من تأسيس المشاريع الاقتصادية إلى بناء القواعد العسكرية: النفوذ الصيني في القرن الأفريقي

جيوبولتك | 3 ديسمبر 2023 20:01
من تأسيس المشاريع الاقتصادية إلى بناء القواعد العسكرية: النفوذ الصيني في القرن الأفريقي

 

ملخص

     شهدت السنوات الأخيرة حضوراً لافتاً للصين في قارة أفريقيا بشكل عام، ومنطقة القرن الأفريقي على وجه الخصوص، سيما بعد تأسيس المنتدى الصيني الأفريقي، وقد أعلنت الصين عن مبادرتها الجديدة (الحزام والطريق) في العام 2013، وتركز هذه المبادرة على المناطق الاستراتيجية براً وبحراً، لتشكل حلقة اتصال بين الصين وبقية دول آسيا مروراً بأفريقيا ثم قارة أوروبا.

واستطاعت الصين أن توسع علاقاتها وتعزز حضورها في شرق أفريقيا وما يعرف باسم القرن الأفريقي، بالتزامن مع حدوث تغيرات مهمة في سياسة الصين الخارجية التي بدأت تتخلى عن سياسة النأي بالنفس بعيداً عن التوتر، وأخذت تنخرط في المشهد السياسي والعسكري والأمني رويداً رويداً، ليصل إلى بناء قاعدة عسكرية في جيبوتي، إحدى أهم دول القرن الأفريقي. ويأتي هذا بعد مراجعات مستمرة للسياسة الخارجية الصينية.

تناقش الدراسة النفوذ الصيني في القرن الأفريقي، بالتركيز على التحول الأبرز في استراتيجية بيجين، وبداية انخراطها في التنافس الدولي على مناطق النفوذ الاستراتيجي، كما تتناول مرتكزات هذا الحضور وشواهده وبعض تداعياته في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة منذ أكثر من عشر سنوات.

كما تتناول رؤية الصين الجديدة لقارة أفريقيا عموماً، والقرن الأفريقي بشكل خاص، وأهميتها الاستراتيجية في ضوء مبادرة الحزام والطريق الصينية، ودول إغفال التطورات والتحديات الراهنة في المنطقة، خاصة وأن بعض دول القرن الأفريقي تشهد صراعات سياسية وعسكرية تؤدي إلى إضعافها وعرقلة التنمية والنهوض فيها.

 

تمهيد

أهمية القرن الأفريقي في الرؤية الصينية الجديدة

يحمل مصطلح القرن الأفريقي تعريفات عدة، فعلماء الأنثروبولوجيا يطلقونه على أراضي الصوماليين في كل من الصومال وجيبوتي وأوغادين بأثيوبيا، ومحافظات أقصى شمال كينيا، ويعرف الجغرافيون القرن الأفريقي على أنه ذلك الامتداد على اليابسة الذي يتخذ شكل القرن، والواقع شرق البحر الأحمر وخليج عدن، أي إن المصطلح يتسع ليشمل أرتيريا وأثيوبيا وكينيا، ويضيف له السياسيون والاقتصاديون السودان وجنوب السودان وأوغندا تحت اسم القرن الأفريقي الكبير، ومن التعريف أعلاه يعتبر القرن الأفريقي: المنطقة الشرقية من أفريقيا والمتحكمة بمنابع النيل ومدخل البحر الأحمر الجنوبي وخليج عدن وباب المندب[1]. كما أن ثمة من يضيف اليمن إلى دول القرن الأفريقي، لارتباطها بالمدخل الجنوبي للبحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، رغم كونها دولة آسيوية.

تقدر مساحة القرن الأفريقي بمفهومه الضيق (الصومال، جيبوتي، إريتريا، إثيوبيا) بنحو (1.9) مليون كيلومتر مربع. ويبلغ عدد سكانه نحو (200) مليون نسمة، ويضم المجال البحري للقرن الإفريقي الموارد الطبيعية مثل احتياطيات النفط والغاز والحياة البحرية والشحن وخدمات الموانئ،[2] حيث تمتلك منطقة القرن الأفريقي نحو 10 موانئ، 4 منها في الصومال، و2 في كل من كينيا وأرتيريا، وميناء واحد في السودان وآخر في جيبوتي، وهذا الأخير له أهمية إقليمية ودولية بالنظر لموقعه القريب من مضيق باب المندب، كما أن الصين تعتمد عليه بدرجة كبيرة كونه أحد الموانئ الرئيسية لمبادرة الحزام والطريق التي أعلنت عنها قبل نحو 10 سنوات.

شکّلت منطقة القرن الأفريقي محور اهتمام العديد من القوى الإقليمية والدولية، لاعتبارات جيوبولوتيکية واستراتيجية، راجعة إلى کونها معبر وشريان رئيسي للتجارة الدولية؛ نتيجة امتداد معابرها المائية من باب المندب وصولاً للبحر الأحمر، کما تعتبر ممراً للتحركات الأمنية لبعض القوى الکبرى المتجهة لمنطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، وحظيت المنطقة باهتمام مجموعة من القوى الدولية كالولايات المتحدة وروسيا والصين لما تمثله من عمق استراتيجي ومنبع ثرواتي ضخم يجعلها أحد أبرز المناطق أهمية على مستوى العالم[3]، وبقدر ما ساهمت الصراعات داخل المنطقة في إضعاف دولها، فإنها ساهمت أيضاً في رفع وتيرة التسابق والتنافس الخارجي على السيطرة والنفوذ فيها للعوامل والأسباب المذكورة.

