تحديات تواجه المجلس الرئاسي.. تعقيدات السلام وواقع الحرب في اليمن
مدخل
في الساعات الأولى من يوم السابع من أبريل / نيسان2022، أقال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي نائبه، الجنرال علي محسن الأحمر الذي كان في منصبه منذ عام 2016. وأصدر بعد ذلك إعلانًا رئاسيًا نقل "بشكل لا رجوع عنه" صلاحياته "كاملة" لمجلس قيادة رئاسي يتكون من ثمانية أشخاص[1]. جاءت هذه التحركات في ختام المشاورات اليمنية التي بدأت في 29 آذار / مارس2022 في الرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي وجمعت مختلف الفصائل المناهضة للحوثيين.
سبق هذ التطور إعلان الأمم المتحدة عن هدنة بين الحكومة اليمنية وحلفائها والحوثيين تستمر مدة شهرين (تنتهي في يونو/حزيران)[2]، وهي الأولى منذ عام 2016م. وحظي هذان التطوران بإشادة محلية ودولية واسعة، بما في ذلك دول الإقليم.
أنهى الإعلان فترة رئاسة هادي، التي بدأت في فبراير/شباط 2012 وكان من المفترض أن تستمر لمدة عامين من الانتقال السياسي بعد تنحي الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، عن السلطة بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية عقب الثورة الشبابية الشعبية.
تجادل هذه الورقة في أن التحديات التي تواجه المجلس الرئاسي الجديد لا تختلف عن التحديات التي واجهت الشرعية وحلفائها الاقليميين السعودية والإمارات، وأدت إلى اتفاق الرياض[3] الذي لم يكتمل تنفيذ معظم بنوده العسكرية والأمنية؛ وأي نجاح للمجلس الرئاسي في توحيد أطراف الشرعية "المتشاكسين" وتخطي هذه التحديات وكسب ثقة المجتمع اليمني سيكون عامل ضغط مباشر على الحوثيين للقبول باتفاق سلام عادل أو التوجه للخيار العسكري.
أولاً: لماذا جاء مجلس القيادة الرئاسي؟
عانت الحكومة المعترف بها دولياً، من تدهور في وضعها العسكر والسياسي في السنوات الأخيرة من الحرب بالذات بين (2019-2021) حيث تمكن الحوثيون من تحقيق تقدم في محافظات البيضاء وشبوة ومأرب خلال العامين الأخيرين بسبب حالة التفكك في المعسكر المناهض لهم. خلال سنوات الحرب أصبح معسكر الحكومة المدعوم من التحالف العربي يعاني بشكل كبير دون أمل في إصلاحه حيث: أ) استمر معظم المسؤولين وبينهم رئيس البلاد ونائبه خارج اليمن. ب) سيطرة التشكيلات شبه العسكرية على مناطق متعددة بعد تحريرها من الحوثيين، وأصبحت بعض مناطق جنوب وغرب ووسط اليمن خارج سلطة "الرئيس هادي". ج) تراجع قيمة العملة الوطنية، وانهيار الاقتصاد الوطني، وغياب الخدمات في معظم المحافظات بما فيها "مدينة عدن" العاصمة المؤقتة للبلاد.
من الناحية العسكرية تغيّر الوضع مطلع العام الجاري عندما شاركت قوات العمالقة المدعومة من الإمارات والسعودية في المعارك بمحافظة شبوة ومأرب وخلال أسابيع خسر الحوثيون مساحات شاسعة واستراتيجية من معظم المناطق التي سيطروا عليها خلال العام الماضي وتم تأمين مدينة مأرب. كانت تلك رسالة واضحة مفادها أن توحد معسكر الحكومة سيكون على حساب الحوثيين وقد يمثل عامل ضغط كبير لدفعهم نحو التفاوض وإنهاء خططهم بالتقدم نحو مدينة مأرب الاستراتيجية.
على الرغم من الدور الكبير الذي بذله الرئيس عبدربه منصور هادي في مواجهة الحوثيين، واعتبار بقائه حجر عثرة أمام مشاريع التدخل الخارجي- حسب وصف مناصرين لعهده، إلا أنه في العام الأخير أصبح مُجّهَداً للغاية، ومنع مرضه المتزايد أي تحركات له على الأرض، وأصبح أبناءه قريبين من صناعة القرار في الدولة، ومتحكمين في بعض التعيينات[4]، وهو أمرٌ حساس بالنسبة لليمنيين والمسؤولين الحكوميين الذين استنكروا سابقا بعض امتيازات عائلة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح قبل 2011م.
وخلال السنوات الماضية رغم قوة العلاقات السعودية-الإماراتية، إلا أن الأحداث في اليمن تسببت في توتيرها، وظهرت بعض الخلافات على تنفيذ اتفاق الرياض ونوعية السلطة التي بإمكانها إعادة ترتيب كل الملفات. ودائماً ما شكا السعوديون من عدم تنسيق "الرئيس هادي" معهم في بعض القرارات الحساسة، بالذات تلك التي استفزت حليفتهم الإمارات. في وقت كانت أبوظبي تخشى تلاشي نفوذها قرب مضيق باب المندب، حيث امتلك "الرئيس السابق " نهجاً تصادميا تجاه النفوذ الإماراتي. يعود في جزء منه إلى حساسية "الرئيس هادي" من الفاعلين المحليين الذين تعتمد عليهم أبوظبي في نفوذها، وتأتي هذه الحساسية كجزء من تداعيات الحرب الأهلية عام 1986م. ولم تكن الحساسية -بشكل كامل- من الوجود السعودي أو الإماراتي و حتى من النفوذ العُماني المتعاظم في المحافظات الشرقية، كما يعتقد البعض، بل من إعطاء خصومه المناطقيين دورا ميدانيا على حساب سلطته، بالذات في العاصمة المؤقتة عدن التي حاول أن يؤمنها كمركز لحكمه.
ثانياً: تحديات المجلس الرئاسي
بالنظر إلى أسماء أعضاء مجلس القيادة الرئاسي فإنها تمثل إرضاءً لجميع الأطراف في الداخل والخارج، لكنه في الوقت ذاته يحمل خطورة إذا ما تجاهل المجلس وداعموه العوامل المساعدة التي تسهل عمله. إذ أن هذا الخليط قد يتحول إلى احتكاك وخلافات في أفضل الأحوال، وربما قد يصل إلى قِتال دامي. ولليمن (شمالاً وجنوباً) تاريخ سيء مع المجالس الرئاسية إذ أن معظمها تنتهي بصراعات وحروب، حيث كانت إما تعمل من أجل رجل واحد يملك القوة العسكرية ويمارس مهام الجميع، أو تهدف لتحضير انقلاب يبدأ باغتيال أو عزل رئيس المجلس.
