الثقب الأسود... الحوثيون وحرب دماج
الملخص التنفيذي:
تخلص هذه الورقة إلى أن استمرار جماعة الحوثي المسلحة في عملياتها العسكرية المصحوبة بتسلح كبير بالسلاح الثقيل سيؤدي إلى عرقلة الانتقال السلمي للسلطة وفشل التحول الديمقراطي، ونشوء حركات مسلحة راديكالية وقبلية جديدة وسيطرتها على جزء من مناطق اليمن ما يؤدي إلى ارتخاء قبضة الدولة وضعفها.
وتعتقد الورقة أن استمرار الجماعة بالمضي قُدماً في هذا النهج سيوسع انتشار تنظيم القاعدة والجماعات الجهادية المحسوبة على السنة ما يحقق صراع طائفي ومناطقي كبير الذي بدوره سيحول اليمن إلى ساحة صراعات إقليمية ودولية، وعلى إثر ذلك قد تنزلق اليمن للفوضى وحرب أهلية تصبح على إثرها خطرا على الأمن الإقليمي والدولي.
وتوصي الورقة بأن الحرب بين الحوثيين والسلفيين وتداعياتها، تجعل الفرصة الآن مواتية لإعادة صياغة وطنية لمنظور الدولة، وفرض هيبتها وبسط سيادتها على كامل التراب اليمني، وبناء دولة تتسع لكل اليمنيين، وأي مبرر لاستمرار غيابها يزيد من توسع المشاريع الصغيرة الطائفية والمناطقية والعنصرية والقبلية.
مقدمة
فشل الانقلاب المفترض على رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي والذي تكشف معلومات دقيقة تحصل عليها (مركز أبعاد للدراسات والبحوث) أن الحوثيين مشاركين فيه، يعد الأكثر إرباكا لاستراتيجيات هذه الجماعة المسلحة، منذ بدء حربها مع الدولة في 2004وتوسعها عسكريا.
مشاركة الحوثيين لأطراف عسكرية وقيادات من النظام السابق وجماعات مسلحة أخرى في الانقلاب كان يفترض عليهم تنفيذ جانب من الخطة والمتعلق بإثارة الفوضى والاغتيالات والتوسع العسكري على الأرض، في حين يسيطر القادة العسكريين على المعسكرات ومؤسسات الدولة.
الارباك الذي أصاب الحوثيين جعلهم يتخبطون في خلق مواجهات لا تخدم مصلحتهم على المدى الطويل، فذهبوا لمواجهات مع قبائل حاشد في عمران وقبائل الرضمة في إب، ومن ثم عادوا لتصفية السلفيين في دماج.
ويبدو أن حركة الحوثيين وقعت في شرك مغامرات قادتها، حين اختارت المكان والزمان الخطأ لتنفيذ مثل هذه الحرب ضد أقلية سلفية في محافظة مسيطرين عليها، وفي وقت على وشك اعلان انتهاء مؤتمر الحوار الوطني الذي يرعاه المجتمع الدولي لإنجاح الانتقال السياسي السلمي للسلطة وفق المبادرة الخليجية.
ومع حملة عسكرية منظمة تشبه تلك الحملات التي تقوم بها جيوش دول يقوم بها الحوثيون ضد سلفيي دماج بصعدة، فتح الحوثيون على أنفسهم الثقب الأسود الذي يمتص كل طاقتهم العسكرية، وربما كانت هذه الحرب بداية النهاية لجماعة تريد السيطرة على الأرض وحكم الناس بقوة السلاح.
الحرب في دماج بين الحوثيين والسلفيين:
الحوثيون هم الطرفي القوي، وهم الطرف المهاجم، فيما السلفيون الطرف الضعيف والطرف المدافع، وبالتالي فإن الطرف القوي والمهاجم يمتلك أجندة وأهداف بعضها اساسي والآخر ثانوي لتمريرها من خلال الحرب، فما هي تلك الأهداف؟
· الهدف الرئيسي لاستهداف الحوثيين للسلفيين في دماج بصعدة شمال اليمن:
إفشال الحوار الوطني والهروب من مسئوليات والتزامات مخرجاته وأهمها:
- إعادة صعدة لسيادة الدولة.
- تسليم السلاح الثقيل والمتوسط للدولة.
- التخلي عن العنف والاندماج في العمل السياسي.
· الأهداف الثانوية المحتملة لصالح الحركة الحوثية:
· الاستفادة إعلاميا أمام المجتمع الدولي من مواجهتهم المباشرة مع السلفيين لإضفاء البعد الطائفي وإخفاء البعد الرئيسي لحروبهم المستمرة منذ 2004 مع الدولة والمجتمع القبلي والتي تهدف للتوسع العسكري على الأرض، وإضعاف الدولة، والقوى الاجتماعية والسياسية.
