الخلاف الخليجي الإيراني على حقل الدرة وتداعياته في اليمن

تقدير موقف | 16 يوليو 2023 00:00
 الخلاف الخليجي الإيراني على حقل الدرة وتداعياته في اليمن

ENGLISH 

PDF

تمهيد:

   عاد الخلاف على حقل الدرة بين إيران وكل من الكويت والسعودية إلى الواجهة بعد أن أعلنت طهران في الأسبوع الأول من شهر يوليو الجاري نيتها إجراء عمليات حفر في حقل الدرة في سياق خطة لتطوير هذا الحقل. تسبب هذا الإعلان بردود فعل غاضبة من قبل كل من الكويت والسعودية اللتان رفضتا أي إجراءات إيرانية وأي ادعاءات بحقوق إيرانية في هذا الحقل ودعتا إيران إلى الجلوس على طاولة المفاوضات لترسيم الحدود البحرية. يأتي هذا التطور في فترة حساسة تعيشها علاقات إيران بدول الخليج، فهو يأتي بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين طهران وكل من الكويت والرياض، وبعد اتفاق بكين بين إيران والسعودية الذي فتح الباب لتدشين مرحلة جديدة في علاقات إيران بجيرانها الخليجيين ولحلحلة ملفات التوتر الساخنة في المنطقة التي تعارضت فيها مواقف ومصالح الجانبين وعلى رأسها الملف اليمني.      

تسلط الورقة الضوء على الخلاف حول حقل الدرة، وتستشرف آفاق هذا الخلاف وسيناريوهاته المحتملة، وتستعرض التداعيات التي يمكن أن يتركها على التقارب الخليجي الإيراني مثلما على الملف اليمني. 

 

خلاف متجدد 

صرح المدير التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية بجاهزية الشركة لبدء عمليات الحفر في حقل الدرة وقال إنه تم تخصيص موارد كبيرة لتنفيذ خطة لتطوير الحقل. ومن جهتها قالت الكويت إنها ترفض "جملة وتفصيلا" الادعاءات والإجراءات الإيرانية حيال حقلالدرة ، وإن ادعاءات إيران ونواياها حول حقل الدرة تتنافى مع أبسط قواعد العلاقات الدولية، وإن هذا الحقل ثروة طبيعية كويتية سعودية وليس لأي طرف أخر أي حقوق فيه حتى يتم حسم ترسيم الحدود البحرية. جاء الموقف السعودي مطابقاً للموقف الكويتي وداعماً له، فقد أكدت الرياض  على أن ملكية الحقل والثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة التي تضمه ملكية مشتركة بينها والكويت فقط. ودعت الدولتان إيران للبدء في مفاوضات لترسيم الحدود البحرية وفقاً لأحكام القانون الدولي.

النزاع على حقل الدرة ليس جديداً ويعود إلى ستينيات القرن الماضي، حينما منحت كل من إيران والكويت حق التنقيب عن النفط فيه لشركتين مختلفتين، وأدى الخلاف إلى وقف كل عمليات التنقيب عن الغاز في هذا الحقل. وكانت إيران قد بدأت التنقيب في الدرة عام 2001، ما دفع الكويت والسعودية إلى ترسيم حدودهما البحرية والتخطيط لتطوير المكامن النفطية المشتركة، ووقع البلدان في ديسمبر 2019 مذكرة تفاهم للتعاون من أجل تطوير حقل الدرة، وترجمة لهذه المذكرة وقعتا اتفاقاً آخر في مارس 2022، وهو الاتفاق الذي أثار حفيظة إيران التي وصفته بأنه اتفاق غير قانوني وقالت إنه يجب أن تنضم لأي إجراء لتشغيل وتطوير الحقل.

وبينما تؤكد الكويت والسعودية أنهما فقط من يمتلك الحقل ولديهما الحق في استغلال ثرواته تقول طهران إن لها حقوق في هذا الحقل أيضاً وأن جزءاً منه يقع في مياهها، ولذلك فتصعيد إيراني كهذا يهدف إلى عرقلة الخطط الكويتية السعودية لتطوير الحقل واستثمار ثرواته، وهي خطط كان قد كشف  عنها وزير الطاقة السعودي في مايو الماضي.