ويقدم (الجدول 1) أعضاء المجلس، ومناصبهم
رشاد العليمي (رئيس مجلس القيادة الرئاسي) |
مستشار الرئيس السابق وكان وزيرا اللداخلية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ينتمي لمحافظة تعز (جنوب غربي البلاد)، يعتبر أحد أهم قياديي المؤتمر الشعبي العام، وشخصية متفق عليها من الجميع. لا يملك قوة تحت إمرته، كما أنه أكاديمي بارز في علم الاجتماع. أدار ملف مكافحة الإرهاب في اليمن عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001م. |
سلطان العرادة (عضو) |
محافظ مأرب، رجل قَبلي بارز في محافظته والبيضاء والجوف المجاورتين[5]. وهو جنرال في الجيش اليمني وقائد في المقاومة الشعبية ضد الحوثيين، محسوب على المؤتمر الشعبي العام ومدعوم من التجمع اليمني للاصلاح. يمتاز بعلاقة قبلية كبيرة واحترام وتقدير معظم السكان بالذات في محافظات الشرق . |
عيدروس الزبيدي (عضو) |
رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي (تأسس في 2017) ، ويطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله والعودة إلى حدود ما قبل 1990م. هو واجهة سياسية لقوة عسكرية دربتها وسلحتها ومولتها أبوظبي عددها أكثر من 90 ألف مقاتل. وسيطر في 2019م على مدينة عدن ومحافظات أخرى مجاورة[6]. يعد من اهم القيادات العسكرية البراجماتية ، فهو تنقل في تحالفاته بين السعودية وإيران والإمارات في سبيل تحقيق "استعادة دولة الجنوب"، كما يقول. |
طارق صالح (عضو) |
هو ابن شقيق الرئيس الراحل علي عبدالله صالح وقائد القوات الخاصة. كان متحالفًا مع الحوثيين حتى قتل عمه في ديسمبر/كانون الأول 2017، فتحول إلى خصم مقاتل لهم بدعم من التحالف. وهو قائد قوة دربتها ومولتها وسلحتها الإمارات يصل عدد أفرادها إلى 25 ألف مقاتل ويطلق عليها القوات المشتركة، وتضم قوة المقاومة الوطنية والتي أعلنت تأسيس مكتب سياسي لها في 2021 ويقودها "طارق" بنفسه، وألوية المقاومة التهامية، وألوية من العمالقة. وهو عضو في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان يقوده عمه "علي عبدالله صالح". |
فرج البحسني (عضو) |
هو محافظ حضرموت الغنية بالنفط، كما أنه جنرال في الجيش وقائد المنطقة العسكرية الثانية التي تتخذ من "المكلا" مقراً لها. كان أحد القادة العسكريين الجنوبيين الذين غادروا البلاد بعد حرب صيف 1994م والتي انتهت بهزيمة الطرف الذي أعلن الانفصال. وظل يعمل في الرياض، حتى طلبته قيادة الدولة للعودة بعد انقلاب الحوثيين. |
عبد الرحمن المحرمي (أبو زرعة) ا(عضو) |
هو شخصية سلفية، وقائد ألوية العمالقة (25 ألف مقاتل) ومسلحة تسليحاً جيداً، مدعوم من السعودية والإمارات، وقواته كان لها دور بارز في توازنات الحرب[7]. |
عبد الله العليمي (عضو) |
كان مديراً لمكتب الرئاسة في عهد الرئيس عبدربه منصور هادي، وهو عضو في حزب التجمع اليمني للإصلاح وشارك في الثورة الشبابية الشعبية التي أسقطت نظام علي عبدالله صالح 2011. ولا يملك قوة عسكرية أو شبه عسكرية تحت سلطته المباشرة. وينتمي لمحافظة شبوة، القوية والغنية بالنفط. |
عثمان مجلي (عضو) |
هو عضو في مجلس النواب (البرلمان) اليمني، وهو شيخ قبلي بارز في محافظة صعدة والمحافظات المجاورة لها، وواحد من شيوخ القبائل المعارضين لجماعة الحوثي المسلحة، وهو مقرب من المملكة العربية السعودية. لا يملك قوة عسكرية تابعة له شخصيا ، باستثناء وجود بضعة كتائب في الجيش من قبائل صعدة الموالية له ، وهو عضو في حزب المؤتمر الشعبي العام. |
يُقدم "الإعلان الرئاسي"، مهام مجلس القيادة الرئاسي التي تشمل: إدارة الشؤون السياسية والعسكرية والأمنية في اليمن؛ كما جاء فيه إن المجلس "مسؤول عن التفاوض مع أنصار الله (الحوثيين) من أجل وقف دائم لإطلاق النار ... والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن مرحلة انتقالية تنقل الدولة اليمنية من الحرب إلى حالة سلام ". وعيّن الإعلان الرئاسي: لجنة التشاور والمصالحة قوامها 50 شخصًا، وفريقًا قانونيًا، وفريقًا اقتصاديًا لدعم المجلس الرئاسي[8]، ويفترض به تشكيل لجنة أمنية وعسكرية. بهذه الطريقة يُقدم الإعلان الرئاسي التحديات التي تواجه مجلس القيادة الرئاسي وهي تحديات -في معظمها- انتجتها الحرب المستمرة منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء(2014)، والذي أدى إلى تدخل التحالف العربي الذي تقوده السعودية (2015).
يستمد "مجلس القيادة الرئاسي" شرعيته من قرار الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، فلم يُنتخب من اليمنيين بعكس هادي الذي كان مرشحاً توافقياً في 2012 - حتى مشاورات الرياض[9] التي يُعتقد أن مجلس القيادة الرئاسي جاء على ضوءها علم أعضاءه بإعلان المجلس من التلفاز[10]. مع ذلك مَنحَ تشكيل المجلس الرئاسي أملاً كبيراً لليمنيين حتى أولئك الذين في مناطق سيطرة الحوثيين، واعتبروه تحريكاً للجمود المستمر منذ بداية الحرب. لأجل ذلك فإن المجلس الرئاسي[11] أمام مهمة "استعادة ثقة اليمنيين" بسلطة الدولة بعد سنوات من تعرضهم للخذلان.
يمثل أعضاء "المجلس الرئاسي" فسيفساء الجغرافيا والسياسة اليمنية، ما يمنحه قبولاً من الأطراف والمجتمع، وفيما يبدو أنه وزع الأعضاء على الأقاليم الستة -وفق مخرجات الحوار الوطني2013-2014- إلا أنه تجاهل عضواً يمثل منطقة تهامة والتي تضم محافظات: الحديدة، والمحويت، وريمة، وحجة وهي محافظات يمثل عدد سكانها ما يقارب 25% من سكان البلاد. وهو تجاهل جديد بعد تجاهل آخر في الحكومة اليمنية -المشكلة بموجب اتفاق الرياض- وهي المرة الأولى منذ ثلاثين عاماً تخلوا حكومة من شخصية تمثل -منطقة تهامة بشكل عام- بالذات محافظة الحديدة وهي منطقة مهمة ومؤثرة في البلاد. على الرغم من أن تشكيل المجلس الرئاسي وقبله الحكومة أخذ بالاعتبار الجغرافيا السياسية للبلاد.
تمنح الظروف الحالية التي تعيشها الحرب مهمة صعبة للمجلس الرئاسي وتفرض عليه تحديات كبيرة لتحقيق مهمته في الانتقال إلى مرحلة جديدة، نشير إلى أبرزها:
التحدي الأول: بقاء المجلس الرئاسي موحداً
يتكون المجلس الرئاسي من ثمانية أشخاص، بأهداف ونوايا سياسية وولاءات مختلفة، وأيديولوجيات متباينة، وخصومات سابقة، يجب أن يعملوا وفق هذا الخليط من التناقض في فريق واحد ويختاروا قرارات حاسمة في معظم القضايا الخلافية. ويملك بعض الأعضاء قوة مسلحة قادرة على دفع الاختلاف السياسي إلى مواجهات.
كما أن الحكومة الحالية التي يقودها "معين عبدالملك" تملك ذات التباين، والتي جاءت بموجب اتفاق الرياض، وخلال عام من بدء عملها لم تتمكن من تحقيق تقدم في الملفات الأمنية والعسكرية والخدمية، وعادة ما كان الصراع السياسي والأهداف المتباينة والتنافسية بداخلها سبباً في الفشل. يشار إلى أن التنافس البيروقراطي في حكومة الوفاق الوطني[12] التي قادها محمد سالم باسندوة (2012-2014) سبباً رئيسياً في فشلها، وسبباً ثانوياً في تقدم الحوثيين نحو العاصمة صنعاء حتى اجتياحها في سبتمبر/أيلول2014م.
حاول الإعلان الرئاسي معالجة احتمال عدم التوافق داخل المجلس الرئاسي، عبر ثلاثة أمور رئيسية: الأول، آلية لاتخاذ القرار، والثاني، هيئة التشاور والمصالحة. والثالث، فريق استشاري قانوني.
أ) آلية التوافق على القرارات: قدم الإعلان الرئاسي آلية اتخاذ القرار داخل المجلس الرئاسي، إذ يعتبر كل عضو في المجلس الرئاسي بدرجة نائب للرئيس[13]؛ بمعنى أن كل عضو يكون بصوت واحد: وتتخذ القرارات عند التصويت عليها بالأغلبية البسيطة، وعند تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي صوت له رئيس المجلس الرئاسي[14]. والأغلبية البسيطة في العرف القانوني اليمني هي النصف+1-كما في مجلس النواب-. في حال تعذر وجود الأغلبية البسيطة يتم إحالة الموضوع إلى اجتماع مشترك مع رئاسة هيئة التشاور والمصالحة[15]. وكما يبدو أن ذلك يتم عند امتناع الرئيس أو عدد من الأعضاء عن التصويت. وتتخذ القرارات في الاجتماع المشترك للمجلس الرئاسي ورئاسة هيئة التشاور والمصالحة بالأغلبية البسيطة للحاضرين، وعند تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي صوت له رئيس المجلس الرئاسي[16]. وإذا تعذر وجود الأغلبية البسيطة يحسم "رئيس المجلس الرئاسي القرار".
ب) هيئة التشاور والمصالحة: هي هيئة مكونة من 50 شخصاً ينتمون إلى مختلف المكونات، هدفها "توحيد رؤى وأهداف القوى والمكونات الوطنية المختلفة، بما يساهم في استعادة مؤسسات الدولة" لدعم المجلس الرئاسي[17]. وقدم الإعلان الرئاسي أسماء الـ50 شخصاً[18]، يشارك رئاسة هيئة التشاور والمصالحة وعددهم خمسة في اتخاذ قرار المجلس الرئاسي -كما أشرنا سابقاً.
