بين الحرب والسياسة.. مستقبل حزب الإصـلاح اليمني بعد 30 عامـاً من التأسيس
تمهيد
بحلول شهر سبتمبر/ايلول 2020 يكون قد مضى على تأسيس حزب (التجمع اليمني للإصلاح) 30 عاما، حيث تم الإعلان عنه رسميا في 13 سبتمبر/ايلول 1990، بعد إعلان الوحدة بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي، وقيام الجمهورية اليمنية، والاعلان عن التعددية السياسية والحزبية، لأول مرة بعدما كانت الحزبية محظورة في كلا الشطرين.
وبعد أشهر قليلة على تأسيسه غدا تجمع الإصلاح القوة السياسية الثالثة بعد الحزبين الحاكمين، (المؤتمر الشعبي بقيادة رئيس اليمن الموحد علي عبدالله صالح، والحزب الاشتراكي بقيادة نائبه علي سالم البيض)، وبات يشكل الصوت الأقوى والأكثر حضوراً في المعارضة السياسية، وعندما أجريت أول انتخابات برلمانية حصل الإصلاح على 63 مقعداً ليحل في المركز الثاني، بعد حزب المؤتمر الذي حصل على 123 مقعداً من إجمالي مقاعد مجلس النواب البالغة 301، وانتقل تبعاً لذلك من المعارضة إلى السلطة، ليشكل مع المؤتمر الشعبي والحزب الاشتراكي الذي حل في المركز الثالث بـ56 مقعد، ائتلافاً ثلاثياً للحكم.
وما إن بدأ الائتلاف الجديد يتلمس الطريق حتى وقفت العقبات امامه، ووجد نفسه أمام أزمة سياسية عاصفة أودت بكل ما أنجزه الاتفاق، وتعطلت معها كل الجهود الرامية لإنهاء التوتر واستئناف الحياة السياسية، وصولاً إلى الحرب الشاملة التي استمرت زهاء شهرين بين مايو/ايار- يوليو/تموز 1994. وانتهت بانتصار الرئيس علي عبدالله صالح وحلفائه، وهزيمة علي سالم البيض وحزبه الاشتراكي الذي غادر بعدها السلطة، ليبدأ صالح وحزب التجمع اليمني للإصلاح تجربة ائتلاف ثنائي شكّل حكومة جديدة، ولم يتجاوز نصيب الإصلاح 8 حقائب وزارية بالإضافة إلى رئاسة مجلس النواب التي تولاها الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس الحزب، ونائب ثان لرئيس مجلس الوزراء، شغله عبدالوهاب الآنسي الذي كان يشغل حينها الأمين العام للحزب.
تراجعت العلاقة التي كانت توصف بـ(الاستراتيجية) بين المؤتمر والإصلاح، حيث بدأ الأول في العمل على إقصاء حليفه والتضييق على كوادره وأعضائه في معظم الوزارات والمؤسسات الحكومية وفي مختلف المحافظات، وما إن أجريت انتخابات مجلس النواب في العام 1997 حتى خرج الإصلاح من السلطة، ودخل في حوار مع الأحزاب السياسية التي كانت منضوية في (مجلس التنسيق الأعلى لأحزاب المعارضة)، وتضم الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري، وحزب البعث القومي واتحاد القوى الشعبية وحزب الحق، وتوج ذلك الحوار بتشكيل اللقاء المشترك.
وبتأسيس اللقاء المشترك انتقلت المعارضة اليمنية إلى مرحلة جديدة من المواجهة السلمية مع النظام الحاكم الذي ظل يعمل بكل ما أوتي من قوة- ومن وسائل مشروعة وغير مشروعة على تثبيت نفسه في الحكم، واستغلال إمكانات الدولة ومواردها في سبيل تحقيق هدف الرئيس علي عبد الله صالح في البقاء حاكما إلى الأبد، وإزاء ما وصلت إليه أوضاع اليمن من انسداد أفق سياسي وتدهور اقتصادي وانفلات أمني وأزمات متلاحقة- بالإضافة إلى ما شهدته بلدان عربية من موجة ثورية عرفت بالربيع العربي، بدت الثورة الشعبية هي طريق الخلاص للشعب اليمني والقوى السياسية والاجتماعية التي وجدت أن النظام الحاكم أوصد أمامها كل سبل التغيير بالطرق السلمية.
وعلى الرغم أن دول الخليج العربي تدخلت بوضع مبادرة للانتقال السلمي للسلطة، ضمنت للرئيس صالح وأتباعه حصانة من أي ملاحقة جراء ما ارتكبوه خلال فترة الحكم التي امتدت زهاء ثلث قرن، كما ضمنت لحزبه شراكة في الحكم تتجاوز النصف، إلا أن صالح آثر العمل على محاربة الرئيس والحكومة الجديدين، وقرر الانتقام من كافة خصومه بالتحالف مع جماعة الحوثي التي خاض ضدها ست حروب بين عامي 2004 و 2009 ، وأسفر التعاون بين صالح والحوثي عن سقوط الدولة بالكامل في قبضة الأخير، خاصة بعدما سيطر على العاصمة صنعاء في سبتمبر/ايلول 2014، وكانت تصريحات الطرفين تأتي تلميحاً وتصريحاً أن الهدف هو حزب الإصلاح، خصم صالح الذي كان أبرز مكونات الثورة عليه، فيما سعت جماعة الحوثي أن لا يكون خلافها سياسيا مع الاصلاح بل تعتبره خصما أيديولوجيا على اعتبار أن مرجعية الحزب الإسلامية سنية، بينما يتبنى الحوثيون فكراً مناهضاً، هو خليط من إرث الزيدية المندثر وأفكار ثورية مستمدة من نظام إيران (ولاية الفقيه) ذات المرجع الشيعي الاثني عشري، وهذا التوجه هو نوع من تحويل الصراع في اليمن من صراع سياسي إلى صراع طائفي جربته إيران حليفة الحوثيين في لبنان والعراق ونجحت في احكام القبضة على مفاصل الحكم في الدولتين.
في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2015، حاصر الحوثيون الرئيس والحكومة ووضعوا الجميع تحت الإقامة الجبرية، وأعلنوا بياناً دستورياً نصبوا أنفسهم فيه حكاما على اليمن، وشرعت قواتهم في التوجه جنوباً وشرقاً لاستكمال السيطرة على بقية المحافظات وإخضاعها بالقوة، لكن مغادرة الرئيس عبدربه منصور هادي بطريقة سرية ووصوله إلى عدن أفسد طبخة الحوثي- صالح، سيما وأن الرئيس هادي نجح في إجراء لقاءات واتصالات مع دول الإقليم وعدد من السفراء، ولم تصل أولى طلائع الاجتياح الحوثي أطراف عدن إلا وقد أعلنت المملكة العربية السعودية عن انطلاق عاصفة الحزم وتشكيل تحالف عسكري داعم للشرعية اليمنية في مواجهة الانقلاب الحوثي- صالح، باسم التحالف العربي لدعم الشرعية.
كان ذلك اواخر مارس/أذار 2015، وحينها سارع حزب الإصلاح لإصدار بيان سياسي يؤيد عاصفة الحزم، ويجدد رفضه الانقلاب الحوثي، معززاً ذلك بالوقوف مع القيادة الشرعية ممثلة بالرئيس هادي، ودعم المقاومة الشعبية ضد الحوثيين، وتضم مختلف مكونات الشعب اليمني وأطيافه، ومع أن الحوثيين استأثروا الإصلاحيين بنصيب وافر من القتل والتنكيل والاختطافات والاعتقالات في مختلف المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم، إلا أن الإصلاح وجد نفسه وعناصره- بعد تحرير عدد من المحافظات من جماعة الحوثي- هدفاً لقوى محسوبة على التحالف العربي، ولا سيما في العاصمة المؤقتة عدن، حيث شارك المئات من أعضائه وقياداته في معارك التحرير، وقتل وأصيب العشرات منهم، ثم كان جزاؤهم بعد التحرير القتل والاغتيالات والمداهمات والاقتحامات، وإحراق مقراتهم وملاحقة نشطائهم وإطلاق الحملات الأمنية والإعلامية عليهم، مما زاد في معاناة الإصلاحيين الذين باتوا موزعين في الغالب على مواضع ثلاثة: إما التشريد خارج البلاد، أو البقاء في جحيم الحوثي، أو النزوح إلى مناطق محررة وآمنة ولو بشكل نسبي.
يتناول البحث حزب التجمع اليمني للإصلاح باعتباره أكبر الأحزاب اليمنية في الوقت الراهن، وفي ظل الأوضاع العامة التي تعيشها اليمن منذ اندلاع الثورة الشعبية في العام 2011، حيث يقف الإصلاح في الحرب التي دخلت عامها السادس مع الحكومة الشرعية، في مواجهة جماعة الحوثي التي قادت انقلابا مسلحا على الدولة وعلى العملية السياسية أواخر العام 2014.
ويسلط البحث الضوء على النشأة الأولى للحركة الإسلامية اليمنية التي صارت تعرف بعد إعلان التعددية السياسية باسم "التجمع اليمني للإصلاح"، مع أهم وأبرز الظروف والعوامل التي ساهمت في النشأة، سواء من عوامل تاريخية وسياسية أو روافد فكرية وأيديولوجية، فضلاً عن ظروف الواقع اليمني المحلي وتشابكاته الخارجية.
ويركز البحث على أهم التحولات في مسيرة حزب الإصلاح خلال 30 سنة منذ تأسيسه في العام 1990، بدايةً بوجوده الفاعل والمؤثر في المعارضة السياسية خلال الفترة الانتقالية بعد الوحدة اليمنية، ومروراً بمشاركته في السلطة عقب حصوله على المركز الثاني في أول انتخابات نيابية عامة في أبريل/نيسان 1993، ثم عودته إلى مربع المعارضة إثر انتخابات البرلمان في العام 1997، وما أسفرت عنه التطورات بعد ذلك إبان انفراد نظام علي صالح بالحكم في أعقاب الانتخابات الرئاسية في العام 1999، والمحلية في العام 2001 ثم النيابية في العام 2003.
ويتناول البحث دور الإصلاح وشركائه في تكتل "اللقاء المشترك" في العقد الأخير من حكم صالح، ثم الثورة الشعبية، وأخيراً الانقلاب الحوثي، وما أفضى إليه من نشوب حرب شاملة.
كما يسلط البحث الضوء- باقتضاب- على مواقف الإصلاح من عدد من القضايا، ومنها قضايا المرأة والديمقراطية والعنف والإرهاب، والنظام الجمهوري، ويختتم بإشارات موجزة لأبرز التحديات التي تواجه الإصلاح في المرحلة الراهنة، ومحاولة الاجابة على تساؤل إن كان الحزب سيواصل مشواره السياسي ككتلة واحدة، مع قدرته في التمييز بين الأداء السياسي والعسكري في الحرب؟ أم أنه مهدد بالانقسام والتشظي، في ظل التحديات التي يواجهها كحزب، والمخاطر التي تهدد اليمن كدولة، مع وضع بعض التوصيات في ضوء ما توصل إليه البحث من نتائج.
واشتمل على خمسة مباحث يسبقها تمهيد وتتبعها خاتمة، تناول المبحث الأول نشأة الحركة الإسلامية اليمنية التي تشكل منها الإصلاح فيما بعد، وركز المبحث الثاني على انتقال الإصلاح من مرحلة الاحتشاد الجماهيري إلى العمل الحزبي السياسي، فيما ناقش المبحث الثالث مواقف الإصلاح من قضايا الديمقراطية والنظام الجمهوري والفكر الإمامي وكذلك موقفه من العنف والإرهاب، أما المبحث الرابع فتناول أهم المحطات التاريخية والسياسية في مسيرة حزب الإصلاح، وناقش المبحث الخامس والأخير ظروف الحزب في ظل الحرب التي تدور رحاها منذ نحو ست سنوات، فضلا عن ما يتعرض له الحزب بصفة خاصة من حملات سياسية وإعلامية واستهداف وجوده من قبل قوى محلية وأخرى خارجية.
واعتمد الباحث المنهج التاريخي لدراسة أحداث ووقائع الماضي القريب المتصلة بموضوع البحث، من أجل فهم أفضل للحاضر، ومن استشراف المستقبل بالشكل الأقرب للواقع وتداعياته، كما اعتمد المنهج الوصفي التحليلي لدراسة الوضع الراهن للحزب/ موضوع البحث، من حيث أهم خصائصه وملامحه، والعلاقات بين أطرافه ومكوناته، وتحليل بعض مضامينه بالتركيز على أهم محتوياته وتطوراته وارتباطاته، والعوامل المؤثرة فيه سلباً أو إيجابا.
كما استخدم الباحث أداة (إجراء المقابلات) التي شملت عددا من قيادات الحزب، بالإضافة إلى سياسيين وأكاديميين وباحثين ومهتمين من خارجه بهدف إثراء الدراسة بمضامين وأفكار وآراء متنوعة ومتعددة، تضمنتها المقابلات، التي شملت محاور عدة في البحث وأثـــْـرت بعض محتوياته.
،، عند تحقيق الوحدة اليمنية في العام 1990 ورغم حضور الحركة الإسلامية إلا أنها ظلت تقتصر على النخب ويرى الإصلاح أنه قدم أوراق اعتماده للشعب ليس باعتباره حزباً إسلامياً، ولكن باعتباره امتداداً لحركة التجديد والإصلاح اليمنية التي خط مسارها الإمام الشوكاني وابن الأمير الصنعاني والبيحاني والحكيمي والزبيري ،، |
المبحث الأول: النشأة والتأسيس
تكاد تتوافق الدراسات التي تناولت تاريخ حزب الإصلاح على اعتباره امتداداً لحركة التجديد والإصلاح اليمنية التي ظهرت في القرون الثلاثة الأخيرة على يد عدد من العلماء والمفكرين والمصلحين أمثال محمد بن إسماعيل الأمير (1688-1769)، وصالح مهدي المقبلي (1720-1788)، ومحمد بن علي الشوكاني (1760-1834).
ومنذ ثلاثينيات القرن العشرين، بدأت تتبلور حركة تجديد ذات بعد فكري إسلامي في إطار حركة المعارضة اليمنية، بعد خروج بعض أفرادها من اليمن للدراسة في مصر، وهناك التقوا بتيارات فكرية وسياسية عدة، منها حركة الإخوان المسلمين المصرية التي تأسست في العام 1928 على يد حسن البنا، وتعزو مصادر تاريخية تقارب وجهتي نظر الطرفين (المعارضة اليمنية وحركة الإخوان)، إلى كون الأولى حركة إصلاحية دينية نهل معظم روادها من منابع الفكر الإسلامي ورموزه مثل: جمال الدين الأفغاني (1739-1897)، ومحمد عبده (1849- 1905)، وهو المنهل نفسه الذي نهل منه مؤسس الجماعة البنا وبقية مؤسسي جماعة الإخوان المسلمين، وبالتالي ظهر هذا التقارب وتعزز لاحقاً بفعل عوامل عدة، منها دعم جماعة الإخوان للحركة الوطنية اليمنية في الإعداد والتغطية والمواكبة السياسية والإعلامية لثورة الدستور اليمنية التي انطلقت في العام 1948، ضد الإمام يحيى حميد الدين لكنها فشلت بعد نحو عشرين يوماً على قيامها. وهذا ما جعل بعض المصادر ترى أن حركة المعارضة اليمنية- في بداياتها الأولى على الأقل- تمثل امتداداً فكرياً وتنظيمياً لحركة الإخوان المسلمين[1].
في خمسينيات القرن العشرين توسعت حركة المعارضة اليمنية، سيما في جمهورية مصر، حيث يوجد غالبية عناصر المعارضة سواء من غادروا اليمن فراراً من بطش الإمام أحمد حميد الدين بعد فشل ثورة 1948، أو من غادروا للدراسة في الجامعات المصرية. وقد أسهمت ثورة 23 يوليو 1952 بزعامة جمال عبدالناصر، في تعزيز تلك العلاقة بين الحكومة المصرية والمعارضة اليمنية، وأبدت مصر دعمها للمعارضة في مواجهة الاستعمار البريطاني جنوب اليمن، والحكم الإمامي في شماله. وقد أخذت المعارضة تتفاعل مع المحيط العربي والدولي، وما فيه من تيارات وأحزاب وقوى، وتأثروا بالأفكار التي كانت منتشرة في تلك الفترة، وقد تمكنت المعارضة من نسج علاقات واسعة مع التيارات الفكرية والسياسية، ومنها حركة الإخوان المسلمين والقوميين العرب والتيار الناصري وحزب البعث.
وبعد قيام الثورة اليمنية سبتمبر/أيلول 1962 ضد الحكم الإمامي في شمال اليمن، وأكتوبر/تشرين 1963 ضد الاستعمار البريطاني في الجنوب اليمني، برزت تيارات عدة على مستوى اليمن شماله وجنوبه، بينما أخذ الشباب الذين كانوا في الغالب محايدين إزاء صراعات التيارات الفكرية المحتدمة حينها بين القوميين والناصريين والماركسيين والبعثيين، يتجمعون تحت لافتة العمل الإسلامي، كانت البداية الأولى من خلال مجموعة من الطلاب اليمنيين في مصر، ثم تجدد العمل في اليمن بأشكال مختلفة.
في عدن تجلت أنشطة الحركة الإسلامية من خلال المركز الإسلامي الذي أسسه الشيخ/ محمد بن سالم البيحاني، حيث برز شباب الحركة المتأثرون بأفكار التجديد الإسلامي، وفي المقدمة عمر سالم طرموم رئيس المركز، ومحمد علي البار الأمين العام للمركز، كما ظهر علماء كبار على تقارب مع شباب الحركة الإسلامية أمثال الشيخ/ علي باحميش، واستطاع شباب الحركة حينها نسج علاقات واسعة خارج محيط المركز الإسلامي، ومن أبرز الشخصيات التي جرى التنسيق معها الشخصية القوية في الجيش، العميد حسين عثمان عشال قائد الجيش الاتحادي في الجنوب اليمني[2].
وفي صنعاء كان مجموعة من ذوي الميول الفكرية الإسلامية بقيادة محمد محمود الزبيري، أحد أبرز القيادات التاريخية للمعارضة والثوار اليمنيين، قد شرعوا في التواصل مع أبناء القبائل وبعض الشيوخ، بهدف تنسيق المواقف لمواجهة حملات بقايا الحكم الإمامي التي لا زالت تحارب الثورة والنظام الجمهوري، وكانت تضلل أتباعها باستخدام الدين لاستثارة العاطفة الدينية لدى اليمنيين، وتقوم حملات الإمامة على اتهام الثوار بالكفر والعمل لصالح اليهود والنصارى، وقد كان لوجود الشباب الملتزمين دينياً تأثيره الفاعل في أوساط المجتمع القبلي، حيث أبطلت دعاية خصوم الثورة، واستمال الزبيري ومعه شيوخ قبائل وعلماء دين ومثقفون كثيراً من أبناء القبائل الذين كانوا يقاتلون الثورة لصالح فلول الحكم الإمامي.
