دور الدبلوماسية العسكرية في تعزيز السياسة الخارجية للصين في القرن الأفريقي

جيوبولتك | 24 يونيو 2023 00:00
 دور الدبلوماسية العسكرية في تعزيز السياسة الخارجية للصين في القرن الأفريقي

ENGLISH

  PDF


تمهيد:

     تتمحور هذه الدراسة حول فكرة تحديد ملامح النهج الصيني لاستخدام أداة الدبلوماسية العسكرية في الإستراتيجية الخارجية للصين، بالإضافة الى دراسة مفهوم الدبلوماسية العسكرية في الخطاب الصيني، والغرض من استخدام الدبلوماسية العسكرية ، وكذلك أشكالها، وقد خلصت الدراسة الى أن الدبلوماسية العسكرية وسيلة واعدة لكسب الدعم للأجندة الواسعة  للصين على المستويين الاقتصادي والدبلوماسي، وخلق بيئة مستقرة في الممرات البحرية وفي البلدان المستفيدة من الاستثمار الأجنبي المباشر للصين بالذات في أفريقيا، وتحسين تجربة جيش التحرير الشعبي في إجراء العمليات على المستوى الخارجي.

 

إهتمام تأريخي بالمنطقة 

تعود السجلات التاريخية للعلاقات الصينية الأفريقية إلى القرن الرابع عشر, أي الى سنوات حكم أسرة مينغ عندما كان التجار من الصين وأفريقيا الشرقية يتاجرون في الخزف، والحرير، والعاج، والذهب، والفضة، والحياة البرية،  وسلع أخرى[1]، وقبل أكثر من 80عامًا من دخول البرتغاليين المحيط الهندي لأول مرة ، زار الادميرال تشنغ خه Zheng He- خلال رحلاته السبع - عددًا من النقاط الإستراتيجية المهمة في حوض المحيط الهندي: الساحل الشرقي للهند ، وجزيرة جاوة، وشبه جزيرة الملايو ، سومطرة ، سيلان ، ساحل مالابار في الهند ، جزر المالديف ، سواحل شبه الجزيرة العربية, ميناء عدن (اليمن)،وميناء جدة في الحجاز (السعودية حاليا) وكذلك الساحل الشرقي لأفريقيا (موانئ باراوا ، مقديشو – (الصومال) ، ميناء ماليندي (كينيا) ).

 

الرحلات السبع للأدميرال الصيني تشنخ خه

المصدر Семь путешествий Чжэн Хэ [Электронный ресурс]. // https://histterra.ru/sem-puteshestviy-chzhen-he/ .

وبإمعان النظر سنجد ان رحلات الادميرال الصيني "تشنغ خه" واسطوله في عهد سلالة مينغ التي دارت حول ساحل الصومال وتتبعت الساحل وصولا الى قناة موزمبيق كلها كان هدفغها نشر الثقافة الصينية وإظهار قوة الصين، ففي التأريخ الجغرافي الحديث نجد ان المجتمع العلمي الصيني والدوائر السياسية يعتبرون  Zheng He الذي عاش في القرن الاخير من حكم اسرة مينج -أحد أبرز الشخصيات التأريخية الصينية ، وقد بدأت السلطات الرسمية الصينية  بوضع تاريخ رحلاته كمثال مرجعي للترويج السلمي للمصالح الصينية على أساس التعاون المتكافئ في مجال التجارة والسياسة ، بل في حقيقة الأمر أصبحت رحلاته واحدة من ادوات  "القوة الناعمة" للصين فيما يتعلق بمنطقة شرق إفريقيا وشبه الجزيرة العربية، وبالتالي يُنظر اليوم إلى الصين الحديثة على أنها خليفة حكام مينغ ، الذين عززوا استقرار وازدهارالإمبراطورية من خلال حملات السياسة الخارجية واسعة النطاق.

 فعلى مدى القرون الستة الماضية ، لم تتضاءل الأهمية الاستراتيجية لمنطقة المحيط الهندي[2]. منذ عام 1999 ، عادت العلاقة بين الصين وأفريقيا إلى مسار تصاعدي عندما أصدر الرئيس جيانغ زيمين توجيهاً يُعرف باسم "Go Out" (Zŏuchūqū Zhànlüè؛ 走出 去 战略) لتشجيع الشركات الصينية على استغلال الفرص في الأسواق الناشئة والمتقدمة[3].

