ملخص
توحش الإرهاب في اليمن.. الحركة الحوثية – بذور الفناء(2) هو الجزء الثاني من إصدار مركز أبعاد للدراسات الذي يرصد جماعات العنف والسلاح في اليمن ويركز على الحركة الحوثية التي صعدت فجأة في 2004 ووصلت بقوة السلاح إلى السلطة خلال عقد من الزمن فقط، بعد أن تناول الجزء الأول تنظيم القاعدة وداعش والحرب الهشة على الارهاب.
تستند الحوثية على قوة مزدوجة تجمع إرث تاريخي للنظام الامامي الموازي للجمهورية الذي يعرف بـ"الهاشمية السِّياسية"، مع ثورية الحركة التي تستمد عقائدها ومنهجها من الفكر الشيعي الايراني ويشرف على تدريبها وتسليحها الحرس الثوري.
وينقسم هذا الملف إلى شقين، الأول عبارة عن دراسة سياسية وعسكرية لجماعة الحوثي وقدراتها على التكيف في ظِل الأوضاع الراهنة وعوامل صمودها وقدرتها على الحشد والتنسيق والعمل العسكري وارتباطات الحركة إقليميا وتأثيراتها في السياستين الإقليميَّة والدولية، وتُقدِّم هذه الدراسة مسارات العنف لدى الجماعة المسلحة وكلفة الانقلاب الذي قامت به ضد الدولة اليمنية وتحالفاتها الداخلية والخارجية، فيما يركز الشق الثاني على الجوانب الفكرية العقائدية والمنهجية الطائفية والمذهبية التي كانت كوسيلة للسيطرة والحكم في ظل تقاطع مشاريع متعددة بين جماعة تحلم باستعادة الامامة الحاكمة لليمن قبل 1962تحت ما يعرف بالهاشمية السّياسية وحركة ثورية مسلحة مدعومة من إيران وتعمل على انشاء نطاق جغرافي مهدد دائم للجوار الخليجي .
يتحدث الفصل الأول ( كلفة الانقلاب.. الانتقام المؤجل) عن الثمن الذي دفعه اليمنيين بسبب انقلاب الميلشيات والدماء التي تنزف بشكل يومي، وقد رصدت الدراسة الضحايا المدنيين الذين قتلوا برصاص الحوثي في 2017 وعقد مقارنة مع ضحايا 2016 ، ليصل إلى عدد تقريبي لمجموع القتلى المدنيين الذين قتلوا منذ الانقلاب في 21 سبتمبر 2014 وحتى نهاية 2017م بحوالي 14350 مدنيا والجرحى حوالي 36502 مدنيا.
وتوصلت الدراسة إلى أن الدماء استهدفت النسيج المجتمعي من المتوقع أن تولد الثارات والانتقام، وتطرقت إلى سيناريوهين إما هزيمة الحركة الحوثية كنتيجة لحصول تحالف مجتمعي ضدها أو استمرار الفوضى والدماء مع بقاء الحركة مسيطرة على مناطق في الشمال تصنع منها دويلة تمتد من جنوب العاصمة صنعاء إلى صعدة على الحدود اليمنية السعودية.
الفصل الثاني الذي تناولت فيه الدراسة مسارات الحركة الحوثية من الناحية الاجتماعية والعقائدية والشعبوية والعسكرية تحت عنوان (مسارات الحركة الحوثية.. بذور الفناء) تجادل بأن نشوء الجماعة بفكرها ومساراتها الدموية التي استهدفت اليمن وتكويناته الاجتماعية والسياسية، وانتهاكاتها الفجّة وتبنيها للفكرة الإمامية واستغلالها للثورة الشبابية الشعبية وفشل عملية تمدينها سيوصلها إلى نهايتها الحتمية.
وتذهب الورقة إلى أن دخول إيران كلاعب استراتيجي في اليمن من خلال الحركة الحوثية شكل استراتيجية ذكية، تقوم على خطط لتفتيت الوضع الاجتماعي واختراقه، وإضعاف معنويات المؤسسة العسكرية والنفاذ إليها، والتوسع التدريجي على الأرض مع كل حرب، وامتلاك العتاد والجنود لتشكيل ميليشيا منظمة. وتقدم الورقة في نهايتها أربعة سيناريوهات لنهاية الحركة الحوثية .