وفي مدينة تعز بدأ الشاب/ عبده محمد المخلافي، وهو من أبرز مؤسسي العمل الإسلامي في اليمن، يجمع حوله عدداً من الشباب الذين شكلوا نواة للعمل الإسلامي، وكان عملهم أقرب لنشاط المركز الإسلامي في عدن، وذلك من خلال التوعية والتثقيف، ورغم أن المدينة كانت تعج بالتيارات المختلفة، فقد نجح المخلافي ومعه سعيد فرحان وعبدالسلام كرمان[3] في تأسيس قاعدة قوية للحركة الإسلامية اليمنية.
ومُنيت الحركة الإسلامية بخسارة فادحة باغتيال الزبيري في العام 1965، لتبدأ بعدها جهود تجميع العمل الإسلامي تحت قيادة واحدة، تضم مناطق العمل الثلاث: صنعاء وعدن وتعز، ولما كان يتمتع به عبده المخلافي من سمات وقدرات اختير مسؤولاً عاماً عن العمل، حتى وفاته في العام 1969، وخلفه في قيادة الحركة الشيخ/عبدالمجيد الزنداني، خلال عقد السبعينيات، ومنذ العام 1979، آلت القيادة لأحد أبرز مؤسسي الحركة، وهو ياسين عبد العزيز القباطي الذي ظل في هذا الموقع حتى اعلان التعددية السياسية في العام 1990، وفيما شهدت أواخر الستينيات وبداية السبعينيات توسعاً ملحوظاً للحركة الإسلامية في شمال اليمن، فقد تمكن الماركسيون في جنوب اليمن من إحكام سيطرتهم على السلطة، ومارسوا كل أشكال القمع والتنكيل بالتيارات والأفكار المناوئة وفي مقدمتها التيار الإسلامي، ما أدى لإيقاف أعماله وانتقال كثير من عناصره إلى الخارج، واستقر بعضهم في شمال الوطن، واستأنفوا نشاطهم في إطار الحركة الإسلامية هناك.
ويمكن القول إن عقد السبعينيات شهد تنامي الحركة الإسلامية وانتشار أعضائها، خاصة في قطاع التربية والتعليم، وذلك بعد تأسيس جمعية للعلماء غدت منبراً معبراً عنهم، ومكتب الإرشاد ثم في فترة لاحقة المعاهد العلمية، ومنذ بدأ عهد الرئيس/ علي عبد الله صالح في يوليو/تموز 1978، باتت الحركة الإسلامية أكثر حضورا، وتحالفت مع الرئيس صالح لمواجهة خصومه في التيارات القومية واليسارية ، فقد وقفوا إلى جانبه ضد انقلاب التنظيم الناصري بعد ثلاثة اشهر من وصوله للحكم، كما تحالفوا معه ضد الذين كانوا يعملون على إسقاط نظامه بدعم من النظام الحاكم في عدن. وتجلى التحالف بين صالح والإسلاميين بداية الثمانينيات ميدانياً في المواجهات المسلحة في المناطق الوسطى ضد الجبهة الوطنية التي تضم عناصر اليسار، وسياسيا في تأسيس المؤتمر الشعبي العام الذي ضم مختلف التيارات السياسية، ودليله النظري الميثاق الوطني الذي غلبت عليه الصبغة الإسلامية.
وفي يوليو/تموز 1988،أجريت أول انتخابات برلمانية شاركت فيها معظم التيارات الفكرية والسياسية – ولكن بصورة غير معلنة لأن التعددية الحزبية كانت حينها محظورة- وحقق فيها التيار الإسلامي فوزا ملحوظا تمثل في الحصول على 36 مقعدا من إجمالي المقاعد البالغ عددها 128 مقعدا على مستوى الجمهورية.
وعند تحقيق الوحدة اليمنية في العام 1990 ورغم حضور الحركة الإسلامية وامتدادها الواسع إلا أنها ظلت في الغالب تقتصر على النخبة، لسببين يتعلق الأول بطبيعة المرحلة إذ كانت الحزبية محظورة ، والثاني مرتبط بآلية العمل والاستقطاب الخاصة بالحركة الإسلامية، ومع ما حققته من انتشار إلا أنها شهدت خلافات بين قياداتها خلال عقدي الستينيات والسبعينيات، وذلك حول طريقة عملها بين فريق يرى الإبقاء على العمل الجماهيري بوسائله المختلفة، ويمثله الشيخ/عبدالمجيد الزنداني الذي بدا متأثراً بأستاذه الزبيري في هذا الجانب، وفريق آخر يُغلّب التركيز على تقوية العمل التنظيمي الداخلي، ويمثله ياسين عبدالعزيز وعمر طرموم وعبدالملك منصور وعلي هود باعباد ومحمد اليدومي. وقريباً من هذا يميز الباحث الفرنسي فرانسوا بورجيا بين تيارين، تيار وهابي،[4] يقوده الشيخ/عبدالمجيد الزنداني، وتيار إخواني يقوده عبده المخلافي وعمر طرموم[5].
وعندما تم الإعلان رسمياً عن دخول الحركة الإسلامية المشهد السياسي التعددي كحزب سياسي، باسم (التجمع اليمني للإصلاح)، لم يقتصر الاستقطاب على كوادر الحركة فقط، ولكن جرى توسيع دائرة الاستقطاب لتشمل شيوخ القبائل وعلماء الدين والأكاديميين والتجار وغيرهم، واختير شيخ قبيلة حاشد عبدالله بن حسين الأحمر رئيسا لتجمع الإصلاح، وينوبه شيخ قبيلة بكيل ناجي عبدالعزيز الشايف[6]، والشيخ عوض بانجار أحد علماء الدين في محافظة حضرموت.
- التعريف:
يُعرّف الإصلاح نفسه بأنه تنظيم سياسي يحمل فكر الشعب اليمني وقيمه المنبثقة عن الدين الإسلامي، ويمثل "الامتداد التاريخي لحركة الإصلاح اليمنية الحديثة التي قادها دعاة الإصلاح والتجديد اليمنيون"[7].
ويرى الدكتور/نجيب غانم القيادي في الحزب نفسه، أن الإصلاح قدم أوراق اعتماده للشعب اليمني ليس باعتباره حزباً إسلامياً، ولكن باعتباره امتداداً لحركة التجديد والإصلاح اليمنية التي خط مسارها الإمام الشوكاني وابن الأمير الصنعاني، والشيخ محمد بن سالم البيحاني والشيخ/عبدالله الحكيمي ومحمد محمود الزبيري[8]، مشيراً إلى أن الإصلاح جذب مختلف شرائح وفئات المجتمع اليمني،[9] وأنه اختار الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيساً له تثميناً لدوره النضالي والتاريخي في نصرة الثورة اليمنية والدفاع عنها، ولمكانته الاجتماعية وشخصيته الجامعة[10].
- الأيديولوجيا والروافد الفكرية:
بعد العرض الموجز للخلفية التاريخية التي سبقت الإعلان عن تأسيس الإصلاح، يجدر بنا الوقوف على أهم الروافد الفكرية التي أسهمت- بشكل أو بآخر في التكوين الفكري والثقافي والتربوي للحركة الإسلامية التي بات يمثلها حزب الإصلاح منذ العام 1990.
ومما سبق يتضح أن مؤسسي الحركة اعتمدوا بدرجة رئيسية على التراث الفكري للعلماء والمجددين اليمنيين الذين انطلقوا في رؤاهم الإصلاحية من الفكر الإسلامي المستنير، وذلك ما تجلى في الرعيل الأول من الحركة الوطنية اليمنية التي تبلورت في ثلاثينيات القرن العشرين، وحملت على عاتقها مهمة مواجهة الحكم الإمامي بما يستند عليه من دعاوى بأحقية السلطة، لا لشيء إلا لكون حكامه ينحدرون من بيت النبي الكريم، ويطلقون على أنفسهم "آل البيت"، ثم في مرحلة لاحقة تأثرت الحركة الوطنية اليمنية بما كان يعتمل في الساحة العربية من صراع فكري وأيديولوجي، كان ثمة من تأثر بأفكار رموز التجديد الإسلامي أمثال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا، لذلك استحسن هؤلاء- وبعضهم من مؤسسي العمل الإسلامي اليمني- ما رأوه في فكر الإخوان المسلمين وكتاباتهم، ويمكن اعتباره الرافد الثاني من الروافد الفكرية للحركة الإسلامية اليمنية.
أما الرافد الثالث فهو الفكر السلفي "الوهابي"، وذلك في أعقاب سفر كثير من عناصر الحركة الإسلامية من اليمن إلى المملكة العربية السعودية، والتحاقهم بالمدارس والجامعات السعودية، وبدا أثر ذلك في تنامي الخطاب السلفي في السبعينيات[11].
- العلاقة مع الإخوان المسلمين:
سبقت الإشارة إلى أن الحركة الإسلامية اليمنية التي يمثلها اليوم حزب التجمع اليمني للإصلاح، جاءت امتدادا لحركة الإصلاح والتجديد اليمنية التي بدأها علماء ومفكرون يمنيون، أسهموا في إثراء الفكر الإصلاحي، والتجديد الديني على مستوى اليمن والمنطقة العربية.
وفي بيانات عدة نفى حزب الإصلاح "وجود أي علاقات تنظيمية أو سياسية تربطه بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين"[12]، مؤكداً أن "أولوياته كحزب سياسي هي أولويات وطنية"[13]، ويشير في هذا السياق إلى وثائقه وأدبياته (النظام الأساسي للحزب وبرنامجه السياسي ولوائحه الداخلية)، باعتبارها الوثائق التي تُعرّف بالحزب وتوضح هويته ومبادئه، وتُبيّن أفكاره ورؤاه ومنطلقاته وأهدافه.
ولا تتضمن تلك الوثائق أي ربط للحزب بالإخوان المسلمين، بل تعرّف الإصلاح بأنه "حركة إصلاحية يمنية تجسد آمال الشعب، وتأخذ على عاتقها تأصيل مطالب الجماهير بالحرية والعدالة والشورى"، كما ورد في (النظام الأساسي)، أما (البرنامج السياسي) فيذكر أنه جاء الإعلان عن قيام التجمع اليمني للإصلاح "ليكون امتداداً حياً لحركة الإصلاح اليمنية الحديثة، وإطاراً يضم كل من ينشدون إصلاح الواقع وتغييره إلى الأفضل".
ووفقاً لبعض الباحثين في فكر الحركة الإسلامية، فإن حركة الإخوان المسلمين تأسست امتداداً لحركة الإصلاح الديني التي قادها جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، وتعد امتداداً لمدرسة الإصلاح والتجديد اليمنية، ومن أبرز مؤسسيها الإمام الشوكاني وابن الأمير الصنعاني.
وفي فترة التأسيس وبناء التيار الإسلامي المعاصر تأثر كثير من المؤسسين – وأغلبهم من الطلاب الذين تلقوا تعليمهم في مصر، بحركة الإخوان المسلمين، وبعد تأسيس الحركة الإسلامية اليمنية في ستينيات القرن العشرين، كان الطلاب العائدون من القاهرة هم المكون الرئيس داخل الحركة، لكنهم سرعان ما انصهروا في التوازنات الاجتماعية والسياسية، وغدا هذا القوام الاستراتيجي لحزب الإصلاح أكثر ارتباطاً بالشعب اليمني نفسه، في التركيبة الاجتماعية نفسها وفي الدور السياسي اليمني نفسه[14].
وبحسب بعض الباحثين فإن العلاقة بين الحركة الإسلامية اليمنية والإخوان المسلمين، علاقة تنسيق وتعاون طوعيَّين، كحال تنظيم الإخوان في السودان، وإن "الحركة الإسلامية في اليمن دخلت في مصالحة مع جغرافيتها، فلم تتقوقع أو تنزوِ أو تتمترس داخل الانتماء للأمة تاركة وطنها، فهي وليدة مجتمع بثقافته وهويته وتقاليده، وتجاوزاته وهناته وحضارته"[15].
وهناك من يرى أن الإصلاح الذي يتبنى المرجعية الإسلامية، هو امتداد لفكر الإخوان المسلمين، لكنه يضم فئات أخرى من المجتمع، بما يجعله أقرب إلى ائتلاف سياسي منه إلى حزب منظم[16].
المبحث الثاني: الانتقال من الاحتشاد الجماهيري إلى العمل الحزبي والسياسي
بعد قيام الوحدة وإعلان التعددية السياسية دخلت اليمن في المرحلة الانتقالية التي حددها الاتفاق على الوحدة بعامين ونصف العام، ويتم بعدها إجراء الانتخابات النيابية العامة، ليجد الإصلاح نفسه في مواجهة الأحداث التي أخذت تتسارع في مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية داخلياً وخارجياً، سيما وأنه صار أكبر أحزاب المعارضة[17] في مواجهة الحزبين الحاكمين (المؤتمر الشعبي العام، والحزب الاشتراكي اليمني).
اتسمت تلك الفترة (1990-1993) -حسب الباحثين والسياسيين اليمنيين- بكونها أفضل فترات الانفتاح السياسي (الديمقراطي)، ورغم أن الحزبين الحاكمين لم يسمحا للمواطنين والقوى السياسية الأخرى بامتلاك وسائل الإعلام الجماهيري، فإن الصراع بين القوتين قد أتاح للقوى السياسية الأخرى لعب أدوار أكثر فعالية وأهمية، وذلك عن طريق الاستفادة من الموارد التي يسيطر عليها أحد الطرفين[18]. وبطبيعة الحال كانت الأدوات والوسائل التي يملكها حزب المؤتمر الشعبي العام أكثر قرباً من حزب التجمع اليمني للإصلاح.
وفي وقت مبكر من إعلان الوحدة اليمنية، خاض "التجمع اليمني للإصلاح" أول معاركه السياسية والإعلامية والجماهيرية في "الاستفتاء على دستور دولة الوحدة" في مايو/أيار 1991، حيث أعلن رفضه الدستور في تلك الصيغة، ومطالبا بتعديل عدد من المواد التي رأى فيها خروجا عن مبادئ وأحكام الدين الإسلامي، ومن تلك المواد المادة الثالثة التي تقر أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، بينما يطالب الإصلاح بإقرار الشريعة الإسلامية مصدراً لجميع التشريعات، وفي المقابل واجهه الحزبان الحاكمان بحملة إعلامية واسعة تتهمه بالوقوف ضد الوحدة اليمنية، وخلال معركة الدستور ظهرت للعلن، ولأول مرة خلافات الإصلاح مع الرئيس صالح وحزبه المؤتمر الشعبي، بعدما ظل التنسيق والتفاهم يسود العلاقة بينهما في الفترة الماضية. وإن كان الصراع الإعلامي بين الحزب الاشتراكي والإصلاح أكثر حدة نظراً للصراع الأيديولوجي بينهما بدرجة أساسية، وقد وجد كل طرف في موضوع الدستور فرصة لتقديم نفسه أمام الشعب ومهاجمة خصومه.
نجح الإصلاح في اكتساب جماهيرية واسعة خلال (1990-1993) لعدة أسباب: قوة الخطاب الإعلامي ومواقفه السياسية حسب بعض الباحثين[19]، ولامتلاكه تنظيماً تربوياً واسع الانتشار، ولما يقدمه من خدمات اجتماعية وثقافية – بحسب آخرين[20]، لكنه كان يعاني مشكلة ناجمة عن اختلاط الكفاح السياسي لدى أعضاء الإصلاح بالجهاد لأجل الدين والدفاع عنه، وفقاً للقيادي في التنظيم الناصري محمد الصبري[21].
حيث كان مصطلح الجهاد سائداً في فترة الثمانينيات والتسعينيات بسبب ما عرف حينها بـ"الجهاد الأفغاني"، ضد الاتحاد السوفيتي -الداعم الرئيسي لفكرة الاشتراكية -في أفغانستان، وعندما عاد بعض اليمنيين المشاركين في القتال ضد السوفيت مطلع التسعينيات، وجدوا حليف السوفيت "الحزب الاشتراكي" شريكاً في السلطة، ثم استخدم بعضهم من قبل خصوم الاشتراكي، وعلى رأسهم صالح ونظامه، ما فاقم الصراع بين الحزبين الحاكمين.
ومن هنا بدا البعد الديني أكثر حضوراً في خطاب الإصلاح، وكذلك في وسائله التي كانت في الغالب تشمل الخطب والمحاضرات والاحتفالات والمؤتمرات العامة، ومن ذلك المسيرة الجماهيرية في العاصمة صنعاء منتصف مايو/ايار 1991، ونجاحه أواخر العام 1992، في تنظيم لقاء جماهيري واسع أطلق عليه "مؤتمر الوحدة والسلام".
واستطاع الإصلاح أن يلفت انتباه الشارع اليمني في مختلف المحافظات، وكان "دوره يزداد أهمية باعتباره الحزب المعارض الرئيسي للائتلاف الحاكم الذي يتقاسم السلطة"[22]، وفقاً لـ(مايكل هدسون)[23]، إضافة إلى أن وجوده في المعارضة، وخارج دائرة السلطة الحاكمة جعله في مأمن من موجات الاستياء في الشارع اليمني، جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، خاصة وأن أزمة الخليج التي أعقبت احتلال العراق للكويت (أغسطس/آب1990)، جاءت بعد تحقيق الوحدة بفترة وجيزة، ونجم عنها عودة نحو مليون مغترب يمني من السعودية ودول الخليج، الأمر الذي كان له تبعات سلبية على الحكومة، وفاقم حالة الاستياء من أدائها.
كما أن انعدام الثقة بين الحزبين الحاكمين نتيجة سعي كل منهما الانفراد بالسلطة وتهميش الآخر، وظهور موجة من الاغتيالات والتفجيرات استهدفت أعضاء الاشتراكي، ووقوع أحداث شغب في مدن الشمال فقط دون الجنوب، قد زاد من حدة الصراع بين المؤتمر والاشتراكي لصالح حزب الإصلاح.
على الصعيد التنظيمي والداخلي للحزب، تذكر وثائق المؤتمر العام الأول للإصلاح أن قيادة الحزب حاولت أن تنجز المهام التحضيرية في الإعداد والتأسيس سريعاً، وتبدأ التهيئة لعقد المؤتمر العام الأول للحزب، "ليقوم بإقرار الأنظمة والبرامج التي يقوم عليها بناء التجمع (الإصلاح)، ثم يختار هيئاته القيادية لتنطلق مسيرة العمل وفق قواعد ثابتة في أجواء منظمة ومستقرة"[24]، لكن "عندما باشرت القيادة عملها، وجدت نفسها مضطرة لتوجيه جهود الحزب وقدراته لمواجهة الأحداث والمواقف والأزمات المتلاحقة والمتسارعة"[25] التي تتابعت منذ تأسيس الإصلاح، وبسبب تلك الأحداث والأزمات لم يتمكن الحزب من عقد مؤتمره الأول إلا في شهر سبتمبر 1994، بعد مرور 4 أعوام على تأسيسه. لذلك ظلت قيادة الإصلاح تدير نشاطه التنظيمي والسياسي من خلال "الهيئة العليا"، وهي أعلى مكون قيادي في هرم الإصلاح انبثقت عن "اللجنة التحضيرية العليا"، وكذلك كانت فروع الإصلاح بالمديريات والمحافظات تدار من لجان تحضيرية هي بمثابة مكاتب تنفيذية، ولم تتبلور الشخصية الحزبية للإصلاح بشكل واضح في الفترة الانتقالية مع أنه كان لديه كتلة برلمانية في مجلس النواب، البرلمان الذي تشكل عند إعلان الوحدة من مجلسي "الشعب" في جنوب اليمن، و"الشورى" في الشمال، وسبقت الإشارة إلى أن التيار الإسلامي- نواة حزب الإصلاح- فاز بأكثر من 30 مقعدا في انتخابات مجلس الشورى التي أجريت في العام 1988.
