الطريقة اصطدمت باعاقات أهمها:

  • تنظيم القبيلة لنفسها مبكراً: لم تقع مأرب ومثلها الجوف، في فخ التنافس الحزبي عندما استولى الحوثيون على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014. فعلى عكس القبائل في طوق العاصمة صنعاء التي وقعت في التنافس الحزبي واصطفاف قادة القبائل مع "ثورة 11فبراير/شباط2011" وضدها مع حزب المؤتمر الشعبي العام الذي ظل تابعاً للرئيس السابق"علي عبدالله صالح"، وقفت القبائل وحاربت الحوثيين دون انقسامات إلا لشخصيات محددة لم يكن لها تأثير على الإقليم.

الانتقام الذي حدث بين الأحزاب السياسية بالذات المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح أحدث إرباكا لدى كل القوى الوطنية والاجتماعية، وهو ما وفر أرضية خصبة للحوثيين بالتوسع في جميع أنحاء البلاد. فقد انتقل الخلاف الحزبي وانقسام السياسيين إلى قادة القبائل في اليمن وأصبح الجميع بين فسطاطين "ثورة" و"ثورة مضادة"، وهو ما انعكس لصالح الميلشيات الحوثية التي لا ترغب في رؤية عمل سياسي أو تنظيم اجتماعي يوازي سلطاتها.

وفي وسط هذا الخلاف ظهرت مأرب بشكل ملحوظ وسط الانقسام كناجية، وبقت موحدة لمناهضة الحوثيين ومنع دخولهم إلى عاصمة المحافظة.

يمكن الإشارة إلى تزعم مأرب أيضاً لمواجهة الحوثيين: في أغسطس/آب 2014 عُقد الملتقى العام الموسع لقبائل إقليم سبأ في منطقة "السحيل" ووقع وثيقة "عهد وميثاق" التي تطالب بانسحاب الحوثيين من أراضيهم وحشد 12 ألف مقاتل من أبناء الإقليم لمواجهة الحوثيين وما وصفوه بـ"قوى الإرهاب والتخريب"[28].

في أكتوبر/تشرين الأول2016 أعلن محافظو المحافظات الثلاث في إقليم سبأ عن "قيام الإقليم" واختيار محافظ مأرب سلطان العرادة رئيساً له "حتى يتم الاستفتاء على الدستور واختيار رئيس للإقليم باختيار أبناء المحافظات الثلاث"[29].

  • فشل تأثير الخلافات في معسكر الحكومة الشرعية: على عكس الانقسامات التي أحدثتها الإمارات في معسكر الحكومة اليمنية في المحافظات الجنوبية والتي استهدفت أيضاً القبائل وزعامتها، كما فعلت مع المكونات السياسية والاجتماعية في المحافظات المحررة. تمكنت السلطة المحلية في محافظة مأرب من امتلاك علاقة جيدة لكسب الدعم الداخلي والخارجي، فتوحدت القبائل والأحزاب والمكونات السياسية في إطار السلطة المحلية؛ ولم تظهر الإمارات عدائها بشكل مباشر للقيادة السياسية في مأرب. على الرغم من اتهام أبوظبي لها بالتبعية لحزب التجمع اليمني للإصلاح.

لكن مع ذلك أُوجد الحوثيون فجوات بين بعض قادة القبائل في مأرب معتمدة على خلافات قديمة بين القبائل وطموح تلك الشخصيات بالسلطة. كما أن حالة الانقسام التي أوجدها التحالف العربي داخل معسكر الحكومة الشرعية، ساهم في إيجاد تلك الفجوات، وهو ما سنوضحه لاحقاً.

  • التنمية الاقتصادية: تحولت مأرب وسط الحرب إلى تنمية اقتصادية حقيقية، فلم تكتف إدارتها بردع الحوثيين وحماية عاصمة المحافظة بل ازدهرت المدينة اقتصادياً، بعكس باقي المحافظات الأخرى المحررة من الحوثيين باستثناء محافظة شبوة، ما يجعل دفاع السكان عنها واجباً باعتبارها المعسكر الأخير، كما أن سكان مأرب بالذات قبائلها بدأوا فعليا الشعور بأن التنمية والرخاء الاقتصادي جلب لهم مصالح يجب عليهم ان يحاربوا من أجل حمايتها.
  • الدعم القبلي من محافظات أخرى: مدينة مأرب تحولت إلى قبلة النازحين من مناطق شمال اليمن، ومعظم هؤلاء فروا من الحوثيين وينتمون إلى القبائل. وكونت تلك القبائل معسكرات خاصة بها في المحافظة الصحراوية ومجالس لمقاومة الحوثيين في مناطقهم، بعض تلك المناطق لم تصل إليها قوات الجيش وما يشير إلى ذلك مقتل الشيخ ربيش بن كعلان العليي وهو أحد شيوخ صنعاء البارزين وعضو في البرلمان، في معركة مع الحوثيين في منطقة "صرواح". ومن المجالس: مجالس المقاومة في "صنعاء وذمار وإب وتهامة" حيث يقاتل أبناء تلك المحافظات ضمن القبائل والجيش الوطني في جبهات مأرب والجوف والبيضاء.

قد تبدو تلك عوامل قوة كبيرة للمدينة إضافة إلى ما ذُكر آنفاً حول التركيبة القبلية لإقليم سبأ مقارنة بالقبائل الأخرى في شمال اليمن. لكن مع ذلك تمكن الحوثيون من إحداث اختراق بسيط يمكن أن يتوسع في المحافظة النفطية، ويهدد ملايين النازحين وأبرز ملامح هذا الاختراق:

1-    توقيع الاتفاقيات مع بعض مشائخ القبائل : مضى الحوثيون في طريقتهم المفُضلة في دخول مناطق القبائل بتوقيع اتفاقات تشير إلى السماح للحوثيين بعبور مناطقهم إلى مناطق أخرى حيث القوات الحكومية. من ذلك ما حدث في قبيلة مراد، أعلن الحوثيون توقيع اتفاقات مع عدد من شيوخ القبائل في "رحبة" بينهم: "عبدالجليل القردعي، محمد حسين القردعي، احمد حسين القردعي، العنشلة القردعي"[30]. والشيخ أحمد علي جوهرة، وأحمد محمد أبو عوشه “وفهد عبدالله محمد جهلان”. ومن المفارقة أن هذه الإعلانات نشرت باستفاضة في الصحف الإيرانية التي تبدو مهتمة بشدة بالحرب في اليمن[31].

ويقف "حسين حازب" وهو شيخ قبلي في "مراد"، وقيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، في دعم الانشقاقات داخل قبيلته، وعينه الحوثيون في منصب وزير في حكومتهم غير معترف بها دولياً.

2-  خلايا الحوثيين: يعتمد الحوثيون على خلايا من عدة أفراد -وأحياناً عشرات الأفراد- لبعض العائلات الهاشمية في إيجاد نفوذ في محافظة مأرب من بين تلك “خلية محسن سبيعان” التي قُتل أفرادها الثمانية في عملية عسكرية للقوات الحكومية[32] في يوليو/تموز2020، بالتزامن مع هجوم الحوثيين على محافظة مأرب. استغل الحوثيون مقتل أفراد الخلية في محاولة تحشيد القبائل في محافظتي مأرب والجوف وباقي المحافظات الشمالية، بدعوة "النكف" القبلي، ضد القوات الحكومية في مأرب[33]. في يوليو/تموز2019 تمكنت قوات الأمن من إنهاء محاولة تمرد في مناطق "الأشراف" في محافظة مأرب ضد القوات الحكومية[34].