وقد أولت السياسة الخارجية الصينية في القرن الواحد والعشرين اهتماماً حول قيام قوة صينية مسؤولة على صعيد العالم، وشددت القيادة الصينية على ضرورة زيادة انخراط الدولة في شؤون العالم، من دون السعي إلى تغييرها جذرياً دفعة واحدة، تماشياً وفلسفة الصعود السلمي، الأمر الذي جعل الاستراتيجيين والخبراء الصينيين في العلاقات الدولية يعكفون على وضع الخطط الملائمة لذلك. فقد اقترح الخبير "وانغ ييسي"، خطة استراتيجية عنوانها (السير غرباً)، هدفها تهيئة قدرات الصين للتدخل السياسي في المناطق الغربية ومنها العالم العربي، لكسب نفوذ يسمح بفرض مصالحها المحورية فيها، وفرض توازن قوى جديد مع الولايات المتحدة الأمريكية، في حين اقترح الخبير "لي يونغهو"، أن تتبنى الصين مقاربة مزدوجة، وتأسيس علاقات جيدة بالقوى الكبرى القائمة، بالموازاة مع تحسين علاقاتها بالدول المجاورة والدول النامية، في إطار ما أطلق عليه "حزام محيط استراتيجي"[4].

وفي السياق ذاته اتسعت رقعة التعاون الدبلوماسي بين أفريقيا والصين، واستحدثت بيجين سياسة جديدة تهدف للتموضع في العمق الأفريقي عبر إقامة منتدى التعاون الصيني-الأفريقي الذي تعقده على نحو دوري منذ عام 2000، لتعزيز العلاقات الصينية-الأفريقية، تماشيًا مع المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية والتقلبات التي تشهدها أفريقيا[5]، ومن أجل مواجهة التحديات المشتركة للعولمة الاقتصادية، وعلى خلاف الولايات المتحدة الأمريكية، جاء الخطاب الصيني مركزاً على منطق المساواة والتعاون، جنوب- جنوب، معتبرة نفسها ضمن المجال الجنوبي[6]. واتجهت الصين لتطبيق سياسة التوسع، والعمل على التوازن الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، والبحث عن وجود أحلاف لها لإثبات تواجدها ونفوذها بهدف تأمين مصادر النفط، ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل سعت الصين لأن تکون شريکاً قوياً ومنافساً للولايات المتحدة وفرنسا في القارة الأفريقية؛ ويمكن القول أن التنافس الصيني الأمريكي على القرن الأفريقي يحمل في ظاهرة صبغة اقتصادية، فالصين تمتلك منطقة لوجستية مهمة في جيبوتي، إلا أن ذلك يختلف عن الرؤية الخاصة بالولايات المتحدة، التي ترى أن التواجد الصيني يحمل في طياته صبغة أمنية، وبالتالي فهذا التمدد يشكل خصماً من رصيد الولايات المتحدة في منطقة القرن الأفريقي[7].

ومع صعود الصين في المجالات الاقتصادية والعسكرية، يبدو أنها استطاعت أن تقتطع لنفسها مجالًا متزايدًا من حرية الحركة على الساحة الدولية، ومِنْ ثَمَّ اتسعت تطلعاتها نحو مزيد من التمكين لنفسها كقوة كبرى في مواجهة الغرب بقيادة الولايات المتحدة. وتقع القارة الأفريقية، بثرواتها الواسعة غير المستغلَّة وحكوماتها المتطلعة للمساعدات وللاستثمارات الأجنبية، في قلب هذا التطلُّع الصيني نحو ممارسة قوَّتها الجديدة، كما أن انشغال واشنطن في حربها على ما يسمى بـ"الإرهاب" منذ عام 2001، دفع الصين لانتهاز هذه الفرصة بالتحرك في مساحات كبيرة في العالم، وعززت بيجين من حضورها واستثماراتها الاقتصادية الضخمة إفريقيًّا[8]. وعلى وجه الخصوص، تعتبر منطقة شرق أفريقيا التي تضم القرن الأفريقي ذات أهمية كبيرة بالنسبة للصين والدول الكبرى، وتسعى الصين بشكل حثيث للتواجد فيها، على اعتبار أنها تمثل امتداداً استراتيجياً لها[9].

ومع الأهمية الجيوستراتيجية التي يمثلها القرن الأفريقي بالنسبة للقوى الكبرى، من حيث تحكمه في مضيق باب المندب وخليج عدن، إلا أن أهميته تزداد بالنسبة للصين الصاعدة اقتصاديًّا، ليمثل نقطة حيوية واستراتيجية في تحقيق تطلعاتها الاقتصادية في أفريقيا لتأمين مبادرة "الحزام والطريق"، باعتبارها البوابة التي تشهد مرور التجارة الصينية من البر الصيني باتجاه أوروبا[10].

السياسة الخارجية الصينية من العزلة إلى الاندماج

تسعى الصين منذ تسلم الرئيس الحالي "شي جين بينغ" السلطة في مارس/آذار 2013، إلى اعتماد سياسة خارجية وأمنية متوازنة، وبشكل خاص من الناحية الجغرافية الاستراتيجية، ففي الكتاب الأبيض قام الرئيس جين بينغ بتعزيز نظرية الرئيس الصيني السابق "هو جينتاو"، مع الحفاظ على  التسلسل الهرمي للأهداف الاستراتيجية الواردة في الكتب البيضاء السابقة منذ العام 1995، وسلط الضوء على "مفهوم الأمن الشامل ومفهوم الأمن المشترك والأمن القائم على التعاون، حيث ترتبط الثقة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والمساواة والتعاون بتدخلات عسكرية غير الحرب، لمواجهة التحديات والتهديدات الأمنية من قبل القوى المعادية"[11].