  وفي السياق نفسه حظيت أفريقيا في السنوات الأخيرة في الخطاب السياسي الصيني باهتمام متزايد لأنه  يُنظر إليها على أنها سوق "ذات أرباح عالية ومخاطر عالية" مع حد أدنى من المنافسة من القوى الأخرى، وقد جاءت خطوة الصين في هذا المسار أكثر تقدما فقد أسست عام 2000م منتدى التعاون الصيني الأفريقي (FOCAC) ، ككيان يركز بشكل أكبر على علاقة الصين بأفريقيا، ويظهر عمق تأثير هذا المنتدى من خلال الالية التي يدار به فهناك قمة يتم عقدها فيه كل ثلاث سنوات، وتشرف حوالي 33 وكالة على تنفيذ القرارات التي تخرج بها هذه القمة وتناقش عدة لجان، مستوى العمل إلى المستوى الوزاري  والكثير من المبادرات التي تتراوح بين التجارة والاستثمارات إلى بناء المؤسسات ، والمساعدة الأمنية، وفي السياق نفسه ايضا نذكر ماقاله الرئيس "هو جينتاو" ، أثناء زيارته لجنوب إفريقيا ، عن تشنغ خه ورحلاته الى افريقيا قائلا : " لقد حمل  الى الشعب الأفريقي رسالة سلام وازدهار ، وليس سيوفًا وبنادق واستغلالًا وعبودية". وفي السياق نفسه ايضا نذكر تصريح جوه تشونغلي ،سفير جمهورية الصين الشعبية في كينيا ومما جاء فيه "إن أسطول Zheng He الكبير ... لم يستخدم وجوده لاستغلال موارد شرق افريقيا  ولكنه خدم الصداقة عن طريق التجارة مع البلدان الأخرى ، لقد أعطى أكثر مما أخذ "، وبالتالي عزز" التفاهم المتبادل والصداقة والعلاقات التجارية بين أسرة مينج الصينية ودول أخرى في جنوب، وغرب آسيا وشرق إفريقيا[4]."

 

البعد الأمني لخطوط الاتصال البحرية

رغم الأهمية الجيوستراتيجية التي يمثلها القرن الإفريقي بالنسبة للقوى الكبرى، من حيث تحكمه في مضيق باب المندب وخليج عدن، إلا أنه وبالنسبة للصين تزداد أهميته ليمثل نقطة حيوية واستراتيجية في تحقيق تطلعاتها الاقتصادية في أفريقيا لتأمين مبادرة "الحزام والطريق" ومدخلها نحو أفريقيا[5] ، باعتبارها البوابة التي تشهد مرور التجارة الصينية من البر الصيني باتجاه اوروبا ، وكنتيجة يأتي أهم تطور في العلاقات الصينية الافريقية على شكل تنامي للوجود العسكري والأمني الصيني في افريقيا ، وهذا يمثل الكثير للصين  التي تكاد أن تصبح القوة الاقتصادية الأكبر والتحدي الإستراتيجي الأخطر للولايات المتحدة الامريكية بحسب وثيقة الأمن القومي الامريكي العام الماضي.

بدأ الوجود العسكري الصيني على سواحل القرن الإفريقي حينما أرسلت الصين في عام 2008م سفينتين حربيتين لتكونا جزءاً من قوة دولية لمحاربة القرصنة في منطقة خليج عدن والقرن الافريقي ، وتعد هذه المشاركة العسكرية الأولى في تأريخ الصين الحديث التي تشارك فيها البحرية الصينية بسفن حربية خارج مياهها الإقليمية[6]، وهذا ما يفسر وجود قاعدة عسكرية صينية في جيبوتي لتمثل نقطة ارتكاز للقوات البحرية الصينية لتأمين تجارتها التي تمر بالمنطقة [7]،وتأتي أهمية هذه الخطوة كونها منحت جيش التحرير الشعبي الصيني – بتواجده في البحر الأحمر- قدرة متزايدة على عرض قوته في مناطق أخرى، بينما كانت قوته لاتزال مركزه بشكل كبير في آسيا .

 شكّل إجلاء البحرية الصينية للمواطنين الصينين والأجانب من اليمن في عام 2015أساس فيلم عملية البحر الأحمر احد أكثر الأفلام الصينية ربحاً[8] لعام عام  2018في خطوة تبدو مدروسة لجيش التحرير الشعبي الصيني للفت انتباه الصينين وتغذية الخيال الشعبي لديهم بأهمية المنطقة.

 وبالمقارنة بين التقدم الذي حققته القوة البحرية الصينية وبين ما كانت عليه من قبل وفقًا لحديث رئيس جمعية الصداقة الروسية الصينية، ومدير معهد الشرق الأقصى التابع لأكاديمية العلوم الروسية ميخائيل ليونتييفيتش تيتارينكو(Михаи́л Лео́нтьевич Титаре́нко)[9]اواخر العام 2011م  ،  فإنه الى بداية القرن الحادي والعشرين لم يكن لدى الصين القدرات العسكرية والسياسية اللازمة لحماية أمن طاقتها بشكل مستقل في حالة نشوب صراع دولي أو إقليمي شديد الكثافة،  علاوة على ذلك  كانت الصين بحاجة ماسة إلى زيادة أسطول ناقلات النفط الكبيرة الى ان تم تطوير وتحديث الإمكانات الدفاعية في الاستراتيجية التي طرحها الرئيس الصيني جيانغ زيمين حيث تضمنت هذه الاستراتيجية اهتماما كبيرا لتعزيزالقوة البحرية الصينية، وضرورة إنشاء أسطول قادر على العمل في المستقبل ليس فقط في المنطقة "البنية" أو "الخضراء" (الساحلية اي 200 ميل) ، ولكن في "المياه الزرقاء" اي المحيطات المفتوحة.