وفي سياق جهود حلحلة هذا الخلاف تطالب السعودية والكويت إيران الالتزام أولاً بترسيم الحدود البحرية قبل أن يكون لها أي حق في حقل الدرة، وسبق وأصدر البلدان في أبريل 2022 بياناً مشتركاً دعا إيران إلى عقد مفاوضات حول تعيين الحد الشرقي من المنطقة المغمورة التي تضم الحقل، وقال البيان إن الدولتين سبق ووجهتا الدعوات إلى إيران للتفاوض حول ذات القضية لكنها لم تلب تلك الدعوات.   

وعلى الرغم من اتهام الكويت والسعودية لإيران بالمناورة والمماطلة في حسم الخلاف ورفض الجلوس على طاولة المفاوضات إلا أن طهران تبرر خطوتها الأخيرة بعدم استعداد الرياض والكويت للتفاوض، وكانت قد دعت في مارس الماضي الكويت إلى استئناف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، وقالت في مايو الماضي إنها بدأت بالفعل مفاوضات أو تشاور مع كل من الكويت والسعودية لحل الخلافات بشأن الحقل، مفاوضات كهذه أكدها وزير الخارجية الكويتي في مجلس الأمة الكويتي قبل أيام . غير أن هذه المباحثات لم تنجح وليس هذا التصعيد الإيراني إلا نتيجة لفشلها.  

 

آفاق الخلاف وسيناريوهاته 

ستواصل الدول الثلاث اتصالاتها ومباحثاتها لحل النزاع بشكل سلمي وبما يضمن السيطرة على الخلاف وعدم تطوره، وسيكون عليها ابتداءً التوصل إلى اتفاق إطاري للتفاوض بما يشمله ذلك من اتفاق على آلية التفاوض والمفاهيم والقوانين الضابطة. وفي المدى المنظور أمام هذا الخلاف ثلاثة سيناريوهات:  

السيناريو الأول: ستفشل الدول الثلاث في الاتفاق على آلية لحل الخلاف وتفشل كذلك في ضبط النفس، لتستمر المشكلة وتتسبب يتصاعد التوتر في المنطقة. 

السيناريو الثاني: ستنجح أطراف الخلاف في الاتفاق على آلية أو إطار لحل الخلاف، وقد يحدث ذلك على إحدى الصور المحتملة التالية: 

أ‌.  التوافق على آليه لضبط التفاوض المباشر فيما بينها لحل الخلاف. 

ب‌. التوافق على توسيط طرف ثالث أو القبول بوساطة دولية قد تعرض على أطراف الخلاف.   

ج‌. التوافق على التحكيم الدولي واللجوء إلى محكمة العدل الدولية للفصل في الخلاف.  

السيناريو الثالث: لن يتم التوصل إلى أي اتفاق على آليه لحل الخلاف، ولن يتفاقم هذا الخلاف في نفس الوقت نتيجة حرص الدول الثلاث على تجنب التصعيد، ليؤول الأمر إلى بقاء الوضع على الحال الذي كان عليه، أي استمرار تعطيل استثمار والأعمال في الحقل (الوضع السائد).  

والسيناريو الثالث هو المرجح حتى الآن، وهذا الترجيح يقوم على أساس ما هو متوفر من معطيات ومؤشرات، وعلى أساس أن هناك ما يعمل باتجاه التهدئة وعدم السماح بتطور الخلاف، أو يستبعد معه تفاقم الخلاف وتحوله إلى أزمة يصعب السيطرة عليها وتتسبب بزيادة التوتر في المنطقة، فلا مصلحة للجميع في توتير الوضع، ومن صالح مختلف الأطراف محاصرة هذا الخلاف وإبقاءه في إطاره القانوني خصوصاً بالنسبة لإيران التي ستخسر حال التصعيد الكثير في سياق سعيها لإصلاح علاقاتها الإقليمية والدولية. إن المفاوضات غير المباشرة الجارية مع الولايات المتحدة حول ملفها النووي هو ما يدعو إيران للتهدئة أيضاً، فمن مصلحتها عدم تعكير أجواء هذه المباحثات وتوفير الظروف التي تساعد على نجاحها. ومازال التقارب السعودي الإيراني واتفاق بكين يشكل إطاراً يتيح للرياض وحليفتها الكويت ولطهران الجلوس على طاولة التفاوض.  

