ملخص
شهدت اليمن في تاريخها المعاصر– ولا زالت، أشكالاً عديدة من الصراع، تبعاً لظروف وأسباب داخلية وخارجية، استمرت وتناسلتْ، وإن توقفت لأي سببٍ من الأسباب فإنها سرعان ما تعود، وربما أكثر عنفاً. وفي مقابل ذلك نتجت أشكالٌ عدة من التحالفات التي كانت في الغالب تجمع أكثر من طرف في مواجهة خصمٍ مشترك، لكن هذه التحالفات كانت تزول وتتلاشى سريعاً، بمجرد زوال الخطر المشترك، أو حتى قبل زواله، كما حدث في أعقاب ثورة سبتمبر/أيلول 1962، من صراعات بينية لقوى الثورة، في الوقت الذي كانت الثورة تتعرض لحربٍ ضروس تشنها قوات الملكيين (الإمامة)، وكذلك الصراع الذي احتدم جنوب اليمن عقب ثورة أكتوبر/تشرين 1963، بين أبرز قوتين مشاركتين في الثورة ضد الاستعمار البريطاني، وهما (الجبهة القومية وجبهة التحرير).
ومع أن هذه الصراعات أخذت أشكالاً مختلفة، إلا أن الجذور الرئيسية تبدو متشابهة في الغالب، وهو ما جعل اليمن تعيش معارك ومواجهات صفرية تعيد نتائجُها الأوضاع إلى ما كانت عليه، إن لم نقل أنها تعود القهقرى أعواماً كثيرة، تقضي على ما تحقق من إنجاز، وما تراكم من تجارب في التوافق الإيجابي، وإن كانت تلك التجارب ضئيلة وقليلة بالنظر إلى الآمال والغايات التي يسعى اليمنيون إلى تحقيقها منذ أكثر من ستين عاماً.