· القضاء على السلفيين في الداخل للتفرغ لجبهة قبائل حاشد المحيطة بالعاصمة صنعاء، فالحوثيين لا يريدون فتح أكثر من جبهة عسكرية.
· الحوثيون يريدون صعدة عاصمة خالية من الخصوم الدينيين مثل اليهود والمذهبيين مثل السلفيين والسياسيين مثل الاصلاح.
· يريد الحوثيون رفع سقف المطالب للقبول بمخرجات الحوار ومن أهمها الدخول بشكل رسمي كشركاء في الحكم من خلال مناصب مدنية وعسكرية من بينها شغل منصب نائب للرئيس بعد تشكيل مجلس رئاسي، ودمج ميلشياتهم المسلحة بالجيش والشرطة.
عوامل مساعدة لتحقيق أهداف الحركة الحوثية في تحركاتها العسكرية:
أ. عوامل محلية:
1. سياسية: استغلال قرب نهاية فترة الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة الوفاق، وانتهاز الخلافات السياسية بين المكونات الحزبية في الحكم بالذات بين قادة الحكم السابقين والحاليين وانعكاساتها السلبية على الأوضاع الامنية والسياسية
2. عسكرية: حالة الارهاق التي تعاني منها الدولة وضعفها، ويساعدها ذلك في تسهيل احداث اختراقات للمؤسسة العسكرية والمدنية، والتسلح الاستراتيجي من المعسكرات، والتوسع العسكري، وزيادة رقعة السيطرة على الأرض.
3. لوجستية: استغلال تجار الحروب من موردي السلاح وتجار المخدرات وتجار التهريب والاتجار بالبشر، للحصول على أموال ضخمة لدعم نشاطات الجماعة المسلحة.
4. قبلية: استهداف القبائل القوية في حجة والجوف وعمران بغرض تحييد هذه القوى في أي معارك توسعية مستقبلية..
5. طائفية: كسب تعاطف العائلات الهاشمية والزيدية وتنظيمها بشكل يقلل أو يحد من التوسع السني.
ب. عوامل إقليمية ودولية:
· الصراع الحوثي السلفي هو امتداد للصراع الايراني السعودي في المنطقة.
· استغلال التقارب الإيراني الأمريكي، وصمت واشنطن على مجازر سوريا، وعدم إدخال الجماعات المسلحة الشيعية في قوائم الارهاب، شجع الحوثيين على الاستمرار في الأعمال العسكرية.
· قد تكون إيران غير راغبة في توتير الأوضاع حاليا فاستراتيجيتها الآن هي المناورة الدبلوماسية لتحقيق الأمن الداخلي، لكن اعتبار الحوثي بأن مواجهته لخصم طائفي يخفف ضغوط طهران عليه.
· استغلال الخلافات بين السعودية وأمريكا وبين السعودية والحكومة اليمنية واستغلال التقارب الحوثي المؤقت مع السعودية لتحييدها ومنعها من التدخل.
· استغلال الفرز الدائر في سوريا ومصر وانشغال بعض القوى الاقليمية والدولية لتحجيم تيار الاسلام السياسي الذي شكل نواة ثورات الربيع العربي وأوصلته الانتخابات إلى السلطة في أكثر من بلد.
معادلة القوة على الأرض
خارطة القوى المحلية في صعدة:
أ. أولا: الخارطة الحوثية:
1- خارطة الحوثيين بمسمى أنصار الله
حركة مسلحة أسسها بدر الدين الحوثي وابنه حسين في 2004م ويقودها حاليا شاب صغير العمر من ابناء المؤسس وهو عبد الملك الحوثي.
قد يصل مسلحيها إلى أكثر من 10 ألف مقاتل، ثلثهم على الأقل خضعوا لتدريب عالي، ويتم تجنيد غالبيتهم من مناطق تزيد فيها معدلات الأمية، في حين يعتمد على طبقة الهاشميين لتدريب قيادات منها لهؤلاء المقاتلين.
تطبق جماعة الحوثي السيطرة على محافظة صعدة، وتدير أمور الحكم فيها بشكل مباشر، ولها تأثير غير مباشر في النظام المدني والعسكري من خلال طبقة الهاشميين الأكثر تعليما والحاضرين أيضا في الوظائف القيادية في المؤسستين المدنية والعسكرية، إلى جانب دعم قطاع كبير من قيادات المؤتمر الشعبي الحاكم سابقا كنتيجة للخلافات بينه وبين شركائه في الحكم بعد خروج رئيس الحزب من الحكم وفق المبادرة الخليجية في 2011م.
2- خارطة المكونات الحوثية المختلفة مع أنصار الله:
- محمد عبد العظيم الحوثي: مرجع زيدي ويؤمن بأن الولاية للهاشميين من اسرة الحسن والحسين أبناء علي بن أبي طالب من زوجته فاطمة ابنة الرسول محمد.
