قوات "درع الوطن".. لاعب جديد في مسرح متحرك

تقييم حالة | 2 يونيو 2024 22:14
قوات "درع الوطن".. لاعب جديد في مسرح متحرك

 

ملخص

تناقش الدراسة موضوع تعدد التشكيلات العسكرية داخل المؤسسة الشرعية، بالتركيز على آخر قوة تشكلت، وهي قوات "درع الوطن" التي صدر قرار رئيس المجلس القيادة الرئاسي بإنشائها مطلع العام الماضي.

وتتناول الدراسة ظروف إنشاء هذه القوة، ومناطق وجودها بالنظر إلى كونها – وفقاً لقرار إنشائها- تتبع القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الأمر الذي يمنحها أفضلية عن تشكيلات وقوى عسكرية وشبه عسكرية لا تتبع وزارة الدفاع.

كما تحاول الدراسة الوقوف على بعض مؤشرات تنامي هذه القوة ارتباطاً بما تحظى به من دعم وتمويل سعودي، في ظل تصاعد مستويات القلق لدى القوى والتشكيلات التي تفرض سيطرتها جنوب اليمن، من أن يشكل تنامي قوات درع الوطن خطراً على تلك القوى وداعميها خارج اليمن.

 

قوات جديدة ونزاع قديم

تشكّلت قوات "درع الوطن" بموجب قرار صادر عن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في يناير/كانون ثان 2023، وتضمن القرار التأكيد على أن هذه القوات ستكون احتياطي القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو الذي "يحدد عدد هذه القوات ومهامها ومسرح عملياتها في أمر عملياتي يصدر عنه"[1]. وبحسب قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي- القائد الأعلى للقوات المسلحة تم تعيين العميد بشير سيف قائد الصبيحي قائداً لقوات درع الوطن[2]. وهو أحد القيادات السلفية الذين شاركوا في القتال ضد الحوثيين في مناطق وجبهات مختلفة منها عدن ولحج.

وقبل صدور القرارات الرئاسية بتشكيل قوات (درع الوطن)، كانت هذه القوات تطلق على نفسها (ألوية العمالقة الجديدة)، ثم تغير الاسم إلى (قوات درع الوطن)، وتُعرّف نفسها بأنها "قوات مستقلة، تحت قيادة سلفية موثوقة"، مشيرة في بيانات سابقة نشرتها في وسائل الإعلام، إلى أنها "تشكلت بالتنسيق مع مختلف القوى السياسية والعسكرية وتحت قيادة التحالف العربي".

وقد أثار تشكيل هذه القوات عدداً من التساؤلات نظراً للظروف التي أحاطت بقرار تشكيلها، في ظل تفشي حالة الانقسام والتنازع داخل المؤسسات التابعة للحكومة الشرعية، سيما وأن مجلس القيادة الرئاسي نفسه يضم قادة عددٍ من التشكيلات ويمكن الإشارة إليها فيما يلي:

الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي: القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن ( الجيش الوطني)، وكل الألوية الداعمة للدولة والمنضوية تحت المؤسسة العسكرية والأمنية تحت تصرف الرئيس، إلى جانب انشاء قوات احتياط تابعة له تحت مسمى "درع الوطن ".

فرج البحسني -عضو مجلس القيادة الرئاسي: مؤسس وقائد قوات النخبة الحضرمية التي تبسط سيطرتها على ساحل حضرموت منذ العام 2016. المسلحة شبه العسكرية. 

طارق محمد عبدالله صالح- عضو مجلس الرئاسي: مؤسس وقائد قوات المقاومة الوطنية التي تسيطر على مناطق الساحل الغربي منذ العام 2018.

عيدروس الزبيدي- عضو مجلس القيادة الرئاسي: يرأس المجلس الانتقالي الذي تشكل بدعم إماراتي منتصف العام 2017، وتتبعه عدة تشكيلات أمنية وعسكرية منها ألوية الدعم والإسناد والحزام الأمني، وتسيطر هذه القوات على عدن ولحج وأبين والضالع.

عبد الرحمن المحرمي ، (أبو زرعة)، عضو مجلس القيادة  الرئاسي: مؤسس وقائد ألوية العمالقة المدعومة إماراتياً، ولها وجود في الساحل الغربي وعدن ولحج وبعض مناطق أبين وشبوة والضالع. 

عبد الله العليمي، عصو مجلس القيادة الرئاسي : له دور في الإشراف على بعض الوحدات العسكرية التي كانت موالية للرئيس السابق عبد ربه منصور هادي مثل ألوية الحرس الرئاسي، وبعض آلوية الجيش في شبوة وأبين ( جزء من الجيش الوطني). 