ويفترض أن يتم انتخاب رئاسة هيئة التشاور والمصالحة في الجلسة الأولى برئاسة المجلس الرئاسي[19]، لكن أشار بيان الاجتماع الأول إلى "توافق" على اختيار الرئاسة وهم: - محمد الغيثي رئيساً (من مواليد1989م، ورئيس العلاقات الخارجية بالمجلس الانتقالي)، والأعضاء: عبدالملك المخلافي (وزير خارجية سابق)، وصخر الوجيه (وزير مالية أسبق، وبرلماني)، وجميلة على رجاء (مستشارة سابقة في عديد من الوزارات بما في ذلك الخارجية وميسر في الحوار الوطني2013-2014)، وأكرم العامري (الامين العام المساعد لمؤتمر حضرموت الجامع)[20]. والحديث عن توافق يعني أنه لم تقم انتخابات لرئاسة الهيئة من قِبل أعضاءها، بل توافق بين المكونات -ربما في المجلس الرئاسي- على هذه الشخصيات. وتغيّب "صخر الوجيه" عن أول اجتماعات هيئة الرئاسة الذي تم بعد ذلك بيومين[21]، لكنه حضر في الاجتماع الأخير مع رئيس المجلس الرئاسي[22].
وعادة ما يميل اليمنيون في وضع هيئات التشاور وتقريب المكونات إلى شخصيات أكبر في سن ذات تجارب سابقة. يشير "الإعلان الرئاسي" إلى الأكبر سناً، وهو بأن يتسلم رئاسة المجلس الرئاسي الأكبر سناً في حال وفاة رئيس المجلس أو تقديم استقالته[23]، لكن هذه المرة الأمر مختلف، فقد تم تعيين أصغرهم سنا رئيسا للجنة التشاور والمصالحة، وهناك مخاوف قانونية من ان التعيين دون انتخاب أو توافق مخالفة لـ"الإعلان الرئاسي" الذي منحه شرعية الوجود.
كما يمنح "الإعلان الرئاسي" رئيس المجلس الرئاسي حق تعيين من يراه ضمن هيئة التشاور والمصالحة بعدد يصل إلى خمسين شخصاً[24]. وهو ما يمنحه القدرة على التأثير في القرار بطريقة غير مباشرة، رغم أن الإعلان أعطاه حق حسم القرارات.
ج) القواعد المنظمة: هي القواعد المنظمة لأعمال المجلس الرئاسي وهيئة التشاور والمصالحة والفريقان القانوني والاقتصادي. يقوم بصياغة مسودة هذه القواعد فريق قانوني من رئيس وتسعة أعضاء، يرأسهم الخبير القانوني "إسماعيل أحمد الوزير"[25]-الذي على ما يبدو هو الشخصية التي صاغت الإعلان الرئاسي[26]-. كما أن هذا الفريق سيقدم استشارات تشريعية ودستورية بطلب من رئيس المجلس الرئاسي، عقب تقديمه مسودة القواعد لرئيس المجلس خلال 45 يوماً من الإعلان الرئاسي (انتهت في 22 مايو/أيار2022)، ويفترض أن يوافق عليها رئيس المجلس الرئاسي خلال 15 يوماً[27] (تنتهي في 06يونيو/حزيران2022).
التحدي الثاني: البقاء في عدن وتوحيد القوات
كما أشرنا سابقاً أن استعادة ثقة اليمنيين بالدولة، يفرض على "المجلس الرئاسي" البقاء في العاصمة المؤقتة عدن، وتجنب العودة إلى الخارج. وعودة المؤسسات الأخرى مثل مجلس النواب إلى داخل البلاد باعتبار البرلمان منتخباً من اليمنيين[28]. وعاد المجلس الرئاسي والحكومة والبرلمان إلى عدن، وقام رئيس وأعضاء المجلس بأداء اليمين الدستورية أمام البرلمان الذي عقد جلسته الأولى للمرة الأولى منذ 2015 في مدينة عدن؛ بعد أن استمر المجلس الانتقالي الجنوبي يرفض رفضاً قاطعاً انعقاد البرلمان في مدينة عدن، ما جعله يعقد جلسة سابقة في سيؤون حضرموت أبريل/ نيسان 2019.
والبقاء في عدن -أي لرئاسة وأعضاء المجلس الرئاسي والبرلمان والمؤسسات الأخرى- ليس خياراً من ضمن خيارات متعددة ومتاحة، بل طريقاً إجبارياً لتأكيد تطبيع الأوضاع وإنهاء الانقسام مع تمثيل جميع الأطراف في المجلس الرئاسي. وهو ما فطن له رئيس المجلس الانتقالي الذي اصبح عضوا في المجلس الرئاسي "عيدروس الزُبيدي" ووافق على انعقاد البرلمان في عدن وليس مكانا آخر "لتأكيد واحدية المجلس الرئاسي"[29].
لكن من دون السيطرة على الشؤون الأمنية والعسكرية في عدن، سيكون المجلس الرئاسي والحكومة مُعرّضين إما للطرد -كما حدث في 2019- أو الاستهداف من قِبل الحوثيين أو الجماعات الإرهابية الأخرى، وسيكون ذلك سبباً رئيسياً في انهيار المجلس الرئاسي وقد يؤدي ذلك به إلى الانقسام ونقل مقره إلى محافظة أخرى أو العودة للخارج.
هناك خطاب يتم تقديمه من أعضاء وقيادات في المجلس الانتقالي يقول إن " رئيس المجلس الرئاسي تحت حماية الانتقالي في عدن"، وبالتالي يظهر الأمر وكأن المجلس الرئاسي أضفى شرعية على المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات أخرى خارج إار الدولة مثل قوات طارق صالح والعمالقة فقط، ولكن الهدف الحقيقي لتشكيل المجلس الرئاسي هو توحيد الملف الأمني والعسكري، الذي أشار له من قبل "اتفاق الرياض" الذي يعتبر الممهد للوصول إلى "المجلس الرئاسي" كحل لاستكمال تنفيذه.
هجوم الحوثيين باتجاه شبوة نهاية العام الماضي، وتهديد مدينة مأرب، وهجمات الحوثيين على عدن وعلى المنشآت الحيوية في السعودية والإمارات في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط2022م، كلها تؤكد على ضرورة بقاء المجلس الرئاسي ومؤسسات الدولة الأخرى في مدينة عدن. ولن يتحقق ذلك إلا بسلطة الدولة على كل الأجهزة الأمنية في عدن، وإعادة هيكلة الوحدات العسكرية والأمنية - لتحقيق الاستقرار والتنمية.
كما أنه ودون تقديم مدينة عدن كنموذج للاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي والتنموي، فإن وجود "المجلس الرئاسي" لن يحدث تغييراً عن عهد الرئيس السابق، ولن يحصل على الدعم الشعبي الذي نتمناه، وستتضاءل الآمال باستعادة ثقة اليمنيين بمؤسسات الدولة إذ ستنعدم معها المحفزات للاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي في كل المحافظات.
التحدي الثالث: الإيرادات والعملة الوطنية
يحتاج المجلس الرئاسي إلى تحقيق نقلة نوعية في اقتصاد البلاد المنهار في مناطق سيطرته الرئيسية، ويفترض أن يكون هذا الأمر عاجلاً في محورين رئيسيين: احتكار تحصيل الإيرادات. وتنشيط مصادر الإيرادات المجمدة.
ذلك سيمنح الحكومة المعترف بها دولياً، سيولة نقدية كبيرة في البنك المركزي اليمني، ويجفف مصادر ثراء المجموعات المسلحة التي تتحصل على الإيرادات الحكومية، والجبايات الأخرى. كما يفرض سلطة المجلس الرئاسي على المحافظات الأخرى.
من بين ذلك نشير إلى أنه وخلال الثلاثة الأشهر الأولى من فرض المجلس الانتقالي الجنوبي الإدارة الذاتية (ابريل/نيسان-يوليو/تموز2020) تحصل على إيرادات تتجاوز 320 مليون دولار[30]. يتحصل المجلس الانتقالي الجنوبي إيرادات جمركية من ميناء عدن، كما أن بقية الموانئ قد لا تورد الأموال إلى حسابات البنك المركزي، بلغت إجمالي الإيرادات الجمركية خلال 2021 أكثر من نصف ترليون ريال (512 مليون دولار)[31]. يمكن أن تحوّل جزء من هذه الإيرادات لتطوير ومعالجة مينائي عدن والمكلا، يحتاج المينائين إلى 49 مليون دولار فقط لإعادتهما إلى الوضع الذي كانا عليه قبل الحرب والمحافظة على قدرتهما التشغيلية الحالية: 21 مليون دولار لعدن و27مليون دولار للمكلا[32]. سيكون على حضرموت ومأرب وباقي المحافظات توريد الأموال إلى البنك المركزي في عدن، وعدم الاحتفاظ بها في خزائنهم. ويفترض الحد من أن يمنح منصب عضو المجلس الرئاسي لمحافظي المحافظتين سلطات أعلى في محافظتهم بشأن صرف الإيرادات.