،، يعتبر الإصلاح تحقيق أهداف الثورة اليمنية والحفاظ على النظام الجمهوري في طليعة الأهداف التي يسعى لتحقيقها وبرنامجه السياسي يحث على مساندة ودعم الشعب الفلسطيني حتى ينال حقه في تقرير مصيره وقيام دولته المستقلة ،،
|
المبحث الثالث: الإصلاح.. قضايا ومواقف
- النظام الجمهوري في مواجهة الفكر السُّلالي:
يضع الإصلاح "العمل على تحقيق أهداف الثورة اليمنية والحفاظ على النظام الجمهوري"[26]، في طليعة الأهداف التي يسعى لتحقيقها، لأن الثورة التي أنهت الحكم الإمامي المستبد في شمال اليمن والوجود الأجنبي في جنوبه، تمثل - برأي الإصلاح- "انتصاراً لقيم التحرر والانعتاق من قيود الطائفية السلالية الامامية"[27]، وتلك كانت أبرز سمات الحكم الإمامي الذي قامت ضده الثورة اليمنية في ستينيات القرن العشرين.
وفيما يؤكد الإصلاح أنه "خاض معركة تحرير الوعي الشعبي من رواسب الماضي وأفكار الاستبداد الامامي السلالي والتطرف والخرافة"[28]، إلا أن أداء الإصلاح تجاه الفكر الإمامي في الفترة الماضية لا يخلو من انتقادات، ذلك أنه أخفق – كبقية الأحزاب السياسية- في تعزيز القيم الوطنية التي أرستها الثورة والنظام الجمهوري، بل إن الأحزاب – بدوافع المكايدة فيما بينها- تركت التيار الفكري والسياسي الإمامي يعود إلى الواجهة، ويعاود الكرّة من جديد، ولم تَفِق الأحزاب اليمنية والنخب الثقافية والسياسية والاجتماعية إلا والجماعة الحوثية- الجناح المسلح لتيار الإمامة، تُحْكم سيطرتها على العاصمة صنعاء وأكثر المحافظات اليمنية.
وفي يونيو/حزيران 2020، أصدر حزب الإصلاح بيانا شديد اللهجة ضد جماعة الحوثي[29]، عدّه بعض السياسيين "وثيقة تاريخية"، لأنه "جاء أكثر قوة ووضوحا، وهاجم –لأول مرة – يحيى بن الحسين مؤسس الدولة الإمامية (الزيدية)، وطالب بتجريم كل أشْـكال العُـنصرية والتمييز الطبقي، وكل ما من شأنه أن يتعارضَ مع قيمِ العَدالة والمساواة والمواطنة"[30].
وأبرز ما حفل به بيان الإصلاح- بحسب الكاتب والباحث اليمني ثابت الأحمدي- أنه أكد على الأهميّة الاسْتراتيجيّة الكبرى والجوهريّة للنظامُ الجُمهوري، والهوية اليمنية الجامعة بما تحمله من إرث ثقافي وحضاري عريق"[31].
البيان الذي حمل المفاصلة الفكرية والسياسية مع الفكر الإمامي، الذي تمثله في الوضع الراهن جماعة الحوثي، ولم يناقش الإصلاح في بيانه نقاط الجدل السياسي والصراع العسكري، ولكنه استهدف الأسس الفكرية والجذور التاريخية التي يقوم عليها التيار الإمامي، وهذا ما جعله محل إشادة كثيرين من خارج الحزب.
وفي هذا السياق توالت تصريحات إصلاحية تؤكد أن موقفها الذي تضمنه البيان ليس جديداً، لأن جذور الحزب- حسب نائب رئيس دائرته الإعلامية – "جمهورية خالصة، وتمثل الجمهورية والديمقراطية والإرادة الشعبية والتعددية السياسية قيم تأسيسية راسخة في مرجعية التنظيم، وكل فكرة تتناقض مع هذه القيم لابد أن يكون موقف الإصلاح منها صلباً وحاسماً وغير قابل للمهادنة"[32]. ويستنتج القيادي الإصلاحي أن الصدى الشعبي لبيان الإصلاح ضد السلالة جاء تعبيرا طبيعياً عن تناغم الإصلاح مع قيم الشعب التي يناضل من أجلها، والتطابق بين مواقف التنظيم وتطلعات الناس"[33].
-الشورى والديمقراطية:
خصص حزب الإصلاح للشورى والديمقراطية في برنامجه السياسي بنداً في الأسُس والمنطلقات، معتبراً أن "التجسيد الأمثل لمفاهيم الشورى في عصرنا الراهن، يُوجب الأخذ بأحسن ما وصلت إليه المجتمعات الإنسانية في ممارستها الديمقراطية، من أشكال وقواعد وطُرُق إجرائية وفنية لتنظيم استخلاص الإجماع، وتحسين ممارسة السلطة، وضمان تداولها سلمياً، وتوسيع دائرة المشاركة الشعبية فيها، وتفعيل المراقبة عليها"[34].
منذ الإعلان عن تأسيسه في العام 1990، ظل خطاب حزب الإصلاح يؤكد على "استمرار وتعميق الشورى والديمقراطية، والقبول بنتائج الانتخابات حتى تتجذر الممارسة"[35]، وفي كافة أدبياته يعلن الإصلاح التزامه بالشورى والديمقراطية، والقبول بالرأي الآخر، والالتزام برأي الأغلبية، لكن على أرض الواقع تبدو المفارقة نسبية ومختلفة، بحسب الزمان والمكان والمواقع القيادية، فكلما كان الموقع قيادياً، كانت نسبة الشورى فيه أكثر، لتضعف تدريجياً كلما اتجهت نحو القواعد[36].
وفيما يعد بعض المراقبين حزب الإصلاح حزباً محافظاً بالمعنى الغربي للكلمة، إلا أنهم يرونه مساهماً في التجربة الديمقراطية من خلال خياره المؤيد للنظام الديمقراطي، الأمر الذي منع عمليا الجدل بشأن الشرعية الدينية لهذا النوع من الحكم بين جماعة واسعة من الجمهور، ويستنتجون أن الإصلاح أدمج الخطاب الديني في خطاب عام حر ومفتوح إلى حد كبير[37].
وفي المقابل يرى بعض المتابعين أن الإصلاح يضم عناصر مناهضة للديمقراطية، يقول الكاتب والسياسي عبد الباري طاهر: "الإصلاح كقواعد وتنظيم له امتداد شعبي لاشك أن له مصلحة حقيقية في الديمقراطية. وكثير من قواعده مهتمة بالديمقراطية، غير أن في الإصلاح عناصر مزدوجة فهي مع الديمقراطية وضدها في آن واحد. وخطابها مزدوج وملتبس"[38].
وحزب الإصلاح -كغيره من الأحزاب اليمنية – يكابد عناء الانتقال الشامل إلى الممارسة الديمقراطية وتطبيقها بشكل كامل، سواء أكان ذلك على مستوى البلد عامة أو في إطار الحزب، ويرجع ذلك لعوامل واسباب متعلقة بالأوضاع العامة والظروف المحيطة، وما عاشته البلاد- ولا زالت- من صراعات سياسية وعسكرية وأزمات متلاحقة. ويُتهم الإصلاح من بعض خصومه بأن الديمقراطية التي ينادي بها لا تختلف كثيراً عن السائد في المنطقة العربية[39].
ومع ذلك يلاحظ مراقبون أن النضال السلمي أصبح استراتيجية لدى الإصلاح تتكامل مع الشراكة السياسية، كما أصبح تربية وثقافة لدى أعضائه وكوادره، وأسلوباً في المطالبة بالحقوق والحريات[40].
- العنف والإرهاب:
يشدد حزب الإصلاح على بناء شخصية العضو على "الحوار والاعتدال في القول والعمل ومناهضة كل صور الغلو والتطرف مهما كان مصدرها وأيا كان لونها"[41]، لذلك انتهج حزب الإصلاح- وشركاؤه في تكتل اللقاء المشترك- النضال السلمي الرافض لكل أشكال العنف ، وبدت الثورة السلمية اليمنية شاهدة على ديناميكية الإصلاح وشركائه في طريق النضال السلمي ، ذلك أنها اعتمدت الخيار السلمي ورفضت كافة أشكال العنف وعسكرة الثورة، الأمر الذي جعل حزب الإصلاح وحلفاءه يوقعون على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة ويقبلون بالشراكة والتسوية السياسية في اختيار رئيس توافقي لليمن، وحكومة وفاق وطني لتسيير المرحلة الانتقالية[42].
ويرى الإصلاح أن الآفات الناتجة عن التطرف كالإرهاب والعنف والإقصاء والقمع وتجاوز القوانين وتفشي الفساد والمحسوبية وغيرها، لن يجتث جذورها سوى إشاعة ثقافة الحوار وقبول الآراء والدفاع عن الحقوق، واعتماد جميع الأطراف – في السلطة والمعارضة- العمل السياسي الديمقراطي السلمي المدني، باعتباره مبدأ لحسم الخلافات والمنازعات[43].
ولاشك أن أنظمة الحكم في المنطقة العربية – ومنها نظام الرئيس السابق علي صالح- استغلت موضوع الحرب على الإرهاب بعد أحداث الـ11 من سبتمبر/أيلول 2001، فعملت على تعزيز القبضة الأمنية، وتوزيع الاتهامات على الأطراف السياسية الفاعلة والمؤثرة في الشارع المعارض، لذلك بدأت الاتهامات تجد طريقها نحو حزب الإصلاح ذي التوجه الإسلامي الذي غدا أكبر أحزاب المعارضة، بينما آثر الإصلاح العمل السياسي السلمي مع شركائه في تكتل اللقاء المشترك، وإن نشاط الإصلاح الواسع وحضوره الفاعل في المجتمع المدني جعل دعايات الحزب الحاكم واتهاماته تفقد كثيراً من مضامينها.
وبحسب بعض الباحثين فقد كان توزيع تهم الإرهاب – بعد أحداث 11 سبتمبر، ملمحاً بارزاً في الصراع السياسي، خاصة في وجه المعارضة التي يمثل (الإصلاح) أهم قواها على الساحة، وإزاء ذلك شدد الخطاب الإصلاحي على مواجهة مثل هذه الخطابات بمزيد من "العمل الوطني والانفتاح السياسي، وبذل المزيد من الجهود للنصح وتقويم التجربة السياسية التي يجب أن يتعاضد أبناؤها للدفاع عن حرية بعضهم مهما تباينت رؤاهم واختلفت مواقفهم"، مؤكداً على موقف الإصلاح الثابت "في الدفاع عن حق كل مواطن في التعبير ورفضه لأي إرهاب أو تخوين"[44].
واعتبر الإصلاح أن "موضوع الإرهاب لم يعد ممكنا المتاجرة به، أو استغلاله لوأد أحلام المجتمع بالتحول نحو الحكم العادل والرشيد"، داعياً "السلطة اليمنية للاستفادة من جهود البلدان التي تدعي الشراكة معها في مكافحة تلك الآفة الإنسانية، ومن علاقة حكومات تلك البلدان بمجتمعاتها المعارضة والمشاركة أيضاً، بل وحتى تلك الجهود التي يبذلها الغرب، في محاولة الوصول إلى فهم مشترك لمصادر وحلول الاختلالات بين الشرق والغرب"[45].
وجدد الإصلاح في مؤتمره العام الثالث (2002)، رفضه الإرهاب بكافة أشكاله وصوره من أي جهة، وتحت أي مسمى، كما أكد رفضه "استخدام العنف في العمل السياسي، واستنكر كل ما كان يحدث من عمليات تخريبية تضر بالأمن العام والسكينة العامة، وتنال من الأبرياء"[46].
وكان الإصلاح قد أعلن منذ وقت مبكر موقفه الرافض للاغتيالات والاختطافات والتفجيرات والصدامات المسلحة، واعتبرها أعمال متعارضة "مع قيم المجتمع اليمني وتاريخه وتقاليده العريقة، وتستوجب تعاون الجميع للتخلص منها"[47].
وهنا يتضح أن الإصلاح في كثير من بياناته ظل يعرب عن رفض العنف والتطرف والإرهاب، إلا أن متابعين للشأن السياسي اليمني، يرون في لهجة الحزب حيال الديمقراطية والتطرف علامة دالة على مدى تأثير التطورات السياسية في المنطقة على تحولات القوى السياسية فيها، لاسيما في مرحلة ما بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001، والغزو الأمريكي للعراق في مارس 2003، وما أعقبهما من توجه لمكافحة للإرهاب وتجفيف منابعه، وتنامي الدعوة للإصلاح السياسي في المنطقة العربية[48].
ويلاحظ أن اتهام الخصوم بالإرهاب ليست حكراً على طرف دون غيره، وكما استخدمه نظام الرئيس السابق علي صالح ضد المعارضة، جاءت جماعة الحوثي وتحركت دعايتها المناهضة لحزب الإصلاح والحكومة التي تضم مختلف أطياف العمل السياسي، في الاتجاه ذاته، وشنت الجماعة حربها تحت شعار محاربة الإرهاب والتكفيريين والقاعدة وداعش، وبعد الحرب ظهر خصوم جدد للإصلاح، ولم يكفوا عن استخدام الطريقة نفسها، اتهام الإصلاح بالإرهاب بالتزامن مع ما يتعرض له الحزب نفسه من حرب اجتثاث لا تتوقف.
تحت طائلة الاتهام:
كان الشيخ محمد المؤيد (1948-2017)، أحد القيادات البارزة في حزب الإصلاح، أول من طالته تهمة "الإرهاب" من قبل الأمريكان، بعد ما اعتقلته المخابرات الألمانية في مطار فرانكفورت بداية العام 2003، ليتم نقله إلى الولايات المتحدة الأمريكية أواخر العام نفسه وسط مطالبات يمنية بالإفراج عنه، وهناك أدانته محكمة ابتدائية بـ"دعم حركة حماس الفلسطينية وتنظيم القاعدة"، وظل في السجون الأمريكية حتى أصدرت محكمة استئنافية في العام 2008 حكماً يقضي ببراءته، ويلغي الحكم الابتدائي مع الإبقاء على التهمة التي أقر بها وهي "دعم حركة حماس"، وعاد إلى اليمن في العام 2009.
وظل الإصلاح في بياناته وتصريحات قياداته المطالبة بالإفراج عن الشيخ المؤيد، حريصاً على درء تهمة الإرهاب عنه، والإشادة به مع الإشارة إلى نشاطه في العمل الخيري والإنساني ودعم ورعاية الأيتام، لكن مراقبين وصفوا موقف الحزب بالضعيف تجاه القضية، وهو ما نفاه القيادي في الإصلاح حمود الذارحي- الذي تولى رئاسة الهيئة الوطنية للدفاع عن الشيخ المؤيد (غير حكومية)، وقال في إحدى مقابلاته الصحفية، "إن الإصلاح أراد أن لا ينفرد في الدفاع عن الشيخ المؤيد، ولكونه مواطناً يمنياً فإن مسؤولية الدفاع عنه ومتابعة قضيته ترجع إلى الحكومة ورئيس الجمهورية"[49].
وفي مايو/ايار 2017 أصدرت وزارة الخزانة الامريكية بياناً أدرجت فيه القيادي الإصلاحي خالد العرادة (ينتمي لمحافظة مأرب)، في قائمة المشمولين بالعقوبات بمزاعم العلاقة بجماعات إرهابية، الاتهام الذي استنكره حزب الإصلاح، وقال في بيان له: "إن الإدارة الأميركية تتلقى معلومات مغلوطة من جهات تستهدف الشخصيات الوطنية المعروفة في أوساط المجتمع اليمني بفكرها الوسطي والمعتدل"[50].
وكانت الوزارة الأمريكية قد أدرجت نهاية العام 2016، القيادي الإصلاحي الحسن أبكر، في قائمة المشمولين بالعقوبات، وهو القيادي المعروف في محافظة الجوف (شمال شرق البلاد)، حيث كان يقود المقاومة الشعبية ضد الحوثيين الذين يخوضون حرباً متواصلة منذ العام 2011 بهدف السيطرة على المحافظة الواقعة على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية.
حزب الإصلاح حينها أدان القرار الأمريكي، واعتبره "دليلاً واضحاً على استهداف الشخصيات الوطنية، ذات الفكر الوسطي المعتدل، دون استناد إلى أي دليل ملموس"، مضيفاً في بيان له: "إن الحسن أبكر شخصية وطنية تؤمن بالعيش المشترك والعمل السياسي السلمي سبيلاً للوصول إلى السلطة، كما عرفه اليمنيون شخصية اجتماعية جامعة قضى عمره في إصلاح ذات البين، وسخر وجاهته وكل ما يملك لحل النزاعات القبلية المسلحة ومكافحة الثأر كظاهرة تنتشر في المناطق القبلية ومنها محافظة الجوف التي ينتمي إليها"[51].
ويسود اعتقاد لدى المراقبين والمتابعين أن ثمة فتور يظهره الإصلاح تجاه منتسبيه الذين تطالهم تهمة الإرهاب، إذ تكتفي قيادة الإصلاح بإصدار البيانات، ومطالبة الرئاسة والحكومة اليمنية بـ"اتخاذ موقف واضح من هذه القرارات التي مست مواطنين يمنيين، وقفوا إلى جانب الشرعية، وضحوا بحياتهم من أجل الدفاع عن حق اليمنيين في بناء دولة تحميهم، وتلبي تطلعاتهم في الحرية والكرامة والمساواة والعيش الكريم"[52].
ولقد ظل الشيخ المؤيد حاضراً في المشهد، ومسنوداً بالتفاعل الشعبي الواسع، بدليل المتابعة المستمرة لقضيته منذ اعتقاله في ألمانيا ثم نقله إلى الولايات المتحدة ومروراً بمحاكمته وتبرئته، وانتهاء باستقباله الحاشد من آلاف المواطنين الذين احتفوا بعودته بعدما قضى سنوات في السجون الأمريكية، بينما يبدو الأمر مختلفا بالنسبة للقياديين الإصلاحيين الحسن أبكر وخالد العرادة، البعيدين عن الاستهداف المادي من قبل الأمريكان، كما أنهما معروفان بحضورهما الاجتماعي في مناطقهما ذات التركيبة القبلية المتماسكة (الجوف ومأرب)، ويحظيان بالمكانة الاجتماعية والسياسية البارزة، ويحتفظ كل منهما برصيد كبير في سجل الحرب ضد جماعة الحوثي، الأمر الذي يرجح ضلوع الحوثيين وجهات اقليمية متضررة من دعم الاصلاح لشرعية الرئيس هادي في تضليل الأمريكان بمعلومات مغلوطة عنهما، ليتحقق لهم ما يريدون من حصولهم على أدلة تدين خصومهم بالإرهاب، وهو الاتهام الذي ظلت جماعة الحوثي المدعومة من إيران والمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات يطلقانه على خصومهما من حلفاء الشرعية المناهضين لانقلاب 21 سبتمبر 2014 ، واعلان الإدارة الذاتية كانفصال من طرف واحد في أبريل 2020م.