3-  ورقة الإرهاب: عندما سيطر الحوثيون على مناطق في "قيفة رداع" بمحافظة البيضاء، أعلنت الجماعة تطهير تلك المناطق من "تنظيم الدولة" و"تنظيم القاعدة"، ومقتل زعيم تنظيم الدولة في المنطقة. ومحافظة البيضاء هي واحدة من المناطق التي زاد فيها نشاط تنظيم القاعدة في جزيرة العرب منذ 2014. وتمتلك قبائل "قيفة رداع" تاريخاً قتالياً ضد التنظيم قبل وصول الحوثيين، حيث ساهمت في دفع التنظيم خارج مناطقها عام2012 وعام 2013[35].  وتبرأت العائلة والقبيلة من الشيخ "طارق الذهب" الذي أسهم في دخول أعضاء التنظيم إلى مناطقهم ما أفقده النفوذ والحماية من القبيلة لتنتهي بمقتله[36]. واندفع التنظيم إلى مناطق "المناسح" ليخرجوا منها بتفاوض مع القبائل مع تحرك قوات حكومية لإنهاء وجودهم في تلك المناطق، وخشية رجال القبائل من تدمير ممتلكاتهم ومنازلهم[37]. لم تكن معظم القبائل لتقاتل الحوثيين في محافظة البيضاء -إذا ما استثنينا قبائل "آل حميقان"- فكانت القبائل تعيّ أن قوتها أقل من الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق "علي عبدالله صالح" لذلك وقعوا الاتفاقات -بنفس الصيغ السابقة عبور مقاتلي الحوثي وعدم استخدام أراضيهم للقِتال- لكن بعد سيطرة الحوثيين نقضوا الاتفاقات وقاموا بارتكاب الانتهاكات بحق القبائل وشيوخها ما اضطرهم للقِتال. وأتاح دخول الحوثيين إلى البيضاء لتنظيم القاعدة الفرصة لكسب نفوذ على الأرض والعودة إلى المناسح التي طُرِد منها في مطلع العام 2013.

نبيل الذهب – شقيق طارق، والذي كان قيادياً في جماعة أنصار الشريعة التابعة لتنظيم القاعدة في اليمن حتى مقتله في هجوم بطائرة أميركية من دون طيّار في تشرين الثاني/نوفمبر 2014 – حضر اجتماعاً عُقِد في المناسح في تشرين الأول/أكتوبر 2014، وشارك فيه بعض القيادات القبلية ، لمناقشة التهديد الحوثي، وأصبح مقاتلو تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ناشطين في القتال ضد الحوثيين، وازدادت أعدادهم. ولم تعد القبائل التي كبحت نفوذ تنظيم القاعدة في المحافظة في فترات سابقة مستعدّة للقيام بذلك مجدّداً، لأنه أصبح لديها والقاعدة عدوا مشتركا[38]، لكن تنظيم القاعدة هو الآخر وجد له ميدان معركة أخرى قللت من تأثير مواجهته مع الحوثيين، حيث دخل في مواجهات متقطعة مع تنظيم الدولة الذي كان يحظى بخلفية مؤمنة من الحوثيين لتفادي الصدام المباشر مع تنظيم القاعدة[39].

ويتفق الحوثيون وتنظيم الدولة -الذي ما زال تكويناً غير معروف سلسلة القيادة داخلة في البيضاء- في قِتال القوات الحكومية ورجال القبائل، وشن تنظيم الدولة عمليات عِدة ضد القوات الحكومية ورجال القبائل حيث يتهمهم التنظيم بكونهم تابعين للجيش اليمني. وحسب أبناء قبيلة قيفة فإن "التنسيق بين الحوثي وداعش بات ظاهراً للعلن، حيث يتقاسمون الأدوار لكسر جبهات مقاومة قيفة، حيث شارك داعش في قتال المقاومة وقام من الخلف بقطع طرق الإمداد والسماح وفتح طريق للحوثيين للالتفاف من الخلف ضد القبائل"[40].

4- دعم أصوات تنتقد السلطة المحلية: يعتقد بعض شيوخ القبائل في "العُزل"-وحدات سكانية أصغر من المديريات- أن السلطة المحلية التي تُدير المحافظة تقصي أبنائها، ويطالبون بمحاصصة في الوظائف والمناصب الحكومية[41].، شكا شيخ قبلي واحد على الأقل في منطقة "الجوبة" من أن "القيادة المحلية تجمد الأصوات المستقلة كصوته"[42]. شيخ قبلي تحدث أن الإمارات دعمت زعماء قبائل في مأرب لرفع الأصوات التي تتهم السلطة المحلية بالإقصاء والتهميش، وتؤجج حالة الانقسام الداخلي بين قبيلة مراد وبقية قبائل مأرب[43].

تتفرع محافظة مأرب إلى أربعة فروع من حيث الفخوذ القبلية والتقسيم الإداري، وهي: عبيدة وصرواح والجدعان ومراد، وتغطي عبيدة -التي ينتمي لها محافظ المحافظة- ثلثي محافظة مأرب من حيث المساحة، إضافة إلى كونها المنطقة الغنية في محافظة مأرب، وفيها يتركز أكبر مخزون نفطي وغازي في شمال اليمن ككل، وفيها الشركات النفطية الاستكشافية، إلى جانب محطة مأرب الغازية التي تعتمد عليها الكثير من المحافظات اليمنية في توليد الكهرباء، وبخاصة العاصمة صنعاء.

 

موقف القبائل من الحكومة:

أوقف الجيش اليمني التجنيد في صفوفه منذ 2017م، وتوقفت الرواتب عن الوصول إلى الجنود في جبهات القِتال أدى ذلك إلى تراجع أعداد القوات الحكومية الأساسية التي تواجه الحوثيين. لذلك فإن الضغط سيكون على رجال القبائل في مواجهة الحوثيين. وعلى الرغم من ملاحظات القبائل على أداء الحكومة الشرعية إلا أن معظمهم مقتنعون بضرورة قِتال الحوثيين، ومنع تغولهم في مناطقهم.

ويتحفظ معظم زعماء القبائل في المحافظات الثلاث من ذِكر ملاحظاتهم على توجه الحكومة الشرعية تجاه قبائلهم لكن عدد من زعماء القبائل أشاورا إلى عدد من النقاط[44]:

  • بالرغم من توجيهات الرئيس اليمني باستيعاب رجال القبائل الذين اندرجوا تحت مظلة المقاومة الشعبية في الجيش الوطني إلا أنه وبعد مرور أكثر من خمس سنوات لايزال افراد المقاومة خارج نطاق الجيش الوطني.
  • يقول قادة القبائل إن حكومة الشرعية تُهمل أسر الشهداء والجرحى، ما جعل القبائل تتحمل عبء الرعاية، في وقت تتحمل عبء "اليُتم" و"مخاوف ضياع أفراد القبيلة في جماعات أخرى".
  • تشكك القبائل في قدرة الحكومة الشرعية على دفع تكاليف الحرب وتعزيز الدعم بالذخائر والأسلحة، في وقت تعجز عن تأمين رواتب جنودها. وتخشى من تحمل تبعات ذلك لاحقاً. ويقول قادتها: إن تقييد صلاحيات الشرعية أولا -من قبل التحالف- وصلاحيات محافظي المحافظات انعكس سلباً على دور القبيلة في مواجهة الحوثي.
  • التباين الواضح في رواتب وتجهيز المقاتلين في جبهات الحدود السعودية ضد الحوثيين، ورجال القبائل والجنود في مناطق سيطرة الحكومة. حيث أصبحت جبهات الحدود تستقطب المقاتلين من إقليم سبا بينما الأخطار تحدق بمناطقهم.
  • استبعاد أبناء المحافظات الثلاث، من المناصب الوزارية والسيادية، وقيادة الوحدات العسكرية في الجيش، وهو خطأ تتعامل معه الحكومة دون "جدية في إيجاد حل لملف قد يصبح قنبلة موقوتة".
  • يشعر القبائل أنهم لا يواجهون الحوثي كعدو وحيد وأن هناك ضغط واضح من التحالف على الحكومة يدفع ثمنها ابناء القبائل على الأرض.
  • حجم التسليح والدعم العسكري للقبائل من الحكومة والتحالف لا يرقى إلى خطورة المعركة، بل إن بعض الدعم ذهب إلى شخصيات ذات ارتباط بالحوثيين. 

 

ثالثا : تأثير معركة مأرب على وحدة البلاد

ستؤثر نتائج الحرب في مأرب بشكل مباشر على وحدة البلاد إذ أن هزيمة أو انتصار القوات الحكومية ستحدد ذلك، وسقوط مأرب يعني أن فرص انفصال الجنوب تتضاعف بعد ان أصبحت غالبية محافظات الشمال بيد الحوثيين .

ولأن محافظتي مارب وشبوة هما المحافظتان اللتان تدينان الولاء بشكل مطلق لشرعية الرئيس هادي، وتشكلان حجر عثرة أمام تمزق البلد، فإنه من المهم التطرق لوضع شبوة مع الحرب التي تدور في مارب.

هناك جملة من المحددات التي تجعل من الحرب في مأرب مؤثرة على الوضع في محافظة شبوة منها:

1-   التداخل المجتمعي والقبلي بين المحافظتين.

2-  تصدر محافظة شبوة للنفط الخام القادم من مأرب من خلال أنبوب نفطي يمتد من صافر إلى ميناء النشيمة البديل عن ميناء رأس عيسى في الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيين.

3-  في محافظة شبوة أكبر مشروع اقتصادي في اليمن وهو مشروع تصدير الغاز الطبيعي المسال من خلال ميناء بالحاف، وبعض من ذلك الغاز قادم من مأرب، كما يمثل المشروع أهمية استراتيجية للحكومة وبفقدانه تسقط آخر ورقة اقتصادية في يدها.

4- هناك اعتقاد لدى المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا أن سقوط مارب يسهل لقواته استعادة محافظة شبوة بحجة حمايتها من الحوثيين، بينما يرى الحوثيون أن إسقاط مأرب يسهل لهم مهمة الوصول إلى شبوة والسيطرة على مصدر النفط والغاز في البلاد.

 

شبوة بين القبيلة والدولة والنفوذ الخارجي:

ما يميز محافظة شبوة حضور الدولة الطاغي وهو ما أدى إلى تراجع الدور القبلي في كثير من القضايا بالذات في المشاكل التي تتعلق بالجوانب العسكرية والأمنية، وهو ما يراه البعض على أنه وضع طبيعي، فكلما حضرت الدولة في تحقيق مصالح القبيلة تساند القبيلة الدولة. لكن البعض الآخر يرى أن نموذج شبوة يتمثل في تماسك المجتمع (القبلي) وتنسيقه الكامل مع سلطة الدولة ( قيادة المحافظة).
يوجد في شبوة ميناء بالحاف لتصدير الغاز الطبيعي المسال وهو أكبر مشروع اقتصادي في اليمن[45]، وكان المجتمع المحلي قد شكل لجانا شعبية لحمايته بعد سقوط اللواء الثاني مشاة بحري في أبريل/نيسان 2015 وبقيت فيه تلك اللجان تؤمن المنشأة حتى مطلع 2017 عندما اتخذتها القوات الإماراتية قاعدة عسكرية لها.

في أغسطس/ آب 2019 تمردت ألوية (النخبة الشبوانية) المدعومة إماراتيا وهو ما أدى إلى اندلاع مواجهات مع القوات الحكومية التي سيطرت عقب ذلك على كل ألوية النخبة باستثناء موقعين عسكريين هما ميناء بالحاف النفطي -رغم وصول القوات الحكومية إلى المطار الخاص بالميناء، وأيضا معسكر العلم في الصحراء - يبعد 50 كم عن عاصمة محافظة شبوة (عتق)، ومنذ ذلك الوقت يتم تبديل الجنود في الموقعين بالتنسيق مع القوات الحكومية وسلطات الدولة في محافظة شبوة.

مؤخرا ظهرت تحركات رسمية وشعبية تطالب باستئناف تصدير الغاز من بالحاف وحصلت وقفات احتجاجية في سبتمبر/أيلول 2020 بالتزامن مع الخطاب الأخير لمحافظ المحافظة محمد بن عديوي في احتفال العيد الـ58 لثورة 26 سبتمبر/أيلول -التي أسقطت نظام الإمامة في شمال اليمن، طالب فيه بضرورة إخلاء ميناء بالحاف وإعادته إلى وضعه كمنشأة اقتصادية.

مطلع أكتوبر2020 استهدف لغم بحري ناقلة نفط[46] في ميناء النشيمة – وهو ميناء أعادت السلطة المحلية تأهيله لتصدير النفط الخام القادم من مأرب ويبعد 30 كيلومتر عن بالحاف، وتم قراءة الحادث بأنه تعبير عن انزعاج المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا والمطالب بالانفصال من الحراك التنموي في شبوة التي تعتمد اعتمادا كليا على نسبة من بيع النفط تقدر بـ 20٪ من حوالي 35٪ التي تمثل حصة الحكومة والتي لاتتجاوز 12ألف برميل يوميا، أي أن محافظة شبوة تحصل على 840 برميل نفط يوميا فقط، "لكنها أدت إلى ثورة تنموية غير مسبوقة في المحافظة المحرومة منذ عقود، بالذات في مجال شبكات الطرق والكهرباء والمياه"[47] .

وحادث التفجير الذي ادى إلى أضرار في احدى ناقلات النفط، استدعى إلى تحرك أمني وانتشار للجيش، واتخذت اللجنة الأمنية قرارا بتأمين الساحل وهو ما جعل استعادة ميناء بالحاف كمنشأة اقتصادية هدفا أمنيا واقتصاديا لقيادة المحافظة لتأمين مصدر دخل إضافي وتحريك القطاعات الخدمية والاقتصادية الأخرى، إلى جانب رفد الإقتصاد الوطني وإيقاف تدهور العملة الوطنية.

وتظل سيطرة السلطة المحلية على ميناء بالحاف بشكل كامل، تحكمه نتائج معركة مارب، مع طموح المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا في السيطرة على أهم منشأة اقتصادية في البلاد وتحقيق الإنفصال.