 ويعتزم الجيش الصيني زيادة عدد الغواصات النووية من فئة شان الأكثر كفاءة (مقارنة بالغواصات من فئة هان وشيا المتوفرة حاليًا) من واحدة في عام 2008 إلى 10-15 وغواصة تشينغ من 2 إلى 68[10]. لكن من غير المرجح أن تكون جمهورية الصين الشعبية قادرة على سد الفجوة في الأسلحة البحرية عالية التقنية على المدى المتوسط[11].

فبحلول بداية 2010م وبفضل توجهات الدولة الصينية تم إنشاء مايسمى ب" مدرسة القوة البحرية "كدليل واضح على ان النخبة السياسية والفكرية الصينية بدأت إدراك قيمة البحار والمحيطات فقط في مطلع القرنين العشرين والواحد والعشرين، وأحد ممثلي هذه المدرسة هو شي شياو تشين ، استراتيجي عسكري  أشار في اعماله الى أهمية مضيق ملقا والذي يمكن ان تضر حيازته من قبل أي دولة بأمن الصين ، ممثل آخر من نفس المدرسة، وهو Zhang Wenmu "زانج وينمو" أكد على انه في عصر العولمة، تحدد القوة البحرية مصير الدول،  وبالتالي فإن زعامة العالم ستنتهي الى أولئك الذين يملكون اسطولاً قوياً لأنهم بالضرورة سيملكون القدرة على التحكم في الاتصالات البحرية[12].

على امتداد العقد الماضي تسلط الكتابات العسكرية الصينية الضوء على الأهمية المتزايدة للدبلوماسية العسكرية،  فقد كان جيش التحرير الشعبي تاريخيًا  شبه معزول ولا تربطه الا اتصالات محدودة فقط مع بعض الجيوش الأجنبية، خاصة بعد الانقسام الصيني السوفياتي في عام 1960 وأثناء الثورة الثقافية (1966-1976)، أما اليوم ، تمتلك الصين بالفعل غواصات مسلحة بصواريخ باليستية قادرة على الوصول إلى مراكز أمريكية مهمة، كما أصبحت غواصات الصواريخ الباليستية التي تعمل بالطاقة النووية (SSBNs) من الجيل الثاني أهم عنصر في الاستراتيجية البحرية للصين[13].

يؤكد الأدميرال وو شنغلي (سو شيليانغ) على الحاجة إلى توسيع المناورات البحرية الصينية في جميع أجزاء المحيطات من أجل حماية موثوقة لطرق النقل البحري والسفن التجارية لضمان حماية الموارد المعدنية ومصائد الأسماك[14].

 

 

تشير الخريطة إلى طرق التجارة القديمة على طريق الحرير، وقد أصبح مشروع الحزام في استراتيجية الصين حاليا

 

أهداف الدبلوماسية العسكرية الصينية

الدبلوماسية العسكرية: هي طريقة مبتكرة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية على المسرح العالمي. لكن بالنظر إلى هذا المصطلح قد يجده القارئ يتضمن تناقضاً دقيقاً ،  فالدبلوماسية نفسها تعني تنفيذ السياسة الخارجية بوسائل غير عسكرية،  ومع ذلك، لا يوجد تناقض في هذا، لأننا إذا ما قمنا بتحليل الخيارات لتصور هذه الظاهرة في الخطاب الأكاديمي، ففي أبحاث علماء السياسة نجدهم يعرفون الدبلوماسية العسكرية على أنها مجموعة معقدة من التفاعلات بين الدول ، حيث تشارك وزارات الدفاع والقوات المسلحة  خصائصها الخاصة، إلا أنها تتأثر بكل من السياسة الخارجية للدولة ومجموعة المهام التي تحلها،  وفي هذا السياق ، من المستحسن النظر في مثال جمهورية الصين الشعبية ، التي تستخدم الدبلوماسية العسكرية بنشاط في سياستها الخارجية تم ذكر مفهوم الدبلوماسية العسكرية في سياق السياسة الخارجية لجمهورية الصين الشعبية لأول مرة في الكتاب الأبيض حول الدفاع الوطني الصيني في عام 1998: "تشارك القوات المسلحة الصينية في أنشطة دبلوماسية عسكرية متعددة الأطراف ، وتعمل الصين بنشاط على تطوير شكل متعدد المستويات من الدبلوماسية العسكرية ". ووفقًا للكتاب الأبيض الصيني لعام 1998 ، هناك 6 أهداف للدبلوماسية العسكرية الصينية:-

  1. تكوين بيئة إستراتيجية دولية مواتية من خلال التبادل والتعاون الدوليين .
  2. بناء الثقة وتقليل الشكوك.
  3. خلق صورة دولية مواتية من خلال المشاركة في عمليات حفظ السلام أو المساعدة الإنسانية .
  4. تطوير الجيش والدفاع الوطني من خلال دراسة الفكر العسكري المتقدم والتكنولوجيا والتكتيكات العسكرية من خلال التبادلات الثنائية.
  5. توسيع النفوذ من خلال زيادة الثقة في هيكل الدفاع الوطني ونظام القيادة العسكرية والأسلحة والمعدات والاعتماد عليها .
  6. وسيلة لردع خصم محتمل من خلال إظهار قوة القوات المسلحة خلال التبادلات العسكرية الثنائية والتدريبات العسكرية المشتركة[15]

