2018 بين اقتصاد الحرب ومطاردة الموتPDF
مقدمة:
انقلب الحوثيون على السلطة في سبتمبر/أيلول2014، وسيطروا على معظم البلاد قبل تدخل التحالف العربي بدعوة من الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي في مارس/أذار2015، بهدف استعادة الدولة. تقود السعودية والإمارات التحالف العربي، وخلال أربع سنوات طغت المصالح الخاصة للإمارات بشكل أكبر والسعودية بدرجة أقل على الهدف الرئيس وهو ما أدى إلى إطالة الحرب وتسببت بالمزيد من المشكلات التي تجعل من إنهاء الحرب أمراً صعباً، مع تزايد سقوط الضحايا المدنيين.
،، لم تعد الحرب في اليمن حربا سياسية عسكرية بين الرئيس الشرعي المعترف به دوليا وبين ميلشيات الحوثي، فقد أضحت بعد أربع سنوات حربا اقتصادية وتنافسا ماليا وعبئا إنسانيا ،، |
ولم تعد الحرب في اليمن حربا سياسية عسكرية بين الرئيس الشرعي المعترف به دوليا وبين ميلشيات الحوثي، فقد أضحت بعد أربع سنوات حربا اقتصادية وتنافسا ماليا وعبئا إنسانيا.
ففيما كان هدف التحالف العربي الذي أعلن عنه في 25 مارس 2015 استعادة الدولة اليمنية وإسقاط الانقلاب، أصبح اليمنيون يبحثون عن رواتب واغاثة ومكانا للنزوح، وكما تعبث الميلشيات التابعة للتحالف بالمناطق المحررة تقوم "ميليشيات الحوثي" بتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى إقطاعية/ إقطاعيات، خاصة بالجماعة وقياداتها.
لم يعد من نشاط اقتصادي في اليمن، سوى اقتصاد الحرب ولم يعد هناك مشروع دولة بل مشاريع صغيرة تتحارب، كما أن موقع اليمن الاستراتيجي تحول إلى محنة في هذا التوقيت الصعب ما قد ينذر بتدخلات اقليمية ودولية تعقد المشهد أكثر مع طول فترة الحرب.
الاقتصاد والأزمة الإنسانية
أثَّرت الحرب في اقتصاد البلاد وضاعفت مأساة المواطنين الإنسانية، وأصبح ملايين اليمنيين تحت خط الفقر بل أصبح الكثير منهم على خط الجوع، وتسببت سياسات الحوثيين في البداية إلى هذه المأساة حيث سحبت جماعة الحوثي احتياطي البنك المركزي من العملات الصعبة (4.8مليار دولار). وأدى ذلك إلى نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن في 2016، لكن ذلك لم يكن كافياً لإيجاد حلول تضمن تسليم رواتب الموظفين، حيث رفض الحوثيون تسليم الإيرادات للبنك في عدن وبالمقابل قامت الحكومة برفض تسليم رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الحوثيين.
أولا: الوضع الاقتصادي:
ظلت البلاد بدون موازنة، وعلى الرغم من إصدار موازنة من حكومة "أحمد عبيد بن دغر" إلا أنها كانت ضئيلة وكانت فقط في مناطق سيطرة الحكومة. فيما قامت الحكومة الحالية التي يقودها معين عبدالملك بالإعلان عن موازنة جديدة بإجمالي تقديرات الموارد العامة بلغت تريليونان و159 مليار و271 مليون ريال يمني (قرابة 4 مليار دولار أمريكي)، وإجمالي النفقات بلغت ثلاثة تريليون و111 ملياراً و153 مليون ريال يمني (قرابة 5 مليار و656 مليون دولار أمريكي). (الدولار= 560ريال يمني)- وبلغ العجز المالي نحو 30%، تسعى الحكومة لتمويله من مصادر غير تضخمية عبر استخدام أدوات الدين المحلي وحشد التمويلات الخارجية، إضافة إلى وضع آليات للإنفاق[1].