وهناك ما أبدته أطراف الخلاف حتى الآن من رغبة وحرص على التواصل واستمرار التفاوض، تقول الحكومة الكويتية التي تتفاوض أيضاً باسم السعودية، مثلاً، إنها ماضية في الاجتماعات مع الجانب الإيراني ومع الجانب العراقي كذلك، وإن ترسيم الحدود مع إيران والعراق يمثل أولوية بالنسبة لها. إن التراجع اللافت في وتيرة الإثارة الإعلامية لهذه الخلاف لا يشير إلا إلى رغبة الدول الثلاث في التهدئة وحرصها على السيطرة على الأمور.

في المقابل هناك ما يجعل مسألة التوافق على صيغة يفوز فيها الجميع وعلى أي من الحلول التي يطرحها طرفا الخلاف أمراً صعباً، فما يصدر عن الدول الثلاث يشير إلى تمسكها بمواقفها وهو ما سيشكل عقبة حقيقية في طريق التفاوض، وهذا ما ثبت حتى الآن، فتمسك الطرفين بمواقفهما هو ما يقف وراء فشل الجولة الأولى من المباحثات التي جرت في مارس الماضي بين بين الكويت (تمثل السعودية أيضاً) وإيران، هذا الفشل الذي يشير إلى أن الأطراف وصلا إلى طريق مسدود انتهى بهذا التصعيد الأخير، فقد فشلت هذه الجولة في حلحلة الخلاف حول آلية ترسيم الحدود البحرية، إذ تمسك الجانب الكويتي بمبدأ ترسيم الحدود البحرية أولاً ووفقاً للقانون الدولي، في حين طرح الجانب الإيراني تجاوز مسألة ترسيم الحدود والاتفاق على استثمار مشترك للحقل. وحتى لو قبلت بمبدأ ترسيم الحدود البحرية ؛ فإيران تصر على أن يكون الترسيم وفقاً لقاعدة الجرف القاري الذي يضمن أن يكون 40% من الحقل في مياه إيران الإقليمية، بينما تتمسك الكويت والسعودية بترسيم الحدود وفقاً لقانون البحار المغلقة أو وفقاً للحدود البرية، وهذا يخرج إيران من المشهد. إن الحجم الهائل للثروات التي يختزنها هذا الحقل سيجعل أطراف الخلاف أكثر تمسكاً بمواقفها ويجعل من تقديمها لتنازلات أكثر صعوبة.   

ومن جهة أخرى، وعلى عكس الحال مع كل من الكويت والسعودية فاللجوء إلى المحكمة الدولية والقبول بترسيم الحدود البحرية وفقاً لقاعدة البحار المغلقة يمثل بالنسبة لإيران مخاطرة بعدم الحصول على شي من الحقل وثرواته، ومن المستبعد موافقتها على خيار الذهاب إلى المحكمة وهي التي طالما رفضت عروض التفاوض والتحكيم لحل المسائل الخلافية مع جيرانها، كما بالنسبة للنزاع حول الجزر الإماراتية التي تدّعي سيادتها عليها. وفيما يتعلق بإيران أيضاً، ينبغي الإشارة إلى أن العامل الوطني حاضر بصورة واضحة ويصعب تجاهله، فالخلاف حول حقل الدرة ليس جديداً كما سلفت الإشارة، فقد ورثه النظام الإيراني الحالي من نظام الشاه السابق، وهذا يجعل منه خلافاً عابراً للأنظمة وقضية وطنية قبل أي شيء آخر، ومع أنه حضور هذا العامل يضعف من فرضية تعمد إيران ورغبتها في التصعيد لتحقيق أهداف أخرى، إلا أنه يجعل من تغيير إيران لمواقفها ومن تقديمها للتنازلات أو القبول بالتحكيم الدولي أكثر صعوبة.