الفصل الثالث هو عبارة عن دراسة عنونت بـ(محطات العنف.. الحوثية على طريق النهاية) وحاولت أن تسرد مراحل نشأة الحركة الحوثية وعلاقتها بإيران في بداياتها، إلى جانب ارتباط الجماعة المسلحة بالإرث العتيق لما يسمى بالهاشمية السياسية، وهو مصطلح يشير إلى اعتقاد الجماعة بأحقية الحكم في البطنين. وتذهب الورقة إلى اعتماد الجماعة للعنف في مواجهة الدولة وبداية التمرد، وكيف كانت تلك البداية وأُسس الاستناد عليها.
كما تطرقت إلى الحروب الست التي خاضتها الجماعة والمسارات التي اختارتها بعد الثَّورة الشبابية الشعبية وكيف وصلت من جبال مران الوعرة إلى العاصمة صنعاء وكيفية تم اجتياحها، لترصد العلاقة بنظام علي عبدالله صالح.
وتنتقل الدراسة للحديث عن المسارات التي اختارتها جماعة الحوثي خلال العمليات العسكرية بعد (مارس/آذار2015) وحتى الآن، لترصد في نهاية الورقة سيناريوهات الجماعة وهي على طريق النهاية.
الفصل الرابع عنونت دراسته (إرهاب السلاح الإيراني.. قوة تهدد أمن الخليج) حيث تُقدِّم رصداً دقيقاً لسلاح الحوثيين، ومقدرته على استهداف الأمن القومي لشبه الجزيرة العربية، ودول الخليج التي تقف إلى جانب الحكومة المعترف بها دولياً ضمن التحالف العربي.
كما أن الدراسة تربط بين القوتين الصاروخية والبحرية للجماعة المسلحة وبين نوعية السلاح الإيراني وتقدم مقاربة لتلك الأسلحة من خلال الشكل، المدى، الهدف، طريقة الإطلاق، والحجم، لتتوصل إلى أن ثمة تقارب كبير بين تلك الأسلحة والقوة الصاروخية التابعة للجماعة إلى جانب القوارب المتفجرة.
وتتحدث الدراسة عن مستقبل القوة الصاروخية الحوثية وكيف وصلت إلى أيديهم، وهل يمكن حقاً أن تكون إيران تمكنت بالفعل من تهريب صواريخ بالستية؟ كما يقول خصوم الجماعة أم أنها بالفعل تطوير لصناعة محلية؟!
أما الدراسة الخامسة فتأتي بعنوان (مقتل صالح حيد روسيا ورفع الغطاء عن الحوثيين.. أمريكا تبحث عن هزيمة إيران في اليمن) وتركز على التحولات الدولية تجاه الحوثيين منذ بداية الحرب وحتى مقتل الرئيس السابق والتي ترتبط بعوامل رئيسية: زيادة الأزمة الإنسانية في البلاد، واستهداف المُدن السعودية التي وصلت إلى الرياض، وحالة السخط من إيران، ومقتل الرئيس اليمني السابق بطريقة وحشية (وفق التعبير الأمريكي).
وتركز الورقة على دراسة التحول في سياستين الأمريكيَّة والروسية، حيث شهدت السياسة الأمريكية تحولاً دراماتيكياً منذ وصول الإدارة الجديدة إلى البيت الأبيض، وكانت اليمن مسرحاً لقراءة التحول الأمريكي في الشرق الأوسط، إذ التزمت واشنطن خلال 2017 بدعم حلفاءها، وإعادة المياه لمجاريها بعد أنَّ تأثرت في عهد إدارة أوباما. وكانت لزيارة جيمس ماتيس (وزير الدفاع الأمريكي) في ابريل/نيسان2017 وتقديم الولايات المتحدة الأمريكية لأدلة تورط إيران في تسليح الحوثيين بقاعدة عسكرية خارج واشنطن (ديسمبر/كانون الأول2017) أبرز التحولات المذكورة تجاه إيران والحوثيين.