- القضية الجنوبية:
شهدت القضية الجنوبية تصاعدا ملحوظا في الجانبين السياسي والإعلامي بعد انطلاق الحراك الجنوبي في العام 2007، عبر جمعيات المتقاعدين العسكريين، وهي مرتبطة بحرب العام 1994، وما تمخض عنها من نتائج رأى البعض أنها أدت إلى إقصاء الجنوبيين المحسوبين على الطرف الذي خسر الحرب، وفيما ظلت السلطة تتجاهل الاحتجاجات التي قادها المتقاعدون فإن الأحزاب السياسية لم تكن تتوقع أن تسير تلك الفعاليات بتلك الوتيرة إلى الحد الذي وصلت إليه بعد سنوات قليلة، خاصة بعد الثورة الشعبية في العام 2011. ومع أن أحزاب المعارضة لم تتوافق مع ما يطرحه قادة الحراك من مطالب بانفصال الجنوب عن الشمال إلا أن نظرتها للقضية الجنوبية باتت تحتل الصدارة مع انطلاق أعمال مؤتمر الحوار الوطني، إذ اتفقت جميع الأحزاب والمكونات السياسية المشاركة في الحوار على أهمية القضية، وضرورة العمل على حلها.
وهذا ما نلاحظه في موقف الإصلاح من القضية الجنوبية، الذي بدأ خجولاً في البيان الختامي لمؤتمره العام الأول الذي انعقد في سبتمبر/ايلول 1994، أي بعد نحو شهرين فقط من انتهاء الحرب، إذ دعا الحكومة، وكان مشاركاً فيها بقرابة ثلث المقاعد الوزارية، لـ"معالجة آثار الحرب وإزالة مخلفاتها وتعمير المناطق المتضررة"[53].
أما في آخر مؤتمر له وهو المؤتمر العام الرابع، فقد أفرد الإصلاح للقضية الجنوبية فصلا خاصا، و"وقف المؤتمر أمام الأوضاع الخطيرة في المحافظات الجنوبية ونذرها الكارثية، الناجمة أساساً عن سياسات التفرد وإقصاء شركاء الحياة السياسية وغياب المواطنة المتساوية"، متهماً السلطة بأنها "أدارت ظهرها لأسس التعددية السياسية والحزبية ومرتكزات الشراكة الوطنية التي قامت عليها الوحدة اليمنية، وأصرت على التعامل مع أوضاع وتحديات ما بعد حرب 1994، بخفة وتعالٍ"[54]، وأشار البيان الختامي للمؤتمر إلى دعوته السابقة في بيان المؤتمر العام الأول، وإزاء تدهور الأوضاع دعا الإصلاح في بيانه "المجتمع اليمني بكل قواه ومكوناته السياسية والاجتماعية ومنظماته المدنية لتحمل مسؤوليتهم الوطنية، ودراسة الحلول والمعالجات الجادة، متخذين من القضية الجنوبية مدخلاً للإصلاح السياسي والوطني الشامل"[55].
فيما يتعلق برؤية الإصلاح لحل القضية الجنوبية فقد ضمنها في الوثيقة التي قدمها لمؤتمر الحوار الوطني (مارس/آذار 2013- يناير/كانون ثان 2014)، كما فعلت كل القوى السياسية المشاركة في المؤتمر، وأكدت رؤية الإصلاح أن "القضية الجنوبية تتصدر القضايا الوطنية المطروحة على أجندة مؤتمر الحوار، وأنّ حلها سيشكل المدخل الصحيح للإصلاح الوطني الشامل، والأساس والمدماك المتين الذي ستقام عليه دعائم الدولة المدنية الحديثة"[56].
ونصت رؤية الإصلاح على "أن الخطوة الأولى تبدأ بإجراءات بناء الثقة وتهيئة الأجواء والمناخات المناسبة تمهيدا لحل القضية الجنوبية حلاً عادلاً وشاملاً، يحفظ كيان الدولة، ويستعيد المضامين السلمية لوحدة مايو عام 1990، ويعيد الاعتبار لأهداف الثورة اليمنية، ويضع الجنوب في مكانه الوطني الطبيعي كطرف في المعادلة الوطنية، وكشريك حقيقي في السلطة والثروة".
ومع تأكيد الإصلاح على ضرورة إنهاء حالة الاختلالات الأمنية الحاصلة في بعض محافظات الجنوب، وسرعة معالجة غياب ونقص الخدمات العامة في المحافظات الجنوبية. فإنه يدعو إلى "توفير كافة الامكانات اللازمة للجنة القضائية المشكلة من الرئاسة وبما يكفل سرعة إنجازها للمهمة المناطة بها، في معالجة قضايا المبعدين والأراضي، والزام الحكومة بتنفيذ قراراتها، وإعادة الممتلكات التي تم الاستيلاء عليها، سواء كانت خاصة بالأفراد أو الأحزاب أو النقابات أو الدولة، مع التعويض العادل عن الفترة الماضية". ويشدد على "معالجة أوضاع الموظفين المدنيين والعسكريين والمشردين والموقوفين والمحالين قسراً إلى التقاعد والنازحين في الخارج، وإعادتهم إلى أعمالهم ودفع مستحقاتهم القانونية. ومعالجة وتسوية أوضاع المبعدين والمفقودين المدنيين جراء مختلف الصراعات السياسية التي شهدتها الساحة الجنوبية وتسوية معاشاتهم التقاعدية والذين لم يشملهم حصر لجنة المبعدين"[57].
ولا يزال موقف الإصلاح من القضية الجنوبية يشوبه اللبس وتثار حوله الشكوك من بعض فصائل الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال، حيث تحمله تلك الفصائل مسؤولية الحرب التي اندلعت في العام 1994، كونه كان شريكاً فيها إلى جانب الرئيس السابق علي صالح، مع حلفاء آخرين في الشمال والجنوب، جمعهم في الغالب شعار الدفاع عن الوحدة اليمنية ومواجهة الانفصال. وفي الوقت الراهن لا يخفي متطرفو الحراك الجنوبي –سيما فصيل المجلس الانتقالي المدعوم من دولة الإمارات، عداءهم لحزب الإصلاح، لسببين رئيسيين، يتعلق الأول بالتصورات المسبقة لديهم عن الإصلاح كتنظيم سياسي قوي ومتماسك يقف في صف المشروع المناهض للانفصال، وهو مشروع الدولة الاتحادية الذي يقوده الرئيس هادي، أما السبب الثاني فهو مرتبط بموقف أبو ظبي من تيارات الإسلام السياسي ومنها حزب الإصلاح.
- قضية المرأة:
رغم الأهمية التي تمثلها المرأة والدور الذي تقوم به في الحياة السياسية اليمنية، سواء من داخل الأحزاب والتيارات السياسية أو من خارجها، إلا أن كثيراً من المعوقات لا زالت تقف في طريق المرأة، وتحول دون مشاركة المرأة بالشكل المطلوب، على تفاوت بين حزب وآخر، وكذلك من محافظة إلى أخرى.
في اليمن -ذات المجتمع القَبلي- ينظر إلى المرأة باعتبارها ثانياً بعد الرجل، حيث تحرم النساء في كثير من المناطق اليمنية من حقها في التعليم، سيما التعليم الثانوي والجامعي، ناهيكم عن المشاركة في الانتخابات، لكن المنافسة السياسية بين الأحزاب المؤثرة في المشهد – وفي مقدمتها حزب الاصلاح المؤثر في كثير من المناطق القبلية والأرياف، كان لها دور كبير في إشراك المرأة في الانتخابات كناخبة في الغالب لا كمرشحة.
وقد اتسمت المشاركة النسائية السياسية في اليمن بالحيوية، خاصة في آخر انتخابات نيابية شهدتها البلاد في العام 2003، وبلغت نسبة النساء المشاركات في الانتخابات 42% من إجمالي عدد الناخبين، غير أنه لم يترشح منهن سوى 11 امرأة، فازت واحدة فقط، ودل ذلك على وجود هوة بين تشريع متقدم من جهة، ونظرة المجتمع السلبية للنساء من جهة ثانية[58]. بمعنى أن الغبن الذي تتعرض له المرأة لا يتصل معظمه بالنصوص القانونية، وإنما بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع[59].
فيما يتعلق بحزب الإصلاح فالملاحظ أن حضور المرأة الإصلاحية بدأ هامشيا ثم أخذ ينمو ويقوى، وشهدت الدورة الثانية للمؤتمر العام الرابع للإصلاح جدلاً واسعاً بين أعضاء وقيادات الحزب حول موضوع المرأة، بعد طرحه في المؤتمر، وبعد نقاش استأثر بالكثير من الوقت والجهد، وشهدت قاعة المؤتمر انقساماً بين مؤيد ومعارض، أقر المؤتمرون بتصويت الأغلبية، توسيع نطاق عمل المرأة في الحزب، وتحويله من مكتب إلى دائرة[60]، وبحسب المؤيدين لهذا التعديل فإنه يهدف "إلى تطوير هياكل الإصلاح ولوائحه، وتجويد العمل في القطاع النسوي وتقويته"[61].
ومع ذلك فإن وضع المرأة في الإصلاح لا يزال دون المستوى المأمول، والبعض يرجع ذلك إلى أن "التراث السائد في المنطقة لا يزال في مرحلة متأخرة، وهذا يؤدي إلى عدم إدماج المرأة بشكل كامل، وليس بمقدور الحزب تعديل هذا الإرث"[62].
وخلال الفترة الماضية برزت نساء إصلاحيات في العمل السياسي وكذلك في الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، ومنهن الناشطة الحقوقية توكل عبدالسلام كرمان الحاصلة على جائزة نوبل للسلام في العام 2011، وهي عضو في مجلس شورى الإصلاح الذي يمثل برلمان الحزب. وقبل حصولها على جائزة نوبل كانت من أبرز نشطاء حقوق الإنسان في اليمن، من خلال الدفاع عن حقوق الإنسان في فعاليات وانشطة متعددة، وكذلك في الدفاع بشكل خاص عن حقوق الصحفيين وحرية الرأي والتعبير، من خلال منظمة (صحفيات بلا قيود)، التي أسستها في العام 2005، وتنشط في رصد واقع الصحافة اليمنية وما تتعرض له من انتهاكات. غير أن علاقة كرمان بقيادة حزبها ساءت في العامين الأخيرين ما أدى إلى إصدار قرار من رئاسة الحزب بتجميد عضويتها، على خلفية انتقاداتها المستمرة للتحالف العربي الداعم للشرعية اليمنية.
- المجتمع القبلي:
ينظر البعض إلى تنوع حزب الإصلاح على أنه نقطة ضعف بينما هو- من وجهة نظر آخرين- انعكاس للمجتمع اليمني، ذلك أن تواجد شخصيات محسوبة على التيار القبلي والتيارات الدينية المختلفة كالإخوان المسلمين والسلفية والصوفية والزيدية، إلى جانب حضور التيار الشبابي والطلابي والمرأة، مع حضور التنوع الجغرافي في الحزب، من شمال الشمال الى الوسط والجنوب ومن الشرق إلى الغرب، كل ذلك حافظ على هذا الحزب ليكون ابن بيئته، أكثر منه حركة نخبوية أو فئوية أو ايديولوجية[63].
ونتج عن كونه حزبا جماهيريا- أكثر منه حزبا نخبوياً، أنه استطاع أن يجذر وجوده في المجتمع القبلي الذي ظل شبه مغلق أمام الأحزاب السياسية خاصة ذات الأيديولوجيا الوافدة والقيود التنظيمية الصارمة، وكان لوجود قيادات ورموز قبلية واجتماعية في الصفوف القيادية لحزب الإصلاح أثره في الدفع بكثير من أبناء القبائل للالتحاق بالحزب، إما بالعضوية المنضبطة أو بإقامة نوع من التفاهم والتنسيق في بعض المواقف.
وعن ارتباط الحزب بالمجتمع، يقول محمد قحطان، أحد قيادات الإصلاح: "جاء الاعلان عن قيام التجمع اليمني للإصلاح تعبيراً صادقاً وامتداداً طبيعياً لحركة الاصلاح اليمنية الحديثة، كما جاء استجابة طبيعية لنسيج المجتمع اليمني ومقوماته الفكرية والقيمية، وكان بذلك صرحاً شامخاً وقوة دفع كبيرة في ترسيخ مسار التطور السياسي والاجتماعي والثقافي للمجتمع اليمني"[64].
- القضية الفلسطينية:
تتصدر قضية فلسطين اهتمامات الإصلاح اليمني الذي يوجز موقفه إزاءها بـ"مساندة ودعم الشعب الفلسطيني حتى ينال حقه في تقرير مصيره بنفسه وقيام دولته المستقلة" بحسب البرنامج السياسي للحزب، وكثيراً ما يتصدر أعضاء في الإصلاح مناشط وفعاليات محلية وعربية داعمة للقضية الفلسطينية، خصوصاً أن أول رئيس للإصلاح، وهو الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، عُرف بمواقفه الداعمة للفلسطينيين، وترأس لجان وهيئات عديدة – يمنياً وعربياً- داعمة لقضية فلسطين.
ويلاحظ أن موقف الإصلاح من القضية الفلسطينية جاء منسجماً في الغالب مع موقف اليمن الرسمي والشعبي الداعم لفلسطين، وتُجمع القوى السياسية اليمنية على هذا الموقف "تجاه القضية الفلسطينية ودعم الشعب الفلسطيني حتى نيل كافة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على كامل التراب الوطني الفلسطيني"[65].
في مؤتمره العام الأول عام 1994، قال بيان الإصلاح إن "التقدم الذي يحققه الكيان الصهيوني على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية، إنما هو بسبب الحالة المتردية التي تعيشها الأمة"[66]، ودعا "زعماء وقادة الدول العربية والإسلامية إلى تصحيح المسار وإعادة النظر في كل القضايا، وعلى كافة المستويات السياسية والثقافية والاقتصادية، وانتهاج أساليب جديدة في التعامل مع العدو الصهيوني، تضمن إعادة الحقوق المشروعة إلى أصحابها وتردع المعتدين"[67].
وبعد نحو عامين استنكر الإصلاح ما وصفها بـ"السياسات الاستيطانية والعدوانية"، ودعا "جميع دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية لممارسة الضغوط على الحكومة الصهيونية لوقف تلك الممارسات العدوانية"[68].
وعندما اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية- انتفاضة الأقصى في العام 2000، أشاد الإصلاح بـ"الانتفاضة ضد الاحتلال الصهيوني، وجهاد أبناء الشعب الفلسطيني وتضحياتهم وصمودهم"[69]، كما أشاد بـ"تلاحم فئات الشعب الفلسطيني وتكتل جميع فصائله وقواه السياسية على قاعدة الوحدة الوطنية أمام الهجمة العدوانية الصهيونية، والمحاولات الرامية لتدنيس المقدسات الاسلامية"[70]. وفي آخر مؤتمر له أشاد الإصلاح بـ"صمود الشعب الفلسطيني في غزة وقوى المقاومة، أمام العدوان الهمجي والغاشم للكيان الصهيوني"[71].
ويمكن استنتاج عدد من المحددات في موقف الإصلاح من القضية الفلسطينية، أهمها:
1- التأكيد على الحق العربي الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وحق العودة، وحق الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي حتى تحرير أرضه.
2- ضرورة "الحوار بين الفصائل الفلسطينية للخروج بنتائج إيجابية تعيد للشعب الفلسطيني وحدته وتماسكه، وتمكنه من مقاومة الاحتلال"[72].
3- رفض التطبيع مع إسرائيل، باعتباره "جناية تاريخية بحق الشعوب"[73]، ولم يحقق العرب الذين طبعوا العلاقات مع إسرائيل شيئاً نافعاً يخدم الفلسطينيين، ويرى الإصلاحيون أن التطبيع يجعل العرب "يتنازلون عن كل شيء مقابل الانخراط في الانخراط بشرق أوسط، يقوم على أنقاض العرب كأمة وكيان واحد، قادر على التحكم بمصيره أو التأثير في قضاياه"[74].
ورغم انسجام الموقف الحزبي للإصلاح مع الموقف الرسمي للحكومة اليمنية والموقف الشعبي اتجاه القضية الفلسطينية كما اشرنا سابقا، إلا أن ذلك لم يدفع الإصلاح كحزب سياسي أن يعقد اتفاقيات أو شراكات أو حتى علاقات بعيدا عن الحكومة اليمنية مع اي من الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة حماس كحركة مقاومة، تاركا للجهات الرسمية المهمة في قيادة الراي العام اليمني اتجاه القضية الفلسطينية وتقديم العون للشعب الفلسطيني وقيادته، والاشراف على الجهود الشعبية الانسانية.
المبحث الرابع: محطات بارزة في مسيرة الإصلاح
أولاً: المشاركة في السلطة
أفضت نتائج الانتخابات النيابية في أبريل/نيسان 1993، إلى فوز التجمع اليمني للإصلاح بالمرتبة الثانية (63 مقعد بنسبة 21%) بعد المؤتمر الشعبي الذي حصل على 123 مقعد بنسبة 40%، وقبل الحزب الاشتراكي الحاصل على 56 مقعد بنسبة 18%[75]، وأسفر عن تلك النتيجة اتفاق الأحزاب الثلاثة على الدخول في تجربة ائتلاف ثلاثي، يتضمن تشكيل حكومة ائتلافية وتنسيق برلماني بين الكتل البرلمانية الثلاث.
ورأى حزب الإصلاح أن مشاركته في السلطة – حينها- "جاءت نتيجة طبيعية وضرورة موضوعية، بعد أن خاض بشرف ونزاهة، أول انتخابات نيابية بعد قيام الجمهورية اليمنية، ومن خلال الموقع الذي حصل عليه"[76]. وتنازل الإصلاح في التشكيل الحكومي عن المركز الثاني لصالح الاشتراكي، "مراعاة للمصلحة الوطنية وتأكيداً لحسن النية تجاه شريكه في الائتلاف الحزب الاشتراكي"[77].