 إن رد الفعل الإيراني على بيان صدر عن اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي وروسيا قبل أيام دعم مبادرة إماراتية للتوصل إلى حل عبر المفاوضات أو من خلال محكمة العدل الدولية للنزاع حول الجزر الإماراتية الثلاث التي تسيطر عليها إيران يعطي مثالاً على ما يتركه البعد الوطني في قضايا الخلاف بين الدول من تأثير على المواقف السياسية ومثالاً على رفض إيران مسألة اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لحل الخلاف، فقد استدعت طهران السفير الروسي احتجاجا على هذا البيان وصرح مساعد الرئيس الإيراني للشؤون القانونية بأنه لا يمكن مناقشة مسألة ملكية إيران لهذه الجزر، وقال وزير الخارجية الإيراني: "لن نجامل أحدا بشأن وحدة الأراضي الإيرانية".

إن دخول العراق على خط الخلاف لا يزيد الأمر إلا تعقيداً، فالعراق يقول إن له حقوق في حقل الدرة بل وتذهب بعض الأصوات القانونية والمدنية العراقية إلى القول إن الحقل ملكية عراقية خالصة، وظهرت مؤخراً أصوات في البرلمان العراقي تطالب الحكومة العراقية برفع مذكرة تحفظ لدى مجلس الأمن على أي مفاوضات بين الكويت والسعودية وإيران بشأن ترسيم الحدود البحرية وتطالب أن يكون العراق طرفاً في أي مفاوضات كهذه. ومما ينبغي الإشارة إليه في هذا السياق أن هناك من يشكك في أن إثارة الأمر في العراق على هذا النحو حدث من تلقاء نفسه ويقول إن الحاصل يأتي بإيعاز من إيران رغبة منها في ممارسة الضغوط على الكويت والسعودية وفي خلط الأوراق وإرباك التوافق بين الدولتين.   

 

تداعيات الخلاف على التقارب الخليجي الإيراني 

يكتسب الخلاف حول حقل الدرة أهميته من كونه يأتي في ظرف يختبر فيه المشهد الإقليمي تغييراً في بعض الحقائق السياسية، خصوصاً فيما يتعلق بإيران وعلاقتها بدول الخليج، فهو يأتي بعد أن استأنفت الكويت علاقاتها مع إيران في عام 2022، وبعد أشهر من التصالح مع السعودية الذي تم برعاية أو وساطة صينية. وسيلقي هذا التطور بظلاله ولا شك على التقارب الإيراني الخليجي، خصوصاً بالنظر إلى كون هذا التقارب مازال في بدايته وليس راسخاً بعد، وكذلك على أساس أنه ما زال يمر برحلة اختبار الثقة والنوايا بإيران، وفي واحدة من أهم دلالاته يشير هذا الخلاف إلى أن صفقة التقارب مع إيران لا تستطيع منع ظهور مشكلات جديدة أو بروز مشكلات خامدة. 

وفيما يخص تداعيات الخلاف هذا على التقارب الخليجي الإيراني فالأمر يبقى بطبيعة الحال رهناً بالسيناريو الذي ستمضي فيه الأمور، وهذا بدوره متوقف على تطور مواقف أطرافه وطبيعتها، وسيتأثر هذا التقارب سلباً كلما تمسكت أطراف الخلاف بمواقفها وكلما أقدمت على خطوات تصعيدية، وسيصل تأثير الخلاف مداه ويصبح أكثر خطورة حال تحقق السيناريو الأول. وفي كل الأحوال فرفض إيران ترسيم الحدود وعدم قبولها بالتحكيم الدولي لحل الخلاف سيشكك بنواياها تجاه التقارب مع دول المنطقة وتجاه الالتزامات المصاحبة أو التي يفرضها تجاه الملف اليمني وغيره من الملفات الشائكة التي تتعارض فيها مصالح وسياسات إيران مع هذه الدول.

وكنتيجة واردة أياً ما كان السيناريو الذي ستمضي فيه الأحداث، سينعكس الخلاف في تراجع وتيرة وحماس هذا التقارب، وسيكون ذلك أكثر وضوحاً على صعيد التعاون الاقتصادي. وفي خلاصة الأمر، يصعب القول بإمكانية أن ينتهي هذا الخلاف في المدى المنظور إلى عودة الأمور إلى المربع الأول، كما تقول بعض التحليلات. 