ورغم اعتباره لجماعة أنصار الله خارجين عن المذهب الزيدي، إلا أن خلافه معهم ليس فكريا، وإنما على الأتباع والموارد فقط، وقد اشتبك أكثر من مرة مع مسلحي عبد الملك الحوثي وسقط قتلى من الجانبين. يتواجد أنصاره في مديريات الصفراء – سحار - مجز - وبعض أجزاء مدينة صعدة، ولديه أنصار في بعض المحافظات الشمالية مثل مدينة المحابشة بحجة.
- عبد الله عيضة الرزامي: هو نائب مؤسس الحركة الحوثية حسين بدر الدين الحوثي الذي قتل في 2004م، وكان يريد ان يكون القائد العسكري الأول، لكنه أقصي بعد تولي عبد الملك الحوثي، لأسباب متعلقة بنسبه غير الهاشمي، فالرزامي قبيلي يؤمن بأن الولاية للهاشميين، اختلف مع الحوثيين بعد مقتل حسين الحوثي كونه يرفض مهاجمة المدن أو الاعتداء على السكان، واعتماد سياسة البقاء في مرحلة الدفاع عن النفس. واستولى على بعض السلاح من المعسكرات وله اتباع وحتى لا يصطدم بالحوثيين روي عنه أنه توقف عن القتال حتى ينزل حسين الحوثي من السماء، ويظهر أنه غير مقتنع بمقتله.
يتواجد في الرزامات – (نقعة، نشور). وهي تقع كخلفية لمديرية كتاف المعقل الرئيسي للخصوم القبليين للحوثي.
- حسين يحي الحوثي: هو مرجع زيدي كان شخصا مقربا من إيران وحزب الله حتى منتصف هذا العام وقطعت المساعدات المباشرة له بطلب من عبد الملك الحوثي، يرى انه اولى بتحمل مسئولية قيادة أهل البيت، يتواجد بقوة في باقم على الحدود مع السعودية.
ثانيا: الخارطة الدينية:
محافظة صعدة التي يحكمها الحوثيون، هي في شمال اليمن وعلى الحدود مع المملكة العربية السعودية، ويقع فيها المركز العلمي للسلفية التقليدية المدعومة من السعودية والتي أسسها الشيخ مقبل بن هادي الوادعي في منطقته المعروفة بدماج وتعايش لسنوات مع مراكز علمية للزيدية بالقرب منه، يديرها الشيخ مجد الدين المؤيدي.
وبعد وفاتهما وسيطرة الحوثيين على صعدة عسكريا، أجلوا المخالفين لهم دينيا، وقاموا بعمليات طرد لليهود اليمنيين في صعدة، ومن ثم تحولوا لمضايقة السلفيين المختلفين معهم مذهبيا، وشهدت المنطقة أكثر من حرب يشنها الحوثيون على دماج لدفع السلفيين لمغادرة صعدة، تحت مبرر قيامهم باستقطاب تكفيريين من دول أجنبية.
سكان دماج من القبليين والسلفيين حولي 15 ألف يعيش حولي أربعة ألف منهم في المركز العلمي غالبيتهم أجانب، وهم لا يميلون للتدخل في السياسة ويوالون ولي الأمر، وبعد الهجوم عليهم تدرب حوالي ألف منهم على السلاح الخفيف والمتوسط لمواجهة الحوثيين.
استدعت حرب الحوثيين في دماج، بروز جماعات سلفية جهادية مسلحة جديدة إلى جانب توجه بعض عناصر تنظيم القاعدة كما يشاع، وتأسيس جبهات قتالية جديدة.
ثالثا: الخارطة القبلية
استطاع الحوثيون بعد سيطرتهم على صعدة إلغاء دور القبيلة ومشايخها، ودخلوا في عداء شديد مع المشايخ وصل إلى حد المواجهة معهم أو اغتيال من لا زال مؤثرا وخارج صعدة.
هذا الأمر دفع بقبائل حجة والجوف وعمران وصنعاء إلى الاستماتة في منع توسع الحوثيين عسكريا، كما أن محاولات الحوثيين لتحييد القبائل القوية كقبائل حاشد وبكيل من خلال استهدافهم في معارك مفتوحة، إلى جانب استهداف السلفيين بدماج أدى إلى خلق حلف قبلي جديد ضد الحوثيين ساهم مؤخرا في نشوء جبهة ما يعرف بكتاف وجبهة حوث وجبهة وادعة في دماج.
يحاول الحوثي استهداف قبائل قوية في المناطق الوسطى أو التحالف مع جماعات مسلحة في الجنوب لإضعاف الدولة وهز ثقة المواطنين فيها ومن ثم التوسع عسكريا على حسابها وربما اسقاطها.
