استمرار تهريب السلاح للحوثيين.... هل تبحث إيران في فوضى اليمن عن اتفاق نووي جديد؟

فؤاد مسعد | 8 أكتوبر 2025 23:51
استمرار تهريب السلاح للحوثيين.... هل تبحث إيران في فوضى اليمن عن اتفاق نووي جديد؟

 

ملخص

      عادت مؤشرات فوضى تهريب السلاح والتهديدات الإيرانية مجدداً في الأسابيع الماضية، من خلال شحنات الأسلحة التي تهربها طهران لوكلائها في اليمن، وقد تم القبض على عدة شحنات من تلك الأسلحة، وكانت آخر شحنة بداية أكتوبر الجاري.

وقد شكّل ضبط شحنة الأسلحة في البحر الأحمر من قبل قوات المقاومة الوطنية ثم ضبط شحنة أخرى في ميناء عدن، مؤشرات قوية على اندفاع إيران وأذرعها المسلحة نحو توسيع رقعة الحرب والصراع، بالنظر إلى كمية السلاح التي تجاوزت 700 طن، في المرة الأولى، ثم 2500 طن في الشحنة الثالثة، فضلاً عن نوعية السلاح والأجهزة الحديثة ومكونات الصواريخ والطائرات المسيّرة وأجهزة التجسس.

تتناول الدراسة مؤشرات التصعيد والتهديدات الإيرانية- عبر تهريب السلاح، بالتركيز على أهم محتويات شحنة الأسلحة، واستعراض الظروف الداخلية والخارجية المحيطة بالصراع اليمني الذي يتجاوز عامه العاشر، وتسلط الضوء على أهم الدلالات والأبعاد ومؤشرات التصعيد بحسب التطورات والمستجدات التي تشهدها اليمن.

 

سلاح الأذرع الإيرانية في اليمن

     أعلنت قوات الحملة الأمنية المشتركة بمديريات الصبيحة في محافظة لحج (جنوب اليمن) بداية أكتوبر الجاري، أنها تمكنت من ضبط قارب بحري على متنه معدات ومواد تستخدم في تصنيع وتشغيل الطيران المسيّر، كانت في طريقها إلى جماعة الحوثي.

وقالت الحملة المشتركة في بيانها إن عملية الضبط جاءت عقب تلقي بلاغ دقيق من الحملة الأمنية إلى القوات البحرية بوجود قارب مشبوه في عرض البحر على بعد عدة أميال من الساحل، ليتم اعتراض القارب وضبطه، والقبض على ثلاثة متهمين كانوا على متنه، مشيرة إلى أنه تم العثور خلال عملية التفتيش على شحنة كبيرة من المعدات والمواد الحساسة الخاصة بالطيران المسيّر، تضمنت كاميرات عالية الدقة مخصصة للطيران المسيّر لأغراض الاستطلاع والتصوير الجوي، وأجهزة اتصال لا سلكية وأدوات تحكم عن بُعد ذات ترددات خاصة[1].

كما تضمنت الشحنة، وفق البيان، أجهزة تتبع (GPS Trackers) وبطاقات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، وحدات تحكم إلكترونية (Flight Controllers) وأنظمة ملاحية متكاملة للطائرات المسيرة، إلى جانب بطاريات طاقة عالية السعة ومحولات كهربائية دقيقة. 

وأضاف البيان أن الشحنة شملت على قطع إلكترونية ومكونات ميكانيكية تدخل ضمن أنظمة التشغيل والتوجيه للطيران المسيّر، بالإضافة إلى مواد مجهولة مخبأة داخل أكياس بيضاء سيتم فحصها فنياً من قبل الجهات المختصة لتحديد طبيعتها واستخدامها[2].