عثمان مجلي، عضو مجلس القيادة الرئاسي: لديه علاقة وطيدة  بألوية الجيش على الحدود  ( جزء من الجيش الوطني).

سلطان العرادة، عضو مجلس القيادة الرئاسي: يشرف أثناء الحرب على معظم ألوية ووحدات الجيش والأمن في مأرب ( جزء من الجيش  الوطني)، ويعتب الراعي والمسئول المباشر على توفير احتياج هذه القوات في هذه المحافظة النفطية التي تهاجمها جماعة الحوثي باستمرار          .

 

 

 

ومن هنا فإن تشكيل قوة جديدة تتبع رئيس المجلس، بعد نحو 9 أشهر من انتقال صلاحيات الرئاسة من الرئيس/ عبدربه منصور هادي إلى هذا المجلس يشير إلى أن جملة من الحقائق ويقدم عدداً من الدلالات، منها أن حالة الانقسام في القوات المسلحة داخل المؤسسة الشرعية أصبحت - على الأقل خلال الفترة الراهنة وفي المدى القريب، جزءاً من واقع لا يمكن تغييره بالعمل على دمج هذه القوات والتشكيلات ذات الارتباطات الفكرية والسياسية والمناطقية المختلفة في إطار وزارة الدفاع أو الداخلية، كما كانت تنص كثير من الاتفاقيات التي أبرمت بين القوى والأطراف السياسية خلال السنوات الأخيرة.

ويأتي التأكيد على أن قوات درع الوطن تتبع القائد الأعلى للقوات المسلحة- ضمن الاحتياطي، ليشير إلى وجود كثير من العقبات والتي تقف حائلة دون الوصول إلى دمج كل التشكيلات العسكرية – خاصة وقد أصبح زعماؤها أعضاء في المجلس الذي يدير شؤون البلاد، ورئيسه هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ما يعني أن حالة الانقسام سوف تبقى وتستمر، بل إنها ستكون معززة بقوة عسكرية لكل طرف من الأطراف التي باتت موجودة أو ممثلة في مجلس القيادة الرئاسي، وإذا كانت حالة الانقسام والتنازع تبدو بهذا القدر من الوضوح، وتنطوي على قدر كبير من المخاطر والمخاوف، على مستوى أعلى وأهم مؤسسة رسمية في السلطة (مجلس القيادة)، فإن هذه الحالة والمخاوف بشأنها ستكون أكثر سفوراً فيما دونها من المؤسسات والمستويات.

ينحدر أفراد وقادة "درع الوطن" من مناطق الجنوب المختلفة، ومع أن نسبة كبيرة منهم يتبعون التيار السلفي إلا أن هناك منتسبين غير سلفيين، وفي الوقت الراهن يبلغ قوام هذه القوات نحو 8 ألوية عسكرية، تتوقع المصادر أن يزيد عددها إلى 15 لواء في المرحلة المقبلة.

 

وإجمالاً يمكن الإشارة إلى أن وحدات درع الوطن وألويتها البالغة 8 ألوية موزعة على المناطق والمحافظات كما يلي:

اللواءان الأول والرابع: لحج

اللواءان الثاني والثالث: أبين- البيضاء

اللواء الخامس: وادي حضرموت، توسعت قوات "درع الوطن" في المنطقة وأصبح قوامها فرقتين رئيسيتين هما الفرقة الأولى والفرقة الثانية. 

اللواء السادس: عدن وأبين

اللواء السابع: الضالع

اللواء الثامن لم تعلن منطقة تواجده، لكن مصادر مطلعة ترجح أن يسند جبهات الضالع.  

 

 

حضور يتعزز في لحج وحضرموت

في أواخر أبريل/نيسان الماضي تسلمت قوات درع الوطن المواقع العسكرية وجبهات القتال ضد الحوثيين التي كانت تحت سيطرة قوات موالية للمجلس الانتقالي، شمال محافظة لحج وجنوب محافظة تعز، وخلال الأسابيع الماضية دفعت قوات درع الوطن بتعزيزات عسكرية كبيرة لدعم وإمداد تلك الجبهات، وتمكنت من التصدي لعدة محاولات حوثية للتسلل، وأسقطت في 18 مايو/أيار الماضي طائرة مسيّرة تتبع الحوثيين في جبهة حيفان الواقعة جنوب تعز. 