استطاع الحوثيون بعد سيطرتهم على صعدة إلغاء دور القبيلة ومشايخها، ودخلوا في عداء شديد مع المشايخ وصل إلى حد المواجهة معهم أو اغتيال من لا زال مؤثرا داخل وخارج صعدة، وتمت تصفيات رموز قبلية كبيرة أهمها، الشيخ عبد الرحمن ثابت، والشيخ دوح القطوف، والشيخ يحيى دروش، كما يعتقد بوفاة الشيخ عبد الله روكان مسموماً، واستهدف الشيخ شائق المراني في العاصمة صنعاء، كما ذهبوا إلى ملاحقة الناشطين الاعلاميين والحقوقيين المناهضين مثل غائب حواس.
تعدى الحوثيون كل الأعراف والعادات القبلية من خلال انتهاكات حقوقية طالت النساء، حيث يوجد عشرات السجينات المناهضات للفكر الحوثي، يتم اعتقالهن بمبررات تهم مختلقة على رأسها تهمة الزناء.
رابعا: الخارطة السياسية:
يوجد مكونان سياسيان قويان في صعدة فقط:
1. المؤتمر الشعبي العام: كان يتحرك من خلال الدولة وقياداته كانت من نخبة المشايخ التي استهدفها الحوثي في حين لم يكن يملك قواعد شعبية منظمة، ولذا كان من السهل بعد سقوط المشايخ سيطرة الحوثي على قواعده التنظيمية وعلى قراراته، كما ان هناك قيادات فيه متحالفة مع الحوثيين لوجود مصالح شخصية مثل تجارة السلاح أو المبيدات او الممنوعات، كما أن هناك قيادات سابقة للحزب أصبحت مطاردة من قبل الحوثيين وتدعم النضال المسلح ضده.
ساعد الحوثيين على الاستفادة من المؤتمر الشعبي العام توجه الرئيس السابق علي عبد الله صالح بالتحالف مع الحوثيين ضد نظام الرئيس عبد ربه منصور هادي.
ساعد الحوثيين الاستفادة من المؤتمر الشعبي العام توجه الرئيس السابق علي عبد الله صالح بالتحالف معهم ضد نظام الرئيس عبد ربه منصور هادي.
2. التجمع اليمني للاصلاح: لحزب الاصلاح قاعدة شعبية بالذات في أوساط شباب صعدة المتعلمين، وضاعفت شعبيته رفضه للحرب الدائرة في صعدة وعدم الانجرار إليها، وعدم حمل أعضائه للسلاح ضد الحوثيين رغم التوجه القوي للتضييق عليهم من خلال حملات الاعتقال والتعذيب والنفي لبعض شبابه.
خامسا: الخارطة العسكرية:
التواجد العسكري في صعدة لثلاث جهات:
1- القوة العسكرية الحوثية:
يمتلك الحوثي جيش صغير مدرب ومنظم، ويمتلك مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، باستثناء الطائرات والبوارج الحربية، كما أنه لديه مصانع انتاج حربي في صعدة، ومخازن في المدن الرئيسية بالذات العاصمة صنعاء، وأخيرا تمكن من إعادة تأهيل مطار المحافظة، كما أن عينه على ميناء ميدي في حجة، ليكتمل له بناء قوة عسكرية جوية وبرية وبحرية، وتأمين حكم ذاتي.
ويمتلك الحوثي بعض الأسلحة الاستراتيجية بعضها يصنعها مثل القنابل اليدوية والألغام المضادة للدبابات وللأفراد، وبعض أنواع الذخيرة والعربات المدرعة.
وهناك أسلحة نهب بعضها من المعسكرات خلال الحروب الست، واشترى بعضها من قادة عسكريين مثل 6: دبابات T52، ومدافع هاون عيار 122 ,120 ,100 ,82، ومدافع B10، ومضادات طيران 23 , 14.5، 12.7. بعض الأسلحة حصل عليها من أقارب الرئيس السابق والذين كانوا قادة عسكريين في الحرس الجمهوري والأمن المركزي والقوات الخاصة مثل القانصات المتطورة والمدافع ذاتية الحركة والمتطورة وراجمات الصواريخ كاتيوشا وصواريخ غراد، والصواريخ المحمولة على الكتف ضد الطائرات والدبابات، وبعض أنواع العربات.
وهناك أجهزة عسكرية تتعلق بالاتصالات والنواظير الليلية، وهناك ادوات عسكرية تدخل في إنشاء مصانع تصنيع الذخائر وبعض أنواع الأسلحة تم تزويدهم من دول حليفة.