وكانت الأجهزة الأمنية في العاصمة المؤقتة عدن قد كشفت الأسبوع الماضي، تفاصيل شحنة الأسلحة التي ضبطتها في ميناء عدن مطلع أغسطس الماضي، وتحتوي على طائرات مسيّرة وأجهزة تجسس، بالإضافة إلى أجهزة تحكم بالطائرات وقطع غيار للأسلحة ومكونات متنوعة، مؤكدة أنه تم اكتشاف الشحنة أثناء عملية التفتيش التي تجريها إدارة أمن المنطقة الحرة بميناء عدن، حيث تم إخفاء مكونات الشحنة داخل الحاويات، ومع أنها دخلت الميناء بشكل رسمي إلا أنه جرى تزوير الوثائق في محاولة لاجتياز مرحلة التفتيش الروتيني.

وذكرت الأجهزة الأمنية أن الشحنة بلغت 58 حاوية تجارية، وتزن أكثر من 2500 طن، محملة بمعدات عسكرية ومصانع لإنتاج الطائرات المسيّرة وأجهزة للتجسس والتشويش ورقائق إلكترونية لأجهزة التحكم بالطائرات المسيرة، مؤكدة أن سفينة الشحن كانت قادمة من جيبوتي إلى ميناء الحديدة، لكنها غيرت مسارها إلى ميناء عدن نتيجة للقيود المفروضة على السفن المتوجهة إلى الحديدة.

 وتحتوي الشحنة – بحسب البيان – على مواد خام مكونة لهياكل الطائرات المسيرة من الألياف الكربونية والمواد العازلة والبلاستيك الخام، مع جهاز الحقن الخاص بتشكيل البلاستيك، وسبائك الألومنيوم ومكابس وآلات التقطيع والقياس، وأدوات لحام وأسطوانات أوكسجين، وملابس واقية للمهندسين والفنيين الذين يعملون في ورش التصنيع.

كما تحتوي على صفائح من الحديد ومراوح الطرد المركزي، ورافعات صناعية ومخارط آلية ويدوية لصناعة الأسلحة، ومعدات للتصوير الحراري والمراقبة العسكرية لاستكشاف حركة الأفراد والمركبات والسفن، وشرائح لاصقة، وأجهزة تحكم حديثة للمراقبة والتتبع، وكاميرات حرارية محمولة، بالإضافة إلى كاشفات التردد ثنائي النطاق، وكاشفات مغناطيسية ساكنة، وأجهزة تشويش.

 

شحنة البحر الأحمر: صواريخ حديثة ومسيّرات انتحارية وأجهزة تجسس

تمكنت "المقاومة الوطنية" أواخر يونيو/حزيران الماضي من ضبط شحنة أسلحة إيرانية أثناء محاولة تهريبها في البحر الأحمر.

وحسب قيادات في المقاومة الوطنية التي تسيطر على أجزاء من الساحل الغربي منذ العام 2018، فإن شحنة الأسلحة كانت قادمة من إيران في طريقها للحوثيين، وهي "تعكس المستوى المتقدم من الدعم العسكري الذي تقدمه طهران للحوثيين".

وأوضحت "المقاومة الوطنية" في مؤتمر صحفي عقدته بمدينة المخا عقب الحادثة، إن الشحنة تضمنت أسلحة إيرانية حديثة، ومكونات صواريخ بحرية وصواريخ أرض- أرض ومنظومات دفاع جوي، بالإضافة إلى مضادات للدروع،  ورؤوس وأجزاء الصاروخ البحري "قدر 380"، ويصل مداه إلى 1000كم، وأجزاء لصاروخ يُدعى "طائر 3"، ويطلق عليه الحوثي "برق 3"، ويصل مداه من 100 إلى 200 كم.3]

كما ضمت الشحنة صواريخ "خيبر شكن"، التي يسميها الحوثيون "فلسطين2"، وصواريخ كروز مجنحة يسميها الإيرانيون "يا علي"، بينما يطلق عليها الحوثيون "سجيل". وقطعًا للصاروخ الإيراني "غدير"، وهو الصاروخ الذي يطلق عليه الحوثيون "مندب2"، ويصل مداه إلى 300 كم، وكذلك أجزاء من صاروخ "صقر 358"، وهو مضاد للطائرات يطلق عليه الحوثيون "صقر 2"، وصواريخ "ستريلا 2" دفاع جوي قصيرة المدى، ومحركات صواريخ "سومر 10" التي يطلق عليها الحوثيون اسم "قدس"، وقطع وأجهزة صاروخ أرض- أرض "الحاج قاسم"، وصاروخ "دهلاوية"، وهو مضاد للدروع يصل مداه إلى 5 كم، ومعدات توجيه الصواريخ.[4]