وبالنظر إلى الأهداف المعلنة للدبلوماسية العسكرية الصينية سنجد أنها مستمدة من مهام جيش التحرير الشعبي الأوسع وتشمل دعم السياسة الخارجية الوطنية الشاملة، وحماية السيادة الوطنية، وتعزيز المصالح الوطنية، وتشكيل بيئة الأمن الدولي،  ومما يؤكد ذلك خطاب ألقاه الزعيم الصيني "شي جين بينغ" ألقاه في يناير 2015 أمام مؤتمر العمل الدبلوماسي العام (全军 外事 工作 会议) وقد استشهد الزعيم الصيني بعدة اهداف محددة للدبلوماسية العسكرية الصينية، إذ ركز حديثه عن دعم السياسة الخارجية الوطنية الشاملة، وحماية الأمن القومي، وتعزيز البناء العسكري (بناء القوة). كما سلط "شي" الضوء على أهداف حماية سيادة الصين وأمنها ومصالحها التنموية. وبالتالي فالدور الرئيسي للدبلوماسية العسكرية الصينية هو "دعم السياسة الخارجية الوطنية الشاملة والتوجه الاستراتيجي العسكري للعصر الجديد" يسلط الكثير من الخبراء الضوء على "تشكيل بيئة الأمن الدولي وتعزيز التحديث العسكري".

 وبالإضافة إلى هذه الأهداف المعترف بها علنًا للدبلوماسية العسكرية، يستخدم جيش التحرير الشعبي الدبلوماسية العسكرية لجمع المعلومات الاستخباراتية، وتعلم مهارات جديدة، وقياس قدرات جيش التحرير الشعبي مقابل قدرات الدول الأخرى، وبناء إمكانية التشغيل البيني مع الشركاء الأجانب ويركز جزء كبير من النشاط الدبلوماسي العسكري الحالي لجيش التحرير الشعبي على حماية المصالح الاستراتيجية الصينية المحددة والنهوض بها وإدارة مجالات الاهتمام، فالصين تعتمد بشكل متزايد على النفط والغاز الطبيعي المستورد من الشرق الأوسط وأفريقيا ؛  ووجود بحرية جيش التحرير الشعبي لمكافحة القرصنة في خليج عدن يسهل العلاقات الاستراتيجية في الشرق الأوسط وأفريقيا ، ويساعد على ضمان أمن الطاقة في الصين، ويوفر الخبرة التشغيلية في حماية خطوط الاتصال البحرية الصينية[16].

 

موقع الدبلوماسية العسكرية في العقيدة العسكرية الجديدة للصين

تؤكد العقيدة العسكرية الجديدة للصين (ما يسمى بالكتاب الأبيض) التي نُشرت في 26 مايو1998 على أنه مع نمو الصين اقتصاديًا، فإن مصالحها الوطنية تتغير أيضًا - ولأن هناك عوامل عالمية مختلفة، مثل تهديد الإرهاب الدولي أو الأوبئة العالمية، أو مشكلة قرصنة المحيطات، والتي لها تأثير أكبر على هذه المصالح،فإن هذا يعني الحاجة إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لأمن الطرق البحرية[17].

يطور جيش التحرير الشعبي علاقات عسكرية تعاونية مع دول أخرى غير منحازة وغير تصادمية وغير موجهة ضد أي طرف ثالث ، ويشارك في أشكال مختلفة من التبادلات العسكرية والتعاون في محاولة لخلق بيئة أمنية عسكرية تتميز الثقة المتبادلة والمنفعة المتبادلة،  ولأجل ذلك، بدأت البحرية الصينية - كما هو مذكور في العقيدة العسكرية للصين - بالتخلي تدريجياً عن الدفاع الساحلي الحصري وإدخال عناصرجديدة في استراتيجيتها ل "حماية البحار المفتوحة" : أي تطوير أسطول عابر للمحيطات[18] وفي عام 2019 أعلنت الصين رسميًا ثلاث مبادرات مهمة:-

 أولاً: الانتقال من العلاقات الثنائية مع الدول الأفريقية إلى العلاقات متعددة الأطراف مع التركيز على التعددية، والتي يمكن تفسيرها على أنها انتقال إلى دبلوماسية الكتلة.

 ثانيًا: توسيع المبادرات الصينية في مجال الأمن الجماعي وحفظ السلام في إفريقيا من خلال تطوير التعاون العسكري الصيني الأفريقي.

 ثالثًا: ردًا على التهديد الأمريكي بخفض الدعم المالي والعسكري لبعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في إفريقيا؛ أعلنت جمهورية الصين الشعبية استعدادها للمشاركة بنشاط أكبر في بعثات حفظ السلام الأفريقية التابعة للأمم المتحدة. 