كما أن مواجهة حملة الجبايات والأموال غير القانونية التي تقوم بها السلطات الموازية للدولة مهم لتحقيق أثر ملموس في حياة سكان محافظة عدن -على وجه التحديد- وباقي المحافظات الأخرى تحت سلطة المجلس الرئاسي.
من المهم أن يشعر السكان في مناطق الحوثيين أن "المجلس الرئاسي" يتحدث بحقوقهم ويلبي احتياجاتهم ويدفع مرتباتهم، ولأجل ذلك يحتاج المجلس الرئاسي للضغط من أجل إجبار الحوثيين على الوفاء بالتزاماتهم في اتفاقية "ستوكهولم" باستخدام إيرادات ميناء الحديدة الحيوي في دفع رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرته. حيث منحت الاتفاقية الموظفين الحكوميين إيرادات ميناء الحديدة، وعلى الرغم من موافقة الحوثيين على وضعها في حساب خاص بالبنك المركزي في الحديدة إلا أنه سرعان ما انقلبوا على الاتفاق وسحبوا الأموال من الحساب لصالح المجهود الحربي. منحت الهدنة الأخيرة (ابريل/نيسان2022) سفن المشتقات النفطية الوصول إلى ميناء الحديدة، لكنها لم تشدد على أن تكون إيرادات الميناء لهذه السفن لصالح رواتب الموظفين. تشير التقديرات إلى أن إيرادات ميناء الحديدة الشهرية 14 مليار ريال يمني (23.3مليون دولار)[33].
إضافة إلى ذلك فإن من الأهمية بمكان إعادة تنشيط الإيرادات من النفط والغاز. فمنذ عام 2015 تستخدم الإمارات منشأة بلحاف في شبوة كموقع عسكري، كان هذا الميناء يساهم بمقدار مليار دولار في الميزانية العامة للدولة قبل الحرب. كما تُتهم أبوظبي بمنع الحكومة اليمنية من تصدير النفط، حيث تسيطر على معظم الموانئ لتصدير النفط: "النشيمة" في شبوة، و"الشحر" في حضرموت[34]. وفي مارس/آذار 2022 زار وفد أمريكي رفيع، بشكل مفاجئ، محافظتي شبوة وحضرموت، بالإضافة إلى محافظة المهرة على الحدود مع سلطنة عمان؛ فيما يبدو أنها رغبة أمريكية أخرى في ضرورة إعادة تفعيل صادرات البلاد من الغاز والنفط مع الحرب الروسية في أوكرانيا[35].
وتمنح إيرادات العملة الصعبة فرصة للعملة الوطنية في التعافي، ودفع مرتبات الموظفين الحكوميين. وتعطي المنحة السعودية الإماراتية 3.3 مليار دولار -التي أُعلن عنها عقب إعلان المجلس الرئاسي- قدرة للحكومة اليمنية على تقليص تباين قيمة العملة في مناطقها والحوثيين، ما سيخفف من حدة المجاعة والأوضاع الاقتصادية السيئة، لكنها ليست كافية إذا لم يتم تنشيط مصادر الدخل من النفط والغاز والموانئ.
من الواضح أن المجلس الرئاسي يرى في موظفي الدولة والجيش والأمن في مناطق سيطرته أولوية قصوى في انتظام دفع المرتبات. فيما يرى أن الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الحوثيين مرتبط بتسليم الجماعة المسلحة لإيرادات ميناء الحديدة- كما يوضح "الرئيس رشاد العليمي" يوم 21 مايو/أيار 2022[36]؛ يحتاج ذلك إلى ضغط دولي حقيقي على الحوثيين للالتزام بتعهداتهم السابقة والتي نص عليها اتفاق ستوكهولم[37]. ولا يعفي ذلك المجلس الرئاسي من دفع مرتبات كل موظفي الدولة وفق بيانات 2014.
التحدي الرابع: تفعيل آليات مكافحة الفساد
إذا ما حققت الحكومة والمجلس الرئاسي الاستقرار في العاصمة المؤقتة عدن، فسيكون ذلك واضح بعمل مؤسسات الدولة الرسمية، وتوفير الخدمات للمواطنين في مناطق سيطرتها. وبالتالي فإنها مطالبة بتفعيل مؤسسات مكافحة الفساد في كل المؤسسات المدنية والعسكرية. هناك تضخم للفساد خلال سنوات الحرب وثرى مسؤولون وقادة بتوسع اقتصاد الحرب على الجهتين. لذلك فإن رقابة هيئات مكافحة الفساد في الوزرات مهم للغاية لتحقيق استقرار حكومي واقتصادي في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا.
في الوقت ذاته وفيما لا تزال آلية عمل المجلس الرئاسي وقواعده قيد التجهيز، من المهم وجود رقابة وإجراءات بصلاحيات المحاسبة لمنع التضخم الوظيفي والتعيينات المتضاربة لأعضاء المجلس الرئاسي، أو منع قيام أعضاء من المجلس بحماية مسؤولين حكوميين/ عسكريين متهمين بالفساد المالي والإداري لاعتبارات الانتماء أو القرابة السياسية أو الاجتماعية.
إن عمل مؤسسات مكافحة الفساد يضمن عدم تحوّل الأفراد والكيانات المسلحة إلى مراكز مالية جديدة، كما سيؤدي ذلك لمحاربة المضاربة بالعملة الوطنية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي المنشود.
التحدي الخامس: الإجراءات العسكرية، الهيكلة والضغط على الحوثيين
تكون مجلس القيادة الرئاسي من معظم القادة الرئيسيين للقوات شبه العسكرية التي قاتلت الحوثيين. وحسب كلمته في الذكرى الثانية والثلاثين للوحدة اليمنية قال " الرئيس رشاد العليمي" إنه سيعلن عن لجنة لتوحيد القوات خلال أيام[38]، "وفق اتفاق الرياض" و"إعلان نقل السلطة". ويحدد اتفاق الرياض توحيد القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي وحده ضمن وزراتي الداخلية والدفاع؛ لكنه لا يحدد طريقة دمج بقية القوات شبه العسكرية الأخرى مثل تلك التي تحت قيادة "طارق صالح" و"قوات العمالقة"؛ لكن "الإعلان الرئاسي" يشير إلى توحيد جميع القوات دون تحديد آلية معينة ليدفعها نحو "لجنة أمنية عسكرية" يشكلها المجلس تخص الجميع. وفي حال تلك القوات "طارق صالح/العمالقة وغيرها" تهربت من إعادة هيكلتها، سيكون هناك فرصة للمجلس الانتقالي الجنوبي للتهرب أو للبحث عن آلية مختلفة لتوحيد القوات عن تلك التي نص عليها "اتفاق الرياض".
حسب "الإعلان الرئاسي" فإن المجلس الرئاسي يقوم بمهمة "تشكيل اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة"، وحدد مهام هذه اللجنة: 1) تحقيق الأمن والاستقرار من خلال اعتماد السياسات التي من شأنها أن تمنع حدوث أي مواجهات مسلحة في كافة أنحاء الجمهورية. 2) تهيئة الظروف واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق تكامل القوات المسلحة تحت هيكل قيادة وطنية موحدة في إطار سيادة القانون. 3) إنهاء الانقسام في القوات المسلحة ومعالجة أسبابه. 4) إنهاء جميع النزاعات المسلحة. 5) وضع عقيدة وطنية لمنتسبي الجيش والأجهزة الأمنية، 6) أي مهام يراها المجلس لتعزيز الاستقرار والأمن. ويبدو أنها خطوات أكثر من كونها مهام بمنع الاشتباك، ثم تهيئة الظروف ثم إنهاء الانقسام، ثم إنهاء جميع النزاعات المسلحة، ووضع عقيدة وطنية لمنتسبي الجيش والأجهزة الأمنية. إشارته إلى كونها مشتركة أن يكون أعضاءها من الأطراف في المجلس الرئاسي -أو أطراف أخرى- يؤدي ذلك إلى الإبطاء في اختيار أعضاءها ومن يرأسها، ويفترض أن يكون عامل الترجيح فيها لقادة عسكريين محايدين خارج الأطراف الموجودة في المجلس الرئاسي. كما يفترض أن يحدد بمرسوم مهام اللجنة بدقة، واتخاذ القرار فيها، وأساليب التنفيذ.