تضم محافظة لحج في الأجزاء الشمالية والغربية منها منطقة وقبائل الصبيحة، التي ينتمي إليها القائد العام لقوات درع الوطن العميد بشير المضربي الصبيحي وعدد من قادة درع الوطن، وتوجد في قبائل الصبيحة آلاف المسلحين الذين شاركوا في الحرب ضد الحوثيين، وكان لهم دور كبير في تحرير عدن ولحج وقاعدة العند، كما أنهم شاركوا بفاعلية في تحرير مناطق الساحل الغربي من باب المندب وذباب حتى أطراف الحديدة، ويشكل أبناء الصبيحة عدة ألوية في قوات العمالقة التي يقودها عضو مجلس القيادة الرئاسي المحرمي، غير أنه ومنذ الإعلان عن تشكيل قوات درع الوطن بدا أنها استوعبت أعداداً كبيرة من مقاتلي الصبيحة، خاصة المنتمين للتيار السلفي الذي تدعمه السعودية.

ومن هنا فإن وجود قوات درع الوطن في جبهات القتال الرئيسية يمكن أن يشكل قاعدة انطلاق لها لبسط سيطرتها وتعزيز نفوذها في مواقع وجبهات ومناطق أخرى، سيما تلك الجبهات والمناطق التي اكتسبت أهمية خاصة في الفترة الماضية.

وفي الوقت الراهن باتت قوات درع الوطن موجودة في عدن ولحج وأبين والضالع وشبوة وحضرموت، وبالقرب من منفذ الوديعة الرسمي مع المملكة العربية السعودية. 

بداية العام الجاري كانت قوات درع الوطن تسعى لإيجاد موطئ قدم لها في المكلا- عاصمة حضرموت، ومركز الثقل في مناطق ساحل حضرموت، وهي مناطق تقع ضمن دائرة النفوذ الإماراتي منذ العام 2016، وبعد مغادرة تنظيم القاعدة الذي كان قد بسط سيطرته على المكلا ومناطق أخرى قرابة عام كامل.

قابلت القوى المحلية التابعة لأبوظبي، وفي مقدمتها قوات النخبة والمجلس الانتقالي، محاولة (درع الوطن) التحرك نحو ساحل حضرموت بالرفض والتهديد بالتصعيد، ومنعت قوات النخبة تشكيلات تتبع "درع الوطن"، من دخول مدينة المكلا في ساحل حضرموت. ورغم أن العمليات المشتركة في حضرموت كانت قد وجهت -بناء على توجيهات المحافظ مبخوت مبارك بن ماضي- قيادة المنطقة العسكرية الثانية وأمن وشرطة الساحل، بتسهيل مرور القوات المكلا، وقوامها 50 طقم وخمس عربات عسكرية.  إلا أن قوات النخبة والمجلس الانتقالي المدعومين إماراتيا عبروا عن رفض التوجيهات، وهددوا بالتصعيد،[3]وخرجت مسيرة احتجاجية تابعة للانتقالي تعلن دعمها لقوات النخبة، معتبرة وصول أي قوة إلى المكلا استهدافاً لقوات النخبة.

وبدورها اعتبرت قوات درع الوطن ذلك التحشيد (بدعوى الدفاع عن النخبة الحضرمية) صب للجهد في غير محله، وقالت في بيان نشره مكتبها الإعلامي: "لا أحد يستهدف النخبة، وكل ما يحصل إعلام يفتعل الشقاق والخلاف غير الموجود أصلاً". وأضاف البيان إن "محاولة إيهام الناس بأنها (درع الوطن) تستهدف هدم النخبة الحضرمية في المكلا غير منطقي إطلاقاً، وإن النخبة ودرع الوطن كلهم من أبناء حضرموت ومحاولة التفريق بينهما عبث بغير دليل.[4]

 

دعم سعودي وقلق إماراتي 

منذ تشكّلت قوات "درع الوطن" حظيت- ولا تزال، بدعم المملكة العربية السعودية- قائدة التحالف العربي الداعم للشرعية اليمنية، ويشمل هذا الدعم التمويل والتسليح والتدريب، فضلاً عن صور وأشكال أخرى للدعم، وبشكل ملحوظ. فيما بدا أن القلق ينتاب الإماراتيين والأذرع المحلية الموالية لهم في جنوب وشرق اليمن، وظهر ذلك من خلال تصريحات وتقارير إعلامية صادرة عن شخصيات ومؤسسات تتبع الأجندة الإماراتية.