وثمة ما يؤكد وجود تحولات مهمة في السياسية الخارجية الصينية، فبدلاً من الانكفاء والانعزال بدأت بيجين تتحرك تدريجياً نحو المشاركة والاندماج مع المجتمع الدولي، ومع ذلك فلا يزال هذا التحرك مشوباً بالحذر وملتزماً بثوابت ومحددات عدة مرتبطة بثوابت السياسة الصينية، التي تركز على حماية مصالحها بدرجة رئيسية وتطوير علاقاتها بما يعزز انفتاحها الاقتصادي ويحمي حضورها السياسي، ووفقاً لرؤية الصين لمفهوم الأمن الشامل والمشترك، يتحدد التدخل الخارجي بحماية المصالح والتجارة الصينية وإجلاء رعاياها في الخارج.

اقترح الرئيس الصيني جين بينغ في العام 2013، مبادرة "حزام واحد، طريق واحد" أو "طريق الحرير الجديد" المعروف اختصارًا بـ"بالطريق والحزام". ويهدف هذا المشروع إلى زيادة تعزيز التعاون الاقتصادي الدولي على خلفية تراجع العولمة، ويحتل هذا المشروع رأس سلم أولويات الصين من أجل التنمية العالمية في المستقبل[12].

وفي الكتب البيضاء الثلاثة لأعوام 2008، 2013، 2015 تم تحديد السياسة الدفاعية الصينية كالتالي: صيانة الأمن والوحدة القومية، التحديث الشامل والمستدام للجهاز العسكري، تعزيز مهارات القوات المسلحة، إقامة دفاع نشط، تعزيز استراتيجية التسلح النووي للدفاع عن البلد، تعزيز بيئة أمنية تساعد على التنمية السلمية، احتواء القوى الانفصالية، صيانة الحدود والمجال الجوي الإقليمي والساحلي، حماية الحقوق والمصالح البحرية والقومية على الأراضي وفي المجال الإليكتروني[13]. وانطلاقاً من ذلك يعمل الجيوسياسيون الصينيون على التوازن بين استراتيجيتهم للانفتاح الاقتصادي العالمي، ومصالحهم الاستراتيجية، وعلى وجه الخصوص في المناطق ذات الأهمية. حيث أدرك القادة الصينيون أن ظاهرة الاعتماد المتبادل في المجتمع الدولي لا تسمح بسياسة العزلة التي انتهجتها الصين زمن "ماوتسي تونج"، وأن اندماج الاقتصاد الصيني في الاقتصاد العالمي أمرٌ لا مفر منه[14].

فيما يخص دور الشرق الأوسط في مبادرة "الحزام والطريق"، أوضح الرئيس الصيني خلال المؤتمر الوزاري السادس لمنتدى التعاون بين الصين والدول العربية الذي انعقد في يونيو/حزيران 2014، أن بين الصين والدول العربية تفاهمًا متبادلًا وصداقة قديمة تعود إلى عهد طريق الحرير، وأكد أن الطرفين شريكان طبيعيان في مشروع بناء مشترك لـ"الحزام والطريق"[15].

ويمكن إيجاز محددات السياسة الخارجية الصينية تجاه الشرق الأوسط في جملة من النقاط، تتمثل في كون الصين تنظر للمنطقة بموقعها وثرواتها كمنطقة اشتباك بين القوى الدولية المتنافسة على النفوذ، وترى إمكانية تحقيق الأمن البحري، لذلك تبدي اهتمامها بالمصالح البحرية، سيما الموانئ والممرات المائية الدولية، وهناك عدد من المشاريع الصينية المتعلقة بتطوير وتوسيع موانئ عربية عدة في مصر وعُمان واليمن والسودان. وبالتالي فإنه يمكن للصين أن تعمل في هذه المنطقة على تعزيز حضورها ونفوذها، وتوسيع علاقات التعاون مع كافة الدول، بالإضافة إلى تأمين إمداد الطاقة، وتحقيق دعم وتأييد صيني وتعديل موقعها في النظام الدولي[16].

وتضم مبادرة "الحزام والطريق" 41 من أصل 55 دولة أفريقية، معظمها يقع على الساحل الشرقي المطل على المحيط الهندي، وأبرزها دول واقعة في منطقة القرن الأفريقي، ما يؤكد أنها أصبحت ذات أهمية متزايدة بالنسبة لاستراتيجيات القوى العظمى والصاعدة في النظام الدولي، وعلى رأسها بطبيعة الحال الصين. فبالنسبة لسياسة الصين العالمية كما هي الحال بالنسبة للولايات المتحدة والدول الأوروبية وروسيا، يتطلب موقع القرن الأفريقي الحيوي منع وجود مراكز القوى والتحالفات المعادية التي يتم تشكيلها ضد الصين في المستقبل. أما بالنسبة للمصالح الاقتصادية المتعددة، فقد ظلت عاملاً محدداً للسياسة الخارجية الصينية. وعليه فإن هدف حماية مصالح الدولة الوطنية، يعد المحدد الرئيسي لسياسة الصين الخارجية في منطقة القرن الأفريقي[17]. خاصة وقد صارت منطقة رئيسة تعمل الصين فيها على حماية تنفيذ مبادرة "الحزام والطريق"، لتعزيز حضورها وتحقيق مكاسبها ومصالحها الخارجية، من خلال إنشاء قاعدة عسكرية صينية في جيبوتي، كما قامت ببناء خط سكك حديد بطول 750 كيلومترًا عام 2017، يربط جيبوتي بأديس أبابا لتسهيل حركة نقل البضائع الصينية وضمان سلامة تدفقها وتسريعها، كما شيَّدت الصين محطة "غاريسا" في كينيا للطاقة الكهروضوئية، بقدرة 50 ميجاوات، وبدأ تشغيلها عام 2019، لتصبح أكبر مشروع باستخدام الطاقة البديلة في القرن الأفريقي[18].