 

رابعا: معركة مأرب في الميزان

تضع معركة مأرب الأطراف والحرب على مفترق طرق، قد تندفع البلاد نحو تعقيد جديد للأوضاع ويؤثر ليس فقط في أطراف الصراع بل وفي المكونات المجتمعية. ويرى كل طرف "معركة مأرب" من وجهة مصالح جماعته ومكونه وتأثيره عليه.

  • الحوثيون: يبرر الحوثيون معركة مأرب بنشر إشاعة في العاصمة صنعاء مفادها إن "السلطة المحلية في محافظة مأرب نقضت اتفاقاً رعته الأمم المتحدة، يقضي بتقاسم إيرادات النفط والغاز مع الحوثيين في صنعاء، ورفض تسليم حصة مناطق الحوثيين من النفط والغاز". ويقول الحوثيون إن معركة مأرب "هي أخر المعارك مع الحكومة اليمنية وبعدها سيكون انتصار كامل وشامل للجماعة، وعودة للتنمية"، والشائعة الأخيرة تأتي ضمن جهود الحوثيين لتحشيد المزيد من مقاتلي القبائل ونقلهم إلى محافظة مأرب لِقتال الحكومة اليمنية.

إذا انتصر الحوثيون في معركة السيطرة على مأرب، فسيكونون قد انتصروا في حرب السيطرة على الشمال، على الأقل في الوقت الراهن. لكن الحوثيين لن يعلنوا نهاية الحرب كما يروجون في مناطق سيطرتهم ويعود ذلك لعدة أسباب بينها أن: الحرب وفّرت لهم غطاء لشرعية يفتقدونها في مجتمع تركيبته معقّدة، خاصة مع فشلهم في تشكيل تحالفات سياسية، تَمثّل آخر فصولها في قتلهم حليفهم الرئيس السابق علي صالح في كانون الأول/ديسمبر 2017. كما أن الحرب تعطي الحوثيين حجة لتبرير الأزمة المعيشية الحادة والتغاضي عن سوء إدارتهم وفسادهم[48]. فسيذهب الحوثيون بعيداً نحو شبوة وحضرموت وحتى محافظة المهرة على الحدود مع سلطنة عمان.

  • الحكومة الشرعية: إن فقدان الحكومة الشرعية لمحافظة مأرب، يعني سقوط أخر معاقلها مع سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على معظم المحافظات الجنوبية، وستكون في أضعف حالتها في حال التفاوض مع الحوثيين أو باقي الأطراف الجديدة التي أظهرتها الحرب.

سيطرة الحوثيين على مأرب سيجعل من الصعب على الحكومة والقبائل المتحالفة معها شن الحرب على مناطق الحوثيين وستتوقف معظم جبهات القِتال في الشرق والشمال بما في ذلك جبهة نهم شرق صنعاء. حيث تستخدم القوات الحكومية مدينة مأرب كقاعدة عسكرية لقتال الحوثيين. كما أن المدينة هي مقر قيادة الأركان ووزارة الدفاع اليمنية، لذلك فإن القوات التابعة للحكومة تقاتل في معركة صفرية مع الحوثيين، فخسارة المنطقة أو تأثرها بهجمات الحوثيين يجعل من جهود الحرب خلال السنوات الماضية في مهب الريح، وهذا ما أدى إلى ثبات نسبي للقوات الحكومية بل والتقدم أحيانا كما في معارك استرداد عاصمة محافظة الجوف.

ويبدو أن الحوثيين يستفيدون من عدم تنفيذ الاتفاقات على سبيل المثال منذ توقيع اتفاق ستوكهولم بين الحوثيين والحكومة اليمنية في ديسمبر/كانون الأول 2018 وتوقف العملية العسكرية لتحرير مدينة الحديدة من الحوثيين، وميزان الحرب يميل لصالح الحوثيين. فلم تحقق الحكومة اليمنية هدفها من الاتفاق بوقف مصادر الدخل عن الجماعة المسلحة، كما أن الحوثيين نقلوا المقاتلين من الحديدة إلى باقي محافظات البلاد ومنها محافظة مأرب. فأصبح الاتفاق "عبئاً" على الحكومة وفرصة للحوثيين.

  • السعودية والإمارات: يتوغل الحوثيون بالفعل في عمق المحافظات اليمنية على الحدود مع المملكة العربية السعودية. فالسيطرة على مأرب لن تمنح الحوثيين موارد قيمة فحسب بل تهديداً جديداً للسعودية على حدودها إذا ما تم ضمه مع محافظة الجوف التي تملك حدوداً طويلة مع السعودية. ويهدد وجود قواتها في محافظات المهرة وحضرموت وشبوة.

يعود اندفاع الحوثيين في مدينة مأرب إلى سياسة التحالف المتغيرة تجاه حلفائها على الأرض، وتنظر السعودية و-الإمارات في ذات الوقت- إلى محافظة مأرب كنفوذ لـ"حزب التجمع اليمني للإصلاح"، لذلك يتفق السعوديون والإماراتيون إلى تحويل الحرب في مأرب إلى "استنزاف" للحوثيين وأعضاء حزب الإصلاح، الذي يعتبر مأرب آخر المناطق التي تؤمن أعضاء الاصلاح الفارين من بطش الحوثيين شمالاً والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات جنوباً.

ويشير ذلك إلى أن الدولتين لم تستفيدا من درس سقوط صنعاء عام 2014م، بيد الحوثيين حيث كان مسؤولون في البلدين يعتقدان أن اندفاع الحوثيين نحو صنعاء يمكنه استنزاف حزب التجمع اليمني للإصلاح أحد أبرز المكونات السياسية التي دعمت إزاحة "علي عبدالله صالح" في 2011م. وفي النهاية أدى إلى تكاليف باهظة ليس على اليمن فحسب بل للخليج بالذات "المملكة العربية السعودية".

  • المجلس الانتقالي الجنوبي: يعتقد قادة في المجلس الانتقالي الجنوبي أن سيطرة جماعة الحوثي على مأرب يسهل لهم التقدم إلى شبوة والسيطرة عليها تحت حجة حمايتها.

كما يعتقدون أنه من الممكن الوصول إلى اتفاق مع الحوثيين بمنع دخولهم جنوب اليمن ما يسرع من تحقيق مشروع الانفصال.

يرى الانتقالي أن السيطرة على مارب توجه ضربة قاصمة للحكومة اليمنية، فمدينة مأرب احتضنت تدريبات لقوات الحماية الرئاسة الموالية للحكومة، وكانت منطلقاً لتحرك القوات الحكومية في 2019 عندما أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي السيطرة على المحافظات الجنوبية بدعم الإمارات. كما أن تفكيك قوات الجيش الوطني في مأرب يجعل من تنفيذ الشق العسكري لاتفاق الرياض غير ذي جدوى. ويجعل القوات التابعة للمجلس الانتقالي كقوة منفصلة.

إن المجلس الانتقالي الجنوبي واستمراره في تأجيل تنفيذ اتفاق الرياض وانسحاب القوات من محافظة أبين، يزيد من الضغط على القوات الحكومية اليمنية لتصبح في مواجهة عدوين اثنين. وخلال معارك الحوثيين الأخيرة في محافظة مأرب كانت هناك مواجهات متقطعة في محافظة أبين بين الانتقالي وقوات الحكومة، ما يجعل تعزيز الجيش اليمني لقواته في مأرب أكثر صعوبة.