صحيفة العرب الإماراتية التي تصدر من لندن أفردت عدداً من تقاريرها للتحريض على قوات "درع الوطن"، تارة بالحديث عن الهبات المالية (السعودية) التي يحصلون عليها (رغم الأزمة- حسب تعليق الصحيفة)[5]، وتارة بوصفها بـ"واجهة الإخوان المسلمين في اليمن لاستهداف الانتقالي الجنوبي"[6]، وتهمة الارتباط بالإخوان هي الأكثر حضوراً في الخطاب السياسي والإعلامي الإماراتي، وكذلك لدى القوى المحلية التابعة، والتسويق لهذه التهمة ضد أي طرف يعني وضعه ضمن دائرة الخصوم، وكثيراً ما ألصقت التهمة بكثير من القوى والأطراف، بما فيها قوى وأطراف تناصب الإخوان المسلمين العداء، ولا تكف عن مهاجمتهم. 

وفي كثير من تناولات الإعلام الإماراتي لقوات "درع الوطن"، يتم ربطها بالدعم السعودي، مع نشر صور لزيارات القادة السعوديين للمعسكرات التابعة لقوات "درع الوطن"، كدلالة على وجود روابط قوية بين القوات ومموليها، ويصفها الإعلام الإماراتي بـ"قوات يمنية ببصمة سعودية"، غير أن الخطاب العدائي ضد "درع الوطن" لم يواصل تصعيده، لأن الإمارات وأتباعها يخشون من إغضاب السعودية التي لا تزال تملك كثيراً من النفوذ، واستعداؤها في هذا الظرف ليس في مصلحتهم، لذلك تظهر بين فترة وأخرى تصريحات ودودة تجاه "درع الوطن".

وفيما يبدو أن قلق أبوظبي مرتبط بإمكانية توسع سيطرة "درع الوطن" على حساب نفوذ وسيطرة القوى والتشكيلات المحلية التابعة لها، سيما أن القوات الجديدة تحمل بصمات الدعم والتمويل السعودي، الأمر الذي يشي بأن توسع هذه القوات سيكون هدفاً سعودياً، ينجم عنه بالتأكيد خفض رصيد النفوذ الإماراتي، خاصة في مناطق السباق والتنافس التي طالما سال عليها لعاب القوى الإقليمية والدولية خلال الفترة الماضية، وعلى هامش الحرب والصراعات المسلحة في اليمن.

 

دلالات وتداعيات

ويمكن استنتاج عدة دلالات لتشكيل قوات درع الوطن في ضوء الواقع الراهن وما يعتمل فيه من صراعات ظاهرة وخفية، وفي ضوء جهود التسوية التي تدعمها الأمم المتحدة بين الحكومة الشرعية والتحالف العربي من جهة وجماعة الحوثيين من جهة أخرى.

أولى دلالات التشكيل ارتبطت بتبعية القوات الجديدة لرئيس مجلس الرئاسة الدكتور رشاد العليمي، وبالتالي فإن أي توسع لهذه القوات يضاعف مساحة نفوذ الرئيس الذي تتبعه، سيما وأنه – في حال بقائه في العاصمة المؤقتة عدن- يكون شبه معزول عن القوات العسكرية الموالية له -باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث تقع تحت سيطرة قوات تابعة للمجلس الانتقالي الذي أنشأته دولة الإمارات، كما أنشأت هذه التشكيلات المسلحة التي باتت تسيطر على عدن وعدة محافظات في جنوب اليمن.

ولا شك أن وجود قوات عسكرية – على قدر من الانضباط والتدريب يمكن أن يضيف عامل حماية وتأمين للرئيس إذا ما تقرر إسناد هذه المهمة لـ"درع الوطن"، مع ما قد يحدثه ذلك من إثارة مخاوف لدى شركائه (الخصوم) الموالين لأبوظبي، الذين لا يخفون رغبتهم في التخلص من الشراكة مع أي طرف، وقد أفضت علاقات الشراكة لديهم للصراع المسلح، كما حدث في عدن نفسها في العامين 2018 و 2019. ويرى المجلس الانتقالي أن نتائج تلك الصراعات قد أفضت إلى سيطرة قواته على عدن، ما يعني أن كافة المهام – بما في ذلك حماية وتأمين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي – بما في ذلك رئيس مجلس القيادة نفسه، وقد قام الانتقالي بتغيير أسماء بعض الوحدات العسكرية التابعة له بما يتوافق والمهام التي أوكلها إليهم بعد طرد القوات التابعة للحكومة، من ذلك أن قوات (العاصفة) المسيطرة على معاشيق، بات يطلق عليها (العاصفة الرئاسية)، لأنها حلت محل قوات الحماية الرئاسية التي كانت مهمتها حماية وتأمين الرئيس عبدربه منصور هادي. وفي تغيير اسم هذه العاصفة – بإضافة الرئاسية لها- تصبح هي وحدها المخولة بحماية مقر الرئاسة وكل ما يتعلق بالرئاسة. 