وعلى المستوى الرسمي، تؤكد جمهورية الصين الشعبية دائمًا على الطبيعة السلمية لسياستها في إفريقيا، وتدعو إلى التعاون مع الأمم المتحدة بشأن القضايا الأفريقية كأولوية في سياستها الخارجية، والتي تعتمد على مورد القوة الذكية (القوة الذكية) (smart power، أي: الجمع بين الحوافز الاقتصادية والقوة الناعمة. فعلى مدار العشرين عامًا الماضية، كانت الصين ناجحة جدًا في تطبيق هذه الأساليب في إفريقيا، فمن أصل 54 دولة أفريقية هناك 44 دولة أفريقية ملزمة باتفاقيات في إطار مشروع الحزام والطريق الواحد مع جمهورية الصين الشعبية، وقد زادت ديون الاقتصاد الخارجي لهذه الدول فجميعها تقريبًا مدينة للصين[19]،  في يوليو 2019 عقد منتدى الحزام والطريق في بكين شارك فيه حوالي اربعين دولة من مختلف دول العالم، شارك فيه زعماء اربع دول افريقية  جيبوتي، وموزنبيق، وكينيا، واثيوبيا، حيث الاسثماراث الصينية في هذه الدول كبيرة جداً، فهذه البلدان الأربعة تشكل "الهياكل الحاملة" للمشروع الصيني في إفريقيا، وخاصةً في الجزء الشمالي الشرقي منه، ومما لا يخفى على أحد سنجد أن الغرض من زيارة القادة الأفارقة، هو مفاوضات تخفيف عبء الديون على بلدانهم، وكانت نتيجة المفاوضات إعادة هيكلة ديون هذه الدول للصين مع تنازلات حتمية ذات طابع سياسي واقتصادي في هذه الحالة، مما يمنح الصين مكانة متميزة في هذه الدول وفي هذا الصدد كان الزعيم الصيني "شي جين بينغ"- في اطار قمة افريقية صينية عقدت في عام 2018 وضمن استراتيجية طريق الحرير- قد عرض تمويلاً جديداً لأفريقيا بقيمة تصل إلى 60 مليار دولار وشَطَب جزءاً من ديون الدول الأكثر فقرا في القارة، فيما حذر من توجيه التمويل إلى "مشروعات عديمة الجدوى"، وذلك خلال كلمته في افتتاح القمة الصينية – الأفريقية[20].

 

   https://aftershock.news/?q=node/738197&full مصدر الصورة:

ومن خلال تحليل هذه الوثيقة  فأنه في حالة الدبلوماسية العسكرية، فإن الصين تستخدم القوات المسلحة كوسيلة لزيادة وتوسيع "القوة الناعمة" لنفوذها،  فالحاجة إلى تحقيق هذه الأهداف واضحة في منطقة القرن الأفريقي، إذ ترتبط زيادة أهمية هذه المنطقة ارتباطًا وثيقًا بتنفيذ سياسة "الخروج"(go out) أو النفوذ الخارجي إذ كانت الصين  تعتمد في وقت سابق بشكل رئيسي على الصادرات والتوسع في سوق السلع الأساسية، الا أنها لاحقًا ، بدأت تنفيذ "الخروج" من خلال زيادة الأصول في الشركات العابرة للحدود والاستثمار في قطاعات الاقتصاد غير المنتجة اي الاستثمار (بشكل أساسي في البنية التحتية)، فالمشاريع التي تقترحها الصين على البلدان الأفريقية هي في الغالب ذات طبيعة بنية تحتية (عادة في مجال الخدمات اللوجستية والطاقة): الموانئ، والجسور، والسكك الحديدية، والطرق،  ومحطات الطاقة الكهرومائية، ومحطات الطاقة الحرارية، وخطوط الطاقة، اي المشاريع التي تسهم في زيادة التنمية الاقتصادية للبلدان الافريقية[21] ،  فمنذ عام 2013، تم تعزيزهذه السياسة من خلال مبادرة الحزام الواحد والطريق الواحد، التي يهدف مكونها البحري (طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين) إلى ربط الشبكات الاقتصادية الإقليمية بالنظام الاقتصادي الصيني،  فالإستثمار وتطوير البنية التحتية في المنطقة من بين مشاريع المبادرة[22]، وفي السياق نفسه نجد الغرض من تركيز الصين اهتمامها على ممرات النقل هو توسيع الفرص اللوجستية للاستيراد دون عوائق للسلع الصينية إلى إفريقيا وتصدير الصادرات الأفريقية المتنوعة، وخاصة منتجات الشركات الأفريقية الخاضعة للسيطرة الصينية من المواد الخام وغير السلعية، وكذلك ناقلات الطاقة. وهذا يعني الحاجة إلى توفير الأمن للشركات الصينية العامة والخاصة التي ترغب في القيام بأعمال تجارية في القارة.

كما تتيح أدوات الدبلوماسية العسكرية خلق مشاركة مقبولة دوليًا لجيش التحرير الشعبي في التفاعل الثنائي مع البلدان المستفيدة من رأس المال الصيني. فضمان سلامة الخطوط البحرية على طول القرن الأفريقي يحتل اولوية قصوى بالنسبة للصين: خصوصا ان اعتماد الصين على واردات الطاقة ازداد بشكل كبير في السنوات الأخيرة. ف 85٪ من واردات الصين من النفط و 90٪ من تجارتها الخارجية يمران عبر عبر المحيط الهندي ، مما يجعل الصين تعتمد بشكل  كبير جدا على استقرار خطوط التجارة البحرية، حيث تعد المضائق البحرية أكثر الأماكن ضعفًا ومن المعروف أن ضمان أمن نقل البضائع البحرية من قبل قوات بحرية متعددة، لا تسيطر عليها الصين، مما يشجع جمهورية الصين الشعبية على استخدام أدوات الدبلوماسية العسكرية لمراقبة الوضع في مجال التهديدات التقليدية وغير التقليدية (القرصنة في المقام الأول)[23].