يراهن الانتقالي على أن سيطرة الحوثيين على مارب يسهل مهمة تحقيق هدفه الاستراتيجية بالانفصال الكامل عن الشمال والعودة إلى حدود ما قبل 22 مايو/آيار 1990. 

  • معارك الساحل الغربي: تحتكم المواجهات على طول الساحل الغربي لليمن إلى "هدنة" بين الطرفين (الحوثيون والقوات المشتركة[49]) ضمن اتفاق ستوكهولم (2018) لكنها تعاني من خروقات مستمرة منذ توقيع الاتفاق. ويعتقد بعض المسؤولين في القوات المشتركة –وحزب المؤتمر الشعبي العام الموالِ لـ"عائلة صالح"- أن وصول الحوثيين لمدينة مأرب يسهم في زيادة حظوظهم باعتبارهم طرف رئيسي في أي اتفاق سلام. لكن المعركة في مأرب في كِلتا الحالتين: هزيمة الحوثيين أو تحقيقهم الانتصار، سيزيد من تصاعد المعارك في الساحل الغربي للبلاد، إذ أن هزيمة الحوثيين في مأرب تجعل الجماعة المسلحة أمام خيار وحيد وهو تأمين مدينة الحديدة لتعزيز مركزها التفاوضي. وفي حال انتصر الحوثيون ستوجه الجماعة المسلحة قوتها نحو الساحل الغربي لوقف حظوظ "عائلة صالح" من الحصول على وجود ضمن اتفاق سلام، وتأمين ميناء الحديدة من هجوم التحالف والحكومة لتعزيز مركز الحكومة التفاوضي.

منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول2020 تصاعدت المعارك في مديرتي "حيس" و"الدريهمي"-حنوب الحديدة- إذ شن الحوثيون هجمات مستمرة لتعزيز وجودهم في الدريهمي وفك الحصار على مجموعاتهم المتمركزين في مركز المديرية. وعلى الرغم من نداءات الأمم المتحدة لوقف التصعيد العسكري[50] إلا أن المعارك زادت قوة خلال الأسبوعين الأولين من الشهر –وقت كتابة الدراسة- ما يشير إلى تغيّر في ديناميكيات الحرب خارج اتفاق ستوكهولم.

  • الأزمة الإنسانية: تتسبب معركة الحوثيين في محافظة مأرب بأزمة إنسانية كبيرة، ومع كل اقتراب من مدينة مأرب يدفع أكثر من مليوني نازح في المدينة إلى مصير مجهول. وحتى في حال فشل الحوثيون، ففي نزعة الجماعة الانتقامية -التي عُرفت خلال الحرب- قد تستهدف مناطقهم بالصواريخ الباليستية وطائرات دون طيار بما في ذلك المصالح الاقتصادية الكبرى مثل "مصفاة وآبار النفط" في المحافظة وباقي المنشآت الحيوية الأخرى في المدينة.
  • خطط سلام الأمم المتحدة: في الوقت الراهن فإن تصعيد الحوثيين جعل الجهود الدولية لإنهاء الصراع أكثر صعوبة. ويوضح تباطؤ الحوثيين في التعامل مع "ملف السلام" منذ تقدم الجماعة في مديرية نهم و"الحزم" بالجوف مطلع العام الحالي والتوجه لخيارات الحرب.

في مارس/آذار 2020 اندفع الحوثيون في حربهم رغم ترحيبهم باقتراح هدنة طرحتها الأمم المتحدة في مارس/آذار 2020م، "لوقف الاشتباكات المسلحة في جميع أنحاء العالم بسبب أزمة فيروس كورونا". بعد أسبوعين من هذا الترحيب أعلن التحالف العربي الذي تقوده السعودية عن هدنة لوقف إطلاق النار لكن الحوثيين رفضوا الهدنة التي أعلنها التحالف -التي مُددت لأسابيع أخرى- وبرر الحوثيون ذلك بأنه "التفاف إعلامي، ودعاية سياسية".

وفي خضم الحرب وتجييش المقاتلين نحو مدينة مأرب قدم الحوثيون تصورهم لنهاية الحرب وهو تصور قائم على رغبات تجعلهم منتصرين: تفرض على التحالف والحكومة وقف الحرب، مقابل وقف الصواريخ الباليستية والطائرات دون طيار على السعودية. تضع الوثيقة المكونة من ثماني صفحات العبء الكامل لإنهاء الحرب ومعالجة مسار الاقتصاد اليمني على عاتق التحالف بقيادة السعودية. حتى في خانة التوقيع وضعت الجماعة التوقيع "التحالف" وليس الحكومة اليمنية التي يقودها عبدربه منصور هادي[51].

يشير موقف الحوثيين من الهدنة وجرأة تقديم قائمة رغباتهم لـ"إنهاء الحرب" وفق شروطهم، إلى مدى استفادتهم من استمرار الحرب والحالة السيئة في موقف خصومهم في الحكومة المعترف بها دولياً. اتضح ذلك في الأسابيع التالية عندما تقدم الحوثيون نحو "محافظة مأرب". 

ومع الأخذ بالاعتبار أهمية "مدينة مأرب" لوضع الحكومة الشرعية وانصارها، فإن جهود التوصل إلى "سلام" أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، وعلى عكس ذلك فقد تؤدي إلى دخول البلاد في تعقيد جديد يؤدي إلى "إنهاء اتفاق ستوكهولم".

وقد تزايدت الدعوات الداخلية[52] المطالبة بخروج الحكومة الشرعية من "الاتفاق"[53]. حيث إن تحرك الحملة العسكرية التي توقفت منذ فترة طويلة لاستعادة مدينة الحديدة الساحلية من الحوثيين بموجب اتفاق "ستوكهولم"، هو أمر حاسم لإحداث تغيّر على الأرض يجلب الحوثيين إلى اتفاق يوقف تمددهم في مناطق الحكومة، وينهي حالة الحرب.

  • الوضع الإنساني في مأرب: مع اشتداد الحرب يزداد الوضع الإنساني في محافظة مأرب سوءاً مع وجود مخيمات اللجوء لعشرات الآلاف من اللاجئين. يعيش أكثر من مليونين ونصف في مدينة مأرب معظمهم مروا بنزوح عدة مرات خلال سنوات الحرب. ومع الاشتباكات جنوب وغرب المحافظة نزح الآلاف إضافة إلى أكثر من 70 ألف نازح من مناطق أخرى مثل الجوف والبيضاء منذ مارس/آذار 2020، وتهدد الحرب بنزوحهم من جديد[54].

إن استمرار هجوم الحوثيين في محافظة مأرب، -حتى لو ظلت بعيدة عن المدينة- سيعمق ما هو أصلاً أكبر حالة طوارئ إنسانية في العالم. وفي حال امتد القِتال إلى المنشآت النفطية وقطعت إمدادات الطاقة والطريق السريع المتجه شرقاً فإنه لن يترك سوى طريق واحد صعب متجه جنوباً كممر للنجاة باتجاه محافظة شبوة حيث يوجد وجود رمزي لمنظمات الإغاثة، لن تكون قادرة على استيعاب الملايين من النازحين الجدد في الوقت نفسه.