لكن الاستقرار الاقتصادي لا يرتبط بالموازنة بقدر ارتباطه بالحرب والسلام. وأبرز مايحصل للاقتصاد اليمني الذي ينهار ويصعد بديلا أو موازيا له من اقتصاد الحرب هو ما يحدث الآن من تغيرات عليه خلال الأربع السنوات من جحيم الحرب:
1- اقتصاد الحوثيين: تسيطر جماعة الحوثيين المسلحة على معظم المحافظات الشمالية الغربية، وأسست الجماعة خلال الحرب مراكز اقتصاد جديدة، تظهر وضوحاً في العاصمة صنعاء، فقد وضعوا أيديهم على البنوك وشركات الاتصالات واحتكروا تجارة النفط والغاز والغذاء وعملوا نقاط جمارك داخل المدن.
- المشتقات النفطية: في يوليو/تموز2015 أعلن الحوثيون تعويم أسعار المشتقات النفطية، وأضيف خمسة ريالات على كل لتر لصالح بنا محطة كهربائية و54 ريالاً لصالح بناء ميناء نفطي، تضاف جميعها على سعر اللتر. في نهاية المطاف لم تلتزم الجماعة بما وعدت وتحولت تلك الأموال لصالح الجماعة إلى مراكز مالية جديدة. فتحت الجماعة الباب لاستيراد المشتقات النفطية من بينها شركات تابعة لقيادات جماعة الحوثي المسلحة. وتمكن الحوثيون أيضاً من تحويل سوق المشتقات النفطية إلى مصدر دخل سريع للأموال وتمويل الحرب، وتبلغ قيمة الجالون 20 لتر في صنعاء 7000 ريال مقابل 3500 ريال في محافظة مأرب على سبيل المثال. ويبيع الحوثيون أسطوانة الغاز بقيمة تصل إلى 8000 ريال في السوق السوداء أو 3500 ريال في الأحياء عبر وكلائهم، رغم أن الجماعة تشتري الأسطوانة بقيمة 1200 ريال من مدينة مأرب.
- الجبايات: تفرض جماعة الحوثي المسلحة مبالغ مالية على كل التُجار ورجال الأعمال وحتى المحلات الصغيرة جبايات شهرية أو أسبوعية أو يومية، قد تصل إلى ملايين، تحت بند "مجهود حربي".
- الضرائب والجمارك: على الرغم من الجبايات فإن الجماعة المسلحة لا تتسامح مع الضرائب أو الجمارك، فمعظم الشركات دفعت -تحت الضغط- الضرائب لسنوات قادمة في سابقة غير مألوفة. أما الجمارك فقد فرضت الجماعة نقطتين جديتين للجمارك الأولى في "ذمار" والأخرى في "عمران" إضافة إلى مداخل صنعاء، للحصول على جمارك من التجارات الداخلة إلى مناطق سيطرتهم، على الرغم من أن التُجار قد دفعوا الضريبة في مداخل البلاد الخاضعة لسيطرة الشرعية، وهو ما يزيد الكثير من الأعباء على اليمنيين إذ أن التكلفة تضاف إلى قيمة البضائع.
2- الاقتصاد الوطني:
- العملة الوطنية: انهارت العملة الوطنية بمقدار الضعف، حيث بدلاً من قيمة صرف الدولار الواحد بـ(250ريالاً) قبل الحرب أصبح مع دخول السنة الخامسة (583 ريالاً)، كان الريال قد انهار لأدنى مستوى له عندما وصل قيمة الدولار الواحد إلى قرابة 800 ريال يمني. لكن وديعة سعودية بقيمة 2 مليار دولار ساعدت في تعافي الريال. ولأجل وقف الطلب على العملة من السوق يقوم البنك المركزي بتمويل شراء المواد الغذائية والأساسية بقيمة 440ريال للدولار الواحد من أجل مواجهة التضخم لكن إجراءات عديدة تجعل "بنك عدن" بطيء للغاية.
- تصدير النفط والغاز: تعاني الحكومة اليمنية من فشلها المتكرر في تصدير النفط والغاز خارج البلاد، ومع تصدير أول شحنة العام الماضي، إلا أن الأوضاع الأمنية تدفع باتجاه وقف التصدير بضغوط من دولة الإمارات. وتُتهم الإمارات بإعاقة العمل في حقول النفط في شبوة، و تصدير النفط عبر ميناء بلحاف النفطي، وتعرقل عمل ميناء الشَحر في حضرموت.