هناك مخاوف من "توحيد شكلي" للقوات أثناء ودمجها في المؤسستين العسكرية والأمنية، يجعل تلك الكتائب والألوية محتفظة بكينونتها داخل وزراتي الدفاع والداخلية، وخاضعة لقادتها السابقين وليس لهيئة الأركان الوطنية أو عمليات وزارة الداخلية، حيث يمنح تلك القوات فرصة للخروج والتمرد من الوزارة التي توحدت معها بكامل قوامها. ما سيؤدي إلى تصدع في جدار الدولة، وربما انهيار الدولة كلها، أثناء حرب أو أزمة تمر بها الدولة، أو خلافات لاحقة بين المكونات.
من المهم أن يتم دمج القوات في وزراتي الدفاع والداخلية بشكل منهجي، وهي عملية بطيئة تحتاج مالاً وسلطة وقوة كافية لفرض الهيمنة على أي قوة تتمرد.
يمنح "توحيد القوات" كمرحلة أولى تحت قيادة عمليات واحدة، قدرة للداخلية اليمنية على فرض الأمن والاستقرار ومطاردة الإرهابيين، وتأمين العاصمة عدن وبقية المحافظات الأخرى. كما يمنح وزارة الدفاع وهيئة الأركان قوة ردع كبيرة ضد الحوثيين، ما يقطع خطط الجماعة المسلحة بالعودة إلى المحافظات الجنوبية أو الذهاب للمحافظات الشرقية أو إعاة محاولة السيطرة على محافظة مأرب، ويدفعها بشكل أكبر نحو اتفاق سلام، وفق شروط وطنية.
وقدم نموذج توحد القوات في طرد الحوثيين من "شبوة" و"مأرب"، مطلع 2022 صورة مصغرة للحوثيين وللمجتمع حول إمكانية هزيمة الحوثيين في أي معركة حاسمة. كان تراجع الحوثيين في تلك المناطق هو الأول منذ قرابة أربع سنوات من تقدمه دون استعادة القوات الحكومية على مساحات شاسعة كتلك في المحافظتين، كما لم يشن الجيش اليمني هجوماً على الحوثيين منذ توقيع اتفاق ستوكهولم.
لكن خلال المرحلة القادمة هناك مخاوف من تحقيق الحوثين وإيران لاختراق في جسم القوات التي تحت إدارة المجلس الانتقالي، خاصة إذا شهدت المرحلة الجديدة خلافاً داخل المجلس الانتقالي الجنوبي والألوية شبه العسكرية، التي تم بناءها على أسس وأهداف وولاءات مختلف، إذا ما رفضت الاستجابة لقرارات المجلس الرئاسي بإعادة الهيكلة، ولذلك تمت اجتماعات مع قادة الأحزمة الأمنية والنخبة في مدينة عدن، الأولى من قبل عيدروس الزُبيدي، والثانية من قِبل عضو مجلس الرئاسة "ابوزرعة المحرمي" والذي كان واضحاً بضرورة إعادة هيكلتهم وبتشكيل لجنة من المجلس الرئاسي لتنفيذ ذلك. خلال السنوات الماضية شهد المجلس الانتقالي الجنوبي والألوية التابعة له امتحانات تتعلق بوحدته الداخلية وحصلت اشتباكات استمرت أياماً في عدن آخرها كان في أكتوبر/تشرين الأول 2021م[39]. وبدون ضبط الأحزمة الأمنية في عدن فإن تأمين المدينة وهيكلة القوات يصبح صعباً للغاية.
التحدي السادس: مكافحة الإرهاب
يعتبر مواجهة التنظيمات الإرهابية ووقف الهجمات الموجهة على العاصمة المؤقتة عدن، أول اختبار للمجلس الرئاسي. فخلال سنوات الحرب الماضية كان بقاء المسؤولين الحكوميين في عدن بما في ذلك رئيس البلاد مصحوباً بتهديد متعاظم للتنظيمات الإرهابية. تعرض الرئيس اليمني ورئيس الحكومة لعدة هجمات خلال بقاءهم النادر في عدن.
وتوجد خلايا لتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة ( داعش) في جيوب محافظات محيطة، وعادة ما تشن هجمات على نقاط أمنية أو تغتال مسؤولين في الأمن والجيش. وعلى الرغم من تعرض تنظيم القاعدة لضربات موجعة خلال السنوات الماضية إلا أنه يعيد بناء صفوفه. مؤخراً تشير المعلومات إلى أن التنظيمين يحاولان التواجد في مناطق خالية من السكان بين الجبال المحيطة بأبين وصحراء حضرموت.
إن عدم توحد أجهزة الأمن يغري التنظيمات الإرهابية لشن هجمات وإقلاق الأمن. فخلال الشهر الأول من وجود المجلس الرئاسي في عدن جرت العديد من العمليات التي تحمل بصمات الجماعات الإرهابية: نجا رئيس العمليات المشتركة في المنطقة العسكرية الرابعة العميد صالح اليافعي من انفجار سيارة مفخخة استهدفت موكبه في عدن[40]. كما تمكنت نقطة أمنية من ضبط “أحد العناصر الإرهابية في لحج وبحوزته حزام ناسف وهو في طريقة إلى مدينة عدن”[41]. وفي مارس/آذار 2022 قُتل قائد محور العند "اللواء الركن ثابت جواس" وعدد من مرافقيه.
يحصل تنظيم القاعدة على مساندة من جماعة الحوثي، التي من مصلحتها عدم استقرار وتأمين المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة، تشير المعلومات إلى أن الحوثيين أفرجوا عن عشرات من أعضاء تنظيم القاعدة في الأشهر الأخيرة الماضية. كما تشير معلومات بأن الحوثيين عبر شيوخ قبائل موالين لهم يقدمون تسليحاً لبعض عناصر التنظيم ونقل عناصره من البيضاء إلى مناطق سيطرة الحكومة[42]. حصل تنظيم القاعدة على المزيد من التمويل خلال العام الماضي من خلال العمل في تسهيل تهريب الأسلحة إلى الحوثيين من مناطق سيطرة الحكومة[43]. يملك تنظيم القاعدة خبرة واسعة في الحصول على الأسلحة من خارج اليمن وتهريبها إلى معظم المناطق.
في الوقت ذاته يقوم تنظيم القاعدة ببناء جهاز مخابراتي داخلي للتنظيم، مستخدماً محاولة تجنيد مسؤولين سابقين في المخابرات للعمل لصالحه في بناء شبكة اتصال خاصة تتجاوز المراقبة والتجسس، بعد أن خسر التنظيم شبكته السابقة بسبب الضربات الأمريكية لطائرات دون طيار خلال ولاية دونالد ترامب.[44]
يعتبر توحيد الأجهزة الأمنية والعسكرية والمخابراتية مهم للغاية في مكافحة عمليات تنظيم القاعدة، وتأمين مدينة عدن من أي هجمات، وتأمين وجود المجلس الرئاسي وأعضاء الحكومة الأخرين، وتوفير الاستقرار السياسي والاقتصادي الكافي لتكون عدن أنموذجاً. كما أن مكافحة معسكرات تنظيم القاعدة الجديدة في المحافظات الأخرى يفرض توحيد القوات، إذ يمنح الانقسام الحالي للقوات التنظيمات الإرهابية فرصة كافية لانتشار والتغلغل في المناطق القبلية والحصول على مناصرين. لذلك فإن استمرار الانقسام في منطقة "الشيخ سالم" بمحافظة أبين بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات ألوية الحماية الرئاسية لم يعد ذا مبرر، وكخطوة لتوحيد القوات يجب إنهاء حالة الحرب الحالية في تلك المحافظة، والبدء بتحقيق توجه لمواجهة التنظيمات الإرهابية ومنع محاولة عودتها.
من المهم في ذات الوقت أن يتوقف الشركاء في المجلس الرئاسي عن تبادل الاتهامات بمساعدة تنظيم القاعدة: في حادثتين على الأقل اتهم المجلس الانتقالي الجنوبي، حزب التجمع اليمني للإصلاح بالتنسيق مع تنظيم القاعدة، الأولى في اجتماع لقيادة المجلس الانتقالي[45]، والثانية في تعليق على هجوم وصف بالإرهابي على قادة أمنيين في الضالع[46].
التحدي السابع: فرض نفوذ سلطة الدولة
يعتبر هذا التحدي والاختبار المهم للمجلس الرئاسي؛ لا يستطيع المجلس الرئاسي وأعضاءه التحرك في عدن بحرية حتى، مُنعت مظاهر الاحتفال بالوحدة الوطنية في قصر معاشيق ومدينة عدن، وتم إنزال الأعلام الوطنية من منزل عضو المجلس الرئاسي طارق صالح.