 يعتقد مسؤولو المساعدات في اليمن إن اندفاع الحوثيين نحو مدينة مأرب قد يؤدي إلى معاناة السكان هناك أكبر بكثير من "سكان الحديدة" لو كانت قد اندلعت معركة فيها، بالنظر إلى عدد السكان النازحين هناك وعدم قدرتهم على تحمل نفقات السفر. في حالة الحديدة أدت مفاوضات رعتها الأمم المتحدة إلى "اتفاق ستوكهولم" أوقفت الحرب، وكانت الدواع الإنسانية المؤثر الرئيس لتحقيق تقدم في هذا الاتفاق. وهذا ما يبرر الغضب وسط السكان من المجتمع الدولي والأمم المتحدة بصمتهم تجاه الحوثيين وعدم أخذ الأمور بجدية كما حدث في الحديدة على الرغم من زيارة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث وتحدث عن خطورة الوضع[55].

  • القبيلة اليمنية: تُعتبر محافظة مأرب آخر حائط صد قبلي لمواجهة الحوثيين، حسب ما أشرنا سابقاً في خصائصها مقارنة بقبائل المحافظات الأخرى. ويوضح تعامل الحوثيين لاحقاً مع القبائل الأخرى في الشمال بشكل مهين الطريقة التي ستقوم بها الجماعة في إدارة ملف قبائل مأرب. وعلى الرغم من تمكن الحوثيين من استمالة شيوخ "عُزل" ضمن قبيلة مراد، وداخل "أسر الأشراف"، إلا أن ذلك لا يمثل شرخاً في تكوين القبيلة ذاتها، لكنها تعطي إنذاراً للقبائل والحكومة اليمنية والسلطة المحلية لتعزيز وجودها ودعمها لرجال القبائل بالمال والسلاح والرجال لحماية مناطقهم.

وبينما تخشى قبائل مأرب من سيطرة الحوثيين، فإن القبائل اليمنية في المحافظات الأخرى تستشعر الخطر في مستقبلها في ظل حملة يقودها الحوثيون لتفكيك آخر القبائل وأصلبها في مأرب والبيضاء والجوف. ما يهدد مستقبلها ونُظمها المحفوظة في ظل نظام البلد الحالي، وتماسك مواقفها ضد قضايا رئيسية متعلقة بالأعراف. لذلك سيكون رجال هذه القبائل المتواجدين في محافظة مأرب والقادرين على الوصول إلى مناطق الحكومة دور في حماية المدينة من الحوثيين.

 

   سيناريوهات معركة مأرب

ما يحدث في محافظة مأرب هي معركة استنزاف صفرية دون انتصار أي من الطرفين، توضح الأعداد الهائلة من القتلى خلال الشهرين الماضيين أن "معركة مأرب" هي أكبر المعارك خلال سنوات الحرب. ويرفض الطرفان الكشف عن الخسائر البشرية، لكن يمكن ملاحظة تشييع قتلى الطرفين، وعلى عكس الحكومة يقوم الحوثيون بنشر تقارير عن تشييع بعض قتلاهم في مناطق سيطرتهم، وأحصى "أبعاد" خلال شهر سبتمبر/أيلول 2020 تشييع (707) قتيلاً للحوثيين على الأقل بينهم ثلاثة برتبة لواء و(17) برتبة عميد، و(27) برتبة عقيد، و(22) برتبة مقدم و(29) برتبة رائد و(21) برتبة نقيب[56]. وبما أن معظم جبهات القِتال الأخرى ضعيفة فإن معظم هؤلاء قُتلوا في مواجهة القوات الحكومية ورجال القبائل في محافظتي مأرب والجوف.

ووفقاً لذلك يمكن تحديد السيناريوهات:

السيناريو الأول: انتصار الحكومة اليمنية، بتأمين محافظة مأرب، وكسر اندفاعة الحوثيين التي استخدمت فيها الجماعة كل قوتها وتحشيدها "باعتبارها" المعركة الأخيرة و"أم المعارك". وبتحقيق ذلك سيعاد ترتيب قرار الحرب داخل القوات الحكومية، وترتيب القوات بعيدا عن الضغوط الدولية على التحالف ، ما يُمهد لعملية تحرير واسعة النطاق، فتحقيق الانتصار في معركة وضع الحوثيون كل إمكانياتهم فيها ، يحيلها إلى فرصة لتحققيق هزيمة للجماعة التي أدمنت الوعود بالدخول إلى مأرب والسيطرة عليها.

إن تمكن الحكومة اليمنية والقبائل من تحقيق انتصار، يغري زعماء القبائل في المحافظات الأخرى للتحرك مع "استنزاف قوة الجماعة" وإضعاف دوائر المال والتحشيد، واستعادة زمام المبادرة الذي فقدوه خلال السنوات الماضية، محمول بملف ثقيل من تجاوزات الحوثيين عليها. 

ويعزز هذا السيناريو:

أ) المقاومة الكبيرة للقوات الحكومية ورجال القبائل رغم التحشيد الحوثي الكبير للمقاتلين من المحافظات الخاضعة لسيطرته، وعدم قدرته خلال الأشهر الماضية على تحقيق اختراق حقيقي للقبائل في المحافظة.

ب) الأهمية الاستراتيجية المتعلقة بالمحافظة بصفتها آخر معاقل الحكومة الشرعية، والموطن المتبقي لمن يعارض جماعة الحوثي، وموطن النفط والغاز الذي يمثل مورداً مهماً للحكومة ووقوعه تحت سلطة الحوثيين يعني الحصول على مورد دائم لجهود حرب الجماعة.

ج) رفض السعودية سقوط المحافظة في وقت تستثمر في استمرار المعركة لاستنزاف جميع الأطراف.

د) تحقيق انتصار الحكومة اليمنية وفقدان الحوثيين نشوة الانتصارات، قد يدفعهم لتقديم تنازلات -بدلاً من الجرأة التي أظهرتها الجماعة في التصورالمقدم لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة "غريفيث" والتي تتبنى إيجاد مخرج للحرب يحفظ ماء وجه السعودية فقط دون إيقاف للحرب ضد اليمنيين.

هـ) كما يعتبر قرب القوات الحكومية من تحرير عاصمة محافظة الجوف ( الحزم) أهم المؤشرات على سيناريو الانتصار.

وبالتالي فإن انتصار القوات الحكومية وإعادة الحوثيين إلى ما مناطق ما قبل يوليو/تموز 2020 بقدر ما سيجبر الحوثيين على مواصلة حرب الاستنزاف، إلا أن هذا المسار سيحدد مسار مستقبل الجماعة على المستويين السياسي والعسكري. ويقفز بطموحات الحكومة الشرعية وأنصارها إلى مستويات أعلى من الحالية.

السيناريو الثاني: قد توصل الحرب المفتوحة لاتفاق بين الحوثيين والحكومة اليمنية، يتوقف بموجبها الحوثيون عن شن الحرب، مقابل تحقيق جزء من قائمة رغباتهم التسع التي أعلن "مهدي المشاط" القيادي الحوثي ورئيس المجلس السياسي في صنعاء أن زعيم الجماعة قدمها ل"غريفيث" لوقف الحرب في مأرب[57]. تتلخص قائمة الرغبات[58]: تقاسم إيرادات الثروات في المحافظة، إمداد العاصمة بالكهرباء، توفير الغاز لمناطق الحوثيين بأسعار زهيدة، ومنح القبائل والعائلات الموالية للحوثيين من في مأرب نصيب من المناصب القيادية في مؤسسات السلطة المحلية، والمناصب في السلطات التنفيذية والاقتصادية، والإفراج عن قيادات في الجماعة أسروا في المعارك مع الجيش.