ويحصل الحوثيون على السلاح والمتفجرات من خلال:
- التهريب عبر البحر، وأشهر شحنة صواريخ ومتفجرات هي تلك التي قبض عليها تحت مسمى جيهان (1)
- الاستيلاء على بعض المعسكرات خلال الحروب الست والحصول على دبابات ومدافع ورشاشات وذخيرة.
- شراء الذخائر من سوق السلاح بكميات كبيرة حتى وصل سعر رصاصة الرشاش الآلي أربعة أضعاف قيمتها.
- شراء ولاءات ضباط مخازن الجيش ونهبها، ويتم تغطية الأمر عادة بحادث حريق للمخازن المنهوبة تحت مبررات واهية.
- عقد صفقات مع قيادات عسكرية ومدنية في النظام السابق والحصول على أسلحة نوعية اختفت من معسكرات الحرس الجمهوري المنحل، ولا يمتلكها الجيش حاليا، مثل بعض أجهزة الاتصالات، وقناصات 12.7 والصواريخ الخفيفة والمطورة للأغراض الهجومية والمضادة للطائرات.
- التصنيع الحربي، مستفيدين من خبرات عسكريين في الحرس الجمهوري والأمن المركزي، فأنتجوا متفجرات، وعربات مدرعة بنفس مواصفات مدرعة ما تعرف بـ(حميضة) التي أنتجها الأمن المركزي في عهد تولي ابن شقيق الرئيس السابق لقيادة أركان هذه القوة.
- تجارة المبيدات والأسمدة الكيميائية التي تدخل في صناعة المتفجرات، مثل الكبريت وفوسفات البوتاسيوم، ورغم وجود بدائل رخيصة وغير مضرة إلا أن مثل هذه الشحنات تدخل بشكل رسمي وبتواطؤ بعض الجهات المعنية.
2- القوة العسكرية المناهضة للحوثيين من السلفيين والقبائل:
يمتلكون أسلحة خفيفة ومتوسطة ويقاتلون الحوثيين على شكل عصابات، في حين يواجههم الحوثيين بشكل جيش دولة منظم بمختلف الأسلحة الثقيلة من بينها الدبابات والمدافع وصواريخ الكاتيوشا.
استمرار هجمات الحوثيين العسكرية على القبائل والسلفيين، زاد من تكتلهم وتسلحهم، إلا ان مصادر تسلحهم ضعيفة جدا فهم يعتمدون على الأسلحة التي يبيعونها لهم تجار ومهربي السلاح.
توسعت جبهات القتال ضد الحوثيين، وأنشأ القبائل الجبهات في ذات المناطق التي استهدفها الحوثيون، بل شكلوا حزاما عسكريا خانقا على صعدة، وإذا ما استخدم سيؤثر بشكل قوي على الحوثيين اقتصاديا وعسكريا.
يميل الحوثيون إلى عدم فتح جبهات متعددة أثناء توسعهم العسكري، وهذه أهم الجبهات المناوئة لهم:
1- ) جبهة دماج في صعدة): وهي جبهة مشتعلة وتشكلت من السلفيين وبعض القبائل مثل قبائل وادعة المجاورين للمركز السلفي، وتشهد وضعا إنسانيا كارثيا.
2- ) جبهة كتاف في صعدة:( من الشمال والشرق وهي جبهة تجمع فيها القبائل الذين اضطهدهم الحوثي من ابناء صعدة وبعض التنظيمات السلفية والجهادية ، وقد تشكلت في أول حرب للحوثيين على دماج وهدأت، وعادت للاشتعال مع تجدد الهجوم الأخير للحوثيين على دماج.
3- (جبهة حوث في عمران): من الجنوب على خط صنعاء، وهي جبهة قبائل ضد الحوثيين وهي أقرب للانفجار، وجاءت بعد حرب استهدف الحوثيون من خلالها المعقل الرئيسي لشيخ مشايخ حاشد الأحمر.
4- (جبهة كشر في حجة): من الغرب على امتداد ميناء ميدي، وهي جبهة قبائل ضد الحوثيين، هادئة نوعا ما، منذ انتهاء المواجهات بينهم في 2011، وبدأت تتحرك بعد استهداف معهد دماج العلمي الذي يديره الشيخ يحي الحجوري المنتمي لهذه القبائل، رغم أن نازحيها من الحرب السابقة يشهدون وضعا انسانيا بائسا.
5- ) جبهة الجوف:( هي في الشرق والجنوب لصعدة وهي جبهة قبائل ضد الحوثيين، هادئة نوعا ما، منذ انتهاء المواجهات بينهم في 2011، وتشكل خط حماية للجوف ومأرب النفطيتين.