مثل الاحتفال بالوحدة الوطنية للبلاد صورة واضحة أن المجلس الانتقالي الجنوبي لا يريد التخلي عن فرض سيطرته وبقاءه متحكماً بمدينة عدن والحكم فيها- يبدو الأمر وكأن المجلس الانتقالي الجنوبي فوق المجلس الرئاسي!- وهو ما ينعكس الأمر بوضوح في باقي المحافظات: في أرخبيل سقطرى داهم مسلحون تابعون للمجلس اجتماعاً عبر الانترنت بين المكتب التنفيذي والمحافظ رمزي محروس، وأوقفت الاجتماع وطردت المسؤولين الحكوميين. كما لا يزال عيدروس الزُبيدي يلتقي محافظي المحافظات الجنوبية بصفته رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي.
إلى جانب ذلك يحتاج المجلس الرئاسي إلى وضع حد للتنافس الجيو-سياسي على محافظتي المهرة وسقطرى، حيث توسع سلطنة عُمان من وجودها في المحافظتين الاستراتيجيتين، كما توسع الإمارات والسعودية من ذات الأمر. الأمر كذلك في بقية المحافظات بما في ذلك محافظتي شبوة وتعز.
لا يقتصر نفوذ الدولة على الإيرادات والسيادة بل يُفرض على جميع إدارتها أيضاً، بما في ذلك الاتصالات المدنية والعسكرية. تشير وثيقة إلى توجيه من مكتب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ومن الحكومة بمصادرة شحنة اتصالات تابعة لوزارة الدفاع اليمنية في منفذ شحن البري مع سلطنة عُمان. وحسب الوثيقة فإن تلك الشحنة هي GSM وليست اتصالات عسكرية[47]، بينما مصدر في الدفاع أكد أن الوزير وافق على تسليم الشحنة لوزارة الاتصالات، وبرر استيراد معدات بحوالي ستة مليون دولار، بوجود اتفاق سابق بين الاتصالات والدفاع في تأمين شبكة بسرعة (G4) لحوالي 150 ألف مشترك فقط تشمل في المرحلة الأولى قيادات ميدانية عسكرية في الجبهات، ثم الداخلية في المرحل الثانية، معتبرا هذا الملف من الملفات الشائكة التي تسبب عدم تأمين شبكة اتصالات للجيش في الإضرار بمنتسبيه، وأدى اختراق الحوثيين له إلى مقتل العديد من قادته وهزيمته في بعض المعارك.
لكن مثل هذه المحاولة من المجلس الرئاسي التي نجحت مع الجيش الوطني، قد لا تنجح في فرض سيادة الدولة عندما يكون الطرف الآخر طرف مسلح خارج الدولة، أو لوبي مصالح .
إن استعادة الدولة على كثير من الأمور تمثل أهمية لسيادتها خاصة التي تتعلق بالموارد أو أمن المعلومات، مثل الاتصالات والسجل المدني والجوازات، ورخصة مرور الطيران من الأجواء، وسوق العملة واحتكار استيراد السلاح،
التحدي الثامن: توازن التمثيل في الدولة
كان لإقصاء منطقة تهامة من المجلس الرئاسي ومن الحكومة، أثر كبير لدى أبناء المحافظات تلك، لذلك يحتاج المجلس الرئاسي أن يراعي ذلك في قرارات التعيين الجديدة. كما شكا عشرات المسؤولين السابقين وهم من رجال الدولة من تهميش مناطقي أو حزبي أو مهني عانوا منه خلال السنوات في عهد حكم الرئيس عبدربه منصور هادي، يحتاج المجلس الرئاسي إلى الاستعانة بهذه الخبرات لاستعادة عمل مؤسسات الدولة.
التحدي التاسع: حشد المزيد من الدعم الدولي
يملك المجلس الرئاسي فرصة نادرة في حشد الدعم الدولي لسياسة واقتصاد اليمن. توضح اللقاءات والمواقف الدولية ترحيبها واعترافها بالمجلس الرئاسي بما في ذلك مجلس الأمن الدولي.
كسلطة جديدة في البلاد يملك المجلس الرئاسي فرصة جيّدة للحصول على الدعم لإنقاذ الاقتصاد الوطني، وممارسة ضغوط على الحوثيين لإجبارهم على مفاوضات سلام والتوقف عن التحشيد للحرب.
إن تفعيل السفارات اليمنية الموجودة في الخارج دبلوماسياً وإعلامياً مهم للغاية في المرحلة الحالية وهو تحدي يواجه المجلس الرئاسي بعد سنوات من الجمود.
إضافة إلى التحشيد الدولي، فإن التحشيد في الإقليم لدعم المجلس الرئاسي من المهم استمراره في دول الخليج العربي، ودول المنطقة الأخرى. تكثيف العمل مع المؤسسات المصرية والخليجية بالذات السعودية في المرحلة القادمة مهم للحصول على دعم في توحيد القوات اليمنية، والتعاون لحماية مضيق باب مندب، من تهديدات الحوثيين.
تشير المعلومات إلى أن الرياض اوقفت منحة النفط الخاصة بدعم الطاقة منذ مايو/ آيار، ويبدو أن هناك شكوكا لدى السعودية من أن هناك فساد تخلل عائدات هذه المنحة، كما حصل مع وديعة البنك المركزي[48]، وهذا سيزيد الضغط على الحكومة التي جعلت من عدن عاصمة مؤقتة لها، فاحتياجات العاصمة من الكهرباء يكلف الحكومة ملايين الدولارات ومالم يكن هناك دعم دولي لحل ملف الكهرباء، قد يشكل ذلك ضربة للمجلس الرئاسي مع بداية عمله من داخل البلاد، وقد يعيد قيادة الدولة للخارج هروبا من الضغط الشعبي.
التحدي العاشر: الهُدنة رفع حصار تعز والتفاوض مع الحوثيين
بدأت الهدنة في اليمن قبل الإعلان الرئاسي بأسبوع، بانتهاء الشهر الأول من مدة الهدنة تم تحقيق معظم بنودها: وقف إطلاق النار- وإن كان هناك خروقات مستمرة-؛ دخول سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة- ووصلت أكثر من 10 سفن مشتقات نفطية؛ ورحلات طيران تجارية بين صنعاء ومطاري القاهرة وعمّان- وتحققت رحلات إلى عمّان ووافقت القاهرة بعد معارضة برحلات طيران إليها. والاجتماع بين الحوثيين والحكومة اليمنية لفتح طرقات مدينة تعز- حيث وصل وفدان من الحكومة والحوثيين إلى عمّان في الثلث الأخير من مايو/أيار2022.
يمكن أن تمثل الهدنة التي صمدت بغير المتوقع منطلقاً لتمديدها والبناء عليها لعقد مفاوضات أوسع مع الحوثيين. يشير "الإعلان الرئاسي" إلى أن مهمة المجلس الرئاسي هي التفاوض مع الحوثيين. أطلق الإعلان الرئاسي على الحوثيين "أنصار الله" وهي التسمية التي يحبها الحوثيون، وهي المرة الأولى منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء يطلق عليهم هذه التسمية لكن هناك ملاحظات على هذه الهدنة:
- قامت الهدنة على تنازلات الحكومة المعترف بها دوليا: فتحت ميناء الحديدة، ومطار صنعاء. بالمقابل يستمر الحوثيون بشن هجمات وإثارة توتر واستحداثات عسكرية في معظم جبهات القِتال.
- رفض الحوثيون فتح الطرقات المؤدية لمحافظة تعز ما يعني أن الحوثيين لم يقدموا أي تنازل إلى الآن. والأزمة في تعز أوسع من مسألة طرقات وحدها وإن كانت المشكلة الأبرز للحصار. إذ منع الحوثيون منذ 2016 وصول مياه الشرب إلى الخزانات الرئيسية في مدينة تعز والتي تصل من مديرية "الحيمة" المجاورة. كما يوجد 70% من الآبار في مناطق سيطرة الحوثيين في مديرية الحوبان والمديريات المجاورة التي يعتمد عليها سكان المدينة في مياه الشرب والتي تنقل عبر الشاحنات للداخل، بسبب الحصار المفروض لا تستطيع الشاحنات نقل المياه. ويمنع الحوثيون سكان مدينة تعز من الحصول على الكهرباء من محطة المخا التجارية.
- بدأت مشاورات بين الوفد الحكومي، وجماعة الحوثي في عمّان لفتح الطرقات في مدينة تعز. وفيما توضح أسماء الوفد الحكومي انتمائهم لمدينة تعز ومطالبها. قدم الحوثيون أسمائهم مناصفة بين أعضاء من صعدة ومن مدينة تعز. يرأس الوفد "يحيى الرزامي" وهو قائد عسكري في جماعة الحوثي يعتقد بأنه متصل بقيادات الحرس الثوري الإيراني الموجودين في اليمن.