فيما يتعلق بالطائرات المسيّرة تضمنت الشحنة مسيَّرات إيرانية من نوع "معراج 532"، وهي طائرات انتحارية يصل مداها إلى 500 كم، وطائرات استطلاع دراون "FPT"، ومحركات طائرات مسيّرة متعددة القوة، وكاميرات حرارية وليزرية متخصصة بكشف الطيران المسيّر، وأجهزة فحص للمواد الكيمائية، ومدافع بي 10 المضادة للدروع، وأجزاء من قناصة AM-50، ونواظير ومعدات تستخدم لمحاكاة التدريبات العسكرية، وأجزاء من أسلحة عيارات وذخائر متنوعة.

وتم الكشف بين محتويات الشحنة عن أجهزة تجسس إسرائيلية، تتبع شركة سيليبريت (Cellebrite)، وهي شركة إسرائيلية متخصصة في أدوات التحليل الجنائي الرقمي واستخراج البيانات وتحليلها، ومنها جهاز Turbo Link، وهو جهاز توصيل يستخدم كجزء من أدوات الشركة الأخرى في التحاليل الجنائية للأجهزة المحمولة. ويعمل كوسيط بين الجهاز المستهدف (مثل الهاتف المقفل) وبرمجيات أخرى تابعة للشركة نفسها، ووظيفته الأساسية فك تشفير الحزم البرمجية المشفرة التي يتم تنزيلها من سيرفرات الشركة وتحضيرها للاستخدام في استغلال ثغرات الجهاز المستهدف من أجل اختراقه وسحب البيانات فيما بعد[5].

وكانت منظمة العفو الدولية قد اتهمت السلطات الصربية بالتجسس على الصحفيين والنشطاء، بزرع برامج تجسس في هواتفهم، وقالت المنظمة في تقريرها الذي صدر في ديسمبر الماضي إن تقنية، مقدّمة من شركة "سيليبريت" الإسرائيلية تمّ استخدامها لفتح الهواتف قبل استهدافها[6].

 

جدول يبين محتويات شحنتي الأسلحة التي تم ضبطهما في البحر الأحمر وميناء عدن

 

 

م

محتويات الشحنة الأولى المضبوطة في البحر الأحمر- يونيو 2025

محتويات الشحنة الثانية المضبوطة في ميناء عدن- أغسطس 2025

1

أسلحة إيرانية حديثة

طائرات مسيرة ومنصات إطلاق

2

مكونات صواريخ بحرية

مصانع ورش إنتاج الطائرات المسيرة والأسلحة وقطع غيارها

3

صواريخ أرض- أرض

مكائن الخراطة والمكابس الصناعية الخاصة بتصنيع الطائرات المسيرة والأسلحة

4

منظومات دفاع جوي

محركات نفاثة للصواريخ

5

مضادات للدروع

قطع غيار للعديد من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة

6

رؤوس وأجزاء الصاروخ البحري الإيراني "قدر 380"

أجهزة اتصالات لاسلكية

7

أجزاء لصاروخ إيراني يُدعى "طائر 3".

معدات مصانع وورش إنتاج الطائرات المسيرة

8

صواريخ "خيبر شكن" الإيرانية

أجهزة المراقبة والتجسس والتشويش

9

صواريخ كروز مجنحة إيرانية تسمى"يا علي"

رقائق إلكترونية لأجهزة التحكم بالطائرات المسيرة

10

قطع للصاروخ الإيراني "غدير"

مواد مكونة لهياكل وأجسام الطائرات المسيرة من الألياف الكربونية والمواد العازلة والبلاستيك الخام

11

أجزاء من صاروخ "صقر 358"

جهاز الحقن الخاص بتشكيل البلاستيك

12

صواريخ "ستريلا 2" دفاع جوي قصيرة المدى

سبائك الألومنيوم ومكابس وآلات التقطيع والقياس

13

محركات صواريخ "سومر 10"

 

ملابس واقية للمهندسين والفنيين الذين يعملون في مصانع وورش التصنيع

14

قطع وأجهزة صاروخ أرض- أرض "قاسم"

صفائح حديد مختلفة الأحجام

15

صاروخ "دهلاوية" مضاد للدروع

مراوح طرد مركزي ورافعات صناعية

16

معدات توجيه الصواريخ

مخارط آلية ويدوية تستخدم في صناعة الأسلحة

17

مسيَّرات إيرانية من نوع "معراج 532"، وهي طائرات انتحارية يصل مداها إلى 500 كم.