تمكنت انتخابات (1993) من إلغاء "القسمة على اثنين" القاعدة التي حكمت الفترة الانتقالية، وذلك لعدة أسباب: الأول وجود شريك جديد في السلطة أفرزته الانتخابات وهو حزب "الإصلاح"، والثاني: نتائج الحزب الاشتراكي المتواضعة في الانتخابات. والثالث، ظهور المؤتمر الشعبي العام في موقع السيطرة على قرابة نصف أعضاء البرلمان. وسمح تنازل حزب الإصلاح باحتفاظ الحزب الاشتراكي بنصيب معقول من السلطة تفوق تمثيله في مجلس النواب. لكن كانت الانتخابات واحدة من محاور الصراع الجديد التي أوصلت إلى الأزمة السياسية 1993 ثم حرب 1994، حيث أبدى الاشتراكي خشيته من قيام حزب المؤتمر، بمساندة الإصلاح، بتقليص نفوذه وسلطاته باسم (شرعية الانتخابات)، الأمر الذي دفع الاشتراكي للاستقواء بـ(شرعية الوحدة واتفاقها)، مقابل ما يصفه بـ(الاستقواء بالأغلبية البرلمانية). وظل الطرفان يراهنان على ما يستندان عليه للمواجهة بينهما، ويعمل كل منهما على إقصاء الآخر، لكن تأييد حزب التجمع اليمني للإصلاح لحزب المؤتمر الشعبي العام جعل صوتهما أكبر من صوت الحزب الاشتراكي، ليبدأ هذا الأخير بالتحالف مع الأحزاب الصغيرة.
ورغم ذلك إلا أن علاقة الإصلاح بالاشتراكي شهدت تحسناً كبيراً بعد تشكيل الحكومة الائتلافية ، وبعدما جرت لقاءات عدة جمعت قيادتي الحزبين، بيد أن تجربة الائتلاف تلك لم يكتب لها أن تستمر، وسرعان ما أعاقتها الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد طوال ثمانية أشهر خلال الفترة (أغسطس/آب 1993- أبريل/نيسان 1994)، ثم اندلاع الحرب الشاملة بين مايو/أيار ويوليو/تموز من العام نفسه، ليخسر الحزب الاشتراكي الحرب ويغادر السلطة. وبعد الحرب تشكل ائتلاف ثنائي جمع "المؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح" ورأى حزب الإصلاح في "طبيعة علاقاته بالمؤتمر الشعبي، والقواسم المشتركة التي تجمعهما، حافزاً للدخول في الائتلاف الثنائي، وكان يتوقع أن تتوفر للائتلاف عوامل نجاح تمكنه من المعالجات الجادة لجميع الاختلالات"[78]. ومن هنا جاءت مشاركته في الحكومة، "رغم الاختلال النوعي في توزيع حقائبها حيث تحمل مسئولية الوزارات الخدمية التي كانت تعاني من مشاكل خانقة تجعلها على وشك الانهيار"[79]، أما على الصعيد التشريعي والدستوري، فقد حقق الإصلاح انتصاراً تشريعياً تمثل في تعديل المادة الثالثة من الدستور، حيث صارت تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد لجميع التشريعات، بعدما كانت في السابق المصدر الرئيسي[80].
وكما دبت الخلافات سريعاً بين شريكي اتفاق الوحدة اليمنية (المؤتمر الشعبي والحزب الاشتراكي) لتتعطل آلية التحالف بينهما، سرعان ما بدأ الائتلاف الثنائي الجديد (المؤتمر والإصلاح) يواجه عقبة الخلافات التي أخذت تعترض طريقه، وبحسب رئيس حزب الإصلاح حينها، فإنه "بعد أشهر فقط على تشكيل الائتلاف، تبنى المؤتمر الشعبي سياسة التخلص من مشاركة الإصلاح، وبدأ بمحاربة وزراء الإصلاح بتقليص صلاحياتهم"[81]. والأمر ذاته أكده سياسيون يمنيون من خارج حزب الإصلاح، مشيرين إلى أن أبرز ما قام به نظام الرئيس صالح – بعد حرب 1994، حملات القمع وارتفاع حدة الفساد، وتضييق الهامش الديمقراطي وتنامي نزعة السلب والنهب، وحصول المزيد من الانفلات الأمني والإداري، وطال القمع والتهميش حتى شركاء النظام نفسه في الحرب، من القادة الجنوبيين وحزب الإصلاح الذي ناله الكثير من التشهير والتضييق[82].
ثانياً: مغادرة السلطة وتأسيس (اللقاء المشترك) وتدشين النضال السلمي
توسعت هوة الخلافات بين شريكي الائتلاف الحاكم يوما بعد آخر، ولم تعد لقاءات الرئيس صالح مع قيادة الإصلاح قادرة على معالجتها واحتوائها، فبدأ الإصلاح أولى تحركاته نحو أحزاب المعارضة الرئيسية المنضوية في إطار (مجلس التنسيق الأعلى لأحزاب المعارضة)، وهي الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري وحزب البعث، بالإضافة إلى حزب الحق واتحاد القوى الشعبية، وبحث اللقاء الذي انعقد أواخر أغسطس/آب 1996، موضوع الاستعداد للانتخابات البرلمانية (أبريل/نيسان 1997)، في ظل اتهام حزب المؤتمر من قبل الإصلاح وأحزاب المعارضة بإدارة العملية الانتخابية بطريقة منفردة تعمل على إقصاء بقية الأحزاب وحرمانها من حقها في المشاركة، وحينها وقع الطرفان (حزب الإصلاح وأحزاب المجلس الأعلى للمعارضة) على البرنامج التنفيذي للقاء المشترك لـ(ضمان انتخابات حرة ونزيهة)[83]، وكان ذلك اللقاء النواة الأولى لتشكيل تكتل (اللقاء المشترك) الذي تأسس فيما بعد.
أجريت الانتخابات النيابية وحصل المؤتمر على 187 مقعدا، فيما حصل حزب الإصلاح على 64 مقعدا، ومع إن الإصلاحيين رأوا أن تلك النتيجة "لا تعبر عن الأوزان الحقيقية للقوى السياسية في الساحة بقدر ما كانت محصلة لترتيبات وإجراءات غير مشروعة سُخرت لها آليات الدولة بصورة محمومة"[84]، لكنها جعلتهم يتنفسون الصعداء، بإعلانهم الخروج من الائتلاف الحاكم، والانتقال إلى صفوف المعارضة[85]. وتواصلت لقاءات الإصلاح مع أحزاب المعارضة تحت لافتة اللقاء المشترك، ومنذ العام 2001 خرج الصراع السياسي بين المؤتمر الشعبي وحزب الإصلاح إلى مرحلة العلن، وتعزز حضور الإصلاح ضمن تكتل اللقاء المشترك، باعتباره أكبر أحزاب التكتل الذي تعزز حضوره هو الآخر في المشهد السياسي اليمني خلال العقد الأخير من حكم الرئيس صالح، وهي الفترة الواقعة بين عامي 2001 و 2011.
ومن جهته بدأ نظام صالح في اتخاذ إجراءات جديدة لمحاربة حزب الإصلاح عقابا له على خروجه من دائرة التحالف مع النظام إلى التحالف مع المعارضة، فتم إلغاء المعاهد العلمية التي يشكل الإصلاحيون نسبة كبيرة فيها كإداريين ومدرسين، كما بدأ النظام يشجع الجماعات الإسلامية المناوئة لحزب الإصلاح كالسلفية والصوفية وغيرهما، وأخذ يقدم لها مختلف أوجه الدعم من أجل التضييق على حزب الإصلاح، وتلقى تنظيم (الشباب المؤمن) ذي المرجعية الزيدية الشيعية في محافظة صعدة دعمًا سخياً من قبل نظام صالح، شمل: موارد وهبات مالية منتظمة وموسمية، وعدداً من المشاريع الحكومية، والتغاضي على سيطرتهم غير القانونية على فروع الوزارات والمؤسسات الحكومية في محافظة صعدة، وهو ما أدى إلى تمكنهم من إعداد مؤسسات خاصة بهم وتوسيع سيطرتهم واستقطاب الأعضاء والمناصرين، وتسليح عناصرهم وشن الحرب على السلطة نفسها فيما بعد[86].
ورأى الإصلاحيون أن "الهامش الديمقراطي يتعرض يوماً بعد يوم للتضييق من خلال استهداف العمل النقابي وإضعافه، وسعي الحزب الحاكم للسيطرة على النقابات والمنظمات والجمعيات، ومحاولة ضرب وإجهاض أي عمل نقابي مستقل، كما طالت المضايقات الأحزاب السياسية بقيام السلطة بعمليات استنساخ لعدد منها، كما تعرضت حرية الصحافة للمضايقات من قبل الحكومة، وأثار ذلك استياء الرأي العام الداخلي والخارجي"[87].
وإزاء الأوضاع العامة التي تشهدها البلاد، أخذ موقف الإصلاح في المعارضة يتغير تبعاً لتغير رؤيته، فقد ظل يختط موقفا خاصا به في المعارضة منذ خروجه من السلطة في العام 1997، حيث بدأ يجتمع مع أحزاب المعارضة في إطار اللقاء المشترك، لكنه أعاد التحالف مع الرئيس صالح ودعم ترشيحه في الانتخابات الرئاسية عام 1999، وتلك كانت آخر محطة يلتقي فيها الإصلاح وصالح، وما إن أجريت الانتخابات المحلية والاستفتاء على الدستور في العام 2001، حتى اتخذ الإصلاح موقفا معارضا للحزب الحاكم، لكنه لم يكن مندمجا مع بقية أحزاب المعارضة، لذلك ظل موقع الإصلاح يثير الجدل ويطرح التساؤلات، كما ويتهم أحيانا بأنه يضع رجلاً في السلطة وأخرى في المعارضة، ويرجع الإصلاحيون ذلك إلى أن حزبهم ظل يؤثر "نهج الإصلاح -وليس التغيير- وما يتطلبه فقه الإصلاح في التعامل مع القضايا"[88]، بأسلوب يختلف عن أساليب القوى التي تسعى للتغيير. بينما أرجع مراقبون حينها موقف الإصلاح ذاك-إلى أن خروجه من السلطة ما هو إلا خروج مؤقت لا يلبث أن يعود إليها، وبالتالي فإنهم يرون أن "رغبة الإصلاح بالعودة إلى السلطة أضعفت أداءه في المعارضة"[89].
استمر ذلك فترة من الزمن، ساءت خلالها الأوضاع وتعززت علاقة الإصلاح بحلفائه في اللقاء المشترك، خاصة بين الحزبين الكبيرين الإصلاح والاشتراكي، حيث رأى المراقبون في "قبولهما بالتلاقي والتحاور والائتلاف بعد الاحتراب أمراً في غاية الأهمية"[90].
وتعززت قناعة الإصلاحيين "أن النظام الحاكم يسير بالبلد نحو الهاوية"[91]، بعدما تمكن من حسم الجولات الانتخابية – المحلية 2001 و 2006، والنيابية 2003، والرئاسية 2006، وتعززت قبضته على كل شيء، وبفعل سطوته القوية تراجعت قدرة أحزاب المعارضة (اللقاء المشترك) على تحقيق أي نتيجة لصالح الديمقراطية والتعددية السياسية[92]. وفي الوقت نفسه أخذت رؤية الإصلاح تتجه صوب التغيير، بعدما أثبتت محاولات إصلاح النظام فشلها، وجاءت مواقف الإصلاح منسجمة مع بقية أحزاب اللقاء المشترك، سيما وأن "حيز السياسة اكتسب مكانة أكبر في خطاب الإصلاح، على حساب الحيـّز الديني"، وفق بعض الباحثين[93]، وأن "الإصلاح أدمج الخطاب الديني في خطاب عام حر مفتوح إلى حدٍ كبير"، من وجهة نظر آخرين[94]. ويلاحظ الباحث السياسي/ عمرو حمزاوي – في دراسة صادرة عن مركز كارنيغي للشرق الأوسط، أن الأولويات التشريعية للإصلاح تغيرت، وبات يسعى إلى تعديلات دستورية تستهدف توزيعاً أكثر عدلاً للسلطة، وإصلاحات في القوانين الانتخابية والقوانين الخاصة بالحقوق السياسية، وتحسين رقابة البرلمان على السياسات الحكومية الاقتصادية - الاجتماعية، وتقليص الفساد. علاوة على ذلك، سعى وإن بدرجة أقل، إلى إدخال التشريعات الدينية[95].
ثالثاً: الثورة الشعبية اليمنية 2011
انطلقت الثورة الشعبية اليمنية في فبراير/شباط 2011، مرتبطة بعوامل رئيسية: الأول، الوصول إلى حالة من الانسداد السياسي مع اتهامات أحزاب المعارضة بنقض "صالح" وحزبه كل الاتفاقات التي نتجت عن الحوار بين السلطة والمعارضة (2007-2011) كان آخرها اتفاق فبراير/شباط2009، وتم تمديد البرلمان الذي كان من المقرر إجراء انتخاباته في 2009 -استمر البرلمان حتى اليوم- واتفاق يوليو/تموز2010 الذي يشير إلى حكومة وحدة وطنية.
العامل الثاني: الانسداد الاقتصادي والمجتمعي حيث، فرضت الحكومة قيود اقتصادية على الطبقة الوسطى، وتفاقم الصراع السياسي، باستئثار "صالح" بالسلطة وبمؤسسات الدولة الثلاث، فعمّ السخط الشديد لدى هذه الطبقة، واستخدم "صالح" الحروب الست ضد الحوثيين لمواجهة المعارضة السياسية التي بدأت تشتد، وتبرير رفضه الإصلاحات وتأكيده الحاجة إلى القيود الاقتصادية لأن الدولة في حالة حرب. كانت الحكومة ضعيفة على نحو لا يصدق من حيث عدم الكفاءة. وانهارت البيروقراطية، ولم تتمكن الحكومة من إدارة البلاد، مع تدهور العملة، وجرى رفع الدعم عن أغلب المواد الغذائية، وكانت المظاهرات مستمرة في المدن الرئيسية، والقمع متفش على نحو كبير في ظل خطط "علي صالح" لتوريث السلطة لنجله الأكبر أحمد الذي سلمه قوات النخبة اليمنية في 1999.
العامل الثالث: موجة الربيع العربي التي انطلقت من تونس ومصر وأطاحت بنظامي الحكم فيهما، وكان للإسلاميين دور مؤثر فيهما. وكانت تلوح نذر ثورة ضد نظام صالح، فجاء الربيع العربي لتبلور ثورة يمنية في الاتجاه ذاته الذي خطه ربيع تونس ومصر.
انطلقت الثورة الشعبية اليمنية في فبراير/شباط 2011، مرتبطة بعاملين رئيسيين، الأول: موجة الربيع العربي التي انطلقت من تونس ومصر وأطاحت بنظامي الحكم فيهما، والثاني: داخلي يتمثل في تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتردي الخدمات وتوسع رقعة الحروب والمواجهات المسلحة، وانفراد الحزب الحاكم بإدارة العملية السياسية لتصل إلى طريق مسدود، ومع أن فعاليات الاحتجاج بدأت بشكل عفوي بعيدا عن أحزاب المعارضة (اللقاء المشترك)، إلا أن أعضاء هذه الأحزاب، ومنها الإصلاح التحقوا بالثورة منذ انطلاقها، وفي وقت لاحق أعلنت أحزاب المشترك تأييد الثورة، ورمى الإصلاح بكل ثقله فيها، وكان حضوره قويا في مختلف ساحات الثورة الموجودة في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات، لما يمتلكه من قاعدة جماهيرية كبيرة، وما لديه من إمكانيات مادية وخبرات وتجارب في العمل الميداني والإعلامي. و"كان للإصلاح وحلفاؤه في اللقاء المشترك الريادة والقوة الفاعلة في الثورة والحفاظ على طابعها السلمي، وتجنيب اليمن الحروب الأهلية وغيرها من الأخطار، وموافقته على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة، والقبول بالشراكة والتسوية السياسية في اختيار رئيس توافقي لليمن، وحكومة وفاق وطني لتسيير المرحلة الانتقالية"[96]، بيد أن خصوم الإصلاح- وبعضهم من المحسوبين على الثورة، يتهمونه بالسيطرة على ساحات الثورة من خلال تشكيل لجان تنظيمية وأمنية من أشخاص ينتمي أغلبهم إلى الإصلاح[97].
قبل أن تنتهي المرحلة الانتقالية المحددة بعامين، بدأت قوى الثورة المضادة في أكثر من بلد العمل المتواصل لإسقاط الثورة والحكومات التي تمخضت عنها، وتحالفت قوى داخلية وخارجية لمواجهة الثورة في بلدان الربيع العربي ومنها اليمن، نجحت تلك القوى في تحقيق أهدافها في مصر منتصف العام 2013، غير أن حزب الإصلاح كان قد استوعب خطورة الانفراد بالحكم والإدارة –مهما كانت قاعدته الشعبية قوية، وأدرك أن صعود التيار الإسلامي إلى واجهة المشهد السياسي الثوري، كإحدى نتائج ثورات الربيع العربي لا يعني بالضرورة أن الاسلاميين أخذوا تفويضًا شعبيًا بتقرير مصير تلك الثورات وقيادتها بمفردهم، وأن مجريات الأحداث برهنت بما لا يدع مجالا للشك استحالة استفراد طرف سياسي أو تيار بعينه بإدارة الثورة الشعبية[98]، لذلك تمسك بـالتسوية السياسية التي شاركت فيها كل القوى الوطنية باعتبارها الطريق لبناء الدولة اليمنية، في مواجهة مخططات الثورة المضادة، ووفقا للمبادرة الخليجية كان لحزب المؤتمر الحاكم نصف الحكومة وللقاء المشترك النصف الآخر، ليتم توزيعه على أحزاب المشترك وحلفائه، وحصل الإصلاح على أربع وزارات "الداخلية والعدل والتخطيط والتربية والتعليم"، وبالتالي لم يكن الإصلاح وحيداً في تحمل المسؤولية والتصدي لما تخطط له قوى الثورة المضادة[99]، خاصة وأن أن بقايا الأنظمة السابقة قد أعادت تنظيم نفسها في مواقع جديدة، وتراهن في عودتها للسلطة على إثارة الخلافات والخصومات بين قوى الثورة ، وإحداث شروخات في جدار معسكر الثورة، الأمر الذي أدركته بعض قوى الثورة – ومنها حزب الإصلاح، ليغدو التحدي الأهم أمام هذه القوى يتمثل في مقدرتها على تنحية انتماءاتها الأيديولوجية جانباً وهي تتجه صوب استكمال بناء الدولة[100].
رابعاً: الانقلاب الحوثي والحرب
ما إن بدأت فترة حكم الرئيس الجديد/عبدربه منصور هادي في العام 2012 حتى ظهرت معوقات وعراقيل عدة، ارتبط بعضها بما كانت تعيشه البلاد من أزمات ومشاكل متعلقة بسوء الإدارة وفشل الحكومات السابقة في تأمين الاحتياجات الأساسية والخدمات العامة، وارتبط البعض الآخر من المعوقات بممارسات الأطراف التي سعت جاهدة لإفشال الحكومة الجديدة وعرقلة عملية الانتقال السياسي وإطارها النظري (المبادرة الخليجية)، وفي مقدمة هذه الأطراف جماعة الحوثي المسلحة ذات الجذور المذهبية الزيدية، والتي تتخذ من صعدة في شمال اليمن منطلقاً لها، وفيها يوجد زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي الذي تسلم زعامة الجماعة عقب مصرع مؤسس الجماعة أخيه حسين، في مواجهات مسلحة مع القوات الحكومية بداية سبتمبر/أيلول 2004.