تطبق جمهورية الصين الشعبية مفهوم الدبلوماسية العسكرية من خلال التبادلات العسكرية والتدريبات المشتركة والمشاركة في أنشطة حفظ السلام، فالفئة الأولى تشمل تبادل الزيارات العسكرية وقد ازدادت وتيرة زيارات الوفود العسكرية رفيعة المستوى بين الصين وأفريقيا في أواخر التسعينيات، لكنه ظل إلى حد كبير دون تغيير خلال العقد الماضي. معظم الزيارات من 2002 إلى 2018  شملت السودان بواقع زيارة (12) وإثيوبيا (9) وجيبوتي (7) زيارات[24] ،  كما أن مكالمات الموانئ التي تقوم بها سفن الحراسة في طريقها من وإلى مهمات مكافحة القرصنة في خليج عدن هي أيضًا آلية شائعة الاستخدام للتعاون،  بالإضافة إلى المركز اللوجستي لجيش التحرير الشعبي، الذي افتتحته الصين في جيبوتي، يُطلق على جيبوتي اسم "مفتاح البحر الأحمر"  لكنها اليوم أيضًا المفتاح الأهم لفهم مدى وآفاق الاختراق العسكري الصيني في إفريقيا والمتأمل سيجد جيش جيبوتي - مكون من ستة آلاف مقاتل، بالكاد قادر على تحمل العدوان الخارجي، وبالتالي فإن المسار الاستراتيجي للقيادة الجيبوتية ؛ هو عدم الخلاف مع أي من القوى الخارجية، والحفاظ على علاقات متساوية مع الأمريكيين، والفرنسيين، والصينيين، واليابانيين، والإسبان، والألمان،  وحتى ممالك الخليج العربي، وربما إن نموذج التنمية الاقتصادية لكل من سنغافورة ، ودبي هو النموذج الذي سعت إليه قيادة جيبوتي ، باستخدام المبدأ المقبول على نطاق واسع في إفريقيا: البحث عن دولة رائدة وتصبح دولة تابعة لها، إلا أن تفرد جيبوتي يتلخص في شيء واحد فقط وهو أنها تمكنت من أن تكون دولة تابعة  لعشر دول رائدة في وقت واحد، والعلاقة بين هذه الدول بعيدة كل البعد عن المثالية.[25] كما أن كلا من ميناء عدن (اليمن) وبورتسودان (السودان ) موانئ في غاية الأهمية للصين، إذ يقعان بالقرب من شريان التجارة العالمي،  لكن وبسبب عدم إستقرار الوضع السياسي الداخلي في هذين البلدين، جعلت جمهورية الصين الشعبية موانئ تنزانيا، وعمان، والمملكة العربية السعودية، وجهات رئيسية لها لتجديد الإمدادات، وكغيرها من البلدان الأخرى، تحتفظ الصين بمكاتب ملحقيات عسكرية في السفارات في جميع أنحاء المنطقة، والتي تتكون عادة من 2 إلى 10 من ضباط جيش التحرير الشعبي الصيني، أيضا هناك التبادلات الوظيفية، والتي تعني تدريب الأفراد والتبادلات في مجال الاتصالات واللوجستيات والمساعدة الإنسانية، فلدى جيش التحرير الشعبي برامج تبادل أكاديمي ووظيفي قوية مع دول مختلفة، وهو مايمثل المحتوى الرئيسي للدبلوماسية العسكرية الصينية في هذه المنطقة ففي المعدل المتوسط​​، يذهب حوالي   4000عسكري سنويا من أكثر من 130 دولة إلى الصين للدراسة في المدارس العسكرية الصينية معظمهم من البلدان الأفريقية وتتمثل ركائز الدبلوماسية العسكرية في:-

الركيزة الأولى: مشاركة القوات البحرية لجيش التحرير الشعبي في عمليات حراسة السفن في خليج عدن ومياه الصومال، والتي تقوم بها بانتظام منذ ديسمبر 2008 بحجة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي3 رقم 1846. هذه العمليات حمت أكثر من 6000 سفينة مدنية صينية وأجنبية وزادت من الاستعداد القتالي للبحرية الصينية.

 الركيزة الثانية: المشاركة في عمليات حفظ السلام ويبلغ العدد الإجمالي لقوات حفظ السلام الصينية حوالي 2500 جندي، ثلثي هذه القوات (1400) جندي منتشرون في السودان، حيث للصين مصالح اقتصادية وسياسية.

 

 

خاتمة

ساعدت عملية الإدخال النشط لأداة الدبلوماسية العسكرية في العلاقات مع بلدان القرن الأفريقي على تحقيق ثلاثة أهداف مهمة للصين وهي:

1-    دعم أجندة اقتصادية ودبلوماسية أوسع للصين.

2-    ضمان سلامة الخطوط البحرية في منطقة تعتبر حاسمة للاقتصاد الصيني.