مستشعرات تستخدم للتصوير الحراري والمراقبة العسكرية لاستكشاف الأفراد والمركبات والسفن

18

طائرات استطلاع دراون "FPT"

شرائح لاصقة

19

محركات طائرات مسيّرة متعددة القوة

كاميرات حرارية محمولة

20

كاميرات حرارية وليزرية متخصصة بكشف الطيران المسيّر

كاشفات مغناطيسية ساكنة

21

أجهزة فحص للمواد الكيمائية

أجهزة تشويش

22

مدافع بي 10 المضادة للدروع

أجهزة تحكم متقدمة للمراقبة والتتبع

23

أجزاء من قناصة AM-50

كاشفات وصلة غير خطية

24

نواظير ومعدات تستخدم لمحاكاة التدريبات العسكرية

كاشفات التردد ثنائي النطاق.

25

أجهزة تجسس إسرائيلية تتبع شركة سيليبريت (Cellebrite

أدوات لحام وأسطوانات أوكسجين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

انحسار التهريب الحوثي

كشفت شحنات الأسلحة الأخيرة عن تحول مهم فيما يتعلق بتتبع مسارات التهريب التي يسلكها الحوثيون في البحر الأحمر، وعلى الرغم أنه تم الكشف عن أكثر من شحنة أسلحة في السنوات الماضية، غير أنها لم تكن مماثلة للشحنات الأخيرة – لا من حيث الكم ولا نوع السلاح والأجهزة الأخرى، ومنها مصانع المسيّرات وأجهزة التجسس- الأمر الذي يشير إلى أن ثمة تصعيد من قبل داعمي الحوثي، سيما بعدما شهدت المنطقة تطورات متسارعة أهمها الصراع العسكري المباشر بين إسرائيل وإيران لأول مرة، وفي ظل هدنة غير واضحة المعالم، وقد يتم خرقها في أي لحظة واستئناف الصراع من جديد، إما بالشكل المباشر كما حدث في يونيو الماضي، أو عبر استخدام الحوثيين من قبل إيران.

وقد بدأ تهريب الأسلحة للحوثيين منذ سنوات طويلة عبر مسارات برية وبحرية، خاصة في البحر الأحمر حيث يسيطر الحوثيون على موانئه الرئيسية، ويفرضون سيطرتهم على منافذ وممرات عديدة، وقد كشفت تقارير فريق الخبراء التابعين لمجلس الأمن الدولي عن استمرار تهريب الحوثيين وحلفائهم الإيرانيين للسلاح بمختلف أنواعه، ومع أنه تم الكشف والتصدي لبعض المحاولات وجرى القبض على سفن تحمل أسلحة مهربة، إلا أن كميات كبيرة وجدت طريقها إلى الحوثيين، ويتم استخدام هذه الأسلحة المهربة في الحرب ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وفي البحر الأحمر ضد السفن التجارية.

وبحسب خبراء ومتابعين فإن ضبط هذه الكميات الكبيرة من الأسلحة والأجهزة الحديثة بما فيها معدات تصنيع وإطلاق المسيّرات يعد تحولاً مهماً في مسار الحرب التي تعيشها اليمن منذ عشر سنوات، كما يشكل خسارة فادحة للحوثيين الذين ظلوا يعتمدون على الأسلحة المهربة خلال هذه السنوات وما قبلها. سيما وأن حصول الحوثيين على معدات تصنيع كفيل بتحويلهم من مستهلكين إلى منتجين، اعتمادا على التدريب الذي حصل عليه عناصرهم من الخبراء الإيرانيين وخبراء حزب الله اللبناني في الفترة الماضية.