- خسائر الاقتصاد: لا توجد إحصائيات دقيقة لحجم الخسائر الاقتصادية؛ لكن التقديرات تشير إلى أن البلاد تكبدت خسائر اقتصادية جسيمة تفوق في تقديراتها الأولية 100 مليار دولار،[2] وفي جانب الأداء الاقتصادي الكلي، تشير بعض التقديرات الاقتصادية إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي اليمني بصورة كبيرة خلال السنوات 2015–2018 حيث قُدِّرت الخسارة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بحوالي 47.1%، وبلغت خسائر الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بين عامي 2015 و2017، أي كلفة الفرصة الضائعة، قيمتها بالأسعار الثابتة لعام 2010 بنحو 34.8 مليار دولار[3].
وكبد الصراع الشركات المحلية خسائر فادحة. تظهر النتائج الأولية لمسح حديث أجراه البنك الدولي في أكتوبر تشرين الأول 2018 أن ما يقرب من 35% من الشركات اليمنية أغلقت أبوابها، فيما عانى أكثر من 51% من الشركات الناجية من تضاؤل حجمها وتراجع أعمالها. وأشار نحو 73% من الشركات التي أوقفت نشاطها إلى العقبات الأمنية والمالية باعتبارها السبب الرئيسي، مع كون القيود المالية وزيادة كلفة المدخلات والفاقد في الطلب وفقدان قاعدة المستهلكين الأسباب الرئيسية في انكماش الكثير من الشركات[4]. - خسائر البنية التحتية: نظرًا لاستمرار الحرب وبالتالي استمرار التدمير للبنى التحتية من كافة الأطراف فإن من الصعوبة بمكان التوصل إلى تقييم شامل للأضرار وبالتالي فإن ما سنذكره في هذا الجانب ما هو إلا تقديرات أولية صادرة عن بعض الجهات ذات العلاقة، ففي جانب الخسائر المادية وحتى يوليو/تموز 2018، تشير بعض التقارير الحقوقية غير الرسمية إلى تضرر البنية التحتية بشكل كبير جرَّاء الحرب؛ حيث تشير إلى تضرر 15 مطارًا، 14 ميناء، 2512 طريقًا وجسرًا، 727 خزانًا وشبكة مياه، و185 محطة ومولد كهرباء، و421 شبكة اتصالات، و882 مدرسة ومعهدًا، و318 مستشفى ومركزًا صحيًّا، و1797 منشأة حكومية، و360 محطة وقود سيارات، و265 ناقلة وقود، و316 مصنعًا، و295 مزرعة دواجن ومواشٍ، و490 موقعًا أثريًّا ومنشأة سياحية، و112 منشأة رياضية[5].
- الموظفون الحكوميون: موظفو الحكومة 31% من إجمالي العاملين في البلاد، ومعظم هؤلاء الموظفين لم يتلقوا رواتبهم منذ أكثر من عامين، ما تسبب في أزمة سيئة يعيشونها داخل البلاد نظراً لتفاقم أوضاعهم المعيشية. وفي فبراير/ شباط 2019 قالت الأمم المتحدة إنها سلمت قرابة 100 ألف من المعلمين مبلغ 50$ من أجل استمرار التعليم لكن المبلغ صغير للغاية ولا يكفي لإعاشة عائلاتهم. لذلك ذهب معظم العاملين في الحكومة إلى أعمال أخرى أو عادوا إلى القرى والبلدات النائية، أو تحولوا إلى مقاتلين -معظمهم في صفوف الحوثيين- للحصول على المال.
- عودة المغتربين: تسببت الإجراءات والقوانين السعودية الوطنية المعروفة باسم (سعودة المهن) في عودة آلاف العائلات اليمنية التي عاشت مُدة طويلة في المملكة بسبب الرسوم الكبيرة التي فرضتها السعودية. وأغلق المستثمرون اليمنيون تجاراتهم وبعضهم عاد إلى اليمن أو ذهب بتجارته إلى دولة أخرى. ما أدى إلى انخفاض الحوالات المالية إلى البلاد التي تعتمد على التحويلات كمصدر للعملة الصعبة مع توقف إنتاج النفط والغاز.