6- جبهة بني حشيش وحرف سفيان:( الحزام الأمني للعاصمة صنعاء ولم يدخل القبائل في حرب مع الحوثيين فيها، ولا زال للحوثيين قوة مسلحة منذ انتهاء الحرب السادسة مع الدولة في 2010م، ووصولهم إلى هاتين المنطقتين، وهي جبهة في حال استخدمها الحوثيون سيجدون مواجهة شرسة من اقوى قبائل أرحب ونهم والحيمة وبقية قبائل صنعاء الذين عرقلوا تقدم معسكرات الحرس الجمهوري للعاصمة وضرب المعتصمين السلميين في 2011م.
3-القوة العسكرية داخل صعدة
هناك ثمانية معسكرات للجيش اليمني في صعدة، وإذا استمرت المواجهات العسكرية بين الحوثيين والسلفيين فقد يؤدي إلى تعرضها للنهب والسيطرة عليها من المتحاربين، وحاليا هذه المعسكرات غير قادرة ان تحدث أي توازن عسكري مع الحوثيين، لأسباب اهمها:
1- المعسكرات داخل وحول صعده محاصرة.
2- بعض المعسكرات أصبحت شبه خالية من القوة البشرية.
3- بعض قادة هذه المعسكرات على علاقة بالحوثيين ويبيعون السلاح والذخيرة لهم، وهناك اتهامات باشراك دبابات ومدافع من بعض هذه المعسكرات لصالح الحوثيين في المواجهات مع السلفيين والقبائل.
4- تعرضت بعض المعسكرات للنهب والفيد مثل لواء المجد في ضحيان ولواء 105 في الملاحيظ، وشكل ذلك مصدرا لتسلح الحوثيين خلال الحروب الست السابقة.
5- هناك انعدام ثقة وضعف العقيدة القتالية لمنتمي هذه المعسكرات بسبب الهزائم المتعمدة في الحروب العبثية وغير جدية لنظام صالح ضد الحوثيين.
6- انعدام التسليح والتدريب لهذه المعسكرات.
7- هناك صراعات بين قادة المعسكرات، كانعكاس للصراع السياسي بين الرئيس السابق والرئيس هادي.
8- بعض قادة المعسكرات يسرحون الجنود الذين يعتقد أنهم غير موالين للحوثي، أو إعطائهم إجازات طويلة.
سادسا: الخارطة الجغرافية
السلفيون في دماج محاصرون، وكل الجبال المحيطة بهم يتمركز عليها الحوثيون، لكن أعلى جبل وهو البراقة الوحيد يتمركز عليه السلفيون، ويشكل خطرا على قوة الحوثي المحاصرة لولا انعدام الامداد بالسلاح، ومن هذا الجبل يمكن استهداف منطقة رحبان المهمة بالنسبة للحوثيين كونها مركز القيادات الميدانية للحوثيين وتقطنها غالبية الأسر الهاشمية.
يسيطر الحوثيون بأغلبية في المدينة القديمة بصعدة ورحبان وسحار وحيدان ومنطقة ضحيان وأجزاء كبيرة من ساقين ومجز والصفراء التي تقع فيها منطقة دماج معقل السلفيين
ويقل تواجد الحوثيين في مديريات الحشوة ورازح والظاهر وشدا ومنبه وغمر وقطابر ومنطقة كتاف التي توجد فيها التجمعات القبلية والسلفية.
لمحافظة صعدة ثلاثة منافذ داخلية ومنفذين مع المملكة العربية السعودية.
يسيطر الحوثي على منفذ علب مع السعودية، رغم تواجد كبير للقبائل من خلال النازحين إلى هذه المنطقة، في حين يقع منفذ البقع في كتاف من الشمال على السعودية ويسيطر عليه القبائل المناهضة للحوثي، أما من الجنوب فيقع منفذ البقع على محافظة الجوف وفيه أيضا تواجد للقبائل المناهضين للحوثي.
أما منفذ حوث فهو يقع خلف منطقة حرف سفيان المسيطر عليها من الحوثيين والتي تقع بين عمران وصعدة، ويسيطر عليه قبائل حاشد.
المنفذ الثالث والهام بين صعدة والملاحيط التي تعتبر الامتداد إلى ميناء ميدي على البحر الأحمر والذي يسعى الحوثيين للسيطرة عليه فتعد قبائل حجور في حجة والتي دخلت في حرب مع الحوثيين سابقا على قدرة من السيطرة عليه وإزعاج الحوثيين.
- المعادلة الاقليمية والدولية:
إيران وحلفائها:
1- تقدم إيران دعم لوجستي بالسلاح والخبراء والمال والاعلام، لكن كثير من الملفات حول اليمن هي بيد حزب الله.
2- حزب الله يتولى الأشراف على الخطط والتدريب والتمويل والتنفيذ، ويقسم الحزب اليمن إلى خارطة ثلاثية ففي الشمال يدعم الحوثيين بقيادة عبد الملك الحوثي، وفي الوسط يدعم كيان مسلح في تعز بقيادة سلطان السامعي، وفي الجنوب يدعم الحراك الجنوبي المسلح التابع لنائب الرئيس السابق علي سالم البيض.