وبمقدور الحكومة الشرعية أن تضيف ذلك إلى رصيدها السياسي والعسكري والأمني، إن أحسنت توظيف هذه العمليات باعتبارها حصيلة جهود الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة، ما لم تصر المكونات الداخلية للشرعية على اعتبار كل عملية منجز أمني يحسب للمكون الذي ضبطت الشحنة في إطار سيطرته.

 

التداعيات ومؤشرات التصعيد

جاء القبض على شحنات الأسلحة الجديدة- في البحر الأحمر وميناء عدن، في ظروف داخلية وخارجية لا زالت تشهد الكثير من التعقيد، خارجياً بسبب الحرب في غزة وما تخلفه من تداعيات، وداخلياً جراء الاحتقان المتزايد في مناطق سيطرة الحوثيين.

على الصعيد الخارجي لا يزال التصعيد في البحر الأحمر مستمراً، ويرجح أن تزيد وتيرته في الفترة القادمة، خاصة في حال أخفقت مفاوضات إيران مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية في التوصل إلى تسوية مناسبة في موضوع الملف النووي الإيراني، ومع استبعاد مباشرة طهران لجولة جديدة من الصراع مع إسرائيل، فإن دفعها للحوثيين لشن حرب بالنيابة عنها أمر لا يمكن استبعاده، وقد جاءت هذه الشحنة من الأسلحة لتكشف عن ذلك.

وعلى الصعيد نفسه، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في يوليو الماضي، تقريرًا جديدًا استعرضت فيه مؤشرات قالت إنها تدل على أن إيران تحاول تسليح حلفائها في المنطقة من جديد، وبالأخص الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان، مشيرة إلى ضبط عدة شحنات من الأسلحة الإيرانية كان يجري تهريبها لحلفاء طهران في لبنان واليمن، حيث تم اعتراض "أكبر شحنة أسلحة" في البحر الأحمر.

ونقلت الصحيفة عن الحكومة اليمنية إن الأسلحة تمر عبر دولة جيبوتي الواقعة في شرق إفريقيا، وعند مصب البحر الأحمر مقابل اليمن، ولفتت إلى أنها حصلت على عدة وثائق باللغة الفارسية تشير إلى أن مصدرها إيران، كما تضمنت الوثائق ما قالت إنه "دليل على أن هناك كاميرات مستخدمة في توجيه الصواريخ المضادة للطائرات، وشهادة جودة مرفقة بزعنفة صاروخية صنعتها شركة إيرانية"[7].

يتزامن ذلك مع إعلان التصعيد الحوثي في البحر الأحمر، باستخدام لافتة إسناد غزة، ومواجهة إسرائيل، وهو ما يعني احتياج الحوثيين للمزيد من الأسلحة الحديثة التي تتكفل بالهدف الرئيس- تهديد حركة الملاحة في البحر الأحمر بالصواريخ والمسيّرات التي تستهدف السفن التجارية، وما يرافق ذلك من عمليات تتبع ورصد ومراقبة يباشرها الحوثيون بأنفسهم أو يشاركهم فيها آخرون يمتلكون تقنيات حديثة كفيلة بتحقيق الهدف.

وفي السياق ذاته أصدرت محكمة عسكرية تتبع الحوثيين الشهر الماضي حكماً بـ"إعدام أحمد علي صالح"، النجل الأكبر للرئيس السابق علي صالح، بتهمة "الخيانة والعمالة والتخابر مع العدو"[8].

وزادت وتيرة الملاحقات الحوثية واعتقال عشرات النشطاء والأكاديميين في عدة محافظات منها صنعاء وإب، وفي محافظة البيضاء وغيرها نشبت مواجهات مسلحة بين قوات للحوثيين ومسلحين قبليين، ما أظهر أن رقعة السخط ضد الحوثيين اتسعت لتشمل كثيراً من أنصارهم.