3- صراع المصالح:
- امبراطوريات الحرب: استغلت بعض الشخصيات والجماعات دعمها للشرعية والتحالف في الحصول على اموال غير مشروعة من تجارة النفط والسلاح فشكلت امبراطوريات متداخلة ترفع من شان مصالحها فقط، وتورط البعض منهم في التعامل مع الحوثيين.
- حرب الموانئ: تحاول الإمارات وضع يدها على موانئ اليمن في الجنوب وأدى ذلك إلى تجميدها وتضرر الاقتصاد اليمني. فحسب معلومات فإن الإمارات
تُقدم تسهيلات في ميناء عدن للسفن القادمة من موانئ إماراتية، وتعرقل لأسابيع وربما أشهر السفن القادمة من موانئ أخرى، وسبق أن أُتلفت بضائع في عرض البحر أو عادت سُفن بسبب القيود المفروضة، وقد قال رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية سلطان أحمد بن سليم أن المجموعة مهتمة باليمن وستبدأ الاستثمار هناك مع بدء الاستقرار[6]، وقد استطاعت المنطقة الحرة لجبل علي “جافزا”، التابعة لمجموعة موانئ دبي العالمية، تحقيق نمو في تجارتها الخارجية تصل إلى 83.1 مليار دولار في 2017، بما يعادل 29.4 مليون طن متري، وهو الرقم الأعلى منذ 2013 ( العام الذي سبق انقلاب الحوثيين في اليمن وقبل دخول الإمارات) حيث كان حجم التجارة آنذاك 19.5 مليون طن بزيادة بلغت 9.9 مليون طن متري[7].،،
محاولة الإمارات وضع يدها على الموانئ اليمنية في الجنوب بالذات مينائي عدن والمكلا وإغلاق ميناء الحديدة أدى إلى انتعاش مينائي جبل علي الاماراتي والملك عبد الله السعودي
،،
في نفس الوقت انتعشت الموانئ السعودية جراء الحرب في اليمن، في المقابل تضررت الموانئ اليمنية بشكل كبير خلال سنوات الحرب بفعل إجراءات التحالف العربي عبر آلية الأمم المتحدة للتفتيش، حيث تستمر السفن أسابيع وربما أشهر في البحر بانتظار دورها للتفتيش ما يؤدي إلى تلف بعض البضائع ودفع رجال الأعمال اليمنيين المستوردين إلى الوصول إلى ميناء "الملك عبدالله" على البحر الأحمر -على سبيل المثال لا الحصر- ونقل البضائع براً فقد أدى ذلك إلى انتعاش الميناء الناشئ فبدلاً 1.3 مليون حاوية قياسية في العام 2015، استقبل الميناء بنهاية 2018 إلى 2,301,595 حاوية قياسية، فيما يقارب من الضعف. وارتفعت السفن التي وصلت خلال الثلاث السنوات من 637 سفينة عام 2015 إلى 911 سفينة. وكان عام 2015 في المرتبة 104 عالمياً وعام 2018 في المرتبة 69 عالمياً وفقاً لتقرير اقتصادي عالمي يقيس بيانات النقل البحري وقدرات الموانئ ومستقبل تطور السفن والطرق الملاحية حول العالم[8] ، [9].
- المنحة السعودية: لا توجد المنحة السعودية في حسابات البنك المركزي في الداخل أو الخارج بل في البنك الأهلي السعودي، ويتم الصرف بموافقة السلطات السعودية وليس فقط السلطات اليمنية، هذه البيروقراطية في صناعة القرار قد يؤدي إلى تأخر بشكل كبير الاستفادة منها. كما أنه بشكل ما يعني أن السعودية وصية على البنك المركزي اليمني.