 وقد افتتحت الصين قاعدتها العسكرية في جيبوتي في العام 2017، وتعد أول قاعدة لها في أفريقيا، وتضم عشرة آلاف جندي، بهدف حماية مصالح الصين الكبيرة والمتزايدة في المنطقة بالإضافة إلى تزويد السفن التي تشارك في عمليات حفظ السلام، والمهمات الإنسانية عند سواحل اليمن والصومال، وهذا لا يمنع أن للقاعدة أهدافاً عسكرية أيضاً[19].

مرتكزات النفوذ الصيني في القرن الأفريقي

ترتبط الصين مع أفريقيا والشرق الأوسط بعلاقات واسعة سيما في الجوانب الاقتصادية والتجارية، وانعكس هذا الحضور وتلك العلاقات على دول القرن الأفريقي بشكل خاص، ومع التوجهات الصينية الجديدة نحو المنطقة سعت لتعزيز حضورها وتقوية نفوذها، اعتماداً على الأرضية المشتركة والتفاهمات والاتفاقات السابقة، فضلاً عن حضور الصين في بعض دول المنطقة من خلال المشاريع الاقتصادية والاستثمارية والقروض المختلفة.

ويمكن استكشاف كثير من مضامين التحولات المهمة في سياسة الصين الخارجية من خلال مبادرتها الاستراتيجية المعروفة بـ"الحزام والطريق"، في ضوء الرؤية الاستراتيجية للصين، سيما رؤيتها تجاه منطقة الشرق الأوسط، ومن ضمنها القرن الأفريقي، ففي مارس/آذار 2015، بعد نحو عامين على إعلان مبادرة الحزام والطريق، أصدرت الحكومة الصينية رؤيتها للمشروع المشترك الخاص ببناء طريق الحرير والحزام الاقتصادي، وطريق الحرير البحري للقرن الواحد والعشرين. وبحسب تلك الرؤية، سيربط هذا الحزام الصين بالخليج العربي والبحر الأبيض المتوسط عبر آسيا الوسطى وغرب آسيا. وقد صمم طريق الحرير البحري لينطلق من الساحل الصيني وصولًا إلى أوروبا، عبر بحر جنوب الصين والمحيط الهندي. وهذا يعني أن الشرق الأوسط ليس جزءًا هامًّا من المشروع وحسب، بل هو أيضًا محور الطريقين وله دور محوري في صلب المشروع[20].

التعاون الاقتصادي بوابة النفوذ السياسي

في الجانب التجاري والاقتصادي ثمة حضور صيني لافت، سواء على مستوى دول الشرق الأوسط وأفريقيا عامة أو دول القرن الأفريقي بشكل خاص، وقد أنشأت الصين والدول الأفريقية في العام 2000 منتدى التعاون الصيني- الأفريقي، بهدف تعزيز التعاون بين الصين ودول أفريقيا، ومن أهم مرتكزات المنتدى أنه يعد مجالاً للحوار السياسي وأرضية للتعاون الاقتصادي والتكامل التجاري، كما أنه يشكل فضاء للتشاور الدبلوماسي وتعزيز العلاقات الصينية الأفريقية، خاصة العلاقات الثنائية بين الصين ومختلف الدول الأفريقية[21].

وبحسب معطيات الأرقام والإحصاءات حول التبادل التجاري بين الصين ودول القرن الأفريقي، فإن الصين تعد الشريك الاقتصادي الأقوى مع هذه الدول، وهو ما يدفع بيجين إلى الانخراط في التجربة السياسية واستثمار نفوذها الاقتصادي في توسيع مناحي نفوذها أمنياً وسياسياً[22].

ويمكن الإشارة إلى وجود عدد من المشاريع الاقتصادية والاستثمارية الصينية في دول القرن الأفريقي التي تستحوذ على ما نسبته 25 في المائة من قيمة الاستثمارات الصينية في القارة الأفريقية[23]، وبحسب خبراء فإن التطور المتسارع لعلاقات الصين الاقتصادية ومصالحها يستند على عوامل عدة، منها أن الرؤية الاقتصادية الصينية لمجمل أوضاع القرن الأفريقي خاصة والقارة الأفريقية عامة تستند على الاعتقاد القائل بأن تلك الدول تتبنى مجموعة من الإجراءات التي تسهل الانفتاح على التجارة الدولية، وكذلك نظرتها إلى دول القرن الأفريقي على أنها سوق مهمة لصادراتها، بالإضافة إلى إصرار الصين على ضمان الوصول إلى مصادر الطبيعة في القارة الأفريقية[24].

 اشتملت الاستثمارات الصينية في جيبوتي على 4 مشاريع لتطوير الموانئ وخط سكة الحديد، بطول 750 كم مع أثيوبيا، مما سيزيد بشكل كبير من وصول التجارة البحرية باعتبارها دولة حبيسة، وفي كينيا قامت الصين ببناء خط سكة الحديد بطول يبلغ 742 كم، ويربط العاصمة نيروبي بالمدينة الساحلية مومباسا على المحيط الهندي، بتكلفة 3.8 مليار دولار، تم تمويله بنسبة 90 بالمائة من بنك إكسيم الصيني، والباقي من الحكومة الكينية[25].