ويستبعد حدوث هذا السيناريو إذ سيجعل الحكومة اليمنية خاضعة للحوثيين، وتحت التهديد الدائم، كما أن قائمة رغبات الحوثيين مقابل وقف الحرب لن يكون مقبولة للسلطة المحلية وقبائل المحافظة[59].

السيناريو الثالث: سقوط مدينة مأرب بيد الحوثيين، وهو ما سيفتح الباب للحوثيين للتوجه شرقاً باتجاه محافظتي حضرموت والمهرة، وجنوباً باتجاه محافظة شبوة، وستتهاوى بقية المحافظات اليمنية اتباعاً في يد الجماعة المسلحة. كما أنها ستملك زمام المبادرة للتحرك على الساحل الغربي لتعزيز وجودها على مضيق باب المندب.

وعلى الرغم من صعوبة تحقيق ذلك خاصة في الفترة الحالية وفقاً للمعطيات العسكرية والمجتمعية ، إلا أن إصرار الحوثيين على الحشد بشكل مكثف مع رصد جهات أمنية لدخول عشرات المدربين والخبراء الأجانب[60] في هذا التوقيت، سيجعل الحرب أكثر تعقيدا، وفي حال سيطرة الحوثيين على آخر مركز للقبيلة والدولة اليمنية فإن الصراع في اليمن سيدخل مرحلة جديدة، تكون خسائره البشرية مهولة، وقد يؤدي إلى تعقيد أي جهود لتحقيق "اتفاق بين طرفين". وبموجب ذلك سيفقد السعوديون والإماراتيون نفوذهم في اليمن.

السيناريوهات المطروحة تتعلق بالمواجهات بين الحوثيين والقوات الحكومية المدعومة من المقاومة القبلية والمسنودة من قوات التحالف، لكن لا يعني ذلك عدم وجود سيناريو مختلف أو مزيج من السيناريوهات الموجودة، خاصة وأن مصالح التحالف ( السعودية والإمارات) تتصادم أحيانا بمصالح اليمنيين بجميع أطرافهم، وقد تجد السعودية وإيران الوضع في اليمن أكثر صعوبة مما يتصوروا مع توقعات بدخول فاعلين اقليميين ودوليين جدد في اليمن.

مراجع

[1] Encouraging the dissolution of the state is not the way to solve Yemen’s problems, ELHAM MANEA, March 21, 2012 https://carnegieendowment.org/sada/47588

[2] الهاشميون هم عائلات يدعون نسبهم إلى ابنة النبي محمد وتدعي "عائلة الحوثي" أنها من تلك العائلات. وتقوم فكرة المذهب الزيدي (الذي كان سائداً في معظم محافظات شمال اليمن) على أن حاكم اليمن يجب أن يكون من أبناء تلك العائلات ويعتبرونه حقا إلهيا لهم في الحكم، وحكم الأئمة بهذا المفهوم بعض مناطق اليمن وعلى فترات متقطعة خلال القرون الماضية ، قبل ان تحرر ثورة 26 سبتمبر 1962 اليمنيين من ذلك.

[3] حسب ما تحدث شيخ قبلي في الجوف ل"باحث في مركز أبعاد" مشيراً إلى أن قبيلة المعطري انضمت مؤخراً إلى قبيلة ذو محمد.

[4] يشير باحثون في شؤون القبيلة وشيوخ قبائل إلى أن "الأشراف/الهاشميين" لا ينتمون إلى القبائل بل إلى أسر مهاجرة احتفظت بسلالتها، وهناك الكثير منهم اندمجوا في المجتمع لكن احتفظوا بالنسب فقط.

[5] Schlumberger, 1992; Looking for Yemen ‘s hidden treasure.

[6] تبلغ احتياطيات الغاز الطبيعي 16.9 تريليون قدم مكعب. يتركز الجزء الأكبر من احتياطي الغاز اليمني في حقول مأرب والجوف يمكن الاطلاع على: The Republic of Yemen Petroleum Overview  https://www.slideshare.net/DrEngMohammedDarsi/drmohammeddarsiypov

أو Madbi Amran/Qishn Total Petroleum System of the Ma Rib-Al Jawf/Shabwah, and Masila-Jeza Basins, Yemen https://pubs.usgs.gov/bul/b2202-g/b2202-g.pdf

[7] بعض الباحثين يشيون إلى أن: "المذهب الشافعي يمثل نسبة 55% فيما يمثل المذهب الزيدي 42% وتتوزع بقية النسب ال 3% على باقي المذاهب الأخرى كالمالكية والاسماعيلية على مستوى اليمن. وهذه النسب تراعي المناطقية أكثر من المذهبية كون مناطق شمال الشمال مكتظة بالسكان ، لكن منذ ثورة 26 سبتمبر 1962 ودخول التعليم وبعد اتاحة التعددية السياسية في 1990 تغير المشهد كثيرا وأصبح أغلب سكان اليمن لا يعرفون عن المذهب شيئا، بل انخرطوا في الأحزاب السياسية التي حولت الصراع والتنافس على الحكم من مذهبي إلى سياسي حتى ظهرت جماعة الحوثي المسلحة التي حاولت الاستفادة من اعادة الصراعات المذهبية والمناطقية .

[8] فلكور يمني موجود منذ قرون، وهو شعر يردّده اليمني دون قيود القافية والوزن، كأهازيج أو انشاد، وله ألحان معروفة، واستطاع أن يوحّد قبائل اليمن حوله لقرون عدّة، وهو نداء للحرب أو للسلم، أو للترحيب بضيوف القبيلة. ويطلق عليه شعراء يمنيون بينهم عبدالله البردوني: "فن الشعر الزواملي" باعتباره أحد أنواع الأدب الشعبي اليمني.

[9] تصريحات قادة حوثيين تؤكد ذلك ، وإلغاء العُطل الرسمية التي تحتفي بثورة 26 سبتمبر ضد الإمامة واعلان قيام الجمهورية في مناطق سيطرتهم.

[11] المطارح القبيلة تجمع كبير لرجال القبائل استعداداً للقتال والمواجهة والتشاور.

[12] يمكن الاطلاع في الأعلى على مناطق وجودها

[13] في يناير 2017م  قتل عبدالرؤوف الذهب بانزال لطائرات أمريكية في منطقة "يكلا"، وهو يؤسس كيان للجيش اليمني في تلك المنطقة، وزعم الأمريكيون أن الانزال كان لقتل "قاسم الريمي" زعيم التنظيم. وظهر شيوخ أخرين من عائلة غير الذهب مثل "أبو وافي محمد الصريمة" لقيادة القبيلة لكنه قًتل لاحقاً بتفجير انتحاري تبناه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

[14] تملك قبيلة آل عواض "إرثاً" في دعم الجمهورية اليمنية بعد 1962 وكانت وزعيمها الشيخ احمد عبدربه العواضي في ثورات دائمة ضد حكم الأئمة، وكان له دور بارز في فك الحصار الذي ضرب طيلة سبعين يوما ًعلى العاصمة صنعاء.

[15] شيخ قبلي في المنطقة تحدث لباحث أبعاد عقب أيام من هزيمة "ياسر العواضي" ومغادرته مناطق القبيلة.