ثانيا: الوضع الإنساني
انهارت البلاد في جحيم المجاعة والأوبئة، واليمن -التي بالفعل أفقر بلدان الوطن العربي قبل الحرب- تعيش وضعاً مأساوياً ما تشير إليه أرقام الأمم المتحدة، ف83% من اليمنيين بحاجة للمساعدات الإنسانية.
- الجوع والمرض: يعاني أكثر من 20 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد من انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك ما يقرب من 10 ملايين شخص يعانون من مستويات شديدة من الجوع. يحتاج حوالي 7.4 مليون شخص إلى خدمات لعلاج سوء التغذية أو الوقاية منه، بما في ذلك 3.2 مليون شخص يحتاجون إلى علاج لسوء التغذية الحاد - مليوني طفل دون سن الخامسة وأكثر من مليون امرأة حامل ومرضعة.
يفتقر 17.8 مليون شخص إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، و 19.7 مليون شخص لا يحصلون على الرعاية الصحية الكافية.
تسبب سوء الصرف الصحي والأمراض المنقولة عن طريق المياه، بما في ذلك الكوليرا، في إصابة مئات الآلاف من الأشخاص بالمرض 2018. الملايين من اليمنيين يعانون من الجوع والمرض والضعف يتزايد عاما بعد أخر بفعل الحرب، مما يدفع عددا متزايدًا من الناس إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية[10].
لكن وصول المساعدات يمر بصعوبات كبيرة للغاية، فحسب الأرقام فإن 6.5 مليون شخص يعيشون حاليًا في 83 بلدة يمنية يصعب الوصول إليها حيث يواجه العاملون في المجال الإنساني قيود وصول متوسطة أو عالية[11]. من بين هؤلاء، يقدر المجلس النرويجي للاجئين أن 63 في المائة من السكان الذين يعيشون في هذه المناطق، أي 4.1 مليون شخص، في حاجة ماسة للمساعدة. من بين المناطق التي يصعب الوصول إليها والبالغ عددها 83 مقاطعة، يواجه 23 مقاطعة قيودًا شديدة و 60 يواجهون قيودًا متوسطة. في 46 من أصل 83 منطقة يصعب الوصول إليها، يتأثر وصول المساعدات في الأساس بالحرب، في الغالب معظمها في البيضاء والحديدة وصعدة وحجة. وتمثل هذه المناطق 51 في المائة من السكان الذين يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها[12].
هناك مشكلة أخرى متعلقة بالمساعدات الإنسانية، تتمثل في عدم وصولها إلى المستهدفين، حيث يقوم الحوثيون بتحويل تلك المساعدات إلى ثلاثة طرق: الأولى، بيعها في السوق السوداء، والثانية، تسليمها لحلفاء الجماعة وعائلات مقاتليهم، الثالثة، يقوم الحوثيون بنقلها إلى جبهات القتال لإطعام مقاتليهم[13].
- السفر والمواصلات: لا يستطيع اليمنيون السفر بحرية في البلاد، إذ أن بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة تديرها وحدات أمن تملك هوية مناطقية، ما يجعل من اليمنيين الفارين من جحيم مطاردات الحوثيين في المحافظات الشمالية يتعرضون للمعاناة في المحافظات الجنوبية وقد يتعرضون للقتل أو الطرد[14]. أو يتم معاملتهم معاملة أجانب في بلادهم[15]. أما في مناطق الحوثيين فإن الرقابة صارمة للغاية ضد المنتقلين الجدد إلى الأحياء السكنية، عبر مأموري ضبط اجتماعيين تابعين للجماعة، وعادة يتم اعتقال الأشخاص من أجل الاشتباه أو للحصول على أموال مقابل الإفراج عنهم.
التنقل من محافظة إلى أخرى أصبح أكثر صعوبة مع تدمير الجسور وغياب الاهتمام بالطرقات، ويلجأ السكان للمرور عبر خطوط فرعية عبر القرى للوصول إلى المُدن قد تأخذ ساعات طويلة، فبدلاً من السفر قبل الحرب من صنعاء إلى تعز يأخذ 5 ساعات أصبح يأخذ قرابة 16 ساعة.