وفي أثيوبيا حلت الصين شريكاً تجارياً رئيسياً خلال العقد الماضي، وتربط بين البلدين علاقات متينة تشكل فرصة للكثير من الاستثمارات الصينية، فضلاً عن كون السوق الأثيوبية تتميز بتدني تكلفة التصنيع فيها بشكلٍ لافت. أما أرتيريا فقد أضحت جزءاً من سياسة الصين الاقتصادية ولاعباً محورياً في مبادرة الحزام والطريق، وقد وقع الجانبان صفقات اقتصادية شملت إلغاء التعريفات الجمركية على المنتجات الأريتيرية المصدرة إلى الصين، وإلغاء جزئي لديون أرتيريا، بالإضافة إلى تقديم القروض وتمويل عدد من المشاريع التنموية[26].

توسيع العلاقات الدبلوماسية وبناء القواعد العسكرية

خلال السنوات القليلة الماضية بدأت الصين تنتقل إلى الجانب العملي والتطبيقي للرؤية الجديدة، وبالتالي فقد عززت حضورها في القرن الأفريقي، باتفاقات ومشاريع متعددة مع دول المنطقة، كان في مقدمتها الاتفاق مع جيبوتي على بناء قاعدة عسكرية تشكل بداية للحضور العسكري الصيني في هذه المنطقة الاستراتيجية.

في يناير/كانون ثاني 2022، أعلن وزير الخارجية الصيني، "وانغ يي"، تعيين مبعوث خاص لـ"تعزيز الاستقرار الدائم والسلام والازدهار" في القرن الأفريقي،  الذي يشهد صراعات إقليمية وحروباً أهلية، وذلك خلال جولته في إريتريا وكينيا وجزر القمر، وهي الجولة التي تأتي في إطار التقليد الدبلوماسي الصيني الممتد لأكثر من 30 عاماً، حيث يتوجه وزراء خارجية الصين إلى أفريقيا في أولى زياراتهم الخارجية في بداية كل عام.[27] وفي هذه الجولة طرح الوزير الصيني فكرة "التنمية السلمية للقرن الأفريقي"، ويأتي ذلك انطلاقاً من رؤية استراتيجية صينية جديدة، محورها أن بيجين لم تعد "متفرجة" على أزمات القرن الإفريقي، بل مضطلعة بدور أكبر في حلحلة أزماتها عبر دعم محادثات السلام وإحلال التوافق السياسي بين شعوبها، ما يعني أن أدوات السياسة وآلياتها الاستراتيجية لم تعد مقتصرة فقط على تحقيق أطماعها الاقتصادية لجني ثروات أفريقيا، مدركة أن استقرار دولها شرط أساسي لضمان مستقبل صيرورة مصالحها الاقتصادية في القارة السمراء[28]. ويرى خبراء ومحللون سياسيون أن ثمة دوافع متعددة لتعيين الصين مبعوثاً لها في القرن الأفريقي، يأتي في مقدمتها الأهمية الاستراتيجية للمنطقة، ومنافسة النفوذ الغربي بالمنطقة، وحماية الاستثمار الصيني[29]. بالإضافة إلى ذلك فإن تعيين مبعوث صيني في هذه المنطقة يشير يحمل رسائل عدة منها تزايد المصالح الصينية في أفريقيا، وتعاظم النفوذ الصيني على المستوى الدولي[30].

وتآزرت مرتكزات الحضور والنفوذ الصيني في المنطقة، من خلال المشاريع الاقتصادية في دول القرن الأفريقي، وبدوره أدى الحضور الاقتصادي إلى تعزيز النفوذ السياسي والأمني، الأمر الذي يمهد لـ"انتشار أساطيلها البحرية قبالة السواحل الصومالية وخليج عدن والبحر الأحمر، عبر آليات التعاون الثنائي مع دول القرن، تحديدًا جيبوتي وإريتريا والصومال، ومحاولاتها مستقبلًا لإيجاد حلول للأزمات الداخلية والإقليمية مثل تلك العالقة بين إثيوبيا ومصر والسودان حول سدِّ النهضة، وهو انتقال صيني نوعي من ريع الاقتصاد إلى دروب السياسة، وهي الخطوات الصينية الحثيثة في الإقليم على نيَّة بيجين الاستفادة من انشغال القوى الدولية التقليدية الولايات المتحدة ومجموعة الاتحاد الأوروبي لتعزيز حضورها الإفريقي"[31].

وفيما يتعلق بإنشاء أول قاعدة بحرية صينية في جيبوتي، أعلنت وكالة أنباء الصين أن الهدف من هذه القاعدة هو "ضمان أداء الصين في بعثات السلام والمساعدات الإنسانية في أفريقيا وغرب آسيا، وستساعد القاعدة في المهام الخارجية بما في ذلك التعاون العسكري والتدريب المشترك وحماية الأمن الصيني في الخارج، بالإضافة إلى الحفاظ على الأمن المشترك للمرات البحرية الاستراتيجية الدولية"[32].