وبالإضافة إلى جماعة الحوثي، فإن الرئيس السابق علي عبد الله صالح وأنصاره في حزب المؤتمر وفي مؤسسات الدولة، لم يخفوا رغبتهم في إفشال الحكومة وعرقلة العملية السياسية باعتبار ذلك أضمن طريق لعودتهم إلى السلطة، لذا بدأ الطرفان (الحوثي وصالح) ينسقون في كثير من المواقف، رغم ما نشب بينهما من 6 جولات من الحرب بين عامي 2004 و 2009، وبدا أنهما تجاوزا كل ذلك في سبيل تحالف اللحظة الراهنة، كضرورة من أجل الخلاص من خصوم مشتركين، وفي مقدمتهم حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذي يعد الخصم رقم واحد للطرفين، فبالنسبة لصالح يشكل الإصلاح أبرز قوى المعارضة السياسية في إطار اللقاء المشترك، كما أنه أهم القوى السياسية والاجتماعية التي شاركت في الثورة ضده، ووضعت كل ثقلها وإمكاناتها في العمل على إسقاط صالح ونظامه، وبالنسبة لجماعة الحوثي، فقد ظهرت الخلافات بينها وبين حزب الإصلاح، منذ الأيام الأولى للثورة الشعبية، ويعود الخلاف بينهما في الأساس إلى تباين التوجهات الفكرية واختلاف مشاريع كل منهما[101]، ففي حين تنطلق الحركة الحوثية التي تطلق على نفسها اسم حركة (أنصار الله) من المرجعية الزيدية الشيعية، فإن حزب الإصلاح ينطلق من مرجعية إسلامية (سنية)، أي أنه يقف في الخط المقابل للحوثيين فكرياً ومذهبياً وسياسياً. بالإضافة إلى رغبة كل طرف في تصدر المشهد السياسي، وفي حين برز حزب الإصلاح لقيادة قوى الثورة، سعت الحركة الحوثية، ومنذ توقيع المبادرة الخليجية إلى تصدر المعارضة السياسية[102].
وكانت الحركة الحوثية في عامَي 2013 و 2014 تستولي على القرى، والمديريات، والمحافظات الواحدة تلو الأخرى، بدعم مباشر من الرئيس السابق (صالح) وأركان حزبه، والطبقة القبلية التقليدية المحيطة به، ووفقاً لبعض الباحثين فإن توسع الحوثيين حينها تم بمباركة بعض دول الإقليم، بهدف إجهاض الثورة اليمنية وتدمير العملية السياسية برمتها، ومنع الشباب اليمني وتيار الإسلام السياسي (حزب الإصلاح) بشكل خاص من الوصول إلى السلطة[103].
ومع أن جماعة الحوثي منذ بدأت التوسع والسيطرة في اعقاب الثورة الشعبية ركزت على استهداف الإصلاحيين وحلفائهم في كل المناطق التي يسيطرون عليها أو يسعون للسيطرة عليها، إلا أن حزب الإصلاح آثر عدم الانفراد بقرار المواجهة، وظل حريصا على أن يكون التعامل مع تصرفات الحوثيين في إطار منظومة سياسية تشمل الأحزاب اليمنية كافة أو في إطار التوجه الرسمي الحكومي باعتبار الحوثيين حركة مسلحة خارجة عن النظام والقانون. غير أن ذلك لم يتم، حيث كانت القوى السياسية منقسمة على نفسها إزاء التمدد الحوثي، وكذلك كانت الدولة في حالة من الضعف والعجز عن اتخاذ موقف يتناسب مع مخاطر التوسع الحوثي على حساب الدولة ومؤسساتها وصلاحياتها، باستثناء بعض الوحدات العسكرية التي كانت تقوم بالدفاع عن نفسها إزاء هجمات الحوثيين بين وقت وآخر.
وفي سبتمبر/ايلول 2014، استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء، وسرعان ما اقتحموا المؤسسات التابعة لحزب الإصلاح وحلفائه وأنصاره، وفي مقدمتها مقرات الحزب والوسائل الإعلامية الناطقة باسمه أو المؤيدة له، ولم يكن ذلك مفاجئاً، فقد ظلت وسائل إعلام الحوثيين – طوال الفترة السابقة- تهدد وتتوعد حزب الإصلاح، والمتحالفين معه من ضباط الجيش والأمن وشيوخ القبائل والنشطاء والإعلاميين وغيرهم.
وبعد اقتحام العاصمة من قبل الحوثيين وقعت المكونات السياسية- بما فيها جماعة الحوثي، اتفاقا جديدا حمل اسم (اتفاق السلم والشراكة)، وقال حزب الإصلاح إنه "وقع على الاتفاق رغم كل مساوئه حقناً لدماء اليمنيين، وتعزيزاً لثقافة الحوار ولتأطير أسس العمل المدني"[104]، بيد أن الحوثيين نسفوا كل ما تم الاتفاق عليه، وقاموا في وقت لاحق بمحاصرة الرئيس هادي ووضعه تحت الإقامة الجبرية في يناير/كانون ثان 2015، بعد يومين من اختطاف مدير مكتبه، ثم أجبروا الحكومة التي تشكلت حسب رغبتهم، على الاستقالة كما وضعوا رئيسها وأغلب أعضائها تحت الإقامة الجبرية.
وفي فبراير/شباط من العام نفسه رأى الحوثيون أن فرصتهم في الاستيلاء على السلطة بشكل رسمي باتت مواتية، بعدما قدم رئيس الجمهورية استقالته، وكذلك فعلت الحكومة، فأعلنوا ما أسموه (الإعلان الدستوري)، وهو بيان أعلنوا من خلاله تشكيل (اللجنة الثورية العليا) لإدارة شؤون الحكم على مستوى البلد، وتضم عددا من القيادات الحوثية بزعامة محمد علي الحوثي، ابن عم زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي.
وبشكل سري غادر الرئيس هادي محل إقامته الجبرية في العاصمة صنعاء، إلى مدينة عدن ليعلن منها استئناف عمله، بينما أخذ الحوثيون – وحليفهم الرئيس السابق صالح- يعدون العدة لملاحقة الرئيس هادي إلى عدن واستكمال السيطرة على بقية المحافظات في وسط البلاد وجنوبها، حتى وصلت قواتهم إلى عدن التي غادرها الرئيس هادي، واتجه شرقاً نحو سلطنة عمان، ومنها إلى المملكة العربية السعودية، وكانت الأخيرة قد أعلنت في 26 مارس/اذار 2015، عشية استيلاء الحوثيين على أجزاء من مدينة عدن، التدخل العسكري في اليمن، وتشكيل تحالف عسكري عربي يضم نحو عشر دول عربية، لدعم الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، والتصدي للانقلاب الحوثي المدعوم من إيران، وأطلق التحالف الذي تقوده السعودية على تلك العملية (عاصفة الحزم)، ثم (إعادة الأمل).
أعلن حزب الإصلاح دعمه ومساندته لعاصفة الحزم، بهدف إعادة السلطة الشرعية ممثلة بالرئيس هادي. وقال الحزب -في بيان صادر عن أمانته العامة- إن "تعنت الحوثيين وانقلابهم على الحوار، وفرض الإقامة الجبرية على الرئيس الشرعي المنتخب، وأعضاء الحكومة، وتعطيل مؤسسات الدولة الرسمية واجتياح المناطق، دفع الرئيس هادي إلى البحث عن دعم ومساندة"[105].
وكانت النتيجة أن أعلنت جماعة الحوثي حل حزب الإصلاح، ليتعرض بعد ذلك، للتنكيل الذي طال قيادات الحزب وأعضاءه ومقراته وبنيته التحتية، وشمل ذلك القتل والخطف والإخفاء واقتحام المنازل والمؤسسات في صنعاء وبقية المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين[106].
ووفقاً لإحصائية أصدرها مركز حقوقي يمني- غير حكومي- فإن جماعة الحوثي اختطفت 122 من قيادات وأعضاء الإصلاح ونشطائه في العاصمة صنعاء، بعد يوم واحد من إعلان تأييد عاصفة الحزم، كما تم اقتحام 17 منزلاً من منازل قيادات ونشطاء الإصلاح*، و 9 من مقرات الحزب·، وتعرضت في الغالب لأعمال نهب واسعة بحسب تقرير المركز[107].
وفيما ظلت حالة الضعف والتشرذم تسيطر على الدولة والأحزاب، تبلورت حركة رفض ومقاومة مجتمعية في مختلف المناطق والمحافظات، توسعت فيما بعد خاصة مع إعلان التحالف العربي التدخل العسكري في اليمن لدعم الشرعية ومواجهة الانقلاب الحوثي، وظهر موقف الإصلاح بكل قوة مساندا المقاومة الشعبية التي تشكلت في كثير من المناطق، واستوى في ذلك موقف القيادات العليا مع القواعد، وفي ميدان المواجهة مع الحوثيين برزت قيادات إصلاحية على رأس المقاومة الشعبية في عدد من المحافظات، وهو ما جعل الحوثيين يصبون جام غضبهم على اعضاء الإصلاح في مناطق سيطرتهم بالكثير من أصناف التنكيل، وصل حد احتجاز قيادات ونشطاء إصلاحيين في مستودعات الأسلحة ليكونوا عرضة لاستهداف طيران التحالف العربي. وفقد الإصلاح كثيرا من قياداته في الحرب ضد الحوثيين، سواء في السجون والمعتقلات أو في ساحات المعارك أو في القصف الذي شنه الحوثيون وطال مؤسسات ومبانٍ ومنازل واقعة وسط الأحياء السكنية في مدن وقرى عدة. وفي محافظة الجوف- شمال اليمن على الحدود مع السعودية- قتل أكثر من نصف أعضاء المكتب التنفيذي لحزب الإصلاح- القيادة المحلية لفرع الحزب في المحافظة- خلال المواجهات مع الحوثيين.
،، وفي سبتمبر/ايلول 2014، استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء وسرعان ما اقتحموا المؤسسات التابعة لحزب الإصلاح وحلفائه وأنصاره ما دفع الإصلاح لإعلان دعمه ومساندته لعاصفة الحزم بهدف إعادة السلطة الشرعية ممثلة بالرئيس هادي وإنهاء الإنقلاب ،،
|
المبحث الخامس: الإصلاح في زمن الحرب
يكابد الإصلاح في الوقت الراهن ظروفا بالغة التعقيد، فبقدر حضوره في معركة استعادة الدولة ضد الانقلابيين الحوثيين المدعومين من إيران، تشن عليه حرب أخرى غير الحرب التي تعيشها البلد عامة كما يعتقد أعضاء الحزب، ويرون أن الحرب ضد الإصلاح تقودها دولة الإمارات، وكل القوى المحلية التي تتلقى التمويل والدعم الإماراتي، وفيها تنظيمات سياسية وتشكيلات مسلحة بعضها يتبع التيار السلفي الديني (الوظيفي) وبعضها فصائل مناطقية.
يرى بعض المراقبين أن الإصلاحيين يدفعون ثمناً باهظاً في الحرب التي شنها الحوثيون، وأعلنوا منذ البداية أنهم يستهدفون الإصلاح وعناصره وحلفاءه، وبالفعل توافقت أهدافهم مع ما سعى إليه بعض أتباع الرئيس السابق في محاربة الإصلاح، فكانت الموجة الأولى من الاستهداف سياسية وإعلامية في الأعوام 2011-2014، بينما جاءت الموجة الثانية من استهداف الإصلاح خشنة بمخالب القوة العسكرية والمليشيا المسلحة ، وهي الموجة التي لا تزال أحداثها مستمرة كما يعتقد اعضاء الإصلاح، ويرون أن الموجة الأولى سعت لشيطنة الإصلاح وتحميله مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بعد الثورة، وكذلك محاولات عزله سياسيا واجتماعيا، فيما تسعى الموجة الثانية لتصفية وجوده بتشويه سمعته والقضاء على عناصره.
يشارك كثيرون في الحملة السياسية والإعلامية التي تستهدف حزب الإصلاح، سواء من قيادات محسوبة على حزب المؤتمر الشعبي، أو من بعض الأحزاب الصغيرة، لكنهم لا يربطون موقفهم هذا بالأجندة الإماراتية، وإنما يرجعون موقفهم المعادي إلى الإصلاح نفسه الذي يتهمونه بالسيطرة على الحكومة الشرعية حيناً، والعمل لصالح أجندات قطر وتركيا حيناً آخر.
وكان عادل الشجاع القيادي في حزب المؤتمر الشعبي، كشف بداية العام الجاري عن دعم إماراتي لتحالف يمني يضم قيادات في حزب المؤتمر وأخرى في المجلس الانتقالي، يهدف لـ"إسقاط حزب الإصلاح"[108].
القيادي الشجاع الذي يعد من أبرز القيادات المؤتمرية التي تنتقد حزب الإصلاح، اعتبر مشاركة مؤتمريين في استهداف الإصلاح أمراً صادماً، ومصدر الصدمة- من وجهة نظره- "ليس فقط تأييد معاقبة الإصلاح، وإنما لأنهم يساعدون الحوثي في مصادرة الجمهورية إلى مالا نهاية. ولم يستفيدوا من الماضي، حينما تمكن الحوثي من التهامهم جميعاً بسبب خلافاتهم"[109]. لهذا فهو
يدعو المؤتمريين والإصلاحيين لتجاوز خلافاتهم، والوقوف في صف الوطن، وعدم الانجرار وراء أدوات الصراع الإقليمي على حساب "القضية الوطنية".
رئيس حزب الإصلاح محمد اليدومي ينفي الاتهامات التي توجه لحزبه، وما تتضمنه من تصنيفات تخرجه عن سياقه، مؤكداً أن الإصلاح جزء من النسيج اليمني الذي يتشارك الجوار والمصير مع محيطه الخليجي والعربي، وإن أي حديث عن تصنيفات ومحاور يصنعها إعلام الزيف، ويزج باسم الإصلاح فيها، هو حديث فارغ المحتوى، لن يثني الإصلاح عن معركته الحصرية في مقاومة الانقلاب واستعادة الدولة"[110].
- رؤية الإصلاح في الحرب مع الحوثيين:
الإصلاح الذي يُعد أعضائه اليوم أهم توازنات المعادلة العسكرية من خلال قتال بعضهم إلى جانب الحكومة الشرعية، يرى في الحرب "نقيضاً للسياسة"، وبالتالي فهو يُحمّل الحوثي مسؤوليتها باعتباره الطرف الذي أشعلها، وهو الطرف المتمرد على الدولة". ويرى أن الحل المطلوب لوقف الحرب يتمثل في حل أسبابها، ومضمون ذلك "أن يتخلى الحوثيون عن أدوات الحرب، بإلغاء الانقلاب وتسليم سلاح الدولة والانسحاب من المدن، والتوقف عن مهاجمة الجيران"[111]، وتلك مضامين الرؤية الحكومية، كما هي مضامين عدد من قرارات مجلس الأمن، سيما القرار رقم 2216، الصادر في أبريل/نيسان 2015. ما يفيد أن الإصلاح يتماهى مع الموقف الرسمي الذي يرى أن الحوار مع الحوثيين لابد أن يقوم بناء على المرجعيات الوطنية المعروفة، وهي المبادرة الخليجية ونتائج مؤتمر الحوار والقرارات الأممية ذات الصلة باليمن.
وحين يشدد الإصلاح على إلزام الحوثيين بـ"تسليم سلاح الدولة"، فهو يعتبر ذلك "من أجل تأمين مستقبل اليمنيين وحمايتهم من الحروب، لأن في اليمن كثير من التجارب التي تثبت أن عدم حل مشكلة السلاح يُبقي العملية السياسية مُهددة، كما حدث في مؤتمر الحوار الوطني، عندما شارك الحوثيون في الحوار، والسلاح لا يزال في أيديهم، وكانت النتيجة وضع السياسة رهينة لدى المسلحين"[112].
وعلى هذه الأسس يحدد الإصلاح موقفه من جماعة الحوثي، لكن يمكن أن تكون للإصلاح علاقة بالحوثيين، حين يقررون "التحول لكيان سياسي يعمل وفقًا للدستور والقانون اليمني، ويدين بالولاء للدولة اليمنية، ويجعل رباطه الأساسي جغرافيا البلد والمواطنة وليس المذهب العابر للحدود، أو أوهام الثورة الإيرانية"[113].
- الحرب على الإصلاح:
وفيما كان الإصلاحيون يشاركون – مع بقية القوى السياسية والاجتماعية والمستقلين – في معارك تحرير المحافظات من سيطرة الحوثيين، كان ثمة طرف في التحالف العربي يعد العدة لشن حرب جديدة تستهدف الإصلاحيين، وهي دولة الإمارات العربية المتحدة- الطرف الأكثر نفوذاً في التحالف بعد المملكة العربية السعودية، وما كاد التحالف والقوات المحلية المؤيدة للشرعية تنجح في تحرير أولى المحافظات منتصف العام 2015، ومنها عدن ولحج وأبين، حتى بدأت تظهر مؤشرات الحرب على الإصلاح في تلك المناطق. ومن تلك المؤشرات إقصاء الإصلاحيين- أو المحسوبين على الإصلاح من كافة المواقع الإدارية المهمة لمؤسسات الدولة، واستبدالهم بعناصر موالية لدولة الإمارات التي تمكنت، خلال فترة وجيزة من استيعاب آلاف العناصر من أتباع التيار الديني السلفي، وأنصار الحراك الجنوبي المطالب بانفصال الجنوب، وأنشأت لهم تشكيلات عسكرية وأمنية خارج سيطرة الحكومة، وقدمت لهم الدعم والتمويل، وباتوا يشكلون في الغالب سلطة الأمر الواقع في عدن والمحافظات المجاورة.
يقول محمد اليدومي، رئيس حزب الإصلاح إن حزبه "يتعرض لحملة تصفية وجودية داخل عدد من المناطق المحررة، وتجاوز الأمرُ إلى إغلاق مقراته واستهداف قادته وناشطيه بحملات التصفيات والاغتيالات والاختطافات"[114]، ويعتبر ذلك "ثمنا باهظا يدفعه الإصلاحيون نتيجةً لرفضهم التماهي مع مشاريعَ تريد إغراق البلد في صراعات صغيرة تشغل الجميع عن مواجهة الحوثي وتعرقل مسعى بناء الدولة وتُدخل المجتمع في حالة احتراب داخلي"[115].
وطالت الاغتيالات نحو 30 من أئمة وخطباء المساجد في عدن- من الإصلاحيين والسلفيين المعتدلين المشاركين في حرب تحرير عدن، بينما طالت أعمال الاقتحام والإحراق عددا من مقرات الإصلاح، كما داهمت قوى وعناصر أمنية منازل قيادات ونشطاء إصلاحيين، واعتقل العشرات منهم، وتزامن ذلك كله مع حملات إعلامية متواصلة تشنها وسائل إعلام إماراتية وأخرى محلية وتابعة للإماراتيين، ترتكز الحملات على مهاجمة الإصلاح واتهام أعضائه بالإرهاب تارة، وبالتنسيق مع الحوثيين تارة أخرى.