 3- زيادة الإمكانات والقدرات من خلال إجراء التدريبات والمناورات البحرية والعمليات الإستكشافية.

وبالتالي يمكن القول إن العلاقات الصينية - الأفريقية على المستوى العسكري هي "نشاط على المستوى الاستراتيجي لدعم الأجندة الخارجية والدبلوماسية والاقتصادية والأمنية الأكبر التي وضعتها القيادة الصينية.

بشكل عام ، نجد من الواضح أن توطيد العلاقات العسكرية هو مجرد جانب واحد فقط من جوانب العلاقات الدبلوماسية الأوسع للصين مع إفريقيا  والتي تعمل على تقوية العلاقات مع الحكومات في القارة وتعزز الثقل السياسي للصين على الساحة الدولية، لا سيما داخل مجلس الأمن الدولي، ومع ذلك فإن حقيقة أن العلاقات العسكرية لم تتطور بنفس القدر الذي تطورت فيه العلاقات الاقتصادية والسياسية الصينية تشير إلى أن العلاقات العسكرية هي حاليًا عامل داعم وليس غاية في حد ذاتها وقد يكون التزام الصين المعلن بمساعدة البلدان الأفريقية في مواجهة تحديات السلام والأمن حافزًا في حد ذاته، وكنتيجة لجأت الحكومات الأفريقية إلى بكين لطلب الدعم في تلبية احتياجاتها،  كما هو الحال مع عمليات الحصول على السلاح الصيني، فالصين لاتجعل مساعدتها العسكرية مشروطة (باستثناء قضية "الصين الواحدة") وقد أقامت علاقات قوية مع الدول التي لم تتمكن من الحصول على مثل هذا الدعم من الغرب، كما هو الحال مع السودان وزيمبابوي،  ما يجعل الصين مصدرًا جذابًا للمساعدة العسكرية ، وهو ما قد يفسر سبب قيام الحكومات الأفريقية بتعيين الملحقين العسكريين في بكين بوتيرة متزايدة.

 

 

مراجع رئيسية:

-1حسن الحاج علي وآخرون، القرن الافريقي:التاريخ والحاضر ورؤى المستقبل ص 17-18

 2- Dreyer E.L. Zheng He: China and the Oceans in the Early Ming Dynasty, 1405-1433.Pearson, 2006.

3-Saunders, P.C., Jiunwei Shyy, China’s Military Diplomacy / in China’s Global Influence: Perspectives and Recommendations, ed. Scott McDonald and Michael G. Burgoyne. Honolulu: Asia-Pacific Center for Security Studies. 2019. P. 207–227; Allen, K., Saunders, P.C., Chen, J. Chinese Military Diplomacy, 2003–2016: Trends and Implications, China Strategic Perspectives 11. Washington: National Defense University Press. July 2017. 81 pp.; Yasuhiro, M. An Essay on the China’s Military Diplomacy // NIDS Security Reports. 2005. 40 pp.

4-The Expanding Scope of PLA Activities and the PLA Strategy. China Security Report 2016 // National Institute for Defense Studies. 2016. 89 pp.

5-Евгений Ильич Зеленев и Мария Алексеевна Солощева COMPARATIVE POLITICS RUSSIA . 2021 Vol.12 No.3  ст.145

6-Yasuhiro, M. An Essay on the China’s Military Diplomacy // NIDS Security Reports. 2005. 40 pp.

7- China Military Power: Modernizing a Force to Fight and Win. Washington: Defense Intelligence Agency. 2019. P. 26.

8-Wang Xuejun. Review on China’s Engagement in African Peace and Security // China International Studies, No 32. January/February 2012, P. 34.

9- Andrev S. Erickson. Chinese BMD Countermeasures: Breaching America`s Great Wall in Spase? // China`s Nuclear Force Modernization. Newport 2005, Naval War Cjllege Press, p.77-88. О китайских разработках по преодолению ударов баллистических ракет см.: Li Wensheng. Manhua Zhanlue Dandao Daodan Youer Jishu // Bingqi Zhishi, №2, Februar 2005, p.28-31

 

مراجع تفصيلية

[1] تشنغ خه ويسمى بالعربية حجّي محمود شمس الدين كان بحارا صينيا مسلما ولد عام 1371 م في أسرة مسلمة تدعى «ما» من قومية هوي بمقاطعة يونان في جنوب غرب الصين تربى في بلاط الأمير تشو دي من أسرة مينغ، أمير منطقة يان (منطقة بكين حالياً) واحتفلت الصين عام 2005 بمرور 600 سنة على أولى رحلاته الضخمة البحرية التي عبر بها المحيط، بعرض بعض الأثار ذات العلاقة وإصدار مجموعة من الطوابع بهذه المناسبة، معتبرة أياه (رسول المهمات الدبلوماسية) و (رجل السلام) الذي جاب المحيطات ولم يشعل حرباً ولم يقتل أحداً، وكان من أهم اقواله: https://clck.ru/33QNVg «في سبيل إقامة العلاقات الودية بين الصين وهذه الدول لا نعبأ حتى بالموت]

[2] Saunders, P.C., Jiunwei Shyy, China’s Military Diplomacy / in China’s Global Influence: Perspectives and Recommendations, ed. Scott McDonald and Michael G. Burgoyne. Honolulu: Asia-Pacific Center for Security Studies. 2019. P. 207–227;

[3] The Expanding Scope of PLA Activities and the PLA Strategy. China Security Report 2016 // National Institute for Defense Studies. 2016. 89 pp.