ويرى المحللون أن إنشاء هذه القاعدة يعبر عن تحرك الصين بعيداً عن تركيزها التقليدي على منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ نتيجة لتزايد مصالحها في أفريقيا والشرق الأوسط. كما يمكن أن ينظر إلى هذا التطور في إطار المشروع الصيني مبادرة الحزام والطريق، كما أن القاعدة الصينية تعبر عن الوجه الآخر الذي تسعى بيجين للظهور من خلاله، خاصة في إطار تنافسها الدولي مع واشنطن التي انزعجت من بناء الصين لهذه القاعدة الواقعة على بُعد بضعة أميال فقط من القاعدة الأمريكية في جيبوتي[33]. ولا شك أن تنامي الوجود العسكري الصيني، يمثل بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، خطراً مختبئاً خلف النشاط الاقتصادي في المنطقة، يهدد مصالحها وتحالفاتها فيها، رغم أن الصين تبرر وجودها العسكري بأنه للحد من التهديدات غير التقليدية. ولا جدال في أن وجود الصين العسكري مرتبط بأجندتها الاقتصادية، خصوصاً مبادرتها الموسومة بالحزام والطريق، التي تُمثل موانئ المنطقة إحدى ركائزها، ويبدو أن ما يعزز الاعتقاد الأميركي بالخطر العسكري الصيني، استمرار تدفق الأساطيل الحربية الصينية إلى خليج عدن، منذ العام 2008، وازديادها خلال الفترة 2020-2022، في ظل امتلاكها قاعدة عسكرية كبيرة في جيبوتي[34].

إن قيام الصين ببناء قاعدة عسكرية لها في جيبوتي يعني تخليها عن نهج "سياسة عدم التدخل"، وهو النهج الذي كان أحد ثوابت استراتيجيتها، دون أن يعني هذا التخلي أنها باتت تقدم نفسها كقوة عسكرية قادرة على التحدي والمواجهة مع بقية القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، بل إنها تفضل تقديم قاعدتها العسكرية على أنها ذات وظيفة دفاعية لا أكثر، وتجلى ذلك في قيامها بتغيير اسم قاعدتها العسكرية في جيبوتي من "الدعم اللوجستي العسكري" إلى "القاعدة الوقائية"[35]. ومن الواضح أن الجانب الوقائي هنا يعني حماية الاستثمارات الصينية في المنطقة من أي أزمات إقليمية، مثل حرب التيجراي، أو التهديد الخارجي الذي ربما يأتي من الغرب. لذلك، فإن تدخل الصين في المنطقة ليس فقط مظهرًا من مظاهر التنافس السياسي، ولكنه أيضًا تدافع اقتصادي تتقدمه قواتها العسكرية المرابطة في جيبوتي. بعبارة أخرى، تهدف قاعدة بكين العسكرية في جيبوتي إلى الدفاع عن استثماراتها التي تبلغ مليارات الدولارات في المنطقة، لا سيما في إثيوبيا[36].

كما تعمل الصين من خلال بناء هذه القاعدة على حماية تدفقات مواردها النفطية، فنصف النفط الذي تستورده بكين يمر عبر مضيق باب المندب، ويتم نقل معظم الصادرات الصينية إلى أوروبا عبر خليج عدن وقناة السويس، وتعرضت الصين لخسائر كبيرة نتيجة التطورات في ليبيا، لذلك عملت على زيادة حضورها العسكري في الإقليم، وتجدر الإشارة إلى أن البحرية الصينية أجرت تدريبات مع نظيرتها الروسية في البحر المتوسط عام 2015، كما أجرت تدريبات عسكرية أخرى في البحر المتوسط خلال شهر يوليو/تموز 2017[37].

 تحديات النفوذ الصيني في القرن الأفريقي

رغم ما تمتلك الصين من حضور ونفوذ في منطقة القرن الأفريقي، فإنها تواجه عدداً من التحديات والمصاعب، يرتبط بعضها بالاضطرابات الداخلية في بعض دول المنطقة نفسها، ويرتبط البعض الآخر بالعوامل الخارجية الإقليمية والدولية، وفي مقدمة التحديات الخارجية يبرز النفوذ الدولي المناوئ للنفوذ الصيني ويتمثل هنا في النفوذ الأمريكي، إذ لا يزال يمثل تحدياً كبيراً للنفوذ والمصالح الصينية، فالولايات المتحدة أصبحت تُولي القرن الإفريقي أهمية جيوسياسية استراتيجية كبرى، وقد أنشأت القاعدة العسكرية “ليمونير” في جيبوتي، عام 2007، وهي مسؤولة عن العمليات والعلاقات العسكرية مع الدول الإفريقية، وبلغ تعداد قواتها ما يقارب من(4000) جندي، وأصبحت مقراً لقوات "أفريكوم" في المنطقة، ومهمتها مراقبة المجال الجوي والبحري والبري للسودان وإريتريا والصومال وجيبوتي وكينيا واليمن. كما أنشأت في الصومال قاعدة "باليدوغل" الجويّة، التي قرر الرئيس بايدن تعزيزها بـ (500) جندي لمساعدة القوات الحكومية في (الحرب على الإرهاب). وتحدثت مصادر عن وجود قواعد عسكرية سرية أمريكية بمنطقة القرن الإفريقي وما حولها، وعن وجود قاعدتين بحريتين في كينيا (مومباسا ونابلوك)، وفي إثيوبيا توجد قاعدة جوية لـ الطائرات بدون طيار منذ عام 2011، ومهمتها الاستطلاع والتجسّس في شرق إفريقيا[38]. ولا تزال واشنطن تعمل على تعزيز تواجدها في المنطقة تحسباً لحدوث أي تطور أمني أو عسكري، سيما بعد تصاعد التهديدات الإيرانية لمضيق باب المندب عبر وكلائها في اليمن (الحوثيين).

ومن وجهة نظر الاستراتيجية الأمريكية فإن مركز البحر الأحمر يمثّل الجانبَ الغربي لميدان المحيط الهندي-الهادئ الذي تزداد أهمّيته، وهي مساحة شاسعة تمتدّ من الساحل الغربي للولايات المتحدة إلى الساحل الشرقي لأفريقيا، المسرح الأساسي الذي سيتمّ فيه التعامل مع بروز الصين. وتحتوي هذه المنطقة على خطوط تواصل بحري حيوية بين الشرق والغرب والقسم الأكبر من سكّان العالم والناتج المحلّي الإجمالي والتجارة البحرية والموانئ الضخمة[39].