إن محاولة توسيع المشاورات لتشمل كل الطرق في محافظات البلاد، علاوة على كونها مهمة، إلا أنها عملية مُجهدة وتأخذ وقتاً طويلاً ومحاولة هروب من الالتزامات برفع الحصار عن مدينة تعز، ومعاناة سكانها.
- يتوقع أن يتم تمديد الهدنة بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي المسلحة. على الرغم من أن الحوثيين لم ينفذوا أي التزام بشأن فتح طرقات مدينة تعز، فإن الحكومة المعترف بها دوليا ستوافق على التمديد خاصة في حال استمر التفاوض على "فتح طرقات تعز" في مشاورات عمّان. الحوثيون يستفيدون بالفعل من هدنة غير مُلزمة باشتراطات في ميناء الحديدة أو مطار صنعاء الدولي. كما أنهم مستمرون في الاستعدادات لجولة قتال جديدة: تشير معظم التقارير عن تحشيد لجبهات القتال في محافظة مأرب وحفر خنادق ومتارس في الخطوط الأمامية، ومنذ بدء الهدنة وحتى 20 مايو/أيار قال الجيش اليمني إن الحوثيين ارتكبوا 4276 خرقاً في جبهات القتال[49]. وجه الحوثيون -أيضاً- اتهامات للجيش اليمني بارتكاب خروقات.
خاتمة
يأتي تأسيس المجلس الرئاسي كخطوة أولى -كما يبدو- لدفع اليمن إلى خيارين يكسران حالة الجمود في ملف الحرب: إما أن يشارك الحوثيون في المجلس الرئاسي، أو تصاعد للحرب. يركن المجلس الرئاسي أنه مع توحيد القوات سيكون الحوثيون أضعف من قبل، ويعوّل الحوثيون على خلافات تكوينات المجلس الرئاسي علها تؤدي إلى فشله.
ويبدو أن فكرة إزاحة "هادي" ونائبه "علي محسن" وإعلان مجلس رئاسي جزء من مفاوضات بين الحوثيين والسعوديين باطلاع غربي في سلطنة عمان الميّسر والوسيط. سبق أن طرح الحوثيون تشكيل مجلس رئاسي بديلاً عن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في مشاورات الكويت (2016)، وكان ذلك واحداً من الأسباب التي أدت إلى فشل تلك المشاورات برفض الحكومة المعترف بها دولياً. كما يبدو أن الحكومة اليمنية والسعودية يدفعون باتجاه السلام؛ يوضح "البيان الختامي لمشاورات الرياض" اتفاق الموفدين على "فشل الحلول العسكرية (..) والانخراط في الحل السياسي، والجلوس على طاولة المفاوضات لمناقشة كافة نقاط الخلاف، والتخلي عن الحلول العسكرية، بدءاً بتعزيز الهدنة الحالية والدخول في مباحثات سلام تحت رعاية الامم المتحدة"[50].
إن نجاح المجلس الرئاسي يترتب عليه الذهاب نحو عملية انتقال جديدة في اليمن، قد تتضمن الحوثيين. لكن تجاوز المجلس الرئاسي للتحديات التي تواجهه مرتبط بتغليب أطرافه المصالح الوطنية على أهدافها ومصالحها الفئوية. فهو آخر الحلول الممكنة للخروج من حالة الحرب .
أما الحوثيون فمن خلال تتبع مسيرتهم المسلحة، يخضعون الهدن والحوارات لتقييم مصالحهم، والاستفادة منها عسكريا وماليا قبل الاستفادة السياسية، كما أنهم مرتبطون ارتباطا وثيقا بحالة إيران مع المجتع الدولي، وفي هذا الظرف تمر إيرن بحوار رتيب بخصوص الاتفاق النووي، لكنها تشهد غضبا شعبيا متزايدا بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية التي زادت منها العقوبات الدولية، وانشغال طهان بدعم تمردات مسلحة مكلفة خارج حدودها، كما زادت الهجمات الإسرائيلية على قواتها في سوريا وتعرضت قيادات عسكرية لتصفيات واغتيالات، وهذا قد يدفعها إلى دفع حلفائها في المنطقة لتفجير الأوضاع في المنطقة لتخفيف الضغط عليها.
وفي اليمن بقدر ما يحاول الحوثيون الكسب من الهدنة المعلنة، يستعدون عسكريا على محاور متعددة، بالذات الحدود ومأرب وتعز، كما أن تهديداتهم الصاروخية وهجمات الدرونز قد تعود إلى عدن وشبوة كما الرياض وابوظبي ، لاستهدف القرار السياسي والدعم الاقتصادي للحكومة اليمنية.
ومن هنا فبقدر حرص المجلس الرئاسي تحقيق الأهداف الذي تشكل من اجلها، بالذات تحقيق السلام وإنهاء الحرب، إلا أن عليه واجب الإستعداد لفرض السلام بالقوة العسكرية، وعلى الأقل الاستعداد للدفاع عن كيانه الذي سيتفكك في حال تحقيق الحوثيين لأي هدف من اهدافهم العسكرية مثل إسقاط مأرب أو تعز أو المخا أو العودة إلى شبوة ولحج والضالع أو أي منطقة تتواجد فيها قوة عسكرية تقاتله.
ففشل أو انهيار وتفكك المجلس الرئاسي لأي أسباب عسكرية كتلك التي يستعد الحوثيون لها، أو اقتصادية كنتيجة لازمة الغذاء أو الطاقة ، هو كارثة على مستقبل السلام في اليمن، لأن البديل سيكون ميلشيات متعددة وحروب صغيرة ستلتهم مستقبل اليمن وتطفيء شرارة الأمل التي يحاول اليمنيون التمسك بها.
تحديات تواجه المجلس الرئاسي.. تعقيدات السلام وواقع الحرب في اليمن ( نسخة PDF )
[1] يقول الإعلان الرئاسي: "أفوّض مجلس القيادة الرئاسي بموجب هذا الإعلان تفويضاً لا رجعة فيه بكامل صلاحياتي وفق الدستور والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية"
suance of a presidential declaration on the transfer of power and the formation of a Presidential Leadership Council نشر في 7/4/2022 وشوهد في 7/4/2022 على الرابط: https://www.sabanew.net/story/en/85345
[2] نص اتفاق الهدنة، UNITED NATIONS INITIATIVE FOR A TWO-MONTH TRUCE
https://osesgy.unmissions.org/united-nations-initiative-two-month-truce-0
[3] "اتفاق الرياض" هو اتفاق مصالحة بوساطة سعودية بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وجرى التوقيع عليه في العاصمة السعودية الرياض، في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني2019، عقب وقوع اشتباكات في أغسطس/آب 2019 بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، والقوات الحكومية في محافظة عدن، قصفت خلالها الإمارات قوات الجيش اليمني على مداخل عدن وقُتل وأصيب العشرات من الجنود، ونتج عنها سيطرة المجلس الانتقالي على عدن ومناطق أخرى، وطرد القوات الحكومية ورئيس وأعضاء الحكومة اليمنية، وبعد أشهر أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي -ابريل/نيسان 2020- الحكم الذاتي للمحافظات والمناطق الخاضعة لسيطرته. ومثل الاتفاق اعترافاً بشرعية المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، وكان أول اعتراف من الحكومة اليمنية بسلطة الأمر الواقع.
[4] تحدث ثلاثة مسؤولين يمنيين لباحث في مركز أبعاد في 10 ابريل/نيسان عبر تطبيق واتساب كانوا على إطلاع على بعض التفاصيل، بما في ذلك تعيين المحافظين.
[5] في أكتوبر/تشرين الأول عام (2016) اختير سلطان العرادة رئيساً لإقليم سبأ الذي يضم مأرب والجوف والبيضاء بموافقة محافظي المحافظتين، بشكل مؤقت حتى إقرار الدستور، في إشارة إلى شعبيته في المحافظات الثلاث. فمأرب محافظة نفطية وتوجد فيها منشأة صافر الغازية ومحطة كهرباء تزود عديد من المحافظات، وتمتاز الجوف بخصوبة الأرض رغم انها صحراوية وهي محافظة حدودية مع السعودية وتشير التقارير إلى وجود مخزونات من النفط والغاز فيها، . أما البيضاء فهي محافظة قبلية ذات تضاريس صعبة ترتبط بثمان محافظات اربع شمالية وأربع جنوبية.