 

تحسن اقتصادي ملحوظ وقلق أممي من التصعيد

منذ أواخر يوليو الماضي بدأت الحكومة المعترف بها دولياً سلسلة من الإجراءات المالية والاقتصادية تمثلت في دعم خطة البنك المركزي بضبط قطاع الصرافة والتحويلات المالية، ما أدى إلى تحسن ملحوظ في سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بعدما وصل سعر الدولار الواحد إلى 3 آلاف ريال يمني، لكن سعر الصرف بعد إجراءات البنك والحكومة عاد ليستقر عند نحو 1620 ريال للدولار الواحد. وتبع ذلك تحسن في أسعار السلع والخدمات الأساسية.

المبعوث الأممي إلى اليمن رحب بـ"الخطوات الأخيرة للبنك المركزي الحكومة في استقرار سعر الصرف وأسعار السلع الأساسية"، لكنه قال في إحاطته الأخيرة إن "الاضطرابات الإقليمية ما تزال تقوّض فرص إحلال السلام والاستقرار"، وأشار إلى أن استمرار التصعيد والتشرذم الاقتصادي ينهك اليمنيين ويكبّل القطاع الخاص،
مؤكداً ضرورة اتخاذ تدابير استباقية وبراغماتية تمهّد الطريق للسلام في البلاد.

 

سيناريوهات..

السيناريو الأول: تصعيد حوثي بدعم إيراني

 وهو ما بدا واضحاً من شحنات السلاح التي تم ضبطها ومن نوعية السلاح وكميته الكبيرة. بالإضافة إلى حالة الاحتقان التي تشهدها مناطق سيطرة الحوثيين في صنعاء وإب والبيضاء وعدد من المناطق في ظل التدهور الاقتصادي والمعيشي واتساع دائرة القمع اليومي والملاحقات والاعتقالات العشوائية.

السيناريو الثاني: استمرار التهدئة

 ومع أن هذا السيناريو قد يأتي امتداداً لواقع التهدئة والتفاهمات التي تدعمها جهود خارجية، ولا يزال يلبي احتياج كثير من الأطراف داخلياً وخارجياً، غير أنه سيكون عاجزاً عن الصمود في حال ارتفعت وتيرة التصعيد من جانب الحوثيين، سواء أكان التصعيد في الداخل ضد الحكومة الشرعية أو في الخارج باستهداف حركة الملاحة وتهديد الاستقرار الإقليمي في المنطقة.

 

 

 

المراجع

[1] ضبط ثاني شحنة أسلحة كانت في طريقها إلى الحوثيين خلال أقل من أسبوع، بران برس، 5 أكتوبر 2025، شوهد في 6 أكتوبر 2025، على الرابط:  https://tinyurl.com/2c264mkl .

[2]  المرجع نفسه.

[3] ناطق المقاومة الوطنية يكشف تفاصيل مخزن السلاح الإيراني العائم، موقع 2 ديسمبر، شوهد في 27 يوليو 2025، على الرابط: https://2dec.net/news75226.html .

[4]  المرجع نفسه.

[5] بيانات نشرها الخبير في الأمن الرقمي فهمي الباحث في صفحته الشخصية على فيسبوك، على الرابط: https://tinyurl.com/2cd86wxw . (شوهد في 28 يوليو 2025).

[6] العفو الدولية: تجسس صربي بتكنولوجيا إسرائيلية، صحيفة النهار اللبنانية، 16 ديسمبر 2024، على الرابط: https://tinyurl.com/2dhqc8rw . (شوهد في 27 يوليو 2025).

[7]    شحنات الأسلحة مستمرة إلى اليمن ولبنان.. إيران تعزز قوة الحوثيين وترمم ترسانة حزب الله، ايرونيوز، 18 يوليو 2025، على الرابط:                             

https://arabic.euronews.com/2025/07/18/iran-continue-to-rearm-houthis-hezbollah-amid-tension-israel-sharaa-syria-yemen . (شوهد في 25 أغسطس 2025).

[8]  المحكمة العسكرية تقضي بإعدام أحمد علي، وكالة سبأ التابعة للحوثيين، 31 يوليو 2025، على الرابط: https://tinyurl.com/279bs8au . (شوهد في 3 أغسطس 2025).

نشر :