3- هناك حوزات إيرانية وعراقية وبإشراف منظم ورسمي من جهات في الدولتين تقدم المال للحوثيين ومن خلالها ينشط الجهاز المخابراتي الايراني.
4- ترى إيران حاليا أن الدبلوماسية تساعدها على البيات الشتوي الذي يفرضه وصول رئيس قريب من الاصلاحيين الذي يعطي الأولوية لبرنامج التنمية والأمن الداخلي حاليا، ولذا فهي ستعطي الضوء الأخضر للحوثيين في الجصول على أموال حتى من الخصم السعودي لتمويل اي توسع عسكري في اليمن لتحقيق مصالح استراتيجية للحوثيين طالما يحافظون على البعد الطائفي لتحركاتهم وهي الرسالة التي تلقاها الحوثيون وفهموها بجدارة، ونجم عنها الهجوم على دماج كتأكيد للهوية.
5- هناك توقعات بمساعدة نظام بشار الأسد للحوثيين ببعض أنواع الأسلحة وربما دخول كميات بسيطة جدا من المواد المستخدمة في السلاح الكيميائي عبر غطاء تجارة العطور السورية التي تدفقت على اليمن عبر لبنانيين وإيرانيين وسوريين ويمنيين على علاقة بحزب الله.
السعودية ودول الخليج:
1- كان هناك دعم سابق قبل ثورة 2011 للقبائل والسلفيين والدولة بالمال والاعلام لمحاربة الحوثيين .
2- هناك حوزات شيعية في البحرين وعمان والكويت تقدم دعما ماليا كبيرا للحوثيين كما أن هناك تواصل بين الشيعة اليمنيين والسعوديين في جنوب وشرق المملكة، ومن خلال هذا التواصل يتدفق السلاح على دول الخليج.
3- محاولة احتواء السعودية للحوثيين وتقديم بعض الدعم المالي وتسهيل حصولهم على النفط والحصول على تأشيرات حج وعمرة مقابل عدم القيام بأي تهديد على الحدود وحمايتها وترى السعودية ان ذلك قد يحقق مصالح تكتيكية منها:
- سحب البساط من تحت اقدام الخصم المنافس إيران.
- تعتبر الرياض ذلك رسالة لواشنطن نتيجة للخلافات بين البلدين بسبب تراجع أمريكا عن ضرب نظام بشار الأسد في سوريا والتقارب مع إيران، وردا على الموقف الأمريكي الأخير بشأن قطع مساعدات عسكرية لسلطة الانقلاب في مصر، والرفض القوي من قبل أمريكا لشراء السعودية للبرنامج السري النووي الباكستاني.
- استخدام الحوثيين لفرض إرادتهم على الرئيس عبد ربه منصور هادي وإضعاف حزب الاصلاح الذي يعتقدون أنه امتداد لجماعة الأخوان المسلمين.
- ربما تستفيد السعودية من ذلك في اختراق الحوثيين .
الولايات المتحدة الأمريكية:
- تنظر أمريكا للحوثيين على أنهم جماعة سياسية بغطاء طائفي تهدف للوصول للحكم ولا تهدف لإقلاق الأمن الداخلي لأمريكا، ولذا تتغاضى عن تسلحهم وجرائمهم، ولا تهتم بتوسعهم العسكري على الأرض بخلاف تنظيم القاعدة او اي جماعة سنية مسلحة أخرى، بل ترى بالإمكان أن التفاهم مع هذه الجماعة يحقق مصالح كثيرة منها:
- تخفيف التوتر بين واشنطن وطهران.
- خلق توازن مع حزب الاصلاح السني ذو الشعبية الكبيرة.
- بقائهم حالة قلق للمحيط الخليجي لاستمرار تدفق النفط مقابل الحماية.
- تحركات الحوثيين الطائفية تفيد في تجميع القاعدة وتسهيل ضربها، أو زيادتها والحفاظ عليها كمبرر للتدخل العسكري والاستخباراتي في اليمن الذي يعد من أهم دول العالم التي تملك موقعا استراتيجيا عسكريا وسياسيا واقتصاديا، تريد واشنطن البقاء عسكريا فيه.
روسيا
تعد روسيا الحليف الأهم لإيران الراعية للحركة الحوثية في اليمن، ويستفيد الحوثيون من الروس استفادة غير مباشرة عبر إيران بالذات فيما يتعلق بالحصول على بعض انواع الأسلحة التي تستخدم في مثل هذه الحروب.