[4] РАУ ИОГАНН, ИСТОРИЧЕСКИЕ АСПЕКТЫ ВЫХОДА ВМФ КНР В МИРОВОЙ ОКЕАН URL: УДК 94(510).093:339.56(470+510) https://cyberleninka.ru/article/n/istoricheskie-aspekty-vyhoda-vmf-knr-v-mirovoy-okean

[5] الشافعي ابتدون،الصين الجديدة في القرن الافريقي: الثابت والمتغير،4 ابريل 2022 تاريخ الدخول 5 ابريل 2023 https://studies.aljazeera.net/ar/article/5343

[6] حسن الحاج علي وآخرون,القرن الافريقي:التاريخ والحاضر ورؤى المستقبل ص 17-18

[7] الشافعي ابتدون، مصدر سابق

[8] WuthnowJThe PLA Beyond AsiaChinas Growing Military Presence in the Red Sea Region // Strategic ForumNationalDefense University. No. 303. Jan. 2020.

[9] مستشرق سوفيتي وروسي ، باحث معروف متخصص في الفلسفة والثقافة الروحية للصين ،وفي  العلاقات الدولية والحضارية في شمال شرق آسيا ، ومشاكل الأوراسية الجديدة وعلاقات روسيا مع جيرانها في الشرق الأقصى.

[10] Лебедева Нина Борисовна –Большой Индийский океан и китайская стратегия «Нить жемчуга» [Электронный ресурс]. //  Азия и Африка сегодня, №9, 2011- электрон. Дан. Режим доступ https://www.perspektivy.info/print.php?ID=104809 (дата обращения:25.05.2023)

[11] Лебедева Нина Борисовна –Большой Индийский океан и китайская стратегияТам же.

[12] Andrev S. Erickson. Chinese BMD Countermeasures: Breaching America`s Great Wall in Spase? // China`s Nuclear Force Modernization. Newport 2005, Naval War Cjllege Press, p.77-88. О китайских разработках по преодолению ударов баллистических ракет см.: Li Wensheng. Manhua Zhanlue Dandao Daodan Youer Jishu // Bingqi Zhishi, №2, Februar 2005, p.28-31

[13] РАУ ИОГАНН, ИСТОРИЧЕСКИЕ АСПЕКТЫ ВЫХОДА ВМФ КНР В МИРОВОЙ ОКЕАН URL: УДК 94(510).093:339.56(470+510) https://cyberleninka.ru/article/n/istoricheskie-aspekty-vyhoda-vmf-knr-v-mirovoy-okean

[14] Zhu Zhijiang. On Non-War Military Operations// Journal of Nanjing Institute of Politics 19, №5, 2003, p. 84; Gao Yue. Military Exercises: Non-Contact Style Confrontation and Poilitical Contest // Shipborne Weapons, №11, 2005, p. 15-18; Su Shiliang. Persistently Folloiw the Guidance of Chairman Hu`s Important Thought on the Navy`s Building, Greatly Push Forward Innovation and Development in the Navy`s Military Work. // Renmin Haijun, 6. Juni 2009.

[15] 中国军队为世界和平出征 [Китайская армия выступила за мир во всем мире] / 中华人民共和国国防部[Министерство национальной обороны КНР]. 2021. URL: http://www.mod.gov.cn/zt/50102.htm  (accessed: 04.11.2021). 

[16] Wuthnow, J. The PLA Beyond Asia: China’s Growing Military Presence in the Red Sea Region // Strategic Forum: National Defense University. No. 303. Jan. 2020. P. 5.

[17] Стас Кувалдин. Китайская подводная лодка зашла в Карачи, 01 июля 2015-[Электронный ресурс]. //https://www.gazeta.ru/politics/2015/07/01_a_6862685.shtml дата обращение (22. 5.2022)

[18] Wang Xuejun. Review on China’s Engagement in African Peace and Security // China International Studies, No 32. January/February 2012, P. 23- 45.

[19]Wang Xuejun. Review on China’s Engagement in African Peace and Security // China International Studies, No 32. January/February 2012, P. 34.

[20] Chinese Loans to Africa Database URL: https://www.bu.edu/gdp/chinese-loans-to-africa-database/ датаобращение (17. 10.2022)

[21] الصين تستهدف اقتصاد افريقيا، العربي الجديد,4 سبتمبر/2018,(تاريخ الدخول:1فبراير 2022): https://goo.su/F0M4

[22] Wuthnow, J. The PLA Beyond Asia: China’s Growing Military Presence in the Red Sea Region // Strategic Forum: National Defense University. No. 303. Jan. 2020. 16 pp.

[23] Импорт нефти Китаем со стран мира, [Электронный ресурс]. // https://domass.ru/neft-kitai/  дата обращение (20. 12.2022)

[24] Yasuhiro, M. An Essay on the China’s Military Diplomacy // NIDS Security Reports. 2005. 40 pp.

[25] Ibid, p  

 

 

نشر :