 

الخلاف على حقل الدرة والملف اليمني:

من جهة أخرى، يأتي الخلاف الإيراني الخليجي  على حقل الدرة والمشهد اليمني يعيش فترة حساسة، فجهود إحلال السلام في ذروتها، ونجحت في التوصل إلى هدنة مستقرة نسبياً منذ أكثر من عام، وجاء الاتفاق السعودي الإيراني ليفتح باب الأمل بقرب انتهاء الصراع وإحلال السلام في اليمن على أساس أن إيران سوف تلعب بعد تقاربها مع السعودية دوراً في تسهيل عملية السلام والتوصل إلى اتفاق ينهي الصراع وذلك من خلال تدخلها لدى حلفائها الحوثيين بإقناعهم أو بالضغط عليهم لتغيير مواقفهم وتبني مقاربة إيجابية تجاه جهود السلام، وإلى جانب ما نقلته التقارير حول تعهد إيران بوقف تزويد الحوثيين بالسلاح كانت تصريحات المسؤولين الإيرانيين إيجابية في هذا السياق. 

ومع أن تأثر الملف اليمني بهذا الخلاف تظل مسألة محكومة بذات الاعتبارات والعوامل السابقة تقريباً باعتبار أن هذا الملف في صميم ما يهم إيران ودول الخليج وقضية محورية في التقارب الإيراني السعودي، إلا أن أهمية هذا الملف تجعله مرشحاً ليتأثر بصورة أكبر من أي ملف آخر بهذا الخلاف، ويتوقع أن تستخدمه إيران كورقة ضغط لتعزيز موقفها ومقايضة أي تنازل لها فيه بالحصول على تنازلات في ملف حقل الدرة، وتصعيدها مازال يعكس بدرجة أو بأخرى شعوراً بالانتصار في اليمن وفي غيره، هذا ما توحي به على الأقل تلك الجرأة التي عبر بها الإيرانيون عن موقفهم في هذا الخلاف وتلك اللغة التي تخاطبوا بها وأوحت بثقة ونية مصممة على عرقلة خطط الكويت والسعودية في حقل الدرة. وعليه فهذا الخلاف سيضعف من التزام إيران بتعهداتها الخاصة بملف اليمن، ويتوقع أن ينعكس سلباً على مفاوضات السلام النشطة خصوصاً في مسارها السعودي الحوثي وهي الأهم التي يتوقف عليها مسار السلام عموماً.  

فمع بدء ترشح معلومات للصحافة عن الخلاف الإيراني الخليجي على حقل الدرة، نفذ الحوثيون خروقات عسكرية بالغة تهدد الهدنة الهشة التي وصفت بأنها الأطول في الحرب اليمنية، منذ سيطرة الجماعة الحوثية على العاصمة صنعاء في سبتمبر ٢٠١٤م، ومن بين تلك الخروقات المناورة العسكرية التي نفذها الحوثيون وشارك فيها الطيران العمودي على بعد كيلومترات من معسكرات ومقرات الحكومة اليمنية والمنشئات النفطية والغازية في مأرب، ووصفتها الحكومة اليمنية بآنها " تهدد جهود التهدئة والسلام" .

كما أن الحوثيين قبل وبعد وأثناء المناورة قاموا بعمليات عسكرية محدودة كان أخطرها الهجوم الصاروخي على ساحة معسكر ( صحن الجن) في مأرب، الذي يعد مقر أركان العمليات العسكرية ووزارة الدفاع اليمنية،  إلى جانب تنفيذ عمليات هجومية في تعز، وكل ذلك لا يخلو من تهديد واضح باحتمالية استئناف الحرب .  

 

خاتمة:

 إجمالاً، لا يعدم الخلاف على حقل الدرة أن يلقي بظلاله على التقارب الخليجي الإيراني مثلما على الملف اليمني، واعتمادا على السيناريو المرجح وحيثياته، فتداعيات هذا الخلاف على التقارب الخليجي الإيراني وعلى الملف اليمني في المدى النظور ستكون في حدودها الدنيا، ويلاحظ حتى الآن أن الخلاف سرعان ما دخل في حالة من التهدئة ولم يتطور إلى أزمة، لكن لا يستبعد  أيضا أن يكون اليمن ساحة من ساحات تصفية التنافس على ملف حقل الدرة وغيره من الملفات العالقة بين دول الخليج وإيران في أي وقت يعود الخلاف الخليجي الإيراني للتصعيد من جديد. 

 

نشر :