وفي أكتوبر/تشرين 2018، نشر موقع "بازفيد نيوز" (BuzzFeed News) الأمريكي، تحقيقا استقصائياً يثبت استئجار دولة الإمارات جنوداً سابقين في الجيش الأمريكي ويعملون حالياً في شركة أمنية خاصة تُدعى مجموعة "سبير أوبريشين"، وتضمن التحقيق اعتراف مؤسس الشركة "ابرهام غولان"- يحمل جنسية إسرائيلية- بتنفيذ عمليات اغتيال لصالح الإمارات في اليمن، كما بث الموقع مقاطع فيديو توثق إحدى العمليات التي نفذها الأجانب، عندما هاجموا المقر الرئيس للإصلاح في عدن أواخر ديسمبر/كانون أول 2015.
ومع ما يستدعيه الإصلاح من عناصر ومقومات فكرية وسياسية داعمة للشرعية اليمنية، إضافة إلى حضوره الشعبي ومشاركته الفاعلة، يظل محل اتهام من القوى المحلية والإقليمية، بسبب أنها حددت منه موقفا مسبقا أو بسبب أنها قررت الوقوف في مواجهة الإصلاح لأسباب خاصة بها. ولا تزال الحملات الإعلامية التي يشنها خصوم الإصلاح مستمرة، تتهمه بالتعامل مع الحوثيين، إما بالتواطؤ أو بالتنسيق والاتفاق معهم على حساب الحكومة الشرعية والتحالف العربي، وهذا ما تمتلئ به وسائل الإعلام الإماراتية والقوى المحلية التي تدور في فلك أبو ظبي. وهو الاتهام الذي لم يقم عليه دليل أو برهان، خاصة وأن الاتهام يصدر عن جهات داخلية وخارجية كانت تدعم الحوثيين بهدف إجهاض الثورة اليمنية وتدمير العملية السياسية برمتها، ومنع الشباب اليمني وتيار الإسلام السياسي (حزب الإصلاح) بشكل خاص من الوصول إلى السلطة[116].
تعمل الإمارات والموالون لها على إزاحة حزب الإصلاح من المشهد، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول يمني في أغسطس/آب 2019، "أن سيطرة الانفصاليين على عدن حظيت بموافقة الإمارات، وإن هدفها إبعاد قوات حزب الإصلاح"[117]. لأنهم يرون أن المشكلة تكمن في كون "الإصلاح تغلغل في الحكومة أو سيطر عليها"[118]، كما يعلنون بين وقت وآخر، أن تعثر استكمال تحرير المناطق "يعود بالأساس إلى حزب الإصلاح"[119].
وتتجلى هنا أبرز العقبات التي تواجه الإصلاح حالياً، منها الحملات الإعلامية التي تعمل على شيطنته (إعلامياً)، وممارسة الضغوط عليه وابتزازه (سياسياً)، وصولاً إلى إقصائه وتهميشه وتصفية عناصره واغتيال قياداته ورموزه. فضلاً عن كونه يعيش حالة من الشلل ناتجة عن تركيز أغلب مكوناته وهيئاته على العمل العسكري، واستكمال تحرير المحافظات من سيطرة الحوثيين، وذلك على حساب أجندة الحزب الفكرية وأعماله السياسية وأدواره الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. كما ظهرت بعض الاختلالات الداخلية في العامين الأخيرين (2019 و 2020)، يرجعها مراقبون إلى شعور كثير من شباب الحزب بالإخفاقات السياسية والعسكرية نتيجة التأخر في عملية الحسم ضد الحوثيين.
وكل هذا يثير المخاوف لدى أتباع الإصلاح من أن يؤدي ذلك إلى استئصال الحزب أو إضعافه على الأقل، سيما بعدما تتوقف الحرب، ويجد الإصلاح نفسه في طليعة القوى الخاسرة، لكن قيادة الإصلاح تظهر قدراً من التماسك والثقة، ويجزم نائب المسؤول الإعلامي للحزب أن "وضع الإصلاح بعد الحرب -وبعيداً عن المخاوف، تقرره الإرادة الشعبية ووزن الحزب وحضوره ونشاطاته الميدانية وفاعليته، وتلك عناصر تحدد وضع أي حزب أو تنظيم سياسي"[120].
- الإصلاح والتجاذبات الإقليمية والدولية:
عندما نشبت الأزمة الخليجية في العام 2017 أعلنت الحكومة اليمنية وقوفها في صف المملكة العربية السعودية على حساب دولة قطر، وتبعا لذلك أعلن الإصلاح التزامه بالموقف الرسمي اليمني، مصطفاً إلى جانب الرياض، وتوالت بيانات الإصلاح لتصب في الاتجاه نفسه، معبرة عن عمق العلاقة مع السعودية، ولم يكن موقف الإصلاح مفاجئاً، ذلك أنه دأب على تأكيد العلاقة الاستراتيجية بالسعودية، وهو ما حفلت به وثائق مؤتمراته وتصريحات قياداته، إذ تفيد أن علاقة اليمن بالسعودية "علاقة تاريخية عميقة الجذور"[121]، ووفقاً لنائب رئيس الدائرة الإعلامية للإصلاح، فإن حزبه "ينظر لعلاقته بالسعودية من منظار مصلحة البلدين، وعليه فهو متمسك بعلاقته بالسعودية، ويحرص على منحها قيمة الثبات الاستراتيجي من هذا المنطلق، كما أن الإصلاح يدرك عمق التشابك المصيري بين السعودية واليمن، كدولتين لا يمكن فصل عمق التداخل بينهما"[122].
وما بين الحملات الإعلامية التي تتهم الإصلاح بالعمل لصالح خصوم السعودية الجدد، أو ما يطلق عليه محور قطر- تركيا، وبين أصوات نشطاء وإعلاميين محسوبين على الحزب نفسه، تنتقد التحالف العربي والسعودية وقيادة الحزب، تقف قيادة الإصلاح، لتؤكد أن العلاقة بالسعودية أمر ثابت لا شك فيه ولا حياد عنه. وتقلل من أثر كلا الحالتين (اتهامات خصومه وانتقادات مناصريه) على تماسكه، حيث يرى أن اتهامات خصومه "حديث فارغ المحتوى" كما يقول رئيس الحزب[123]، أو "ممارسات دعائية لقضية مفتعلة، لا تسلم من رغبات كيدية تُعزى إلى نوع من الغيرة السياسة ممن حُرموا مزية الاصطفاف الكامل مع الشعب، وتعرضوا لانقسامات واضحة، فيما بقي الإصلاح متماسكاً"[124].
أما انتقادات بعض عناصره فهي لا تتجاوز كونها "مواقف فردية في إطار الآراء الشخصية الطبيعية عديمة الوزن والتأثير داخل هيئات الاصلاح ودوائر صنع القرار فيه، ولا تشكل ملامح انقسام في التنظيم ولا تؤثر في تماسكه"[125].
وفيما تؤكد أدبيات الإصلاح حرصه على تعزيز علاقاته الخارجية وفق مستويات تبدأ بجواره الإقليمي في الجزيرة والخليج ثم محيطه العربي والإسلامي، والمجتمع الدولي، فإن جمهورية إيران الداعمة للحوثيين، تمثل حالة شاذة تغلب عليها القطيعة، إذ يرى الإصلاح أن "العلاقة مع إيران تحددها علاقة إيران بالدولة اليمنية"، وأنه "في حال توقفت عن التدخل في الشأن اليمني، وراجعت سياستها العدوانية تجاه البلدان العربية، وفي مقدمتها اليمن، وبدأت بإقامة علاقات سياسية تحترم السيادة الوطنية، وتتجنب التشبيك مع جماعات داخلية بشكل عابر للدولة، فإن علاقة الإصلاح بها ستكون متناغمة مع علاقة الدولة اليمنية بها، وفقاً لما تحدده اللوائح القانونية التي تنظم علاقة الأحزاب الوطنية بأي دولة في العالم"[126].
،،بعد يوم واحد من إعلان تأييد الإصلاح عاصفة الحزم اختطفت جماعة الحوثي 122 من قيادات الحزب، بينما مؤشرات الحرب على الإصلاح ظهرت بعد تحرير عدن فقد طالت الاغتيالات نحو 30 من أئمة المساجد بعضهم محسوبين على الإصلاح واختطفت قيادات اخرى واحرقت مقرات للحزب وأقصي محسوبون على الإصلاح من كافة المواقع الإدارية المهمة لمؤسسات الدولة واستبدالهم بعناصر سلفية وأخرى من أتباع الحراك الإنفصالي المحسوبين على الإمارات،،
|
خلاصة: تحديات أمام الإصلاح
يواجه حزب الإصلاح اليمني في الوقت الراهن- كما في المستقبل القريب، تحديات عدة، أبرزها كونه مستهدفا من طرفين مسلحين، أولهما جماعة الحوثي التي تخوض حربها ضد الحكومة الشرعية، ويقف الإصلاح في صف الأخيرة، وثانيهما دولة الإمارات والتشكيلات المسلحة التابعة لها في جنوب اليمن، رغم أن الإمارات والإصلاح يقفان معاً خلال الحرب في مواجهة جماعة الحوثي. وفيما يرى الحوثيون في حزب الإصلاح مكونا رئيسيا في جبهة خصومهم، فإن أبو ظبي التي حملت على كاهلها مهمة التصدي للربيع العربي ومكوناته وفي مقدمتها التيار الإسلامي، تضع الإصلاح على رأس قائمة القوى السياسية المطلوب تصفيتها.
كما يواجه الإصلاح محاولات ترمي إلى ازاحته من المشهد السياسي بطرق وأشكال مختلفة، بإيعاز ودعم من قوى إقليمية أبرزها دولة الإمارات، فضلا عن رغبة قوى وأطراف محلية يعتقد أصحابها أن مستقبلهم سيكون أفضل إذا ما ازيح الإصلاح، وأجبر على إخلاء مكانه ومغادرة الساحة، وتنطلق بعض القوى المحلية في موقفها المعادي لحزب الإصلاح من احقاد وعداوات سابقة، أو بدافع البحث عن مصلحة، حين تقدم نفسها بديلاً عن الإصلاح وتطالب بما لديه من حصص وامتيازات.
يستند الإصلاح إلى الشرعية في مواجهة تقسيم اليمن والاتقاء من ضربات الخصوم المحليين والاقليميين، لكن الشرعية رهانها على استمرار دعم المملكة العربية السعودية قائدة التحالف ، ودعم الرياض حاليا يمر بغموض خاصة بعد احداث تمرد الانتقالي في المناطق المحررة الجنوبية وسيطرة أبوظبي على ارخبيل سقطرى، والحديث عن وعود اماراتية بتواجد اسرائيلي في الجزيرة المشرفة على باب المندب، وهذا يعني أن على الإصلاح سرعة مراجعة وتقييم علاقته المباشرة بالسعودية إن كانت تفضي إلى شراكة حقيقية من خلال الشرعية، أم أنها في طريق مغلق تجنبا لأي ضربات مستقبلية للحزب ولما تبقى من حضور شكلي للشرعية.
على الصعيد الداخلي والتنظيمي يعاني الإصلاح تبعات الحرب وحالات فراغ في بنيانه الحزبي جراء شتات عناصره في الداخل والخارج وكذلك بسبب فقدان الكثير منهم، سواء في جبهات القتال ضد جماعة الحوثي أو في إطار الاستهداف المقصود من قوى بعينها في بعض المناطق المحررة، بالإضافة إلى المعتقلين والمختطفين، وذلك يكلف الإصلاح الكثير، ويحتم على قيادته العمل الجاد والسريع لتسوية صفوفه، وسد الثغرات التي تفتح بين وقت وآخر.
فيما يخص الجانب الفكري والثقافي يواجه الإصلاح إشكالية الانتقال من أحد طرفي ثنائية(الجماعة/الحزب)، وثنائية(الأمة/الوطن)، ذلك أن التحولات السياسية أحدثت تطورا نوعيا في الخطاب الإصلاحي، تمثل في أن الإصلاح أدمج الخطاب الديني في خطاب عام ومفتوح، وأخذ حيز السياسة يكتسب مكانة أكبر في خطاب الإصلاح. ويتعين على الإصلاح ترجمة ذلك في مضامين المنهج الفكري للحزب، والبناء الثقافي لأعضائها. خاصة وأن الإصلاح في بيانه المناهض لاجراءات الحوثيين التكسب من خلال ما يعرف بـ(الخمس) كشف عن تطور إيجابي نحو الهوية والدولة اليمنية والمشروع الوطني في مواجهة آفات التعصب والعنصرية بكافة أشكالها.
على حزب الإصلاح أن يفسح المجال بشكل أوسع لمشاركة المرأة لتقوم بدورها وتضطلع بمسؤوليتها، ومنحها الفرصة في تولي مواقع ومهام قيادية بما يتناسب وكفاءتها وخبرتها، وكذلك الأمر بالنسبة للشباب، إذ يتعين على قيادة الإصلاح إحداث تغيير يهدف إلى تمكين شريحتي النساء والشباب داخل الأطر القيادية للحزب، بما يتوافق مع حجم الإصلاح والحضور الفاعل للنساء والشباب في الحزب والمجتمع.
،،يواجه حزب الإصلاح اليمني في الوقت الراهن- كما في المستقبل القريب تحديات عدة أبرزها استهدافه من طرفين مسلحين أولهما جماعة الحوثي التي تخوض حربها ضد الحكومة الشرعية ويقف الإصلاح في صف الأخيرة، وثانيهما دولة الإمارات والتشكيلات المسلحة التابعة لها في جنوب اليمن،، |
سيناريوهات مستقبل الإصلاح
السيناريو الأول: تفكك الحزب
هذا السيناريو صعب تحققه لأنه يفترض انتصارا كبيرا لإيران في اليمن، وحصول تقسيم مدعوم سعوديا، فالعوامل التي قد تؤدي إلى انقسام حزب الإصلاح يقيسها مدى تمكن الحوثيين المدعومين من إيران من السيطرة على الشمال، والمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات على الجنوب، وقبول السعودية التعامل مع واقع التقسيم ودعمه في مقابل إنهاء دعم الشرعية، وحصول ضعف وانقسام في بنية الإصلاح.
فلو حصلت كل هذه العوامل ستكون مبررا لتفكك الحزب وتوجه قيادات اصلاحية في الخارج إلى انشاء تيار سياسي جديد، فيما التيار القبلي في الاصلاح والتيار الديني، بالذات أعضاء الاصلاح الموجودين في مناطق خاضعة لجماعة الحوثي أو المجلس الانتقالي كل منهم سيعلن عن تيار سياسي خاص به يتلاءم مع المرحلة، كما ستسعى الدول المتصارعة في اليمن لاستقطاب بعض مكونات الحزب وتشكيل تيارات موالية لها، لكن الأخطر هنا أن يتحول أعضاؤه المنخرطون في القتال ضمن قوات الشرعية والمقاومة إلى تيار مسلح لا يخضع للقيادة السياسية.
السيناريو الثاني: مرونة للحزب تتيح خروج بعض التيارات المناهضة لقرارات القيادة السياسية بشأن تحالفات الحرب،مع إمكانية حضور تنسيق تنظيمي بين القيادة السياسية للحزب والقيادات الجديدة للتيارات التي ستخرج من رحم الحزب.
هذا السيناريو ضعيف، وإن كان ممكن حدوثه، خاصة بعد قرارات تجميد بعض القيادات في الحزب مثل توكل كرمان، وتوقع حصول انفجار في الحزب نتيجة لضغوطات الحرب وبقاء حالة الاصلاح متجمدة أمام ضربات الخصوم والحلفاء، كما أن ميزة مثل هذا القرار تتجلى في كونه يخفف الضغط على الحزب من قبل الحلفاء المحليين والاقليميين بسبب آراء بعض أعضائه عن فشل الشرعية والتحالف العربي في تحقيق الأهداف المعلنة لعاصفة الحزم، كاستعادة الدولة وإنهاء انقلاب الحوثيين، لكن أسباب ضعف توقعات تحقق مثل هذا السيناريو مرتبطة بمدى قدرة قيادة الحزب في التحكم والسيطرة في مجريات الأمور داخله، لأن مثل هذا يحتاج إلى استقرار سياسي نسبي وقيادة قوية للحزب وتنسيق عالي بين مكوناته، وهذه لا تتوافر في أوقات الحرب، فحساسية الوضع على الأرض لا تسمح للحزب بالانقسام ولو صوريا، لأن ذلك سينعكس سلبا عليه في مرحلة ما بعد الحرب، حيث سيسعى الاصلاح للعودة إلى العمل السياسي وهو قوي وموحد.
السيناريو الثالث: مراجعة الحزب لأدائه وتقييم المرحلة السابقة وبناء استراتيجية جديدة قائمة على التوازن في التحالفات الداخلية والخارجية، والبحث عن أصدقاء وحلفاء محليين واقليميين ودوليين جدد، إلى جانب الحفاظ على العلاقات الجيدة مع الحلفاء الوطنيين والاقليميين السابقين لتحقيق التوازنات.
هذا السيناريو ممكن حدوثه بنسبة متوسطة لكنه يحتاج لعقد مؤتمر عام، يتم من خلاله احداث تغييرات جوهرية في بنية الحزب، سواء على مستوى القيادات أو اللوائح، ويكون من فوائده تشبيب الحزب وتحديث فكره السياسي ليتلاءم مع هوية وطنية مستقلة عن الأفكار العابرة للحدود، ويولي اهتمامه ببناء عقيدة وطنية ترى في الإمامة العدو الأول للشعب اليمني، لكن تظل الحرب عائق محتمل أمام عقد مؤتمر الحزب واجراء تغييرات واسعة، إضافة إلى أن شركاء الاصلاح المحليين والاقليميين قد يعتبرون اي انفتاح للحزب على شركاء جدد في الداخل والخارج عملا موجه ضدهم.
السيناريو الرابع : بقاء الحزب على الوضع الراهن داخليا وإبقاء التحالفات الداخلية والخارجية كما هي مع بعض الإصلاحات
ويبدو أن هذا السيناريو هو الأقوى الذي يتجه الإصلاح لتحقيقه، البقاء على التحالفات المحلية المرتبطة بالشرعية والأحزاب السياسية، وتلك الاقليمية المرتبطة بالسعودية قائدة التحالف العربي، مع بعض الإصلاحات في العلاقة.
قد تدفع قيادة الحزب ببعض شبابها للمساهمة في تحمل بعض الملفات خاصة ذات الارتباط بسمعة الحزب الدولية، مثل ملفات الاعلام والسياسة والعلاقات الدولية، وأيضا في بعض الملفات الميدانية والتنظيمية ذات الارتباط الكبير بشباب الحزب المنخرطين في المقاومة والموجودين في المناطق التي تحت سيطرة الحكومة اليمنية، أو المعنية بالاهتمام الفكري لشباب الحزب في المناطق التي تحت سيطرة جماعة الحوثي في الشمال أو المجلس الانتقالي في الجنوب.