وكان الجيش الأمريكي قد غيّر في العام 2018، تسمية قيادة المحيط الهادئ إلى "قيادة المحيط الهندي-الهادئ"، إدراكاً منه بالترابط المتزايد بين هذَين المحيطين. وبعد سنة، أصدر البنتاغون استراتيجيةً للمحيط الهندي-الهادئ، يعتبر فيها الحدود عبر المحيطية "المنطقة الأهم لمستقبل الولايات المتحدة"، واعتبر الصين التهديد الأوّل للمصالح الأمريكية وللتنمية "الحرّة والمفتوحة" في المنطقة. وتُبقي الولايات المتحدة على أكثر من 24 قاعدة في أرجاء المحيط الهندي-الهادئ، فضلاً عن ألفَي طائرة ومئتَي سفينة وغوّاصة وقرابة 370 ألف عسكري[40].

بالإضافة إلى ذلك، ليس الأمر منحصراً في النفوذ الأمريكي في منطقة القرن الأفريقي، فثمة خصوم أوروبيون يمتلكون نفوذا في المنطقة ذاتها، يأتي على رأسهم فرنسا وبريطانيا، البلدان اللذان يشكلان قطبي الاستعمار الأوروبي القديم، فالأولى لديها أكبر قاعدة عسكرية أجنبية خارج حدودها في جيبوتي. وينتشر في القاعدة نحو 1500 جندي، يتولون مهام (مكافحة الإرهاب) وحراسة الممرات البحرية، أما بريطانيا فلديها قاعدة عسكرية منطقة بيدوا، وتقوم بتدريب القوات الصومالية، ولا تزال تسعى لإقامة قاعدة أخرى في جمهورية صومالي لاند، التي أعلنت انفصالها في تسعينيات القرن الماضي، ولكنها لم تحصل على اعتراف دولي.

وكانت القوات البحرية الأمريكية قد أعلنت في أبريل/ نيسان 2022، عن تشكيل قوة المهام المشتركة (153)، للقيام بدوريات في البحر الأحمر والعمل على مكافحة "الأنشطة الإرهابية والتهريب"، وهي رابع فرقة فيما يُعرف بـ"القوات البحرية المشتركة" CMF، التي تضم، بجانبها، "قوة المهام المشتركة 150"، و"قوة المهام المشتركة 151"، و"قوة المهام المشتركة 152". وتضطلع الفرقة بحفظ الأمن البحري، وبناء قدرات الدول، بالتعاون المباشر مع "قوة المهام المشتركة 151" التي تنتشر قطعاتها البحرية في خليج عدن، وقبالة سواحل الصومال[41]. وهذه التحالفات بلا شك – وإن ادعت خلاف ذلك، فهي تعمل على تقويض أي حضور مناوئ للنفوذ الغربي (الأمريكي- الأوروبي).

وإذا كانت الصراعات السياسية والعسكرية داخل منطقة القرن الأفريقي قد مهدت الطريق للتنافس الدولي على هذه المنطقة فإنها قد تشكل في الوقت ذاته تحدياً لأي نفوذ ووجود خارجي، بما في ذلك النفوذ الصيني، وهذا يتوقف على طبيعة الصراعات التي تنشب هناك، وما يمكن أن تؤول إليه في ظل التنافس الإقليمي والدولي المتصاعد على هذه المنطقة.

الخاتمة

منذ أعلن الرئيس الصيني عن مبادرة الحزام والطريق في العام 2013، وحضور الصين يشهد يتنامى في أفريقيا، وتحديداً في شرق القارة، وما يعرف باسم "القرن الأفريقي"، وهي المنطقة التي جعلتها الصين في طليعة اهتماماتها الاستراتيجية لموقعها المهم والمطل على البحر الأحمر من جهة والمحيط الهندي من جهة ثانية.

بدأت الصين تعزز حضورها من خلال العلاقات الاقتصادية وتطوير العمل الدبلوماسي والسياسي وصولاً إلى بناء قاعدة عسكرية في جيبوتي، ويعبر هذا الأمر عن تغير مهم في سياسة الصين الخارجية، تقوم على أساس المشاركة والانخراط في المشهد الإقليمي والدولي والاهتمام خارج حدودها ومجالها المألوف، ومن هذه المناطق منطقة القرن الأفريقي، وخلال أكثر من عقدين من الزمن استطاعت بيجين تحقيق أهدافها في توفير أسواق مفتوحة لمنتجاتها، فضلاً عن تعزيز علاقاتها وتدعيم حضورها، ويما يضمن لها النفوذ والمصالح الاقتصادية والسياسية خلال الفترة المقبلة.

ومع نجاح الصين في تحقيق ذلك، إلا أن نفوذها في المنطقة يواجه عدة معوقات وتحديات داخلية مرتبطة بالأوضاع المضطربة داخل دول القرن الأفريقي كلاً على حدة، وتحديات خارجية مرتبطة بوجود منافسين أقوياء يعتبرون وجود الصين في المنطقة تهديداً لمصالحهم، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة الرصيد الأعلى من القواعد العسكرية البرية والبحرية وعلى مقربة من قاعدة الصين في جيبوتي، وهو ما يشير إلى وجود احتمال للتصعيد في الفترة القادمة، وسيكون ذلك رهناً بالتطورات الداخلية والإقليمية والدولية.

المراجع


[1]  سمية عبدالقادر شيخ، موانئ القرن الأفريقي، ساحة جديدة للتنافس الدولي، نوفمبر 2016، سلسلة تقارير الجزيرة، صـ3.