الصين:
تتعامل الصين مع إيران وتشتري نفطها بالعملة الصينية المحلية وليس بالعملة الصعبة اليورو أو الدولار، وهو ما يجعل إيران غير مستفيدة من تلك الأموال المودعة في بنوك صينية، فتقوم بتصريفها من خلال عمليات غسيل أموال، ويتم تحويل بضائع تجارية لقادة في الحركات المسلحة الحليفة لها كالحوثيين في اليمن، ثم تباع بأثمان رخيصة وتذهب اموال عمليات البيع في شراء الأسلحة وتنفيذ الخطط والاستراتيجيات وتمويل مثل هذه الحروب.
ألمانيا:
لألمانيا علاقات جيدة مع إيران ولها مصالح سياسية واقتصادية وهذا انعكس على وجود تعامل رسمي بينها وبين الحوثيين، من خلال وجود مقر دائم لهم في المانيا يستغل للتعريف بقضيتهم ومطالبهم وحقوقهم السياسية والحقوقية، وتعتبر المانيا القناة الوحيدة المفتوحة باستمرار بين إيران والغرب حين تتوتر المواقف، وربما تنحو العلاقات مع الحوثيين إلى أبعد من المشاريع التنموية والانسانية، فقد تتكرر تجربة الألمان في ليبيا حين زودوا نظام معمر القذافي المستبد بأجهزة وبرامج الكترونية ذات طابع عسكري وأمني تجسسي.
السيناريوهات المتوقعة لحرب الحوثيين على دماج:
السيناريو الأول: السيطرة العسكرية للحوثيين على دماج وتصفية خصومه السياسيين والفكريين من عاصمة حكمه صعدة، وهذا الاحتمال ضعيف لأن ثمن تحقيقه كبير ويتمثل في توقع ارتفاع الكلفة البشرية والمالية إلى جانب الخسارة الناجمة عن التداعيات الحقوقية والتشويه الإعلامي، ويفترض تحقيق هذا السيناريو خسارة الورقة الطائفية في توسعات الحوثيين القادمة.
- السيناريو الثاني: دخول الحوثي في حرب استنزاف طويلة حيث يفترض هذا السيناريو صمود السلفيين وتشكيل القبائل لقوة عسكرية داعمة لهم، في حين تتحول صعدة لبؤرة تجمع المسلحين والجهاديين والقاعدة، وهو ما يدفعه إلى الهروب للسيطرة على مناطق أخرى او تفجير الأوضاع في العاصمة والمدن الرئيسية، أو الانسحاب من المعركة والعودة إلى الحوار الوطني بدون شروط، وهذا اقوى السيناريوهات.
السيناريو الثالث: انسحاب الحوثي من المواجهات وعودته للحوار بعد تحقيق الدولة لمطالبه أهمها حصوله على شبه حكم ذاتي لثلاث محافظات على الأقل أو مناصب سيادية في الدولة، وهذا يفترض انتصار سريع له، وحصول ضغط امريكي على الدولة .
السيناريو الرابع: استمرار المعارك وانسحاب الحوثي من الحوار الوطني وتدخل المجتمع الدولي ومجلس الأمن لتحريك قرارات عبر مندوب الأمم المتحدة في اليمن جمال بن عمر ، تفرض على الحوثيين العودة للحوار والقبول بتبعاته مثل الاندماج السياسي وتسليم السلاح وصعدة للدولة، أو ضم حركة الحوثي للقوائم السوداء ضمن لوائح الجماعات الارهابية ومواجهتها بآلية دولية، وهو سيناريو يزيد من تدخل الخارج لكن تفرضه الضرورات لمنع انزلاق اليمن للفوضى والحرب الأهلية التي هي هدف المبادرة الخليجية الرئيسي.
خلاصة:
استمرار الحوثي في التسلح وفتح جبهات للحروب سيؤدي إلى:
- عرقلة الانتقال السلمي للسلطة وفشل التحول الديمقراطي.
- نشوء حركات مسلحة راديكالية وقبلية جديدة وسيطرتها على جزء من مناطق اليمن ما يؤدي إلى ارتخاء قبضة الدولة وضعفها.
- توسع تنظيم القاعدة وكسب أنصار جدد.
- تصبح صعدة منطقة صراع طائفي ومناطقي.
- الصراع الطائفي سيجعل من اليمن ساحة صراعات اقليمية ودولية.
- قد تنزلق اليمن لفوضى وحرب أهلية تصبح على إثرها خطرا على الأمن الاقليمي والدولي.
- فالحرب بين الحوثيين والسلفيين وتداعياتها، تجعل الفرصة الآن مواتية لإعادة صياغة وطنية لمنظور الدولة، وفرض هيبتها وبسط سيادتها على كامل التراب اليمني، وبناء دولة تتسع لكل اليمنيين، وأي مبرر لاستمرار غيابها يزيد من توسع المشاريع الصغيرة الطائفية والمناطقية والعنصرية والقبلية.