ما يزال مطار صنعاء مغلقاً أمام الطيران التجاري، ويسمح فقط لطائرات الأمم المتحدة بالهبوط على أراضيه، حيث يحظر التحالف الوصول إليه منذ أغسطس/آب 2016م، ويعاني اليمنيون من تكاليف السفر الباهظة والاضطهاد في المطارات الموجودة في عدن وسيئون.
الخسائر في صفوف المدنيين:
من المؤكد أن توسيع رقعة القِتال في البلاد بمرور الوقت خلال الحرب أدى إلى زيادة في عدد الضحايا المدنيين، كما أن ذلك أعاق وصول الإغاثة إلى المناطق المحاصرة أو التي تخضع لإدارة الحوثيين. كما أن زيادة ضربات الحوثيين بطائرات دون طيار وصواريخ باليستية على الأراضي السعودية قد أدى إلى زيادة في حملة القصف الجوية للتحالف.
يرفض التحالف العربي الذي يتخذ من الرياض مقراً لعملياته الجوية ومن قاعدة عسكرية قُرب الحدود مكان للتوجيه تقديم قواعد الاشتباكات وعرض البيانات لوسائل الإعلام حول الغارات المشكوك فيها من قِبل المنظَّمات الحقوقية الدولية، وتسبب بذلك بفقدان مصداقية لجنة شكلها التحالف لبحث الغارات الخاطئة.
ورصد مركز أبعاد للدراسات والبحوث مقتل 14100 مدنيا خلال سنوات الحرب الأربع. وتشير تقديرات "أبعاد" إلى مقتل أكثر من تسعين ألفا من المدنيين والعسكريين ومسلحي الميلشيات خلال الأربع السنوات الماضية.
في 2018 رصد مركز أبعاد للدراسات (2029) حالة قتل لمدنيين على النحو التالي:
- حوادث القصف: (378) قتلى بقصف الحوثيين و (352) قتلى بغارات التحالف. أما القتلى بغارات الدرونز الأمريكية حوالي (42) وهناك (40) قتيلاً بهجمات إرهابية.
- الاغتيال أو الموت تحت التعذيب: قَتل (74) شخصاً في عمليات اغتيال وتحت التعذيب في سجون الحوثيين. وتعرض (43) شخصاً للاغتيال والقتل تحت التعذيب على يد قوات خارج الحكومة الشرعية وتمولها دولة الإمارات. و(38) شخصاً لم تحدد الجهة التي اغتالته. وقام تنظيم القاعدة باغتيال (15)، وعلى يد مسلحين قبليين قُتل (3) يمنيين، وعلى يد القوات الحكومية (2).
- القنص والرصاص الحي: قتلت جماعة الحوثي (477) شخصاً بالقنص خلال العام، فيما قُتل( 81) برصاص تشكيلات خارج الحكومة الشرعية، و(43) برصاص القوات الحكومية، وقُتل (41) شخصاً قيدت ضد مجهول، وعلى يد رجال القبائل قُتل (39) شخصاً، أما على يد تنظيم القاعدة فقُتل (36) شخصاً.
أما حالات الإصابة فقد أصيب(904) بحالات القصف، (650) منهم بقصف الحوثيين، و(195) بقصف التحالف العربي، و(56) بهجمات إرهابية. و(3) أشخاص بقصف طائرات دون طيار.
أما حالات الإصابة بالقنص والرصاص الحي فتم تسجيل (781) حالة إصابة خلال العام، منها ((575برصاص الحوثيين، و (76) برصاص ميليشيات خارج الشرعية، و(56) برصاص القوات الحكومية، و(38) برصاص مسحين قبليين، 22 برصاص مسلحين مجهولين، و(14) برصاص تنظيم القاعدة.
وتم تسجيل (330) حالة قتل و (268) حالة إصابة بالألغام الأرضية التي زرعها الحوثيون.