،،يعاني الإصلاح تبعات الحرب وحالات فراغ في بنيانه الحزبي جراء شتات عناصره وبسبب فقدان الكثير منهم، سواء في جبهات القتال ضد جماعة الحوثي أو في إطار الاستهداف المقصود في بعض المناطق المحررة بالإضافة إلى المعتقلين والمختطفين وعلى الإصلاح أن يفسح المجال بشكل أوسع لمشاركة المرأة والشباب داخل الأطر القيادية للحزب،،
|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قائمة المراجع
[1] ناصر الطويل، الحركة الإسلامية والنظام السياسي في اليمن من التحالف إلى التنافس، ط1 (صنعاء: مكتبة خالد بن الوليد 2009)، ص51.
[2] المرجع نفسه، ص60.
*والد الناشطة اليمنية توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل 2011
[4] الوهابية: حركة إسلامية سنية قامت في منطقة نجد وسط شبه الجزيرة العربية في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
[5] فؤاد الصلاحي وآخرون، الثورة اليمنية الخلفية والآفاق، ط1، (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012)، ص172.
[6] قبيلتا حاشد وبكيل أكبر القبائل اليمنية، وكان "الشيخ الأحمر" شيخ مشايخ حاشد التي ينتمي لها الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وظل رئيساً للهيئة العليا للإصلاح حتى وفاته في ديسمبر/كانون الأول 2007.
[7] وثائق المؤتمر العام الأول للتجمع اليمني للإصلاح- الدورة الأولى، سبتمبر/أيلول 1994.
[8] نجيب غانم، التجمع اليمني للإصلاح وقفات على طريق التضحيات، 2020(بدون بيانات نشر)، ص6.
[9] المرجع نفسه، ص7.
[10] المرجع نفسه، ص6.
[11] ينظر: عبدالقوي حسان، الحركة الإسلامية في اليمن (دراسة في الفكر والممارسة) التجمع اليمني للإصلاح نموذجاً، مجلة المستقبل العربي الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية)، ص47.
[12] بيان حزب الإصلاح في الذكرى الـ26 لتأسيسه، منشور في موقع المصدر أونلاين، سبتمبر/أيلول 2016، (شوهد في 6 سبتمبر 2020) في الرابط:
[13] عدنان العديني، نائب رئيس الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح، في حوار مع جريدة "الشرق الأوسط"، الصادرة من لندن، نشرته في العدد (151961)، بتاريخ: 6 يوليو/تموز 2020.
[14] مقابلة مع عبده محمد سالم- عضو الدائرة السياسية لحزب الإصلاح
[15] عبدالقوي حسان، الحركة الإسلامية في اليمن، مرجع سابق، ص52.
[16] تقرير عن التجمع اليمني للإصلاح، منشور في موقع "الجزيرة نت"، ديسمبر/كانون أول 2014، شوهد في 31 أغسطس 2020 في الرابط: https://cutt.us/BHb3k .
[17] جهاد عبدالرحمن أحمد صالح، أحزاب المعارضة اليمنية ودورها في التطور السياسي والديمقراطي، (لندن: مركز مستقبل الشرق للدراسات 2016)، ص6.
[18] عبدالله الفقيه، التطور السياسي في الجمهورية اليمنية (1990-2009)، منشور في "مدونة الدكتور عبدالله الفقيه"، مارس/أذار 2009، (شوهد في 1 سبتمبر 2020) في الرابط: http://dralfaqih.blogspot.com/2009/03/1990-2009.html .
[19] عبدالقوي حسان، الحركة الإسلامية في اليمن، مرجع سابق، ص45.
[20] عادل جار الله معزب وعمر سيف ردمان، الإسلاميون في اليمن، صادر عن مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات- (اسطنبول: 2014)، ص4.
[21] عبدالقوي حسان، الحركة الإسلامية في اليمن، مرجع سابق، ص45.
[22] مايكل هدسون، التجاذب الثنائي والتفكير المنطقي والحرب في اليمن، في: جمال السويدي وآخرون، حرب اليمن 1994 الأسباب والنتائج، (أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 1995)، ص32.
[23] الدكتور مايكل هدسون: مدير سابق لمركز الدراسات العربية المعاصرة في جامعة جورج تاون، شغل في الفترة بين 2010 و2014 منصب أول مدير لمعهد الشرق الأوسط، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة سنغافورة الوطنية. كما شغل منصب أستاذ زائر لمؤسسة الكويت في مبادرة الشرق الأوسط الخاصة بمركز بيلفر في جامعة هارفارد في فصل الربيع الدراسي لعام 2015.
[24] وثائق المؤتمر العام الأول للتجمع اليمني للإصلاح، مرجع سابق.
[25] المرجع نفسه.
[26] وثيقة النظام السياسي للتجمع اليمني للإصلاح، الفصل الرابع: الأهداف، ص5.
[27] بيان رئيس حزب الإصلاح في الذكرى الـ28 لتأسيسه، منشور في الموقع الإليكتروني للإصلاح، (شوهد في 1 سبتمبر 2020)، في الرابط: http://alislah-ye.net/news_details.php?lang=arabic&sid=1865 .
[28] المرجع نفسه.
[29] حزب الاصلاح يعلن موقفه الرسمي من قانون (الخُمُس) الحوثي، منشور في موقع مأرب برس، في يونيو/حزيران 2020، (شوهد في 5 سبتمبر 2020) في الرابط:
https://marebpress.net/news_details.php?lang=arabic&sid=164464 .
[30] تقرير بعنوان "سياسيون وإعلاميون وكتاب يصفون "بيان" حزب الإصلاح بالتاريخي"، منشور في موقع الصحوة نت، يونيو/حزيران 2020، (شوهد في 2 سبتمبر 2020) في الرابط:
[31] المرجع نفسه.
[32] مقابلة أجراها الباحث مع عدنان العديني نائب رئيس الدائرة الإعلامية في حزب الإصلاح، في أغسطس 2020.
[33] المرجع نفسه.
[34] عبدالقوي حسان، الحركة الإسلامية في اليمن، مرجع سابق، ص53.
[35] حسن منصور، الإصلاح في وجه العنف والاستبداد، دراسة في وثائق وأدبيات التجمع اليمني للإصلاح 1990-2007، (دون بيانات نشر)، ص2.
[36] عبدالقوي حسان، الحركة الإسلامية في اليمن، مرجع سابق، ص49.
[37] يُنظر: فؤاد الصلاحي وآخرون، مرجع سابق، ص180.
[38] عبدالكريم سلام، تقرير عن المؤتمر العام الثالث لحزب الإصلاح، منشور في موقع "سويس انفو"، (شوهد في 27 أغسطس 2020) في الرابط: https://cutt.us/e4mxd .
[39] فؤاد الصلاحي وآخرون، مرجع سابق، ص190.
[40] عادل جار الله معزب وعمر سيف ردمان، الإسلاميون في اليمن، مرجع سابق، ص5.
[41] من البيان الختامي للدورة الثانية لهيئة شورى الإصلاح المحلية بمحافظة عدن، يناير 2004، نقلاً عن: حسن منصور، الإصلاح في وجه العنف والاستبداد، مرجع سابق، ص19.
[42] عادل جار الله وعمر سيف، الإسلاميون في اليمن، مرجع سابق، ص6.
[43] حسن منصور، الإصلاح في وجه العنف والاستبداد، مرجع سابق، ص19.
[44] أحمد محمد عبدالغني، التجمع اليمني للإصلاح.. تاريخ ومواقف، دراسة منشورة في موقع مارب برس، مارس/آذار 2009، (شوهد في 26 أغسطس 2020) في الرابط https://marebpress.net/articles.php?id=4991 .
[45] المرجع نفسه.
[46] حسن منصور، الإصلاح في وجه العنف والاستبداد، مرجع سابق، ص20.
[47] المرجع نفسه، ص33.
[48] عبدالكريم سلام، مرجع سابق.
[49] حمود هاشم الذارحي في حوار صحفي مع صحيفة الخليج الإماراتية، أجراه الصحافي/ صادق ناشر، ونشر في أكتوبر/تشرين 2005.
[50] بيان صادر عن التجمع اليمني للإصلاح- فرع محافظة مأرب، مايو/أيار 2017.
[51] الإصلاح يدين إدراج الخزانة الامريكية لـ"أبكر" والأهدل في قائمة المشمولين بالعقوبات بمزاعم علاقتهما بجماعات إرهابية، موقع الصحوة نت، التابع لحزب الإصلاح، نشر في ديسمبر 2016، (شوهد في 27 أغسطس 2020) في الرابط:
[52] المرجع نفسه.
[53] البيان الختامي للمؤتمر العام الأول للتجمع اليمني للإصلاح- الدورة الأولى سبتمبر/ايلول 1994.
[54] البيان الختامي للمؤتمر العام الرابع للتجمع اليمني للإصلاح، الدورة الثانية، مارس/أذار 2009.
[55] المرجع نفسه.
[56] رؤية التجمع اليمني للإصلاح للقضية الجنوبية "الحلول والضمانات"، منشورة في الموقع الإليكتروني الرسمي للحزب على شبكة الانترنت، "الإصلاح نت"، (شوهد في 28 أغسطس 2020) في الرابط http://alislah-ye.net/lib_details.php?id=16، وفي الموقع الإليكتروني الخاص بمؤتمر الحوار الوطني على الانترنت، (شوهد في 28 أغسطس 2020) في الرابط http://ndc.ye/ar-issue.aspx?show=1 .
[57] المرجع نفسه.
[58] ينظر: زياد ماجد وآخرون، التطور الديمقراطي في اليمن، تقرير صادر عن المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات (International IDEA)، وشبكة المنظمات العربية غير الحكومية (ANND)، العام 2005، ص9.
[59] المرجع نفسه، ص29.
[60] عباس النهاري، دائرة المرأة في الأمانة العامة للإصلاح ومكاتبه التنفيذية تأصيل شرعي، صادر عن التجمع اليمني للإصلاح، 2009، ص6.
[61] المرجع نفسه، ص12.
[62] مقابلة أجراها مركز أبعاد مع عبده محمد سالم- عضو الدائرة السياسية لحزب الإصلاح، في العام 2013، مرجع سابق.
[63] مقابلة عبده محمد سالم، مصدر سابق.
[64] من دراسة لعضو هيئة الإصلاح محمد قحطان ضمن دراسات صدرت في كتاب مسيرة الإصلاح الصادر عن المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية سبتمبر/أيلول 2012.
[65] الأحزاب اليمنية تدين التطبيع مع إسرائيل، بيان منشور في موقع "الإصلاح نت"، أغسطس/آب 2020،
(شوهد في 1 سبتمبر 2020) في الرابط:
http://alislah-ye.net/news_details.php?lng=arabic&sid=6657 .
[66] البيان الختامي للمؤتمر العام الأول للتجمع اليمني للإصلاح- الدورة الأولى، مرجع سابق.
[67] المرجع نفسه.
[68] بيان الدورة الثانية للمؤتمر العام الأول، سبتمبر/أيلول 1996.
[69] البيان الختامي للمؤتمر العام الثاني للإصلاح- الدورة الثانية، نوفمبر/تشرين ثان 2000.
[70] المرجع نفسه.
[71] البيان الختامي للمؤتمر الرابع – الدورة الثانية، مارس/أذار 2009.
[72] المرجع نفسه.
[73] حزب الإصلاح: التطبيع مع إسرائيل "جناية تاريخية" بحق الشعوب، تصريحات عدنان العديني، نائب رئيس الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح، منشورة في موقع "يمن شباب نت"، تعليقاً على إعلان الإمارات العربية المتحدة التطبيع مع إسرائيل، أغسطس/آب 2020، (شوهد في 1 سبتمبر 2020) في الرابط: https://www.yemen-shabab.com/news/58792 .
[74] المرجع نفسه.
[75] زياد ماجد وآخرون، التطور الديمقراطي في اليمن، مرجع سابق، ص63.
[76] وثائق المؤتمر العام الأول لحزب الإصلاح، مرجع سابق.
[77] المرجع نفسه.
[78] وثائق المؤتمر العام الثاني للإصلاح- الفترة الأولى، أكتوبر/تشرين أول 1998.
[79] المرجع نفسه.
[80] ينظر: عمرو حمزاوي، بين الحكومة والمعارضة: نموذج التجمع اليمني للإصلاح، (بيروت: مركز كارنيغي للشرق الأوسط، 2009)، ص22.
[81] مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، ط2 (صنعاء: الافاق للطباعة والنشر، 2008)، ص307.
[82] فؤاد الصلاحي وآخرون، الثورة اليمنية الخلفية والآفاق، مرجع سابق، ص207.
[83] جهاد عبدالرحمن، أحزاب المعارضة اليمنية ...، مرجع سابق، ص14.
[84] وثائق المؤتمر العام الثاني للإصلاح، مرجع سابق.
[85] مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، مرجع سابق، ص294.
[86] ينظر: ناصر الطويل، الحركة الإسلامية والنظام السياسي في اليمن، مرجع سابق، ص151.
[87] وثائق المؤتمر العام الثاني للتجمع اليمني للإصلاح- الدورة الثانية، نوفمبر/تشرين 2000.
[88] من ردود الأمين العام السابق للإصلاح محمد عبدالله اليدومي- الرئيس الحالي للحزب، على أسئلة الصحفيين في مؤتمر صحفي عقده الإصلاح على هامش مؤتمره العام الثاني- الدورة الثانية في نوفمبر/تشرين 2000، في: وثائق المؤتمر العام الثاني للإصلاح، مرجع سابق.
[89] جهاد عبدالرحمن، أحزاب المعارضة اليمنية، مرجع سابق، ص16
[90] فؤاد الصلاحي وآخرون، الثورة اليمنية الخلفية والآفاق، مرجع سابق، ص178.
[91] نجيب غانم، التجمع اليمني للإصلاح.. مرجع سابق، ص24.
[92] فؤاد مسعد، "اليمن.. صراع السياسة وحروب الوكالة"، مركز أبعاد للدراسات والبحوث، مايو/أيار 2020، ص67.
[93] عبدالقوي حسان، الحركة الإسلامية في اليمن، مرجع سابق، ص50.
[94] فؤاد الصلاحي وآخرون، الثورة اليمنية..، مرجع سابق، ص180.
[95] عمرو حمزاوي، نموذج التجمع اليمني للإصلاح، مرجع سابق، ص18.
[96] عادل جار الله وعمر سيف، الإسلاميون في اليمن.. مرجع سابق، ص5.
[97] فؤاد الصلاحي وآخرون، الثورة اليمنية..، مرجع سابق، ص183.
[98] شيخان الدبعي (الأمين العام المساعد لحزب الإصلاح)، الإسلاميون والثورات العربية.. الحالة اليمنية، ورقة قدمت في ندوة "الإسلاميون والثورات العربية.. تحديات الانتقال الديمقراطي وإعادة بناء الدولة"، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة سبتمبر/أيلول 2012.
[99] ينظر: عادل جار الله وعمر سيف، الإسلاميون في اليمن..، مرجع سابق، ص7.
[100] شيخان الدبعي، الإسلاميون والثورات العربية..، مرجع سابق.
[101] عدنان ياسين المقطري، الانتقال السياسي في اليمن 2011-2015، في: الانتقال السياسي في اليمن وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، تحرير: يحيى المتوكل، صادر عن المرصد الاقتصادي للدراسات ومؤسسة فريدريتش ايبرت- 2016، ص21.
[102] المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
[103] عادل دشيلة، أهداف أطراف الصراع المحلي والإقليمي في اليمن، في: (مجلة) رؤية تركية، تصدر من اسطنبول، ربيع 2019، ص132.
[104] نجيب غانم، التجمع اليمني للإصلاح.. مرجع سابق، ص38.
[105] التجمع اليمني للإصلاح يعلن تأييده عاصفة الحزم، موقع شبكة الجزيرة، (شوهد في 6 يوليو 2020)، في الرابط: https://cutt.us/PJRYW.
[106] نجيب غانم، التجمع اليمني للإصلاح، مرجع سابق، ص40.
* وشملت منازل: رئيس الهيئة العليا لحزب الإصلاح، والأمين العام للحزب، واثنين من أعضاء الهيئة العليا، وثلاثة من رؤساء الدوائر، بالإضافة إلى منزل رئيس الكتلة البرلمانية.
- · وهي المقرات التالية:
المكتب التنفيذي للإصلاح- أمانة العاصمة (القيادة المحلية للحزب في العاصمة صنعاء)، مقر حزب الاصلاح في صنعاء القديمة، معهد الإصلاح في شارع الستين، مقر طلاب الإصلاح بكلية التربية- جامعة صنعاء، مكتب دائرة الطلاب، بالإضافة إلى مقرات الإصلاح في الدوائر (12- 13- 14- 19).
[107] مركز حقوقي يرصد انتهاكات الحوثيين، الموقع الإليكتروني: المصدر اونلاين، (شوهد في 6 يوليو 2020)، في الرابط: https://cutt.us/6U7a6 .
[108] عادل الشجاع، حِلف الإمارات يحرض على اجتثاث حزب الإصلاح، منشور في موقع "مندب برس"، فبراير/شباط 2020، (شوهد في 30 أغسطس 2020)، في الرابط:
[109] المرجع نفسه.
[110] بيان رئيس حزب الإصلاح في الذكرى الـ28 لتأسيسه، مرجع سابق.
[111] مقابلة الباحث مع نائب رئيس الدائرة الإعلامية للإصلاح، مرجع سابق.
[112] المرجع نفسه.
[113] المرجع نفسه.
[114] بيان رئيس حزب الإصلاح في الذكرى الـ29 لتأسيسه، منشور في الموقع الإليكتروني للإصلاح، (شوهد في 7 يوليو 2020)، في الرابط: http://alislah-ye.net/news_details.php?sid=4272 .
[115] المرجع نفسه.
[116] عادل دشيلة، أهداف أطراف الصراع في اليمن، مرجع سابق، ص132.
[117] انفصاليون بجنوب اليمن للسعودية: أبعدوا حزب الإصلاح أو اخسروا الحرب، وكالة رويترز، أغسطس/آب 2019، (شوهد في 1 سبتمبر 2020) في الرابط:
[118] المرجع نفسه.
[119] "لا مخرج من الحرب طالما حزب الإصلاح يهيمن على الشرعية"، تقرير منشور في صحيفة العرب، الموالية لدولة الإمارات، أغسطس/آب 2019، (شوهد في 1 سبتمبر 2020) في الرابط:
[120] مقابلة الباحث مع نائب رئيس الدائرة الإعلامية للإصلاح، مرجع سابق.
[121] البيان الختامي للمؤتمر الثاني للإصلاح- الدورة الثانية، نوفمبر/تشرين ثان 2000.
[122] مقابلة الباحث مع نائب رئيس الدائرة الإعلامية للإصلاح، مرجع سابق.
[123] بيان رئيس حزب الإصلاح محمد اليدومي في الذكرى الـ28 لتأسيس الحزب، مرجع سابق.
[124] مقابلة الباحث مع نائب رئيس الدائرة الإعلامية للإصلاح، مرجع سابق.
[125] المرجع نفسه.
[126] المرجع نفسه.