[6] بعد قِتال مع القوات الحكومية اليمنية التي طُردت من عدن. و"المجلس الانتقالي" هو واحد فقط من عدة مكونات جنوبية أخرى "الحراك الجنوبي" تنقسم بين المطالبة بالانفصال، والدولة الاتحادية. ولا يمثل المجلس المحافظات الجنوبية كلها.
[7] قواته كان له دور فعال في طرد الحوثيين من شبوة في وقت سابق من هذا العام. انتشرت هذه القوات على خطوط النار في محافظة أبين بين القوات الحكومية اليمنية وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي كقوة محايدة لمنع تجدد الاشتباكات بعد اتفاق الرياض.
[8] مرجع سابق
[9] مشاورات يمنية – يمنية، قاطعها الحوثيون، وحضرها أكثر من ألف شخص من اليمنيين، وأُقيمت بين 29 مارس/آذار2022 والسابع من ابريل/نيسان 2022، في الرياض تحت رعاية مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
[10] لم يتم مناقشة "مجلس رئاسي" في تلك المشاورات، معظم الأفكار التي طُرحت كانت تشير إلى تعيين نائب جديد للرئيس اليمني أو استبدال النائب علي محسن الأحمر أو تعيين المزيد من المستشارين للرئيس هادي.
[11] نطلق فيما تبقى من الورقة مسمى "المجلس الرئاسي" بدلاً من "مجلس القيادة الرئاسي"، اختصاراً.
[12] كانت الحكومة مناصفة بين حزب المؤتمر الشعبي العام الذي قاده علي عبدالله صالح، ومعارضيه.
[13] (المادة الأولى من الإعلان الرئاسي، الفقرة -د)،
[14] (المادة الأولى من الإعلان الرئاسي، الفقرة -ك/1)
[15] (المادة الأولى من الإعلان الرئاسي، الفقرة -ك/2).
[16] (المادة الأولى من الإعلان الرئاسي، الفقرة -ك/3)
[17] (المادة الثانية من الإعلان الرئاسي)،
[18] تضم القائمة: نواب في البرلمان، وأمناء عموم أحزاب، ومسؤولون سابقون، وقادة سياسيون مستقلون، وقادة منظمات مجتمع مدني.
[19] (المادة الثانية من الإعلان الرئاسي الفقرة د)
[20] مجلس القيادة الرئاسي يعقد أول اجتماع مع هيئة التشاور والمصالحة (سبأ) نشر في 21/4/2022 وشوهد في 17/5/2022 على الرابط: https://www.sabanew.net/story/ar/85631
[21] رئاسة هيئة التشاور والمصالحة تعقد اجتماعها الأول في عدن (سبأ) نشر في 23/4/2022، وشوهد في 17/5/2022على الرابط: https://www.sabanew.net/story/ar/85675
[22] رئيس مجلس القيادة يحث في لقاء مع رئاسة هيئة التشاور على تعزيز الجبهة الداخلية ، شوهد في 29/5/2022 لى الرابط:
https://www.sabanew.net/story/ar/86695
[23] (المادة الأولى من الإعلان الرئاسي الفقرة ح/1)
[24] (المادة الثانية من الإعلان الرئاسي، الفقرة هـ: لرئيس مجلس القيادة الرئاسي تعيين من يراه من الكفاءات الوطنية لعضوية الهيئة عند الحاجة على أن لا يزيد عدد الأعضاء عن مئة عضو.)
[25] (المادة الثالثة من الإعلان الرئاسي).
[26] مسؤول رفيع مطلع على حيثيات المجلس الرئاسي وإنشاءه، تحدث لباحث في مركز أبعاد في 10 مايو/أيار2022، عبر الهاتف.
[27] (المادة الأولى من الإعلان الرئاسي، الفقرة -م)،
[28] على الرغم من المُدة الطويلة التي بقيّ فيها أعضاؤه متمسكين بعضويتهم متمسكاً دون انتخابات منذ قرابة عشرين عاماً
[29] مهمة استعادة ثقة اليمنيين.. أربع أولويات وتحديات أمام مجلس القيادة الرئاسي (يمن مونيتور) تاريخ النشر 17/4/2022 وشوهد في 17/5/2022 على الرابط: https://www.yemenmonitor.com/Details/ArtMID/908/ArticleID/71185
[30] تقرير مؤسسة خليج عدن للدراسات والإعلام- عدن في فبراير/شباط 2021م
[31] ارتفاع إيرادات الجمارك اليمنية إلى أكثر من نصف مليار دولار خلال2021
https://www.yemenmonitor.com/Details/ArtMID/908/ArticleID/67034
[32] Damage and Capacity Assessment: Port of Aden and Port of Mukalla
https://reliefweb.int/report/yemen/damage-and-capacity-assessment-port-aden-and-port-mukalla
[33] تصريح وكيل محافظة الحديدة وليد القديمي، صحيفة عكاظ، تاريخ النشر 16/2/2022 وشوهد في 28/5/2022 على الرابط: https://www.okaz.com.sa/news/politics/2097309
[34] دراسة مركز أبعاد للدراسات والبحوث: دراسة "النفوذ الإماراتي في اليمن.. المرتكزات والحصاد"
[35] رغم سحبها التغطية الإعلامية.. حرب أوكرانيا تعيد أزمة اليمن إلى الواجهة، عصام الأحمدي، الاستقلال، 29/3/2022
https://www.alestiklal.net/ar/view/12878/dep-news-1648472999
[36] "يجب على المجتمع الدولي الضغط على الحوثيين لصرف رواتب الموظفين من رسوم سفن المشتقات النفطية الواصلة الى ميناء الحديدة" من كلمة رشاد العليمي بمناسبة الذكرى ال32 للوحدة اليمنية.
[37] اتفاقية ستوكهولم هي اتفاقية بين الحوثيين والحكومة اليمنية تم التوصل إليها في ستوكهولم في السويد في 13 ديسمبر عام 2018. وتتكون الاتفاقية من ثلاثة محاور رئيسية:1. إتفاق حول مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى 2. آلية تنفيذية حول تفعيل إتفاقية تبادل المحتجزين، 3. إعلان تفاهمات حول تعز. نص الاتفاق هنا: https://tinyurl.com/2mpr9ds2
[38] "وسنمضي قدماً في جهود توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية، كما نص اتفاق الرياض، وإعلان نقل السلطة، وذلك من خلال اللجنة العسكرية والأمنية التي سيتم إعلانها خلال الأيام القليلة القادمة" من كلمة رشاد العليمي بمناسبة الذكرى ال32 للوحدة اليمنية.
[39] ليست الأولى.. اشتباكات عدن تكشف خلافات "الانتقالي الجنوبي" (محصلة) الأناضول، نشر في 2/10/2021 وشوهد في 28/5/2022 على الرابط: https://tinyurl.com/2nawanee
[40] نجاة قائد العمليات المشتركة في عدن من محاولة اغتيال بسيارة مفخخة، العربية، تاريخ النشر 15/5/2022 وشوهد في 28/5/2022 على الرابط: https://tinyurl.com/yxz44juj
[41] نقطة أمنية في لحج تضبط إرهابيا قادما من البيضاء إلى عدن وبحوزته حزام ناسف (الشارع) تاريخ النشر 18/5/2022 وشوهد في 28/5/2022 على الرابط: https://alsharaeanews.com/2022/05/18/117575/
[42] ثلاثة مصادر قبليين تحدثوا لـ"مركز أبعاد للدراسات والبحوث"
[43] المصدر السابق
[44] AQAP finds fresh strength under the leadership of Khaled Bartafi، تاريخ النشر 24/12/2021 وشوهد في 28/5/2022، على الرابط: https://tinyurl.com/2h9m4akc
[45] الانتقالي يتهم رسمياً "الإصلاح" بتحريك ورقة "القاعدة" https://yemnews.net/index.php/news/2022-04-25-21-47-14
[46] اللواء شلال شايع يعلق على ماجرى في الضالع ويكشف الجهة المنفذة- كريتر سكاي-
https://cratersky.net/posts/103744
[47] وثيقة أولى بتاريخ 19/5/2022 رقم رو/775 صادرة من مكتب رئاسة الوزراء. ووثيقة ثانية بتاريخ 12/5/2022، رقم 332/م ر/2022
[48] حصل باحث أبعاد على وثائق صرفيات الوديعة السعودية يعتقد السعوديون بوجود فساد في آلية الاستفادة منها
[49] ناطق الجيش: ميليشيا الحوثي ترتكب أكثر من 4276 خرقاً للهدنة منذ بدء سريانها -المصدر أونلاين- تاريخ النشر 21/5/2022 وشوهد في 28/5/2022 على الرابط: https://almasdaronline.com/articles/252165
[50] نص البيان الختامي عن المشاورات اليمنية – اليمنية في الرياض https://yegc.org/documents/final-statement/365/