أما حالات الاختطاف والإخفاء والتعذيب في اليمن خلال عام 2018 على النحو التالي: اختطف الحوثيون (1970) حيث عرف مكان اختطافهم، ويوجد (402) مخفيين لدى الحوثيين ولا يعرف مكانهم. كما تم تسجيل (267) حالة تعذيب في سجون الجماعة. أما الحكومة الشرعية فقد تم تسجيل (175) حالة اعتقال و (24) حالة إخفاء في مكان مجهول، و(3) أشخاص قالوا إنهم تعرضوا للتعذيب في سجون حكومية. أما التشكيلات خارجها فقد تم تسجيل (80) حالة اختطاف، و(15) حالة إخفاء، و(4) حالات تعذيب. وتم تسجيل اختطاف (12) شخصاً في جهات مجهولة، وتحدث (5) أشخاص عن تعرضهم للتعذيب على يد جهات سعودية.
كلفة الحرب في اليمن بالأرقام
مجموع القتلى من المدنيين فقط بين عامي 2014- 2018
العام |
2014 |
2015 |
2016
|
2017 |
2018 |
المجموع |
القتلى من المدنيين فقط
|
1200[16] |
5295[17] |
2466[18] |
3110 [19] |
2029[20] |
14100 |
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للاطلاع على تقرير 2018 السياسي والعسكري والأمني
عام خامس في جحيم عاصفة الحرب.. اليمن بين التقسيم والفوضى
[1] مجلس الوزراء يقر الموازنة المالية 2019 ( وكالة الأنباء اليمنية- سبأ)
[2] التكلفة الاقتصادية لحرب اليمن وأثرها على أطراف الصراع -الجزيرة للدراسات-http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2018/08/180828103009408.html
[3] 35 بليون دولار خسائر الاقتصاد اليمني -الحياة- http://www.alhayat.com/article/4592809
[4] Yemen’s private sector teaming up to support humanitarian and recovery efforts http://blogs.worldbank.org/arabvoices/yemen-s-private-sector-teaming-support-humanitarian-and-recovery-efforts
[5] الجزيرة للدراسات مصدر سابق
[6] صحيفة الاتحاد الإماراتية 16 مارس 2018 www.alittihad.ae
[7] ميناء جبل علي مكانة عالمية https://al-ain.com/article/jebel-ali-global-uae-economy
[8] اقتصادي / ميناء الملك عبدالله ضمن أكبر 100 ميناء حاويات في العالم https://www.spa.gov.sa/1613712
[9] اقتصادي / ارتفاع الطاقة الإنتاجية لميناء الملك عبدالله 36% في عام 2018 https://www.spa.gov.sa/1876216
[10] Yemen: 2019 Humanitarian Needs Overview https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/2019_Yemen_HNO_FINAL.pdf
[11] Yemen: Humanitarian Access Severity Overview (January 2019) https://reliefweb.int/report/yemen/yemen-humanitarian-access-severity-overview-january-2019
[12] المصدر السابق
[13] AP Investigation: Food aid stolen as Yemen starves - AP News https://www.apnews.com/bcf4e7595b554029bcd372cb129c49ab
[14] قوات "الحزام الأمني" تمنع الشماليين من دخول عدن - العربي الجديد https://www.alaraby.co.uk/flashnews/5bab22a5-fbd4-4edb-a548-47e5bff7db30
[15] اخبار اليمن | صدمة كبيرة لليمنيين.. : وثيقة رسمية صادرة عن شرطة عدن ... https://yemen-now.com/news5001290.html
[16] تقديرات مركز أبعاد بحوالي 7 ألف قتيل من المدنيين والعسكريين والمسلحين
عام الحصاد المر – تقرير مركز أبعاد للدراسات 2014
[17] تقديرات مكتب الأمم المتحدة لحقوق الانسان، فيما تقديرات مركز أبعاد للقتلى من المدنيين والعسكريين والمسلحين في 2015 وصل إلى 8300
انزلاق اليمن للهاوية – تقرير مركز ابعاد للدراسات 2015
http://www.abaadstudies.org/news-59653.html
كلفة الانقلاب – الانتقام المؤجل : تقرير من إصدار أبعاد للدراسات 2017[19]
بالعربي :
http://www.abaadstudies.org/news-59750.html
انجليزي:
[20] احصائية مركز ابعاد 2018 المرفقة بهذه الدراسة