وتطرقت إلى عوامل التحول من أجل الدفع الأمريكي باتجاه تحرير محافظة الحديدة (غرب اليمن) من الحوثيين، بعد أنَّ فشلت جهود الأمم المتحدة لإقناع الجماعة بخطتها، كما أنَّ مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح كان مؤثراً فعلياً في روسيا التي أعلنت سحب بعثتها الدبلوماسية من صنعاء ونقلها إلى الرياض؛ وهو ما يعني قيودا أقل على الجهود الأمريكية الداعمة لتوجهها في اليمن.
وحسب الدراسة يريد "ترامب" من خلال اليمن تحقيق برنامجه: إيقاف الأدوات الإيرانيَّة، ومحاربة تنظيم القاعدة، والظهور بمظهر الاستقرار في الشرق الأوسط وإيقاف تدهور الوضع الإنساني المتفاقم؛ كما سيعيد ثقة الحلفاء القُدامى دول الخليج بعد أنَّ تأثرت؛ في نفس الوقت لا تكاليف كبيرة لتحقيق هذه المكاسب.
أما الشق الثاني من الملف الذي ركز على الجانب الفكري والعقائدي، فقد تطرقت دراسة الفصل السادس (الهادوية والحوثية.. الإمامة في البطنين) إلى تراث الحركة الحوثية وأكدت أنها عبارة عن إحياء لتراث الممارسات "الوحشية" التي قام بها الأئمة خلال القرون التي حكمت اليمن قبل إسقاطها في سبتمبر/ايلول1962م، وتستعرض الدراسة برؤية تاريخية وقراءة للأحداث المرتبطة بالزيدية وبمذهب الإمام زيد وخلافها مع الهادوية والهاشمية السياسية.
وتفصل الدراسة الإمامة الهادوية لليمن وارتباطها بالإرث المتبع بالإمامة من البطنين "أبناء الإمام علي بن أبي طالب"، وكيف أثر ذلك على منهجية الحركة الحوثية وتطوراتها ومساراتها.
أما دراسة الفصل السابع (الكيانات الموازية للدولة.. أوهام الإمارات المذهبية في اليمن) فتخلص إلى أن أي تسوية سياسية قادمة تضمن بقاء كيان موازي عسكري وإداري للحركة الحوثية ضمن مشروع الدولة اليمنية ستحمل بذور فشلها وتعيد حالة الاحتراب من جديد عند أي تأزم.
كما خلصت إلى أنَّ استعادة السلام الدائم في اليمن يستلزم إجبار الحركة الحوثية على الاندماج في المجتمع السياسي والتخلي عن فاشيتها الأيديولوجية ومشروع فرض التسلطية العسكرية المذهبية على المجتمع بقوة السلاح، والتحرر من أوهام بناء الإمارات المذهبية والكيانات الموازية.
وتذهب للإشارة إلى أن بقاء أي كيان مذهبي موازي للدولة في أي جزء من اليمن يحفز بناء إمارات وكيانات مذهبية أخرى في مناطق أخرى ويهدد السلام الداخلي والأمن الإقليمي والدولي. مستعرضةً في الخلفية التاريخية للصراع الزيدي السلفي في منطقة صعدة، وتوصلت إلى غياب العلاقة الجوهرية للصراع القديم بين الأئمة والوهابية بالصراع الجديد.
دراسة الفصل الثامن (الحوثية الثورية والهاشمية السياسية.. تحالف الحكم وصراع البقاء) تحاول تفكيك العلاقة التي ربطت جماعة الحوثي المسلحة في اليمن والهاشمية السياسية، من أجل الاستيلاء على الحكم بعد انتهاء النظام الإمامي الذي حكم محافظات شمالي اليمن لقرون حتى قيام النظام الجمهوري في (1962) وكيف استندت الجماعة على هذا الإرث للحصول على أنصار ولبقاء الفكرة التي تشجعها على البقاء والاستمرار في السلطة وارتباط ذلك ببدايات الجماعة واحتمالات سقوطها؛ ومن سيلقي أولاً من على ظهر السفينة من أجل البقاء.
لقراءة PDF