وفي حين يقرأ بعض المراقبين في تسلم قوات درع الوطن عدداً من المواقع العسكرية والجبهات – من قوات الانتقالي في شمال لحج دلالة على توسع النفوذ وتنامي درع الوطن، فإن هناك من يرى – في المقابل- أن تخلي الانتقالي عن جبهات قتال الحوثي وتسليمها لغيره، يعفيه من أي التزام تجاه هذه المناطق التي تتعرض لمحاولات التسلل الحوثية بين وقت وآخر، وأن الانتقالي أراد أن يوفر قواته لمناطق وجبهات أخرى، ليس منها جبهات قتال الحوثيين، وقد تعلمت قيادة الانتقالي خلال الفترة الماضية ان جبهات القتال ضد الحوثيين فيها من المغارم أضعاف ما فيها من المغانم.

ما يخشاه الانتقالي هو تنامي قوات درع الوطن وتوسع نفوذها في المناطق الأكثر حساسية له، مثل عدن وشبوة وساحل حضرموت، وفي استنفار الانتقالي ضد قوات درع الوطن عندما حاولت إقامة معسكر لها في المكلا أكبر دليل على ذلك، ناهيك عن أن القلق لم يكن حكراً على الانتقالي وقوات النخبة، بل إن الإمارات نفسها أعربت عن قلقها ومخاوفها خاصة وأن للرياض دور واضح في تشكيل هذه القوات وتمويلها.

ثمة أمر آخر يخشاه الانتقالي، ويتمثل في تسرب بعض عناصر تشكيلاته المسلحة والالتحاق بقوات درع الوطن، خاصة إذا ما تبين أن دعمها مستمر ورواتب منتسبيها تصرف شهرياً، وهو ما تفتقده قوات الانتقالي التي يعاني أفرادها من انقطاع الراتب عدة شهور. 

ومع وجود عدة احتمالات بارتباط نشأة قوات درع الوطن بالظروف والملابسات المحلية فلا يمكن أن يفصل ذلك أيضاً عن المحيط الخارجي – الإقليمي تحديداً، وما يُعتمل فيه، سيما مع احتمال التوصل إلى تسوية سياسية تُنهي الحرب وتنتقل إلى واقع سياسي وعسكري جديد، ما يجعل لهذه القوة أهميتها لدى رئاسة مجلس القيادة والرياض التي تعد أبرز داعمي المجلس وقوات "درع الوطن".  

 

خاتمة

يأتي تشكيل قوات درع الوطن في ظروف صعبة مرتبطة بالتنازع داخل المؤسسة العسكرية الشرعية، ما يجعل من وجودها عامل قلق إضافي، خاصة للقوى التي تنفرد بالسيطرة على العاصمة المؤقتة وبعض المحافظات الجنوبية والشرقية (المحررة)، غير أنه لا يمكن الجزم بما ستؤول إليه أوضاع هذه القوات في الوقت الراهن، فالمرحلة التي تعيشها البلاد اليوم لم تتضح معالمها، إن على الصعيد الداخلي لقوى وتحالفات الجبهة المناوئة للانقلاب الحوثي، أو على  الصعيد الخارجي وما يتصل بإمكانية التوصل لصيغة التسوية السياسية في ضوء الجهود التي ترعاها الأمم المتحدة وتدعمها أطراف إقليمية ودولية، لكن المتوقع أن يكون لهذه التشكيلات الجديدة دور أقوى في المستقبل.

 


مراجع:


[1] قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي بإنشاء قوات درع الوطن، وكالة الأنباء الرسمية سبأ، 29 يناير 2023، على الرابط:  https://www.sabanew.net/story/ar/94441 . (شوهد في 23 مايو 2024).

[2]   المرجع نفسه.

[3] حضرموت.. قوات النخبة تمنع درع الوطن من دخول المكلا، المهرة بوست، 18 يناير 2024، على الرابط: https://almahrahpost.com/news/42008  . (شوهد في 23 مايو 2024).

[4]  قوات درع الوطن تخاطب أبناء حضرموت، موقع المدنية أونلاين، 3 فبراير 2024، على الرابط: https://almadaniya.info/posts/58606 . (شوهد في 23 مايو 2024).

 [5]  مخاوف من تغول قوات درع الوطن في حضرموت، صحيفة العرب الإماراتية، 17 فبراير 2024، على الرابط https://tinyurl.com/269cehl9 . (شوهد في 24 مايو 2024). 

[6] قوات درع الوطن واجهة إخوان اليمن لاستهداف الانتقالي الجنوبي، صحيفة العرب الإماراتية، 11 نوفمبر 2023، على الرابط https://tinyurl.com/ytwvzse9 . (شوهد في 24 مايو 2024).

 

نشر :