[16] الحوثيون يحضرون لاستبدال زعماء قبائل “طوق صنعاء” https://www.yemenmonitor.com/Details/ArtMID/908/ArticleID/18669

[17]رسام: القبائل ستبدأ تنفيذ العزل الاجتماعي على الخونة والعملاء (مارس/آذار2016) http://althawrah.ye/archives/383067

[18] قائد الثورة: وثيقة الشرف القبلية تهدف إلى تحصين الجبهة الداخلية (مارس/آذار 2019) http://www.cfca-ye.com/news_details.php?sid=2340

[19] تدشين الإجراءات التنفيذية لوثيقة الشرف القبلية نشر على الموققع الرسمي للحوثيين https://www.ansarollah.com/archives/227285

[20] مقابلة ضيف الله رسام في مارس/آذار2020 مع تلفزيون اللحظة التابع للحوثيين تم الاطلاع عليه في (17سبتمبر/أيلول2020) https://www.youtube.com/watch?v=Is6kbTVKkxA&ab_channel=%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%AD%D8%B8%D8%A9%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9ALLAHTHAH

[21] منفذ "عفار" هو نقطة دخول مناطق الحوثيين من جهة المحافظات الشرقية والجنوبية استحدثه الحوثيون كنقطة جبايات جديدة للجماعة حيث تفرض الضرائب والجمارك على السلع التي تريد الوصول إلى مناطقهم.

[22] مسؤول محلي في المحافظة تحدث لـ"أبعاد".

[23] As Yemen Crumbles, One Town Is an Island of Relative Calm By /Ben Hubbard /Nov. 9, 2017
https://www.nytimes.com/2017/11/09/world/middleeast/yemen-marib-war-ice-cream.html?smid=tw-share

[24] سبق أن حاول الحوثيون الوصول إلى مدينة مأرب عدة مرات من جهة مديرية صرواح حيث يحتفظون بتواجد غربها إلا أن عملياتهم تلك فشلت، وتعتقد الجماعة أنها تملك بعض الحظ مع سيطرتهم على مدينة الحزم بالجوف، ومديرية قانية بمحافظة البيضاء.

[25] شيخ عزلة في مديرية ماهلية تحدث لباحث في مركز أبعاد يوم الأول من أكتوبر/تشرين الأول2020م.

[26] تحدث مسؤول عسكري في مأرب لباحث في مركز أبعاد وخص بالذكر قبائل في الجوف، والجدعان ومدغل في مأرب وفي محافظة البيضاء.

[27] مسؤول عسكري في البيضاء على داريه بالتفاصيل تحدث لباحث في مركز أبعاد الأول من أكتوبر/تشرين الأول2020م.

[28] https://www.almashhad-alyemeni.com/14602

[29] إعلان إقليم “سبأ” واختيار اللواء “العرادة” رئيساً له https://shabwaah-press.info/news/37984

[32] الأجهزة الأمنية اليمنية تقدم تفاصيل خلية تابعة للحوثيين في مأرب
https://www.yemenmonitor.com/Details/ArtMID/908/ArticleID/39062

[33] مشايخ وحكماء اليمن يناقشون المستجدات الطارئة على الصعيدين المحلي والدولي https://www.almasirah.net/post/162495

[34] قوات الامن في مأرب تفرض سيطرتها على منين الأشراف وعشرات الاسرى في قبضتها .. تفاصيل ..عاجل https://marebpress.net/news_details.php?sid=152912

[35] قبائل رداع تفشل تمدد المسلحين في المدينة وتتصدى لمحاولات سيطرتهم على منشآت ومرافق حكومية https://marebpress.net/news_details.php?sid=39798&lng=arabic

[36] اليمن: الحكومة تؤكِّد مقتل القيادي البارز في تنظيم القاعدة طارق الذهب https://www.bbc.com/arabic/middleeast/2012/02/120216_yemen_dhahab_deaths

[40][40] مجاهد السلالي صحافي وأحد أبناء قبائل قيفة ومطلع على تحركات الجماعات المسلحة في رداع. https://alasimahonline.com/local/11230#.X2lIRWjXLIU

[41] قبائل مراد تصدر بيان هام وتهدد بسحب ابنائها من جبهات القتيال.. (نص البيان) https://adennews.net/story/104262

[42] تصريح شيخ قبلي لباحث في مجموعة الأزمات الدولية زار محافظة مأرب ومنطقة الجوبة وألتقى الشيخ هناك https://www.crisisgroup.org/ar/middle-east-north-africa/gulf-and-arabian-peninsula/yemen/behind-front-lines-yemens-marib

[43] تحدث ل"باحث في مركز أبعاد" بمحافظة مأرب في مايو/أيار 2019م. اشترط عدم ذكر هويته خشية الانتقام.

[44] تحدث ثلاثة من زعماء القبائل لـ"باحث في مركز أبعاد" في 19يوليو/تموز2020 وهم يتجهزون لقِتال الحوثيين جنوب وغربي البلاد.

[45]  يفترض هذا المشروع يضخ أربعة مليار دولار سنويا في خزينة الحكومة لكن توقف مع اندلاع الحرب في 2015

[46] ناقة نفط اسمها (SYRA )  تعرضت لأضرار طفيفة بعد انفجار لغم بحري فيها وعلى متنها 600 ألف برميل من النفط الخام حسب بعض المصادر الصحفية كانت متجهة للأسواق الأسيوية.

[47]  حديث أحد القيادات المحلية في شبوة لباحث مركز أبعاد

[48] معركة مأرب: نقطة تحوّل في الحرب اليمنية – مقال نشره مركز كارنيجي

https://carnegie-mec.org/diwan/81654

[49] القوات المشتركة يقودها طارق صالح نجل شقيق الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الذي بدّل تحالفه من الحوثيين إلى التحالف العربي الذي تقوده السعودية بعد أن قتل الحوثيون عمه في ديسمبر/كانون الأول 2017م. ولا تخضع هذه القوات لهيئة الأركان اليمنية. وتضم عدة فصائل: حراس الجمهورية، قوات العمالقة، ألوية المقاومة التهامية، وتتلقى دعماً مباشراً من الإمارات.

[50] Yemeni officials say clashes continue in Hodeida, 52 killed https://apnews.com/article/yemen-sanaa-55b030b3bfc753aeb8dbda54215cedac

And: UN envoy condemns deadly clashes in Yemen’s key port city https://apnews.com/article/middle-east-yemen-united-nations-25416be66b833e6802414169ebcb4d54

[56] وحدة الرصد في مركز أبعاد للدراسات والبحوث.

[57] صنعاء تقدم مبادرة ل"غريفيث" حول مأرب في تسع نقاط https://www.alayyam.info/news/8CG3LDHW-BGUO31-E4CE

[58] لم تنشر المبادرة في وسائل إعلام الجماعة وتم الحصول على بعض بنودها عبر مصادر مطلعة في صنعاء ولم يتم التحقق من مصدر مستقل أو في الأمم المتحدة من حقيقتها.

[59] تحدث مسؤول محلي ل"باحث في مركز أبعاد" يوم 23 سبتمبر/أيلول2020 بعد أن عُرض عليه النقاط المذكورة أعلاه، وقال إن طرحها من قِبل الحوثيين إهانة ل"مأرب والقبائل"، كما هي إهانة للحكومة الشرعية، وإمعان الحوثيين في نهج خاسر مع تأكيد فشله خلال ثلاثة أشهر من الهجوم على المحافظة.

[60] مصدر امني تحدث لباحث أبعاد سبتمبر 2020

نشر :