[2]  إكرام زيادة، أهمية باب المندب والقرن الأفريقي خلال النزاعات والحروب الدولية، المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أكتوبر 2023، على الرابط: https://www.europarabct.com/?p=91675 (شوهد في 30 أكتوبر 2023).

[3] إيهاب عياد، الأمن الجيوسياسي للقرن الأفريقي وديناميات القوى الفاعلة، مجلة كلية السياسة والاقتصاد، العدد 11، يوليو 2021، صـ7.

[4]  شريفة كلاع، المنظور الصيني لمنطقة الشرق الأوسط في القرن الواحد والعشرين، مجلة أبحاث، المجلد 8، العدد 1، يونيو 2023، صـ398.

[5]  الشافعي ابتدون، سياسة الصين الجديدة في القرن الإفريقي: الثابت والمتغير، مركز دراسات الجزيرة، أبريل 2022، صـ3.

[6]  بلخثير نجية، صراع النفوذ في أفريقيا، بين التغلغل الاقتصادي الصيني، والوجود العسكري الأمريكي، مجلة المفكر، المجلد 13، العدد 2 يناير 2018، صـ486.

[7]  الأمن الجيوسياسي للقرن الأفريقي، مرجع سابق، صـ17.

[8] سياسة الصين الجديدة في القرن الأفريقي، مرجع سابق، صـ5.

[9]  شريفة كلاع، التواجد الصيني في شرق أفريقيا، الدوافع، الفرص والتحديات، المجلة الدولية للبحوث القانونية والسياسية، المجلد 5، العدد 2، أكتوبر 2021، صـ335.

[10]  سياسة الصين الجديدة في القرن الأفريقي، مرجع سابق، صـ4.

[11]  التواجد الصيني في شرق أفريقيا، مرجع سابق، صـ337.

[12]  وانغ جيان، العلاقات الصينية- الشرق أوسطية من منظور مبادرة الحزام والطريق، مركز الجزيرة للدراسات، مايو 2017.

[13]  التواجد الصيني في شرق أفريقيا، مرجع سابق، صـ337.

[14] المرجع نفسه، صـ338.

[15]  العلاقات الصينية- الشرق أوسطية، مرجع سابق.

[16] المنظور الصيني للشرق الأوسط، مرجع سابق، صـ404.

[17]  حمدي عبدالرحمن، أبعاد أمننة الوجود الصيني في القرن الأفريقي، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، يوليو 2022.

[18]  سياسة الصين الجديدة في القرن الأفريقي، مرجع سابق، صـ4.

[19]  سلمى عثمان الشيخ، التنافس الدولي على مضيق باب المندب، مجلة الدراسات الاستراتيجية والعسكرية، العدد 9، يونيو 2023، صـ195.

[20]  العلاقات الصينية الشرق أوسطية من منظور مبادرة الحزام والطريق، مرجع سابق.

[21]  صراع النفوذ في أفريقيا، مرجع سابق، صـ486.

[22]  سياسة الصين الجديدة في القرن الأفريقي، مرجع سابق، صـ6.

[23] الصين والقرن الأفريقي، طموحات جيوسياسية وامتيازات دبلوماسية، مجلة السفير، يناير 2022، على الرابط: https://2u.pw/MzP5ASl  . (شوهد في 26 أكتوبر 2023).

[24]  زياد يوسف، التوجه الصيني نحو منطقة القرن الإفريقي بعد الحرب الباردة، المركز الديموقراطي العربي، ألمانيا، برلين، المجلد الثالث/العدد السابع، يناير/كانون الثاني عام 2000، صـ9.

[25]  التواجد الصيني في شرق أفريقيا، صـ346.

[26] التوجه الصيني نحو منطقة القرن الأفريقي، مرجع سابق، صـ10.

[27]  تكريس النفوذ الصيني في منطقة القرن الأفريقي، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، فبراير 2022، على الرابط: https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/7068 . (شوهد في 26 أكتوبر 2023).

[28]  سياسة الصين الجديدة في القرن الأفريقي، مرجع سابق، صـ4.

[29]  تكريس النفوذ الصيني في القرن الأفريقي، مرجع سابق.

[30] سياسة الصين الجديدة في القرن الأفريقي، مرجع سابق، صـ6.

[31]  سياسة الصين الجديدة في القرن الأفريقي، مرجع سابق.

[32]  أميرة عبدالحليم، القواعد العسكرية في البحر الأحمر.. تغير موازين القوى، مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، يناير 2018، على الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/News/16525.aspx (شوهد في 27 أكتوبر 2023).

[33]  المرجع نفسه.

[34]  علي الذهب، التنافس الإقليمي والدولي في البحر الأحمر وتداعياته على الأمن القومي العربي، مركز الجزيرة للدراسات، أكتوبر 2022، صـ9.

[35]  أبعاد أمننة الوجود الصيني في القرن الأفريقي، مرجع سابق.

[36] المرجع نفسه.

[37]  القواعد العسكرية في البحر الأحمر، مرجع سابق.

[38] أهمية باب المندب والقرن الأفريقي، مرجع سابق.

[39] زاك فيرتين، منافسات القوى العظمى في البحر الأحمر، جلوبال شينا، يونيو 2020، على الرابط: https://cutt.us/1tOHs (شوهد في 1 نوفمبر 2023).

[40]  المرجع نفسه.

[41]  فؤاد مسعد، القوى المتنافسة في باب المندب وخليج عدن، مركز أبعاد للدراسات، أغسطس 2023، صـ13.

نشر :